Grace to You Resources
Grace to You - Resource

أَودُّ أن أَلْفِتَ انتباهَكُم في هذا الصباح إلى الأصحاح الخامس مِن رسالة أفسس والعدد 18. فقد توقفنا عند هذا العدد في المَرَّة السابقة، وسوفَ نتأملُ اليوم في الحياة الممتلئة بالروح ... الحياة الممتلئة بالروح. فمِنَ الواضح بالنسبة إلى أي مؤمنٍ مسيحيٍّ مَضَى على إيمانهِ أيُّ وقتٍ، مِنَ الواضح تمامًا أنَّ هذا نَصٌّ مُهِمٌّ جدًّا. وهو نَصٌّ معروفٌ جدًّا وموضوعٌ ينبغي أن يُدرسَ حقًّا مِنْ قِبَلِ كل مؤمن إن أرادَ أن يستوعبَ ما يطلبه الله مِنَّا. فهذا واحٌد مِن تلك النصوص المهمة جدًّا، أوْ "لوكَس كروشَس" (locus crucis) إنْ شِئْتُمْ. والحقيقة هي أنه لا يوجد جانبٌ في كل السلوك المسيحيِّ الَّذي يَحِقُّ للإنْجيل يَفوقُ في أهميَّته هذا الواقع تحديدًا. فالامتلاء بالروح مهمٌ جدًّا للسلوك في الحياة المسيحية وَفقًا لمعايير الله.

وربما تَذْكُرون أني كنت أحاول أن أُفَسِّرَ لكم الرسالة إلى أهل أفسس بمُجملها. وقد ذَكَرْتُ لكم بِضع مَرَّاتٍ أنه يمكنكم أن تنظروا إلى رسالة أفسس كما لو كانت سيارةً عاليةَ الأداء. ففي الأصحاحات الأول والثاني والثالث، تَجِدون وصفًا لهذه السيارة، وتحديدًا للمُحَرِّك. بعبارةٍ أخرى، فإنَّ الله يقول: "بصفتكم مؤمنين مسيحيين، هذه هي هُويتكم الأصلية". وهو يُعطينا وصفًا رائعًا لِمقامنا في المسيح في الأصحاحات الثلاثة الأولى. فهو يَصِفُ المُحَرِّكَ الذي نَملكه، أيْ قوة القيامة المتاحة لنا، وكل الميراث الغَنِيِّ الذي أعطاه الله لنا. لذا فإننا نَجِدُ (ابتداءً مِنَ الأصحاح الأول وحتى نهاية العدد 13 مِن الأصحاح الثالث) وصفًا رائعًا للمؤمن كما لو أنَّهُ سَيَّارةٌ ذات مُحَرِّكٍ قويٍّ وأداءٍ عالٍ. ثم ذَكَرنا أن الرَّسول بولس يَصِفُ في الأصحاح الثالث والأعداد مِن 14 إلى 21 ما يمكنني أن أُسَمِّيه "مِفتاح التشغيل". فلا فائدة مِنَ امتلاك محرك عالي الأداء إن لم تَقُمْ بتشغيله. لذا فإنَّ النَّصَّ يتحدث في الأصحاح الثالث والأعداد مِن 13 فصاعدًا (أو بالأحرى مِنْ 14 فصاعدًا) عن مِفتاح التشغيل، وكيف أنك تُديرُ المِفتاحَ وتُشَغِّل المُحَرِّك.

ولعلَّكُم تَذكرون أنَّنا تحدَّثنا عن التَّأيُّد بالقُوَّةِ بالرُّوح في الإنسَانِ البَاطِنِ لِيَحِلَّ المَسِيحُ بالإيمانِ في قُلوبِكُم حَتَّى تَستطيعوا أنْ تَعْرِفُوا مَحَبَّةَ المَسيح، وتَمْتَلِئُوا إلى كُلِّ مِلْءِ اللهِ، وتقدرون أنْ تَفعلوا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا تَطْلُبونَ أوْ تَفْتَكِرون. بعبارةٍ أخرى، فإنَّ القوة تبدأ بالظُّهور والمُحَرِّكُ يبدأ بالدوران. ولكي يَتمكَّنَ المِفتاح مِن تشغيل المحرك، يجب أن يستمد القوة مِنْ روح الله ومِنَ المسيح، ومِنَ الله الآب. وعندما تَصِلون إلى الأصحاح الرابع، بعد أن رأيتم وصفًا للسيارة وبعد أن دارَ المُحَرِّك، فإنَّ الأصحاح الرابع يُخبرنا عن الطريق الذي ينبغي أن نسلُكَ فيه. ونحن نُسَمِّي ذلك "السُّلوك كما يَحِقُّ للإنجيل". وهو يُخبرنا أنه ينبغي لنا أن نسلك في الطريق الذي يَليق بدعوتنا.

إذًا، نحن نمتلك سيارةً خارِقَةً، وينبغي أن نقودها على طريقٍ خارقٍ أو على طريقٍ رائعٍ جدًّا جدًّا. وهذا الطَّريقُ فريدٌ. فنحنُ مُختلفون عن العالم. لذلك فإنَّ هذا الطريق هو ليس الطَّريق السَّريع للعالم. بل إنه طريقٌ يتطلب اتِّضاعًا وليس كبرياءَ العالم. وهو يتطلب وَحْدَةً، وليس الخِلافَ الذي يُعْرَفُ به العالم. وهو يتطلب محبةً، ويتطلب نورًا، ويتطلب حكمةً. وربما تذكرون أننا تحدثنا عن هذه الأشياء، أي عن السلوك في الوَحدة، وعن السلوك في الاتضاع، وعن السلوك في التَّفَرُّد، وعن السلوك بالمحبة، وعن السلوك بالنور. وقد تحدثنا في المَرَّة الأخيرة عن السلوك بالحكمة. لذلك، هذا هو الطريق الذي ينبغي لهذه السَيَّارة أنْ تَسيرَ فيه.

لكِنْ في نهاية الرسالة إلى أهل أفسس، يتحدث الرسول بولس عن بعض العَقَباتِ في الطريق. فأثناء قيادتنا لهذه السيارة العالية الأداء، والتي تستمد قوَّتَها وأداءَها مِن الله على طريقٍ يختارُهُ هُوَ لنا، فإننا سنجد عَقَباتٍ في الطريق. لذلك فإنه يتحدث في الأصحاح السادس والأعداد مِن 10 فصاعدًا عن حقيقة أننا سنواجه الشيطان. فنحن سنجد أنفسنا نواجه أَجْنَاد الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، إذْ إنَّ مُصَارَعَتَنَا هي مَعَ الرُّؤَسَاءِ، والسَّلاَطِينِ، وَوُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْر. ولكي نتمكن مِن مواجهة هذه التحديات، يجب أن يكون لدينا سِلاح الله. ونقرأ في العدد 18 مِن الأصحاح السادس أنه يجب علينا أن نُصَلِّي كُلَّ وقت.

لذلك فإننا نجد هنا حَقًّا وَصْفًا مُتسلسلاً وكاملاً عن كيفية تصميم الله للمؤمن إذْ إنه يُشبه سيارةً عاليةَ الأداء وتمتلك قوةً وقدرةً هائِلَتَيْن. وهو يَدورُ ويَعْمَلُ حين يَتأيَّدُ بالقوة بالرُّوحِ في الإنسان الباطن. وهو يبدأ بالتحرك على الطريق الذي يدعوه بولس بالسلوك كما يَحِقُّ للإنجيل، وهو يَحيا في وَحْدَةٍ، واتِّضاعٍ، وتَفَرُّدٍ ومحبةٍ، ونورٍ، وحكمةٍ. ولكنه سيَصطدم أخيرًا ببعض العقبات حين يَسلك هكذا، وسيجد نفسه مضطرًا لمواجهة الشيطان والدفاع عن نفسه ومقاومة الشيطان بواسطة دِرع الله وسِلاح الصَّلاة. وقد تقول: "ما علاقة هذا بموضوعنا؟" إنني أدعو ذلك بالوَقود. فينبغي أن تضعوا شيئًا في خزَّان الوَقود. وما الذي تضعوه فيه؟ نجد الإجابة في العدد 18 إذ نقرأ: "لاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ" ماذا؟ "امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ". فهذا هو وَقود المؤمن. هذا هو الوَقود. فهذا هو ما يجعل السيارة تسير. فلا فائدة تُرجى مِن وجود سيارة رائعة إن لم تضع فيها وَقودا.

وما زِلْتُ أَذْكُرُ صورةً رأيتُها في مَجَلَّةٍ لمزارع مِنَ "الآمِش" رَبِحَ سَيَّارةً بطريقة ما. وعندما أَحضروا السيارةَ وسَلَّموها له، رَبَطَها بحصانه وجَرَّها خَلْفَهُ. وكما تعلمون، هناك الكثير مِنَ المؤمنين الذين يَرْبطون حِصانَ الجسد بالسيَّارة التي خلقها الله والتي ينبغي أن تُدار بوَقود الروح القُدُس؛ ثُمَّ إنهم يَسلكون في حياتهم مُتَّكِلين على حِصان الجسد. اسمعوني جيِّدا: لقد صَمَّمَكَ اللهُ لكي تُدارَ مِنْ خلال الامتلاء بالروح، وليس مِن خلال الاتكال على حِصان الجسد. فهذه هي الرسالة الرَّئيسيَّة في هذه الآية.

