Grace to You Resources
Grace to You - Resource

في ضَوْء ما سَنَدْرُسُهُ في هذا الصَّباح، أرجو أنْ تَفتحوا على رسالة أفسُس والأصحاح السَّادس. ونحنُ نَتأمَّل في الأعداد 13-17 ونَدْرُسُ عَنْ سِلاحِ المُؤمِن. وأوَدُّ أن أقرأَ الآيات مِنْ 13 إلى 17 لِتَهْيِئَةِ أذهانِنا وقُلوبِنا لِدَرْسِ اليوم:

"مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ الله".

هناكَ وقتٌ في حياةِ "مارتن لوثر" (Martin Luther) صارَ فيه صِراعُهُ معَ الشَّيطان شَديدًا جِدًّا حَتَّى إنَّهُ ظَهَرَ في شكلِ صِراعٍ جَسَدِيّ إذْ إنَّ لوثر غَضِبَ مِنَ الشَّيطانِ فما كانَ مِنْهُ إلَّا أنْ أَمْسَكَ دَواةَ الحِبْرِ وَضَرَبَ الشَّيطانَ بها. وقد انكَسَرَتْ دَواةُ الحِبْرِ فَتَناثَرَ الحِبْرُ على الجِدارِ كُلِّه. وقد بَقِيَتْ آثارُ الحِبْرِ سَنواتٍ عديدة لِتُذَكِّرَ أُناسًا عَديدين بِحَقيقةِ الصِّراعِ في حَياتِهِ الشَّخصيَّة. وَهذا الصِّراعُ لا يَقِلُّ واقِعِيَّةً في حَياتِنا، معَ أنَّنا قد لا نَخْتَبِرْهُ بالضَّراوةِ الرُّوحيَّةِ الَّتي اخْتَبَرها مارتن لوثر، إنْ جازَ التَّعبير. فالمؤمنُ والشَّيطانُ يَخوضانِ حَرْبًا مُميتة. ونحنُ نقرأ في العدد الثَّاني عشر مِنْ رسالة أفسُس والأصحاح السَّادس: "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا". والفِعْلُ المُستخدَم هُنا هو لَفْظٌ يَصِفُ صِراعًا يَدويًّا يُؤدِّي إمَّا إلى الحياةِ وإمَّا إلى الموت.

والحقيقة هي أنَّ اللهَ لَديهِ مَقاصِد سامِيَة، ومُقَدَّسة، وعالية، وعظيمة، ومَجيدة للمؤمن حَتَّى إنَّهُ يَدعونا إلى السُّلوكِ بطريقة تُحَتِّمُ علينا الانفصالَ عنِ النِّظام. وهذه مَقاصِد تُؤدِّي إلى تَمْجيدِ الله. ولكِنْ مِن جهة أخرى، فإنَّ الشَّيطانَ يَفعلُ، وسيَستمرُّ في فِعْلِ كُلِّ ما في وُسْعِه لِمَنْعِنا مِنْ تَحقيقِ مَقاصِدِ الله. لِذا، هناكَ حربٌ في حياةِ المؤمن. وأعتقد أنَّ الحربَ تَبتدئ حقًّا في لحظة الخلاص، وحَتَّى قبلَ الخلاص، حينَ يَسْمَعُ المَرءُ رِسالةَ الإنجيل. ووفقًا لكلماتِ رَبِّنا، فإنَّ الشَّيطانَ يُحاولُ أنْ يَخْطَفَ الرِّسالة حَتَّى يَمنعَ الشَّخصَ مِنَ التَّجاوب. وحينَ نَصيرُ مُؤمِنين، ونكونُ ما زِلْنا أطفالاً في الإيمان، فإنَّهُ يَضَعُ في طَريقِنا فَيْضًا مِنَ العقائدِ الزَّائفة لكي يُزَعْزِعَنا، ويَجعلَنا نَتَخَبَّط، ويُبْعِدَنا عنِ الحَقّ. وَهُوَ يَقْصِفُنا، ويُحاصِرُنا، ويَتَّهِمُنا دُوْنَ هَوادَة طَوالَ حياتِنا. وإنْ رَجَعْتُم إلى الوقتِ الَّذي تَرَوْنَ فيهِ يسوعَ يَدْخُلُ العالم، سَتَرَوْنَ أنَّ الشَّيطانَ يَفعل كُلَّ ما في وُسْعِه لكي يُقْتَلَ يَسوعُ على يَدِ هيرودُس. فهو يَفعل كُلَّ ما في وُسْعِه في أثناءِ حياةِ المسيح لكي يَتَسَبَّبَ في قَتْلِه، أوْ لكي يَطْرَحَهُ مِنْ فوقِ الجَبَل، أو لكي يَجْعَلَهُ يُصْلَب. ولكِنَّ يَسوعَ غَلَبَ كُلَّ هذهِ المُحاولات.

وتَجِدونَ في سِفْر أعمال الرُّسُل أنَّهُ عندما ابتدأتِ الكنيسةُ في حَمْلِ رسالةِ يسوعَ المَسيح، فإنَّ الشَّيطانَ يُقاوِمُهُم طَوالَ الطَّريق. فعندما ابتدأَ بولسُ في رِحْلاتِهِ التَّبشيريَّةِ لتوصيلِ الإنجيلِ إلى العالم، تَصادَمَ مَعَ سَحَرَةٍ، ومُنَجِّمينَ، وأشخاصٍ مَسْكونينَ بالشَّياطين يُحاولونَ أنْ يُحْبِطوا عَمَلَهُ. وقدْ قُوْبِلَ بُطرسُ في يومِ الخمسين بالعَداوة. ومِنْ ذلكَ الوقت فصاعِدًا، ابتدأَ الاضطهادُ على تلكَ الكنيسة. وقد عُقِدَ مَجْلِسُ اليهودِ الأعلى لاستجوابِ هؤلاءِ الرُّسُل وَأَمْرِهِمْ بأنْ يَلْزَموا الصَّمْت. وطَوالَ العهدِ الجديد، تَعَرَّضَ الإنجيلُ للمقاومة مِنَ الشَّيطان.

وأخيرًا، عندما تَرَسَّخَتْ جُذورُ الكنيسةِ وصارَ لها أَساسٌ، وابتدأت في التَّقَدُّمِ قَرْنًا بعدَ قَرْن، ابتداءً مِنَ الوقتِ الَّذي يُعْرَفُ بِسَنَةِ الرَّبِّ، فإنَّ القُرونَ الثَّلاثةَ الأولى شَهِدَت اضطهادًا شديدًا مُتواصلاً للكنيسة، ومَوْتَ المؤمنين، واستشهادَ أولئكَ الَّذينَ يُحِبُّونَ الرَّبّ. ثُمَّ إنَّنا نَصِلُ إلى أَهْوالِ العُصورِ المُظلِمَة حيثُ اخْتَفَتْ شَهادةُ الإنجيلِ بأسْرِها تَقريبًا، باستثناءِ عَدَدٍ قليلٍ مِنَ المَجموعاتِ الأمينة الَّتي آمَنَتْ بالحَقِّ طَوالَ ذلكَ الوقت. وأخيرًا، في زمنِ الإصلاح، بَزَغَ النُّورُ مِن جديد. ونحنُ نَسمَعُ صَوْتَ الإنجيلِ يَتَرَدَّدُ عاليًا وبوضوح مَعَ وِلادةِ الكنيسةِ البروتستنتيَّة. ثُمَّ انْدَلَعَتِ الحربُ على ذلكَ الصَّعيد بينَ الكنيسةِ الرُّومانيَّة والكنيسةِ البروتستنتيَّة.

وأخيرًا، نَصِلُ إلى يومِنا هذا، وهو اليومُ الَّذي صارت فيهِ البروتستنتيَّة راسخة جدًّا، والإنجيلُ مَعروفًا. ثُمَّ جاءَتِ العَصْرَنَة، وجاءَ التَّحَرُّر، وجاءَت الأرثوذكسيَّة المُحْدثَة، وعِلْمُ النَّفْسِ، وكُلُّ هذه الأشياءِ الأخرى؛ هذا عَدا عنْ هَجَماتِ الشُّيوعيَّة، والنَّزعة البشريَّة، والنَّزعة الماديَّة، ومَذهب المُتعَة، وكُلِّ المَذاهبِ الأخرى. لِذا فإنَّنا نَرى مِنَ البداية إلى الآن أنَّ هناكَ مَعركة عنيفة بينَ الشَّيطانِ وإنجيلِ المسيح. وهي ليست فقط معركة بينَ المَذاهِب، وهي ليست فقط مَعركة بينَ الأيديولوجيَّات؛ بل هي مَعركة في حياةِ كُلِّ فَرْد إذْ إنَّ الشَّيطانَ يُهاجِمُ العملَ الَّذي يحاولُ اللهُ أنْ يُحَقِّقَهُ في حياةِ أولادِه. لِذا، هناكَ حرب. وهذا هو السبب الَّذي جَعَلَ بولُس يَخْتِمُ رسالة أفسُس بهذه الطريقة. ولا شَكَّ أنَّ لدينا موارِد في الأصحاحاتِ الثَّلاثة الأولى. ولا شَكَّ أنَّنا نَعلمُ أنَّهُ يجب علينا أنْ نَعيشَ كَما يَحِقُّ للإنجيل في الأصحاحات الَّتي تَليها. ولكِنْ ستكونُ هناكَ مُقاومة. لِذا فإنَّهُ يَخْتِمُ الرِّسالة بهذه الطريقة. فالشيطانُ يُقاومُ كُلَّ شيءٍ يَفعلُهُ اللهُ. فمثلاً، إنَّ يَسوعَ يُعْلِنُ الحَقَّ إذْ نَقرأُ في إنجيل يوحنَّا 1: 17 إنَّهُ مَملوءٌ نِعْمَةً وَحَقًّا. والشَّيطانُ يُخفي الحَقَّ إذْ نَقرأُ في إنجيل يوحنَّا 8: 44 أنَّهُ الكَذَّابُ وأبو الكَذَّاب. لِذا فإنَّ يسوعَ يُعْلِنُ الحَقَّ، في حين أنَّ الشَّيطانَ يُخفيه.

مِن جهة أخرى، يُخبرنا الكتابُ المقدَّسُ في إنجيل يوحنَّا 5: 24 أنَّ يسوعَ يُعطي حياةً. فهو يقول إنَّ الآبَ أعطاهُ حَياةً، وإنَّهُ يُعطي حياةً لِمَنْ يَشاء. والشَّيطانُ يُدْعى في يوحنَّا 8: 44 "قَتَّالاً". فهو يَسْلِبُ الحَياة. ونقرأ عنهُ في الرسالة إلى العِبرانيِّين 2: 14 إنَّ الشَّيطانَ لَهُ سُلْطانُ الموت. لِذا فإنَّ يسوعَ يُعطي حياةً، في حين أنَّ الشَّيطانَ يَسْلُبُ الحياة. ويَسوعُ يُعْلِنُ الحَقَّ، في حين أنَّ الشَّيطانَ يُخفي الحَقّ. كذلكَ فإنَّ يسوعَ يُعطي ثَمَرًا رُوحيًّا. فبحسب ما جاءَ في رسالة غلاطيَّة 5: 22، فإنَّ يَسوعَ يُثْمِرُ في حياتِنا: مَحَبَّة، فَرَح، سَلاَم، لُطْف، صَلاَح، إِيمَان، وَدَاعَة، تَعَفُّف. أمَّا الشَّيطانُ فيُنشئ ثَمَرًا جسديًّا. وهذا الثَّمر مَذكورٌ أيضًا في غلاطيَّة 5. وَأَعْمَالُ الجَسَدِ هِيَ: "زِنى، عَهَارَة، نَجَاسَة، دَعَارَة، عِبَادَةُ الأَوْثَان، سِحْر، عَدَاوَة، خِصَام، غَيْرَة، سَخَط، تَحَزُّب، شِقَاق، بِدْعَة، حَسَدٌ، قَتْلٌ، سُكْرٌ، بَطَرٌ، إلخ".

ويسوعُ، كما يقولُ الكتابُ المقدَّس، يُمَحِّصَنا لكي يَجْعَلَنا ناضِجين. فنحنُ نقرأ في رسالة يعقوب والأصحاح الأوَّل أنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِنا يَجْعَلُنا كامِلين. أمَّا الشَّيطانُ فيُجَرِّبُنا لكي يُدَمِّرَنا. فهو (كما يقولُ بُطرس): "كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ". لِذا، مِن جهة أخرى، فإنَّ يسوعَ يُعْلِنُ الحَقَّ، في حين أنَّ الشَّيطانَ يُخفيه. وَيسوعَ يُعطي حياةً، في حين أنَّ الشَّيطانَ يَسْلُبُ الحياة. ويسوعَ يُعطي ثَمَرًا رُوحيًّا، في حين أنَّ الشَّيطانَ يُنشئُ رَذيلةً وثَمَرًا جسديًّا شِرِّيرًا. ويسوعُ يُمَحِّصَنا لكي يَجعلَنا ناضِجين، في حين أنَّ الشَّيطان يَلْتَمِسُ أنْ يَبْتَلِعَنا وأنْ يُدَمِّرَنا. ونحنُ نَقرأ في إنجيل يوحنَّا 8 الكلماتِ التَّالية: "إِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا". ونقرأ في رسالة تيموثاوس الثانية 2: 26 إنَّ الشَّيطانَ يَجْعَلُكَ عَبْدًا. وفي رسالة يوحنَّا الأولى 2: 1، نَرى أنَّ يَسوعَ يُدافِعُ عنِ المؤمن إذْ نَقرأ: "وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ". ولكنَّنا نقرأ في سِفْر الرُّؤيا 12: 10 أنَّ الشَّيطانَ يَتَّهِمُنا. لِذا، هناكَ هذا الصِّراع الهائل الدَّائر طَوالَ الوقتِ بينَ اللهِ والشَّيطان في حياةِ المؤمن.

والآنْ، كيفَ يمكننا أنْ نَفوز؟ وكيفَ يمكننا أنْ نَختبِر النُّصرة؟ وكيفَ نَتخَطَّى شُكوكَنا؟ وكيفَ نَرتفِع فوقَ خطايانا؟ وكيفَ نَتغلَّب على عَدَمِ مُبالاتِنا؟ وكيفَ نُحَقِّقُ النُّضْجَ الرُّوحيَّ الَّذي يَدعونا اللهُ إليه؟ وكيفَ نعيشُ كما يَحِقُّ لِدَعْوَتِنا السَّامية والسّماويَّة؟ وكيفَ نَهْزِمُ الشَّيطان؟ وكيفَ نُحْرِزُ النَّصْر؟ حسنًا! إنَّ الكتابَ المقدَّسَ يُعطينا الحُلول. والحقيقة هي أنَّ العهدَ الجديدَ يُعطينا أجوبة رئيسيَّة عديدة. وأنا أُريدُ أنْ أُشارِكَ هذهِ الأجوبة معكم. وهذهِ دِراسة لاهوتيَّة مُصَغَّرة عن كيفيَّة تَعامُل المؤمن معَ الشَّيطان. وبالمناسبة، هذا هو ما يُعَلِّمُهُ الكتابُ المقدَّسُ عن كيفيَّةِ تعامُلِكَ معَ الشَّيطانِ في حياتِكَ الشخصيَّة لأنَّ الصِّراعَ دائمٌ ومُستمرّ. وهناكَ أُناسٌ اليوم يريدونَ أنْ يُرَوِّجوا لِطَرْدِ الشَّياطين، ولممارسة طُقوس مُعَيَّنة. وَهُم يَستخدِمونَ صِيَغ مُحَدَّدة للتَّعامُل مع الشَّيطان. ولكِنْ إليكم ما يَقولُهُ الكتابُ المقدَّس. فسوفَ أذكُرُ لكم خمسة أو سِتَّة مبادئ. وسوفَ نَبتدئ بالحديثِ عنها ثُمَّ نَتَدَرَّجُ فيها:

أوَّلاً، لكي نَختبرَ النُّصْرة على الشَّيطان، يجب علينا أنْ نُدركَ أنَّ المسيحَ قد وَجَّهَ أصلاً ضَربةً قاضيةً إلى الشَّيطان، وأنَّ المسيحَ قد غَلَبَهُ أصلاً. فنحنُ نقرأ في رسالة يوحنَّا الأولى 3: 8 أنَّ يسوعَ جاءَ لكي يَنْقُضَ أعمالَ إبليس. ونقرأ في الرسالة إلى العبرانيِّين 2: 14 أنَّهُ جاءَ لكي يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، وَلكي يُعْتِقَنا نحنُ الَّذِينَ كُنَّا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِنا تَحْتَ العُبُودِيَّة. لِذا، يجب أنْ تَعلموا هذا، يا أحبَّائي: أنَّ الربَّ قد وَجَّهَ إلى الشَّيطانِ أصلاً ضَربةً قاضيةً.

ثانيًا، يَقولُ لنا العهدُ الجديد إنَّهُ يجب علينا أنْ نُدركَ أنَّ القُوَّةَ الَّتي وَجَّهَتْ تلكَ الضَّربةَ القاضيةَ موجودة فيكم. فالقُوَّة الَّتي غَلَبت الشَّيطان تَسْكُنُ فيك. ونحنُ نقرأ في رسالة يوحنَّا الأولى 4: 4: "لأَنَّ الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَم". فعندما يَخْلَصُ المؤمن، فإنَّهُ يَحصُلُ على رُوحِ الله الَّذي يَسْكُنُ فيهِ ويَمْنَحُهُ القُوَّة الَّتي غَلَبَت الشَّيطان. فالمَصْدَرُ والمَخْزَنُ موجودٌ فيك.

ثالثًا، نقرأُ في رسالة بُطرس الأولى 5: 8 و 9: "اُصْحُوا [أيِ اعْرِفوا أولويَّاتِكُم وكونوا مُكَرَّسين] وَاسْهَرُوا [أيِ احْذَروا]. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.  فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَان".

والآنْ، لاحِظوا أنَّ المبدأَ الأوَّلَ هو: اعْلَموا أنَّ المسيحَ وَجَّهَ أصلاً ضَربةً قاضيةً إلى الشَّيطان. المبدأ الثَّاني: اعلموا أنَّ القُوَّةَ الَّتي غَلَبَتِ الشَّيطان موجودة فيكَ مِن خلال سُكْنى روح الله. فهذا هوَ مَصْدَرُ قُوَّتِك. المبدأُ الثَّالث: قاوِموا الشَّيطان. قاوِموه. ويمكنك أنْ تَفعلوا ذلك لأنَّكم تَمْلِكونَ تلك القُوَّة المُتاحَة.

وقد تقولُ الآن: "جون، كيفَ نُقاومِ الشَّيطان، كما يَقولُ بُطرس؟" حسنًا! لننظر إلى رسالة أفسُس 4: 27. فهذا سيُعطينا مَفهومًا آخر. فنحنُ نَقرأ في رسالة أفسُس 4: 27 كيفَ نُقاوم الشَّيطان الَّذي يُمارِس سُلطانَهُ في حياتِنا. فنحنُ نقرأ، ببساطة، في رسالة أفسُس 4: 27: "وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا". فقط: لاَ تُعْطُوا البَتَّة مَكانًا لإِبْلِيس. فالأمرُ بَسيطٌ جِدًّا. لا تُعطوهُ مكانًا. وهذا العَدَدُ يَعني ضِمْنِيًّا أنَّهُ إنْ كانَ إبليسُ قد وَجَدَ مَكانًا، فالسَّببُ في ذلك هو أنَّكَ أَعْطَيتَهُ هذا المَكان. أليسَ كذلك؟ لِذا فإنَّ إرادَتَكَ هي المِفْتاح.

والآنْ، لِنَرْجِع إلى الوراء مَرَّةً أخرى. فنحنُ نَبتدئ بإدراكِ أنَّ الضَّربة القاضية قد وُجِّهَتْ أصلاً. ثُمَّ إنَّنا نَنتقل [ثانيًا] إلى حقيقة أنَّ القُدرة على قَهْرِ الشَّيطان موجودة فيك. ثُمَّ يجب أنْ تَحذروا وأنْ تُقاوموا ما يَفعلَهُ الشَّيطان. وما مَعنى ذلك؟ إنَّهُ يَعني أنْ لا تُعطي إبليس مكانًا في حياتِك. وقد تقول: "حسنًا! وكيفَ أَمْنَعَهُ مِنَ القيام بذلك؟ وكيفَ أستمرُّ في عَدَمِ إعطائِهِ مَكانًا؟ كيفَ أَمْنَعُ الشَّيطانَ مِنْ أنْ يَفعلَ ما تُحَذِّرُنا منهُ الآية 2 كورِنثوس 2: 11 إذْ تقول: "لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ"؟ والجوابُ هو كالتَّالي إذْ نقرأ في 2كورنثوس 2: 11: "لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ". حسنًا. فهل ترغبُ في ألَّا تُعطيهِ مَكانًا؟ إذًا، احْذَر مِنَ المَكانِ الَّذي يأتي منه. أَغْلِقِ البابَ، وأَغْلِقَ النَّوافِذَ، وأَحْكِمْ إغلاقَ القُفول، وتأكَّد مِنْ أنَّكَ لا تَجْهَلُ أفكارَهُ. وقد تقول: "وما هي أفكارُهُ؟"

نقرأُ في رسالة يوحنَّا الأولى: "لأَنَّ كُلَّ" [أجل، إنَّهُ يَستخدِمُ الكلمة "كُلّ"]. "لأنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَم". كيفَ يأتي الشَّيطانُ لِمُهاجَمَتِك؟ مِنْ خلالِ شَهوةِ العين، وشَهوةِ الجسد، وتَعَظُّمِ المعيشة. فهذه هي أفكارُه. فإنْ لم تَكُنْ جاهلاً فإنَّكَ ستُغلقُ البابَ أمامَ شَهوةِ العين، وتُغلِقُ البابَ أمامَ شهوةِ الجسد، وتُغلقُ البابَ أمامَ تَعَظُّمِ المعيشة. فأنتَ لن تُعطي إبليس مكانًا. وإنْ لم تُعْطِ إبليس مكانًا فإنَّكَ سَتَمْنَعُهُ مِنْ دُخولِ حياتِك.

وإليكم نُقطة أخرى: إنْ أردتَ ألَّا تُعطي إبليس مكانًا، فإنَّ هذا يعني ألَّا تَجهلَ أفكارَهُ. فلا يمكنكَ أنْ تكونَ جاهلاً. ثانيًا، عندما تَراهُ قادمًا، اهْرُب. فنحنُ نقرأ في رسالة تيموثاوس الثانية 2: 22: "أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا". اهْرُب مِنَ التَّجارب. "وَاتْبَعِ الْبِرَّ".

وهذه وَصْفَة سَهْلَة، يا أحبَّائي. واسمحوا لي أن أقولَ ذلكَ مَرَّةً أخرى لكي تَفهموه. اعْلَم أنَّ الضَّربة القاضية قد وُجِّهَتْ أصلاً بِقُوَّةِ المسيح. واعلم أنَّ تلك القُوَّة موجودة في حَياتِك. لذا، قَاوم إبليس. وهذا يعني ألَّا تُعطيهِ مكانًا في حياتِك. وأنتَ تَفعل ذلك [أوَّلاً] بأنْ لا تَجْهَلَ أفكارَهُ، و [ثانيًا] عندما تأتي التَّجارب، اهْرُب منها. وقد تقول: "حسنًا يا جون، وكيفَ تَعْقِدُ العَزْمَ على القيامِ بذلك؟" هذا هو ما جاء في 2كورنثوس 10: 3. فنحنُ نقرأ في 2كورنثوس 10: 3: "لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ". وما يَعنيه بولُس هنا هو أنَّنا بَشَر، ولكِنَّ مَعركَتَنا ليست معركة بشريَّة. فنحنُ مخلوقات ماديَّة، ولكِنَّ معركتَنا ليست مَعركة ماديَّة. فنحنُ نقرأ في العدد الرابع مِن رسالة كورِنثوس الثانية والأصحاح العاشر: "إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً". لا! فنحنُ لا نَخوضُ مَعركةً بشريَّة. فالبشرُ ليسوا أعداءَنا الحقيقيِّين. والمعركة لا تَدورُ حَقًّا على صَعيدٍ بَشريّ، أو على صَعيدٍ جسديّ. وأسلحةُ مُحاربَتِنا ليست جسدية، "بَلْ قَادِرَةٌ باللهِ". بعبارة أخرى، نحنُ نَخوضُ معركةً روحيَّةً تتطلَّبُ أسلحة روحيَّة.

والآنْ، كيفَ سنَستخدمُ هذه الأسلحة؟ وكيفَ نَعرفُ أنَّنا نَستطيعُ أنْ نَفْهَمَ أفكارَهُ، وأنَّنا نستطيعُ أنْ نَهرُبَ مِن تجارِبِه، وأنَّنا نستطيعُ أنْ نُقاومَ مكائِدَهُ، وأنَّنا نستطيعُ أنْ نَتَيَقَّنَ مِنْ ألَّا نُعطيه مكانًا في حياتِنا؟ فكيفَ سَنُحْسِنُ استخدامَ هذه القُوَّة؟ نَقرأُ، ببساطة، في نهاية العدد 5: "مُسْتَأسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ المَسِيح".

والآن، اسمعوني: هذه هي المُلاحظة الأخيرة في لاهُوتِنا المُصَغَّر المُوجَز. فلكي نَعلمَ أنَّ المسيحَ قد وَجَّهَ ضَربةً قاضيةً إلى الشَّيطان، ولكي نَعرفَ أنَّنا نَمتلكُ نفسَ تلك القُوَّة لأنَّها تَسْكُنُ فينا، ولكي نُقاومَ الشَّيطان، ولكي لا نُعطيه مكانًا، ولكي لا نَجْهَلَ أفكارَهُ، ولكي نَهْرُبَ مِنَ تَجارِبِهِ، يجب علينا أنْ نَستَأسِرَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ المَسِيح". بعبارة أخرى، يجب علينا أنْ نُخْضِعَ أذهانَنا لكلمةِ اللهِ مِنْ خلالِ قُوَّةِ رُوْحِ الله. فلا توجد طُرُق مُختصَرة، يا أحبَّائي، للحياة المسيحيَّة الفَعَّالة والمُنتصِرة. فإنْ أردتُم أنْ تَحْيَوْا حياةً مسيحيَّةً مُنتصرة، يجب عليكم أنْ تُخْضِعُوا أذهانَكُم لكلمةِ الله لكي تكونَ أفكارُكُم ومشاعِرُكم خاضعةً لنفسِ ذلكَ الحَقّ. والآن، هذه هي صيغة العهد الجديد في إطارٍ لاهوتِيٍّ استنادًا إلى آياتٍ عديدة. ولكِن اسمحوا لي أنْ أَخْطو خُطوةً أُخرى:

إنَّ هذا كُلَّهُ مُلَخَّصٌ تلخيصًا جَميلاً ورائعًا في مَقطعٍ واحد. وَهُوَ موجودٌ أمامَكُم في رسالة أفسُس 6: 13-17. فكُلُّ هذه المبادئ الَّتي شارَكْتُها معكم للتَّوّ موجودة، بطريقةٍ أو بأخرى، في هذا النَّصّ. فهي كُلُّها هُنا، وهي كُلُّها مُتاحة، وهي مُلَخَّصة معًا بطريقة جميلة في هذه التُّحْفَة الَّتي تتحدَّث عن كيفَ يستطيعُ المؤمنُ أنْ يُحْرِزَ النَّصْرَ في الحربِ معَ قُوى الجَحيم. ويجب عليكم أنْ تَتذكَّروا، يا أحبَّائي، أنَّ هناكَ حربًا حقيقيَّة، وأنَّ هناكَ نُصرة حقيقيَّة مُتاحة على أساسٍ يَومِيّ.

والآنْ، ما هي قِطَع السِّلاح الَّتي تَحَدَّثنا عنها حَتَّى الآن؟ انظروا إلى العدد 14. أوَّلاً، لقد قُلنا إنَّهُ حينَ يَنظُر بولُس إلى المؤمن وَحَرْبِهِ معَ الشَّيطان، فإنَّهُ يَرى في ذِهْنِهِ جُنديًّا رومانيًّا مُتأهِّبًا للمعركة. وكُلُّ ما يَفعلُهُ الجُنديُّ الرُّومانيُّ للاستعدادِ يُوحي في فِكْرِ بولُس بأنَّ هذا مُمْكنٌ أيضًا في مَعركةِ المؤمنِ معَ الشَّيطان. لِذا فإنَّهُ يَبتدئ في تَوضيحِ أَوْجُهِ التَّشابُه. فالجُنديُّ الرُّومانيُّ يَرتدي حِزامًا يَستخدِمُهُ لِضَمِّ كُلِّ أطرافِ ثِيابِهِ المُهَلْهَلَة. وما يَفْعَلُهُ حُقًّا عندَ قيامِهِ بذلك هوَ أنَّهُ يُعْلِن عنِ استعدادِهِ للقِتال. إنَّهُ الاستعداد، وإنَّها الجاهزيَّة، وإنَّهُ التَّرَقُّب، وإنَّهُ الإخلاص، وإنَّهُ التَهَيُّؤ للمعركة الَّتي يَتحدَّثُ عنها. وبولُس يَرى في ذلكَ مِنْطَقَةَ الحَقِّ: "فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقّ" (كما جاءَ في العدد 14). وفيما يَختصُّ بالمؤمن، يجب أنْ يكونَ مُكَرَّسًا للحَقّ. ويجب أنْ يكونَ هُناكَ استعدادٌ لِخَوْضِ المَعركة، والعيشِ كما يَنبغي، والقيامِ بالتَّكريسِ والتَّعَهُّدِ اللَّازمَيْن للانتصارِ في المعركة. لِذا فقد ابتدأنا دراسَتَنا بالحديثِ عن مُستوى التَّكريسِ المطلوبِ لتحقيقِ النَّصْر.

ثانيًا، في دَرْسِنا السَّابق، رأينا القِطعة الثَّانية مِنَ السِّلاح في العدد 14 أيضًا: "وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرّ". وقد قُلنا إنَّ الجُنديَّ الرومانيَّ كانَ يَلْبَسُ دِرْعًا لتغطية أعضائِهِ الحيويَّة. فقد كانَ يَحْرِصُ على ألَّا يُصابَ هُنا لأنَّ الإصابة ستكونُ قاتلة. وهناكَ منطقتين ينبغي حمايَتُهما: منطقة القلب، والمنطقة الأخرى هي الَّتي تُعرف بالأحشاء في المُصطلحاتِ العِبْريَّة. وقد كانَ اليهودُ يَنظرونَ إلى القلبِ بأنَّهُ مَرْكِز التَّفكير بصورة رئيسيَّة، وبأنَّ الأحْشاءَ هي مَركِز العواطف. لِذا فإنَّ المؤمنَ يَحمي فِكْرَهُ ومشاعِرَهُ لأنَّ هاتين المنطقتين تَتعرَّضانِ لهجماتِ الشَّيطان. فهو يُجَرِّبُكَ في أفكارِكَ وعواطِفِك. وَهُوَ يُريدُ أنْ يُغويكَ لاقترافِ الخطيَّة، وأنْ يَدفعكَ إلى اقترافِ الخطيَّة مِنْ خلالِ الأفكارِ الخاطئة والمشاعرِ الخاطئة. لِذا، يجب علينا أنْ نَحمي هاتينِ المنطقتين. والكتابُ المقدَّسُ يقول إنَّنا نَحمي هاتين المنطقتين بِدْرْعِ البِرّ. فحينَ نَحيا حياةً مُقَدَّسة وحينَ نَحيا حياةً طاهرةً، ونَنفصل عنِ العالم، ونَنْفَرِز عنهُ، ونَحْيا حياةً تَقِيَّة، فإنَّنا نَحمي أعضاءَنا الحيويَّة مِنْ هَجَماتِ الشَّيطانِ المُريعة والمُخيفة.

وقد لَخَّصْنا ذلكَ في المَرَّة السَّابقة بأنْ قُلنا إنَّهُ يجب علينا أنْ نَسْلُكَ كُلَّ يوم بقداسة، وإنَّهُ يجب علينا أنْ نَسلُكَ كُلَّ يوم بالتَّقوى، وإنَّهُ يجب علينا أنْ نَفحصَ أنفُسَنا كُلَّ يوم. وإنْ كانت هناكَ خَطِيَّة في حياتِنا، يجب علينا أنْ نَعترف بها، ونتوبَ عنها، ونَترُكها. فهذا هو ما يُوصينا بهِ العهدُ الجديد. وفي رسالة بُطرس الأولى 1: 16، نَسمعُ الصَّرخة: "كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (يَقولُ الرَّبُّ). وفي رسالة كورِنثوس الثانية 7: 1، يَقولُ بولس: "لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ". وفي رسالة كولوسي والأصحاح الثَّالث، نَسمَع بولُس يقول: "فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ". ثُمَّ إنَّهُ يَذْكُرُ جَميعَ الأعمالِ الشرِّيرة. وفي رسالة تسالونيكي الأولى والأصحاح الخامس، يَتحدَّثُ النَّصُّ عنِ استئصالِ كُلِّ شكلٍ مِن أشكالِ الشَّرِّ مِنْ حياتِنا. ولكِنْ رُبَّما كانَتْ أوضحُ وأبسطُ آية تُوَضِّحُ الدِّرْعَ هي رُومية 13: 11.

وفي العدد 14، يَقولُ بولُس: "هذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ، أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا". بعبارة أخرى، نحنُ نَقترب أكثر مِنْ مَجيءِ المسيح. "قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ". أيْ أنَّ يومَ الربِّ العظيم قدِ اقترب. "فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ". وهذا هو تمامًا ما يَقولُهُ في رسالة أفسُس: "فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ". والنُّورُ يَرمِزُ إلى القداسةِ والطَّهارة. في حين أنَّ الظُّلمة تَرمِز إلى الشَّرّ. لِذا: "فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ". وهذا هُوَ الدِّرْع.

ثُمَّ إنَّهُ يقول: "لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ". وهذا هُوَ حِزامُ التَّكريس، وهذا هو حِزامُ الحَقِّ بِمَنْأى عَنْ أيِّ رِياء. فهذا هوَ التَّكريسُ للانتصار. "كَمَا فِي النَّهَارِ". فيجب علينا أنْ نَكونُ مُستعدِّينَ للفحصِ لأنَّهُ يجب علينا أنْ نكونَ مُستقيمينَ وصادقينَ عندما نُجاهِد رُوحيًّا لأجْلِ الله. "لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ" (أيْ أنْ نَعيشَ دُوْنَ أنْ نَشْعُرَ بالخِزْي)، "لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَد". لِذا فإنَّهُ يقولُ، في الحقيقة، الشَّيءَ نَفسَهُ في رسالة أفسُس عن دِرْع البِرّ، وعنِ التَّخَلُّصِ مِنَ النُّفايةِ والظُّلمةِ والشَّرِّ، وعنِ السُّلوكِ في القَداسةِ وفي علاقةٍ سَليمةٍ معَ الربّ. وهذا لا يعني أنَّهُ يجب عليكَ أنْ تكونَ كاملاً. فنحنُ لا نَقدر أنْ نَفعلَ ذلك لأنَّنا سنفشل. ولكِن عندما نُخطئ، يجب علينا أنْ نَعترف بها وأنْ نَتوبَ عنها.

ثُمَّ ثالثًا، في هذا الصَّباح، أَوَدُّ أنْ تَرَوْا الأرْجُلَ المُحْتَذِيَة بإنجيلِ السَّلام. وهذا رائع! ويا لها مِن فِكرة عظيمة ورائعة! العدد 15: "وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَم". وَهُوَ يَتحدَّثُ الآنَ عن حِذاءِ الجُنديِّ. وقد صارتِ الأحذيةُ جُزءًا مُهِمًّا مِن ثقافَتِنا. ولكِنْ في الأصل، كانتِ الأحذية تُستخدَم لحماية القَدَمَيْن. أمَّا الآن، فهي مُوْضَة. والحقيقة هي أنَّنا لسنا في حاجة إلى كُلّ تلك الحماية لأقدامِنا. فأرضيَّاتُ سَيَّاراتِنا مَفروشة، وشوارِعُنا مُعَبَّدة جَيِّدًا، وأرضيَّاتُ كنائِسِنا مَكسوَّة بالسَّجَّاد، وأرضيَّاتُ مكاتِبِنا مَكسوَّة بالسَّجَّاد، والأماكنُ غير المَكسوَّة بالسَّجَّاد هي ذاتُ أرضيَّاتٍ نظيفة. فنحنُ غالبًا لا نَدوسُ على الصُّخور القاسية، ولا نَخوضُ في الوَحْل، ولا نَمشي في التُّراب، ولا نُحاولُ أن نَعْبُرَ أماكِنَ تَملأهُا الأشواك، وَهَلُمَّ جَرَّا. فقد مَهَّدْنا كُلَّ مَكانٍ في عَالَمِنا أوْ فَرَشناهُ بالسَّجَّاد. وقد صارتِ الأحذية مُوضة، بصورة رئيسيَّة. لِذا، قد لا نَفهم الصُّورة بوضوح كما ينبغي ما لم نَفهم رَداءَةَ الطُّرُقِ آنذاك، وقَسوةَ الشَّوك، والعَقَباتِ الَّتي كانت موجودة على الطُّرُقات، وصُعوبةَ المشي على الحَصَى والصُّخور والبَحْص، وكُلَّ تلك الأشياء في تلكَ الأجزاءِ مِنَ العالم. وقد تكونُ لدينا فكرة بسيطة لأنَّنا نُدرك اليوم حاجَتَنا إلى ارتداءِ أحذية خاصَّة إنْ كُنَّا نَقومُ بِنُزهاتٍ طويلة على القَدَمَيْن، أوْ نَجُوبُ الصَّحارى، أوْ نَمشي على أرضٍ ساخنة، إلخ. وهذه هي الأسبابُ الَّتي كانت تَدعو في تلك الأيَّام إلى ارتداءِ الأحذية.

كذلك، فإنَّ لدينا اليوم أحذية لكُلِّ نوعٍ يمكن تَخَيُّلُه مِنَ الألعابِ الرياضيَّة. وما يُدهشُني هو كيفَ أنَّ كُلَّ حِذاءٍ يَخْدِمُ غَايةً مُحَدَّدة. فإذا كنتَ تُشارك في رياضة على أرضٍ صُلبة، هناكَ حِذاءٌ مُعَيَّن. وإذا كنتَ تَركضُ على أرضٍ تُرابيَّة، هناكَ نوعٌ آخر مِنَ الأحذية. وقد لاحظتُ أنَّهُ حَتَّى في لُعبة كُرة المَضْرِب، فإنَّ ذلكَ يَعتمد على نوعِ أرضيَّةِ الملعبِ الَّتي تَلعب عليها (فمثلاً، هناكَ ملاعب مَكسوَّة بالعُشب مِثل "ويمبلدون" [Wimbledon]، وملاعب أرضيَّتُها تُرابيَّة، وملاعب أرضيَّتُها إسمنتيَّة، وملاعب أرضيَّتُها مَكْسُوَّة بالمَطَّاط). وَكُلٌّ منها يَتطلَّبُ حِذاءً خاصًّا. وهناك أحذية خاصَّة للملاعب ذات الأرضيَّاتِ الخشبيَّة، وأحذية خاصَّة للأرضيَّاتِ الأخرى. وهناك أحذية خاصَّة للرَّكض يتوقَّف اختيارُها على ما إذا كنتَ تركُض على مِضْمارٍ إسمنتيّ، أو على مِضْمارٍ مَكسوٍّ بالمَطَّاط، وَهَلُمَّ جَرَّا.

والآنْ، إذا ذهبتَ إلى مَتْجَرٍ كبير، ستَرى هناكَ مَحَلًّا لبيعِ الأحذية. وأنا أعرفُ ذلكَ لأنَّ أبنائي يَذهبونَ إلى هناكَ مُباشرة حينَ نذهب إلى المَتاجر الكبيرة لأنَّهُم يُحِبُّونَ كُلَّ هذه الأشياء. فَهُمْ يَبيعونَ أحذيةً لِجَميعِ الألعابِ الرِّياضيَّة. وقد قلتُ لكم سابقًا إنِّي كنتُ في غرفة تبديل الملابسِ ذاتَ ليلة معَ "جيري تيريل" (Jerry Terrell)، وإنِّي نَظرتُ إلى خِزانَتِه فرأيتُ نحوَ ثمانية أزواج مُختلفة مِنَ أحذية كُرة القاعدة هناك. فقلت: "لديكَ أحذية كثيرة هنا". فقال: "أجل، فَلِكُلِّ فريق أرضيَّة مَلعَب مُختلفة. وكُلُّ أرضيَّة تتطلَّب حِذاءً مُختلفًا".

ويمكنني أن أستوعبَ ذلك. فأنا أَذكرُ ذاتَ مَرَّة في الجامعة أنَّنا كنَّا نلعبُ كرة القدم الأمريكيَّة، وأنَّنا كُنَّا نَلعبُ في ملعب "روز بول" (Rose Bowl)، وأنَّ المَطَرَ كانَ قد هَطَلَ طَوالَ أُسبوعين قبلَ المُباراة. وقد كانَ الأمرُ سَيِّئًا جدًّا. ولا شك أنه عندما تُقام مباريات كثيرة على أرضِ الملعب، وَتَقترِب نهايةُ الموسم، فإنَّهُ لا يعودُ هناكَ عُشْب. وعندما تُمْطرُ السَّماء، تصيرُ حالةُ أرضِ المَلعَب مُزْرِيَة. وما يفعلونه هو أنهم يُمَرِّرونَ عَرَبَة صغيرة على أرضِ الملعب ويَطلونُها باللون الأخضر لكي تبدو كما لو كانت عُشبًا. ولكِنْ، في الحقيقة، لا يكونُ هناكَ عُشبٌ كثير. وقد بَدا الملعبُ جيِّدًا جدًّا في نَظَرِنا، ولم نَعلم حقًّا حقيقةِ الأمر. لِذا فقد كانَ لديَّ زَوْجَيْنِ مِنَ الأحذية للعبة كُرة القدم الأمريكيَّة: واحدٌ ذو نُتوءاتٍ طويلة للملاعب التُّرابيَّة، وواحدٌ ذو نُتوءات قصيرة. وقد ظَنَنْتُ أنَّ الأمرَ سيكونُ على ما يُرام. ولأنَّ الحذاءَ ذا النُّتوءاتِ الطويلة كانَ ثقيلاً، لم يَكُنْ مُفَضَّلاً لَدَيَّ. لذا فقد اخترتُ الحذاءَ ذا النُّتوءات القصيرة. وكان ذلكَ الخِيارُ خاطئًا.

وهكذا فقد اخترتُ الحذاءَ غير المُناسب. والحقيقة هي أنِّي لم أكتشف ذلك إلَّا عندما ابتدأت المباراة. وقد كنتُ أقفُ في منطقة الياردات الأربع لكي أَتَلَقَّى الكُرةَ الافتتاحيَّة وَأَرُدَّها. وقد طارتِ الكُرة في الهواء فالتَقَطْتُها. وَما إنْ خَطَوْتُ خُطوتين حَتَّى وَجَدْتُ نفسي أسقُطُ على ظَهري، أمامَ كُلِّ العالم، وأجلسُ هُناكَ، والكُرة مُستقرَّة في حِضْني. ومَعَ أنَّ واحدًا وعِشرينَ لاعبًا كانوا يُحَدِّقونَ إليَّ، لم يُحاول أَحَدٌ مِنْهُم أنْ يُساعِدَني على النُّهوض. فقد سَقطتُ وَحْدي ووجدتُ نَفسي جالسًا هُناكَ وَحدي عندَ خَطِّ الياردات السِّتّ، مَعَ أنَّنا ابتدأنا اللَّعِبَ مًعًا كفريقٍ في نِصْفِ المَلْعَب. وقد قلتُ لنفسي إنهُ كانَ ينبغي لي أنْ أرتدي الحذاء الآخر. وحَتَّى إنِّي حاولتُ عندَ اقترابي مِنَ الخُطوطِ الجانبيَّة أنْ أَطلُبَ مِنْ واحدٍ مِنَ اللَّاعبينَ الَّذينَ لا يَلعبونَ كثيرًا مِثلي أنْ يُبادلوني، ولكنِّي لم أجد لاعبًا يَقبلُ بالعَرْض. لِذا فقد بَقيتُ طَوالَ المُباراة أنزلِق وأتزحلق في كُلِّ أنحاءِ الملعب.

هناكَ أسبابٌ لوجودِ الأشياءِ الَّتي لدينا. والأحذيةُ تقومُ بوظيفة مُعَيَّنة. وهذا يَصِحُّ بصورة خاصَّة في الحرب. فإنْ كانَ الحِذاءُ مُهِمًّا في الألعابِ الرياضيَّة، يمكنكم أن تتخيَّلوا أهميَّتها إذا كنتم تُحاربونَ دفاعًا عن حياتِكُم. ولم يكن الجنديُّ الرومانيُّ يَخرجُ للاشتراكِ في معركة وهو يَنْتَعِلُ حذاءً جِلديًّا عاديًّا ذا نَعْلٍ أَملَس. فهو سيَنزلقُ ويَتزحلقُ في كُلِّ أرجاءِ المكان. فقد يحاول أنْ يَتسلَّق صَخرةً لمحاربةِ شخصٍ ما فتنزلق قَدَمُه عن الصخرة. لِذا فقد كانَ لِزامًا عليهم أنْ يَستخدموا حذاءً خاصًّا. وكانَ هذا الحذاءُ مُهمًّا جدًّا لأنَّ الأمرَ في المعركة قد يُكَلِّفُكَ حياتك على الأرجح. كذلك، كانَ ينبغي لهم أنْ يَلبَسوا حذاءً يَحتملُ الكثيرَ مِنَ المَشْيِ لأنَّهم كانوا يَمشونَ مسافاتٍ طويلة جدًّا.

ولعلَّكم تَذكرونَ أنَّكم قرأتم عنِ الجيشِ الرومانيّ. ولعلَّكُم تَذكرونَ أنَّكم قرأتم عنِ المسافاتِ الطويلة الَّتي كانَ يَسيرُها جيشُ قيصر. وقد خَسِرَت جُيوشٌ عديدة حُروبًا كثيرة لأنَّ جُنودَهُم لم يَرتدوا أحذية مُناسبة. ولَعلَّكُم قرأتم عن أوقاتٍ في الثَّورة الأمريكيَّة كانَ فيها الجُنودُ الَّذينَ يُقاتلون بقيادة الجنرال "واشنطن" يَلُفُّونَ أقدامَهُم لأنَّهم لم يتمكَّنوا مِنَ ارتداءِ أحذيتهم المُهترئة. وهناكَ أوقاتٌ أخرى في التاريخِ البشريّ تَعَرَّضت فيها جُيوشٌ للهزيمة لأنَّ الجنودَ لم يتمكَّنوا مِن حمايةِ أقدامهم مِنَ التَّجَمُّد، أو الإصابة، أو الجروح. كذلك، في زمنِ الحروبِ الرومانيَّة، كانت هناكَ عادة شائعة. فاليوم، هناكَ حُقولُ ألغامٍ لإيقاعِ الجيشِ المُتقدِّمِ في الشَّرَك. ولكِن في تلكَ الأيَّام، إن كانَ الجيشُ يَعلمُ أنَّ جيشَ العَدُوِّ يُلاحِقُهُ، كانَ الجُنودُ يَضَعونَ في الأرضِ قِطَعًا خَشبيَّة مُدَبَّبة جدًّا وحادَّة كالسِّكِّين في مواجهةِ جيشِ العَدُوِّ على أمل أنْ تَخترقَ تلكَ الأخشابُ المُدَبَّبة أقدامَ الجُنودِ المُتقدِّمين. ولكي يحمي الجُنودُ الرُّومانُ أقدامهم مِنها، كانوا يَرتدونَ حذاءً ذا نَعْلٍ ثَقيل يَصْعُبُ اختراقُه، لأنَّهُ إنْ أُصيبَت أقدامُهم لن يتمكَّنوا مِنَ المَشْي. وهذا قد يُعَطِّل كُلَّ قُدرةِ الجُنديّ. وكما تَعلمون، قد يكونُ ذلكَ الجُنديُّ أفضلَ جُنديٍّ موجود. أو قد يكونُ أقوى جُنديٍّ، أو ما شَابَهَ ذلك. ولكِنْ إنْ أُصيبَ في قَدميه، ولا سِيَّما في أَخْمَصِ قدميه، فقدِ انتَهى.

وهذا مدهش. فقد تَتأَذَّى في مِنطقةِ الذِّراعِ، أوِ اليَدِ، أوِ المِرْفَقِ، أوِ الكَتِف وتَبقى قادرًا على الحركة والقتال. ولكِن إنْ أُصِبْتَ في قدميك، فإنَّكَ ستتعَطَّل حقًّا. لِذا فقد كانوا يحاولونَ أنْ يُؤذوا أقدامَ جيشِ العَدُوّ. كذلك، في المعركة، قد تكونُ أقوى رَجُلٍ ما زالَ حَيًّا، وقد تَحْمِلُ أعظمَ سَيفٍ في الكَوْن، ولكِنْ إن لم تكن قادرًا على الوقوف، فإنَّكَ في ورطة حقيقيَّة.

لِذا، كانت هناكَ أهميَّة بالغة للحذاء. وإليكم ما كانوا يَستخدمونه: لقد كانوا يَستخدمونَ حِذاءً لَهُ رَقَبة طويلة نوعًا ما، ونَعْلٌ سَميكٌ مَثَبَّتٌ بمسامير. وكانَ الحِذاءُ يَلْتَفُّ حولَ الكاحِلَيْن ويَثُبَّت بِرِباطٍ مَشدودٍ مِنْ جميعِ الاتِّجاهات لكي يكونَ مُحْكَمًا جِدًّا ومُلتصقًا بالقدمين. وفي الأسفل، كانَت هناكَ مَسامير أو قطع مَعدِنيَّة صغيرة تَبْرُز مِنَ الأسفل، مِثلَ تلكَ النُتوءات المستخدمة في أحذية كُرة القدم، أو أحذية الرَّكض، أو أحذية كُرة القاعدة، لكي تُعطي تَماسُكًا على التُّراب. وقد كانَ هذا يَمْنَحُ الجُنودَ ثَباتًا للوقوفِ في المعركة. وهذا هو ما يَراهُ بولُس. فهو يَرى هذا الجُنديَّ الرُّومانيَّ واقفًا، ويَرى قَدَميهِ راسِخَتَيْن، ويَراهُ ثابتًا على الأرض، ويتحرَّك بسرعة، ويَحمي قَدميه. فهو لا يَنزلق، ولا يَتزحلق، ولا يَسقُط.

وهو يقول إنَّ المؤمنَ بحاجة إلى حِذاءٍ أيضًا. فقد تَتأهَّب، كما تَعلمون، وتَلْبَس حِزامًا على خَصْرِك، وتُبدي استعدادَكَ. وقد تَلْبَسُ الدِّرْعَ وتَحيا حياةً صالحةً وبارَّةً كما يُريدُ الرَّبُّ منك. ولكِنْ ما لم تَكُنْ قادرًا على الوقوفِ بثبات على قدميك، فإنَّكَ ستسقُط. لِذا، يجب أنْ تكونَ واقفًا بثبات.

والآنْ، لِنَرجِع إلى العدد 15 ونَرى التَّفاصيل: "وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَاد". ولا حاجة إلى الارتباكِ بسبب الكلمة "استعداد" هُنا. ولَعَلَّهُ مِنَ الغريبِ أنَّها تُرْجِمَت هكذا. ولكنَّها تَعني، ببساطة، أنْ تكونَ مُستعدًّا أو مُتأهِّبًا. وكُلُّ ما يَعنيه هُنا هو أنْ تكونَ قَدماكَ مُستعدَّتَيْن بأنْ تَرتدي حِذاءً. فهذا هو المَعنى المقصود. فيجب أن تكونَ قَدماكَ جاهزتين، وأنْ تكونا مُستعدَّتين. فهذه هي الفكرة. والحقيقة هي أنَّنا نقرأ في الرِّسالة إلى تيطُس 3: 1 نفسَ المُصطلَح إذْ إنَّ الكلمة الدَّالَّة عن الجُهوزيَّة تُتَرْجَم "مُسْتَعِدِّين". لِذا فإنَّ الفكرة هي: الاستعداد، والتَّهَيُّؤ، والجُهوزيَّة. فيجب أن تكونَ أقدامُنا جاهزة، وأنْ نَرتدي في قَدَمَيْنا حِذاءً مُناسبًا للمعركة.

وأغلبُ النَّاسِ الذينَ يَقرأونَ هذه الكلمات، وأغلبُ الشُّرَّاحِ الذينَ كَتبوا عن هذا النَّصِّ يَفترضونَ أنَّهُ يُشير إلى الانطلاقِ للكِرازةِ بإنجيل السَّلام. أيْ: "أنا أرتدي حِذاءَ الإنجيل، وسأنطلقُ للتَّبشير". وَهُمْ يَنظرونَ إلى هذا النَّصِّ هكذا بسبب ما جاءَ في رسالة رومية 10: 15 لأنَّ الآية رومية 10: 15 تَقتبِس ما جاءَ في إشعياء 52: 7: "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ»". مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَم. ونحنُ نَجِدُ العبارة نفسَها هنا: "إنجيل السَّلام". لِذا، في رسالة بولُس إلى أهلِ رُومية 10: 15، رُبَّما تَذكرونَ أنَّهُ يقول: "وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟ وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ إِنْ لَمْ يُرْسَلُوا؟" لِذا، "مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَم".

والآن، إنَّ إنجيلَ السَّلام (لاحِظوا هذا) هو شيءٌ ينبغي أنْ يُبَشَّرَ به. ولا شَكَّ في ذلك. فهو شيءٌ ينبغي أنْ يُؤخَذَ ويُكْرَزَ به. وهذا هو ما يتحدَّثُ عنهُ الأصحاحُ العاشرُ مِن رسالة رُومية. ولكِنَّ هذا ليسَ ما يَتحدَّثُ عنهُ الأصحاحُ السَّادسُ مِن رسالة أفسُس. فالأصحاحُ السادسُ مِن رسالة أفسُس لا علاقةَ لَهُ بالتَّبشير. وَهُوَ لا علاقة لهُ بالذَّهابِ إلى أيِّ مكان. فما هي الكلمة الأولى في العدد 14؟ ما هي؟ "فَاثْبُتُوا". فهذا ليسَ انطلاقًا، بل ثَباتًا. فهذا هو ما يُشيرُ إليه الرسولُ بولس. والفكرة هنا هي ليست تَبْشير الخُطاة. والفكرة هنا هي ليست التَّبشير بالإنجيل؛ بل إنَّ الفكرة هُنا هي مُقاومة الشَّيطان. فالحديثُ هنا هو ليس عنْ تَبْشيرِ غيرِ المؤمنين، بل عن الصِّراع الَّذي يَخوضُهُ المؤمن. فهو لا يتحدَّث عن الذَّهاب إلى أيِّ مكان بهدفِ التَّبشير، بل يتحدَّث عن وقوفِكَ حيثُ أنت، ومُقاومة الشَّيطان. والفكرةُ تَتَّضِح بأفضل طريقة مُمكنة مِن خلالِ الكلماتِ الواردة في رسالة كورِنثوس الأولى 16: 13 إذْ نَقرأ: "اثْبُتُوا فِي الإِيمَان". "اثْبُتُوا فِي الإِيمَان". وفي العدد 11: "لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا". فهذه هي النُّقطة الجوهريَّة. وفي العدد 13: "لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا...، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا". فالفكرة بأسْرِها هي عنِ الثَّبات، لا عنِ الذَّهاب.

لِذا، فإنَّ هذا ليسَ تفسيرًا صحيحًا. صحيحٌ أنَّ إنجيلَ السَّلامِ يُمْكِن أنْ يُكْرَزَ به، وأنَّهُ يجب أنْ يَكرَزَ به. وصحيحٌ أنَّهُ مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ به. ولكِنَّ هذه ليست النُّقطة الجوهريَّة هنا. فالحديثُ هنا ليسَ عنِ التَّبشير، بل عنِ المؤمن الَّذي يُقاوِمُ الشَّيطان. وَهُوَ يقول: لأنَّ أقدامَنا تَحتذي بإنجيل السَّلام، فإنَّنا صامِدون، ولا نَنزلِق، ولا نَتزَحلق، ولا نَسقُط حينَ نَتعرَّض للهُجوم.

والآن، لننظر إلى عبارة "إنْجيل السَّلام". فما معناها؟ ما معناها؟ إنَّ الكلمة "إنجيل" تعني ماذا؟ الخَبَر السَّارّ. والكمة "سَلام" تَعني ماذا؟ سَلام. فهو خَبَرٌ سارٌّ عنِ السَّلام. وما هو الخبرُ السَّارُّ عنِ السَّلام؟ رسالة رومية والأصحاح 5. افتحوا عليه لأنَّهُ مَقطعٌ مُهِمٌّ جدًّا. رسالة رومية والأصحاح 5. فهذا هو الخبرُ السَّارُّ عنِ السَّلام. وأرجو منكم أنْ تُلاحظوا العدد 6 (رومية 5: 6). وإليكم الصُّورة الرئيسيَّة للإنسان: "إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ". حسنًا، فالإنسانُ ضَعيف...إنَّهُ ضعيف. العدد 7: "فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ". وهذا يعني أنَّهُ لا يوجد شخصٌ مُستعدٌّ للموتِ لأجلِ شخصٍ غير بارّ. لِذا فإنَّ المَعنى الضِّمنيَّ في العدد 6 هو أنَّنا ضُعفاء، وفي العدد 7 أنَّنا غيرُ أبرار. وفي العدد 8: "لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا". إذًا، نحنُ خُطاة. وفي العدد 9: "فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ!" وهذا يعني أنَّنا لم نَكُن مُبَرَّرين، ولم نَكُن مُخَلَّصين، وكُنَّا تحتَ غَضَبِ الله.

والآن، نَجِدُ هُنا تَعريفَ الإنسان: فهو في العدد 6: ضَعيف. وفي العدد 7: غير بَارّ. وفي العدد 8: خاطئ. وفي العدد 9: غير مُبَرَّر، وغير مُخَلَّص، وتحتَ غَضَبِ الله. وتَلخيصًا لهذا كُلِّه بخصوصِ الإنسان (في العدد 10): "لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ". فهذه هي الخُلاصة. فإنْ أخذتَ إنسانًا ضعيفًا، وغيرَ بارّ، وخاطئ، وغير مُبَرَّر، وغير مُخَلَّص، ما الَّذي ستَحصل عليه؟ ستحصُلُ على عَدُوٍّ للهِ واقعٍ تحتَ الدَّينونة الإلهيَّة.

إنَّ اللهَ والإنسانَ (والآنْ لاحِظوا ما سأقول، يا أحبَّائي) يَقِفان في جانِبَيْن مُختَلِفَيْن. ولا تَسمحوا لأيِّ شخصٍ أنْ يُقنِعَكُم بأنَّ اللهَ هُوَ أبُ الجَميع، وأنَّ اللهَ يُحِبُّ الجَميعَ ويَحتمِل الجميع، وأنَّ كُلَّ شخصٍ يَنتمي إلى عائلة الله. فقد قرأنا في بداية خِدمَتِنا ما جاءَ في سِفْر ناحوم والأصحاح الأوَّل: "الرَّبُّ...لاَ يُبَرِّئُ الْبَتَّةَ [الأشرار]". فاللهُ هُو إلَهُ النَّقمة. واللهُ هو إلَهُ العَدالة. وإنْ كانَ الرِّجالُ والنِّساءُ أعداءَ لله، فإنَّهم سيَنالونَ دَينونةَ الله. ولكِنْ ما الَّذي فَعَلَهُ اللهُ لتغييرِ ذلك؟ نَقرأ في العدد 6 مَرَّةً أخرى: "لأَنَّ الْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّن". ونقرأ في العدد 7 أنَّنا كُنَّا غير أبرار: "فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضًا أَنْ يَمُوتَ. وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا". فاللهُ يقول: "أنتُم أعداء، ولكنِّي سأحاولُ أنْ أُصْلِحَ ذلك بموتِ المسيح". ثُمَّ نقرأ في العدد 9: "فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ! لأَنَّهُ...وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِه". أَتَرَوْن؟

ثُمَّ اسمعوني: ما هو الإنجيل؟ الإنجيلُ يعني أنَّ الإنسانَ كانَ في عَداوةٍ معَ الله، ولكِنَّ المسيحَ صَنَعَ سَلامًا. أليسَ كذلك؟ فالمسيحُ صَنَعَ سَلامًا. وهذا هو إنجيلُ السَّلام. والآن، ارجِعوا إلى العدد الأوَّل مِنَ الأصحاحِ الخامسِ مِن رسالة رُومية: "فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَان" – بسبب ما فَعَلهُ المسيح - "لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيح". فهذا هو الإنجيل. فالإنجيلُ يَعني أنَّ الإنسانَ كانَ مُعادِيًا لله، وأنَّ اللهَ كانَ في الجانِبِ الآخَرِ ضِدَّ الإنسان. فكما قالَ يسوع: "مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ [ماذا؟] عَلَيَّ". وفي سِفْر الرُّؤيا، يَقولُ الربُّ: "فَتُبْ وَإِّلاَّ فَإِنِّي آتِيكَ سَرِيعًا وَأُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي". لِذا فإنَّ الإنسانَ عَدُوٌّ لله. ومعَ ذلك فقد جاءَ المسيحُ وَجَعَلَ السَّلامَ واقِعًا. وهذا هو الخَبَرُ السَّارّ. فالخبرُ السَّارُّ هو أنَّكَ في سَلامٍ معَ الله. فاللهُ وأنتَ لم تَعودا مُنفَصِلَيْن، بل أنتُما في نفسِ الجانب. أليسَ كذلك؟ فاللهُ موجودٌ في جانبي. وهذا هو إنجيلُ السَّلام. فقد تَصالَحْنا.

ونقرأ في رسالة كورِنثوس الثانية 5: 19 أنَّ اللهَ صَالَحَنا. ونَجِد في رسالة كولوسي مَقطعًا رائعًا إذْ نَقرأ في الأصحاح الأوَّل والعدد 20: "عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، لكي يُصالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ. ... وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآن". أَتَرَوْن؟ فالإنجيلُ يعني أنَّنا صِرْنا واحدًا معَ الله، وأنَّهُ صارَ يَقِفُ في صَفِّنا. وهل تَعلمونَ مَعنى ذلك؟ إنَّهُ يَعني أنَّ المؤمنَ الَّذي يَقِفُ ثابتًا يقول: "انظُر يا شَيطان، يمكنكَ أنْ تُهاجِمَني قَدْرَ ما تَشاء. فأنا أرتدي حِذاءً يَجْعَلُني ثابتًا في الأرضِ وغيرَ مُتزعزِعٍ لأنَّ اللهَ في صَفِّي". أَتَرَوْن؟ وهذا هو ما يُساعِدُنا على الصُّمود.

فإنِ اقتَضى الأمرُ أنْ أقفَ هناكَ وأُحارِبَ قُوى الجَحيم بمُفردي وبقوَّتي الشَّخصيَّة، سوفَ أخسر. ومِنَ الأمثلة على ذلك: بُطرُس في البُستان إذْ نَقرأُ في يوحنَّا 18 أنَّهُ كانَ يَقِفُ هناكَ معَ التَّلاميذ حينَ جاءَ الجُنودُ للقبضِ على المسيح. ورُبَّما كانَ يوجد نحو خَمسِمِئة جُنديّ يَتقدَّمونَ مِنْ قَلعة أنطونيا وَهُمْ يَحمِلونَ المَشاعِل لإنارةِ الطريق أمامَهُم في اللَّيل حَتَّى يَجِدوا يسوع لأنَّهم كانوا يَتوقَّعونَ أن يكونَ مُختبئًا في كَهْفٍ في مكانٍ ما. لِذا فقد جاءوا عَبْرَ البُستان. وقد كانوا يَحْمِلونَ هَرَاواتٍ وعِصِيًّا لكي يَضْرِبوهُ بها، ويُخْضِعوه، ويُحارِبوا تلاميذَهُ. ولكِنَّ يسوعَ خَرَجَ إليهم ووقفَ أمامهم وقال: "مَنْ تَطْلُبُونَ؟" فَقَالُوا: "يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ". وقد رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ كَمَجموعةٍ مِنْ أحْجارِ الدُّومينو المُلْقاة على التُّراب – كُلُّ الجُنودِ البالغ عَدَدُهم خَمسمئة جُنديّ على الأقل، أوْ أيًّا كانَ عَدَدُهم، سَقَطوا كأحجارِ الدُّومينو. ثُمَّ إنَّهم اسْتَجْمَعوا شَجاعَتَهُمْ ووقفوا وَنَفَضوا الغُبارَ عن أنفُسِهم، فقالَ لهم مَرَّةً أخرى: "مَنْ تَطْلُبُونَ؟" فَقَالُوا: "يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ". وقد سَقَطوا جميعًا على الأرض.

وكانَ بُطرس يُفَكِّرُ في نفسِهِ، دُوْنَ أَدنى شَكٍّ، قائلًا: "يا لَها مِنْ قُوَّة! فاسْمُهُ وَحْدُهُ جَعَلَ جيشًا رومانيًّا كاملًا يَسْقُط!" وقد خَطَرَتْ ببالِهِ فِكرة: فإن كانَ يَسوعُ يَمتلك هذه القُوَّة، لا مُبَرِّرَ أنْ يَقبضوا عليه. أليسَ كذلك؟ لِذا فإنَّ الكتابَ المقدَّسَ يقول إنَّهُ اسْتَلَّ سَيْفَهُ وَقَطَعَ أُذْنَ عَبْدِ رَئِيسِ الكَهَنَة. وَهُوَ لم يَكُنْ يُحاولُ أنْ يَقطَعَ أُذْنَ "مَلْخُسَ". فأنا أعتقد أنَّهُ كانَ يُريدُ أنْ يَقطَعَ رأسَهُ، ولكِنَّ مَلْخُس تَفادَى الضَّربة. أنا أَعلمُ ذلك. فهذا هو كُلُّ ما جَرى. فقد كانَ مَلْخُس سَريع البَديهة. ولم يَكُنْ مِنَ المُفيدِ في شيء أنْ يَقطعَ بُطرسُ أُذْنَهُ. ولكِنَّ القصَّةَ لا تَنتهي هنا. فالقصَّة هي أنَّهُ كانَ عاقِدَ العَزْمِ على مُحاربةِ كُلِّ الجيشِ الرُّومانيّ.

وقد تقول: "وَمِنْ أينَ جاءَ بتلكَ الشَّجاعة؟ ما الَّذي مَنَحَهُ تلكَ الثِّقَة؟" لقد رأى للتَّوّ أنَّ جيشًا بأسْرِه قد سَقَطَ على التُّراب لِمُجَرَّدِ سَماعِ اسْمِ يَسوع. وَقد قالَ لنفسه: "إنْ وَقَعْتُ في أيِّ ورطة، سأقول: ’عليكَ بِهِمْ يا يَسوع‘ فيَسقُطونَ وَيُهْزَمون". إنَّهُ شُعورٌ بأنَّهُ لا يُقْهَر. أَتَرَوْن؟ فقد شَعَرَ أنَّهُ ما مِنْ شَيء يَقدر أنْ يَهْزِمَهُ لأنَّهُ رأى قُوَّةَ يَسوع ماثِلَةً أمامَ عينيه هُناك. لِذا فقد اسْتَلَّ سيفَهُ وابتدأَ يُدافعُ عنِ الرَّبّ. فقد كانَ يَعرف مَنْ يَقِفُ في صَفِّه. أَتَرَوْن؟ فقد كانَ يَعرف مَنْ يَقِفُ في صَفِّه. وقد كانَ هذا هُوَ مَصْدَرُ قُوَّتِه.

وأنا أُفَكِّرُ في جيشِ المِدْيانِيِّين. فقد راحَ جيشُ المِديانِيِّين يُضايقونَ ويُحاربونَ بني إسرائيل. وقد وَضَعَ اللهُ في قُلوبِ بني إسرائيل أنْ يُقاوموا المِديانِيِّين. لِذا فقد قَرَّرَ بنو إسرائيل أنْ يَجْمَعوا جيشًا فكانَ عَدَدُ الجُنودِ اثنين وثلاثينَ ألفًا. وكما تَعلمون، كانت هذهِ هِيَ فِرْقَةُ النُّخْبَة الَّتي ستَخرُج لمحاربة المِديانيِّين. فقالَ اللهُ: "أنا لستُ بحاجة إلى اثنين وثلاثينَ ألفًا مِنَ الجُنود للقيامِ بذلك. تَخَلَّصوا مِنْ كُلِّ شخصٍ غيرِ جَادّ". لِذا فقد أَمَرَ جِدْعُون أنْ يُغَرْبِلَ الجُنود. وعندما فَعَلَ جِدْعون ذلك كانَ العَدَدُ المُتَبَقِّي هو ثَلاثَمئة جُنديّ.

وقالَ الربُّ: "حسنًا، أنتُم أيُّها الجُنودُ الثلاثمئة ستَهزِمونَ جيشَ المِديانيِّين. خُذوا في أيديكُم جِراَراً فارغةً، ومَصابيحَ، وأبواقًا". أجل! ولو كنتُ هناكَ لَقُلْتُ: "هذا غَريبٌ قليلاً". "اصْعَدوا إلى جَبَلٍ وباغِتُوا جيشَ مِدْيان النَّائِم في الوادي. وعندما آمُرُكُم، بَوِّقوا في الأبواق، وَكَسِّروا الجِرار، وارْفَعوا المَصابيحَ عاليًا. وسوفَ نَنتصرُ في المعركة". وهل تَعلمونَ ما حدث؟ لقدِ انتصروا إذْ إنَّ جيشَ المِديانيِّين أَفاقوا مِنْ نَوْمِهِمْ مَفْزوعينَ فَقَتَلوا بعضُهم بعضًا.

اسمعوني: لقد كانَ جِدْعون يَعرفُ مَنْ يَقِفُ في صَفِّه. أَتَرَوْن؟ لقد كانَ يَعرفُ مَنْ يَقِفُ في صَفِّه. وقد وَقَفَ بُطرسُ ويوحنَّا أمامَ مَجْمَعِ اليهودِ وقالا لهم: "نحنُ لا نُبالي بما تَقولون. فنحنُ سَنَخْدِمُ اللهَ". وَهُما لم يَخافا. فقد كانا يَعلَمان مَنْ يَقِفُ في صَفِّهِما. والرَّسولُ بولُس فَعَلَ الشَّيءَ نفسَهُ إذْ كَرَزَ بِشجاعة بيسوعَ المسيح لأنَّهُ كانَ يَعْرِفُ الموارِدَ المُتاحة له. فقد كانَ في سلامٍ معَ الله. وكانَ اللهُ في صَفِّه. أَتَرَوْن؟ وهذا هو ما يَجعَلُنا نَقِفُ راسِخين، وما يَجعَلُني أقولُ للشَّيطان: "هَيَّا! افعَل كُلَّ ما في وُسْعِك". ويمكنني أن أقول: "مَهما فَعَلْتَ لِمُهاجَمَتي، فإنَّني لستُ خائفًا البَتَّة لأنَّ اللهَ يَقِفُ في صَفِّي".

وهل تَعلمونَ شيئًا؟ في ضَوْءِ ما أعرِفُهُ، لو لم أَكُن مَسيحيًّا، ولم يكن اللهُ بجانبي، لَعِشْتُ في خوفٍ طَوالَ الوقت، بل لَمُتُّ خَوفًا. اسمعوني: يمكنكم أنْ تَقِفوا راسِخينَ بثقةٍ مُطلَقة. فقبلَ نَحْوِ ثماني سنوات، عندما عَلَّمْتُ رسالة أفسُس أوَّلَ مَرَّة، قُلتُ لكم قِصَّة. وسوفَ أُكَرِّرُها. فعندما كنتُ في المدرسة الإعداديَّة في الصَّفِّ السَّابع، كانَ لديَّ صَديقٌ قَصير يُدعى "روجر" (Roger). وقد كانَ "روجر" قَصيرًا حَقًّا. وقد كُنَّا معًا في الصَّفِّ السَّابع. وكانَ شَكْلُ روجر يُوحي بأنَّهُ في الصَّفِّ الرَّابع. فهو لم يكن يَنمو كثيرًا. فقد كانَ قَصيرًا وبَدينًا. وقد كانَ مُكْتَنِزًا حَتَّى إنَّكَ تَرْغَبُ في لَكْزِه. فقد كانَ مُكْتَنِزًا، ولَطيفًا، وَمَلائِكِيًّا. وكانَ روجر صديقي الصَّغير لأنِّي كُنْتُ ابْنَ الرَّاعي، وكانَ هو في الكنيسة أيضًا. وقد كُنَّا صَديقينِ في مدرسة الأحد. لِذا فقد كُنَّا رَفيقَيْنِ في هذه المدرسة الإعداديَّة الخَشِنَة جِدًّا.

وما أعنيه هو أنَّها كانت مدرسة إعداديَّة خَشِنة بِحَقّ. فقد كانت هناكَ عِراكاتُ بالسَّكاكين طَوالَ الوقت. وفي غُرفةِ الفِتيان، كانت توجدُ عندَ الباب عُلبة كهرباء. وكانَ الطَّلَبة يَفتحونَها ويُخَبِّئونَ فيها سجائر الحَشيشة. وكانَ جَميعُ الطَّلبة يأتونَ ويَتعاطونَ المُخَدِّرات. وقد كانَ هذا يَجري رُبَّما في سنة 1950، لا أدري، ولكِنْ في الخَمسينات. فقد نَظُنُّ أنَّ المُخَدِّرات شيءٌ حَديثٌ جدًّا. لا، لا. بل إنَّها كانت رائِجَةً طَوالَ الوقتِ آنذاك. فقد كانَ الأولادُ تحتَ تأثيرِ المُخَدِّراتِ طَوالَ الوقت. وكانَ هناكَ موقفٌ للسيَّارات للطَّلبة الَّذينَ يأتونَ بسيَّارتهم إلى المدرسة الإعداديَّة لأنَّهُم كانوا في سِنٍّ مُتقدِّمة جدًّا. فقد كانَ "هيربي" (Herbie) في الثامنة عشرة ولديه سيَّارة خاصَّة به. وكانَ في صَفِّنا. وقد كانت مدرسة مُمتلئة بالمشاكل حقًّا، وكانت هناك عِراكاتٌ دائمًا...كل حين. وقد جاءَ وقتٌ أرادوا فيهِ، لسببٍ ما، أنْ يُغيظوا روجر. وقد كانَ مَنْظَرُهُ يَجعلُ المرءَ يُفَكِّرُ في ذلك. لِذا عندما كُنَّا نَمشي معًا، كانوا يَصيحونَ دائمًا على روجر ويقولونَ لَهُ كلامًا يُغيظهُ. وما زِلتُ أَذكُرُ أنَّ هذا كانَ يحدثُ كثيرًا. وكانَ هؤلاء الشَّباب يَقَعونَ دائمًا في المتاعب لأنَّهم يَتركونَ بَناطيلَهم تَتَدَلَّى كثيرًا إلى أسفل. أتَفهمونَ قَصدي؟ وعندما كانَ نائبُ مُديرِ المدرسة يَراهُم بهذه الحالة، كانَ يَشُدُّ بَناطيلهم إلى أعلى ويَضَعُ على خَصْرِهِم حِزامًا كبيرًا مَشدودًا، ويُرغمهُم على ارتداءِ حَمَّالاتِ البِنطْال لإحراجهم. أتفهمونَ قصدي؟ وقد كانَ هذا يُثيرُ غَضَبَهُم أكثر. لِذا فقد كانوا دائمًا غاضبين. وذاتَ يوم حَدَثَ ما كانَ يَحدثُ عادةً. فقد كُنَّا نَمشي [أنا وروجر] فجاؤوا مِنْ خَلْفِنا ودَفَعونا مِنَ الخَلْف، وَبَعْثَروا الكُتُبَ الَّتي كُنَّا نَحْمِلُها تحتَ إبْطِنا على الأرض وَراحوا يَرْكِلونَ الكُتُبَ بأقدامِهم. وكانَ عَدَدُهم سِتَّة طَلَبة. وقد استمرُّوا في رَكْلِ الكُتُب طَوالَ الطَّريق، وَعَبْرَ الأَحْراج. ولم يتمكَّن أيٌّ مِنَّا مِنَ الدِّفاعِ عن نفسه في ذلك الموقف. لِذا فقد كُنَّا نَلْتَقِطُ كُتُبَنا في النِّهاية ونُحاولُ العُثورَ على أوراقِنا المُبَعْثَرة.

وذاتَ يوم، كنتُ في أحدِ المتاجِر للقيام بمهمَّة صغيرة. فجاءَ قائدُ هؤلاءِ الفتيان (واسمه "جوني") وحَمَلَ طُوْبَةً وَألقاها عَلَيَّ فَأصابَني في رأسي. وقد اضْطُرِرْتُ إلى الذَّهابِ إلى المُستشفى لِقَطْبِها، وما إلى ذلك. فقد كانتِ الحالُ سَيِّئة. ولا أدري ما الَّذي فَعَلْناهُ لإثارةِ سُخْطِ هؤلاء؛ ولكِنَّهم استمرُّوا في مُعامَلَتِنا بالطريقة نفسِها. وقد كانَ هذا يَحدثُ دائمًا. وكانَ هذا الشَّابُّ (جوني) هو قائدُ المجموعة. وذاتَ يوم، كُنَّا في غُرفةِ تبديلِ الملابس. وكُنَّا على وَشْكِ المُغادرة بعدَ حِصَّةِ الرِّياضة. فجاءتِ تلكَ المجموعة. وقد كانوا زُمرةً مِنَ الأشرارِ والزُّعْران (كما كُنَّا نُسَمِّيهم). فقد جاءوا وكانوا يَظُنُّونَ أنَّ الأمرَ سيكونُ مُضْحِكًا. فقد راحوا يَلْكِزونا بِمَرافِقِهِمْ فَوَقَعْنا على المَقاعِد، وَارْتَطَمْنا بخِزاناتِ الملابس في مُؤخِّرِ رأسِنا. وقد كانَ الأمرُ يبدو هَزَلِيًّا جِدًّا. فقد كُنَّا نَرتطِم هُنا، ونَطيرُ هُناك كما يَحدثُ في الرُّسوم المُتحرِّكة. وقد وَجَدْنا نَفْسَيْنا مَطْروحَيْن أرضًا. حينئذٍ، قالَ روجر أخيرًا: "هذا يَكفي". فهُناكَ حَدٌّ لِكُلِّ شيء. أليسَ كذلك؟

قُلت: "وماذا ستَفعل بهذا الشَّأن، يا روجر؟" فقالَ لي إنَّهُ سَيُخبر أخاهُ. فقلت: "حسنًا! هذا جَيِّد". وكانَ أَخوهُ يُدعى "ستيف" (Steve). ولن أنْسى يومًا عائلة "ويليامز" تلك. فقد كانَ "ستيف" يَلعَبُ ظَهيرًا مُتوسِّطًا مَعَ فريق "لونغ بيتش ستيت" (Long Beach State). وكانَ طُول ستيف نحو المِتْرَيْن، ووزنُهُ نحو مئة وعشرة كيلوغرامات، وَقُطْرُ خَصْرِهِ نحو سِتَّة وسبعين سنتمترًا. ولن أنسى يومًا "ستيف" لأنِّي أَذْكُرُ المرَّةَ الأولى الَّتي سَمِعْتُهُ فيها يَشْهَد. فقد كانَ يَقودُ شاحنةً مُحَمَّلَةً بالخُبْز، فارتطمَ بجدارٍ إسمنتيٍّ على سُرعة سِتِّينَ كيلومترًا في السَّاعة وَنَجا مِنَ الحادث. وهذا يُعطيكُم لَمحة عنهُ. فقد كانَ شَخصًا ضَخْمًا حَقًّا.

وعلى أيِّ حال، قالَ رُوجر إنَّهُ سيُخبر أَخاه. فقُلت: "أحسنتَ يا رُوجر". لِذا فقد عادَ في اليوم التَّالي وقال: "سوفَ يأتي ستيف إلى المدرسة غدًا، وسيفعلُ شيئًا". وكانَ هؤلاء الشَّباب يَجتمعونَ في مكانٍ مُحَدَّد قريبٍ مِنَ الصَّالة الرياضيَّة يَستخدمونها دائمًا. فقد كانوا يأتونَ في وقتٍ مُبْكِرٍ كُلَّ صَباح لكي يُدَخِّنوا، وَيَتَسَكَّعوا، ويَفعلوا ما يُريدون. وقد كانوا يَقِفونَ هناك، وَيُفْسِدونَ العُشْبَ، ويَتحدَّثون. وكانَ هناكَ نحو سِتَّة منهم. وقد كانوا يَتسكَّعونَ هناكَ دائمًا. لِذا، فقد جاءَ ستيف في اليوم التَّالي، ولكنَّهُ بَقِيَ مُخْتَبِئًا وراءَ المَبنى في مكانٍ لا يَرَوْنَهُ منه. وكانَ ذلك قبلَ رُبْعِ ساعة مِنَ ابتداءِ المدرسة. وكُنَّا أنا وروجر نَمشي هناكَ ونتَرَقَّب ما سيحدث. لِذا فقد صَاحَ روجر قائلاً: "أنت" (مُخاطِبًا "جوني") "تعالَ إلى هُنا". وقد راحُوا يَضْحَكون. فقد كانوا سَيَمْسَحونَ الأرضَ بِنا حَقًّا. لِذا فقد جاءَ ذلكَ الشَّاب "جوني" وهو يَمشي بِغُرور. وكانَ جوني شابًّا ذا أَسْبَقِيَّات عندَ الشُّرطة. والحقيقة هي أنَّهُ في وقتٍ لاحق (وهذا أمرٌ مُحْزن)، الحقيقة أنَّهُ قُتِلَ وهو يُحاولُ القيامَ بِسَرِقَة أو شيءٍ ما.

وعلى أيِّ حال، جاءَ "جوني" مُتَبَجِّحًا. وكانَ يَضحكُ ويَستهزئ بروجر. في تلك اللَّحظة، ظَهَرَ "ستيف" مِن وراءِ زاويةِ المَبنى، وَتَقَدَّمَ باتِّجاه روجر وسألَهُ: "أيُّ واحِد؟" فقالَ روجر: "ذاك". حينئذٍ، سَارَ ستيف باتِّجاهِ جوني (ولن أنسى يومًا ما حَدَث)، وإليكُم ما جَرى: فقد أَمْسَكَ بِهِ مِنْ قَميصِه، وَرَفَعَهُ عاليًا، وَلَكَمَهُ بقبضَتِه لَكْمَةً أَفْقَدَتْهُ أربَعَ أسنانٍ بلَكمة واحدة. وقد سَحَقَ أَنْفَهُ، وَكَسَرَ ضِرْسَيْن مِنْ أضْراسِ فَكِّهِ العُلْوِيّ، ولا أدري ماذا أيضًا! ثُمَّ إنَّهُ رَفَعَهُ (وقد كانَ جوني، بِكُلِّ تأكيد، غائبًا عنِ الوعي). فقد حَمَلَهُ وَطَرَحَهُ مِنْ فوقِ سِياجٍ كانَ قائمًا أمامَ جِدار الصَّالة الرِّياضيَّة. فقد طَرَحَهُ مِنْ فوقِ السِّياج بينَ الأشجار. ثُمَّ قالَ لبقيَّة الشَّباب: "لا تَعْبَثوا البَتَّة مع روجر مَرَّةً أخرى". ثُمَّ غادَرَ المكان. وهل تُريدونَ أنْ تَعلموا ماذا حدثَ لنا في المدرسة الإعداديَّة؟ لقد صارَ روجر صاحِب الكلمة الأولى والأخيرة. بِكُلِّ تأكيد. لقد صَارَ روجر صاحِبَ الكلمة الأولى والأخيرة في مدرسة "نورث داوني" الإعداديَّة (North Downey Junior High School). أتَعلمونَ لماذا؟ لأنَّ روجر كانَ مَدْعومًا.

وكما تَعلمون، مِنَ الرَّائعِ أنْ تَعلموا أنَّ يسوعَ المسيحَ قال: "أنا لا أَسْتَحِي أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِخْوَتي". فَمِنَ الرائعِ أنْ نَعلمَ أنَّهُ في صَفِّنا. آمين؟ وعندما يأتي الشَّيطانُ لمهاجمتنا، فإنَّ أقدامَنا ستكونُ واقفةً على أرضٍ صُلْبَة لأنَّها قائمة على إنجيلِ السَّلامِ الَّذي يَعني الآتي: "الخَبَرُ السَّارُّ، يا أحبَّائي، هو أنِّي لستُ عَدُوًّا. وأنا لستُ واقفًا في الجانبِ الآخر، بل إنَّ اللهَ يَقِفُ في صَفِّي بسببِ يسوعَ المسيح". لِذا، مَهما فَعَلَ الشَّيطان، يمكنني (كما جاءَ في العدد 10) أنْ أَتَقَوَّى "فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ". وهذه هي الثِّقة النَّابعة مِنْ أنْ تكونَ أَرْجُلُنا مَحْذِيَّة بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَم.

اسمعوني: إنَّ النَّصْرَ مُتاحٌ في حياتِكَ بوصفِكَ مُؤمِنًا. أَجِبْ فقط عن هذه الأسئلة الثلاثة في الخِتام: السُّؤالُ الأوَّل: هل أُريدُ حقًّا أنْ أنتصر؟ هل أريدُ حَقًّا أنْ أنتصر؟ وهل أرتدي حِزامَ التَّكريس؟ السُّؤال الثَّاني: هل أسعى أنْ أحيا حياةً مُقَدَّسة، وهل أرتدي دِرْعَ البِرّ؟ السُّؤال الثَّالث: هل أنا شُجاعٌ في المعركة لأنَّ قَدَمَيَّ راسِخَتَانِ في الثِّقة بالله؟ فإذا كنتَ تَعيشُ في شَكٍّ في الرَّبِّ وقُوَّتِه، سَتُمْنَى بالهزيمة. ولكِنْ إذا تَمَكَّنْتَ مِنَ الإجابة عن هذه الأسئلة الثَّلاثة بِنَعَم، فإنَّكَ مُنتَصِر. واللهُ سيَفعلُ أُمورًا رائعةً وثَوريَّةً في حياتِك لِمَجْدِ اسْمِه. دَعونا نُصَلِّي:

نَشكُرُكَ، يا أبانا، في هذا الصَّباح على الثِّقة الَّتي تَمْنَحُنا إيَّاها كَلِمَتُك. ونَشكرُكَ لأنَّ يسوعَ المسيحَ ماتَ لأجلِنا لكي لا نَبقى أعداءَ، بل أحِبَّاء؛ ولكي لا نَبقى أَجْنَبِيِّينَ، بل نْ نَصيرَ جُزْءًا مِنْ عائلتِك؛ ولكي لا نَكونَ غُرَباءَ، بل شُركاءَ الطَّبيعةِ الإلهيَّة. ونَشكُرُك، يا رَبّ، على يسوعَ المسيحِ الَّذي دَفَعَ أُجرةَ خطايانا، والذي حَمَلَ العِقابَ عَنَّا، والذي احْتَمَلَ غَضَبَكَ وَعدالَتَك لكي نَخْتَبِرَ نِعْمَتَكَ المُتفاضِلَة. ونَشكُرُكَ، يا رَبّ، لأنَّكَ أعطيتَنا المَوارِدَ اللَّازمة. ونَشكُرك، يا رَبّ، لأنَّكَ وَضَعْتَ فينا ذاتَ القُوَّة القاهرة للموت الَّتي سَبَّبَتِ انْدِحارَ الشَّيطان. ونَشكُرك لأنَّكَ تُعطينا بِقُوَّةِ روحِ اللهِ القُدرة على أنْ نُقاوِمَ إبليسَ، وأنْ لا نُعطيهِ مَكانًا، وأنْ لا نَجْهَلَ أفكارَهُ، وأنْ نَهْرُبَ دائمًا مِنَ تَجارِبِه لأنَّنا نَسْتأسِرُ كُلَّ فِكْرٍ إلى طاعَةِ المسيح. وليتَكَ، يا رَبّ، تَجعلنا مُطيعينَ لكلمَتِك. ونحنُ نَشكُرُكَ على هذا الامتياز. في اسْمِ المَسيح. آمين.

This sermon series includes the following messages:

Please contact the publisher to obtain copies of this resource.

Publisher Information
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969

Welcome!

Enter your email address and we will send you instructions on how to reset your password.

Back to Log In

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize
View Wishlist

Cart

Cart is empty.

Subject to Import Tax

Please be aware that these items are sent out from our office in the UK. Since the UK is now no longer a member of the EU, you may be charged an import tax on this item by the customs authorities in your country of residence, which is beyond our control.

Because we don’t want you to incur expenditure for which you are not prepared, could you please confirm whether you are willing to pay this charge, if necessary?

ECFA Accredited
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Back to Cart

Checkout as:

Not ? Log out

Log in to speed up the checkout process.

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize