Grace to You Resources
Grace to You - Resource

لِنَفْتَحِ الكِتابَ المُقَدَّسَ الآنَ عَلى الأصْحاحِ الرَّابِعِ وَالعِشْرينَ مِنْ إنْجيل لُوقا (لُوقا، الأصْحاح 24). لَقدِ ابْتَدَأنا بالتَّأمُّلِ في الأعْدادِ الافْتِتاحِيَّةِ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَهِيَ الطَّريقَةُ الَّتي سَرَدَ فيها لُوقا قِصَّةَ قِيامَةِ يَسوعَ المَسيح. وَأَوَدُّ أنْ أَقْرَأَ هَذِهِ الآياتِ عَلى مَسامِعِكُمْ لِكَيْ يَكونَ النَّصُّ حَاضِرًا في أذْهانِكُمْ حِيْنَ نَتَأمَّلُ فيه. لُوقا 24 ابْتِداءً بالعَدَدِ الأوَّل: "ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ حَامِلاَتٍ الْحَنُوطَ الَّذِي أَعْدَدْنَهُ، .... فَوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ الْقَبْرِ، فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ. وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ. وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ، قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ، وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهذَا كُلِّهِ".

"وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ، اللَّوَاتِي قُلْنَ هذَا لِلرُّسُلِ. فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ (أيْ: للرُّسُلِ) كَالْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ. فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ، فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا، فَمَضَى مُتَعَجِّبًا فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ". هَذا هُوَ سَرْدُ لُوقا للقِيامَة. وَهُناكَ سَرْدٌ آخَرُ في إنْجيلِ مَتَّى، وَسَرْدٌ آخَرُ في إنْجيلِ مَرْقُس، وَسَرْدٌ آخَرُ في إنْجيلِ يُوحَنَّا – لأنَّ قِيامَةَ الرَّبِّ يَسوعَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ سِمَةٍ مِنْ سِماتِ المَسيحيَّةِ، بَلْ هِيَ الحَقُّ الجَوْهَرِيُّ فيها. وَالحَقيقَةُ هِيَ أنَّهُ بِمَعْزِلٍ عَنْ قِيامَةِ يَسوعَ المَسيحِ، لا تُوْجَدُ مَسيحيَّة.

إنَّ قِيامَةَ الرَّبِّ يَسوعَ لَيْسَتْ نِهايَةَ القِصَّةِ. وَهِيَ لَيْسَتْ نِهايَةَ حَياةِ يَسوع. بَلْ هِيَ هَدَفُ حَياتِهِ، وَغَايَةُ حَياتِهِ، وَالقَصْدُ مِنْ حَياتِهِ. وَقَدْ كانَ هَذا هُوَ مَفْهومُ الكَنيسَةِ دَائِمًا. وَالحَقيقَةُ هِيَ أنَّ الكَنيسَةَ فَهِمَتْ ذَلِكَ مِنَ اليومِ الأوَّلِ للقيامَةِ فَصَاعِدًا. فَمُنْذُ ذَلِكَ الحِيْن، اخْتَارَتِ الكَنيسَةُ أنْ تَجْتَمِعَ يَوْمَ الأحَدِ (وَهُوَ اليَوْمُ الأوَّلُ في الأسْبوعِ، وَاليَوْمُ الَّذي قَامَ فيهِ يَسوعُ مِنَ الأمواتِ). وَهِيَ تَجْتَمِعُ في هَذا اليَوْمِ للاحْتِفالِ بِأهَمِّ حَدَثٍ في حَياتِهِ، وَبأهَمِّ حَدَثٍ في تَاريخِ الجِنْسِ البَشَرِيِّ: قِيامَته مِنَ الأمْواتِ. فَالكَنيسَةُ لَمْ تَخْتَرْ أنْ تَجْتَمِعَ يَوْمَ الجُمُعَة، بَلِ اخْتَارَتْ أنْ تَجْتَمِعَ يَوْمَ الأحَدِ لأنَّ الأحَدَ هُوَ تَفْسيرُ الجُمُعَة. فَالفِصْحُ هُوَ تَفْسيرُ الجُمْعَةِ العَظيمَة. وَالقِيامَةُ هِيَ التَّفْسيرُ الإلَهِيُّ لِمَوْتِ المَسيحِ. وَالقِيامَةُ هِيَ الخَاتِمَةُ الإلَهِيَّةُ للعَمَلِ الَّذي عَمِلَهُ على الصَّليب. فِبِدونِ القِيامَة، فَإنَّ الصَّليبَ لا يَعْني شَيْئًا لأنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَاعِلِيَّة، وَلا خَاتِمَة، وَلا تَأكيد. وَلَكِنْ عِنْدَما أَقامَ اللهُ يَسوعَ مِنَ الأمْواتِ، كانَ بِذلكَ يُؤكِّدُ وَيُثَبِّتُ وَيُرَسِّخُ حَقيقَةَ أنَّهُ حَمَلَ بالحَقيقَةِ خَطايانا في جَسَدِهِ عَلى الصَّليبِ، وَأنَّهُ اسْتَوْفَى مَطاليبِ عَدْلِ اللهِ وَدَفَعَ أُجْرَةَ الخَطِيَّة. لِذَلِكَ بِدونِ قِيامَة، فإنَّ الصَّليبَ لا مَعْنَى لَهُ، بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ مَوْتٍ آخَر.

وَلَكِنَّ القِيامَةَ هِيَ كُلُّ شَيْءٍ. فَهِيَ تُبَيِّنُ العِلَّةَ الأساسِيَّةَ لِوُجودِ الإنْجيلِ وَالفِداءِ. فَالقَصْدُ مِنَ الإنْجيلِ هُوَ لَيْسَ مُجَرَّدَ أنْ نَنالَ غُفْرانَ الخَطايا. بَلْ إنَّ القَصْدَ مِنَ الإنْجيلِ هُوَ أنْ يَصِيْرَ بِمَقْدورِنا، بَعْدَ حُصُولِنا على غُفْرانِ الخَطايا، أنْ نَدْخُلَ إلى الحَياةِ الأبَدِيَّةِ وَأنْ نَعيشَ في نَعيمِ السَّماءِ إلى الأبَد – في قَداسَةٍ كَامِلَةٍ وَفَرَحٍ كَامِلٍ، في أجْسادٍ مُمَجَّدَةٍ وَحَقيقيَّةٍ وَمُقامَةٍ. والحَقيقَةُ هِيَ أنَّ قِيامَةَ الأجْسادِ شَيْءٌ يَخْتَصُّ بالمَسيحيَّةِ، وَهُوَ تَعْليمٌ جَوْهَرِيٌّ فيها. وَلَكِنَّ البِشَارَةَ المَسيحيَّةَ لا تَرْمي أسَاسًا إلى تَخْليصِكَ مِنْ مَشاكِلِكَ على الأرْضِ. البَتَّة! فَهَذا غَيْرُ وَارِدٍ البَتَّة! وَالبِشَارَةُ المَسيحيَّةُ لا تَرْمي إلى جَعْلِ رُوْحِكَ هَائِمَةً في الأبَدِيَّةِ في حَالَةٍ مُبْهَمَةٍ. وَالبِشَارَةُ المَسيحيَّةُ لا تَعِدُكَ بأنَّكَ سَتَكونُ حَيًّا في تَأثيرِكَ بِطَريقَةٍ مَا، وَلا تَقولُ إنَّ المَسيحَ حَيٌّ في تَأثيرِه أوْ إنَّهُ يَحْيا بِهَيْئَةٍ رُوْحِيَّةٍ. بَلْ إنَّ الرِّسالَةَ المَسيحيَّةَ تَقولُ إنَّ يَسوعَ المَسيحَ قَامَ مِنَ القَبْرِ بِجَسَدٍ حَقيقيٍّ مُمَجَّدٍ، أَيْ بِجَسَدٍ يُشْبِهُ جَسَدَكَ الَّذي تَعيشُ فيهِ الآنَ، وَلَكِنَّهُ يَخْلُو مِنْ أيِّ خَطِيَّةٍ أوْ مَوْتٍ. وَهِيَ تَقولُ أيْضًا إنَّنا سَنَحْصُلُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلى جَسَدٍ شَبيهٍ بِجَسَدِهِ المُمَجَّدِ، وَإنَّنا سَنَحْيا في هَذِهِ الأجْسادِ المُمَجَّدَةِ إلى أَبَدِ الآبِدين. هَذِهِ هِيَ الرِّسَالَةُ المَسيحيَّةُ.

وَلَكِنَّ هَذِهِ لَيْسَتِ الرِّسالَة الَّتي جَاءَتْ بِها الدِّياناتُ الأُخرى في العَالَم. فَلا وُجودَ للقِيامَةِ في البُوذِيَّةِ. وَلا وُجودَ لِقِيامَةِ الأجْسادِ في الهِنْدوسِيَّةِ، بَلْ هُناكَ فَقَطْ تَنَاسُخٌ مُسْتَمِرٌّ للأرْواحِ وَلَكِنْ في أشْكالٍ مُخْتَلِفَة. أمَّا المَسيحيَّةُ فَتُعَلِّمُ عَنْ قِيامَةِ الأجْسادِ. وَهَذا هُوَ هَدَفُ الفِداءِ: أنْ نَعيشَ إلى الأبَدِ في أجْسادٍ بَشَرِيَّةٍ مُمَجَّدَةٍ مَعَ المَسيحِ المُمَجَّد، وَأنْ نَخْدُمَهُ وَنَعْبُدَهُ في فَرَحٍ وَسَلام. فالمَسيحِيَّةُ تَعِدُ بِقِيامَةٍ جَسَدِيَّةٍ. وَنَشْكُرُ اللهَ لأنَّ أجْسادَنا سَتَكونُ مُخْتَلِفَة. فَهِيَ لَنْ تَكونَ خَاضِعَةً للمَوْتِ أوِ الفَناءِ أوِ الخَطِيَّةِ أوِ الشَّرِّ. وَهِيَ لَنْ تَكونَ خَاضِعَةً للضُّعْفِ، بَلْ سَتَكونُ أجْسادًا بَشَرِيَّةً في هَيْئَةٍ مُمَجَّدَةٍ. وَقَدْ تَقولُ: "مَا الَّذي يُؤكِّدُ ذَلِكَ؟" القِيامَةُ الجَسَدِيَّةُ للرَّبِّ يَسوع. فَقَدْ كانَ جَسَدُهُ مَرْئِيًّا وَيُمْكِنُ لَمْسُهُ. وَقَدْ كَانَ يَحْمِلُ آثارَ المَساميرِ. وَقَدْ كانَ يَأكُلُ، وَيَمْشي، وَيَتَكَلَّمُ، وَيُفَكِّرُ، وَيَسْمَعُ. وَقَدْ كانَ يَتَصَرَّفُ في ذَلِكَ الجَسَدِ بِطُرُقٍ مَألوفَةٍ لِكُلِّ مَنِ الْتَقاهُمْ.

وَلَنْسَتَمِعْ إلى أَهَمِيَّةِ القِيامَةِ بِلُغَةِ الرَّسُولِ بُولُسَ في رِسَالَتِهِ الأولى إلى أهْلِ كورنِثوس وَالأصْحاح 15: "إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ". فَإنْ لَمْ يَكُنِ المَسيحُ قَدْ قَامَ مِنَ الأمْواتِ في جَسَدٍ حَقيقيٍّ، فَإنَّ كُلَّ الكِرازَةِ بالإنْجيلِ عَديمَةُ النَّفْعِ. وَهَذا يَعْني أنَّ العَهْدَ الجَديدَ بَاطِلٌ لأنَّ الكِرازَةَ بالإنْجيلِ ابْتَدَأت بِهَذا المَوْضوعِ. وَهَذا يَعني أيْضًا أنَّ المَسيحِيَّةَ بِمُجْمَلِها لاغِيَة. فَلا وُجودَ للمَسيحيَّةِ بِدونِ القِيامَة ... البَتَّة! "إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ". وَالأسْوَأُ مِنْ هَذا كُلِّهِ: "وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ، فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ". بِعِبارَةٍ أُخرى: لا وُجودَ للمَسيحيَّةِ، وَما كُنَّا نَعِظُ بِهِ هُوَ مُجَرَّدُ كَذِبٍ وَخِداع. "وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ" (العَدَد 20) "مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ". فَإنْ لَمْ يَكُنِ المَسيحُ قَدْ قَامَ، فَلا يُوْجَدُ عَهْدٌ جَديدٌ نُؤمِنُ بِهِ. وَلا تُوْجَدُ كِرازَةٌ يَنْبَغي الإيمانُ بِها عَنِ المَسيح. وَإيمانُكُمْ يَكونُ بَاطِلًا. وَلَكِنَّهُ قَامَ. وَهَذِهِ هِيَ الرِّسَالَةُ المَسيحيَّةُ.