إذًا، فأنتم لديكم الطاقة، والقوة، والموارد، والطريق. فالطريقُ جاهزٌ، والدربُ سالكٌ. ولكي تفعلوا ذلك، يجب عليكم أن تحصلوا على القوة مِن روح الله. وفي هذا المقطع الممتد مِن الأصحاحِ الخامسِ والعدد 18 إلى الأصحاحِ السَّادِسِ والعَدد 9، يَصِفُ بولس كيف أنَّ الامتلاءَ بِروح الله يُؤثر فيك. وكيف أنه يُؤثر في جميع علاقاتك. وكيف أنه يُؤثر في سلوكك. فعلى سبيل المثال، فإنه يتحدث عن كيف أنَّ الامتلاء بالروح يُؤثر فيك أنت في العدد 19 إذ نقرأ: "مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ". وفي العدد 20: "شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ". وهو يَصِفُ كيف يؤثر في علاقاتك بالأشخاص الآخرين. فبحسب ما جاء في العدد 21، ينبغي أن تخضع للآخرين. وهو يتحدث في الأصحاح السادس عن كيفية تأثير ذلك فيكم في بيوتكم، وفي علاقاتكم مَعَ زوجاتكم أو أزواجِكنَّ أو مَعَ أبنائكم. وهو يتحدث عن كيفية تأثير ذلك فيكم في مكاتبكم أو في أماكن عملكم. وهو يتحدث في العدد الخامس مِن الأصحاح السادس عن العبيد والسَّادة. بعبارة أخرى، فإنَّ الامتلاء بالروح سيؤثر في جميع علاقاتكم، ويَلْمَسُ كل شخصٍ في بيوتكم وفي عملكم. فهذا هو الوَقود الذي يجعلكم تتحركون.

وربما تَذكرون أيضًا أننا تحدثنا يوم الأحد الماضي عن السلوك بالحكمة في العدد 15. ولنرجع إلى ذلك قليلاً. "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ" – أيْ أنْ تَسلكوا بحكمة، وأن تَسلكوا بذهنٍ تَحليليٍّ مُدَقِّقٍ وَواعٍ وَصَاحٍ، وأنْ تَعلموا أين تَضَعونَ أقدامكم. فيجب أن تَسلكوا بالتَّدقيق "لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ". والسُّلوك الحَكيم يَتطلَّب مِنَّا أنْ نَفتدي الوقتَ لأنَّ الأيَّامَ شِرِّيرة. وَهُوَ يقول أيضًا: "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ [أَوْ حَمْقى] بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ". ثُمَّ إنه يَنتقل إلى العدد 18 فيقول: "وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ". والآن، استمعوا إليَّ يا أحبائي: إنَّ العنصر الأخير في السلوك بالحكمة هو أن نسلك ممتلئين بالروح. فهذا هو العنصر الأخير. فسوف تكونُ أغبى شخصٍ في العالم إنْ رَبَطْتَ حِصانَكَ بالسيَّارة. وسوف تكونُ أغبى شخص في العالم إذا حاولتَ أن تُسَيِّرَ خليقةَ اللهِ الجديدة بواسطةِ حِصَانِ الجسد. فهذه حماقة. فالحكمة تقول إنه طالما أنني أمتلك هذه الموارد الرائعة، وأمتلك هذه القوة العظيمة، سوف أجعلها تُدارُ بقوة الروح، وسوف أسمحُ للرُّوح أن يَملأَني.

ويجب أن تعلموا أنَّ الأمرَ يُشبه امتلاك أقوى سَيَّارةٍ في العالم، وأن تَمتلك شركة "ستاندرد" للنِّفْط، ثُم ألَّا تُكَلِّفَ نفسكَ عَناءَ وضع الوَقود في السيَّارة. فَإذا اسْتَثْنَيْنا الثَّالوثَ، فإنَّ المؤمنَ المسيحيَّ هو أَفضلُ شَيءٍ في الكَوْن. فلا يمكن لأيِّ شيءٍ آخر أن يُنَافِسَكَ لأنَّ اللهَ وَهَبَكَ قُوَّةَ القيامة. فأنتَ تمتلك كل شيء. وهذه هي الأصحاحات الثلاثة الأُولى مِن رسالة أفسس. وليس هذا فحسب، بل إنكَ تمتلك أكبر مصدر للوَقود لأنك تمتلك الروح القدس الذي يَمُدُّكَ بالطاقة. إذًا، أنت تمتلك سَيَّارةً عالية الأداء، وتمتلك شركة نِفْطٍ إلَهِيَّة. ولا يُعْقَل ألَّا تَضَعَ وَقودًا في السيَّارة. أليس كذلك؟ وهذه هي النقطة الجوهرية. فلكي تحيا الحياة المسيحية، فإنَّ ذلك يتطلب أن تكونَ ممتلئًا (أو حرفيًّا: مُنقادًا بالرُّوح القُدُس). وهذا يعني أنه ينبغي لك أن تَخضعَ للروح. وسوف نتحدث عن هذا الموضوع في الأسابيع القليلة القادمة. ولكنْ قَبْلَ أنْ نَصِلَ إلى العِبارة التي تقول: "امْتَلِئُوا بالرُّوح"، يجب علينا أن نتحدثَ عنِ العِبارة التي تقول: "لا تَسْكَرُوا بالخَمْر". أليس كذلك؟ فهذا جُزْءٌ مِنَ المُفارقةِ الَّتي يَسْتَعْرِضُها بولس. لذلك، فإننا سنتحدث في هذا الصباح والأسبوع المقبل عن معنى العبارة الأُولى: "لاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ".

يُوَضِّح بولسُ المُفَارَقَةَ بين السُّكْرِ والامتلاءِ بالروح. فهذه مُفارقةٌ واضحةٌ جدًّا وتبدو سهلةً جدًّا في الظاهر، ولكنها تَنْطَوي على حَقائقَ عميقة. فعندما نَنظر إلى هذا المقطع تحديدًا، أي مِنَ الأعداد 18-20 أو 21، نَرى ثلاثة أشياء: فهناك المُفَارَقَة في العدد 18؛ وهناكَ الوَصِيَّة في نهاية العدد 18 وهي: "امْتَلِئوا بالرُّوح"؛ وهناك النتائج في الأعداد 19 و 20 و 21. والنتائج هي: التَّرنيم، والشُّكْر، والخُضوع. وسوف نتحدث عن هذه النتائجِ لاحقًا. كذلك فإننا سنتحدث عنِ الوصيَّة "امْتَلِئوا بالرُّوح" لاحقًا. ولكِنْ في هذا الصباح (والمَرَّة القادمة)، سَنُركِّز على المُفارقة وَهيَ: "لاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ".

والحقيقة هي أنَّ موضوع السُّكْرِ بمُجمله، وموضوع شُرْبَ الخَمْرِ بمُجمله هو مشكلة كبيرة في وقتنا الحاضر. وهو مَثَارُ نِقاشٍ كبيرٍ في الكنيسة. فالمسيحيِّونَ يتحدثون عنه. وبعض المسيحيين يقولون: "أنا لا أَشْرَبُ الخَمْرَ. ولا يجوزُ لك أنت أيضًا أنْ تشرب الخَمْرَ. فَشُرْبُ الخمر خطية". وقد يقول شخصٌ آخر: "إنَّ شُرْبَ الخمر ليس خطية لأنَّ يسوع شَرِبَ الخمرَ، ولأنهم كانوا يَشربون الخمر في أزمنة الكتاب المقدَّس وكانوا يَشربون الخمر في العهد القديم. وأنا أَسْلُكُ بحسب الكتاب المقدَّس وأريد أن أكونَ مؤمنًا بحسب قول الله". ويَقولُ آخرون: إنَّ الوقتَ الوحيد الذي لا يَجوزُ لك فيه أن تَشربَ الخمر هو إنْ كان ذلك يُعْثِرُ أَخًا ضعيفًا. وإنْ كنت مؤمنًا ضعيفًا، لا عُذْرَ لكَ البتَّة. فيجب أن تكون قويًّا الآن. وهناك مِن يقول: "لا يجوز لنا البتَّة أن نشرب الخمر ولا أن نشترك في هذا الأمر. فنحن لا نشرب الخمر، ونحن لا نُدَخِّن، ولا نَعْلِك، ولا نَخْرُجُ معَ الفتياتِ اللَّاتي يَفْعَلْنَ ذلك" ... وهَلُمَّ جَرَّا. أَتَرَوْن! فنحن مُختلفون عن الآخرين. وأنتم تَعلمونَ الكلامَ المُشابِهَ الذي يُقال.

لذلك فإننا نَجِدُ جميع هذه الآراءِ المُتَبايِنَةِ مِنَ النَّقيضِ إلى النقيض حَوْلَ ما هو مقبولٌ أوْ غيرُ مَقبول. وما أريدُ أن أشاركه معكم هو أنني سأحاول أن أُقَدِّمَ لكم اليوم وفي المَرَّة القادمة بعض المبادئ الرئيسية. فسوف نَضَعُ اليوم أَساسًا أكاديميًّا إلى حَدٍّ ما. وفي المَرَّة القادمة، سأتحدث عن نظرة المسيحيين إلى الخمر (وهذا سيكون يوم الأحد القادِم). وما أرجوه هو أن يكون هَذان الجانبان مُفيدَيْنِ لكم. ولكِنْ لنبدأ مِنْ حيثُ نحن هنا في العدد 18 ونَرى إلى أيْنَ يَقودُنا الحَديث.

"وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ". فواحدةٌ مِنَ الطُّرُقِ الواضحة للتصُّرف بِغَباوة هي أنْ تَسْكَر. فهذا مُناقضٌ للحِكمة. فالعدد 15 يقول: "فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ". والعدد 17 يقول: "لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ". والعدد 18 يقول: "لاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ ... بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوح". فهذانِ الأمْرانِ وَجْهَيْنِ للعُمْلةِ ذاتِها. فالشخص الأكثر حماقةً والأقل حكمةً هو الشخص الذي يَسْكَر. مِن جهة أخرى، فإنَّ الشخص الأكثر حكمة هو الذي يفعل مشيئة الله ويمتلئ بالروح. أَتَرَوْنَ ذلك؟ فالامتلاء بالروح هو مشيئةُ اللهِ؛ وَهُوَ حِكمة. أمَّا السُّكْر فَهُوَ جَهالةٌ وحَماقة. لذلك فإنَّ هذه هي المُفَارَقَة. وقد كان بولس يَعرف أنَّ العالم مُنْغَمِسٌ في السُّكْر؛ وهذا صحيح. وما أعنيه هو أنَّ العالم مُسْتَعْبَد للسُكْر. وما يُدهشني دائمًا هو أنه عندما يُعْلِنونَ عنِ المَشروبات الكُحوليَّةِ، فإنكَ تَرى أشخاصًا مُحْتَرَمين. فالإعلاناتُ تُحاولُ أنْ تُبَيِّنَ لنا أنَّ مَنْ يَشربون الخمر هُمْ أُناسٌ مِنَ النُّخْبَة. فَهُمْ لا يُرَوِّجُونَ للمشروبات الكحوليَّة بإظهارِ شخصٍ قَذِرٍ مُلْقىً على قارِعَةِ الطريق. ولكنَّ إدمان الخمر هو مشكلة كبيرة. وأنا مُتَيَقِّنٌ أنَّ هذا كان في ذِهْنِ بولس.

وَلْنَنْظُر إلى الأمرِ، أوَّلًا، مِنْ هذه الزَّاوية. فبولس يقول: "لاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ" – رُبَّما بالمَعنى العامّ. أيْ ببساطة: لا تَسْكَروا، بلِ امْتَلِئوا بالرُّوح. والمقصود هو أنك إذا كنت تبحث عن الفرح، وإذا كنتَ تبحث عن مَهْرَبٍ مِنْ مشاكلك، وإذا كنتَ تبحث عنِ السُّرورِ والرَّاحة، لا تبحث عن هذه الأشياء في قَعْرِ زُجاجة، بَلِ ابحث عنها في الروح القدس - أيِ اسمح للروح القدس أن يكون مَصْدَرَ القُوَّة في حياتك. فجميع الناس يبحثون عن الفرح. وجميع الناس يبحثون عن الابتهاجِ. ولا أحد يُريد أن يكونَ تَعِسًا كل الوقت. فالناس يُريدون أن يكونوا فَرِحين. وبالمناسبة، لا خَطَأَ في ذلك. فالله يُريدُ لك السعادة. وهو ليسَ مُفْسِدَ البَهْجَةِ في الكَوْن. فهو لا يَجُولُ قائلاً: "الفَرحُ مَمنوعٌ! اقبضوا عليهم". أَتَرَوْن؟ إنه لا يفعل ذلك. فلا توجد لدى الله أيّ رَغْبَة في إغْراقِكَ حَرْفِيًّا بالدينونة، بل إنَّهُ يُريدكَ أن تكون فَرِحًا.

فعندما قَدَّمَ يسوع رسالته الأولى في الأصحاح الخامس مِنْ إنجيل مَتَّى (كما ذَكَرْنا سابقًا)، فقد ابتدأَ بالقول: "طُوْبى" - أو: "يا لِغِبْطَة" أوْ: "يا لِسعادَة" فُلان، وطُوبى لفُلان، وطُوبى لفُلان، وطُوبى لفُلان. فيسوع يريد لنا السَّعادة. ونحن نقرأ في سِفْر الجامعة أنَّ الحَكيمَ ينْظُر إلى الحياة ويقول: "لِلضَّحْكِ وَقْتٌ". ونقرأ في العهد القديم: "الْقَلْبُ الْفَرْحَانُ يُطَيِّبُ الْجِسْمَ". فالله يريدنا أنْ نكون فَرِحين. وقد قال يسوع في إنجيل يوحنَّا: "كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ". ونقرأ في رسالة يوحنَّا الأولى 1: 4: "وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً". وقد كَتَبَ بولس: "اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا". ونقرأ في سِفْر المزامير أنَّ النَّاس هَتَفوا فَرِحينَ وأنَّ الفرحَ كانَ غامِرًا. وفي يوم ولادة الربِّ، كانت هناك بُشرى عظيمة وفَرَحٌ عظيم. فالله يريدنا أن نَكون سُعَداء ويريدنا أن نَفرح. ولكنَّه يُريدنا أن نَجِدَ مَصْدَرَ الفرح في المكان الصحيح، وليس في المكان الخاطئ أو الطريقة المُصْطَنَعَة.

وما يَحْدُثُ في المجتمع هو أنَّ الناس يُريدون أن يكونوا سُعَداء، ولكنَّ ظروفهم تجعلهم يائسين. لذلك فإنهم يُخَدِّرونَ حَواسَّهُمْ هَرَبًا مِنْ ظروفهم. وما زِلْتُ أَذْكُرُ ما قالهُ لي شابٌ صغيرٌ كان مُدمِنَ مُخَدِّراتٍ. فقد سَألتُهُ: "هل هذا يَحلُّ مَشاكِلَكَ؟" فقال لي: "لا، ولكِنِّي على الأقل لا أَعودُ أَذْكُرُها. فأنا بالكاد أَتَذَكَّرُ ما هي". وهذا هو المَفَرُّ الذي يَدعوه العالمُ "فَرَحًا". وكما تَرَوْنَ، فإنَّ الناس يبحثون عن الفرح والسعادة بطرق مُصْطَنَعَة. فالناس يُريدون الراحة، ولَكِنْ لدِيهم مشاكل. وَهُمْ يَهرُبون بتلك الطريقة.

وقد رأيتُ نوعًا مِنَ المشروبات الكحولية، وأعتقد أنه مُسْكِرٌ قويٌّ أو رُبَّما كان مِنْ نوع الويسكي (على ما أَظُنُّ). وَهُمْ يَدعُونَهُ: "الرَّاحَة الجَنوبيَّة". ولكن اسمعوني: إنَّ هذه ليست راحة. فهذه المشروبات تأخذكم إلى الجنوب (أيْ: إلى أسفل) أكثر مِمَّا ترغبون. ولكني أَنْدَهِشُ دائمًا مِنْ كيفيَّة تَرويجِهِمْ لذلك المُسْكِر الذي يُدْعَى "الرَّاحَة الجَنوبيَّة". هل سمعتم ما قاله بولس؟ مَنْ هو المُعَزِّي؟ مَنْ يكون؟ إنه الرُّوحُ القُدُس. فالروح القدس هو المُعَزِّي. وهو يقول إنكَ إنْ أردتَ الراحة أو التعزية، وإنْ أردتَ أن تكون فرِحًا، يجب عليك أن تبحث عنهما في المكان الصحيح وليس في قَعْرِ زُجاجةٍ لأنَّ ذلك سيكون مُصْطنعًا. فبعدَ أنْ تنتهي مِنَ الشُّرْبِ، ستجد فجأةً أنَّ جميع المشاكل ما زالت هناك. لذلك فإنَّ الكتاب المقدَّس يقول: "مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ".

إنَّ السُّكْر ليس علاجًا البتَّة لهموم الحياة. والسُّكْر ليس عِلاجًا البتَّة لِمتاعب الحياة. فكل ما يفعله هو أنه يُضيف قلقًا آخر. وكل ما يفعله هو أنه يُضيف المزيد مِن المشاكل. وبالمناسبة، أَود أن أُضيف إلى هذه النقطة أنَّ إدْمانَ الخمر ليسَ مَرَضًا، بل هو خَطِيَّة. وهو قد يصيرُ في النهاية عنصرًا مُساعِدًا على المرض لأنه يُؤثِّر سَلبيًّا في الجسد. ولكنَّ إدمانَ الخمر (أوِ السُّكْر) هو بحسب الكتاب المقدَّس: خطيَّة. وهو دَلالةٌ قويةٌ على العبودية. وَهُوَ خَطِيَّةٌ ينبغي للناس المُستعبدين لها أن يَعترفوا بها ويُعالجوها بِصِفَتِها خَطِيَّة. فإذا كنتَ تبحث عن الفرح الذي لا يُنْطَقُ به ومَجيد في حياتك، وإذا كنت تبحث عن الراحة التي تَفُوق أيَّ راحةٍ أخرى يُمكن للعالم أن يَحْلُمَ بها، فإنَّ بولس يقول: "امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ". فلا تبحثوا عن إجاباتٍ في زُجاجة. فالإجابات ليست هناكَ لأنَّ السُّكْرَ يُفاقِمُ المشكلة. فأينما نظرتم في الكتاب المقدَّس إلى المقاطع التي تتحدث عن السُّكْر، ستجدون أنَّ النهاية تعيسة.

إنَّ كلَ مَثَلٍ توضيحيٍ في الكتاب المقدَّس عن السُّكْر ينتهي بكارثة. فلا توجد منفعة واحدة للسُّكْر. فهو لا يُحسِّن أيَّ شيء. وهو لا يَحُلُّ أيَّ مشكلة. فقد سَكِرَ نُوح فَتَعَرَّى وتَصَرَّفَ بطريقةٍ مُخْزِيَة. وقد سَكِرَ لُوْط فَزَنَتْ معه ابْنَتاه. وقد سَكِرَ نَابال - وفي وقتٍ مُعَيَّنٍ، حَرَمَهُ اللهُ حَياتَهُ. وقد سَكِرَ "أَيْلَه" فَقَتَلَهُ "زِمْري". وقد سَكِرَ "بَنْهَدَدُ" وجَميعُ حُلفائِهِ المُلوك فَقُتِلوا. ولكنَّهُمْ عَفَوْا عَنْ "بَنْهَدَدُ". وقد كانَ العَفْوُ عَنْهُ خَطِيَّة. ونقرأ في دانيال 5 أنَّ "بَيْلْشَاصَّرُ" أَقامَ وَليمَةً كَبيرةً وأنَّهُمْ شَرِبوا الخَمْرَ وراحوا يَعْبُدونَ إلَهَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والنُّحاسِ والحَديد والخشب والحَجَر. وفي وَسَطِ حَفْلَةِ السُّكْر تلك، سُحِبَ بِسَاطُ المَمْلَكَةِ مِنْ تَحْتِ بَيْلْشَاصَّرُ. وقد سَكِرَ أهْلُ كورِنثوس وَدَنَّسُوا في ثَمالَتِهِمْ مائدةَ الربِّ فَأصابَ اللهُ بعضًا منهم بالمرض وَأماتَ البعض الآخر. وكما تَرَوْنَ، فإنَّ السُّكْر يأتي دائمًا، بحسب ما يَرِدُ في الكتاب المقدَّس، مَصْحوبًا بأمورٍ مُريعةٍ: حياةٍ جَامِحَة؛ سُلوكيَّاتٍ غيرِ أخلاقيَّة؛ أفعالٍ مُخْزِيَةٍ؛ طَيْشٍ؛ تَصَرُّفاتٍ هَوْجاء!

وأنتم تَرَوْنَ ذاك. فأنتم تَرَوْنَ أنَّ السُّكْر مُرتبط اليوم بالسلوكيات الجنسية وبسوء الأخلاق. وأنتم تَرَوْنَ أنَّ السُّكْر مُرتبط بالسلوكيات الطائشة وغير المنضبطة. وقد رأيتُ ذاتَ مَرَّة شخصًا ثَمِلاً في مكانٍ كنتُ موجودًا فيه. وقد قام ذلك الشخصُ بتحويل المكان إلى حُطامٍ بالمعنى الحَرْفِيِّ. وقد حَاولتُ أن أَمْنَعَهُ فراحَ يُلقي زُجاجاتِ الخمر في اتِّجاهي فترتَطِمُ بالجُدرانِ وتَتَكَسَّر. ولم أتمكن مِن فِعْلِ أيِّ شيء. فَقَدْ فَقَدَ السيطرةَ تمامًا. وقد رأيتُ أُناسًا يأخذون أشخاصًا سَكارى ويُلْبِسونَهم سُتْرَةَ المَجانين. وقد رأيتُ أُناسًا يَربطونَ السَّكارى ويأخذونهم إلى المُستشفيات. فالسُّكْر مرتبطٌ في الكتاب المقدس بهذا النوع مِن الأشياء. والسُّكْر مرتبطٌ دائمًا بأمور مأساوية. لذلك فإنَّ الكتاب المقدس يُخبرنا صراحةً أنه إن أراد المرء أن يكون قائدًا في الكنيسة أو أن يكون شيخًا، لا يجوز أن يكون شِرِّيبَ خَمْرٍ. فلا مكان له في مِثْلِ هذا النوع مِن السلوك. فالسُّكْر يجعل المرء غير مُؤَهَّلٍ لأي نوعٍ مِنَ الخدمة الروحية – البتَّة ... البتَّة. ويقول بُطرس في الأصحاح الرابع مِن رسالته الأولى: "لقد كُنتم تعيشون هكذا". ثُمَّ إنَّهُ يقول: "لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ". وكما تَرَوْنَ، فإنَّ جميع هذه الأمور تَسيرُ جنبًا إلى جنب، وتَختلط معًا بكُلِّ ما فيها مِنْ وَثنيَّة مُحَرَّمة، وإفْراطٍ في المُمارَساتِ الجنسيَّةِ والسُّكْر. وبالمناسبة، فإنَّ السُّكْر هُوَ سِمَة للشخص الَّذي لا يَنتمي إلى الملكوت.

ونحن نقرأ في الأصحاح الخامس مِن رسالة كورِنثوس الأولى: "وَأَمَّا الآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُوٌّ أَخًا زَانِيًا أَوْ طَمَّاعًا أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّامًا أَوْ سِكِّيرًا أَوْ خَاطِفًا". فإن كان المرء الَّذي يَدَّعي أنَّه مُؤمنٌ مسيحيٌّ سِكِّيرًا، "لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هذَا". وَيقولُ بولس في العدد 10 إنَّهُ إنْ كان مِثْلُ هذا الشخص في العالم، وكان يَفعل مِثْلَ هذه الأمور، يجب عليكم أن تذهبوا إليه وأن تُقَدِّموا الإنجيل له. ولكِنْ إنْ كانَ مُخَلَّصًا، فإنَّنا نَقرأ في الأصحاحِ السَّادِسِ والعدد 9: "أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟" فَهُوَ يَقولُ: "وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ ... وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ". بعبارة أخرى، قد تكون الكنيسة مُمتلئة بأناسٍ اعتادوا على السُّكْر. ولكِنْ إنْ كان هناكَ سِكِّيرونَ في الكنيسة، وإنْ كان هناك أشخاصٌ مُدمنون المشروباتِ الكحوليَّة في الكنيسة، وما زالوا يَشربونَها، وما زالوا يَفعلون ذلك، وما زالوا يَسْكَرون، فَهُمْ ليسوا مَسيحيِّينَ حقيقيِّين. فَهُمْ مُجَرَّدُ مُدَّعينَ بأنَّهم مؤمنون ويجب ألَّا يُخالِطونا.

إنَّ اللهَ وَحْدَهُ هُوَ الذي يَعْرِفُ الذين هُمْ له. ولكنْ مِنَ المحتمل جِدًّا أن يَسْكَر مُؤْمِنٌ مَسيحيٌّ. فهذا مؤكَّدٌ. ولكنَّ بُولس قال إنَّ السَّكارى لا يَرثون الملكوت. وأنا لا أقول إنكَ إن سَكِرْتَ فأنكَّ تفقد خلاصكَ، بل أنا أقول إنَّ القاعدة العامة هي أنَّ المؤمن المسيحي لا يَسْكَر. وإن كنتَ تقول: "لقد صِرتُ مسيحيًّا، ولكنَّ ذلك لم يُؤثِّر في شُربي للخمر"، سأقول لك: "بحسب ما قاله بُولس، فإنكَ لم تَصِر مسيحيًّا. وربما كنتَ مسيحيًّا ولكنكَ وقعتَ في هذا الفخ. ولكني أعتقد أنك إذا قبلتَ يسوعَ المسيح، لا بدَ مِن وجود تغيير في حياتك". وربما يحدث ذلك في وقتٍ لاحق. فقد عَرَفْتُ أُناسًا مؤمنين وقعوا في فَخِّ الخمر في وقتٍ لاحقٍ مِن حياتهم. وهذا أمرٌ مأساوي. ولا أدري إن كانوا مُخَلَّصينَ حقًّا، ولكن ربما كانوا كذلك. فهناك أشخاصٌ يسقطون في هذه الخطيَّة. وأحيانًا فإنَّ الرب يأخذهم للسماء. فاللهُ وَحْدُهُ هوَ الَّذي يَعْلَمُ إنْ كُنْتَ مؤمنًا حقيقيًّا أَم لا إنْ كنتَ تفعل ذلك. ولكنَّ الكتاب المقدس يقول إنكَ إن فعلت ذلك، أي إنكَ إذا كنت سِكِّيرًا، فأنت لست في الملكوت. ولكنَّ الشيء الثاني الذي وَرَدَ في النَّصِّ نَفسِهِ يقولُ إنه مِنَ المُحْتَمَلِ أن يقولَ المرء إنه مَسيحيٌّ وأنْ يَفعلَ ذلك. فاللهُ وَحْدُهُ هو الَّذي يَعرفُ الفَرْقَ. ولكِنْ مِنَ الأفضل أن تَفْحَصُوا أنفسَكُم.

وهذا هو ما ذَكَرْناهُ مِرارًا في أثناء دراستنا: مِنَ الأفضل أن تَفحص نفسك إن كنت تُعاني مشكلةً مِن هذا النوع لترى إن كنت مؤمنًا حقيقيًّا. واسمحوا لي أن أُضيف الآتي: إذا كنتَ تعاني مشكلةً في هذا الأمر، فإنَّ الله قادرٌ على تحريرك، فأنا أُوْمِنُ بذلك. وأنا أُوْمِنُ أنكَ إذا كنت ممتلئًا حقًّا بالروح، فإنكَ ستحصل على الفرح والتعزية والحلول التي كنتَ تبحث عنها، ولن تحتاج إلى مثلِ هذهِ الأشياء. وأنا أُوْمِنُ أنَّهُ إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ فإنَّها تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ، وأنَّهُ إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ فإنَّها تَصِيرُ كَالصُّوفِ. وأنا أُوْمِنُ أنَّ الله يستطيع أن يُغيِّرَ مَسَارَ حياتك. وقد رأيتُ أُناسًا كثيرين يُعانون مشاكلَ كهذهِ، ورأيتُ أنَّ اللهَ غَيَّرَ مَسَارَ حياتهم في لَمْحِ البَصَر. وهذا يحدثُ إنْ خَضَعْتَ لَهُ وكان اهتداؤُكَ حقيقيًّا.

لذلك، فإنَّ بُولس يقول لأهل أفسس: "اسْمَعوا! أنتم تَمتلكونَ حياةً مِنْ نَوْعٍ أَسْمَى. فأنتم لا تبحثونَ عنِ الفرح والسعادة في قَعْرِ زُجاجة، بل إنكم تحصلونَ عليهما مِنَ الروح القدس الرائع". ولكن اسمعوا: إنَّ هذا ليس المعنى الرئيسيّ لِما يقوله. فقد كانت هذه جُمْلَة مُعْتَرِضَة قصيرة. أمَّا المعنى الرئيسيُّ لِمَا يقوله فسأذْكُرُهُ لكم الآن. وما أريده منكم هو أن تُصْغوا جَيِّدًا إلى ما سأقول. فالفكرة الرئيسية لبُولس هي فكرة دينيَّة. إنها فِكرة دينيَّة. فَهُوَ يتحدث عن الأنظمة الدينيَّة.

وما سأقولُهُ الآن قد يُدهشكم. لذلك أرْجو أنْ تُصْغُوا جيِّدًا. فقد كان السُّكْرُ مرتبطًا بالديانة الوثنيَّة. فقد كان الوثنيُّون يُؤمنون أنهُ لكي تَكونَ في شَرِكَةٍ معَ الآلِهة، يجب أن تَسْكَرَ لكي تَصِلَ إلى مُستوىً سَامٍ يُتيحُ لَكَ أنْ تَكونَ في شَرِكَةٍ مَعَ الآلهة. وهذا هو ما كان يُعْرَفُ بالديانات السِّرِّيَّة. وهذا هو أَصْلُ الأنظمة الدينيَّة الخُرافيَّة عند الإغريقِ والرُّومان. فقد كانوا يَعتقدونَ أنُه باستطاعتك أن تتَواصَلَ معَ الآلِهة مِنْ خِلالِ الدُّخولِ في حَالَةِ نَشْوَة. وقد كان ذلك يَظْهَرُ في شَكْلِ عَرْبَدَةٍ، وهِيَاجٍ، ورَقْصٍ دائريٍّ، وتَنويمٍ ذَاتيٍّ، وأُمورٍ شيطانيَّة. وقد كانوا يَدْعُوْنَ ذلك "إكْستاسِيا" (ekstasia) أيْ: "نَشْوَة"، وَ "إنْثوسياسموس" (enthusiasmos) أيْ: بَهْجَة غَامِرَة. فقد كانوا يَسْمَحون لأنفسهم بالانغماسِ حَقًّا في نَوْبَاتِ الجُنونِ والانفعالِ العاطِفِيِّ. كذلك، فقد كانوا يَشربونَ الخَمْرَ، ويَشْرَبونَ، ويَشربونَ إلى أنْ يَسْكَروا. وقد كانوا يظنون أنَّ ذلك يرفعهم إلى مستوى الشَّرِكَة معَ الآلِهَة.

وهذا لا يَختلف كثيرًا عَمَّا نسمعهُ اليوم. فَمِنْ وقت "تيموثي ليري" (Timothy Leary) فصاعدًا، صار الناسُ يقولون إنكَ إذا وَصَلْتَ إلى نُقطة النَّشْوَةِ بسبب المُخَدِّرات أو المشروبات الكحوليَّة، فإنكَ تَصِلُ إلى مُستوىً عالٍ جِدًّا مِنَ الوعي، أيْ أنَّ وَعْيَكَ يزداد ويَصيرُ بإمكانك أن تكونَ في شَرِكَة حَرْفِيَّة معَ الآلِهَة بمُستوىً دِينيٍّ أعلى. وأنتم تَسمعون المُتَصَوِّفين يَتحدَّثون عن ذلك. فالمُتَصَوِّفونَ الشَّرقيُّون يُرَوِّجون لذلك. والسَّحَرَة والمشعوذون يُرَوِّجون لذلك. وجميع الديانات الصُّوفيَّة الأخرى تُرَوِّجُ لذلك. وهناك أشخاص يَنغمسون في السُّكْرِ ظَنَّا مِنْهُمْ أنه يرفعهم إلى مستوىً أعلى مِنَ الوَعْيِ الديني. وهذا ليس بالأمر الجديد. فهو موجودٌ منذ بَدْءِ تاريخ الوثنية. فهذه هي تمامًا الطريقة التي تعمل بها.

والآن، اسمحوا لي أن أخبركم كيفَ حدثَ ذلك في ثقافة كنيسة أفسس وما عِلاقة ذلك بهم. فالإلَهُ العظيمُ في الأساطير الإغريقيَّة كان يُعْرَفُ باسم "زُوس". وقد كان زُوس إلهًا قويًّا جدًّا وإلَهًا عَظيمَ القُدرة. وقد وَضَعَ زُوس قُدْرَتَهُ على الإنْجابِ في "سيميلي". وقد فَعَلا ذلك دُوْنَ حَتَّى أن يَلتقيا لأنه لم يكن بمقدورِ أيِّ شخصٍ أن يَنْظُرَ إلى زُوس لأنه يَحْترق حالاً بِسَبَبِ بَهائِهِ. وكما تَرَوْنَ، فانَّ الأمر كُلَّهُ يُحاكِي مُواجهة الشيطانِ مع الله الآب. لذلك فإنَّ زُوس وسيميلي لم يَلتقيا يومًا. ولكنَّ سيميلي كانت تَحْمِلُ في أحْشائِها جَنينَ زُوس. وقدِ رَأتْ سيميلي أنهُ مِنْ حَقِّها أنْ تَرَى الأب. لذلك فقد دَخَلَتْ إلى حَضْرَةِ زُوس فاحترقَتْ حالاً في حَضرته. ولكنَّ زُوس تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ الجَنينِ (الَّذي لم يُوْلَد بعد) مِنْ أحْشائِها وَخَاطَهُ في فَخْذِهِ. هَلْ تَرَوْنَ ما حدث؟ فقد خَاطَ زُوس الجَنينَ في فَخْذِهِ وحَمَلَ الجَنين إلى أنِ اكْتَمَلَ نُمُوُّهُ وَوُلِد.

أنتم لم تسمعوا شيئًا بعد! فقد وُلِدَ الطفلُ الإلَه وقَرَّرَ زُوس أن يكون هذا الطفل الإله حاكِمًا للعالمِ وكوكبِ الأرض. فقد كان هذا الإلَهُ هُوَ الَّذي سيَحْكُمُ كَوكبَ الأرض. ولكِنْ كانت هناك كائناتٌ أو أَشْباهُ آلِهَةٍ على الأرض أَصْلاً (بِحَسَبِ الأُسطورة الإغريقيَّة). وقد كانَ هؤلاءِ يُدْعَوْنَ "الجَبابِرَة". وقد كان الجبابرة أبناءُ الأرضِ إذْ كانوا يَحكُمون الأرض. وعندما عَلِموا أنَّ ابْنَ زُوس سيأتي إلى أسفل ويَتَوَلَّى الحُكْمَ، غضبوا جدًّا. لذلك فقد أمسكوا بالطفل ومَزَّقوهُ إرْبًا إرْبًا وأَكلوه. ولكنَّ زُوس أَنْقَذَ قَلْبَ الطفلِ، وابتلعَهُ، وَوَلَدَ الطفلَ ثانيةً.

والآن يا أصدقائي، هذا هُوَ ما أَدْعوهُ "قِصَصًا غَريبةً"، ولكنْ هذا هو ما تُعلِّمه الأساطير الإغريقيَّة. وقد حصلتُ على هذه المعلومات مِن مصدرٍ مباشر. إذًا أخيرًا، بعد أنِ ابْتَلَعَ "زُوس" القلب وُلِدَ الطفلُ ثانيةً. وقد سَمَّى الطفل دَيونيسيوس. وهذا أمرٌ مهمٌ لأنَّ ذلك الاسم يَرِد في الديانة الإغريقية وفي الديانات القديمة والطقوس الدينية في بابل. فهو يَرِدُ مِرارًا وتكرارًا. فالاسم دَيونيسيوس هو اسمٌ مشهورٌ جدًّا. فإن قرأتم أي شيء عن الأساطير الإغريقيَّة، ستجدون اسمه في كل مكان. فقد كان الإله الأول للأرض. وبعد أنْ وُلِدَ دَيونيسيوس، غَضِبَ زُوس على الجبابرة وصَعَقهُم جميعًا بالبَرْقِ فتحوَّلوا إلى رَماد. ومِن هذا الرَّماد جاء الجنس البشري. وهكذا فقد صِرْتُم تعرفون القصة كاملةً.

إذًا فقد صارَ دَيونيسيوس مسيطرًا على الأرض كما يقول الإغريق. وعندما أحكم دَيونيسيوس سيطرته على الأرض، ابتدأ في تأسيس ديانةٍ. والديانةُ التي أَنشأها كانت ديانةَ هَيْمَنَة وَغَلَبَة إذْ إنَّ البَشَرَ نَشأوا مِنْ رَمَادِ الجبابرة المُحترِقين. وقد كان باستطاعة هؤلاء البشر أن يَرْتَقُوا إلى مستوى الوعي الإلهي. وقد كان بإمكانهم أن يَرْتَقُوا ليكونوا في شَرِكَة مَعَ الآلِهَة. لذلك فقد كانت تلك الدِّيانة قائمة على التَّصَوُّفِ والمشاعِر. وقد كانت ديانةً تَحوي الكثير مِنَ الموسيقى الصاخبة. ويقول الكُتَّابُ القُدَماء: لقد كانوا يَرقُصون بجُنون ويُمارسونَ الجنسَ بِطُرُقٍ مُنحرفة، وهذا كُلُّهُ بسبب السُّكْر". هل هذا واضحٌ؟ فقد كانوا يجتمعون معًا، وكانوا يبتدئون بالموسيقى، ثم الرَّقْص. وكانَ الجنون يستمر. وقد كانوا مشهورين بِبَتْرِ الأعضاء الجنسية. وكانوا يعبدون العُضْوَ الذَّكَرِيَّ. وكانوا يُنْغَمِسون في كل هذه الأمور. وعندما كانوا يَرقصون ويَشربون ويَسْكَرون، كانوا يَصلون إلى نُقطةٍ مِنَ النَّشْوَةِ يَبْتَدِئون فيها بأكْلِ اللَّحْمِ النَّيِّئِ لِثَوْرٍ مُقدسٍ يُحْضِرونَهُ بأنفُسِهِم. وأخيرًا، كانوا يهتفون بصوتٍ واحدٍ قائلينَ لدَيونيسيوس: "تعال أيُّها المُخَلِّص".

فقد كانت هذه هي عِبادتهم. وقد كانت تَتَّسِمُ بهذا النوع مِنَ الموسيقا، وهذا النوع مِنَ العبادة، وهذا النوع مِنَ الرَّقْصِ الخليع، وهذا النوع مِنَ النَّشْوَةِ، وهذا النوع مِنَ الحماسَةِ، وهذا النوع مِنَ الشذوذ الجنسيِّ. وهذا كُلُّهُ بسبب السُّكْر. وقد صار دَيونيسيوس يُعْرَف بإله الخَمْر - إلَه الخَمْر. لذلك يُمكنكم أن تَرَوا أنَّ موضوع السُّكْر بمجمله مُنْحَطٌّ ووثنيٌّ، وأنَّهُ تَشويهٌ للديانة الحقيقيَّة كما تَرَوْن. وعندما يقول بُولس: "لا تَسكروا بالخمر"، فإنه لا يُعالج مشكلةً اجتماعيَّة، بل إنه يُعالج، كما تَرَوْنَ، مشكلة لاهوتيَّة. فهو يُعالج شيئًا أعمق بكثير مِن مجرد التَّسلية واللَّهْو. فهذه خُدعة مِن خُدَع الشيطان. وهذه هي الطريقة التي يعمل مِن خِلالها الشيطان على إيقاع الأذهان والأجساد في نِظامهِ مِن خلالِ أُسلوبِ السُّكْرِ هذا.

إذًا، فقد صارَ دَيونيسيوس يُعْرَف بإله الخَمْر. وهل تَعلمون الاسمَ الرومانيَّ له؟ لقد كان اسمُه اليُونانيُّ هو "دَيونيسيوس". أمَّا اسمُهُ اللَّاتينيُّ فَهُوَ "باخُوس". وهو نفس الإله. نفس الإله: "باخوس". ومِن المُؤَكد أنكم سمعتم عن الحفلات الماجِنَةِ وحفلات السُّكْر. فباخوس هو إلَهُ الخمر. وإذا كنتم تعرفون القليل عن التاريخ الروماني، لا بد أنكم تعرفون أنَّ باخوس كان إله الخمر المَرِح والمُبْتَهِج الذي لديهِ حُورِيَّات، أيْ تلك النساءُ االسَّخيفات اللَّاتي يَمْلِكْنَ أذْنابًا بَيضاءَ سَخيفة، وتلك المخلوقات الأسطوريَّة التي تَعْزِفُ النَّاي. لذا فقد كانت هناكَ حُورِيَّاتٌ ومَخلوقاتٌ أُسطوريَّةٌ. أمَّا إلَهُ الخمر "باخوس" فَهُوَ اسْمٌ رُومانِيٌّ مُرادِفٌ لدَيونيسيوس. وقد كانت العبادة هي نفسها.

وعندما أُتيحت لي الفرصة قبل بِضع سنوات للذهاب إلى الأرض المُقَدَّسَة، تمكنتُ مِن الذهاب إلى بعضِ البلاد العربية مِثْلَ لُبنان (وتحديدًا بيروت)، وسوريَّا، والأردنّ، وهَلُمَّ جرَّا. وَعندما وصَلْنا إلى أبعد نقطةٍ في الحضارة الرومانية القديمة الشَّرقيَّة (وهي مدينة "بعَلْبَك" التي سُمِّيَتْ بهذا الاسم لِتعظيم "البَعْل")، رأينا الهياكل العظيمة التي بَنوها. وهي هياكل مُدِهشة جدًّا تحوي أحجارًا كبيرةً وضخمةً وطويلةً وصَمَّاءَ موضوعة فوق أعمدةٍ. وهناك ثَلاثةُ هياكل رئيسيَّة في بعَلْبك مُقامة في الوَسَط في المنطقة ذاتها. وقد كان هناك هَيْكَلٌ مِنْ هذه الهياكل الثلاثة في حالةٍ أَفْضَل مِنَ الهَيْكَلَيْنِ الآخَرينَ وَهو هيكل "باخوس" أو الإله "دَيونيسيوس" - إله الخمر. وقد أَخْبَرَنا الناسُ هُناك أنَّ هذا هو المكان الذي كان النَّاسُ يجتمعون فيه للعبادة.

وقد كانت الهياكل الثلاثة المختلفة تَرْمِز إلى ثلاثة عناصر مُختلفة تعبيرًا عن العبادة نفسِها. ولكنها كانت تَصِلُ إلى الذُّرْوَة في هيكل باخوس. وعندما تقتربون منْ تلك الهياكِل، تَجِدون تلك الأعمدة الضخمة والحواجز والأحجار بإشكالها المختلفة. وهي تَضُمُّ نقوشًا دَقيقةً جدًّا لا تُميِّزونها تمامًا إلا حينَ تقتربون جدًّا منها. وفجأة تُدركون أنَّ كل تلك النقوش هي لِكُرومٍ، وأوراقِ عِنَبٍ، وحَبَّاتِ عِنَبٍ مُعَلَّقَة عليها. فالهيكل كُلُّهُ مُغَطَّى حَرفيًّا بنقوش العِنَب والكُروم لأنَّ هذا هو مِحْوَر عبادتهم. فقد كان المِحْوَرُ هو السُّكْر. وقد أَخبرَنا الناسُ هناك أنَّ القدماء صَمَّموا هذا المكان بطريقةٍ تَسْمَحُ بانْسِيابِ الخمر فيه - أيْ ما يَنْسَكِبُ مِنَ الخَمْرِ على الأرْضِ وما يَتَقَيَّأهُ الناسُ مِنَ الخمر لكي يَجْري ويسيرَ في مَجْرىً مُعَيَّن إلى خارج الهيكل. لذلك فقد كانت تلك عَرْبَدَة سَبَبُها السُّكْر. وقد كانوا ينغمسون أثناء ذلك في الجِنْسِ وما شابه ذلك.

إذًا، هذهِ هي الخَلفيَّةُ لِما يقوله بُولس هنا - كما تَرَوْن. فهو ليس أمرًا اجتماعيًّا فحسب، بل إنه أمرٌ لاهوتيّ. وهو يقول لمؤمني أفسس: "لقد جِئْتُم مِنْ خَلفيَّةٍ كنتم فيها تَسْعَوْنَ إلى الشَّركَة معَ الآلهة مِنْ خِلال السُّكْر. ولكني أقول لكم: "إذا أردتم أن تكونوا في شَرِكَةٍ حقيقيَّةٍ معَ اللهِ، امتلِئوا بماذا؟ بالروح". وهذا حَقٌّ عظيم. أليس كذلك؟ فهذا هو حَقًّا لُبُّ ما يقول. وهذا هو ما يقوله لنا. فنحن لسنا في حاجةٍ إلى أمورِ العالمِ الاصطناعيَّة. فإذا أردت أنْ تَصِلَ إلى أعلى درجات الوَعْيِ الدِّينيِّ، ادْخُل إلى حَضْرَةِ الله مِنْ خلال الامتلاءِ بالروح.

ويجب أن تعلموا أنَّ هذا الفساد نفسه كان وراء ما يجري في كنيسة كورنثوس أيضًا. انظروا معي إلى ما جاء في رسالة كورنثوس والأصحاح العاشر. فالحقيقة هي أنَّ مشكلة كنيسة كورنثوس بِرُمَّتِها كانت هي أنهم لم يتمكنوا مِنْ فَصْلِ أنفسهم عنِ النظام الشرير القديم. فَهُمْ لم يتمكَّنوا مِنَ الانفصال عنِ العالم. فَأيًّا كان الفساد الذي عَرفوه في الوثنية، فقد نَقَلوه إلى الكنيسة. فإن كانوا مَيَّالينَ إلى الخِصامِ في حياتهم الوثنيَّة، كانوا مَيَّالينَ إلى الخِصامِ في كنيستهم. وإن كانوا يَعْبُدون الأبطال في حياتهم الوثنية، صَاروا يَعبُدون الأبطال في كنيستهم. وإن كانوا مَفْتونين بفلاسفةٍ مُعَيَّنينَ في حياتهم الوثنية، فَعَلوا الأمر ذاتَه في حياتهم الكنَسِيَّة. وإن كانوا يُقَاضُون بَعْضُهُمْ بعضًا في حياتهم الوثنيَّة، صَاروا يُقَاضُون بَعْضُهُمْ بَعضًا في حياتهم الكَنَسِيَّة. وإن كانوا مُتكبِّرين ومَغرورين وعَديمي الحِسِّ في حياتهم الوثنية، كانوا كذلك أيضًا في الكنيسة. وإنْ كانوا فاشلين في إنجاح علاقاتِهم الزَّوجيَّة في حياتهم الوثنية، فإنهم لم ينجحوا فيها في الكنيسة أيضًا. وإن كانت لديهم مشكلة بخصوص اللُّحومِ المُقَدَّمَةِ للأصنام في حياتهم الوثنية، كانت لديهم المشكلة نفسها عندما صاروا مؤمنين. وإن لم يكونوا يعرفون ما يفعلونهُ بخصوص مواهب الروح ولم يكونوا يُمَيِّزون مواهب الروح الحقيقية في الكنيسة فإنَّ السَّببَ في ذلك هو أنهم شَوَّهوا وأَفْسَدوا كُلَّ شيءٍ بسبب الوثنيَّة.

ولا يمكن أن تفهموا معنى الأَلْسِنَة أو النُّبوءات أو أيّ شيءٍ وَرَدَ في رسالة كورنثوس الأولى 12- 14 إلَّا إذا فهمتم ما كان يجري وراءَ الكواليسِ في العالم الوثنيّ. فقد كانت الأمور مُشَوَّشَةً جدًّا. وكان كل شيء مُزيَّفًا في كنيسة كورنثوس. والأمر كُلُّه كان مُخْتَلِطًا بَعْضُهُ ببعض لأنهم نَقلوا كل شيء مِنَ الوثنية إلى الكنيسة. وبإقحامِ الوثنيَّةِ في ذلك أَفْسَدُوا كُلَّ شيء.

والآن، إذا نَظَرْنا إلى الكنيسة الباكرة وإلى الكنيسة اليوم، ما الفريضة الوحيدة والذِّكرى الجميلة الوحيدة التي أَوْصَي اللهُ بها الكنيسةَ بِصِفَتِها أَسْمَى شَكْلٍ مِن أشكال العبادة؟ ما هي؟ إنها عَشاءُ الرَّبِّ. أليس كذلك؟ فالفريضةُ التي أَسَّسَها رَبُّنا يسوعُ المسيحُ نفسُه لكي يَرفَعَنا إلى حَضرته، والفريضةُ التي أَسَّسَها الربُّ لنا لكي نَتذكَّره، والفريضة التي أسسها الرب لكي نكون في شركة معه هي مَائِدَتُه. وكما تَرَوْنَ، فإنَّ مؤمني كورنثوس كانوا مُعتادين على الشركة مع آلهتهم مِنْ خلال السُّكْر. لذلك عندما جاءوا إلى مائدةِ الربِّ، خَمِّنوا ماذا أَحْضَروا إليها. السُّكْر!

لهذا السَّبَب تَحديدًا، فإنَّ بُولس يَتحدث عنْ هذا الموضوع في الأصحاح العاشر والعدد 16. وهو يقول لهم: "كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟ فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ". بعبارة أخرى فإنَّ ما يقوله لهم هو: "اسْمَعوني! نحنُ جميعًا واحدٌ. فنحن نَشترك في خُبْزٍ واحدٍ، وكأسٍ واحدةٍ، وجسدٍ واحدٍ". فهذا هو لُبُّ ما يقول إذْ إنه يَتحدث عن الوَحدة؛ ثم إنه يَمضي فيقول في العدد 20: "بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ الأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لاَ للهِ. فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ شُرَكَاءَ الشَّيَاطِينِ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْرَبُوا كَأْسَ الرَّبِّ [الَّذي هُوَ كأسُ شَرِكَةٍ] وَكَأْسَ شَيَاطِينَ" [الَّذي هُوَ كَأسُ سُكْرٍ]. أَتَرَوْن! فلا يمكنكم أن تفعلوا هذَيْن الأمْرَيْن معًا. لماذا؟ نَقرأُ في العدد 16: لأنَّنا نَشترك مع المسيح في جسدٍ واحدٍ. ثم نقرأ في العدد 17: "فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ". فلا يمكنكم أنْ تُقَسِّموا ذلكَ بتلك الطريقة. فلا يمكنكم أن تَقبلوا المسيح وأنْ تشتركوا في كأسِهِ، وأنْ تستمرُّوا في التَّسَكُّعِ هُنا وهُناك، وفي الشُّرْبِ والعَرْبَدَةِ والسُّكْر، وفي عبادة أصْنامٍ شيطانيَّةٍ. لا يمكنكم أن تفعلوا ذلك. ولا يمكنكم (بحسب العدد 21) أن "تَشْتَرِكُوا فِي مَائِدَةِ الرَّبِّ وَفِي مَائِدَةِ شَيَاطِينَ". فلا يمكنكم أنْ تدمجوا بين الأَمْرَيْن. فهذا يُثيرُ غَيْرَةَ الربِّ. وإنْ أردتُم أن تُثيروا غَيْرَتَهُ، ينبغي أن تكونوا أقوى مِنه.

وكما تَرَوْنَ، فإنَّ هذا هو جوهر الأمر بِرُمَّتِه. فقد كانوا يشربون كأس الربِّ التي هي كأس الشركة الرائعة إذْ يَتذكَّرونَ مِنْ خِلالِها المسيح. ثُمَّ كانوا يذهبون لِشُرْبِ كأس الشياطين التي هي كأس السُّكْر - ظَنًّا منهم أنهم يَصِلونِ إلى أعلى مُستوىً مِنَ الوَعْيِ الدِّينيِّ مِنْ خِلال السُّكْر. وقد قال رَبُّنا إنك تستطيع أن تَصِلَ إلى أعلى مُستوىً مِنَ الوعي الدينيِّ والروحيِّ مِنْ خلال الاشتراك في كأس الذِّكْرَى. ويا لها مِنْ مُفارَقَةٍ جَميلة.

والآن افتحوا على العدد 19 مِنَ الأصحاح 11 حيثُ نَرى بوضوحٍ تامٍّ أنَّ هذا هو ما كانوا يَفعلونه. وهو يقول: "لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ بِدَعٌ أَيْضًا". أيْ: "مِنَ الواضِحِ أَنَّ بَيْنَكُمْ بِدَعٌ". ولكِنْ يجب أنْ تُمَيِّزوا بين الصَّوابِ والخطأ. ثُمَّ انْظُروا إلى العدد 20: "فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا" – وَإليكُمْ التَّرجمة اليونانيَّة: "لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ". فعندما تَجتمعون معًا، قد تَدْعونَ ذلكَ الاجتماع "مائدةَ الربِّ". وقد تَقولون: "حسنًا يا رِفاق! سَنُقَدِّم مائدةً الآن". وقد تقولونَ إنَّها مائدةُ الربِّ، ولكنَّها ليست كذلك: "لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْبِقُ فَيَأْخُذُ عَشَاءَ نَفْسِهِ فِي الأَكْلِ". أيْ: هَذِهِ شَراهَةٌ. "فَالْوَاحِدُ يَجُوعُ وَالآخَرُ يَسْكَر". بعبارة أخرى، إنَّ ما تفعلونه هو ليسَ مائدةَ الربِّ، بل هو مائدة شَياطين. فأنتم تقومون بذلك بالطَّريقة الَّتي اعْتَدْتُمْ عليها سابقًا؛ أيْ بالطَّريقة الوَثنيَّة.

وكما تَرَوْنَ، فإنَّ هذا هو ما كان يجري في الكواليس. فهذه هي القضيَّةُ هنا. فَهُوَ يُبَايِنُ بين زِيْفِ الشيطانِ والعبادة الحقيقيَّة للهِ والشَّرِكَة الحقيقيَّة. وأنا أحاولُ أنْ أُبَيِّنَ لكم ما يقوله، يا أحبَّائي. فهو يقول: لا تعبدوا الله بالطريقة التي اعتدتم عليها. والحقيقة هي أنَّ هذا الأمر لا يَمَسُّ ثَقافتنا لأننا لم نَعْتَدْ على عبادة الله ونحن سُكَارى - على ما أرجو. ربما كان البعض منكم مُتَوَرِّطًا في إحدى البِدَعِ الصُّوفيَّةِ حيث تَشعرونَ بالنَّشْوَةِ بسبب المُخَدِّرات وتظُنُّون أنكم قد وصلتم إلى مستوىً عالٍ مِنَ الوعي الدينيِّ. لا أدري! ولكنَّ هذا هو ما يقوله بولسُ هنا لأنَّ أهل أفسس كانوا مُنغمِسين في هذا النظام الدينيِّ الزائف. لذلك، فقد كان يقول لهم: تعالَوْا إلى العبادة الطَّاهرة. ولا تسمحوا لأيِّ شيءٍ بأنْ يُزَيِّفَ ما يُريد الروحُ أن يفعله. ولا تسمحوا لأيِّ شيءٍ بأن يُزيِّفَ ما يستطيع الله أن يفعلهُ مِن خلال مَلْئِكُمْ بِروحِهِ. ويا له مِن حَقٍّ رائعٍ! فهذا حَقٌّ عظيم. فنحن لا نحتاج إلى أيِّ شيءٍ في العالم. فكما تَعلمون، فإنَّ الشيطان هو القِرْدُ الذي يُقَلِّدُ الله. وهو عاكِفٌ دائمًا على إضافةِ بعضِ الأشياء المُصطنَعةِ كالفَرَحِ الزَّائِفِ، والشركةِ الزَّائفةِ، والمائدةِ الزَّائفة. وأعتقد أنَّ هذا هو تمامًا ما قَصده بُولس في رسالته إلى أهل أفسس.

والآن، يُمكنكم أن تنظروا مَرَّةً أخرى إلى الأصحاح الخامِس مِنْ رِسالة أفسُس. واسمحوا لي أن أُبَيِّن لكم أمرًا مُدهشًا. فالسببُ في أنَّني أرى أنَّ الأمرَ دينيٌّ هو سِياقُ النَّصِّ. فعندما كان هؤلاءِ الناسُ المُنغمسونَ في تلك الديانات الوثنية يَسْكَرون، كانوا يُمارسون طُقوسَهم الدينيَّة. فعندما كانوا يَسْكَرون كانوا يَبدأون بالغناءِ والرقصِ والمُمارساتِ الجامِحَةِ. وهذا هو ما كان يَدورُ في ذِهْنِ بولس هُنا. وهذا واضحٌ لأنه يَتَحَدَّثُ بَعْدَ العدد 18 عنِ العبادة المسيحيَّة الحقيقيَّة في العدد 19. فالعبادة المسيحيَّة الحقيقيَّة تعني: أنْ تُكَلِّموا "بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، للهِ وَالآبِ. خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ". وكما تَرَوْنَ، فإنه يُبَايِنُ بينَ العبادة الروحيَّةِ الحقيقيَّةِ والعبادةِ الزائفةِ التي ابْتَدَعَها الشيطان. فهذا هو قَصْدُهُ. وأعتقد أنكم تُدركون ذلك.

لذلك فإنك لست شخصًا مُمَيَّزًا حين تَسْكَر. فأنت لا تُمَيِّزُ نَفسَكَ بهذه الطريقة البتَّة. فحين تَسْكَر، فإنَّكَ لستَ مُمَيَّزًا في شيءٍ، بل إنك تُصَدِّقُ كِذْبَة الشيطان القديمة. ولا توجد حضارة في العالم إلَّا وابْتَكَرَتْ وسيلةً للسُكْرِ لأنَّ الشيطان هو الَّذي يَقِفُ وراء ذلك في كُلِّ مَرَّة. وقد سِرْتُ على الطُّرُقات في أدغالِ إِكوادور وشاهدتُ الهنودَ يَترنَّحون مِنْ جانبٍ إلى آخر بسببِ مَوادَّ يَصْنَعونها مِنْ أشياءٍ يَطحنونها تحت أقدامهم وبواسطة الأحجار. وهناك أمرٌ مُشابهٌ في كل ثقافةٍ عَرَفْتُها. فقد رأيتُ ذلك في العالم العربيّ. وقد رأيت ذلك في كُلِّ مكانٍ آخر، وفي كل بَلَدٍ زُرْتُهُ ومدينةٍ ذهبتُ إليها. فقد ابتدأ الأمر بالشعوب القديمة. وأعتقد أنَّ هذا كانَ جُزءًا مِنَ اللَّعْنَة. فأعتقد أنه عندما لَعَنَ اللهُ الأرضَ، صَار مِن الممكن أن يكون ثَمَرُ الأرضِ فاسدًا. وقدِ اسْتَخْدَمَ الشيطانُ ذلكَ كسِلاحٍ مُدَمِّرٍ.

لذلك فإنَّ بوُلس يقول: "لاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ". واسمحوا لي أن أقول شيئًا بخصوص الكلمة "خَلاعَة" (أو باليونانيَّة: "أَسُوتِيَا" [asotia]). فَهِيَ تُشيرُ إلى الإسرافِ أوِ الانغماسِ في شيءٍ ما. لذلك: لا تَسْكَروا لأنَّ السُّكْر يُؤدِّي إلى الخَلاعة. ويُمكنُنا أنْ نُترجم الكلمة "أَسُوتِيَّا" أيضًا: "فُسْق" أوْ "فُجور". "بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ". ويا لَهُ مِنْ تَبايُنٍ جَميلٍ، وَرائعٍ، وبَسيط.

انظروا إلى حياتكم. ما الذي يُسيطر عليها؟ وأين تجدون فرحكم؟ وأين تجدون نَشْوَتَكُمْ؟ وأين تجدون راحتكم؟ في زجاجة؟ لا! فهذا مُصطنعٌ جدًّا. وقد يقول أحدكم: "ولكنَّ الكتاب المقدَّس يقول: ’لا تَسْكَروا بالخمر‘. ولكن ماذا عن شُرْبِ الخمر دون السُّكْرِ بها؟ ماذا بهذا الخصوص؟" سوف نتحدث عن ذلك في المَرَّة القادمة. وسوفَ أُشارِكُ مَعَكُمْ في صباح الأحد المُقبل سَبْعَةَ مبادئَ تَعْرِفونَ مِنْ خلالها ما يجب أن تفعلوه بهذا الخصوص. والآنْ، لِنَحْنِ رؤوسَنا للصَّلاة:

نشكرك يا أبانا لأنك ساعَدْتَنا في هذا الصباح على التَّأمُّل في كلمتك. وصلاتي يا رَبُّ هي أن يكون لهذه الآية القصيرة، المذكورة بطريقة عادية تمامًا في وَسَطِ هذه الرسالة، أن يكون لها تأثيرٌ على حياتنا أكثر مِن أيِّ وقتٍ مَضى. فما تقوله لنا هو أننا نمتلك مصدرًا جديدًا تمامًا للفرح، والتَّعزية، والنَّشوة، والشُّعور بالرِّضَى، والشركة معك أكثرَ مِنْ كُلِّ الأشياءِ الَّتي عَرَفَها العالمُ يومًا وذلك مِنْ خِلال الامتلاء مِنَ الروحِ القُدُس. فالعالمُ يُريد أن يَمْلأَ نفسه بأشياءٍ كثيرةٍ كالخمر، والمشروبات الكحوليَّة، والمال، والمُتْعَة، والممتلكات. ولكنك تقول لنا ببساطة: "امتلئوا بالرُّوحِ وابْقَوْا هكذا لِكَيْلا تكون رُدودُ أفعالكم مُصْطَنعة كما هي حال أهْلِ العالم، بل أنْ تُكَلِّموا "بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ" ... وَ "خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ" ... وأنْ تُحِبُّوا أَزْواجَكُنَّ، وَتُحِبُّوا زَوْجاتَكُمْ، وَتَعْتَنوا بأبنائِكُم، وَكُلَّ هذهِ الأمورِ المذكورة في هَذا النَّصِّ.

لذلك ساعِدْنا، يا أبانا، على أنْ نَعْرِفَ بساطة أنْ نكون خاضِعين لروحِكَ. وساعدنا أنْ نَعْلَمَ أنَّكَ تَرْغَبُ (أكثرَ مِنْ أيِّ شيءٍ آخر) في أنْ تَملأنا بروحكَ، وأنَّ كل ما تَطلُبُهُ مِنَّا هو أنْ نُفْرِغَ أنفُسَنا مِنْ أنْفُسِنا لكي يتمكَّنَ الرُّوحُ مِنَ الحُلولِ في ذلكَ الفَراغِ وَمِنْ مَلْئِنا لكي نكونَ في شركةٍ مَعك، ولكي نَصِلَ إلى درجاتٍ مِنَ الوَعْيِ الرُّوحيِّ الَّتي لم نَحْلُمْ بها يومًا، ولكي نَفهم مَعنى الامتلاءِ بكُلِّ مِلْء الله، ولكي نَفهم معنى أن نتمكَّنَ مِنْ أنْ نَفعلَ أكثر جِدَّا مِمَّا نطلب أو نفتكر بحسب القوَّة الَّتي تَعمل فينا. وإذْ نَتَرَقَّبُ بشوقٍ، يا رَبُّ، المَرَّة القادمةَ لكي نتحدَّثَ عن هذا الموضوعِ المُختصِّ بما إذا كان يَجوزُ للمؤمنِ المسيحيِّ أنْ يَشْرَبَ الخَمْرَ، ساعِدْنا على أنْ نُهَيِّئ قُلوبَنا لما تقولُهُ كَلِمَتك. ونحن نَشكُرُك على شَرِكَتِنا في هذا الصَّباح. باسْمِ يَسوع. آمين.

This sermon series includes the following messages:

Please contact the publisher to obtain copies of this resource.

Publisher Information
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969

Welcome!

Enter your email address and we will send you instructions on how to reset your password.

Back to Log In

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize
View Wishlist

Cart

Cart is empty.

Subject to Import Tax

Please be aware that these items are sent out from our office in the UK. Since the UK is now no longer a member of the EU, you may be charged an import tax on this item by the customs authorities in your country of residence, which is beyond our control.

Because we don’t want you to incur expenditure for which you are not prepared, could you please confirm whether you are willing to pay this charge, if necessary?

ECFA Accredited
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Back to Cart

Checkout as:

Not ? Log out

Log in to speed up the checkout process.

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize