نُتابِعُ دِراسَتَنا في هذا الصباح للسِّلسلةِ الَّتي نُناقشُ فيها موضوعَ الحركة الكارزماتيَّة. وأودُّ أنْ أقولَ في البداية إنَّ كنيسة النعمة (Grace Church) هي مكانٌ يَجتمعُ فيهِ المُؤمِنونَ معًا لكي يَتعلَّموا حقائقَ كلمةِ اللهِ وكيفَ يَعيشونَ المسيحيَّةَ في العَالَم، وكيفَ يَكْرِزونَ بالمسيحِ إلى النَّاس. ورُبَّما يكونُ لدينا الكثير مِنَ الضُّيوفِ الزَّائِرين في هذا الصَّباح. وأنا واثِقٌ مِن ذلك. وقد لا تَفهمونَ حَقًّا كُلَّ ما نَتحدَّث عنهُ لأنَّنا نَدرسُ هذه السِّلسلة تَحديدًا منذُ بعضِ الوقتِ في مُحاولةٍ للتَّصَدِّي لمسألةٍ تَحْدُثُ حاليًّا وتُواجِهُ الكنيسة في العالَم، وهي مَسألة ينبغي أنْ نَتَصَدَّى لها مِنْ خلالِ سُلطانِ كلمةِ الله.
وكُلُّ ما نَفعلُهُ يَتَمَحْوَرُ حولَ كلمةِ الله. وتَنْقَسِمُ رِسالَتُنا في هذا الصَّباح إلى جُزْءَيْن. فاليوم، سوفَ نُحَلِّلُ شيئًا مِنْ هذا الجانبِ المُختصِّ بهذهِ الحركة. وفي الأسبوعِ القادِم، سنتطرَّق إلى الكتابِ المقدَّسِ نَفسِهِ وكيفَ يَتَعامَلُ معَ هذهِ المسألةِ تَحديدًا. والمسألةُ الَّتي نَوَدُّ أنْ نَتحدَّثَ عنها هي مسألة موجودة في نِطاقِ الحركة الكارزماتيَّة نفسِها، وأودُّ أنْ أُسَمِّيها: "مَسألة اللَّاهوت الاختباريّ" بِمَعنى أنْ تَستَخلِص كُلَّ استنتاجاتِكَ عنِ اللهِ مِنْ خِبرَتِكَ الشَّخصيَّة، لا مِنْ سُلْطانِ كلمةِ اللهِ المَكتوبة. فهذا هو الموضوعُ الرئيسيُّ الَّذي سنتحدَّثُ عنهُ في هذا الصَّباح وفي الأسبوعِ القادِم.
والآن، اسمحوا لي أنْ أبتدئ بالقول إنَّنا نَسعى في هذه السِّلسلة إلى تَسليطِ ضَوْءِ كلمةِ اللهِ على الحركة الكارزماتيَّة المُعاصِرة. فهناكَ حَركة مَنتشرة في أمريكا وحولَ العالَم تُسَمَّى "الحركة الخمسينيَّة"، أوِ "الخمسينيَّة المُحْدَثَة"، أوِ "الحركة الكازرماتيَّة". وهناكَ أشخاصٌ كثيرونَ يَدَّعونَ أنَّهم رَأوْا رُؤى وأنَّهم يَتكلَّمونَ لُغاتٍ أخرى، وأنَّ هناكَ ظَواهِرَ مِنْ مُختلفِ الأنواعِ تَحْدُث. وَهُمْ يَزْعُمونَ أنَّ هذا كُلَّهُ مُرتبطٌ بالمسيحيَّة. وَمِنَ المُهِمِّ أنْ نَرى إنْ كانت هذهِ الأشياءُ مُرتبطة حقًّا بالمسيحيَّة الكِتابيَّة. والغايةُ مِنْ هذهِ السِّلسلَة هي أنْ نَدعو الكنيسةَ إلى أَخْذِ مَوقفٍ إيمانِيٍّ كِتابيٍّ قائمٍ على تَعليمِ الرُّسُلِ في العهدِ الجديد. فنحنُ نُؤمِنُ بسُلطانِ الكتابِ المقدَّسِ. وهذا هو ما نُعَلِّمُهُ ونَكْرِزُ به. فالكِتابُ المُقدَّسُ يَتحدَّثُ عن كُلِّ جانِبٍ مِن جوانبِ الحياةِ. وَمِنَ المُحْزِنِ غالبًا أنَّ الكنيسة تَنجَرِف وَتَقَعُ في الخطأ. ويجب أنْ تُدْعَى إلى كلمةِ الله.
فعلى سبيلِ المِثال، في نِقاشٍ جَرى مُؤخَّرًا معَ بعضِ اللَّاهوتِيِّينَ، تَبادَلْنا بعضَ الآراءِ بخصوصِ تنظيمِ الكنيسةِ فَقالَ واحدٌ مِنَ اللَّاهوتيِّينَ الَّذينَ كنتُ أتحدَّثُ إليهم: "يجب تنظيم الكنيسة بالطريقة الفُلانِيَّة. فهذا واضحٌ في كلمةِ الله". وقالَ لاهوتيٌّ آخر: "ولكِنْ مِنْ جِهَة أخرى، هل تَعْني أنَّ المجموعة الفُلانيَّة الَّتي تَفعل ذلك بطريقة أخرى هي على خطأ منذُ نحوِ مِئَتَيْ سَنة؟" فأجابَ اللَّاهوتيُّ الآخر: "اسمعني! عندما جاءَ الإصلاحُ، كانتِ الكنيسةُ على خطأ منذُ نحوِ ألفٍ وخَمسمئةِ سنة. وألستَ أنتَ فَرِحًا بِمَجيئِهِ؟" وفي أوقاتٍ كثيرة، عندما تَحيدُ الكنيسةُ عَنِ الأمورِ الجوهريَّة في كلمةِ اللهِ فإنَّها تَقَعُ في المَتاعِب. ويؤسفُني أنْ أقولَ إنَّ العَالَمَ يُلاحِظُ ذلك.
فَمَثلاً، إذا نَظرتُم إلى "إيرلندا" اليوم ستَجدونَ أنَّ ما يَحدُث باسمِ المسيحيَّة بعيدٌ تمامًا عَنْ جَوهرِ ما يُعَلِّمُهُ الكتابُ المقدَّس. أليسَ كذلك؟ ولا نُجانِبُ الصَّوابَ إنْ قُلْنا إنَّهُ على مَرِّ التَّاريخ، عندما يَبتعدُ المسيحيُّونَ الحقيقيُّونَ والاسميُّونَ عَنْ كلمةِ اللهِ فإنَّ التَّشويشَ يَبتدئُ في الانتشار. لِذا فإنَّ ما نَقولَهُ، ببساطة، هو إنَّ الكنيسة ابتعدت عنِ المحْوَر، وإنَّنا نُحاوِلُ أنْ نَدعوها إلى العودة إلى المسيحيَّة الكِتابيَّة.
فهناكَ أمورٌ كثيرة خاطئة في الكنيسة اليوم ... أمورٌ كثيرة. وهناكَ أمورٌ خاطئة في كَنيسَتِنا نحن، في كنيسةِ النعمة، تَحتاجُ إلى التَّقويمِ في ضَوْءِ كلمةِ اللهِ، وتَحْتاجُ إلى أنْ تكونَ مُتناسقةً معَ حَقِّهِ. وهُناكَ أمورٌ في حياتِنا أيضًا. وهذا لا يَختلِف في شيء عَمَّا يَحدثُ في الكنيسةِ على نِطاقٍ أوسَع، أيْ في الكنيسةِ حولَ العالَم. فهناكَ أُمورٌ كثيرة خاطئة. وهناكَ مَواضِعُ كثيرة لا تُعَلَّمُ فيها كلمةُ اللهِ كما ينبغي، أوْ لا تُعَلَّمُ فيها أصلاً حَتَّى للمؤمِنين. لِذا، هُناكَ تَشويشٌ كبير باسمِ المسيحيَّة. وأنا أعتقد حقًّا أنَّ الوقتَ قد حانَ في عَالَمِنا. فنحنُ لدينا وسائلُ إعلامٍ يُمْكِنُنا مِنْ خلالِها أنْ نُوْصِلَ الكلمة إلى العَالَمِ وأنْ نَبتدئَ في توصيلِ الصَّوتِ النَّبويِّ مَرَّةً ثانية وأنْ نَدعو الكنيسةَ إلى العودة إلى موقِفِها الكِتابيّ.
والحقيقة هي أنَّنا نَقرأُ في سفر حِزْقيال 9: 6 أنَّ اللهَ يَتحدَّثُ عنْ دَينونَتِه. وقد كانَ يَتحدَّثُ عنِ الدَّينونةِ، والذَّبْحِ، والقَتْلِ، والنَّقْمَة. وهو يقولُ للنَّبيِّ: "ابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي". "ابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي". وقد قالَ بُطرسُ الشَّيءَ نَفسَهُ في رِسالة بُطرس الأولى والأصحاحِ الرَّابع: "لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ". فلا يُمكِنُنا أنْ نَترُكَ أيَّ انْطِباعٍ في العالَم ما لم نُطَهِّرْ البيت. فينبغي أنْ يَبتدئَ الأمرُ مِنْ هُنا.
وقد كَتَبَ الرَّسولُ بولُس ما لا يَقِلُّ عن ثلاثَ عَشْرَةَ رسالة في العهدِ الجديد. والجُزءُ الأكبرُ مِنها مُوَجَّهٌ إلى الكنائسِ ورُعاة هذهِ الكنائسِ لتقويمِ الإساءاتِ والمشاكلِ العقائديَّة والعمليَّة الَّتي كانت تَجري في الكنيسة. وقد كَتَبَ رَبُّنا الحبيبُ يسوعُ المسيحُ في سِفْر الرُّؤيا والأصحاحين 2 و 3 سَبْعَ رَسائل إلى السَّبْعِ الكَنائسِ الَّتي في أَسِيَّا الصُّغرى. والجُزءُ الأكبرُ مِنْ فَحْوى هذهِ الرَّسائلِ السَّبْعِ تَصحيحيّ. فهو توبيخ. وَهُوَ إدانة. فهو دينونة عليهم بسبب سوء سُلوكِهم الشَّنيع.
والرِّسالةُ الَّتي نَدْرِسُها الآن هي رسالة كورِنثوس الأولى هي رسالة واحدة كبيرة وطويلة، وهي رسالة لاذِعَة ضِدَّ السُّلوكِ غيرِ المُنْضَبِط، والسُّلوكيَّاتِ غيرِ الكِتابيَّةِ الَّتي كانَ يَقومُ بها مُؤمِنو كورِنثوس. لِذا، فإنَّ النَّمَطَ التَّاريخيَّ في العهدِ الجديد هو أنَّ اللهَ كانَ يُرْسِلُ أُناسًا يَدعونَ الكنيسة إلى العودة إلى الموقفِ الكِتابيّ. وهذا لا يَختلِف في شيء عن أنبياءِ العهدِ القديم الَّذينَ نادوا شعبَ اللهِ وقادةَ شعبِ اللهِ والمؤسَّسات الدينيَّة لخليقةِ اللهِ أنْ يَلتزموا بناموسِ الله. وهذا هو ما نَفعلُه.
وأنا أُدركُ أنَّ قِيامَنا بذلكَ يُعَرِّضُنا لِخَطَرِ التَّعَرُّضِ للتَّهديداتِ والانتقاداتِ، ولكِنْ هُناكَ عَقليَّة اليوم في الكنيسة تُنادي بإصرارٍ على تحقيقِ الوَحدة والمحبَّة. وأنا أُحِبُّ ذلكَ إنْ كانتْ تلكَ وَحْدة كِتابيَّة ومحبَّة كِتابيَّة. فنحنُ نُريدُ أنْ يكونَ الجميعُ واحِدًا، وأنْ تكونَ هُناكَ أُخُوَّة وسعادة ونور، وأنْ نَضَعَ أيدينا مَعًا، وكُلَّ هذهِ الأمور. فهذا أمرٌ جَيِّدٌ ورائعٌ. ولكِنَّ ما يَحدُث هو أنَّهُ في أثناءِ سَعْيِنا الحَماسيِّ هذا إلى الوَحدة، وَسَعْيِنا الدَّؤوبِ إلى المحبَّة، فإنَّنا لا نَسْمَحُ لأيِّ شخصٍ أنْ يَقولَ أيَّ شيءٍ عنِ الحَقِّ مِنْ دونِ أنْ نَقولَ عنهُ إنَّهُ يُسَبِّبُ انقسامات. وأعتقد أنَّني أتَلَقَّى انتقادات كثيرة مِثْلَ الآخرين، أو رُبَّما أكثر، لأنِّي أقولُ ما أَرى أنَّهُ صحيح. ولكِنِّي لا أقولُ ذلك لأنَّي أريدُ أنْ أَفْرِضَ آرائي الشخصيَّة على الآخرين، بل لأنِّي أُحِبُّ اللهَ وأُحِبُّ حَقَّهُ، ولأنِّي أعتقد أنَّ حَقَّهُ يَستحقُّ أنْ يُسْمَع.
والأمرُ يُشْبِهُ مَا قالَهُ داودُ في المزمور 69 إذْ نَقرأ: "لأَنَّ غَيْرَةَ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي". وَهُوَ يُشْبِهُ ما فَعَلَهُ يسوعُ عندما جاءَ إلى أورُشليم وأَعلنَ أنَّهُ المَسِيَّا إذْ إنَّ أوَّلَ عَمَلٍ قامَ بِهِ هو أنَّهُ صَنَعَ سَوْطًا وَطَهَّرَ الهيكل. فالقَضاءُ ينبغي أنْ يَبتدئَ مِنْ أين؟ مِنْ بيتِ الله. وهذا هو تمامًا الموضعُ الَّذي ابتدأ مِنْهُ يسوع. ويجب علينا أنْ نَدعو الكنيسة إلى العَودة. ولكِنَّ ذلكَ ليسَ عَمَلاً سهلاً لأنَّهُ يُشْبِهُ "المَسيحيّ" في قصَّة "سِياحَة المَسيحي" (Pilgrim’s Progress). فقد وَصَلْنا جميعًا إلى الأرضِ المَسحورة.
فقد أصبحت المسيحيَّةُ أَشْبَهَ بِنَادٍ كبيرٍ ضخم. فقد رأيتُ يومَ أمس في إحدى الكنائسِ، رُبَّما أوَّلَ أمس وليسَ يومَ أمس، في وقتٍ ما، رأيتُ كِتابًا على طاولةٍ عُنوانُهُ: "دَليلُ الأعمالِ التِّجاريَّة للمُؤمِنِ في مُقاطعة أورِنج" (The Christian’s Business Directory for Orange County) لمساعدتِكَ على الحُصولِ على كُلِّ الخَدَماتِ في حَياتِكَ مِنْ قِبَلِ مُؤمِنين. وقد قُلْتُ في نَفسي: "ما مَعنى ذلك؟" فقد صِرْنا مُنغلِقينَ جِدًّا. فقد صارَ بإمكانِكَ أنْ تُولَدَ في مُستشفى مَسيحيّ يَعْمَلُ فيهِ أطبَّاء مسيحيُّون، وأنْ تُولدَ مِنْ أُمٍّ مَسيحيَّة وأبٍ مسيحيٍّ، وأنْ تَلتحقَ بمدرسة مسيحيَّة وأنْ لا تَدرسَ شيئًا سِوى الموادّ المسيحيَّة، وأنْ تَحْصُلَ على مَندوبِ تأمينٍ مَسيحيّ، وطبيبِ أسنانٍ مسيحيّ، وطبيبٍ مسيحيّ، ومحطَّة بنزين مسيحيَّة تَبيعُ وَقودًا مُقَدَّسًا!
وهُناكَ أمورٌ كثيرة تَحدُث. ونحنُ لدينا رعيَّة كبيرة ورائعة. ونحنُ نُعانِقُ بعضُنا بعضًا ونَجلسُ هُنا في وَسْطِ هذا الحَشْدِ مِنَ النَّاس. ولكِنْ إنْ جاءَ شخصٌ وقال: "اسمَعوا: هناكَ شيءٌ خاطئ يحدث في الدِّنمارك"، فإنَّنا نَشْمَئِزُّ منه ونقولُ عنهُ إنَّهُ يُحْدِثُ انقساماتٍ. أَتَرَوْن! لأنَّنا نَعيشُ جميعًا في الأرضِ المَسحورة.
فنحنُ نُنفِقُ أكثرَ مِنْ مِليارِ دولار، أيْ نحنُ المَسيحيُّون، في السَّنة الواحدة على شِراءِ التَّسجيلاتِ المسيحيَّة لكي نَسمعَ أشخاصًا آخرينَ يُرَنِّمونَ لنا. ولكِنْ إنْ جاءَ أحدٌ وحاولَ أنْ يَهُزَّ القاربَ وقالَ الحقيقة فإنَّكُم تَتَّهِمونَهُ بإحْداثِ الانقسامات. ولكِنَّ النُّقطةِ الجوهريَّةَ لا تَكْمُنُ هنا، يا أحبَّائي. فالنُّقطة الجوهريَّة هي أنَّ الحِكمة تَصْرُخُ في الشَّوارِعِ وتَدعو النَّاسَ إلى العودة إلى الموقِفِ الكِتابيِّ. وَمِنَ المؤسِفِ أنْ نقولَ إنَّ أُناسًا كثيرينَ لا يأخُذونَ موقفًا. فهناكَ أُناسٌ كثيرونَ لا يَتحدَّثونَ عنِ القضايا الَّتي ينبغي التحدُّثُ عنها خارِجَ نِطاقِ كَنيستهم، وَهُمْ لا يأخذونَ حَتَّى موقفًا في كنائِسهم، بل يَدَعونَ الأشياءَ على حَالِها. ولكنِّي لا أعتقد أنَّ هذا يَجوزُ لأنَّهُ كيفَ يُعْقَلُ أنَّ اللهَ يَتَضايَقُ ونحنُ لا نَتضايَق؟ فهذا لا يَجوز. فيجب علينا أنْ نَتَضايَقَ لأنَّ الخطيَّةَ تُضايِقُهُ مُنْذُ وقتٍ طَويلٍ جدًّا.
فهذهِ وَصيَّة إلهيَّة. فهي وَصيَّة إلهيَّة أنْ يَدْعو رَجُلُ اللهِ شَعْبَ اللهِ إلى المبادئِ الإلهيَّة. فعندما لا تَعيشُ الكنيسةُ المبادئَ الإلهيَّة، فإنَّ المَرءَ سيكونُ غيرَ أمينٍ إنْ لم يَلْفِتْ نَظَرَها إلى ذلك. أَتَرَوْن؟ فالعالَمُ، إنْ لم نَشَأ أنْ نَذْكُرَ الكنيسة، فالعالَمُ نَفسُهُ ... هل تَفهمونَ نوعَ المسيحيَّةِ الَّتي يَراها العالمُ اليوم؟ فَعندما يَفتحونَ التِّلفزيون، ما نوعُ المسيحيَّة الَّتي يُشاهِدونَها؟ إنَّهُمْ يَرَوْنَ شيئًا شبيهًا بالهستيريا. فَهُمْ يَرَوْنَ أشخاصًا كثيرينَ يَزْعُمونَ أنَّ أمورًا غريبةً تحدُثُ في حياتِهم.
فقد فَتَحْتُ التِّلفزيونَ ذاتَ يومٍ على واحدٍ مِن تلكَ البرامجِ فرأيتُ امرأةً مريضةً جدًّا تُشْفى. وقد رأى العالَمُ ذلك. وقد سَمِعَ العالَمُ ذلك. ولكِنْ ما نوعُ هذهِ المسيحيَّة؟ فهناكَ تَشويشٌ نابِعٌ مِنَ الاختباراتِ الشخصيَّة والتَّعاليمِ والفَوضى الَّتي يَراها النَّاسُ ويَسمعونها في الإذاعةِ والتِّلفزيون، عَدا عنِ اختلافِ وُجهةِ نَظَرِ كُلِّ مجموعة عنِ الأخرى. وبعدَ عَرْضِ الخِلافاتِ، يأتي طَلَبُ التَّبرُّعاتِ الماليَّة. فهذا هو نوعُ الأشياءِ الَّتي يَراها العَالَم. لا عَجَبَ إذًا أنَّهُمْ يَشعرونَ بخيبةِ الأمل.
وبصورة رئيسيَّة، ما أراهُ في الحركة الكازرماتيَّة، وَهُوَ الشَّيءُ الرئيسيُّ الَّذي يَراهُ العالَمُ والذي أَشعرُ حقًّا أنَّهُ ينبغي لنا أنْ نَتَصَدَّى لَهُ، هو هذه المسألة بِرُمَّتِها المُختصَّة باللَّاهوتِ القائمِ على الاختباراتِ الشخصيَّة حيثُ إنَّهُمْ يَعْرِضونَ المسيحيَّة على أنَّها مَجموعة كبيرة مِنَ الاختباراتِ المجنونة، والمُعجِزاتِ، والرُّؤى، والإعلانات، والشِّفاءاتِ، والأصواتِ القادمةِ مِنَ السَّماء. فلا نِهاية لهذه الأشياء. والشَّيءُ المُرعِبُ بخصوصِها هو أنَّهُ لا حاجةَ لِفَحْصِ أيِّ اخْتبارٍ مِن هذه الاختباراتِ في ضوءِ الكتاب المقدَّس. فالاختبارُ الشخصيُّ هو شيءٌ مَقبول إذْ يَقولون: "لا بأسَ في أيِّ اختبارٍ شخصيٍّ تَخْتَبِرُه". وأيضًا: "نحنُ لا نَقلَق بخصوصِ الكتابِ المقدَّس. فنحنُ لدينا اختبارات شخصيَّة".
وقبلَ مُدَّة، وَصَلَتْني رسالة مِن ولايةِ فلوريدا. وهذه الرِّسالة هي نَموذَجٌ على رسائل كثيرة موجودة في مَلَفٍّ لديَّ. وتَذْكُرُ هذه الرِّسالة سَيِّدة قَدَّمَتْ شهادةً رائعةً بأنَّها قد درَّبَتْ كَلْبَها على تَسبيحِ الرَّبِّ والتكلُّمِ بِنُباحٍ مَا غير مفهوم. وقد تقول: "هذا غريبٌ حقًّا. ولكِنْ لا يجوزُ أنْ تَستخِدم ذلكَ ضِدَّ هذهِ الحركة لأنَّهُ شيءٌ غريب". أنا لا أستخدِمُهُ ضِدَّ الحركة. ولكنِّي أُبَيِّنُ لكم ببساطة إنَّهُ لا يوجد شَخْصٌ يُوْقِفُ ما يَجري أوْ يَحْكُمُ على ما يَجري لأنَّ الاختبارَ في ذاتِهِ يُؤكِّدُ نَفسَهُ بنفسه. فإنْ كانَ لديكَ اختبارٌ ما، هذا هو كُلُّ ما أنتَ بِحاجة إليه. لِذا، عندما يقولُ شخصٌ إنَّ كَلْبَهُ يَتَكَلَّمُ بِنُباحٍ غير مفهوم، آمين! لأنَّهُ اختبارٌ! وهذه هي المُشكلة. وسوفَ نَرى لماذا وكيف بعدَ قليل. ثُمَّ إنَّهُم يحاولونَ أنْ يُفَسِّروا الكتابَ المقدَّسَ بطريقة تُلائم اختباراتِهم، أوْ يَتجاهلونَ الكتابَ المقدَّسَ في حالاتٍ كثيرة.
والآن، لقد تَحَدَّثنا في دراسَتِنا عن مسألةِ الإعلانِ، ومسألةِ التَّفسيرِ، ومسألةِ الفَرادة الرَّسوليَّة، ومسألةِ النَّقلة التاريخيَّة. والآن، سنتحدَّث عن مسألة اللَّاهوتِ الاختباريّ. وهذا يَضعُنا أمامَ التيَّارِ السَّائد. واسمحوا لي أنْ أُريكم كيفَ ابتدأَ ذلك. فالعقيدة الكُبرى للحركة الكازرماتيَّة هي معموديَّة الرُّوحِ القُدُس مَعَ مَا يُرافِقُها مِنْ ظَواهِر. فهذهِ هي العقيدة الأساسيَّة. فهذهِ هي العقيدةُ الَّتي تَجعَلُهُم مُختلِفينَ عنِ الآخرينَ إذْ يقولونَ إنَّكَ تُؤمِنُ أوَلاً، ثُمَّ بعدَ ذلكَ بوقتٍ ما يجب عليكَ أنْ تَطْلُبَ بإلحاحٍ أنْ تَحْصُلَ على مَعموديَّةِ الرُّوح. وعندما تَحصُل عليها ستَحْصُلُ مَعَها على ظَواهِر ماديَّة مُرافِقة لها: مَشاعر اختباريَّة، وأصوات، وألسنة، وما إلى ذلك، حَتَّى إنَّ جَميعَ مَنْ في تلكَ الحركة صاروا يَبْحَثونَ بيأسٍ عن اختبارٍ أو شُعورٍ أو ظاهرة ماديَّة أو عاطفة. وهذا هو التَّوَجُّهُ الرئيسيُّ منذُ البداية. والتَّعليمُ غيرُ الكِتابيُّ عن مَعموديَّةِ الرُّوحِ بعدَ الخلاص يَفْتَحُ البابَ على مِصراعيهِ أمامَ الاعتقادِ بأنَّ الحياةَ المسيحيَّةَ بِرُمَّتِها هي مُجَرَّد اختبارٍ تلوَ الاختبار. ولو كانت هذه هي العقيدة الرئيسيَّة، لكانَ ينبغي أنْ تُؤمِنَ بأنَّها المِفتاحُ لِكُلِّ شيءٍ آخر. لِذا فإنَّهم يَنتقلونَ مِنَ اختبارٍ تلوَ الآخر.
وَهُمْ يقولونَ إنَّكَ لا تستطيعُ أنْ تَختبرَ مِلْءَ الرُّوحِ إلَّا إذا كانَ لَديكَ اختبارٌ ما. لِذا فإنَّ كُلَّ شخصٍ مِنهُم يَبحثُ عنِ اختبارٍ ما. "هلِ اختبرتَ ذلك؟ هل حَدَثَ ذلكَ لك؟" وقد صاروا خائفينَ ويَبحثونَ عن ذلكَ الاختبار. وهذا يَفتحُ البابَ على مِصراعيهِ أمامَ العواطفِ، والتأثيراتِ العاطفيَّة، والبحثِ عنِ الاختبارِ تِلْوَ الاختبار. ولا شَكَّ في أنَّ تلكَ الاختباراتِ المَزعومة غير جديرة بالتَّصديق وأنَّهُ لا توجد مَعايير لتقييمِها. فليسَ هُناكَ مَنْ يَقِف ويقول: "لا يمكن أنْ يكونَ هذا صحيحًا لأنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يَقول كذا". بل إنَّهم يقولون: "آه! هذا رائع!" ثُمَّ إنَّهُم يحاولونَ العُثورَ على آيةٍ هُنا وآيةٍ هناك بما يُوافِق الاختبار. فكأنَّكَ تَضَعُ غِشاءً على الكتاب المقدَّس يُخْفي الحقيقة.
فعلى سبيلِ المِثال، هُناكَ مَقالة نُشِرَتْ في مَجَلَّة مَحليَّة مِنْ دونِ أيِّ تَعليق. لقد نُشِرَتْ في صَحيفة كارزماتيَّة محليَّة مِنْ دونِ أيِّ تَعليق، أو تَحرير. فقد نُشِرَتْ كما هي. وإليكُم ما تَقولُهُ هذهِ المقالة: "صُورة فوتوغرافيَّة حقيقيَّة لِرَبِّنا. أجل، أعتقد أنَّني صَوَّرْتُ ذلكَ على فيلم. ففي مُنتصفِ الصَّيف، أَفَقْتُ في السَّاعة الثَّالثة والنِّصْف صباحًا على صوتٍ قويٍّ مَلأَ كِياني: ’قُمْ وَصَوِّر شُروقَ شَمْسي‘. نَصَبْتُ آلةَ التَّصويرِ بِمُحاذاةِ النَّهرِ ورُحْتُ أنتظرَ شُروقَ الشَّمس. وفي تلكَ اللَّحظاتِ الَّتي سَبَقَتِ الشُّروق، شَعَرْتُ أنَّني قريبٌ جِدًّا مِنَ الله، وشَعرتُ بسلامٍ كامل. وقد وَجَدْتُ في إحدى الصُّوَرِ شَكْلاً كاملاً لشخصٍ يَرْفَعُ يَديه مُبارِكًا كَما انْعَكَسَ ذلكَ على وَجْهِ المياه بهيئة تُختلف تمامًا عن كُلِّ ظِلٍّ آخر. وأنا أعتقدُ أنَّ اللهَ أعطاني صورةً لَهُ لكي أُشارِكَها. التَّوقيع: ’المُصَوِّر: دودلي دانيالسون" (Dudley Danielson). وهو يَذْكُرُ عُنوانَهُ وهَلُمَّ جَرَّا. "الصُّورة بِحَجْم (20سم×25سم) بالألوانِ الطبيعيَّةِ بسعر تسعة دولارات وخمسةٍ وتسعينَ سِنْتًا. الدَّفْعُ مُسَبَّقًا. يمكنكَ الحصول على الصُّورة بأحجامٍ أكبر حَسَب الطَّلب. هذه الصُّورة ستُبارِكُك".
ولا يبدو أنَّ "دودلي دانيالسون" أو أيَّ شخصٍ آخر في تلكَ الصَّحيفة يُبالي بأنَّ الكتابَ المقدَّسَ يقول: "اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ". ولا يبدو أنَّهُ يُبالي بأنَّ الكتابَ المقدَّسَ يقول إنَّ اللهَ رُوح. ولا يبدو أنَّهُ يُبالي بأنَّ الكتابَ المقدَّسَ يقول: "لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيش". هذا كُلُهُ عَدا عن أنَّهُ يَقولُ إنَّهُ التقطَ صُورةً للهِ. والآن، هل تَرَوْنَ النُّقطة الجوهريَّة؟ فالنُّقطة الجوهريَّة هو أنَّ أَحَدًا لا يُخْضِعُ الاختبارَ للفَحْص لأنَّهُمْ يَعتقدونَ أنَّ الاختبارَ الشخصيَّ هو الأساس. وحينَ تَسْمَحُ بحدوثِ ذلك، ستُضْطَرُّ إلى إعادة تَفسير الكتاب المقدَّس لِئَلَّا يَكْشِفَ زِيْفَ اختبارِك. ثُمَّ إنَّكَ تَقَعُ في مُشكلةِ التَّفسيرِ الخاطئ الَّتي تَحدَّثنا عنها قبلَ بِضعة أشهُر.
وسوفَ أُقَدِّمُ لكم مَثَلاً توضيحيًّا آخر. وقد حَدَثَ هذا الأمرُ مُؤخَّرًا جدًّا. ويمكنني أنْ أَصْرِفَ أُسبوعًا كاملاً في ذِكْرِ الأمثلة التوضيحيَّة. وإليكم واحدًا. ففي الحادي عَشَر مِنْ شهر نَيْسان/إبْريل سنة 1977، أَجْرى نادي "سَبِّحوا الرَّبَّ" (Praise the Lord Club) على القناة 40 (Channel 40) في لوس أنجلوس، أَجرى مُقابلةً. وفي المُقابلة، كانَ الرَّاعي "إد سميث" (Ed Smith) يَستضيف الدكتور "ريتشارد إيبي" (Richard Eby). وإليكم الطَّريقة الَّتي جَرَتْ فيها المُقابلة. ويَدَّعي د. "إيبي" أنَّهُ ماتَ وَذَهَبَ إلى السَّماءِ وَعادَ ثانيةً.
وقد أخبرتُكم قبلَ بِضعة أشهر أنَّكم ستَسمعونَ عن حدوثِ ذلك كثيرًا مِنَ الآن فصاعِدًا. وهذا هو ما يحدُث. فمُنْذُ أنِ ادَّعى "مارفِن فورد" (Marvin Ford) أنَّهُ قامَ بتلكَ الرِّحلة، أرادَ أُناسٌ كثيرونَ أنْ يَقوموا بتلكَ الرِّحلة. والآن، صارَ هذا الأمرُ أعظمَ اختبارٍ. والجميعُ يُريدونَ أنْ يَروا السَّماء وأنْ يَعودوا. ومنذُ ذلكَ الحين، سَمِعْتُ شخصيًّا أربعةَ أشخاصٍ يقولونَ إنَّهم قاموا بتلكَ الرِّحلة. لِذا فإنَّها الشَّيء الجديد. وعلى أيِّ حال، فهو يَدَّعي أنَّهُ مات.
وهو يقولُ إنَّ القِصَّة بِرُمَّتِها ابتدأت عندما وَقَعَ مِنْ شُرفةٍ ما وَسَقَطَ على رأسِه. ويُفْتَرَض أنَّهُ مَاتَ سَريريًّا، أو على الأقلّ، لقد ظَنَّ أنَّهُ مات. ثُمَّ إنَّه اختَبَرَ ما يَلي: فهو يَقولُ إنَّ ذلكَ الاختبارَ كانَ رائعًا. فقد ذهبَ إلى الفِردوس. وهو لم يكن بحاجة إلى نَظَّارات، وإنَّهُ كانَ يَرى على بُعْدِ مئة وسِتِّينَ كيلومتر. وكانَ جَسَدُهُ رائعًا. فقد كانَ يَذهبُ إلى أيِّ مكان كما يَشاء. وقد كانَ مَنظورًا ولكِنَّهُ شَفَّافًا. وقد أعجَبَتْهُ رائحةُ السَّماءِ كثيرًا. فقد كانت رائحةَ الذَّبائحِ الحُلوة. وقد قالَ إنَّ الغاية الرئيسيَّة...فقد اكتشفَ عندما ذهبَ إلى هناك أنَّ الغاية الأساسيَّة للذَّبائح هي إصْعادُ تلكَ الرَّائحة إلى السَّماء.
وقد قالَ إنَّهُ وَجَدَ بعضَ الزُّهور، وإنَّهُ قَطَفَها. وقد لاحَظَ أنَّهُ لا يوجد ماء في أغصانِها لأنَّ يسوعَ هوَ الماءُ الحَيّ. وقد تَحَدَّثَ عن حقيقة أنَّ الدِّماغَ البشريَّ يَحوي اثنا عَشَرَ عَصَبًا قِحْفِيًّا (بِعَدَدِ أسباطِ بني إسرائيل). وقد قالَ إنَّ هذا أَكَّدَ لَهُ مَرَّةً وإلى الأبد عندما اكتشفَ ذلكَ في السَّماء أنَّنا خُلِقْنا حَقًّا على صُورةِ الله. وهو يقولُ أيضًا إنَّ العَصَبَ الأوَّلَ في قِحْفِ جُمجُمةِ اللهِ هو حاسَّةُ الشَّمِّ. لِذا فإنَّ السَّببَ الأوَّلَ في وُجودِ الذَّبائحِ هو إصْعادُ الرَّائحةِ الحُلوةِ إلى السَّماءِ وإشْباع العَصَبِ الرئيسيِّ الأوَّلِ لدى الله. وقد استمرَّ مُقَدِّمُ البرنامج في تَرديدِ العبارة: "عَظيم! رائع!" وكانَ يقول: "هذا شيءٌ دَسِم!"
وقد ضَحِكْنا على ذلكَ. والسَّببُ في أنَّنا ضَحِكْنا على ذلكَ هو ليسَ أنَّهُ مُضْحِك. فهو ليسَ مُضْحِكًا. ولكنَّنا ضَحِكْنا عليهِ لأنَّهُ سَخيف. فهو غريب. وبالرَّغمِ مِنْ ذلك، لم يَجْرِ أيُّ تَحْقيقٍ في ذلكَ قَطّ. وقدِ استمرَّ واستمرَّ في الحديث. ومِنَ الواضحِ أنَّ الدكتور "إيبي" لم يَنزعج مِنْ أنَّهُ لا يُفَرِّقْ بينَ الفِردوس والسَّماء. ولكِنَّ الكتابَ المقدَّسَ يُفَرِّقُ بينهما.
ولا يوجد أيُّ شيءٍ في الكتابِ المقدَّس يُشيرُ إلى أنَّهُ سيمتلك جَسَدًا شَفَّافًا وأنَّ جَسَدَهُ سيَطيرُ في الهواء. والحقيقة هي أنَّ الأشخاصَ الموجودينَ في السَّماء لا يَمْلِكونَ جَسَدًا. فالقيامة لم تحدُث بعد، ولكِنَّ بعضَ الأشخاصِ هُنا وهُناك انتقلوا إلى السَّماء. ولكِنَّ أجسادَنا ما تَزالُ هُنا في القُبور. أليسَ كذلك؟ فما الَّذي يَفْعَلُهُ هُناك؟ ولا عَجَبَ أنَّهُ لم يتمكَّن مِنَ استخدامِ نَظَّاراتِه لأنَّهُ لا يوجد أَنْفٌ يَضَعُها عليه. ولا يُمكن لَجَسَدِهِ أنْ يَتَنَقَّل كما يَشاء لأنَّهُ لم يكن يَمْلِكُ جسَدًا لو كانَ في السَّماء. فالجسدُ سيكونُ في القبر.
وهو يُظْهِرُ سُوءَ فهمٍ تامٍّ لنِظامِ الذَّبائحِ الَّذي كانتِ السِّمةُ البارزةُ فيهِ هي الموت، لا الرَّائحة. فقد أساءَ تَمامًا فَهْمَ ذلك. وَإنَّهُ أمرٌ لا يُصَدَّق البَتَّة أنْ يَرْبِطَ بينَ الأعصابِ القِحْفِيَّة وأسباطِ بني إسرائيلَ الاثني عَشَر. فإنْ أردتَ أنْ تَعْقِدَ مِثْلَ هذهِ المُقارنة، يجب عليكَ أيضًا أنْ تَستنتِجَ أنَّهُ حيثُ إنَّنا نَمْلِكُ عَشَرَةَ أَصابِعٍ في قَدَمَيْنا، فإنَّ النِّصْفَ الأسفلَ مِنَّا مَخلوقٌ على صُورةِ الوَحْش. فهذا مَعقولٌ بالقَدْرِ نَفسِه! لِذا، فقد تَحَقَّقْتُ مِنْ هذا الأمرِ في هذا الأسبوع واكتشفتُ أنَّهُ لا يوجد في الحقيقة اثنا عَشَرَ عَصَبًا في الجُمجُمة. فَهُناكَ اثنا عَشَرَ زَوْجًا مِنْها؛ وهذا يَجْعَلُها مُقابِلَة للشُّيوخِ الأربعةِ والعِشرين!
وكما تَرَوْن، إنَّها حَماقَةٌ وَحَسْب! إنَّها حَماقة. وما يُحْزِنُ قلبي هو أنَّ هذا يُشَوِّهُ حَقَّ اللهِ. أليسَ كذلك؟ وَيُشَوِّهُ كَلِمَتَه. فهي حَماقةٌ وَحَسْب. وهي غَباوة. وكما تَعلمونَ، فإنَّها مُستمرَّة ومُستمرَّة! وإنْ قُلْتُ شيئًا عن ذلك أوْ ضِدَّ ذلك، فإنَّني أَتَعَرَّضُ للانتقاد. وقد قَرَّرْتُ أنَّهُ لا بأسَ في أنْ أَتَعَرَّضَ للانتقاد إنْ كانَ ذلكَ أمرًا لا مَفَرَّ مِنْهُ، ولكنِّي لن أَسْمَحَ لهذا الأمر أنْ يَستمرّ مِنْ دون أنْ أَقولَ شيئًا. وقد صَلَّيْتُ أنْ يُعطيني اللهُ مِساحةً أكبر لِقَوْلِ ذلك. وقد تَسَلَّمْتُ عَقْدًا في هذا الأسبوع مِنْ نَاشِرٍ كَبيرٍ يُريدُ أنْ يَنْشُرَ كُلَّ هذهِ المادَّة وأنْ يَجْعَلَها مادَّة رئيسيَّة في لائحةِ مَنشوراتِهم. وَهُمْ على الأرجح أكبر ناشِرين في أمريكا. لِذا فإنَّني أَشكُرُ اللهَ على ذلك. وَهُمْ ناشِرونَ مَسيحيُّون. لأنَّ ذلكَ ينبغي أنْ يُقال. وينبغي لِشَخْصِ ما أنْ يَقول: "لا يُمْكِنُ لهذا الأمر أنْ يَستمرَّ هكذا. ولا يُمْكِنُنا أنْ نَسْمَحَ بحدوثِ هذا الشَّيء. فهو ليسَ صَوابًا".
في كنيسةِ الرَّاعي "فيلارد" (Vellard) الخمسينيَّة في جنوب كاليفورنيا، قالَ الرَّاعي لِرَعِيَّتِه إنَّ اللهَ أعطاهُمْ أعلانًا جديدًا. والإعلانُ الجديدُ يقولُ إنَّهُ يجب عليهم أنْ يَذهبوا لتبشيرِ العالَمِ اثنين اثنين، على أنْ يكونَ واحد مِنهُما بروتستنتيًّا والآخرُ كاثوليكيًّا رومانيًّا. وقد قالَ إنَّ السَّببَ الَّذي جَعَلَهُ يَعلم أنَّ هذا الإعلانَ صحيحٌ هو أنَّ خَمسةَ أشخاصٍ تَلَقَّوْا الإعلانَ نَفسَهُ، وإنَّهُ عندما يَتَلَقَّى خمسةُ أشخاصٍ إعلانًا فإنَّهُ مِنَ الله. ولكِنْ هل يَعلم أنَّهُ يوجد أكثر مِن خمسة مِنْ أتباعِ "هاريكريشنا"، وأكثر مِن خمسة مِنْ أتباع "بوذا" يَزْعُمونَ أنَّهُم تَلَقَّوا إعلانًا مِنَ الله؟ إنَّها حَماقة!
وهل تَعلمونَ عندما تُضيفونَ كُلَّ هذهِ الأشياء فإنَّ ما ستحصُلونَ عليهِ هو تَصَوُّفٌ لا يَرْقى إلى المَسيحيَّة ولا يَختلِف في شيء عنِ التَّأمُّلِ الصُّوفِيِّ أوِ الهِندوسيَّة أو أيِّ شيءٍ آخر. فهذا تَصَوُّفٌ، والتَّصَوُّفُ هو كالتَّالي: إليكُم هذا التَّعريفُ البسيط: إنَّهُ استيعابُ فِكرةٍ رُوحيَّة مِنْ خِلالِ الحَدْسِ لا مِنْ خِلالِ الإعلان. فهو استيعابُ فِكرةٍ رُوحيَّة مِنْ خِلالِ الحَدْسِ أوِ العاطِفةِ أوْ فِكرةٍ ذاتيَّةٍ ما، لا مِنْ خِلالِ الحُصولِ على إعلانٍ. وعليهِ، عِوَضًا عن أن تكونَ المسيحيَّة تَجاوُبًا معَ كلمةِ الله، فإنَّها تَصيرُ كَمًّا مِنَ الاختباراتِ الشخصيَّة. ثُمَّ إنَّهُم يُشَوِّهونَ كلمةَ اللهِ بِما يُلائِمُ تلكَ الاختبارات. وهذا ليسَ سِوى تَصَوُّفًا لا يَرْقَى إلى المَسيحيَّة.
وهُناكَ نَهْجانِ كلاسيكيَّانِ فقط للتَّعامُلِ معَ الحَقِّ المُعلَنِ في الكتابِ المقدَّس. نَهْجانِ فقط. نَهْجانِ فقط. الأوَّلُ هوَ النَّهْجُ التَّاريخيُّ الموضوعيُّ الَّذي يُرَكِّزُ على ما يَفْعَلُهُ اللهُ معَ الإنسان، كما هُوَ مُدَوَّنٌ هُنا. والنَّهْجُ الآخرُ هو النَّهجُ الشَّخصيُّ الذَّاتيُّ الَّذي يُرَكِّزُ على اختبارِ الإنسانِ لله. والآن، اسمعوني. إنْ أردتُمْ أنْ تَضَعُوا لاهوتًا كِتابيًّا، دَوِّنوا جَميعَ المبادئِ القويمة عنِ الله في العالَم. فهل تُفَضِّلونَ أنْ تَفعلوا ذلكَ مِنْ خِلالِ تَبَنِّي اختباراتِ مَجموعةٍ مِنَ النَّاسِ، أَمْ تُفَضِّلونَ أنْ تَفعلوا ذلكَ مِنْ خِلالِ رُؤيةِ ما يَقولُهُ هذا الكِتاب؟ وَيُمْكِنُكم أنْ تَتَخَيَّلوا مُحاولةَ بِناءِ لاهوتٍ كِتابيٍّ لِكُلِّ الحَقِّ الموجودِ عنِ اللهِ مِنْ خلالِ اختباراتِ النَّاس. فيا لها مِنْ فَوْضَى! ويا لها مِنْ كارثة! فسوفَ تَحْصُلونَ على آراءٍ كَثيرةٍ بِكَثْرَةِ عَدَدِ مَنْ؟ النَّاس. لهذا فقد أَعْطانا اللهُ إعلانًا ذا سُلْطان.
والآن، هُناكَ نَهْجانِ فقط للحَقِّ الكِتابيّ: إمَّا أنْ تَقْبَلوا الكتابَ المقدَّسَ بوصفِهِ السِّجِلَّ التَّاريخيَّ الموضوعيَّ، وإمَّا أنْ تَتَبَنُّوا النَّظرة الشخصيَّة الذَّاتيَّة الَّتي تَتَّسِمُ بالفوضى. والنَّهْجُ التاريخيُّ الموضوعيُّ هو ما يُسَمَّى بِلَاهوتِ قوانينِ الإيمان. فهو قائمٌ على قوانينِ الإيمان. يَسوعُ هو كذا، واللهُ هو كذا، والرُّوحُ القُدُسُ هو كذا. واللهُ قالَ كذا، وَهَلُمَّ جَرَّا. فهو قائمٌ بِمُجملِه على قوانينِ الإيمان. ويُمكِنُنا أنْ نُسَمِّيهِ: "لاهوت الكَلِمَة". أمَّا النَّهْجُ الشخصيُّ الذَّاتيُّ فهو حَدْسِيٌّ وَحَسْب. فَلِسانُ حَالِهِ هُوَ: "أعتقد كذا"، أو "أنا أَشعُرُ" أو "في رأيي أنَّ اللهَ هو كذا" أو "أنا أشعرُ أنَّ اللهَ كذا". وما تَحصُلونَ عليهِ في هذهِ الحالة هو لاهوتٌ قائمٌ على الاختبارات. ولكِنَّ الفَرْقَ هو أنَّ لاهوتَ الاختباراتِ هو مِنْ وَضْعِ الإنسان؛ في حينِ أنَّ لاهوتَ الكلمة هُوَ مِنْ وَضْعِ الله. وَمَنْ يَعْرِفُ اللهَ أفضلَ مِنْ أيِّ شخصٍ آخر؟ اللهُ نَفسُه.
وهل تَعرفونَ شيئًا؟ مِنَ المؤكَّدِ أنَّ الشَّيطانَ يُحِبُّ ... وأعتقد أنَّهُ وَراءَ ذلك ... فهو يُحِبُّ أنْ يَلتجئَ النَّاسُ إلى لاهوتِ الاستنِتاجِ بناءً على اختباراتِهم لأنَّهُ يَستطيعُ حقُّا أنْ يُشَوِّشَ الاختبارات الشخصيَّة؛ ولكنَّهُ لا يستطيعُ أنْ يَفعلَ أيَّ شيءٍ بهذا الكِتابِ لأنَّهُ مُكْتَمِل. فهو مَكْتوب.
واللَّاهوتُ الموضوعيُّ التَّاريخيُّ هو اللَّاهوتُ المُصْلَح. فهو الإنجيليَّة التاريخيَّة. وهو الأرثوذكسيَّة التاريخيَّة. فأنتَ تَبتدئُ بكلمةِ اللهِ. وبعدَ ذلكَ فإنَّ أفكارَ أيِّ شخصٍ، واختباراتِ أيِّ شخصٍ إنَّما تَتَأكَّدُ أوْ تُنْفَى على أساسِ ما يَقولونَهُ في ضَوْءِ هذا الكِتاب. مِن جهة أخرى، فإنَّ النَّظرة الثَّانية، أيِ النَّظرة الشخصيَّة الذَّاتيَّة، هي الكاثوليكيَّة الرُّومانيَّة التاريخيَّة. فالرُّومُ الكاثوليك يَبْنونَ دائمًا لاهوتَهُم على حَدْسِهِم الشَّخصيّ، وعلى اختباراتِهم الشخصيَّة مِثْلَ ظُهورِ العَذراءِ فُلانة هُنا أوْ هُناكَ أوْ في أيِّ مكانٍ آخر مِثْلَ عَذراء "لورديس" (Lourdes) أو عَذراء "غوادالوبي" (Guadalupe) أو أيِّ شخصٍ آخر. فهو دائمًا شيءٌ صُوفِيٌّ. لِذا فقد كان لديهم الكثير مِن الأمور غير الكِتابيَّة الَّتي نَمَتْ وَشَكَّلَتْ لاهوتَ الكنيسة الكاثوليكيَّة الرُّومانيَّة.
والأمرُ لا يَقتصِر على الكنيسة الكاثوليكيَّة الرومانيَّة فقط، بل هناكَ التَّحَرُّرِيَّة التاريخيَّة. فالمُتَحَرِّرونَ يَقولونَ منذُ سنواتٍ طويلة: "الحَقُّ هو ما تُفَكِّرُ فيه. والحَقُّ هو ما تَشْعرُ به. والحَقُّ هو ما يَحْدُثُ لك. وهو ما يَسْتَحْوِذُ عليك". فهي الأرثوذكسيَّة المُحْدَثَة. فالأرثوذكسيَّة المُحْدَثَة تقولُ الشَّيءَ نَفسَهُ، وَهِيَ أيضًا كارِزماتيَّة. لِذا فإنَّ اللَّاهوتَ الكارزماتيَّ القائمَ على الاختباراتِ لا يأتي في إطارِ تَقليدِ الأرثوذكسيَّة التاريخيَّة، بل يأتي في إطارِ تَقليدِ الكاثوليكيَّة الرُّومانيَّة، وَالنَّزعة التَّحَرُّريَّة، وَالأرثوذكسيَّة المُحْدَثَة.
ومِنَ الأمثلة الجيِّدة على هذا النَّهْجِ في اللَّاهوت هو ما يَحْدُثُ في صُلْبِ الحركة الكازرماتيَّة. فهناكَ مُؤرِّخٌ في الحركة الكازرماتيَّة يُعْرَفُ باسم "كلود كيندريك" (Klaude Kendrick). وهو يَكتُبُ لِصالِحِ شَرِكَة نَشْر مسيحيَّة، وَهُمْ ناشِرونَ كارزماتيُّونَ في سبرينغفيلد بولاية ميزوري (Missouri). وقد كَتَبَ كِتابًا عن تاريخِ الحركة، وهو بعُنوان: "الوعدُ قد تَحَقَّق: تاريخُ الحركة الخمسينيَّة المُعاصِرة" (The Promise Fulfilled: A history of the modern Pentecostal movement) نُشِرَ في سنة 1961. وفي ذلكَ الكِتاب، يَتَتَبَّعُ الكاتِبُ تاريخِ الحركة. وهو يَقولُ جُملةً مُدهشةً تُريكُم حقًّا النُّقطة الرئيسيَّة. فهو يُدَوِّنُ اختبارَ أوَّل شخصٍ طَلَبَ مَعموديَّةَ الرُّوحِ القُدُس وَما يُرافِقُها مِنْ تَكَلُّمٍ بالألسِنَة وَحَصَلَ عليها. أوَّل شخصٍ. إنَّها "آغنيس أوزمان".
وإليكم ما يَقول: "بحسب أقوال الآنسة أوزمان وشهادتِها الشخصيَّة"، ثُمَّ إنَّهُ يُقَدِّمُ شَهادَتَها. وهي تقول: "عندما وَضَعَ يَدَهُ..."؛ وهي تتحدَّثُ هُنا عن يَدِ "تشارلز بارهام" (Charles Parham) الَّذي كانَ الرَّجُلَ المَسؤولَ هُناك. "عندما وَضَعَ يَدَهُ على رأسي، حَلَّ الرُّوحُ القُدُسُ عليَّ وابتدأتُ أتكلَّمُ بألسنةٍ مُمَجِّدَةً الله. فقد تَكَلَّمتُ عِدَّةَ لُغاتٍ. وكانَ ذلكَ واضحًا تمامًا عندَ التَّكَلُّمِ بِلهجة جديدة. وقد كنتُ أوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بألسِنَة". توقَّفوا هُنا. هذه هي شهادة "آغنيس أوزمان".
ويُتابِعُ "كيندريك" حَديثَهُ مِنْ هُناكَ قائلاً: "مَعَ أنَّ آغنيس أوزمان لم تكن أوَّلَ شخصٍ في الأزمنة المُعاصِرة يتكلَّمُ بِألسنة، فإنَّها كانت أوَّلَ شخصٍ عُرِفَ عنهُ أنَّهُ اختبرَ هذا الشيء نتيجة طَلَبِ مَعموديَّةِ الرُّوحِ القُدُس وَتَوَقُّعِ التَّكَلُّمِ بألسنة". توقَّفوا هُنا. والآن، اسمعوني: نحنُ هُنا أمامَ امرأة في الأوَّل مِنْ شهر كانون الثَّاني/يَناير سنة 1901، وهي أوَّلُ امرأة دُوِّنَ أنَّها طَلَبَتْ مَعموديَّةَ الرُّوحِ والتكلُّمِ بألسِنَة.
والآن، إنْ كنتَ حاضِرًا هُناكَ، ما الَّذي ستَستنتِجُه؟ سوفَ أقول إنَّها أوَّلُ مَرَّة تَحْدُث خِلالَ أَلْفَيْ سَنَة. ولا بُدَّ أنَّ هذا الأمرَ ليسَ مُهِمَّا. ثانيًا، سوفَ أقولُ إنَّ ما حَدَثَ ليسَ كِتابيًّا. ولكِن اسمعوا استنتاجَهُم. فالجُملةُ التَّالية الَّتي يَقولُها "كيندريك": "مِنْ هذهِ اللَّحظة فصاعِدًا، صارَ ينبغي للمؤمنينَ الخمسينيِّينَ أنْ يُعَلِّموا أنَّ مَعموديَّةَ الرُّوحِ القُدُس ينبغي أنْ تُطْلَبَ وأنْ يَتِمَّ الحُصولُ عليها مَعَ مَا يُرافِقُها مِنْ دَليلٍ مُتَمَثِّلٍ في التَّكَلُّمِ بألسنة". ولكِنْ مِنْ أينَ جاءَ هذا التَّعليم؟ هل جاءَ مِنَ الكتاب المقدَّس؟ لا. مِنْ أينَ جاء؟ مِنَ اختْبارِ سَيِّدة تُدعى "آغنيس أوزمان". أَتَرَوْن؟ فهو لاهوتٌ قائمٌ على الاختبارات الشخصيَّة.
وبعدَ أنْ تَحَدَّثوا عن ذلكَ الاختبار، وعَبَّروا عن رَغبتِهم في الحُصولِ على ذلكَ الاختبار، وعلى تلكَ المشاعر والعواطف والظَّواهر، ابتدأوا يَبحثونَ عن أشياء في الكتابِ المقدَّس لتأييدِ ذلك. ولا شَكَّ أنَّهم شَوَّهوا مَعاني الآياتِ وَحَمَّلوها فوقَ ما تَحتمل لمحاولةِ إثباتِ ما يقولون. ولكن اسمعوا: "مِنْ هذهِ اللَّحظة فصاعِدًا، صارَ ينبغي للمؤمنينَ الخمسينيِّينَ أنْ يُعَلِّموا أنَّ مَعموديَّةَ الرُّوحِ القُدُس ينبغي أنْ تُطْلَبَ وأنْ يَتِمَّ الحُصولُ عليها مَعَ مَا يُرافِقُها مِنْ دَليلٍ مُتَمَثِّلٍ في التَّكَلُّمِ بألسنة". فهل ابتدأَ ذلك لأنَّ شخصًا ما اكتشفَ أنَّ ذلكَ الحَقَّ مُعْلَنٌ في الكتابِ المقدَّس؟ لا. بل إنَّهُ ابتدأَ لأنَّ سَيِّدَةً ما فَعَلَتْ ذلك. فقد كانَ هذا الاختبارُ الشخصيُّ هو نُقطة البداية والانطلاق لِلَّاهوتِ الكارِزماتِيّ. وهذا مَثَلٌ رائعٌ على اللَّاهوتِ القائمِ على الاختبارِ والذي فُرِضَ فَرْضًا على الكتابِ المقدَّس.
فِالحركة الخمسينيَّة بأسرِها تَقومُ على الاختباراتِ الشخصيَّة. وعندما تَتَمَحْوَرُ العقليَّةُ كُلُّها حولَ الاختبارات والخِبراتِ والظَّواهر والمشاعر والعواطف، لا يُمْكِنُكَ أنْ تَقولَ لجميعِ الأشخاصِ الَّذينَ يَختبرونَ ذلك أنَّهُم على خطأ. لِذا، لا توجد مَعايير لِفَحْصِ ذلك. ولا توجد طريقة لإيقافِ ما يَحدُث. فهي فَوْضى عارِمَة. وهذهِ هي حالُ أمريكا اليوم. فالمسيحيَّة في أمريكا غارِقة حَرفيًّا في بَحْرِ الذَّاتيَّة والصُّوفيَّة والاختبارات الشخصيَّة. فَهُمْ مُنتشرونَ في كُلِّ الأرضِ كما كانت حالُ الضَّفادِعِ في مِصْر. في كُلِّ مكانٍ وَحَسْب. ويقولُ "ديل برونر" (Dale Bruner) في كِتابٍ مُفيدٍ لَهُ بعُنوان: "لاهوتُ الرُّوحِ القُدُس"، وَهُوَ كِتابٌ أكاديميٌّ جدًّا: "الخمسينيُّونَ يَتَمَنَّونَ باختصار أنْ يُعْرَفوا بأنَّهُم مسيحيَّة اختباريَّة يَصِلُ فيها الاختبارُ إلى الذُّروة مِنْ خلالِ مَعموديَّة الرُّوح القُدُس. فالعقيدةُ ليست هي المُهِمَّة بالنِّسبة إليهم، بل الاختبار بِغَضِّ النَّظَرِ عنِ العقيدة".
وأريدُ منكم أنْ تَستمعوا إلى شيء. وهو شيءٌ وَرَدَ في كِتاب. وأنا أقولُ لكم هذا لكي أُريكُم كيفَ أنَّ هذا الأمرَ قد يَصيرُ غريبًا جدًّا. وأنا لا أقولُ هذا كَنُكْتَة، ولا أقولُ ذلكَ لكي أَجْعَلَكُم تَضحكون؛ معَ أنَّكُم قد تَضحكونَ لكي تَتَخَلَّصُوا مِنْ بعضِ التَّوَتُّرِ النَّاجِمِ عن عدمِ قُدرةِ أذهانِكُم على تَصديقِ ما تَسمعون. وقد جاءَ ذلك في كِتابٍ بعُنوان: "هذا قد يَحْدُث لأيِّ شخص" (It Can Happen to Anybody) مِنْ تأليف: "رَاسِل بيكسلر: (Russell Bixler)، مِنْ مَنشورات "دار ويتيكر للنَّشر" (Whittaker Books). وهو يَحْكي ما يُمكِن أنْ يَحدُث في حياتِك إنِ اختبرتَ مَعموديَّةَ الرُّوح هذِهِ وكُلَّ ما يُرافِقَها.
فقد حَصَلَ هذانِ الشَّخصانِ على مَعموديَّةِ الرُّوح، أيْ هذا الشَّخص الَّذي يُدْعى "رَاسِل" (Russel) وزوجَتُهُ "نورما" (Norma). وسوفَ أبتدئُ القراءةَ مِنْ تلكَ النُّقطة: "عندما جَلَسَتْ نورما كانَ جَسَدُها مُرْتَخِيًا، ثُمَّ إنَّها تَرَكَتْ جَسَدَها يَنْزَلِقُ بسلاسة عنِ الكُرسيِّ فجلست على الأرض. أمَّا أنا فلم أشعُر بأيِّ شيء. وقد بَقِيَتْ نورما مُمَدَّدَةً على أرضِ المطعم عشرينَ دقيقة، في حين استمرَّ "جيم" (Jim) بالتَّحَدُّثِ إليَّ". والآنْ، استمِعوا إلى ما حدثَ بعدَ ذلك. فأنا أَوَدُّ أنْ أُنْهي هذهِ القصَّة. "حاولَ العديدُ مِنْ أصدقائي الجُدُد أنْ يُشَجِّعوني على الصَّلاةِ بالألسِنَة، ولكنِّي لم أشعُر بأيِّ شيء، ولم أَسمع أيَّ شيء. ولم يكن لديَّ ما أقولُه. وَمِنَ الواضحِ أنَّ الرُّوحَ القُدُسَ لم يكن لديهِ ما يَقول مِنْ خلالي. وحينَ هَمَمْنا بالمُغادرة والعودة إلى بيتِنا، كانتِ السَّاعة نحو الثَّانية صباحًا. ثُمَّ ابتدأتُ في القَهْقَهة". ويبدو أنَّ هذهِ هي أوَّل عَلامة على حُصولِهِ على المَعموديَّة إذْ إنَّهُ ابتدأَ يُقَهْقِه. "وسُرعانَ ما صارَ أيُّ شيءٍ يَقولُهُ أيُّ شخصٍ يَدْفَعُني إلى الضَّحِك. إنَّهُ شُعورٌ بالمحبَّة أَعْمَق مِنْ أيِّ شُعورٍ اختبرتُهُ يومًا في قلبي. فقد شَعرتُ أنِّي أُحِبُّ كُلَّ مَنْ في الغُرفة. وعندما وَدَّعْنا الآخرين، عانَقْتُ الرِّجالَ الآخرينَ، وَحَتَّى إنَّني سَلَّمْتُ على زَوجةِ أحدِ الأشخاصِ المَشْيَخِيِّينَ وَعانَقْتُها. وقد كانَ هذا التَّصَرُّفُ بَعيدًا جِدًّا عن شخصيَّتي ولا سِيَّما أنَّني مُتَحَفِّظٌ وَخَجول".
وسوفَ أتوقَّفُ هُنا قليلاً لكي أقولَ لكم أنْ تَلتفتوا إلى أنَّ نَتيجةِ مَعموديَّةِ الرُّوحِ هي القَهْقَهَة ومُعانَقَةِ النَّاس. ولكنَّنا لا نَقرأُ ذلكَ في الكتاب المقدَّس. ثُمَّ نَقرأُ شيئًا غريبًا حقًّا: "وفي صَباحِ اليومِ التَّالي، أيْ يومِ السَّبْت، أَيْقَظَنا واحدٌ مِنْ أولادِنا بِعُنْف: "أبي، أُمِّي، إنَّ الماءَ يَفيضُ مِنَ الحَمَّام". أَسْرَعَتْ نورما إلى الحَمَّام فوجدت أنَّ الماءَ قد بَلَّلَ السِّجَّادَ في المَمَرّ. وكُنَّا قد اكتشفنا المُشكلة مساءَ يومِ الجُمُعة، ولكِنْ لم يكن لدينا الوقتُ الكافي لعملِ الصِّيانة اللَّازمة قبلَ أنْ نُغادِرَ البيتَ ونذهب لتناولِ العشاء. لِذا فقد أخبرنا أولادَنا الأربعة أنْ يَستخدِموا الحَمَّامَ الآخرَ في الأسفل. وفي ذلكَ الصَّباح، نَسِيَ ابْنُنا "هارولد" (Harold) البالغ مِنَ العُمْرِ خمسَ سَنوات، نَسِيَ ذلك. وقد جَمَعَتْ نورما بسرعة كُلِّ سِجَّادة ومِنشفة عَثَرَتْ عليها وَجَفَّفَت المياهَ، ثُمَّ نَزَلَتْ إلى أسفل لتحضيرِ طَعامِ الإفطار.
"وبعدَ أنْ سَيْطَرْنا على الموقِف وذَهَبَ الجميعُ إلى أسفل، دَخَلْتُ إلى الحَمَّامِ لتنظيفِ أسناني. وبينا كنتُ أُنَظِّفُ أسناني صَّلْيتُ قائلاً: ’يا رَبّ، لِمَ أشعُر بالفرحِ العَارِمِ ولكنِّي لم أتمكَّنَ بعد مِنَ التَّكَلُّمِ بألسنة؟ هل حَصلتُ حقًّا على معموديَّةِ الرُّوحِ القُدُس لَيلةَ أمس؟‘ وفي الحال، سَمِعْتُ الصَّوتَ الَّذي بَقِيَ صَامِتًا منذُ أيَّامِ كُلِّيَّةِ اللَّاهوت. وهذه هي المَرَّة الثَّالثة الَّتي يَتكلَّمُ بها في حياتي قائلاً: ’جَرِّبْني!‘ وبينما كنتُ في دَهشة لأنَّ ذلكَ الصَّوتَ كَلَّمني مَرَّةً أخرى، قلتُ: "كيف؟" فقالَ الصَّوت: "اضْغَط على ذِراعِ ضَخِّ الماء في الحَمَّام". وقد فَكَّرْتُ قائلاً: ’مَهْلاً! هل هذا صوتُ الرُّوحِ القُدُس أَمْ صوتُ الشَّيطان؟‘ وقد تابعتُ تَنظيفَ أسناني. فقالَ الصَّوتُ ثانيةً: "لقد قُلْتُ لكَ أنْ تَضْغَطَ على ذِراعِ ضَخِّ الماء". فقد كانت هناك نَبْرَةُ إصرار. وقد نَظرتُ إلى الأرضِ الَّتي لم تَجِفَّ بعد، وإلى البُقعةِ الَّتي ما تَزالُ على سِجَّادةِ المَمَرِّ فقلتُ: "لن أفعلَ ذلك". "قلتُ لكَ أنْ تَضْغَطَ ذِراع ضَخِّ الماء". وقد كانَ يُكَلِّمُني بإلحاحٍ في هذهِ المَرَّة. وقد فَكَّرْتُ في تَدَفُّقِ الماءِ الَّذي حَدَثَ للتَّوّ. وقد فَكَّرْتُ في أنَّ نورما ستغضب دُوْنَ شَكٍّ إنْ تَسَبَّبْتُ في تَدَفُّقِ الماءِ مَرَّةً أخرى. لِذا، فقد وَضَعْتُ فُرشاةَ الأسنانِ في مَكانِها، واقتربتُ مِنَ كُرْسِيِّ الحَمَّامِ وقلت: "لا أستطيعُ أنْ أفعلَ ذلك". "اضغط على ذِراعِ ضَخِّ الماء". وكانت هذه هي المَرَّة الرَّابعة. وقد بَدا الأمرُ حازِمًا جِدًّا هذهِ المَرَّة.
"وقد خَطَرَتْ ببالي فِكرة. فقد بَحَثْتُ عن جميعِ قِطَعِ السِّجَّادِ والمَناشِفِ المَبلولة لكي أَضَعَها حَوْلَ خَزَّانِ الماءِ في الحَمَّام قبلَ أنْ أَضْغَطَ على ذِراعِ ضَخِّ الماء. ولكِنَّي وَجَدْتُ أنَّ نُورما قد أخذتها إلى أسفل ووضعتها في الغَسَّالة. وهكذا، لم تكن لديَّ أيُّ أدواتٍ أو حِماية أرضيَّة. لذا، فقد وَضَعْتُ يدي على ذِراعِ ضَخِّ الماءِ ثُمَّ رَفَعْتُ يدي. فقد حاولتُ مَرَّةً أُخرى، ولكنِّي لم أتمكَّن مِنَ القيامِ بذلك. وأخيرًا صَلَّيْتُ قائلاً: ’يا رَبّ، يُسْتَحْسَنْ أنْ يكونَ هذا الصَّوْتُ نابِعًا مِنْكَ أنت‘. ثُمَّ ضَغَطَّتُ على الذِّراعِ وَقَفَزْتُ إلى الوراء خَوْفًا مِنَ تَدَفُّقِ الماءِ على الأرض. وقد راحَ الماءُ يَرتفعُ ويَرتفعُ إلى الأعلى. وبينما كنتُ أَضَعُ يَدَيَّ على جانِبَيْ رأسي، قلتُ: ’لا! سوفَ يَفيضُ الماء‘. ولكِنْ فجأةً، تَمَّ تَصْريفُ الماءِ كما لو أنَّ يَدَ مَارِدٍ سَحَبَتْهُ إلى أسفل. وقد وَقَفْتُ هُناكَ في ذُهول!
"وقد ابتسمتُ قليلاً ثُمَّ ضَحِكت. وما هي إلَّا لَحَظات حَتَّى كنتُ أَنْفَجِرُ ضَاحِكًا. وقد بَقيتُ أَضْحَكُ طَوالَ سَاعاتِ يَقَظَتي في الأسبوعينِ القادِمَيْن. فلم أشعُر بمثلِ هذا الفرح مِنْ قَبْل. فقد كنتُ أَمْشي في البيتِ، وفي الكنيسة، وأنزلُ وأصْعَدُ الدَّرَجَ وأنا أضحكُ بطريقة غريبة. وقد مَسَحَ ذلكَ الضَّحِكُ كُلَّ الهُمومِ الَّتي تَراكَمَتْ طَوالَ حَياتي". وخُلاصةُ القصَّة كُلِّها هي أنَّ اللهَ بَرْهَنَ لَهُ على أنَّهُ تَلَقَّى مَعموديَّةَ الرُّوح مِنْ خِلالِ تَصْريفِ حَمَّامٍ مَسدود!
"وقد حَدَثَتْ العديدُ مِنْ رُدودِ الفِعْلِ البَدَنِيَّة الأخرى بعدَ مَعموديَّتي. وهذا ليسَ ماءً، بل إنَّهُ اختبار. "فقد كانَ لديَّ وَزْنٌ زائد، رُبَّما خمسة كيلوغرامات أكثر مِمَّا أتمنَّى. وفي غُضونِ عشرة أيَّام، خَلَّصَني الرُّوحُ القُدُس مِنْ تلكَ الكيلوغرامات الخمسة الزَّائدة. وفي الأسابيعِ اللَّاحقة، خَلَّصَني مِنْ كيلوغرام أو أكثر. وقد تَحَسَّنَتْ جَميعُ رُدود أفعالي الجِسمانيَّة. وقد جَعَلَني ذلكَ مُرْهَفَ الحِسِّ للمُحَفِّزاتِ الجسديَّة بطريقة لم أَختبرها مِنْ قَبل. وقد صارَ الطَّعامُ لذيذًا أكثرَ مِنَ السَّابق، والسَّريرُ مُريحًا أكثرَ مِنَ السَّابق، وَهَلُمَّ جَرَّا". وهو يَخْتِمُ كَلامَهُ بالقول: "إنَّ الرُّوحَ قد جَدَّدَ شَبابي حَقًّا".
وهذا مُحْزِنٌ حَقًّا. أليسَ كذلك؟ فما أبعدَ ذلكَ عن حقيقةِ عقيدةِ معموديَّةِ الرُّوح القُدُس! ما أَبْعَدَهُ! ولكِنْ كما تَرَوْن، فإنَّهُ لا بأسَ [في نَظَرِهِم] في أنْ يَقولَ ذلك لأنَّهم يُرَكِّزونَ على الاختبار. أَتَرَوْن؟ ولا يوجد شخصٌ لِمواجَهَتِه. ولكنَّها حَماقة، وغباوة، وسُخْف. اسمعوني: إنَّ نتيجةَ حُلولِ قُوَّةِ اللهِ عليك هي ليست أنْ تَضْغَطَ على ذِراعِ ضَخِّ الماءِ في الحَمَّامِ وأنْ تُقَهْقِه. فلا وُجودَ لذلك في الكتابِ المقدَّس. ويا لَها مِنْ إهانة كبيرة ومُريعَة للطبيعةِ الرَّائعةِ للهِ القُدُّوسِ أنْ نَقْرِنَ غَباوةً كهذِهِ بعملِهِ وَعَمَلِ رُوْحِهِ القُدُّوس!
ولكِنَّ هذا هو ما يَحْدُث. وأنا لا أَستخدِمُ هذه الأمثلة التوضيحيَّة لكي أُحاوِلَ أنْ أُحْزِنَ الأشخاصَ المَعْنِيِّينَ بذلك، بل أُريدُ أنْ تَرَوْا المَدى الَّذي وَصَلَتْ إليهِ الأمور. فلا توجد طريقة لِوَقْفِ ذلك. والأمرُ يَزدادُ غَرابَةً. والكنيسةُ تَرْكَبُ صَهْوَةَ النَّزعة الإنسانيَّة. فهي ليست سوى نَزعةً إنسانيَّة. ولكِنْ حَتَّى في أوقاتِ تقديمِ الشَّهادات، أيْ عندما يَقِفُ النَّاسَ للشَّهادة، مِنَ النَّادِرِ جِدًّا أنْ تَسمعوا شخصًا مِنهُم يُمَجِّدُ اللهَ أوْ يَتحدَّثُ عنِ الكتاب المقدَّس. بل يقول: "أنا، أنا، أنا كذا، وأنا كذا، وأنا كذا، واللهُ فَعَلَ معي كذا. وانظروا ماذا فَعلتُ. وهذا هو ما حَصَلَ لي. وهذا هو ما أشعُرُ به. وهذا هو ما أُفَكِّرُ فيه". فهي مُجَرَّد نَزعة روحيَّة ظاهريَّة أو نَزعة إنسانيَّة تَدَّعي أنَّها مَسيحيَّة.
لقد قَرَأَ جَدِّي على الغِلافِ الدَّاخليِّ لِكِتابٍ مُقَدَّسٍ الكلماتِ التَّالية: "أنا لا أُبالي بما يَقولُهُ الكتابُ المقدَّس لأنَّ لديَّ اختباري الشَّخصيّ". وَمِنْ جِهَة، هذا هو ما أَسْمَعُهُ حَقًّا يَصْدُرُ عن هذه الحركة اليوم، مَعَ أنَّهُم قد لا يُقِرُّونَ بذلك. فقد صارَ الاختبارُ الصُّوفِيُّ هو مَا يُقَرِّرُ الحَقَّ. فكيفَ تَعْلَمُ أنَّكَ قد تَعَمَّدْتَ بالرُّوح؟ عندما يَتِمُّ تَصريفُ الماءِ في الحَمَّام، تَعْلَمُ ذلك!
وقد كَتَبَ "جوزيف ديلو" (Joseph Dillow) في كِتابٍ لَهُ بعُنوان: "التَّكَلُّمُ بألسِنَة" (Speaking in Tongues): "هُناكَ نَقْلَة ذَكِيَّة وتدريجيَّة يُمْكِنُ تَتَبُّعُهُا في حياةِ كثيرينَ مِنَ العَيْشِ بحسبِ الكِتابِ المُقَدَّسِ إلى العيشِ بحسبِ العاطفة. ففي حياةِ كثيرين، صارَ الاختبارُ الشخصيُّ بَديلاً عنِ التَّعليمِ الواضحِ للكتابِ المُقدَّسِ أوِ الدِّراسةِ الجادَّةِ للكِتابِ المُقدَّس". ويمكنني أنْ أُضيفَ شيئًا آخر إلى ذلك. فأنا أعتقدُ أنَّ الكثيرَ مِنَ الأشخاصِ الكارِزماتِيِّينَ لا يَدرسونَ الكتابَ المقدَّسَ كما يَنبغي. فَمَعَ أنَّهُم يَدرسونَ الكتابَ المقدَّسَ وأنَّهُم يقولونَ إنَّهم يَدرسونَهُ، فإنَّهم لا يَدرسونَ الكتابَ المقدَّسَ لِكي يَتَعَلَّموا الحَقَّ المُعْلَنَ فيه، بل يَدرسونَ الكتابَ المقدَّسَ على أَمَلِ أنْ يُعْطيهم بعضَ الحَماسَة الرُّوحيَّة.
ولكِنَّ التَّركيزَ على الاختباراتِ مُكْلِفٌ لأنَّهُ يُزَعْزِعُ مكانةَ الكتابِ المقدَّس. وهذا هو تمامًا ما يُريدُ الشَّيطانُ أنْ يَفعلَهُ. وكما تَرَوْنَ، فإنَّ المسألةَ هي مَسألةُ سُلْطان. فما هو السُّلطانُ في حياةِ المُؤمِن؟ هل هو اختبارُهُ، أَمْ هو كلمةُ اللهِ؟ إنَّهُ كلمةُ اللهِ. أليسَ كذلك؟ فقد قالَ يسوعُ: "يا أَبَتاه! قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَقّ". فلا يوجد نُضْج، ولا يوجد تَقديس، ولا توجد شَرعيَّة في الاختبارِ بِمَعْزِلٍ عنِ الحَقِّ المُعْلَنِ في كلمةِ الله. وهذا النَّوعُ مِنَ التَّعليمِ، وهذا النَّوعُ مِنَ الأشياءِ لا يَحْدُثُ (في اعتقادي) إلَّا في الأماكِنِ الَّتي تَفْتَقِرُ إلى التَّعليمِ الكِتابيِّ الصَّحيح. لِذا، يجب علينا أنْ نُلْقي اللَّومَ لا على النَّاسِ، بل على القادَة. "قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَة". فهذا هو ما قَالَهُ هُوْشَع. وَهُوَ صَحيحٌ مَرَّةً أخرى.
وعندما تأتي وتقول: "ولكِنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يَقولُ كَذا"، هل تَعلمونَ ما يَقولونَهُ دائمًا: "وكيفَ يُمْكِنُكَ أنْ تُقَيِّمَ ذلك؟ فأنتَ لم تَخْتَبِر ذلكَ بنفسِك". وهل تَعلمونَ ما هُوَ جَوابي؟ "مَنْ يُبالي إنْ كُنْتُ قدِ اختبرتُ ذلكَ أَمْ لا. فلا حاجةَ إلى أنْ أَختبرَ ذلكَ بنفسي لكي أَحْكُمَ على صِحَّةِ سُلْطانِ كلمةِ الله".
وهُناكَ مَقالة كُتِبَتْ في مَجَلَّة "مودي" الشَّهريَّة (Moody Monthly)، في عَدَدِها الصَّادرِ في شهرِ تشرينَ الأوَّل/أكتوبر سنة 1973، وهي بعُنوان: "التَّصَدِّي للمشكلة" (Facing the Issue). وقد قالَ فيها الكاتِبُ: "كَتَبَ واحِدٌ مِنَ المَتَكَلِّمينَ بالألسنةِ رِسالةً إلى مُحَرِّرِ مَجَلَّةِ ’المسيحيَّة اليوم‘ قالَ فيها: ’لا يُمْكِنُكَ أنْ تَتَكَلَّمَ بإنْصافٍ عن موهبةٍ مِنَ اللهِ لا تُؤمِن بها ولم تَختبرها بنفسِك‘. وما قَصَدَهُ هذا الشَّخصُ حَقًّا هو أنَّ التَّكَلُّمَ بالألسِنَة لا يَخْضَعُ للفحصِ النَّقديِّ في ضَوْءِ الكتابِ المقدَّس؛ ولكِنَّ القَوْلَ إنَّ الشَّخصَ الَّذي يَتكلَّمُ بألسِنَة هو الوحيدُ المُؤهَّلُ للتَّعليقِ على الموضوع يَعْني أنَّ الاختبارَ الشخصيَّ هو هِبَة مِنَ اللهِ، ويَعني أنَّ الرَّأيَ الشَّخصيَّ أَهَمُّ مِنَ الكتابِ المقدَّس". وَهُوَ مُحِقٌّ.
فما قَصَدَهُ ذلكَ الشَّخصُ هو: "لا يُمْكِنُكم أنْ تَحْكُموا على هذا الموضوعِ لأنَّكُم لم تَختبروه". وهذا يُريكُم مِعْيارَ الحُكْمِ في نَظَرِه. فهو ليسَ الكتاب المقدَّس. بل هو ماذا؟ الاختبار.
صَحيحٌ أنَّني لم أَختبر الموتَ يَوْمًا، ولكِنْ أَتَعلمونَ شيئًا؟ يُمْكِنُني أنْ أُخبركم الكثير عنِ الموت؛ بلِ الكثير جِدًّا. أتَعلمونَ لماذا؟ لأنِّي أَعْلَمُ ما يَقولُهُ هذا الكِتابُ عنه. والحقيقة هي أنَّكم إنْ شاهَدْتُم التِّلفزيون في السَّابعِ والعِشرين مِنْ شهر نَيْسان/إبريل، في السَّاعة الواحدة صَباحًا، وَهُوَ وقتٌ مُتأخِّرٌ جِدًّا. فقد طَلَبوا مِنِّي أنْ يُقابلوني مُدَّةَ تِسعينَ دقيقة على محطَّة "سي.بي.إس" (CBS) لمناقشة موضوع "الحياة بعدَ الموت". وسوفَ يُقابلونَ أشخاصًا يَدَّعونَ أنَّهُمْ عادوا مِنَ الموت. وقد قالوا إنَّهم يُريدونَ أنْ يُقابلوا شخصًا مُتَشَكِّكًا في ذلك. وأنا شخصٌ مُتَشَكِّك. فأنا أعتقد أنَّ هؤلاءِ الأشخاصَ سَيَتقابلونَ مَعَ عَقْلِهِمِ الباطِن. ولكِنَّكُم تَعلمونَ أنَّ لاهوتَ الحَدْسِ ليسَ النَّهْجَ الكِتابيَّ. ويا أحبَّائي، أنا مُثَقَّلٌ بهذا الموضوع.
وهناكَ رَجُلٌ يَظْهَرُ على التِّلفزيون على جَميعِ المَحَطَّاتِ الأربعمئة والخمسين أوِ الخمسِمِئة، وهو: "روبرت شوللر" (Robert Schuller). ومؤخَّرًا، في مُقابلة معَ مَجَلَّة "ويتينبيرغ دور" (Wittenburg Door Magazine) في شهر كانون الثَّاني/يَناير في سنة 1976، قالَ ما يَلي: "لا وَقْتَ لديَّ لِكِتابةِ لاهوتٍ نِظامِيٍّ يُقَدِّمُ أساسًا لاهوتيًّا مَتينًا لما أَعْرِفُهُ بالحَدْس. ولكِنَّ ما أُوْمِنُ بهِ بالحَدْس صَحيح". فهو ليسَ في حاجة إلى أيِّ لاهوت. فَهُوَ يَعرِفُ ما هو صَواب بالحَدْس. وهل تُدركونَ حَجْمَ هذهِ الكارثة؟ وهو يَقولُ أيضًا: "أنا لن أُنْكِرَ عَلَنًا الميلادَ العَذراويَّ أوِ القيامة، ولكِنْ لأنِّي لا أَفْهَمُ أُمورًا كهذِه فإنِّي لا أَعِظُ عنها".
وكما تَرَوْنَ، فإنَّ هذا الخَطَرَ أكبر جِدًّا مِمَّا تَظُنُّونَ، يا أحبَّائي. فهذا شيءٌ مُنتشرٌ على نِطاقٍ واسع؛ أيْ هذا النَّهْجُ الاختباريّ. فهو ليسَ مَسيحيَّة تاريخيَّة. وهو ليسَ أرثوذكسيَّة تَقليديَّة. ففي المَقامِ الأوَّل، إنَّها تَحَرُّريَّة على النَّمَطِ القَديم. فهي تَحَرُّريَّة. وهي ما دَأَبَ كِبارُ المُتَحَرِّرين على المُناداةِ بِهِ. ويمكنكم أنْ تَرْجِعوا إلى القرنِ التَّاسِع عَشَر إلى اللَّاهوتيِّ الألمانيِّ: فريدريك شلايرماخر" (Friedrich Schleiermacher) المَعروفُ جِدًّا في الأوساطِ اللَّاهوتيَّة. وقد قالَ "شلايرماخر": "إنَّ ما يُقَرِّر الحَقَّ هو الاختبار". فقد كانَ مُتَحَرِّرًا ولا يُؤمِنُ حَتَّى بِحَقِّ الكتابِ المقدَّس.
وفي مَقالة حديثة في مَجَلَّة "المسيحيَّة اليوم" (Christianity Today، قامَ "روبرت جونسون" (Robert Johnson) بتقييم "شلايرماخر" مِنْ جِهَةِ عَلاقَتِهِ بالكارِزماتِيِّين. وإليكم ما قالَهُ: "إنَّ ما يَجري بصورة مُتزايدة اليوم هو مُحاولة لِعَكْسِ نَهْجِ المُصْلِحين تُجاهَ الإيمانِ المسيحيّ. فالإنجيليُّونَ يَقولونَ إنَّ اللَّاهوتَ ينبغي أنْ يَنتقلَ مِنَ الرُّوحِ إلى الكلمة، لا مِنَ الكلمة إلى الرُّوح. والإنجيليُّونَ الَّذينَ تَبَنَّوْا إمَّا النَّهْجَ العَلاقِيَّ أوِ التَّجَسُّدِيَّ، وإمَّا النَّهْجَ الكارِزماتيَّ أوِ الخَمسينيَّ المُحْدَثَ في لاهوتِهم يُرْغِمونَ رِفاقَهُم المؤمِنينَ أكثرَ فأكثر على إعادةِ التَّفكيرِ في الإنجيلِ مِنْ وُجهةِ نَظرِ اختبارهم الشخصيِّ مَعَهُ. وَهُمْ يَزْعُمونَ أنَّ اللَّاهوتَ الإنجيليَّ التَّقليديَّ غيرُ وَثيقِ الصِّلَةِ نِهائيًّا أوْ أنَّهُ غير كَافٍ".
فالكارِزماتيُّونَ يقولونَ إنَّ الكتابَ المقدَّسَ مِنْ دُوْنِ كُلِّ هذهِ الاختباراتِ هو غيرُ كَافٍ، وإنَّهُ لا بُدَّ مِنْ وُجودِ شيءٍ آخر. ويُضيفُ "جونسون" قائلاً: "إنَّ الكاثوليك، والأُسقفيِّينَ، ومُؤمِني جَماعة الله، والميثودِيِّين، والمَشيَخِيِّينَ يَجتمعونَ معًا بِحُرِّيَّة ويَختبرونَ مِلْءَ الرُّوحِ، ويَسمحونَ لِكُلِّ الأمورِ الطائفيَّةِ والعَقيديَّةِ التقليديَّة الَّتي كانت تُمَيِّزُهم في إطارِ اللَّاهوتِ المُختصِّ بالكلمة أنْ تَتَلاشى وتَنْدَثِر". فالعقيدةُ خَرَجَتْ خَارِجًا.
وهل تَعلمونَ ما الَّذي سيحدُث؟ إنَّ هذا ليسَ سَيِّئًا جِدًّا لنا، ولكِنَّنا فَتَحْنا القَفَصَ. وعندما يَطيرُ الحَقُّ، انتظروا إلى أنْ يَنموا أولادُكُم ويحاولونَ البحثَ عَنْهُ. فهو لن يكونَ موجودًا، ولن تكونَ لهم أيُّ صِلَةٍ بِهِ. وأنا أَتِّفِقُ مَعَ "فرانسيس شيفر" (Frances Schaeffer) الَّذي قال: "نحنُ نَسْحَبُ السِجَّادة مِنْ تَحْتِ أقدامِ الجيلِ القادِمِ. وَهُمْ سيَبحثونَ عنِ الحَقِّ ولا يَجِدونَ أيَّ صِلَةٍ لَهُمْ بِهِ".
إنَّ واحِدًا مِنَ النَّاطِقينَ الرَّسميِّينَ باسمِ الحركة الكارزماتيَّة هو رَجُلٌ يُدْعى: "مايكل هاربر" (Michael Harper)، وهو يَتَمَتَّعُ بِمَكانةٍ مَرموقة جدًّا في الحَرَكة. وهو مُحَرِّرُ المَجَلَّة الخمسينيَّة الإنجليزيَّة الَّتي تَحْمِلُ العُنوان: "رينيوال" (Renewal)؛ أيْ: "التَّجديد". وقد كَتَبَ كِتابًا بِعُنوان: "طَريقة جديدة في الحياة" (A New Way of Living)، يَقولُ فيه: "إنَّ العالَمَ يَنتظر إعلانًا جديدًا عنِ المسيح في إطارِ جَسَدِه؛ أيِ الكنيسة. فقد مَلَّ مِنَ العقائدِ الخَياليَّة والوَهميَّة الَّتي يَتَشَدَّقُ بِها اللَّاهوتِيُّون". فقد مَلَّ مِنَ العقائدِ الخياليَّة والوهميَّة! وهو يقول: "يجب علينا أنْ نَبتدئَ بالاختبار". وهذه هي التَّحَرُّريَّة. هذهِ هي تَحَرُّريَّة "شلايرماخر" الصِّرْفَة، لا الأرثوذكسيَّة التاريخيَّة. ولكِنَّ الكتابَ المقدَّسَ لم يُكْتَبْ بِهَدَفِ تأكيدِ اختباراتِك.
وهذا النَّهْجُ الشَّبيهُ بِنَهْجِ "شلايرماخر" يَرْمي إلى هَدْمِ العقيدة الأرثوذكسيَّة المُستنِدَة إلى قوانينِ الإيمان. وهو يَرْمي إلى هَدْمِ اللَّاهوتِ الَّذي يقول: "هذا هو ما يَقولُهُ اللهُ، وهذا هو ما فَعَلَهُ اللهُ"، وأنْ يَسْتَعيضَ عَنْهُ بـ: "هذا هو ما أشعُرُ بِهِ، وهذا هو اختباري". وهي ليست التَّحَرُّريَّة فَحَسْب، بل أَوَدُّ أنْ أُضيفَ أنَّها أيضًا نوعيَّةَ اللَّاهوتِ المُتوافقة معَ الأرثوذكسيَّة المُحْدَثَة. فالأرثوذكسيَّة المُحْدَثَة هي فقط وَجْهٌ آخر للتَّحَرُّريَّة الَّتي تُنْكِرُ الحَقَّ الكِتابيّ.
ويقولُ الأرثوكسيُّ المُحْدَثُ "رودمان وليامز" (Rodman Williams) الَّذي أخبرتُكُم مِنْ قَبْل أنَّهُ رَئيسُ كُليَّة لاهوت "ميلوديلاند" (Melodyland Seminary)، يَقولُ في كِتابٍ لَهُ بعُنوان: "عَصْرُ الرُّوح" (The Era of the Spirit) "إنَّ ما أُحاوِلُ أنْ أُرَكِّزَ عليهِ هُوَ الآتي: أنَّ التَّأثيراتِ اللَّاهوتيَّة لهذه الحركة الديناميكيَّة المُختصَّة بالرُّوح ليست قليلةَ الشَّأن. ففي صُلْبِها، هُناكَ إدراكُنا أنَّ شيئًا ما قد حَدَث...". وهذا هو الشَّيءُ الرَّئيسيُّ في نَظَرِه. "...أنَّ شيئًا ما قد حَدَثَ؛ وهو شيءٌ يَصْعُبُ على المَرءِ أنْ يَجِدَ مُصطلحاتٍ لاهوتيَّةً مُناسبةً أوْ طُرُقًا تَرْبِطُ ذلكَ بالعقائدِ المُختلفة للإيمانِ المسيحيّ" [نِهايةُ الاقتباس]. فنحنُ نَعلمُ أنَّ شيئًا ما قد حَدَثَ، مَعَ أنَّنا لا نَدري كيفَ نَرْبِطُ ذلكَ بالكتابِ المُقدَّس. فنحنُ نَعلمُ أنَّهُ قد حَدَث. أليسَ هذا الأمرُ رائعًا؟ ثُمَّ إنَّهُمْ يَفترِضونَ أنَّ الرُّوحَ القُدُسَ فَعَلَ ذلكَ لأنَّهُ حَدَث.
وقد قالَ "لاري كريستينسون" (Larry Christenson)، وَهُوَ لوثريٌّ كارِزماتيٌّ مَعروفٌ جدًّا: "إنَّ الإيمانَ المسيحيَّ قائمٌ على الاختبارِ. واللَّاهوتُ هو مُجَرَّدُ تَفسيرٍ لذلكَ الاختبار". هل تَعلمونَ شيئًا؟ إنَّهُ مُخْطِئٌ جِدًّا. وَالبقيَّة أيضًا. وما سيَحدُثُ هو أنَّ الشَّيطانَ سيُعطيهم اختباراتٍ يَستخلِصونَ مِنْها أمورًا خاطئةً عنِ اللهِ ويَبْنونَ عليها لاهوتًا مَغلوطًا. وحينئذٍ فإنَّ السِّجَّادَةَ سَتُسْحَبُ مِنْ تحتِ الأرثوذكسيَّة. ويجب علينا أنْ نَدْعو الكنيسةَ إلى العودة إلى السُّلطانِ بالمفهومِ الكِتابيّ.
وما هو السُّلطانُ في حياةِ المُؤمِن؟ إنَّهُ هذا الكِتاب. أليسَ كذلك؟ وفي الأسبوعِ القادِم، سنتأمَّل في هذا الكِتاب. فقد استعرضتُ المُقَدِّمة فقط اليوم. وفي الأسبوعِ القادِم، سنتأمَّلُ في هذا الكِتاب، ونَرى ماذا يقولُ الكتابُ المقدَّسُ عن نَفسِهِ فيما يَختصُّ بسُلطانِهِ الَّذي يَفوقُ الاختبار. دَعونا نُصَلِّي:
نَشكُرُكَ، يا أبانا، على إعطائِنا الوقتَ معًا في هذا الصَّباح لكي نتأمَّلَ في هذهِ الحقائق. ساعِدنا، يا أبانا، على أنْ نكونَ أقوياء، وأنْ نَتَمَسَّكَ بِحَقِّكَ ونكونَ مُحِبِّينَ لِما يُعْلِنهُ لنا. ساعِدنا على ألَّا نَضَعَ أنفُسَنا في مَكانة عالية مِنَ السًّلطة، بل إنْ نَرْفَعَ هذا الكِتابَ عالِيًا لأنَّهُ السُّلْطانُ الوحيدُ، وأنْ نَدعو المؤمنينَ إلى العودة إليه بِكُلِّ ما يَحْويهِ مِنْ حَقائقَ عظيمة. ونحنُ نَتَعَجَّبُ كيفَ يُعْقَلُ أنْ نَبتدئَ بالكلمة، وأنْ نَخْلَصَ بِحقائقها الثَّمينة، ثُمَّ نَبْتَعِد عنها وَعَنْ صَفحاتِ هذا الكِتابِ! وكيفَ يُعْقَلُ أنْ نُعَرِّفَ حياتَنا المسيحيَّة مِنْ ناحيةِ الاختبارِ، لا مِنْ ناحيةِ الكلمة الَّتي كانت العامِلَ في فِدائِنا، والتي ما تَزالُ الشَّيءَ الوحيدَ القادِرَ أنْ يُقَدِّسَنا. لِذا، اجْعَلْنا شَعْبَ الكلمة لأجْلِ مَجْدِ اسْمِهِ لأنَّ هذهِ القِصَّةَ هي قِصَّتُهُ هُوَ، قِصَّةُ رَبِّنا يَسوعَ المسيح. آمين!
This article is also available and sold as a booklet.