لِذَلِكَ لا عَجَبَ أنَّ الأناجيلَ الأرْبَعَةَ جَميعَها تَتَحَدَّثُ عَنِ القِيامَةِ. فَهِيَ تَتَحَدَّثُ عَنْ هَذا الحَدَثِ العَظيمِ الَّذي لا مَثيلَ لَهُ لأنَّهُ الحَدَثُ الأكْثَرُ أَهَمِيَّةً وَحَسْمًا وَبُروزًا في حَياتِهِ. فَنَحْنُ نَصْرِفُ وَقْتًا طَويلًا في التَّفْكيرِ في الصَّليب (وَهَذا أمْرٌ لا بَأسَ فيه)، وَلَكِنَّ القِيامَةَ هِيَ الَّتي تُكَمِّلُ الصَّليبَ. لِذَلِكَ فَإنَّ الأناجيلَ الأرْبَعَةَ تَتَحَدَّثُ عَنِ القِيامَةِ. وَسِفْرُ أعْمالِ الرُّسُلِ يُدَوِّنُ تَاريخَ الوَعْظِ عَنِ القِيامَةِ إذْ إنَّ الرُّسُلَ، وَالأنْبياءَ، وَالكَارِزينَ وَالمُرْسَلينَ الآخَرينَ خَرَجُوا وَرَاحُوا يَكْرِزونَ بِقيامَةِ يَسوعَ المَسيحِ – أيْ أنَّهُ قَامَ مِنَ الأمْواتِ في جَسَدٍ حَقيقيٍّ، وَأنَّ الَّذينَ يُؤمِنونَ بِهِ سَيَقومونَ أيْضًا مِنَ الأمْواتِ. وَالرَّسائِلُ تَتْبَعُ سِفْرَ أعْمالِ الرُّسُل إذْ إنَّها تُقَدِّمُ لَنا الشَّرْحَ أوِ التَّفسيرَ وَالتَّطبيقَ للقيامَةِ، وَلا سِيَّما مَعْناها، وَكَيْفَ يَنْبَغي للمَرْءِ أنْ يَفْهَمَ القِيامَةِ وَأنْ يُطَبِّقَ هَذِهِ الحَقيقَةَ العَظيمَةَ على حَياتِهِ الشَّخْصِيَّةِ. وَيَخْتِمُ سِفْرُ الرُّؤيا العَهْدَ الجَديدَ بِذِرْوَةٍ إذْ يُخْبِرُنا أيْنَ سَنَكونُ في أجْسادِنا المُقامَةِ في أمْجادِ السَّماءِ الجَديدَةِ وَالأرْضِ الجَديدَةِ الَّتي سَيُؤسِّسُها المَسيحُ المُقامُ مِنَ الأمْواتِ.

لِذلكَ عِندمَا تَنْظُرُ إلى العهدِ الجديدِ، تَرى أنَّهُ يَتحَدَّثُ عَنِ القِيامَةِ. وقَبْلَ حُدوثِ القِيامَةِ، كانَ يَسوعُ قَدْ قالَ إنَّها سَتَحْدُث. ثُمَّ حَدَثَتْ. ثُمَّ كُرِزَ بِها. ثُمَّ شُرِحَتْ وَطُبِّقَتْ. وَأخيرًا تَحَقَّقَتْ في سِفْرِ الرُّؤيا. وَالآنْ، عِندما نَتَأمَّلُ في القِصَصِ الأرْبَعِ عَنِ القِيامَةِ، في القِصَصِ التَّاريخيَّةِ الأرْبَعِ الَّتي كَتَبَها كُتَّابُ العَهْدِ الجَديدِ (مَتَّى وَمَرْقُس وَلوقا ويوحَنَّا)، أُريدُ مِنْكُم أنْ تَفْهَمُوا أنَّهُ يُوْجَدُ في هَذِهِ القِصَصِ ما يُمْكِنُ أنْ أُسَمِّيهِ بالتَّوافُقِ الضِّمْنِيِّ. أَجَلْ، هُناكَ تَوافُقٌ ضِمْنِيٌّ عَلى الأرْجَحِ، وَلَيْسَ تَوافُقًا صَريحًا. وَهَذا يَعْني أنَّ القِصَّةَ لَيْسَتْ مُلَفَّقَةً. فَلَمْ تَعْقِدْ إحْدى اللِّجانِ جَلْسَةً وَتَقول: "حَسَنًا، نَحْنُ هُنا أَمامَ أرْبَعِ رِواياتٍ يَنْبَغي التَّوفيقُ بَيْنَ أحْداثِها بإحْكامٍ لِئِلَّا يَأتي شَخْصٌ وَيُشَكِّكَ في صِحَّتِها".

بَلْ هُناكَ عُنْصُرٌ رَائِعٌ وَطَبيعِيٌّ في هَذِهِ الأناجيلِ وَهُوَ أنَّ كُلَّ كَاتِبٍ مِنْهُمْ كَتَبَ مِنْ وَاقِعِ خِبْرَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ مُنْقَادًا بِروحِ اللهِ، وَوَفْقًا لِفَهْمِهِ الشَّخْصِيِّ للحَدَث. لِذَلِكَ جَاءَتِ الكِتابَةُ عَفْوِيَّةً وَشَخْصِيَّةً. وَفي الوقتِ نَفْسِهِ، هُناكَ انْسِجامٌ ضِمْنِيٌّ يُتيحُ لَنا أنْ نَضُمَّ الرِّواياتِ الأرْبَعَ مَعًا لِنَخْرِجُ بِفَهْمٍ رائِعٍ لِما حَدَث. فَكُلُّ كَاتِبٍ رَكَّزَ عَلى جَوانِبَ مُعَيَّنة في القِيامَةِ وَأَبْرَزَ عَناصِرَ فَريدَة فيها بِحُكْمِ أُسْلوبِهِ الشَّخْصِيِّ، وَلَكِنَّهُمْ جَميعًا يَتَّفِقونَ على أرْبَعِ حَقائِق. فَهُمْ جَميعًا يَذْكُرونَ أرْبَعَة أُمورٍ مُهِمَّة جِدًّا لِتأكيدِ صِحَّةِ القِيامَةِ وَإثْباتِ صِدْقِها. أمَّا هَذِهِ الأمورُ الأرْبَعَةُ فَهِيَ كَالتَّالي: القَبْرُ الفَارِغُ. فَهُمْ جَميعًا يَتَحَدَّثونَ عَنِ القَبْرِ الفَارِغِ. وَهَذِهِ نُقْطَةٌ جَوْهَرِيَّةٌ لأنَّها دَليلٌ عَلى أنَّ يَسوعَ حَيٌّ. وَهُمْ جَميعًا يَتَحَدَّثونَ عَنْ شَهادَةِ المَلائِكَةِ. فَهُمْ جَميعًا يَتَحَدَّثونَ عَنْ حَقيقَةِ أنَّ المَلائِكَةَ قَامَتْ بِتَوْصيلِ رِسالَةٍ إلَهِيَّةٍ وَفَسَّرَتْ مَا حَدَث. وَهُمْ جَميعًا يُشيرونَ إلى شَهادَةِ النِّساءِ اللَّاتي رَأيْنَ المَسيحَ المُقامَ بأُمِّ أعْيُنِهِنَّ وَلَمَسْنَهُ، وَتَكَلَّمْنَ مَعَهُ. وَهُمْ جَميعًا يَذْكُرونَ عَدَمَ إيمانِ الرُّسُل. القَبْرُ الفَارِغُ، وَشَهادَةُ المَلائِكَةُ، وَشَهادَةُ النِّساءُ، وَعَدَمُ إيمانِ الرُّسُل. هَذِهِ هِيَ البَراهينُ الجَوْهَرِيَّةُ الأرْبَعَةُ عَلى صِحَّةِ القِيامَة.

وَالآنْ، لِنُراجِعْ سَريعًا الدَّليلَيْنِ الأوَّلِ وَالثَّاني اللَّذَيْنِ تَحَدَّثْنا عَنْهُما في المَرَّةِ السَّابِقَةِ. الدَّليلُ الأوَّلُ هُوَ القَبْرُ الفَارِغُ. لِنَتَأمَّلْ في النَّصِّ الَّذي بَيْنَ أيْدينا: "ثُمَّ فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، أَوَّلَ الْفَجْرِ، أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ". وَالكَلِمَة "أَتَيْنَ تُشيرُ إلى النِّسْوَةِ. وَنَقْرَأُ في العَدَدِ العَاشِرِ أنَّ النِّسْوَةَ هُنَّ "مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَيُوَنَّا، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ، وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ". وَنَقْرَأُ في إنْجيل مَرْقُس 16: 1 اسْمَ إحْداهُنَّ وَهِيَ "سَالومَة". لِذَلِكَ مِنَ المُرَجَّحِ أنَّهُ كانَتْ هُناكَ سِتُّ نِساءٍ أوْ أكْثَر. وَالسَّبَبُ في مَجيئِهِنَّ هُوَ (كَما تَذْكُرونَ) أنَّهُنَّ كُنَّ هُناكَ عِنْدَ الصَّليبِ. أتَذْكُرون؟ فَقَدْ كُنَّ يَقِفْنَ هُناكَ، وَيُراقِبْنَ يَسوعَ وَهُوَ يَموتُ بِصَمْتٍ .. صَمْتٍ مُطْبِقٍ. وَإنْ رَجَعْتُمْ إلى الأصْحاح 23، سَتَجِدونَ أنَّهُنَّ كُنَّ هُناكَ أيْضًا عِنْدَما دُفِنَ يَسوع (العَدَد 55): "وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ". فَقَدْ تَبِعْنَ يُوسُفَ الَّذي مِنَ الرَّامَةِ الَّذي أَخَذَ جَسَدَ يَسوعَ لِيَدْفِنَهُ في قَبْرِهِ الخَاصِّ الَّذي لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ قَدْ وُضِعَ فيه قَطّ. أجَلْ لَقَدْ تَبِعْنَهُ وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ. فَقَدْ شَاهَدْنَ مَوْتَ المَسيحِ. لَقَدْ رَأيْنَهُ يَموتُ. وَقَدْ كُنَّ هُناكَ عِنْدَما لَمْ يَكْسِرِ الجُنودُ سَاقَيْهِ، بَلْ طَعَنوا جَنْبَهُ فَخَرَجَ دَمٌ وَماء. وَقَدْ كُنَّ هُناكَ عِنْدَما دُفِنَ. وَقَدْ رَأيْنَ نيقوديموسَ يَظْهَرُ وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرٍّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا لِكَيْ يَضَعَها عَلى جَسَدِ المَسيحِ تَعْبيرًا عَنْ حُبِّهِ لَهُ.

وَقَدْ عَقَدْنَ العَزْمَ عَلى أنَّهُنَّ لَنْ يَسْمَحْنَ لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ (أيْ: يُوسُفَ وَنيقوديموسَ اللَّذَيْنَ كانَا حَتَّى تِلْكَ اللَّحْظَةِ تِلْميذَيْنِ سِرِّيَّيْنِ) أنْ يَتَفَوَّقا عَلَيْهنَّ في مَحَبَّتِهِما لَهُ. لِذَلِكَ نَقْرَأُ أنَّهُنَّ "رَجَعْنَ" (في العَدَد 56 مِنَ الأصْحاح 23) "وَأَعْدَدْنَ حَنُوطًا وَأَطْيَابًا". وَلَعَلَّكُمْ تَذْكُرونَ أنَّهُمْا وَضَعَا يَسوعَ في القَبْرِ يَوْمَ الجُمُعَة. وَقَدْ رَجَعَتِ النِّساءُ إلى بُيوتِهِنَّ وَكانَ مَا يَزالُ لَدَيْهِنَّ بِضْع سَاعاتٍ، أوْ رُبَّما سَاعَة وَاحِدَة قَبْلَ حُلولِ المَساءِ وَابْتِداءِ السَّبْتِ اليَهودِيِّ في السَّاعَةِ السَّادِسَةِ أوْ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَليل. لِذَلِكَ فَقَدْ "رَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطًا وَأَطْيَابًا" لأنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا في السَّبْتِ اليَهودِيِّ لأنَّ كُلَّ عَمَلٍ مَحْظُور. وَقَدْ أَعْدَدْنَ الحَنوطَ وَالأطْيابَ وَصِرْنَ جَاهِزاتٍ لإحْضَارِ الحَنوطِ يَوْمَ الأحَد بَعْدَ انْتِهاءِ السَّبْتِ (في الصَّباحِ البَاكِرِ) لِتَطْييبِ جَسَدِ يَسوعَ تَعْبيرًا عَنْ مَحَبَّتِهِنَّ لَهُ. لِذَلِكَ فَقَدْ أَتَيْنَ إلى القَبْرِ حَامِلاتٍ الحَنوطَ الَّذي أَعْدَدْنَهُ. وَكانَ الوَقْتُ آنَذاكَ فَجْرَ يَوْمِ الأحَد، في الصَّباحِ البَاكِرِ. وَقَدْ وَجَدْنَ الحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ القَبْرِ. وَلَعَلَّكُمْ تَذْكُرونَ أنَّهُنَّ كُنَّ يَتَحَدَّثْنَ في الطَّريقِ عَمَّا سَيَفْعَلْنَهُ عِنْدَ وُصولِهِنَّ لأنَّ الحَجَرَ يُغْلِقُ بَابَ القَبْرِ. فَمَنْ سَيُدَحْرِجُ الحَجَر؟ وَقَدْ كانَتِ الصَّدْمَةُ شَديدَةً عَلَيْهنَّ لأنَّهُ عِنْدَما أَتَيْنَ إلى القَبْرِ، وَجَدْنَ الحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ القَبْرِ فَدَخَلْنَ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوعَ.

وَإلَيْكُمْ مَا حَدَثَ فَجْرَ يَوْمِ الأحَد. فَقَدْ كانَ اليَوْمُ الأوَّلُ في الأسْبوعِ قَدِ ابْتَدَأ. وَهُوَ اليومُ الثَّالِثُ مُنْذُ مَوْتِ يَسوع. فقَدْ فَعَلَ يَسوعُ حَرْفِيًّا مَا قَالَ إنَّهُ سَيَفْعَلُهُ: أيْ أنَّهُ سَيَقومُ ثانِيَةً في اليَوْمِ الثَّالِثِ. وَالآنْ، لِرَبْطِ الأحْداثِ مَعًا، بإيجازٍ شَديد، تَذَكَّرُوا هَذا: أنَّ النِّساءَ جَميعًا أَتَيْنَ مِنْ أَماكِنَ في بَيْتِ عَنْيا الَّتي تَبْعُدُ نَحْوَ ثَلاثَةِ كيلومِتراتٍ. وَفي الفَجْرِ، يَبْدو أنَّ مَرْيَمَ المَجْدَلِيَّةَ وَمَرْيَمَ الأُخرى (أيْ مَرْيَمَ أُمَّ يَعْقوب وَيُوسِي أوْ زَوْجَة كِلُوبا) جَاءَتا مَعًا، وَأنَّ بَقِيَّةَ النِّساءَ كُنَّ خَلْفَهُنَّ. وَمِنَ المُرَجَّحِ أنَّ مَرْيَمَ المَجْدَلِيَّةَ كانَتِ الأكْثَرَ شَبابًا بَيْنَهُنَّ، لِذَلِكَ فَقَدْ كانَتْ أوَّلَ مَنْ وَصَلَ إلى القَبْر. وَبِحَسَبِ مَا جَاءَ في إنْجيل يُوحَنَّا 20، فَقَدْ وَصَلَتْ إلى هُناكَ وَالظَّلامُ بَاقٍ. وَقَدْ كانَتْ وَحْدَها حِيْنَ وَصَلَتْ إلى هُناكَ لأنَّ يُوحَنَّا يَقولُ إنَّ مَرْيَمَ المَجْدَلِيَّة وَصَلَتْ إلى هُناكَ وَنَظَرَتْ في العَتْمَةِ لأنَّ الفَجْرَ كَانَ في أوَّلِهِ فَرَأتِ الحَجَرَ مرْفُوعًا عَنِ القَبْرِ. وَكانَ اسْتِنتاجُها الوَحيدُ هُوَ أنَّ أُناسًا سَرَقُوا جَسَدَ يَسوع. وَلَكِنَّها لَمْ تَدْخُلِ القَبْرَ، وَلَمْ تَبْحَثْ عَنِ النِّساءِ البَاقِيات، بَلْ عَادَتْ أَدْراجَها.

وَلأنَّ الفَجْرَ كَانَ في أوَّلِهِ، لَمْ تَتَمَكَّنْ بَقِيَّةُ النِّساءِ مِنْ رُؤيَتِها. بَلْ رُبَّما ذَهَبَتْ في طَريقٍ آخرَ. فَهُناكَ طُرُقٌ عَديدَةٌ يُمْكِنُ الذَّهابُ مِنها. وَعلى أيَّةِ حَالٍ، لَقَدْ عَادَتْ أَدْراجَها. وَيُخْبِرُنا يُوحَنَّا أنَّها كانَتْ عَائِدَةً مُباشَرَةً إلى الرُّسُلِ، إلى بُطْرُس وَيُوحَنَّا. فَهَذِهِ هِيَ وُجْهَتُها. لِذَلِكَ فَقَدْ عَادَتْ. وَنَقْرَأُ في إنْجيل يُوحَنَّا 20 وَالعَدَدَيْن 1 و 2 أنَّها قَالَتْ لِبُطْرُس وَيُوحَنَّا إنَّهُمْ سَرَقُوا جَسَدَ يَسوع. وَكانَ هَذا اسْتِنتاجها الشَّخْصِيُّ. فَهِيَ لَمْ تَكُنْ تَتَوَقَّعُ القِيامَة. وَالحَقيقَةُ هِيَ أنَّ أَحَدًا لَمْ يَكُنْ يَتَوَقَّعُها. فالنِّساءُ لَمْ يَكُنَّ يَتَوَقَّعْنَ ذَلِك. وَهِيَ لَمْ تَكُنْ تَتَوَقَّعُ ذَلِك. وَالرُّسُلُ لَمْ يَكُونوا يَتَوَقَّعونَ ذلك. ولا أَحَد كَانَ يَتَوَقَّعُ ذَلِك. وَبِسَبَبِ الرِّسالَةِ الَّتي حَمَلَتْها، قَرَّرَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا أنْ يَتَحَقَّقا مِنَ الأمْرِ بِنَفْسَيْهِما. لِذَلِكَ فَقَدْ رَكَضَا باتِّجاهِ القَبْرِ. وَرُبَّما قَبْلَ وُصُولِ مَرْيَمَ إليهِما، كانَتِ النِّساءُ البَاقِياتُ قَدْ وَصَلْنَ إلى القَبْرِ. وَهُنا نَجِدُ بَقِيَّةَ القِصَّة.

وَصَلَتْ بَقِيَّةُ النِّساءِ. وَقَدْ أَظْهَرْنَ صَبْرًا أكْثَرَ فَأَرَدْنَ أنْ يَتَحَقَّقْنَ مِمَّا حَدَثَ في المَكان. لِذَلِكَ فَإنَّ لُوقا يَقولُ إنَّهُنَّ دَخَلْنَ القَبْرَ فَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسوع. فَقَدْ وَجَدْنَ فَقَطْ الأكْفانَ في مَكانِها. وَهَذا هُوَ مَا نَعْلَمُهُ لاحِقًا مِنْ خِلالِ شَهادَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا. إذَنْ فَقَدْ وَصَلَتْ مَرْيَمُ المَجْدَلِيَّة أوَّلًا، وَرَجَعَتْ نَحْوَ ثَلاثَةِ كيلومِتراتٍ لإخْبارِ بُطْرُس وَيُوحَنَّا. وَفي تِلْكَ الأثْناءِ، أوْ عَلى الأرْجَحِ بَعْدَ وَقْتٍ قَصيرٍ مِنْ مُغادَرَتِها، وَصَلَتْ بَقِيَّةُ النِّساءِ. وَلَمْ تَكُنْ لَدَيْهِنَّ أَدْنى فِكْرَة عَمَّا حَدَث. فَلا أَحَدَ يَعْرِفُ مَا حَدَث. وَلَكِنَّ مَتَّى يُخْبِرُنا بِما جَرَى. فَعِنْدَما خَيَّمَ الظَّلامُ، نَقْرَأُ في إنْجيل مَتَّى 28: 2-4 أنَّ الحُرَّاسَ الرُّومانَ كَانُوا يَحْرُسونَ القَبْرَ. فَقَدْ ذَهَبَ اليَهودُ إلى بيلاطُسَ وَقالُوا: "نُريدُ حُرَّاسًا. فَنَحْنُ نَخْشَى أنْ يُقْدِمَ أَحَدٌ على سَرِقَةِ الجَسَدِ فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى. لِذَلِكَ نُريدُ حُرَّاسًا يَحْرُسونَ القَبْرَ لِكَيْ لا يَسْرِقُوهُ وَيَدَّعوا أنَّ هُناكَ قِيامَة". لِذَلِكَ، تَمَّ وَضْعُ حُرَّاسٍ عنْدَ القَبْرِ لِحِراسَتِهِ. وَقَدْ تَمَّ وَضْعُ الحُرَّاسِ بَعْدَ حُلولِ الظَّلامِ. ثُمَّ نَقْرَأُ في إنْجيل مَتَّى 28: 2-4 أنَّ مَلاكًا نَزَلَ مِنَ السَّماءِ. وَفي الوَقْتِ نَفْسِهِ الَّذي نَزَلَ فيهِ المَلاكُ مِنَ السَّماءِ، حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظيمَةٌ هَزَّتِ الأرْضَ. وَقَدْ رَأى الحُرَّاسُ المَلاكَ وَشَعَرُوا بالزَّلْزَلَةِ، وَنَظَرُوا المَلاكَ الَّذي كَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ يُدَحْرِجُ الحَجَرَ عنِ القَبْرِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ. حينئذٍ دَخَلُوا في شِبْهِ غَيْبوبَةٍ مِنْ فَرْطِ الخَوْفِ وَالصَّدْمَة. وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَتَذَكَّرونَ مَا رَأَوْهُ حَتَّى تِلْكَ اللَّحْظَة.

وَعِنْدَما أَفاقُوا أخيرًا مِنْ غَيْبوبَتِهِمْ، كانَ المَلاكُ الَّذي رَأَوْهُ قَدْ ذَهَب. وَكانَ الحَجَرُ مَا يَزالُ مُدَحْرَجًا. وَمِنَ المُؤكَّدِ أنَّهُمْ نَظَروا دَاخِلَ القَبْرِ للتَّحَقُّق. وَقَدْ رَأَوْا هُمْ أيْضًا الأكْفانَ مَوْضُوعَةً هُناكَ وَمَلْفوفَةً هَكَذا، والمِنديلَ الَّذي كَانَ عَلى رَأسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعًا مَعَ الأَكْفَانِ، بَلْ مَلْفُوفًا فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ. وَقَدْ غَادَرُوا حَالًا وَالظَّلامُ بَاقٍ واتَّجَهُوا إلى رُؤساءِ اليَهودِ. وَعِنْدَما وَصَلُوا إلى قَادَةِ اليَهودِ، نَقْرَأُ في إنْجيل مَتَّى 28: 11-15 أنَّهُمْ أَخْبَروهُمْ بِما حَدَثَ تَمامًا: "لَقَدْ كُنَّا هُناكَ نَحْرُسُ المَكانَ، ونَحْفَظُ الأمْنَ، وَنَضْمَنُ بَقاءَ القَبْرِ مَخْتومًا. وفجأةً، حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظيمَةٌ ... (وَمِنَ المُرَجَّحِ أنَّ تِلْكَ الزَّلْزَلَةَ حَدَثَتْ في ذَلِكَ المَكانِ فَقَطْ لأنَّ اليَهودَ لَمْ يُعَلِّقُوا عَلى الزَّلْزَلَة) ... وَعِنْدَما حَدَثَتِ الزَّلزَلَةُ، نَزَلَ مَلاكٌ بِثِيابٍ بَرَّاقَةٍ مِنَ السَّماءِ وَدَحْرَجَ الحَجَرَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَقَدْ تَحَقَّقْنا مِنَ القَبْرِ فَوَجْدناهُ فَارِغًا".

يا للعَجَب! إنَّ هَذا مُهِمٌّ جِدًّا. فَقَدْ كانَ هَذا هُوَ رَدُّ رُؤساءِ اليَهودِ: "لا يُمْكِنُكُمْ أنْ تُخْبِرُوا أَحَدًا بِذَلِك. لا يُمْكِنُكُمْ أنْ تُخْبِرُوا أَحَدًا بِذَلِك. يَجِبْ أنْ تَكْذِبُوا. يَجِبْ أنْ تَكْذِبُوا وَتَقولوا إنَّ التَّلاميذَ سَرَقُوا الجَسَدَ. وَنَحْنُ سَنَدْفَعُ لَكُمْ مَالًا. إلَيْكُمْ بَعْضَ المَالِ لِتَكْذِبُوا". وَلَكِنْ مَا الَّذي يَدْفَعُ أيَّ شَخْصٍ إلى الكَذِب؟ لِطَمْسِ مَاذا؟ الحَقيقَة. وَما أَعْنيهِ هُوَ أنَّ رُؤساءَ اليَهودِ أنْفُسَهُمْ شَهِدُوا عَنْ حُدوثِ القِيامَة. فَمَا سَمِعُوهُ لَمْ يَصْدِمْهُمْ لأنَّ يَسوعَ هُوَ رَبُّ الحَياةِ. وَقَدْ كَانُوا يَعْلَمونَ ذَلِكَ. فَقَدْ جَعَلَ العُمْيَ يُبْصِرونَ، وَجَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعونَ، وَجَعَلَ الخُرْسَ يَتَكَلَّمونَ، وَجَعَلَ العُرْجَ وَالمَشْلولينَ يَمْشُونَ، وَأقامَ أُناسًا مِنَ المَوْتِ. وَقَدْ كانَتِ المُعْجِزاتُ تَتْبَعُهُ في كُلِّ مَكانٍ طَوالَ ثَلاثِ سَنَوات. وَهُمْ لَمْ يُنْكِرُوا مُعْجِزاتِهِ يَوْمًا. وَهُمْ لَمْ يَشُكُّوا في مُعْجِزاتِهِ يَوْمًا. وَهُمْ لَمْ يُحاوِلُوا يَوْمًا أنْ يُثْبِتُوا زِيْفَ مُعْجِزاتِهِ مِنْ خِلالِ إجْراءِ تَحْقيقاتٍ مُوَسَّعَةٍ. البَتَّة! فَقَدْ كانَتِ المُعْجِزاتُ دَائِمَةَ الحُدوثِ في كُلِّ مَكانٍ. فَقَدْ كانَتْ كَثيرَةً جَدًّا، وَكانَتْ مُدَعَّمَةً بالأدِلَّةِ. وَقَدْ كانُوا يَعْلَمونَ أنَّهُمْ يَتَعامَلونَ مَعَ شَخْصٍ مُقْتَدِرٍ، بَلْ مُقْتَدِرٍ جِدًّا.

وَعِنْدَما أَخْبَرَهُمُ الجُنودُ بِما حَدَثَ، كَانوا يَعْلَمونَ أنَّ ذَلِكَ هُوَ مَا حَدَثَ تَمامًا لأنَّهُمْ كَانُوا يُدْرِكونَ أنَّهُ لا يُمْكِنُ لأحَدٍ أنْ يَسْرِقَ الجُثَّةَ – وَلا سِيَّما أنَّ الجُنودَ الرُّومانَ كَانُوا يَحْرُسونَ القَبْر. لِذَلِكَ، فَقَدِ حَاوَلُوا أنْ يَتَكَتَّموا عَلى الأمْرِ. وَبِتَكَتُّمِهِمْ عَلى الأمْرِ لَفَّقُوا كِذْبَةٍ، وَلَكِنَّ كِذْبَتَهُمْ بَرْهَنَتْ عَلى حُدوثِ القِيامَة. فَهُمْ لَمْ يُطالِبُوا بِتَفْسيرٍ. أَلا تَتَعَجَّبونَ حَقًّا مِنْ حَقيقَةِ أنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبوا تَحْقيقًا مُوَسَّعًا في الأمْرِ؟ وَمِنْ أنَّهُمْ لَمْ يَقولوا (للحُرَّاسِ): "مَهْلًا! مَهْلًا! مَهْلًا! مَاذا قُلْتُمْ؟ مَاذا؟ زَلْزَلَةٌ؟ ثُمَّ مَلاكٌ نَزَلَ مِنَ السَّماءِ؟ مَلاكٌ بِثِيابٍ بَرَّاقَةٍ؟" وَهُوَ مَلاكٌ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ مِنْ قَبْل وَلا يَعْرِفونَ أَحَدًا رَأى مِثْلَهُ مِنْ قَبْل! "مَاذا؟ يَنْبَغي أنْ نُجْري تَحْقيقًا مُوَسَّعًا وَدَقيقًا في هَذا الأمْرِ". فَقَدْ كانَتْ هُناكَ أُمورٌ كَثيرَةٌ عَلى المِحَكِّ بالنِّسْبَةِ إليهِم، أليسَ كَذَلك؟ فَهُمُ الَّذينَ طَالَبُوا بِإعْدامِ يَسوع. وَقَدْ كانَ كُلُّ شَيْءٍ عَلى المِحَكِّ بالنِّسْبَةِ إليهِمْ إنْ كَانَ حَيًّا حَقًّا. ألا تَعْتَقِدونَ أنَّهُمْ كَانُوا يَرْغَبونَ في مَعْرِفَةِ الحَقيقَة؟ انظُروا! لَقَدْ كَانَ الأمْرُ وَاضِحًا. فَالقَبْرُ فَارِغٌ، وَالأكْفانُ مَوْضُوعَة في المَكانِ الَّذي كَانَ الجَسَدُ مَوْضُوعًا فيهِ. وَلَكِنَّ الجَسَدَ قَدِ خَرَجَ مِنْ تِلْكَ الأكْفان. وهُمْ في نَفْسِ المَكانِ الَّذي كَانُوا فيهِ عِنْدَما كَانَ الجَسَدُ هُناكَ. وَلا يُمْكِنُ لأَحَدٍ أنْ يَسْرِقَ الجَسَدَ وَيَتْرُكَ الأكْفانَ هَكَذا. فَإنْ أَرَدْتَ أنْ تَسْرُقَ جُثَّةً فَإنَّكَ تَأخُذُها كَما هِيَ وَتَهْرُب. فَأنتَ تَأخُذُها عَلى حَالِها وَتُغادِرْ بِأقْصى سُرْعَة. وَقَدْ كانَ الحُرَّاسُ يَحْرُسونَ القَبْرَ!

لَقَدْ كانَتِ القِيامَةُ هِيَ التَّفْسيرُ الوَحيد. وَقَدْ كانُوا يَعْلَمونَ أنَّ قِيامَةً حَدَثَتْ. وَقَدْ كانُوا يَعْلَمونَ أنَّهُ لا يُوْجَدُ تَفْسيرٌ آخَر. وَقَدْ قَالُوا: "لِنَكْذِب بِهَذا الخُصوص". وَبالمُناسَبَة، لَقَدْ كانَ هَؤلاءِ يَمْتَلِكونَ نَزاهَةً أكْثَرَ مِنْ كَثيرٍ مِنَ المُشَكِّكينَ وَالنُّقَّادِ المُتَحَرِّرينَ الَّذينَ لم يَتَوَقَّفُوا عَبْرَ السِّنينَ عَنِ الادِّعاءِ بأنَّ التَّلاميذَ سَرَقُوا جَسَدَ يَسوع. فَحَتَّى قَادَةُ اليَهودِ كَانُوا يَعْلَمونَ أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صَحيحًا. وَهَذا هُوَ السَّبَبُ الَّذي دَفَعَهُمْ إلى الكَذِبِ بأنَّهُمْ سَرَقُوا جَسَدَهُ. فَقَدْ كانَتِ القِصَّةُ مَعْقولَةً وكَانُوا رَاضِيْنَ عَنْها. لِذَلِكَ فإنَّهُمْ لَمْ يُحَقِّقُوا في الأمْرِ يَوْمًا، وَلَمْ يَطْلُبوا تَفْسيرًا، وَلَمْ يُشَكِّكُوا في كَفاءَةِ الحُرَّاسِ. وَهُمْ لَمْ يَقولوا: "حَسَنًا، مَا الَّذي كَانَ الحُرَّاسُ يَفْعَلونَهُ؟ هَلْ كُنْتُمْ مُتَيَقِّظينَ؟ وَما نَوْعُ الحِراسَةِ الَّتي تُقَدِّمونَها؟" إنَّهُمْ لَمْ يَطْرَحُوا أسْئلةً كَهَذِهِ يَوْمًا. وَهُمْ لَمْ يُشَكِّكُوا يَوْمًا في القِيامَةِ، وَلا في المَلاكِ، وَلا في الزَّلْزَلَةِ.

إنَّ القَبْرَ الفَارِغَ هُوَ دَليلٌ قَوِيٌّ جِدًّا. وَهُمْ لَمْ يُقَدِّمُوا نَظَرِيَّةً هَزيلَةً وَلَمْ يَقولوا مَثَلًا: "حَسَنًا، رُبَّما كانَ يَسوعُ في حَالَةِ إغْماءٍ ثُمَّ أَفاقَ مِنَ الإغْماءِ وَخَرَجَ وَحْدَهُ". لا! فَلا يُمْكِنُ لِشَخْصٍ كَانَ مَصْلُوبًا أنْ يَفْعَلَ ذَلِك. وَلا يُمْكِنُ لِشَخْصٍ كَانَ مُعَلَّقًا على صَليبٍ لِسِتِّ سَاعاتٍ وَيَنْزِفُ بِغَزارَةٍ مِنْ ِجِراحِهِ أنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. وَلَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ شَخْصٌ مِنَ الوَاضِحِ أنَّهُ كانَ مَيتًا حَتَّى إنَّ الجُنودَ قَرَّرُوا أنْ لا يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، بَلْ طَعَنوهُ بِحَرْبَةٍ في جَنْبِهِ فَخَرَجَ الدَّمُ مِنْ قَلْبِهِ. فَقَدْ تَمَّ إنْزالُ جَسَدِهِ المَيِّتِ عَنِ الصَّليبِ وَوُضِعَ في القَبْرِ. فَهَلِ يُريدُ أيُّ شَخْصٍ أنْ يَقولَ لي إنَّ حَالَتَهُ تَحَسَّنَتْ بَعْدَ بَقائِهِ في القَبْرِ ثَلاثَةَ أيَّامٍ؟ وَأنَّهُ قَامَ، وَأَفاقَ، وَوَقَفَ، وَمَشَى إلى فُتْحَةٍ صَغيرَةٍ، إلى حَجَرٍ كَبيرٍ جِدًّا يُغْلِقُ فُتْحَةً صَغيرَةً؟ وَأنَّهُ كَانَ يَمْتَلِكُ قُوَّةً مَكَّنَتْهُ مِنْ دَحْرَجَةِ الحَجَرِ مِنَ الدَّاخِلِ بِمَعونَةِ مَلاك؟ هَذا سَخيفٌ! سَخيفٌ! وَأنَّهُ تَرَكَ أَكْفانَهُ هُناكَ؟ لَقَدْ كانُوا يَعْلَمون. لِذَلِكَ فإنَّهُمْ لَمْ يَقْتَرِحُوا مِثْلَ هَذِهِ الفِكْرَةِ الغَبِيَّة. وَقَدْ كانُوا يَعْلَمونَ أنَّ الحُرَّاسَ نَظَرُوا دَاخِلَ القَبْرِ وَتَحَقَّقُوا مِنْ أنَّهُ لَيْسَ هُناكَ. وَأنا مُتَيَقِّنٌ مِنْ أنَّ الحُرَّاسَ قَدَّمُوا لَهُمْ تَقْريرًا عَنِ الأكْفانِ، وَأنَّ تِلْكَ الأكْفانَ كَانَتْ كَافِيَةً لإقْناعِ يُوحَنَّا (أوَّلًا)، وَرُبَّما بُطْرُس – أَجَلْ، الأكْفانَ ... القَبْرَ الفَارِغَ وَالأكْفانَ المَوْضُوعَةَ هُناكَ في المَكانِ الَّذي كَانَ الجَسَدُ مُوْضُوعًا فيهِ.

لِذَلِكَ فإنَّ أوَّلَ دَليلٍ يُريدُ كُتَّابُ الأناجيلِ الأرْبَعَة أنْ يُبَيِّنوهَ لَنا هُوَ أنَّ القَبْرَ كَانَ فَارِغًا، وَأنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَفْسيرٍ آخَرَ سِوى القِيامَة. أمَّا الدَّليلُ السَّاطِعُ الثَّاني فَهُوَ إعْلانُ المَلائِكَةِ (أيْ: شَهادَةُ المَلائِكَة). الأعْداد 4-7: "وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذلِكَ، إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ". وَيُخْبِرُنا كُتَّابُ الأناجيلِ الأُخرى أنَّهُما كانَا مَلاكَيْنِ شَابَّيْنِ. "وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ، قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ»". وَهَذا أَهَمُّ دَليلٍ لأنَّهُ إعْلانٌ إلَهِيٌّ. فَقَدْ جَاءَ مَلاكانِ مِنَ السَّماءِ، مِنْ عِنْدِ اللهِ، لِيَشْهَدا بالحَقِّ. وَقَدْ قَالا لَهُنَّ إنَّهُ قَامَ. "لَيْسَ هُوَ هُنا".

لِذَلِكَ، هُناكَ القَبْرُ الفَارِغُ. وَهُناكَ رِسَالَةُ المَلاكَيْنِ الَّتي أَكَّدَتْ حُدوثَ القِيامَة. فَهُناكَ دَليلٌ مِنْ وَاقِعِ الأحْداثِ. وَهُناكَ دَليلٌ مِنَ الإعْلانِ الإلَهِيِّ. وَهَذا يَقودُنا إلى الدَّليلَيْنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ اللَّذَيْنِ يُقَدِّمُهُما لَنا كُتَّابُ العَهْدِ الجَديد. فالدَّليلُ الثَّالِثُ هُوَ شَهادَةُ النِّسَاءِ – شَهادَةُ النِّساءِ. وَهَذا رَائِعٌ. فَنَحْنُ نَقْرَأُ في العَدَدِ الثَّامِنِ رَدَّ فِعْلِهِنَّ عَلى تَذْكيرِ المَلائِكَةِ لَهُنَّ بِما قَالَهُ يَسوعُ لَهُنَّ عِنْدَما كَانَ في الجَليلِ. وَلَعَلَّكُمْ تَذْكُرونَ أنَّهُنَّ النِّسْوَة اللَّاتي تَبِعْنَهُ مِنَ الجَليل. فَقَدْ سَمِعْنَهُ يُعَلِّمُ هُناكَ قَبْلَ أنْ يَجيءَ إلى اليَهودِيَّةِ وَيَبْقى فيها في السَّنَةِ الأخيرَةِ مِنْ خِدْمَتِهِ. وَلَكِنْ عِنْدَما كَانَ في الجَليل، كَانَ قَدْ كَلَّمَهُنَّ وَقالَ لَهُنَّ إنَّهُ سَيُسَلَّمُ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ. ثُمَّ نَقْرَأُ في العَدَدِ الثَّامِنَ: "فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ".

وَكانَ يَسوعُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ في ثَلاثِ مُنَاسَباتٍ عَلى الأقَلّ. فَهَذا مُدَوَّنٌ مَرَّاتٍ عَديدَة في الأناجيلِ الأرْبَعَةِ. وَلَكِنَّهُ قَالَ لَهُنَّ في ثَلاثِ مُناسَباتٍ مُنْفَصِلَةٍ عَلى الأقَلّ إنَّهُ سَيُسَلَّمُ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَإنَّهُ سَيُصْلَبُ، وَإنَّهُ سَيَقومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِث. وَعَنْدَئِذٍ، ابْتَدَأ الكَلامُ يَصيرُ مَفْهومًا. فَقَدْ أَعْلَنَ المَلاكانِ أَمْرًا لَا يُمْكِنُهُنَّ أنْ يُنْكِرْنَهُ. فَهُنَّ يَعْرِفْنَ أنَّ مَلاكَيْنِ خَاطَبَهُنَّ. وَهَذا هُوَ السَّبَبُ في أنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفاتٍ وَمُنَكِّساتٍ وُجوههُنَّ إلى الأرْضِ أمامَ المَلاكَيْنِ. فَقَدْ سَمِعْنَ الرِّسَالَةَ مِنَ اللهِ. وَقَدْ تَذَكَّرْنَ أنَّ مَا سَمِعْنَهُ وَثيقُ الصِّلَةِ بِما وَعَدَ بِهِ يَسوع. وَلَمْ يَكُنِ الظَّلامُ بَاقِيًا في الخَارِجِ فَقَطْ، بَلْ كَانَ كَذَلِكَ في الدَّاخِلِ أيْضًا. وَقَدِ ابْتَدَأنَ يَفْهَمْنَ مَا يَجْري. فَقَدْ تَذَكَّرْنَ كَلِماتِهِ. ثُمَّ حَدَثَ شَيْءٌ يُعْجِبُني كَثيرًا. فَقَدْ خَرَجْنَ مِنَ القَبْرِ. لَقَدْ غَادَرْنَ القَبْرَ وَاتَّجَهْنَ إلى أيْن؟ العَدَد 9: لَقَدْ ذَهَبْنَ "وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهذَا كُلِّهِ". فَقَدْ كَانَ الجَميعُ مُخْتَبِئينَ بالمُناسَبَة. أَجَلْ، كانُوا مُخْتَبِئينَ. فَقَدْ كانُوا خَائِفين. كَانَ الرِّجالُ خَائِفين.

وَالآنْ تَذَكَّرُوا أنَّهُنَّ خَرَجْنَ وَرَجَعْنَ. وَمَنْ كَانَ في الطَّريق؟ بُطْرُس وَيُوحَنَّا. فَقَدْ كانَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا في الطَّريقِ لأنَّ مَرْيَمَ كانَتْ قَدْ رَجَعَتْ وَقَالَتْ لَهُما إنَّ أُناسًا قَدْ سَرَقُوا الجَسَد. لِذَلِكَ كَانَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا في الطَّريق. وَالآنْ، كانَتْ هَؤلاءِ النِّسْوَة قَدِ ابْتَدَأنَ رِحْلَةَ العَوْدَة. وَلَكِنَّ قِصَّتَهُنَّ تَخْتَلِفُ عَنْ قِصَّةِ مَرْيَمَ المَجْدَلِيَّة. فَمَرْيَمُ لَمْ تَنْظُرْ دَاخِلَ القَبْرِ. وَهِيَ لَمْ تَرَ الأكْفانَ وَلا المَلاكَ. فَقَدْ كانَتْ مَعْلوماتُها خَاطِئَةً. أمَّا هَؤلاءِ النِّسْوَة فَكُنَّ يَعْرِفْنَ الحَقيقَة. وَقَدْ رَجَعْنَ. وَهَذا أمْرٌ مُدْهِشٌ بالنِّسْبَةِ إلَيَّ. العَدَد 9: "وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهذَا كُلِّهِ". وَلَكِنْ مَهْلًا! مَهْلًا! لَقَدْ حَدَثَ شَيْءٌ في الطَّريق. انْظُروا إلى مَتَّى 28. فَقَدْ حَدَثَ شَيْءٌ مَا في الطَّريق. وَلا أَعْلَمُ كَيْفَ أَغْفَلَ لُوقا ذِكْرَ هَذا الحَدَث – وَلَكِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ هُوَ الَّذي جَعَلَهُ يَفْعَلُ ذَلِك. فَفي الطَّريق، وَفْقًا لِمَا جَاءَ في إنْجيل مَتَّى 28: 8: "خَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ ..." (بِسَبَبِ ما قَالَهُ المَلاكُ لَهُما) - "خَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ ..." (العَدَد 8) "بِخَوْفٍ" (وَهُوَ خَوْفٌ نَاجِمٌ عَنِ الوُجودِ في حَضْرَةِ المَلاكَيْنِ. وَلَكِنَّهُ لَيْسَ خَوْفًا فَحَسْب لأنَّنا نَقْرَأُ أيْضًا): "وَفَرَحٍ" (ماذا؟) "عَظِيمٍ" لأنَّ كُلَّ شَيْءٍ ابْتَدَأَ يَتَّضِحُ لَهُما – يا للعَجَب! – وَها هُما الآنَ تَرْكُضان: "رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ".

وَكَمْ أُحِبُّ ذَلِكَ: "وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ ..." (العَدَد 9) "... إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا»". وَكَمْ أُحِبُّ بَساطَةَ ذَلِك. فَلا نَجِدُ هُنا أَمْرًا خَارِقًا. فَنَحْنُ لا نَقْرَأُ عَنْ حُدوثِ زَلْزَلَةٍ، وَلا عَنِ انْشِقاقِ السَّماءِ، وَلا عَنْ سُقوطِ النُّجومِ، وَلا عَنْ أُناسٍ يُبَوِّقون. بَلْ نَقْرَأُ فَقَطْ: "سَلامٌ لَكُما". "فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ". فَقَدْ رَأتاهُ. لَقَدْ رَأتا القَبْرَ الفَارِغَ، وَسَمِعَتا الإعْلانَ الإلَهِيَّ مِنَ المَلائِكَةِ، وَشَاهَدَتا المَسيحَ المُقام. ثُمَّ قَالَ لَهُما يَسوعُ: "لاَ تَخَافَا". فَقَدْ كَانَ فَرَحُهُما قَدْ زَالَ وَحَلَّ الخَوْفُ مَحَلَّهُ. "اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِــي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي". "أَجَلْ، هُناكَ يَرَوْنَني. وَالحَقيقَةُ هِيَ أنَّهُمْ سَيَرَوْنَني في الجَليل. بَلْ إنَّهُمْ سَيَرَوْنَني قَبْلَ ذَلِكَ. وَلَكِنِّي أُريدُهُمْ أنْ يَكونوا في الجَليل. وَهُناكَ سَيَكونُ لِقاؤُنا الكَبيرُ - في الجَليل". وَهَذا هُوَ تَمامًا مَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك.

لِذَلِكَ فَقَدْ كُنَّ في الطَّريقِ إذْ إنَّهُنَّ رَجَعْنَ لِيُخْبِرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ (وَهُوَ اللَّقَبُ الرَّسْمِيُّ للرُّسُلِ الآنَ لأنَّهُمْ لَمْ يَكُونوا آنَذاكَ اثْنَيْ عَشَر. لذَلِكَ، عِوَضًا عَنْ أنْ يُلَقَّبوا بالاثْني عَشَر، كانُوا يُلَقَّبونَ آنَذاكَ بالأحَدَ عَشَر). وَالحَقيقَةُ هِيَ أنَّ الحَاضِرينَ آنَذاكَ كَانُوا تِسْعَة فَقَط لأنَّ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا كانا في طَريقِهما إلى القَبْر. وَفي طَريقِ العَوْدَةِ، رَأَيْنَ المَسيحَ المُقامَ مِنَ الأمْواتِ. وَبِذَلِكَ تَأكَّدَتْ رَغْبَتُهُما في إخْبارِ الرُّسُل: "اذْهَبْنَ وَافْعَلنَ ذَلِك". وَيا لَهُ مِنَ اخْتِبار! وَقَدْ تَقولُ: "حَسَنًا، ألا يَبْدو غَريبًا أنْ تَكونَ النِّسْوَةُ أوَّلَ شُهودٍ عِيانٍ عَلى ظُهورِ يَسوعَ المَسيح؟" وَقَدْ تَقولُ: "هَلْ حَدَثَ ذَلِكَ للرَّفْعِ مِنْ شَأنِهِنَّ؟" حَسَنًا، مِنَ المُؤكَّدِ أنَّ هَذا يَرْفَعُ مِنْ شَأنِهِنَّ. فَلا أَدْري مَا الَّذي قَدْ يَرْفَعُ مِنْ شَأنِهِنَّ أكْثَرَ مِنْ ذَلِك. وَلَكِنَّ هَذا ليسَ السَّبَبَ الرَّئيسيَّ. فَكَمْ وَاحِدٍ مِنَ الرُّسُلِ كَانَ وَاقِفًا هُناكَ يُراقِبُ يَسوعَ وَهُوَ يُصْلَب؟ كَمْ عَدَدُهُمْ؟ وَاحِدٌ فَقَطْ – يُوحَنَّا. وَهَذا ليسَ كَافِيًا لأنَّ أيَّ شَهادَةٍ تَحْتاجُ إلى تَأكيدٍ عَلى فَمِ شَاهِدَيْنِ أوْ ثَلاثَةِ شُهودٍ. وَأيْنَ كَانَ الرُّسُلُ؟ لَقَدْ كَانُوا كَالغَنَمِ الَّتي تَشَتَّتَتْ عِنْدَما ضُرِبَ الرَّاعي. أليسَ كَذَلِك؟ لَقَدْ كَانُوا مُخْتَبِئين!

وَهَذِهِ شَهادَةٌ رَائِعَةٌ عَلى مَحَبَّةِ النِّساءِ، وَعلى شَجاعَتِهِنَّ، وَعلى مَكانَتِهِنَّ. وَلَكِنَّ الأهَمَّ مِنْ ذَلِكَ، يا أحِبَّائي، هُوَ أنَّ هَذِهِ المَجْموعَةَ الصَّغيرَةَ المُؤلَّفَةَ مِنْ نَحْوِ سِتِّ نِساءٍ هِيَ نَفْسُ المَجْموعَةِ مِنَ النِّساءِ اللَّاتي شَاهَدْنَ مَوْتَ يَسوعَ، وَشَاهَدْنَ دَفْنَ يَسوعَ، وَشَاهَدْنَ قِيامَةَ يَسوع. لِذَلِكَ فَقَدْ كُنَّ شَاهِداتِ العِيانِ الوَحيداتِ الجَديراتِ بالتَّصْديق. فَلا يُوْجَدُ لَدينا شُهودٌ مِنَ الرِّجالِ عَلى مَوْتِ يَسوع سِوى يُوحَنَّا. وَلا يُوْجَدُ لَدَيْنا شُهودٌ مِنَ الرِّجالِ عَلى دَفْنِهِ. لِذلِكَ، كانَ لا بُدَّ أنْ يَكونَ الشُّهودُ مِنَ النِّساءِ لأنَّهُنَّ شَهِدْنَ بِأعْيُنِهِنَّ كُلَّ مَا حَدَث. وَلا يُمْكِنُ أنْ تَكونَ هُناكَ قِيامَةٌ إلَّا إذا كانَ هُناكَ مَوْتٌ وَدَفْنٌ. وَيَنْبَغي أنْ تَكونَ هُناكَ شَهادَةٌ حَقيقيَّةٌ على مَوْتِهِ، وَشَهادَةٌ حَقيقيَّةٌ عَلى دَفْنِهِ، وَشَهادَةٌ حَقيقيَّةٌ على قِيامَتِهِ. وَقَدْ كُنَّ هُنَّ مَنْ شَاهَدْنَ هَذا كُلَّهُ. فَقَدْ رَأيْنَهُ يَموتُ وَكُنَّ يَعْلَمْنَ أنَّهُ مَاتَ لأنَّهُمْ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ. وَقَدْ كُنَّ يَعْلَمْنَ أنَّهُ مَاتَ لأنَّ الحَرْبَةَ اخْتَرَقَتْ جَنْبَهُ فَخَرَجَ دَمٌ وَماءٌ. وقَدْ كُنَّ يَعْلَمْنَ أنَّهُ مَاتَ لأنَّهُنَّ شَاهَدْنَهُ يُدْفَن. وَهُنَّ يَعْلَمْنَ الآنْ أنَّهُ حَيٌّ لأنَّهُنَّ رَأيْنَهُ. لِذَلِكَ نَقْرَأُ في العَدَدِ التَّاسِعِ أنَّهُنَّ قُلْنَ ذَلِكَ كُلَّهُ للتَّلاميذِ الأحَدَ عَشَرَ وَجَميع البَاقين. وَقَدْ كانَ الحَاضِرونَ تِسْعَة فَقَطْ مِنَ الأحَدَ عَشَر، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يُدْعَوْنَ الأحَدَ عَشَرَ لأنَّ هذا هُوَ اللَّقَبَ الرَّسْمِيَّ الَّذي كانُوا يُلَقَّبونَ بِهِ. وُهناكَ جَميعُ المُؤمِنينَ البَاقينَ، وَهُمْ جَماعَةُ التَّلاميذِ الَّذينَ كَانُوا هُناكَ وَالَّذينَ نَعْلَمُ أنَّ اثْنَيْن مِنْهُمْ رَجَعا في الطَّريقِ إلى عِمْواس. وَكانَ اسْمُ أَحَدِهِما يُدْعى "كِلْيُوباس". لِذَلِكَ كانَ هُناكَ تَلاميذُ آخَرونَ مَعَ الرُّسُل.

ثُمَّ نَقْرَأُ في العَدَد 10 هَذا الأمْرَ المُدْهِش: "وَكَانَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَيُوَنَّا وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَالْبَاقِيَاتُ مَعَهُنَّ، اللَّوَاتِي قُلْنَ هذَا لِلرُّسُلِ". وَهَذا يُثيرُ مُشْكِلَةً. فَكَيْفَ تَكونُ مَرْيَمُ المَجْدَلِيَّةُ مَعَهُنَّ؟ وَكَيْفَ صَارَتْ جُزْءًا مِنْ هَذِهِ المَجْموعَةِ؟ فَقَدْ كَانَ آخِرُ مَا قَرَأناهُ عَنْ مَرْيَمَ المَجْدَلِيَّة هُوَ أنَّها وَصَلَتْ إلى القَبْرِ، وَلَمْ تَرَ إلَّا القَبْرَ الفَارِغَ، فَرَجَعَتْ بافْتِراضٍ خَاطِئٍ. وَحَتَّى الآن، بِحَسَبِ عِلْمِنا، فَإنَّها لَمْ تَصِلْ إلى أيِّ اسْتِنْتاجٍ آخَرَ سِوى أنَّ أُناسًا سَرَقُوا الجَسَد. وَقَدْ أَخْبَرَتْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا بِمَا اسْتَنْتَجَتْهُ بأنَّ أُناسًا سَرَقُوا الجَسَدَ. وَهَذا هُوَ مَا دَفَعَهُمْ إلى الذَّهابِ إلى القَبْر. وَلَكِنْ كَيْفَ عَادَتْ إلى هَذِهِ المَجْموعَةِ؟ الحَقيقَةُ هِيَ أنَّ لُوقا يُوْجِزُ هَذِهِ القِصَّة. وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ صَارَتْ في هَذِهِ المَجْموعَة. لِنَعُدْ إلى إنْجيل يُوحَنَّا وَالأصْحاح 20 – وَهَذا أمْرٌ رَائِعٌ جِدًّا. فَكَيْفَ يُمْكِنُ أنْ تَنْتَمي إلى مَجْمُوعَةِ شَاهِداتِ العِيانِ مَعَ أنَّها لَمْ تَدْخُلِ القَبْرَ الفَارِغ، وَلَمْ تَسْمَعِ المَلاكَيْنِ يَقولانَ أيَّ شَيْءٍ؟ فَقَدْ غَادَرَتْ قَبْلَ أنْ يَنْطِقا بِأيِّ شَيْءٍ، أوْ يَظْهَرا. وَهِيَ لَمْ تَرَ المَسيحَ المُقامَ. لذلكَ، كَيْفَ صَارَتْ وَاحِدَةً مِنَ الشَّاهِدات؟

الجَوابُ: لَقَدْ رَجَعَتْ هَذِهِ السَّيِّدَةُ إلى القَبْرِ. أَجَلْ، لَقَدْ عادَتْ هَذِهِ السَّيِّدَةُ إلى القَبْرِ. ففي وَقْتٍ مَا، قَرَّرَتِ أنْ تَرْجِع. لِذَلِكَ، نَقْرَأُ في إنْجيل يُوحَنَّا 20: 11 أنَّها كَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجًا تَبْكِي. وَهِيَ بِمُفْرَدِها. "وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ، فَنَظَرَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ" -- وَهُما الآنَ يَجْلِسانِ في الدَّاخِل. وَهَذانِ مَشْهَدانِ مُخْتَلِفانِ في زَمَنَيْنِ مُخْتَلِفَيْن. وَهَذا المَشْهَدُ يَخْتَصُّ بِمَرْيَمَ فَقَط. إذَنْ فَقَدْ كانَا جَالِسَيْنِ "وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعًا. فَقَالاَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟»" وَلَكَ أنْ تَتَخَيَّلَ النَّصَّ هُنا. فَقَدْ دَخَلَتِ القَبْرَ الفَارِغَ فَكَلَّمَها مَلاكانِ وَقالا لَها: "يا امْرَأةُ، لِماذا تَبْكينَ؟" فَالحَديثُ هُنا يَجْري بِطَريقَةٍ عَفْوِيَّةٍ. قَالَتْ لَهُمَا: "إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!" فَهِيَ مَا تَزالُ مُتَمَسِّكَةً بِنَظَرِيَّتِها. "وَلَمَّا قَالَتْ هذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ". لِماذا؟ لا أَعْلَمُ! رُبَّما لَمْ تَتَمَكَّنْ مِنَ الرُّؤيَةِ جَيِّدًا بِسَبَبِ دُموعِها. وَلَكِنْ في ذَلِكَ الوَقْتِ، لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنْ مَعْرِفَةِ هُوِيَّةِ يَسوعَ الحَقيقيَّةِ بَعْدَ قِيامَتِهِ إلَّا إنْ أَعْلَنَ لَهُ ذَلِكَ. أليسَ كَذَلِك؟ وَهَذا هُوَ مَا حَدَثَ مَعَ التِّلْميذَيْنِ في الطَّريقِ إلى عِمْواس.

ثُمَّ طَرَحَ يَسوعُ عَلَيْها السُّؤالَ نَفْسَهُ: "يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ (لِماذا تَنْتَحِبينَ؟) مَنْ تَطْلُبِينَ؟ فَـظَـنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ»". وهَذا أمْرٌ غَيْرُ مَعْقولٍ! فَما الَّذي سَيَجْعَلُ البُسْتانِيَّ يَسْرِقُ جُثَّةً مِنَ القَبْرِ؟ ثُمَّ كَمْ أُحِبُّ مَا حَدَث! "قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ (بالعِبْرانِيَّةِ): «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ". ثُمَّ أَمْسَكَتْهُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ، رُبَّما بِقَدَمَيْهِ وَكَاحِلَيْهِ، "قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ»". "وَالآنَ اذْهَبي يا مَرْيَمَ وَقُولي لَهُمْ إنَّكِ رَأيْتِني. فَأنا حَيٌّ، وَلَكِنِّي لَنْ أبْقى هُنا. فَسَوْفَ أَصْعَدُ إلى السَّماءِ وَأَعودُ إلى الآبِ. وَلَكِنِّي سَألْتَقيكُمْ جَميعًا في الجَليلِ بَعْضَ الوَقْتِ". وَالحَقيقَةُ هِيَ أنَّهُ الْتَقاهُمْ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَفي مَساءِ الأَحَدِ التَّالي أيْضًا، وَظَهَرَ لَهُمْ مِرارًا في الأيَّامِ الأرْبَعينَ الَّتي سَبَقَتْ صُعودَهُ. لِذَلِكَ فَقَدْ قَالَ لِمَرْيَمْ: "اذْهَبي"، وَهَذا رَائِعٌ إذْ نَقْرَأُ في العَدَد 18: "فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ: "لَقَدْ رَأيْتُ الرَّبَّ"، وَقالَتْ لَهُمْ إنَّهُ قَالَ لَهَا هذَا.

هَلْ فَهِمْتُمْ مَا جَرى؟ لَقَدْ كانَتْ هَؤلاءِ النِّسْوَةِ هُناكَ. فَقَدْ وَصَلْنَ لاهِثاتٍ بَعْدَ أنْ رَأيْنَ يَسوعَ في طَريقِ العَوْدَة. وَهُنَّ يَقُلْنَ لِهَؤلاءِ الرِّجالِ التِّسْعَةِ: "لَقَدْ رَأيْناهُ حَيًّا. إنَّهُ حَيٌّ. وَقَدْ رَأيْناهُ. وَقَدْ بَادَرَنا بالتَّحِيَّةِ وَتَحَدَّثْنا مَعَهُ. وَقَدْ رَأيْنا مَلاكَيْنِ قَالا لَنا إنَّهُ حَيٌّ. وَقَدْ حَدَثَ مَا قَالَ إنَّهُ سَيَحْدُثُ تَمامًا. لَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ. وَقَدْ قَامَ بِذَلِكَ في الوَقْتِ المُحَدَّدِ الَّذي تَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ قَبْل". حينئذٍ قَالَ هَؤلاءِ الرِّجالُ التِّسْعَة: "عَلى رِسْلِكِنَّ! عَلى رِسْلِكِنَّ! مَهْلًا! مَهْلًا! تَكَلَّمْنَ وَاحِدَة وَاحِدَة!" وَالحَقيقَةُ الرَّائِعَةُ هِيَ أنَّهُنَّ جَميعًا قُلْنَ الشَّيءَ نَفْسَهُ. فَقَدْ كَانَ كَلامُهُنُّ مُتَطابِقًا تَمامًا. فَلَمْ تَكُنْ هُناكَ حَاجَةٌ لاخْتِلاقِ أيِّ قِصَصٍ. وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ يَلْهَثْنَ. وَفيما هُمْ يَتَحَدَّثونَ جَميعًا في ذَلِكَ المَكانِ، دَخَلَتْ مَرْيَمُ المَجْدَلِيَّة. وَكانَتْ تَرْكُضُ وَتَلْهَثُ قائِلَةً: "لَقَدْ رَأيْتُ الرَّبَّ! لَقَدْ رَأيْتُ الرَّبَّ!" ثُمَّ ابْتَدَأتْ تُخْبِرُهُمْ بِما قَالَهُ لَها. وَكانَ لَدَيْها الآنَ مَنْ يُؤكِّدْنَ كَلامَها لأنَّهُنَّ رَأيْنَ القَبْرَ الفَارِغَ وَالأكْفانَ، وَسَمِعْنَ الإعْلانَ المَلائِكِيَّ، وَرَأيْنَ المَسيحَ بأنْفُسِهِنَّ. لِذلكَ، كانَ ما اخْتَبَرَتْهُ مُطابِقًا لاخْتبارِ النِّساءِ الأُخْرَيات. وَقَدْ دَوَّنَ لُوقا ذَلِكَ في الأصْحاحِ الرَّابِعِ وَالعِشرينَ كَشَهادَةِ عِيانٍ مِنْ أَصْلِ ثَلاثِ شَهاداتٍ عَلى قِيامَةِ المَسيح.

وَقَدْ قَالَ المُشَكِّكونَ: "لَقَدْ ذَهَبَتِ النِّساءُ إلى قَبْرٍ آخَر". حَقًّا؟ إنْ كَانَ هَذا هُوَ مَا حَدَثَ، فَإنَّ المَلاكَيْنِ أَخْطَأا القَبْرَ أيْضًا! وَالحُرَّاسُ الرُّومانُ أَخْطَأوا أيضًا. يا لَها مِنْ فِكْرَةٍ غَبِيَّةٍ! إذَنْ مَا الَّذي مَنَعَهُمْ مِنَ الذَّهابِ إلى القَبْرِ الصَّحيحِ وَأخْذِ الجَسَدِ وَإنْهاءِ الكِذْبَة؟ وَقَدْ قالَ آخَرونَ: "لا، إنَّ يَسوعَ لَمْ يَكُنْ في القَبْرِ أصْلًا. لِذَلِكَ فَإنَّهُمْ لَمْ يَجِدوهُ هُناكَ. فَقَدْ طَرَحوهُ في الحُفْرَةِ الَّتي طَرَحُوا فيها المُجْرِمينَ المُدانِين". حَقًّا؟ وَلَكِنْ إنْ كانَ هَذا صَحيحًا فَإنَّهُ يَعْني أنَّهُمُ اخْتَلَقُوا قِصَّةَ يُوسُفَ الَّذي مِنَ الرَّامَةِ. وَلَكِنْ لَوْ كَانَ هَذا صَحيحًا لَما سَكَتَ يُوْسُفُ عَلى الأمْرِ لأنَّ سُمْعَتَهُ كَانَتْ عَلى المِحَكِّ. فَلَوْ أنَّهُمُ اتَّهَموهُ بِالسَّرِقَةِ أوْ بِأخْذِ جَسَدِ يَسوعَ وَدَفْنِه، لَفَقَدَ مَكانَتَهُ في المَجْمَعِ الأعْلى بِكُلِّ تَأكيد. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ صَحيحًا لَنَفى ذَلِكَ بِسُرْعَةٍ وَحَالًا. وَلَكِنَّ هَؤلاءِ النَسْوَةِ جَميعًا شَهِدْنَ الشَّهادَةَ نَفْسَها. فَنَحْنُ هُنا أَمامَ العَديدِ مِنْ شَاهِداتِ العِيان. وَهَذِهِ هِيَ البِدايَة فَقَط. فَقَدْ ظَهَرَ يَسوعُ لِتِلْميذَيْنِ في الطَّريقِ إلى عِمْواس، كَما سَنَرى. وَقَدْ رَآهُ بُطْرُسُ في ظُهورٍ شَخْصِيٍّ لَهُ. وَقَدْ ظَهَرَ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ للأحَدَ عَشَر (باسْتِثْناءِ تُوْمَا). وَبَعْدَ أُسْبوعٍ ظَهَرَ للأحَدَ عَشَر (مَعَ تُوما). وَقَدْ ظَهَرَ للتَّلاميذِ عِنْدَ بَحْرِ طَبَرِيَّة (في الجَليل). وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ في الجَليل. ثُمَّ ظَهَرَ لِيَعْقوبَ. ثُمَّ ظَهَرَ للتَّلاميذِ الأحَدَ عَشَر في جَبَلٍ في الجَليل حَيْثُ أَعْطاهُم المَأمورِيَّةَ العَظْمَى. ثُمَّ ظَهَرَ في أُورُشَليمَ عِنْدَ صُعودِهِ. ثُمَّ ظَهَرَ لِشَاوُلَ في الطَّريقِ إلى دِمَشْق، وَظَهَرَ لِشَاوُلَ ثَانِيَةً في الهَيْكَلِ، وَظَهَرَ لاسْتِفانوس عِنْدَ رَجْمِهِ. فَهُناكَ شُهودُ عِيانٍ كَثيرونَ عَلى قِيامَةِ المَسيح.

وَهَذا يَقودُنا إلى الدَّليلِ الأخيرِ وَهُوَ التَّلاميذُ غَيْرُ المُصَدِّقين. وَقَدْ تَقولُ: "كَيْفَ يُمْكِنُ لأمْرٍ كَهَذا أنْ يَكونَ دَليلًا عَلى القِيامَة؟" إنَّهُ يُؤكِّدُ القِيامَةَ لأنَّهُ يُبَرْهِنُ عَلى حَقيقَةِ أنَّهُمْ لَمْ يُلِفِّقُوا قِصَّةَ القِيامَةِ (لأنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَوَقَّعونَ حُدوثَها). وَقَدْ قَالَ النُّقَّادُ: "حَسَنًا، لَقَدْ سَرَقُوا الجُثَّةَ وَجَعَلُوا الأمْرَ يَبْدو وَكَأنَّهُ قِيامَة"، أوْ قَالُوا: "لَقَدْ كَانُوا جَميعًا يَهْذُون. فَقَدْ كَانُوا يَتَرَجُّونَ القِيامَةَ جِدًّا حَتَّى إنَّهُمْ تَخَيَّلُوا أنَّها حَدَثَت". وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَكونُوا يَتَرَجُّونَ ذَلِكَ جِدًّا وَلَمْ يَتَوَقَّعُوا حُدوثَها. وَهُمْ لَمْ يُلَفِّقُوا مَا حَدَثَ لأنَّهُمْ لَمْ يَكونوا يَتَوَقَّعونَ ذَلِك. وَهُمْ لَمْ يُعانُوا هَذَيانًا لأنَّهُمْ لَمْ يُفَكِّرُوا قَطّ في إمْكانِيَّةِ حُدوثِ مَا حَدَث. ويُمْكِنُنا أنْ نَرى ذَلِكَ (وَهِيَ نُقْطَةٌ مُهِمَّةٌ) في لوقا 24: 11 إذْ نَقْرَأُ: "فَتَرَاءَى كَلاَمُهُنَّ لَهُمْ (أيْ: للرُّسُلِ) كَالْهَذَيَانِ". فَقَدْ كَانَ هَذا هُوَ رَأيُ الرُّسُلِ في القِيامَة: حَمَاقَةٌ، وَكَلامٌ غَريبٌ. وَالكَلِمَةُ اليُونانِيَّةُ المُسْتَخْدَمَةُ هُنا هِيَ "لِيْرُوس" (leros)، وَهِيَ تَعْني: "كَلامًا لا يُصَدَّق" أوْ "قِصَّةً مِنْ نَسْجِ الخَيال".

مَا خَطْبُ هَؤلاءِ النِّسْوَة! إنَّهُنَّ يَقُلْنَ الشَّيْءَ نَفْسَهُ. وَفَضْلًا عَنْ أنَّ مَا يَقُلْنَهُ مُتَطابِقٌ، فَإنَّهُنَّ مَرَرْنَ في الاخْتِبارِ نَفْسِهِ. وَهُوَ اخْتبارٌ لَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ وَقْت. فَهُوَ لَمْ يَحْدُثْ قَبْلَ أسَابيعَ عَديدَة وَلَمْ يَكُنْ لَدَيْهنَّ وَقْتٌ لِتَلْفيقِ القِصَّةِ مَعًا. وَقَدْ كَانَتْ أقْوالُهُنَّ مُتَطابِقَةً. وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُهِمًّا (للتَّلاميذ). فَلَمْ يَكُنْ كَلامُهُنَّ المُتَطَابِقُ وَالمُنْسَجِمُ مَعًا يَعْني أيَّ شَيْءٍ (للتَّلاميذ). وَلَمْ يَلْتَفِتِ التَّلاميذُ إلى أنَّ التَّفاصيلَ الَّتي ذَكَرَتْها النِّساءُ لَيْسَ لَها تَفْسيرٌ آخَر. بَلْ إنَّهُمْ ظَنُّوا أنَّ الأمْرَ كُلَّهُ مُجُرَّدُ هُراءٍ. وَهُمْ لَمْ يُصَدِّقوهُنَّ. لِذَلِكَ فإنَّهُمْ لَمْ يُلَفِّقُوا قِصَّةَ القِيامَةِ لأنَّهُمْ لَمْ يُفَكِّرُوا حَتَّى مُجَرَّدَ تَفْكيرٍ بإمْكانِيَّةِ حُدوثِها. ثُمَّ يُضيفُ لُوقا مَعْلومَةً صَغيرَةً أُخرى عَنْ بُطْرُس. فَقَدْ نَهَضَ بُطْرُسُ بَاكِرًا (وَنَحْنُ نَرْجِعُ الآنَ إلى الوَراء) وَذَهَبَ إلى القَبْرِ، وَتَوَقَّفَ، وَنَظَرَ إلى الدَّاخِلِ، وَرَأى الأكْفانَ فَقَطْ، وَرَجَعَ إلى مَكانِهِ مُتَعَجِّبًا في نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ. وَفي رَأيِكُمْ، مَا الَّذي كَانَ يُفَكِّرُ فيهِ؟ وَما المَقْصُودُ بأنَّهُ كانَ مُتَعَجِّبًا في نَفْسِهِ مَمَّا كَانَ؟ "ثومازو" (Thaumzo) – لَقَدْ كَانَ مَصْدُومًا. وَفي رَأيي أنَّهُ كَانَ قَدِ ابْتَدَأَ يُفَكِّرُ قائِلًا: "هَذِهِ قِيامَة - إنَّها قِيامَة!"

وَالآنْ، مَتى ذَهَبَ بُطْرُسُ إلى القَبْر؟ لَقَدْ كانَ ذَلِكَ قَبْلَ رُجوعِ مَرْيَمَ المَجْدَلِيَّة. وَكانَ ذَلِكَ قَبْلَ شَهادَةِ جَميعِ النِّساءِ. وَهَذا التَّرْتيبُ الزَّمَنِيُّ وَاضِحٌ في إنْجيلِ يُوحَنَّا. لِذَلِكَ، لِنَرْجِعْ إلى إنْجيل يُوحَنَّا وَالأصْحاح 20. وَهَذا رَائِعٌ! العَدَد 3. فَقَدْ خَرَجَ بُطْرُسُ بَعْدَ سَماعِهِ لِما قَالَتْهُ مَرْيَمُ المَجْدَلِيَّةُ: "فَخَرَجَ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ". وَهَذِهِ هِيَ طَريقَةُ يُوحَنَّا المُتَواضِعَة في الإشارَةِ إلى نَفْسِهِ. إذَنْ فَقَدْ خَرَجَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا وَأَتَيَا إِلَى الْقَبْرِ. وَكَانَ الاثْنَانِ يَرْكُضَانِ مَعًا. فَقَدْ ذَهَبا للتَّحَقُّقِ مِنْ قِصَّةِ مَرْيَمَ المَجْدَلِيَّة بِأنَّ أُناسًا قَدْ سَرَقُوا جَسَدَ يَسوع. فَسَبَقَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ بُطْرُسَ وَجَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْر. وَفي ضَوْءِ مَعْرِفَتِنا بِشَخْصِيَّةِ بُطْرُسَ، لا شَكَّ أنَّ هَذا الأمْرَ قَدْ أَزْعَجَهُ. فَقَدْ كَانَ يَرْغَبُ دَائِمًا في أنْ يَكونَ الأوَّل. لِذَلِكَ لَمَّا كَانَ يُوحَنَّا أَسْرَعَ (مِنْ بُطْرُسَ) لأنَّهُ كَانَ أصْغَرَ سِنًّا مِنْهُ، فَقَدْ جَاءَ أوَّلًا إلى القَبْرِ. فَوَقَفَ وَنَظَرَ إلى الدَّاخِل. فَقَدْ كَانَ مُتَرَدِّدًا قَليلًا وَخَجولًا. وَقَدْ رَأى الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَلكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ. فَقَدْ كانَ يُحاوِلُ اسْتيعابَ الأمْرِ. "ثُمَّ جَاءَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ يَتْبَعُهُ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ". أَجَلْ، فَقَدْ تَخَطَّى يُوحَنَّا وَدَخَلَ القَبْرَ. "وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَالْمِنْدِيلَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعًا مَعَ الأَكْفَانِ، بَلْ مَلْفُوفًا فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ". فَهِيَ لَمْ تَكُنْ مُلْقَاةً في زَاوِيَةٍ مِنْ زَوايا القَبْرِ، بَلْ كانَتْ مَوْضُوعَةً هُناكَ في المَكانَ الَّذي كَانَ الجَسَدُ مَوْضُوعًا فيهِ.

"فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضًا التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَـ ..." – مَاذ؟ "آمَنَ". فَقَدْ كانَ كُلُّ مَا تَطَلَّبَهُ الأمْرُ هُوَ قَبْرٌ فَارِغٌ وَأكْفانٌ. وَيَنْبَغي أنْ تَتَذَكَّروا أنَّ كُلَّ مَا سَمِعاهُ حَتَّى الآن هُوَ شَهادَةُ مَرْيَمَ المَجْدَلِيَّة. أليسَ كَذلِك؟ فَهُما لَمْ يَسْمَعا بَعْد شَهادَةَ النِّساءِ الأُخْرَيات. فَقَدْ خَرَجا بَعْدَ أنْ جَاءَتْ إليهِما مَرْيَم. وفي تِلْكَ الأثْناءِ، جَاءَتِ النِّساءُ إلى القَبْرِ، وَرَأيْنَ يَسوعَ، وَرَجَعْنَ لإخْبارِ التَّلاميذِ بِما حَدَث. لِذَلِكَ فإنَّ كُلَّ مَا كَانَ لَدَيْهِما، أوْ كُلَّ مَا كَانَ لَدى يُوحَنَّا، هُوَ قَبْرٌ فَارِغٌ وَأكْفانٌ. وَلَكِنَّ هَذا كَانَ كَافِيًا – لَقَدْ كَانَ كَافِيًا. فَقَدْ كَانَ يَعْلَمُ أنَّ الحَجَرَ لا يُمْكِنُ أنْ يُدَحْرَجَ مِنَ الدَّاخِلِ بِواسِطَةِ جُثَّةِ يَسوعَ الهَامِدَة. وَقَدْ رَآهُ مَيْتًا لأنَّهُ كَانَ هُناكَ. وَقدْ كانَ يَعْلَمُ أنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَفْسيرٍ آخَرَ سِوى أنَّهُ قَامَ، ... فَآمَن. "لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ (أيْ حَتَّى ذَلِكَ الحِيْن) يَعْرِفُونَ الكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ" وَلَكِنَّهُما يَعْرِفانِ ذَلِكَ الآن. "فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِهِمَا".

إنَّ هَذا مُثيرٌ للانْتباهِ. أليسَ كَذَلِك؟ فَأنا مُتَيَقِّنٌ أنَّهُما لَمْ يَكونَا يَعْلَمان: "ماذا نَفْعَلُ الآن؟" لِذَلِكَ فَقَدْ رَجَعا إلى مَوْضِعِهِما. وَلْنَرْجِعْ إلى إنْجيل لُوقا. وَإليكُمْ مَا يَقولُهُ لُوقا عَمَّا فَعَلَهُ بُطْرُس (في العَدَد 12). فَبَعْدَ أنْ رَأى الأكْفانَ أيْضًا: "مَضَى مُتَعَجِّبًا" – "مُتَعَجِّبًا فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ". وَهَذا، يا أحِبَّائي، لَيْسَ مَشْهَدًا عَنْ أشْخاصٍ سَرَقُوا قَبْرًا. فَلَوْ أرادَ سَارِقو قُبورٍ أنْ يَسْرِقُوا جُثَّةً لأخَذوها كَما هِيَ دُوْنَ أنْ يُخَاطِرُوا بِفَكِّ الأكْفانِ عَنْها وَوَضْعِ كُلِّ شَيْءٍ في مَكانِهِ. فَلَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لأَخَذوا الجَسَدَ كَما هُوَ وَهَرَبُوا. وَلَكِنَّ الأمْرَ كانَ مُقْنِعًا جِدًّا. وَقَدْ آمَنَ يُوحَنَّا. أمَّا بُطْرُسُ فَكانَ مَا يَزالُ مُتَحَيِّرًا في طَريقِ العَوْدَةِ إلى البَيْتِ. وَفي تِلْكَ الأثْناءِ، كانَتِ النِّساءُ مُجْتَمعاتٍ مَعَ التَّلاميذِ التِّسْعَةِ وَيُحاوِلْنَ إقْناعَهُمْ بأنَّ ذَلِكَ هُوَ مَا حَدَث. وَلَكِنَّ التَّلاميذَ لَمْ يُصَدِّقوهُنَّ. وَلَكِنْ مَا سَبَبُ عِنادِهِمْ؟ افْتَحُوا عَلى العَدَد 19 مِنْ إنْجيل لوقا 24 لِنَقْرَأ مَا حَدَثَ في الطَّريقِ إلى عِمْواس. فَقَدْ ظَهَرَ يَسوعُ في وَقْتٍ لاحِقٍ مِنْ ذَلِكَ اليوم. فَقَدْ كانَ هَذانِ التِّلْميذانِ عَائِدَيْنِ إلى قَرْيَةِ عِمْواس. فَظَهَرَ يَسوعُ لَهُما، وَلكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. وَقَدِ ابْتَدَأَ يُحَدِّثُهُما. وَكانَا عَابِسَيْن.ِ فَقالَ لَهُما: "لِماذا أنْتُما عَابِسان؟" (العَدَد 19): "إنَّ الأمْرَ يَخْتَصُّ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي كَانَ إِنْسَانًا نَبِيًّا مُقْتَدِرًا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ". ثُمَّ في العَدَد 21: "وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ". (يا للعَجَب!) "وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ" – إنَّهُ اليومُ الثَّالِثُ، وَلَكِنَّهُما لَمْ يَعْرِفاه. وَقَدْ قَالَتِ النِّساءُ لَهُمْ إنَّهُ حَيٌّ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقوا ذَلِكَ ... لَمْ يُصَدِّقُوا ذَلِك.

"إنَّهُ اليومُ الثَّالِثُ وَلَمْ يَحْدُثْ شَيْء. لَقَدْ كُنَّا نَرْجو حُدوثَ ذَلِكَ" – ثُمَّ نَجِدُ هَذِهِ المُلاحَظَةَ العَابِرَةَ في العدد 22: "بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِرًا عِنْدَ الْقَبْرِ، وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ" (وَالإشَارَةُ هُنا هِيَ إلى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا)، "فَوَجَدُوا هكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضًا النِّسَاءُ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ»". أيْ أنَّ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا لَمْ يَرَياهُ. وَلَكِنَّهُما أَرْسَلا يُخْبِرانا إنَّهُما ذَهَبا إلى القَبْرِ وَإنَّهُ قَدْ يَكونُ حَيًّا، وَلَكِنَّهُما لَمْ يَنْظُراهُ. فَقَدْ كانَا مَا زَالا يُفَكِّرانِ في إمْكانِيَّةِ حُدوثِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُما لَمْ يَكونا قَدِ اقْتَنَعا تَمامًا. وَهَذا يُرينا عِنادَ التَّلاميذِ وَعَدَمَ اسْتِعْدادِهِمْ لِتَصْديقِ مَا حَدَثَ حَتَّى يَرَوْنَهُ بأعْيُنِهِمْ. وَالحَقيقَةُ هِيَ أنَّنا نَقْسُو على تُوما لأنَّهُ لَمْ يُؤمِن. فَقَدْ قَالَ: "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ»". وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مِثْلَ تُومَا أيْضًا. فَهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا شَهادَةَ النِّساءِ. وَحَتَّى عِنْدَما رَجَعَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا وَقالا إنَّ الأمْرَ غَريبٌ لأنَّ القَبْرَ مَفْتوحٌ وَفَارِغٌ، وَالأكْفانَ مَوْضوعَةٌ في مَكانِها، وَأنَّهُ قَدْ يَكونُ حَيًّا، فَإنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا ذَلِكَ تَمامًا. وَلَكِنْ قَبْلَ نِهايَةِ اليَوْمِ، ظَهَرَ يَسوعُ لَهُمْ جَميعًا. وَالسَّبَبُ في أنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يُحَدِّثُنا عَنْ عَدَمِ إيمانِ التَّلاميذِ هُوَ أنَّهُ يُريدُ أنْ يَنْفي أيَّ نَظَرِيَّاتٍ سَخيفَةٍ بِأنَّ التَّلاميذَ لَفَّقُوا قِصَّةَ القِيامَةِ لأنَّهُمْ كَانُوا يَرْجُوْنَ بِشِدَّة حُدوثَها. وَلَكِنَّ الأمْرَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِك.

حَسَنًا، هُناكَ المَزيدُ لأقولَهُ لَكُمْ. وَلَكِن اسْمَحوا لي أنْ أُنْهي حَديثي بِعَدَدٍ مِنَ الأفْكارِ. فَعِنْدَما كُنْتُ طِفْلًا، كُنَّا نُرَنِّمُ تَرْنيمَةً للأطْفالِ بِعُنوان "هُوَ حَيٌّ". هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يَذْكُرُ هَذِهِ التَّرْنيمَة؟ "هُوَ حَيٌّ، هُوَ حَيٌّ، هُوَ حَيٌّ في قَلبي". وَهُناكَ مَقْطَعُ في هَذِهِ التَّرْنيمَةِ كانَ يُزْعِجُني دائِمًا وَهُوَ: "إنْ سَألْتُموني كَيْفَ أَعْلَمُ أنَّهُ حَيٌّ، إنَّهُ حَيٌّ في قَلبي". إنَّ هَذا صَحيحٌ بِلا شَكٍّ. وَلَكِنْ إنْ سَألْتُموني كَيْفَ أَعْلَمُ أنَّهُ حَيٌّ، هُناكَ المَزيدُ لأُخْبِرُكُمْ بِهِ لأنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَيْئًا يُمْكِنُ إثْباتُهُ. فَقَدْ يَقولُ شَخْصٌ: "مَبْروكٌ عَلَيْكَ. أنا مَسْرورٌ أنَّهُ يَحْيا في قَلْبِكَ. وَلَكِنَّ هَذا الأمْرَ لا يَشْمَلُ جَميعَ النَّاسِ، وَلا يُمْكِنُ التَّحَقُّقُ مِنْهُ، وَلا يَصُحُّ على أيِّ شَخْصٍ سِواكَ". لِذَلِكَ، قَدْ تَكونُ المَشاعِرُ شَيْئًا يُساعِدُنا عَاطِفِيًّا أحْيانًا لأنَّ المَشَاعِرَ تُزيلُ بَعْضَ حَواجِزٍ تَمْنَعُنا مِنَ اخْتِبارِ المَسيحِ الحَيِّ – وَهِيَ حَواجِزُ عَاطِفِيَّةٌ تَمْنَعُنا مِنَ الإيمانِ بالقِيامَة. وَلَكِنْ يَجِب أنْ يَكونَ هُناكَ مَا هُوَ أكْثَرُ مِنْ ذَلِك.

وَقَدْ تَقولُ: "حَسَنًا، لا يُمْكِنُكَ أنْ تَكْتَفي بالمَشاعِرِ وَحْدَها، وَلَكِنْ مَاذا عَنِ الحَقيقَة؟" إنَّ الحَقيقَةَ جَيِّدَةٌ. وَقَدْ قَدَّمْتُ لَكُمُ الحَقائِقَ. وَكُلُّ مَا قَدَّمْتُهُ لَكُمْ هُوَ الحَقائِق. فَكَما أنَّ المَشاعِرَ تُزيلُ الحَواجِزَ العَاطِفِيَّةَ، فَإنَّ الحَقائِقَ تُزيلُ الحَواجِزَ التَّاريخيَّةَ. ومَا تَفْعَلُهُ هَذِهِ الحَقائِقُ، أوْ مَا تَقومُ بِهِ هَذِهِ الأَدِلَّةُ، أوْ مَا تَقومُ بِهِ البَراهينُ دَائِمًا، هُوَ أنَّها تُفَنِّدَ وَتَدْحَضُ وَتُزيلُ الخِياراتِ السَيِّئَةَ، وَالحُجَجَ الضَّعيفَةَ، وَالنَّظَرِيَّاتِ الغَبِيَّة. فالمَشاعِرُ تُزيلُ الحَواجِزَ العَاطِفِيَّةِ. وَالحَقائِقُ تُزيلُ الحَواجِزَ الفِكْرِيَّةَ. وَلَكِنَّ أيًّا مِنْ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ لا يُخَلِّصُّ بالضَّرورَة. فَقَدْ تَشْعُرُ في قَلْبِكَ أنَّ يَسوعَ قَامَ مِنَ الأمْواتِ. وَقَدْ تَقولُ إنَّ الحَقائِقَ تُبَرْهِنُ عَلى أنَّهُ قَامَ مِنَ الأمْواتِ. وَقَدْ تَفَكِّرُ مِثْلَ قَادَةِ اليَهودِ الَّذينَ أَقَرُّوا بِحُدوثِ ذَلِكَ. وَلَكِنَّ أيًّا مِنْ ذَلِكَ لَنْ يُخَلِّصَكَ. فَمَشاعِرُكَ بِخُصوصِ القِيامَةِ، وَحَتَّى الحَقائِقُ المُخْتَصَّةُ بالقِيامَةِ، لَنْ تُخَلِّصَكَ. فالشَّيءُ الوَحيدُ القادِرُ أنْ يُخَلِّصَكَ هُوَ الإيمانُ بالقِيامَة. فَإنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بأنَّ يَسوعَ رَبٌّ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أنَّ اللهَ أَقامَهُ مِنَ الأمْواتِ، فَإنَّكَ تَخْلُصُ يَقينًا.

لِذَلِكَ، لا تَعْتَمِدْ على مَشاعِرِكَ. بَلْ يَنْبَغي أنْ تَجْعَلَ الحَقائِقَ رَاسِخَةً لَدَيْكَ. وَهَذا هُوَ مَا يَفْعَلُهُ الإيمانُ. فالإيمانُ يَقْبَلُ الحَقَّ المُخْتَصَّ بيسوعَ المَسيحِ. وَعِنْدَما يَسْألُكَ أَحَدٌ: "كَيْفَ تَعْلَمُ يَقنيًا أنَّهُ حَيٌّ؟" قُلْ لَهُ: "أوَّلًا، إنَّ الحَقائِقَ تُؤكِّدُ أنَّهُ حَيٌّ، وَهَذا يُزيلُ أيَّ حَواجِزَ فِكْرِيَّة. وَاخْتباري الشَّخْصِيُّ مَعَهُ في حَياتي يُزيلُ أيَّ حَواجِزَ عَاطِفِيَّة أوْ نَفْسِيَّة. وَلَكِنَّ الأَهَمَّ مِنْ ذَلِكَ هُوَ أنِّي أُوْمِنُ بِذَلِكَ إيمانًا حَصَلْتُ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ نَفْسِهِ، وَهَذا الإيمانُ هُوَ الَّذي يَمْنَحُني هَذا اليَقين. فالمَشاعِرُ لا تَجْعَلُ المَرْءَ مُتَيَقِّنًا. وَالحَقائِقُ لا تَجْعَلُ المَرْءَ مُتَيَقِّنًا. وَلَكِنَّ الإيمانَ هُوَ الَّذي يُعْطي الإنْسانَ هَذا اليَقين. وَهُوَ جُزْءٌ مِنَ الإيمانِ المُخَلِّصِ. لِذَلِكَ اطْلُبْ مِنَ اللهِ أنْ يُعْطيكَ هَذا الإيمانَ الَّذي يَجْعَلُ القِيامَةً يَقينًا، واعْتَرِفْ بِفَمِكَ بالرَّبِّ يَسوعَ، وَآمِنْ بِقَلْبِكَ أنَّ اللهَ أَقامَهُ مِنَ الأمْواتِ".

نَشْكُرُكَ، يا أبانا، مَرَّةً أُخرى عَلى عَظَمَةِ هَذا الحَقِّ. وَنَشْكُرُكَ عَلى مَجْدِ القِيامَةِ. فَهَذِهِ الحَقائِقُ هِيَ ذِرْوَةُ الإيمانِ المَسيحيِّ، وَالبِشَارَةِ المَسيحيَّةِ، وَالمَسيحِيَّةِ ذَاتِها. فَالمَسيحيَّةُ بِرُمَّتِها تَقومُ عَلى القِيامَةِ، عَلى قِيامَةِ المَسيحِ وَقِيامَتِنا. لِذَلِكَ نَسْألُكَ، يا رَبُّ، أنْ تُساعِدَنا عَلى أنْ نَعْرِفَ أنَّ كُلَّ مَا يَسْعى الإنْجيلُ إلى القِيامِ بِهِ في نِهايَةِ المَطافِ هُوَ أنْ يُحْضِرَنا بأجْسادٍ مُمَجَّدَةٍ إلى النَّعيمِ الأبَدِيِّ لِكَيْ نَعْبُدَكَ وَنُحِبَّكَ وَنُسَبِّحَكَ إلى أبَدِ الآبِدين، وَلِكَيْ نَكونَ كَنِيسَةً مَجِيدَةً لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ، وَلِكَيْ نَحْيا في فَرَحٍ كَامِلٍ لا يَنْتَهي. وَلَيْتنا نَفْهَم المَكانَةَ البَارِزَةَ للقِيامَةِ لأنَّها سَبَب كُلِّ فِداءٍ مَوْجودٍ، لِكَيْ نَأتي حَوْلَ عِرْشِكَ في أجْسادٍ مُمَجَّدَةٍ، في هَذِهِ الهَيْئَةِ ذَاتِها، لِنُسَبِّحَكَ إلى أبَدِ الآبِدين. فَهَذا هُوَ وَعْدُ الإنْجيلِ لا بِخُصُوصِ مَا يَحْدُثُ هُنا فَقَطْ، بَلْ أيْضًا بِخُصُوصِ مَا يَنْتَظِرُنا في الخَليقَةِ الجَديدَةِ، في السَّماءِ وَالأرْضِ الجَديدَتَيْنِ إذْ نَحْيا في نُوْرِ هَذا الرَّجاءِ وَنُنادي بالمَسيحِ المُقامِ الَّذي نَرْفَعُ صَلاتَنا باسْمِهِ. آمين!

This sermon series includes the following messages:

Please contact the publisher to obtain copies of this resource.

Publisher Information
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969

Welcome!

Enter your email address and we will send you instructions on how to reset your password.

Back to Log In

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize
View Wishlist

Cart

Cart is empty.

Subject to Import Tax

Please be aware that these items are sent out from our office in the UK. Since the UK is now no longer a member of the EU, you may be charged an import tax on this item by the customs authorities in your country of residence, which is beyond our control.

Because we don’t want you to incur expenditure for which you are not prepared, could you please confirm whether you are willing to pay this charge, if necessary?

ECFA Accredited
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Back to Cart

Checkout as:

Not ? Log out

Log in to speed up the checkout process.

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize