
في هذا الصَّباح، وقبلَ أن نَبتدئَ العِظة، سوفَ نأخذ استراحةً قصيرةً مِن دراسة رِسالة الأولى إلى أهل كورنثوس لأنِّي أريد أن أشارك معكم رسالةً ربَّما كان ينبغي أن نشاركها منذ وقتٍ طويل. كما تَعلمون، أنا أُكِنُّ حُبًّا شديدًا للكنيسة... لا فقط لكنيسة "النعمة" (Grace Community Church)، بل لكنيسةِ الرَّبِّ يسوعَ المسيحِ عامَّةً. وأنا أُكِنُّ حُبًّا شديدًا لرجال الله وللرُّعاة في الكنائس. وأنا مُثَقَّلٌ جدًّا بأن تكون الكنيسة كما يريدُ مِنها الله أن تكون. فعندما أسمعُ كلمات الرَّسول بولس في الأصحاح 20 مِن سِفْر أعمال الرُّسُل إذ يقول: "لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ"، أُدركُ أنَّها مسؤوليَّة جَسيمة جدًّا. وأنا أَهتمُّ جدًّا بأمر الكنيسة. ونحنُ نَبذُل في كنيسة "النعمة" كلَّ جهدٍ مُمكن لنكونَ مُطيعين لكلمة الله مِن خلال تَطبيقها في هذه الكنيسة.
ونحنُ لم نُحَقِّق كلَّ ما يريدُ مِنَّا اللهُ أن نُحقِّقه بأيِّ حالٍ من الأحوال، ولكنَّنا نؤمن بأنَّنا نَتمسَّك بمجموعة مِن الأسس الَّتي تَجعل الكنيسة على الصُّورة الَّتي ينبغي أن تكون عليها. وبين الفَيْنَة والأخرى، وبين الحين والآخر، ومِن وقتٍ إلى آخر، نحاول أن نُشارك معكم هذه الأولويَّات وهذه الأُسس. ولكن في هذا الصَّباح، أودُّ أن أَجمعَها كُلَّها معًا، وأريد أن أشاركَها معكم. وسوفَ يَتطلَّبُ الأمرُ أُسبوعين: هذا الأسبوع، والأسبوع القادم. أريدُ أن أشارك معكم سِمات الكنيسة الفعَّالة.
لا يَكادُ يَمُرُّ أسبوع، وأعتقد أنَّه لا يَكادُ يَمُرُّ يوم دون أن تَتَّصل بنا كنائس أخرى وتَطلب منها أن نُساعدَها وأن نُقدِّمَ إليها الإرشاد. فَهي تَرغب في معرفة كيفَ بارَكَنا الرَّبُّ، وما الأمورُ الَّتي فَعلناها وأدَّت إلى ذلك. وهذه خِدمة تَجري باستمرار. وقبل سنة أو أكثر، أَعددنا مِنهاجًا صغيرًا... مِنهاجًا صغيرًا للقادة. ونحنُ عاجِزونَ عنِ الاحتفاظِ بأيِّ نُسَخٍ منه. فالحقيقة هي أنَّ جميع النُّسَخ تَنفَد سريعًا، وهُناك نُسخ إضافيَّة تُطبَع حاليًّا. وهي تُوزَّع في كلِّ أنحاء البلد لأنَّه يوجد تَوْقٌ شديد لمعرفة المبادئ الجوهريَّة للكنيسة الفَعَّالة في خِدمتها لله. وهذا هو حَقًّا ما أريدُ أن أُشاركه معكم في هذا الصَّباح.
لقد بارَكَ اللهُ كنيسة "النعمة". فلا شَكَّ في ذلك. وقد قَدَّمَ اللهُ براهينَ عديدة على قُدرته وحضوره المَرَّة تِلو الأخرى تِلو الأخرى. وقد غَمَرَنا ببركاتِهِ وَإحساناتِهِ غَمْرًا. فقد رأينا أشخاصًا يَخلُصون، ورأينا أُناسًا تَغيَّرت حياتُهم، ورأينا بُيوتًا يَلْتَمُّ شَمْلُ أفرادِها مِن جديد، ورأينا مسيحيِّين يَنضُجون، ورأيناهُم يُثمِرون، ورأينا أشخاصًا يأتونَ مِن أماكن أخرى كثيرة رَغبةً مِنهم في أن يكونوا جُزءًا مِن كنيسة "النعمة". فهناك شيء هنا يَفعلُهُ اللهُ ويُبارِكُهُ. وأنا أشعُرُ بكلِّ قلبي أنَّ كلَّ الأشياءِ الَّتي رأيناها حتَّى الآن هي تَمهيدٌ وَحَسْب [إنْ تَأنَّى الرَّبُّ] لما قد يَفعلُهُ أو ما سيَفعلُه.
والنَّاسُ يَتساءلون: "لماذا يَحدث هذا هُناك؟ فكنيستُنا تَستخدِمُ نفسَ الكتاب المقدَّس، وتَستمدُّ قُوَّتَها مِن نفس الرُّوح القُدُس، وتُؤمِن بنفسِ يسوعَ المسيح مع أنَّه لا يبدو أنَّ هناك أمورًا كثيرة تَجري في كنيستنا. لماذا يَحدث ذلك هناك؟" وربَّما كانت أفضل إجابة لذلك السُّؤال هي: لأنَّ اللهَ هو صاحب السِّيادة، ولأنَّ اللهَ شاءَ أن يَفعلَ ذلك هنا. ونحنُ مُجَرَّد مُتفرِّجين. ومِن جهة، هذا صحيح. أليس كذلك؟ فاللهُ يَبني كنيستَه. ويسوعُ يَبني كنيستَه، لا نَحن. وهو يَبنيها بالطَّريقة الَّتي يَشاء، وفي المكان الَّذي يَشاء، وفي الوقتِ الَّذي يَشاء، وكيفَما يَشاء. وبالرَّغم مِن ذلك، هذه ليست كلّ القصَّة. فالأمرُ لا يتوقَّف فقط على اختيارِ الله بِمُطلَق سِيادَتِه. فلا بُدَّ أن نَخضعَ لمبادئ مُعيَّنة تَجعل الكنيسة كلَّ ما يريد الرَّبُّ لها أن تكون. فهناك أمور رئيسيَّة مُعيَّنة. فالحجمُ ليسَ مُهِمًّا. فهناك كنائس ناجحة جدًّا ومُباركة جدًّا مِن الله مع أنَّها صغيرة جدًّا. وهناك كنائس أخرى كبيرة جدًّا ولكنَّها ليست ناجحة روحيًّا، أو رُبَّما تُحقِّق نَجاحًا روحيًّا ضئيلاً جدًّا.
فلا يجوزُ أن تُقَيِّمَ الحياةَ الرُّوحيَّةَ للكنيسة في ضَوءِ عددِ أعضائها. فأسهلُ شيءٍ هو أن تَجتذبَ النَّاس. فهذا سهل. ولكنَّ الأمرَ الصَّعبَ هو أن تُتَلْمِذَ أشخاصًا. فالحجمُ ليسَ المسألة الرئيسيَّة. فهناك مؤتمرات تُعقَدُ في جميعِ أنحاء أمريكا باستمرار حول كيف تَجعل كنيستَكَ كبيرة. ولكنِّي لا أذهبَ إلى أيٍّ منها. فأنا لستُ مُهتمًّا بذلك. فَمَنِ الَّذي يَحتاجُ إلى كنيسة كبيرة؟ فهذه ليست المسألة الجوهريَّة، بل إنَّ المسألة الجوهريَّة هي: كيف تُتَلمِذ أشخاصًا. ويبدو أنَّنا عالِقونَ في فَخِّ المُسابقاتِ الَّتي تُقامُ في جميعِ أنحاءِ بَلَدِنا لمعرفة مَن هي أكبر كنيسة. ولكنَّ هذه ليست النُّقطة الجوهريَّة. فهذا أمرٌ لا يُبالي به الله.
وبالرَّغم مِن ذلك، هناك أسباب تَجعل الكنيسة تَنمو رُوحيًّا، وتَجعل الكنيسة تَنمو عَدَديًّا. وهذه الأسبابُ هي [في نظري] أسباب مُهمَّة ينبغي لنا أن نَفهمَها. وأعتقد أنَّني مُلتزِمُ دائمًا بهذه المبادئ. والحقيقة هي أنَّني واثقٌ مِن ذلك، ولكنِّي لم أُدَوِّنَها يومًا بالتَّرتيب. وأعتقد أنَّني كنتُ بحاجة إلى شخصٍ يَفعل ذلك عَنِّي. وعندما حَضرتُ مُؤتمر مُودي للرُّعاة (Moody Pastor's Conference) مع "جيري ميتشيل" (Jerry Mitchel) و "جيم هاريس" (Jim Harris)، وآخرين، تَكلَّمَ "هوارد هندريكس" (Howard Hendricks) مِن "كُليَّة لاهوت دالاس" (Dallas Theological Seminary). وفي عِظَتِهِ، ذَكَرَ ما يَعتقد أنَّه سِمات الكنيسة النَّاجحة. وهو لم يَصرِف وقتًا طويلاً جدًّا في الحديث عن هذا الموضوع، ولم يَتحدَّث عن هذه النِّقاط مُطوَّلاً أو بالتَّفصيل، ولم يَذكُر أيَّ آيات كِتابيَّة لتدعيمها. فلم يكن ذلك هو ما يَرمي إليه، بل إنَّهُ عَدَّدَها وَحَسْب. وقد قال: "في كلِّ رِحلاتي في جميعِ أرجاءِ البَلَد..." [وقد كانَ يَعِظ في كنيسةٍ تِلو الأخرى، تِلو الأخرى، تِلو الأخرى، تِلو الأخرى منذُ سنواتٍ طويلة]. لقد قال: "في كلِّ نوعٍ مِن الكنائس، مِن الصَّغيرة إلى الكبيرة، ومِن التَّقليديَّة جدًّا جدًّا والرُّوتينيَّة والطَّقسيَّة جدًّا إلى المُتحرِّرة جدًّا، إلى الكنائسِ مِن كلِّ نوعٍ يَخطُر بالبال، فإنَّ كلَّ هذه الكنائس دونَ استثناء تَمتلك نفس العناصر الرئيسيَّة الَّتي جَعلتها ناجحة". لِذا فقد قال: "هذه هي الأشياء الَّتي رأيتُ أنَّها العوامل المُشتركة للكنيسة النَّاجحة. وكلَّما زادَ عَدَدُ هذه العوامل في الكنيسة، زادَ نَجاحُها. فليست كلُّ الكنائس تَمتلك كلَّ هذه المُقوِّمات، ولكنَّها جميعَها تَمتلكُ بعضًا منها. وكلَّما امتلكت عددًا أكبر منها، زادَ نَجاحُها".
وقد استمعتُ إلى تلك العظة وشَعرتُ أنَّ شخصًا يَتلو عَليَّ كلَّ الأشياء الَّتي أُوْمِنُ بها. ومِنَ الصَّعبِ أن أَقولَ لكم كم كانَ ذلك مُشجِّعًا لقلبي حين عَلِمتُ أنَّ الأشياءَ الَّتي نؤمن بها هنا هي ليست أشياء تَبَنَّيناها اعتباطًا، بل إنَّني أستمعُ إلى شخصٍ لم يَأتِ يومًا إلى هذه الكنيسة في حياتِه، وإلى شخصٍ لم أتحدَّث إليه قبل ذلك. وها هو يقول إنَّ هذه هي الأشياء الَّتي تَجعل الكنيسة ما يُريدُ لها اللهُ أن تكون.
وقد شَعرتُ أيضًا، لا رَغبةً مِنِّي في إضافةِ شيءٍ إلى ما قالَهُ أو حَذْفِ شَيءٍ مِمَّا قالَهُ، ولكنِّي شَعرتُ أنَّ هناك أمورًا أخرى أيضًا يُمكنني أن أُضيفَها إلى تلك اللَّائحة. لِذا فقد صارَت لائِحَتُهُ ولائحتي عِظَةَ هذا الصَّباح. أوَّلاً... ويمكنكم أن تُدوِّنوها. وسوف أَذكُرُ أكثرَ مِن عَشَرةِ أشياء، ولكنَّ هذا هو كلُّ ما تحتاجون إليه اليوم. فنحنُ لن نُنهيها اليوم. أوَّلاً، هذه هي العَناصِر المُهمَّة لنجاحِ الكنيسة:
أوَّلاً، تَعَدُّد القادة الأتقياء. تَعَدُّد القادة الأتقياء. فلا يمكنكم أن تَتجاهلوا ذلك وأن تَحصلوا على بَرَكة الله. فلا بُدَّ مِن وجود التَّقوى لدى القادة. ولا بُدَّ مِن وجود أشخاصٍ قِدِّيسين في مواقِع التَّوجيه والمسؤوليَّة في الكنيسة. فلا بَديلَ عن ذلك. المسيحُ هو رأس الكنيسة [كما قالَ بولُس مِرارًا في رسالة أفسُس ورسالة كولوسي. والمسيحُ [بصفتِه رأس الكنيسة] يريد أن يكون هو صاحِبُ السُّلطان في كنيسته. وكلُّ ما يَحتاجُ إليه ليكونَ صاحِبَ السُّلطان في كنيسته هو أشخاصٌ أتقياء يُمكنُه أن يُمارِسَ سُلطانَهُ مِن خلالهم. فالأشخاصُ غير الأتقياء هُمْ عَثَراتٌ وحسب. ومِن المُدهش أن نَرى كيف تَختارُ أغلبيَّة الكنائس قادتها. فهي تَختارُ أكثر الأشخاص نَجاحًا في التِّجارة، والأشخاصَ الأكثرَ نُفوذًا، والأشخاصَ الأكثر ثَراءً، والأشخاصَ المُحترِفينَ في مَجالِ أعمالِهم. فهكذا تَختارُ أغلبيَّةُ الكنائس قادتَها. وقد اعترفَ لي أحدُ الرُّعاة بأنَّ واحدةً مِن المشاكل الَّتي كانَ يُعاني مِنها في تَعامُله مع مجلس إدارة الكنيسة هي أنَّ نصفَهم كانَ مؤمنًا ونِصفهم غيرَ مؤمن. وقد قلتُ: "أجل، هذه مُشكلة لأنَّ الشَّيطان والمسيحَ لا يَتعاونان". فلا يجوزُ لأيِّ شخصٍ أن يكون قائدًا في الكنيسة لِمُجرَّد أنَّه الأكثر حِكمةً، أو الأفضل في مجالِ عَملِه، أو لأنَّه الأكثر غِنى، أو لأنَّه يَمتلك قُدرات قياديَّة عالية، أو لأنَّه ناجح في التَّسويق؛ بل ينبغي أن يَكونَ قائدًا في الكنيسة لأنَّه رَجُل الله.
تلك هي بداية كلِّ فاعليَّة في الكنيسة. فاللهُ يُمارِس سُلطانَهُ في العالَم مِن خلال أُناسٍ أتقياء. وإن رَجعتُم إلى البداية ستَرونَ أنَّ اللهَ مَارَسَ سُلطانَهُ على الأرض مِن خلالِ آدم. وحتَّى بعد السُّقوط، نَراهُ يَفعل ذلك مِن خلال الضَّميرِ البشريّ. وبعد ذلك، مِن خلال الحُكومات. وبعد ذلك، ابتدأ اللهُ في مُمارسة سُلطانِه مِن خلالِ الآباء. وبعد ذلك مِن خلال القُضاة. أتَذكرون؟ ثُمَّ مِن خلال المُلوكِ والأنبياءِ والكَهنة. وفي الأناجيل، نَقرأُ أنَّه مارَسَ سُلطانَهُ مِن خلال حُضور المسيح. والآن، مِن خلال الكنيسة. وفي الكنيسة تَحديدًا مِن خلالِ قادتِها. والقادة هُم [ببساطة] مُمَثِّلو يسوعَ المسيح في العالَم. والعُنصرُ الرَّئيسيّ في القيادة هو القَداسة. رِجالُ الله... هذا هو ما تَدعو الحاجة إليه في الكنيسة.
والأمرُ يَتطلَّب وقتًا لإعداد رَجُل الله. هل تَعلمون ذلك. فالأمرُ يَتطلَّب وقتًا. فقد استغرقَ اللهُ أربعينَ سنة لإعدادِ مُوسَى. وقد تَطلَّبَ الأمرُ سَنوات طويلة لتدريب يَشوع على يَدِ مُوسَى إلى أن صارَ جاهزًا للقيادة. وقد تَطلَّبَ الأمرُ وقتًا لإعداد إبراهيم. وقد تَطلَّبَ وقتًا لإعداد داود. وقد تَطلَّبَ وقتًا وجُهدًا وعملاً لتقويم بُطرس. وقد تَطلَّبَ وقتًا في البَريَّة لإخراجِ شيءٍ مِن بولس. وقد تَطلَّبَ الأمرُ وقتًا لِتوقُّف فيلبُّس عن كَونِهِ شَمَّاسًا وابتدائه في الكِرازة. فالأمرُ يَتطلَّب وقتًا لإعداد رَجُل الله.
وعندما بَقِيَ تيموثاوس في أفسُس، أَدركَ أنَّه بحاجة إلى جَعل الكنيسة تَستمرّ. وكانَ ذلك يَتطلَّب منه أن يُدرِّب القدِّيسين إلى أن يَنضُجوا. وقد كان يَعلم أنَّه لا يستطيع القيام بذلك بمُفرده، بل يحتاجُ إلى قادة للكنيسة. لِذا فقد قالَ له بولس: "مِن الجَيِّد والحَسَن يا تيموثاوس أن يَشتهي شخصٌ أن يكونَ قائدًا، ولكن احرص على أن يكونَ رَجُلاً مِن نَوعٍ مُعيَّن. فأنتَ لستَ بحاجة إلى مُتطوِّعين، بل بحاجة إلى نَوعٍ مُعيَّن مِن الرِّجال". وقد واجَهَ تِيطُس الأمرَ ذاتَهُ في كريت. وقد قالَ له بولس: "والآن يا تِيطُس، أَقِم شيوخًا في كلِّ مدينة. اختَر هؤلاء القادة، ولكن احرص على أن يكونوا نَوعًا مُعيَّنًا مِن القادة... أن يكونوا قادةً أتقياء". لذا، في الرِّسالة الأولى إلى تيموثاوس 3: 1-7، وفي الرِّسالة إلى تِيطُس 1: 5-10، يَذكُر بولس مؤهِّلات القائد التَّقيّ. فهذا هو نوعُ الأشخاص الَّذي ينبغي أن يقودوا الكنيسة. وسوفَ أَذكُرُ لكم المؤهِّلات. ويوجد عشرونُ مُؤهِّلا في هَذَيْن المَقطَعَيْن. وسوفَ أكتفي بقراءتها على مَسامِعِكُم. اسمعوا:
يجب أن يكون القادة بلا لَوم. وهذه نُقطة بداية رائعة. أليس كذلك؟ بلا لَوم. أي: فَوْقَ اللَّوم، أو أَلاَّ يوجد شيء في حياتهم يُمكن أن يُنتقَدوا أو يُلاموا أو يُوبَّخوا عليه. ثانيًا: أن يكونَ القائدُ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَة؛ أي أن يُحبُّوا زوجاتِهم مَحبَّة كاملة ومُكَرَّسة. ثالثًا: أن يكونَ صَاحِيًا. وهذا يعني أن يكونَ مُستقرًّا أو راسخًا روحيًّا، وثابتًا، وأن يَنظُرَ نَظرةً واضحةً وكِتابيَّةً وروحيَّةً إلى الحياة. رابعًا: أن يكونَ عَاقِلاً. وأحيانًا، تُتَرجمُ هذه الكلمة: "صَاحي الذِّهن"؛ وهي تَعني أن يَعرِفَ الأولويَّات... أن يَعرفَ الأولويَّات. خامسًا: مُحْتَشِمًا. وهذا يعني أن يَعيشَ حياةً مُنَظَّمة ومُرتَّبة يُحْمَد عليها. سادسًا: مُضِيفًا لِلْغُرَبَاء. وهذا يعني أن يكونَ مُحبًّا للغُرباء. سابعًا: أن يكونَ صَالِحًا لِلتَّعْلِيم. وهذه تَرجمة لكلمة واحدة في اللُّغة اليونانيَّة، وهي كلمة نادرة الاستخدام جدًّا إذ إنَّها لم تُستخدم سِوى مَرَّتَيْن فقط وهي: "ديداكتيكوس" (didaktikos). وهي لم تُستخدَم قَطّ للإشارة إلى موهبة التَّعليم، ولم تُستخدَم قَطّ للإشارة إلى وظيفة المُعلِّم، بل هي كلمة مُختلفة. فهي لا تَعني أنَّه يجب على القائد أن يكونَ مُعلِّمًا عظيمًا للكتاب المُقدَّس، بل تقول إنَّه يجب عليهِ أن يكونَ "ديداكتيكوس". وهذا يَعني شَيَئْين: أن يكونَ قابلاً للتَّعلُّم (وهذا هو الجانب الأوَّل)، وأن يكونَ قادرًا على التَّواصُل مع الآخرين. والفكرة مِن هذه الكلمة هي ليست الإشارة إلى أساليبه التَّعليميَّة، بل إلى رَهافَةِ حِسِّه تُجاهَ الآخرين. وهذا يعني أن يكونَ لا فقط قابلاً للتَّعلُّم، بل أيضًا قادرًا على التَّعليم بوداعةٍ ولُطفٍ وروحٍ وَديع. فلا يوجد ما هو أسوأ مِن القائد الَّذي يأتي بالطَّريقة التَّالية: "اسمعوا! هذا هو ما يجب عليكم أن تَفعلوه لأنَّ هذا هو ما يَقولُهُ الكتاب المقدَّس. لِذا، افعلوا ذلكَ وإلاَّ!" أتَرَون؟ لا، هذا لا يَجوز. فهذه الكلمة تُشيرُ إلى شخصٍ يَجعَلُهُ لُطفُهُ قابلاً للتَّعلُّم، ويَجعلُهُ لُطفُهُ قادرًا على التَّواصُل مع الآخرين. فهي كلمة تُشيرُ إلى رَهافَةِ الحِسّ. وهي كلمة تُشيرُ إلى اللُّطف. وهي كلمة تُشيرُ إلى الخُضوع، وإلى شخصٍ يُمكنُه أن يأخُذ ويُعطي بإحساسٍ مُرهَف.
ثامنًا: غيرَ مُدمنِ الخمر أو أيِّ نوعٍ مِن الكُحولِ أو أيِّ مُخَدِّراتٍ أيًّا كانت. فيجب أن يكونَ ضابطًا لنفسه. تاسعًا: غيرَ مُعجَبٍ بنفسه. وهذا يعني ألاَّ يكونَ أنانيًّا. فلا يُمكنك أن تُقيمَ قادةً إن كانوا لا يُبالونَ إلاَّ بأنفسهم. فأهمُّ شيءٍ بخصوص القائد في هذا النِّطاق هو ألاَّ يَهتمَّ بنفسه، بل بالآخرين. أليس كذلك؟ أي بالأشخاص الَّذينَ يَقودُهم. وأنا أجدُ أنَّ هذا الأمرَ مُدهش. فَمِنَ الأسهل جدًّا بالنِّسبة أليَّ أن أَعِظَ في هذه الكنيسة. هذه هي الحقيقة. فأنا أُفَضِّلُ أن أَعِظَ هنا على أن أَعِظَ في أيِّ مكانٍ آخر. وقد تقولون: "أنتَ تقولُ ذلك لأنَّك تَعلم أنَّنا نُحبُّكَ ونَحتَمِلُك". هذا جُزءٌ مِن السَّبب، ولكنَّ العامِلَ الرَّئيسيَّ هو التَّالي: أنا أعِظُ هنا بعقليَّة مُختلفة تمامًا عَن تلك الَّتي أَعِظ بها في أيِّ مكانٍ آخر. فعندما أعظِ هنا، أرَكِّز عليكم فقط لأنِّي جُزءٌ مِن حياتِكُم. وأنا أعِظُ لكي تَتعلَّموا، وتَفهموا هذه الأمور، ولكي تَتغيَّر حياتُكم. أمَّا عندما أذهبُ إلى أيِّ مكانٍ آخر فإنَّني لا أعرفُ أيَّ شخصٍ مِن الجالسين هناك. لِذا فإنَّني لا أَهتمُّ بهم، بل أهتمُّ بنفسي. هذه هي الحقيقة. فأنا أهتمُّ بنفسي أكثر مِمَّا أهتمُّ بما يَتعلَّمونَهُ لأنِّي لا أعرفهم. وأنا أجدُ أنِّي صالحٌ أكثر للتَّعليم هنا والوعظِ هنا لأنَّني أهتمُّ بكم. أمَّا عندما أذهبُ إلى مكانٍ آخر فإنَّ كلَّ ما أُفكِّر فيه هو: "سوفَ يقولُ جميعُ هؤلاء النَّاس: ’هذا جون ماك آرثر. لِنَفحصَهُ ونَرى إن كانَ جَيِّدًا". لِذا، لا يَجوزُ أن نكونَ أنانيِّين، بل أن نَهتمَّ بالآخرين. "غيرَ مُعجَبٍ بنفسه". حسنًا؟
عاشرًا: ليسَ غَضوبًا. فلا يجوزُ أن يكونَ القائدُ غَضوبًا، بل صَبورًا. الحادي عشر: غير ضَرَّابٍ. هل تَذكرون تلك الكلمة القديمة: "غيرَ ضَرَّابٍ"؟ ما معناها؟ إنَّها تعني حرفيًّا: لا يَلجأُ إلى العُنفِ الجسديّ. فعندما نُفكِّرُ في أحدِ قادةِ الكنيسة، لا نريدُ شخصًا يَتجوَّلُ ويَلكُم النَّاسَ بقبضته. فهذا هو معناها الحَرفيّ. فهي لا تُشيرُ إلى السُّلوك، بل إلى الضَّربِ الفِعليِّ للآخرين. فأنتم لستم بحاجة إلى شخصٍ يأتي لحضورِ اجتماعِ مجلس الإدارة، ويَقف، ويَضرب الآخرين ويُسقِطُهم أرضًا عن الطَّاولة أو ما شابه ذلك. الثَّاني عشر [وهي صِفة تَختصُّ بالسُّلوك]: فأنتم لا تريدونَ قائدًا مُخاصِمًا. وهذه الكلمة تُستخدَم في الكتاب المقدَّس في هَاتَيْن اللاَّئحتَيْنِ فقط. وهي تُشير إلى شخصٍ يُحبُّ أن يَتنافَس ويُجادِل. فهو يريدُ أن يُجادلَ الآخرين طَوال الوقت. الثَّالث عشر: أن يكونَ لطيفًا. الرَّابع عشر: ألاَّ يَكونَ مُحبًّا للمال. وهذا لا يعني أنَّهُ لا يَملِكُ أيَّ مال، بل أَلاَّ يكونَ مُحبًّا للمال. الخامس عشر: أن يُدَبِّرَ بيتَهُ حَسنًا. وهذا يَعني أن يُبقي أولادَهُ تحت السَّيطرة وبكرامة. وأنا على يَقينٍ بأنَّ هناك أشخاصًا يُبقونَ أولادَهُم تحت السَّيطرة، ولكنِّي لستُ واثقًا مِن أنَّهم يَفعلونَ ذلك بكرامة. السَّادس عشر: أن تكونَ له شَهادة حسنة مِن غير المؤمنين. وهذا يعني: ما رأيُ العالَمِ فيه؟ وهذا مُهمٌّ لأنَّه يَخرُجُ إلى العالَم ويَحتَكُّ بهم. لِذا، سوفَ يَعلمونَ إن كانَ مؤمنًا حقيقيًّا أَم لا. السَّابع عشر: مُحبًّا للخير. فيجب أن يُحِبَّ الخير، أو أن يكونَ مُحبًّا للأشياء الصَّالحة. الثَّامن عشر: بَارًّا؛ أي: عادلاً. التَّاسع عشر: تَقيًّا. وهذا يعني أن يكونَ قِدِّيسًا في حياتِه العمليَّة. العشرون: أَلاَّ يكونَ حديث الإيمان.
والآن، هذه هي المؤهِّلات الَّتي يَذكرُها الكتابُ المقدَّس بخصوص القادة في الكنيسة. هل تَعتقدونَ أنَّها مُهمَّة؟ وهل تَعتقدونَ أنَّ اللهَ يُريد أن يُوَصِّلَ رسالةً إلينا؟ هذه هي نَوعيَّةُ الأشخاص الَّذينَ يُريدهم في القيادة. إن لم تُراعوا ذلك، ستَجِدونَ منذُ البداية أنَّ المشاكل في انتظاركم. والحقيقة هي أنَّه مِن المهمِّ جدًّا أن نَعلَمَ أيضًا أنَّه عندما يُخطئ أحدُ الشُّيوخ، يجب أن يُوَبَّخَ عَلَنًا أمامَ كلِّ الرَّعيَّة [كما جاءَ في رسالة تيموثاوس الأولى 5: 20]. رِجالُ الله. هذا هو ما يُريدُهُ الله. انظروا إلى رسالة تيموثاوس الأولى والأصحاح السَّادس. واسمحوا لي أن أُريكم أنَّ هذه العِبارة تَرِد في الكتاب المقدَّس: "إنسانَ الله". ففي رسالة تيموثاوس الأولى 6: 11، يقولُ بولس لتيموثاوس: "وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ الله". وهذا لَقَبٌ رائع: "إنسان الله". وما معناه؟ هناكَ جانبانِ للإنسان: الأوَّل سَلبيٌّ والثَّاني إيجابيٌّ. الجانبُ السَّلبيُّ: "اهْرُبْ مِنْ هذه الأشياء". والجانبُ الإيجابيُّ هو ماذا؟ "اتْبَع هذه الأشياء". لِذا فإنَّ إنسانَ الله يَهرب مِن أشياء مُعيَّنة. والجُزءُ السَّابقُ مِن الأصحاح يَذكُرُ هذه الأشياء: الكبرياء، المال، والخِصام، واستخدام سُلطته للتحكُّم بالنَّاس، إلخ، إلخ. فيجب عليه أن يَهرب مِن هذه. ويجب عليه أن يَتبعَ [كما جاء في العدد 11]: البِرَّ، وَالتَّقْوَى، وَالإِيمَانَ، وَالمَحَبَّةَ، وَالصَّبْرَ، وَالوَدَاعَةَ، وأن يُجاهِدَ جِهَادَ الإِيمَانِ الحَسَن. ففي قيادة الكنيسة، يقولُ الكتابُ المقدَّسُ إنَّه يجب أن يكونَ القادة أشخاصًا أتقياء... قادةً أتقياء... العديد منهم... أكثر مِن واحد.
حسنًا، نأتي إلى النُّقطة الثَّانية أو إلى الشَّيء الثَّاني الضَّروريّ لوجود كنيسة فَعَّالة. ونحنُ لن نَتوسَّعَ في الحديثِ عن هذه الأمور، بل سنَكتفي فقط بتِعدادِها. ولكنَّ الشَّيء الثَّاني الَّذي ينبغي أن يَتوفَّر في الكنيسة هو وجود أهداف وغايات وَظيفيَّة. ولا بُدَّ مِن القول إنَّ الكلمة "وَظيفيَّة" هي الكلمة الأَهَمّ هُنا. فيجب أن تكون لدينا أهداف وغايات وَظيفيَّة. فالأشخاص الَّذينَ ليست لديهم أهداف، والأشخاص الَّذينَ ليس لديهم تَوَجُّه، وإن لم تكن تَعلم إلى أينَ تَتَّجِه، لن تَعرف أنَّكَ قد حَقَّقتَ الهدف. لِذا فإنَّك لن تَشعر بالإنجاز. ولا يمكننا أن نكون مِثل الرَّجُل الَّذي قَفَزَ فوقَ حِصانِه وراح يَجري به كالمسعور في كلِّ الاتِّجاهات. فلا بُدَّ مِن وجود وُجهة لما نَفعلُه. هل يمكنكم أن تتخيَّلوا مباراة كُرة قاعدة مِن دون قواعِد؟ لن يكونَ لها مَعنى. أليس كذلك؟ فسوفَ تَضرب الكُرة ولن تَعرف ماذا ستفعل بعد ذلك. لِذا، يجب أن تكون هناك أهداف. ولا بُدَّ مِن وجود غايات واضحة تُوضَع أمام النَّاس لكي يَعلموا ما الَّذي ينبغي أن يُرَكِّزوا عليه.
قال "هوارد هندريكس": "السَّبب في أنَّ كثيرين مِنَّا يَشعرون أنَّهم يَفعلونَ حسنًا جدًّا هو أنَّنا لا نَعرف ماذا نَفعل". فلا بُدَّ مِن وَضْعِ مجموعةٍ مِن الأهداف. وأوَّلاً، لا بُدَّ أن تكونَ هناك أهداف كِتابيَّة. وإن سألتُكم ما هي الأهداف الكِتابيَّة للكنيسة، ستتمكَّنونَ مِن الإجابة عن سؤالي. وأنا واثقٌ مِن ذلك لأنَّنا أخبرناكم وأخبرناكم وأخبرناكم. فيجب علينا أن نَربحَ النُّفوسَ للمسيح، ويجب علينا أن نَجعلهم قِدِّيسينَ ناضجين. أليس كذلك؟ ونحنُ نُسَمِّي ذلك "هُويَّة الكِرازة" أو "الكِرازة والتَّعليم" أو ما إلى ذلك. فيجب علينا أن نَربحَ النُّفوسَ للمسيح. ويجب علينا أن نُساعِدَهُم على النُّضج. ويجب علينا أن نَضع أهدافًا كهذا الهَدف: نحنُ نريد أن نَلُمَّ شَمْلَ العائلات، وأن نَمنَع الطَّلاق والبيوت غير السَّعيدة. ونريد أن نُعلِّم الأطفالَ الأمورَ المُختصَّة بالله، وأن نُرَبِّيهم حتَّى عندما يَكبروا لا يَحيدوا عنها. فنحنُ لدينا الكثير مِن الأهداف الكِتابيَّة.
لكن بالإضافة إلى الأهداف الكِتابيَّة، يجب علينا أن نَمتلك أهدافًا وَظيفيَّة. وهذا هو الشَّيء الَّذي أريد أن أتحدَّث عنه قليلاً. الأهداف الوظيفيَّة هي أمور تَمهيديَّة تُساعدنا في تحقيق الأهداف الكِتابيَّة. فلا يكفي أن نقول: "والآن يا أحبَّائي، يجب علينا أن نَتعلَّم كلمة الله" وأن نَستمرَّ في تَرديدِها. بل يجب أن تَتقدَّموا خُطوة أخرى وأن تُوفِّروا خُطوات أخرى مِن أجل تحقيق ذلك الهدف. أليس كذلك؟ فعلى سبيل المِثال، إن قُلنا إنَّنا نُريدُ أن نَبني... إنَّنا نريدُ أن نَبني الكنيسة، وإنَّنا نريدُ أن نُساعد القِدِّيسين على النُّموّ، فإنَّ الشَّيء التَّالي الَّذي نقولُه هو: كيف سنُحقِّق ذلك؟
أوَّلاً، أنا أَعلمُ أنَّ هذا هو ما سأفعلُه. سوفَ أُعَلِّم كلمة الله مِن على المِنبَر. هذا هَدفٌ وَظيفيّ. سوف أفعل ذلك. وهذا سَيُحقِّق جُزئيًّا الهدف الكِتابيَّ الَّذي هو: "النُّضْج". أليس كذلك؟ وليسَ هذا وحسب، بل إنَّنا سنَضَع نِظامًا تَعليميًّا. ونحنُ نُسَمِّي ذلك: "آكتس" (ACTS) ومَعناها: "نَدَواتُ التَّدريبِ المَسيحيِّ الفَعَّال" (Active Christian Training Seminars) حيثُ يستطيعُ النَّاسُ أن يَدرسوا وَفقًا لمُستوى الفَهمِ الَّذي يَرغبونَ فيه، ووَفقًا للمُستوى الَّذي يَشعرونَ أنَّهم قادرونَ على استيعابه، وأن يَتعلَّموا كلَّ ما هُم بحاجة إلى تَعَلُّمِه. لذا، فقد وَضعنا نِظامًا شاملاً يَستطيعُ الكِبارُ مِن خلاله أن يَذهبوا هنا وهناك وأن يَتعلَّموا كلَّ ما يَرغبونَ في تَعلُّمِه.
فَضلاً عن ذلك، سوفَ نُؤسِّس "مَعهد لوغوس للكتاب المُقدَّس" (Logos Bible Institute) للأشخاص الَّذينَ بَلغوا مُستوىً مُعيَّن ويريدون أن يَعرفوا كلمة الله مَعرفة أعمَق. وسوفَ نَعقِد دُروسًا في اللَّيل. وسوفَ نَعثُر على أشخاصٍ مُتاحينَ في النَّهار كي يأتوا في النَّهار. وهذه أهداف وَظيفيَّة لتحقيق أهدافٍ كِتابيَّة. وليسَ هذا وحسب، بل إنَّنا نَعلمُ أنَّه يوجد أشخاص يَودُّون أن يَلتقوا في أماكن أخرى دونَ أن يأتوا إلى هنا. لِذا فقد قُلنا: "لِنَعقد دروس كِتابٍ مُقدَّس في البيوت". وهكذا صار لدينا نحو خمسين أو سِتِّين اجتماعًا كهذا.
ونحنُ لدينا مِنهاجٌ للعائلة مُخصَّص للآباءِ والعائلة لِدَعْمِ تأهيلهم في البيت. وهذا هَدفٌ وَظيفيٌّ آخر. فقد وَضعنا ذلك الهَدف، وقُلنا إنَّنا نريدُ أن نُحقِّق ذلك الهَدف. وقد حَقَّقناه. وقد قُلنا إنَّنا نريدُ أن نُعِدَّ بَرنامج "آكتس" (ACTS)، وقد أَعددناه. وقد قُلنا إنَّنا نريدُ أن نُؤسِّسَ مَعهد لوغوس. وقد أَسَّسناه. وقد قُلنا إنَّنا نريدُ أن نَضَعَ مِنهاجًا للعائلة. ونَشكُرُ اللهَ أنَّنا وَضعناه. وكما تَرَون، فإنَّنا نَضع أهدافًا وظيفيَّة، ونُحقِّق تلك الأهداف. ونحنُ لدينا المزيد.
وقد نَضَع أحيانًا هَدَفًا وظيفيًّا ولا نُحقِّقُهُ دائمًا لأنَّه قد تكونُ لدى اللهِ أحيانًا خُطَط أخرى مُختلفة عن خُططِنا. ولكنَّ هذا مُمتِع لأنَّه عندما لا نُحقِّق هدفًا مُعيَّنًا يُمكننا أن نقولَ إنَّ اللهَ هو السَّبب. وهناك آية رائعة ينبغي أن تَحفظوها وهي أمثال 16: 9. وهي تقولُ ما يَلي: "قَلْبُ الإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ". ... "قَلْبُ الإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ". فنحنُ نَضَع الخُطط، ولكنَّ اللهَ قد لا يَسمَح لنا بتنفيذِها. ولكنَّ ذلك رائع لأنَّ هذا هو حَقُّه. هل تَذكرونَ أنَّ الرَّسولَ بولس [في سِفْر أعمال الرُّسُل] كان يحاول الذَّهاب إلى بِثِينِيَّة ولكنَّ الرُّوحَ القُدُس لم يَدَعْهُ؟ ثُمَّ إنَّه قال: "حسنًا، لا بأس، سأذهب إلى المَكانِ الفُلانيّ"، ولكنَّ الرُّوح القُدُس لم يَدَعْهُ يَذهب إلى هناك أيضًا. لِذا فإنَّه لم يتمكَّن مِن الذَّهاب شَمالاً، ولم يَتمكَّن مِن الذَّهاب جنوبًا. وكانَ أصلاً في الشَّرق. لذا فقد قال: "أعتقد أنَّه ينبغي لي أن أذهبَ غَربًا". وقد ذَهبَ غَربًا. وفجأةً، تَلقَّى دَعوةً... دَعوةً إلى مَكِدونيَّة. فقد أَغلقَ اللهُ أبوابًا حَسِبَها بولس أهدافًا وَظيفيَّة ووجَّهَهُ إلى حيثُ يَشاء. فاللهُ يُغيِّر خُطَطَنا. وهذا أمرٌ عظيم. لِيَفعل ذلك. وقد كَتبَ بولس الرِّسالة إلى أهل رُومية وقال: "سوفَ آتي لزيارتكم في طريقي لزيارة إسبانيا". فقد وَضعَ أهدافًا. وهناكَ أشخاصٌ مِنكم يُدركونَ (وأشخاصٌ لا يُدركون) أنَّه يجب عليكم أن تُخضِعوا كلَّ خُططِكم لإرشادِ الله. ولكن مِن المُهمِّ أن تَضعوا أهدافًا.
وهناك هَدفٌ آخر لدينا في الكنيسة [بالمَعنى الكِتابيِّ] وَهُوَ: الكِرازَة. فنحنُ نُريد أن نَربحَ النُّفوسَ للمسيح. أليس كذلك؟ وكيفَ تُحقِّقونَ ذلك؟ إحدى الطَّرائق للقيام بذلك هي أن نَعِظَ عن مسؤوليَّة المؤمن في الكِرازة. وإحدى الطَّرائق الأخرى هي أن نُقدِّمَ دُروسًا في الكِرازة. وإحدى الطَّرائق الأخرى هي أن نَذكُرُ في نَشْرَتِنا ما تَرونَهُ فيها في هذا الصَّباح؛ أي أن نُقدِّمَ كلَّ فترة باعِثًا أو حافِزًا أو دافِعًا عن كيف تكونُ فاعلاً أكثر في شَهادتِك. وكما تَرَون فإنَّ هذه أهدافًا وظيفيَّة تساعدنا في تحقيق الأهداف الكِتابيَّة. والسَّببُ في أنَّنا نُعَمِّد مساءَ يوم الأربعاء بالطَّريقةِ الَّتي نَفعلُها وهي أن نَجعلَ النَّاسَ يُقدِّمونَ شَهادتَهُم، ثُمَّ أقول: "الشَّخصُ الَّذي قادَ هذا الإنسان إلى المَسيح، هل أنتَ هُنا؟" هل سَمِعتموني أقولُ ذلك؟ "هل أنتَ هُنا؟" وأنا أقول: "مَن هو؟ هل هو السيِّد فُلان؟" والسَّببُ في قيامي بذلك هو أنِّي أريدُ أن يَعرفَ الآخرونَ أنَّ هؤلاء الأشخاص كانوا أُمناءَ في مُشاركة المسيح لَعَلَّ هذا يَصيرُ دافعًا لبقيَّتنا حَتَّى نَفرحَ برؤية شخصٍ آخر يَعتَمِد بعد أن قُدناه إلى المسيح. وهي كلُّها طُرُق مُختلفة لِبُلوغِ ذلك الهدف. وهذه أهداف وَظيفيَّة. ويجب أن نَضَعها. فلا يُمكنكم أن تكونوا عشوائيِّينَ، بل يجب أن تُقدِّموا للنَّاس أهدافًا وأن تَتقدَّموا لتحقيقها.
حسنًا، ثالثًا، إنَّ فاعليَّة الكنيسة مُرتبطة أيضًا بالتَّركيز الشَّديد على التَّلمذة... مُرتبطة أيضًا بالتَّركيز الشَّديد على التَّلمذة. والآن، تَذكَّروا أنَّ هذه الأمور تَسري على كلِّ كنيسة ناجحة في أيِّ مكان في أمريكا أو أيِّ مكان آخر في العالَم. فهذه ليست مُجرَّد أشياء أُومِنُ بها أنا، بل هي أشياء أَثْبَتَتْ أنَّها عوامِل نَجاح. التَّركيز الشَّديد على التَّلمذة.
فيجب أن يكون هناك جُهدٌ مُرَكَّز على تَعليم النَّاس كلمةَ الله لمساعدتهم على النُّضج. ويجب على الجميع أن يَشتركوا في ذلك. فيجب أن يَعملَ الرَّاعي المُعَلِّم على تأهيل القِدِّيسين. ويجب على القِدِّيسين أن يقوموا بعمل الخدمة لكي يَحدُثَ بُنْيانٌ للجسد. فيمكنكم أن تَبنوا الكنيسة مِن خلال خِدمتكم – تَمامًا كما أبنيكم أنا مِن خلال خِدمتي. فيجب علينا أن نُسهم في عمليَّة تَلمذة الآخرين. وقد عَبَّر بولس عن ذلك بالطَّريقة التَّالية إذ قال لتيموثاوس: "يجب علينا أن نُعلِّمَ أشخاصًا أُمناءَ لكي يَصيروا أَكْفَاءَ أَنْ [يَفعلوا ماذا؟] يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا". فالدَّورة تَستمرُّ وتَستمرُّ وتَستمرّ. فالرِّجالُ المُسِنُّونَ أوِ الأكبر سِنًّا يُعلِّمونَ الرِّجالَ الأصغر سِنًّا. والنِّساءُ الأكبر سِنًّا يُعَلِّمْنَ النِّساءَ الأصغر سِنًّا. ويجب على الأحداثِ أيضًا [كما جاءَ في الأصحاح الثَّاني مِن الرِّسالة إلى تيطُس] أن يكونوا قُدوةً للآخرين. فالمؤمنُ الَّذي لا يُتَلمِذ شخصًا آخر يُعارِضُ كلمة الله. فيجب عليكم أن تكونوا مُثمِرين. فأنتُم تَملِكونَ البِذرة المُثمرة مَغروسة في حياتِكم. ويجب أن تكونَ عاملة. فيجب علينا دائمًا أن نُثمِر.
وأنا أنظر إلى خدمتي الشخصيَّة... واسمحوا لي أن أُقدِّمَ لكم مَثلاً إيضاحيًّا. فأنا أنظر إلى خِدمتي الشخصيَّة كسلسلة مِن الدَّوائر: الدَّائرة الأولى هي المجموعة الشخصيَّة الَّتي تُحيطُ بي وأُتلمذها. وهؤلاء هُم الخُدَّام الرئيسيُّون. والدَّائرة الَّتي تَليها تَضُمُّ الشُّيوخَ أو قادة الكنيسة الَّذينَ أعمل معهم. والدَّائرة الثَّالثة تَضُمُّ الرَّعيَّة الَّتي أَعِظُها. والدَّائرة الرَّابعة تَضُمُّ الأشخاص الَّذينَ أَلْمَسُ حَياتَهم مِن خلال العِظات المُسَجَّلة والكُتب والمُؤتمرات في أماكن أخرى. ولكنَّ الأولويَّة القُصوى في خدمتي هي أن آخُذَ أُناسًا وأُتلمذَهم. وواحدٌ مِن الأمور المُبهِجة في حياتي هو أن أُدركَ أنَّهُ مِن أصل المُوظَّفين البالغ عددهم ثلاثة وعشرون مُوظَّفًا في كنيسة النعمة، فإنَّ اثنين وعشرين منهم هُم مِن رَعيَّتِنا. وأنا أتحدَّث عن المُوظَّفين الَّذينَ يَخدمون، لا فقط عن الأشخاص الَّذينَ تَلمذتُهم أنا، بل عن الأشخاص الَّذينَ تَلمَذَهم أشخاص آخرون مِن الموظَّفين. وهناك أشخاص آخرون يَنضمُّون إلينا طَوال الوقت. والعمليَّة تَستمرُّ وتَستمرُّ وتَستمرّ. وهذا هو ما ينبغي أن تُرَكِّز عليه الكنيسة. فهذا ليسَ مِنْبَرًا مِهَنِيًّا مُمَوَّلاً مِن مُتَفَرِّجينَ عِلمانيِّين. فأنتُم لا تأتونَ وتتَبرَّعونَ بالمالِ وتقولون: "لقد دَفعتُ لكم أيُّها الأشخاص. افعلوا ذلك". لا.
فقد قالَ أحدُ الأشخاصِ لي: "مَتى تقومُ بالزِّيارات؟" قلت: "ماذا تَعني بذلك؟" "أعني مَتى تَقومُ بزياراتِكَ بصفتكَ راعي الكنيسة؟" قلت: "أنا لا أقومُ بأيَّة زيارات بصفتي راعي الكنيسة". "أنتَ لا تَزورُ أحدًا؟ إنَّ تَقليدَ الكنيسة منذُ سنوات طويلة يُحَدِّد وقتَ الصَّباحِ للدِّراسة، ووقتَ بعد الظُّهر كُلَّهُ للزِّيارات". قلتُ: "وأينَ ذُكِرَ ذلك في الكتاب المقدَّس؟" "لا بُدَّ إنَّهُ مَذكورٌ هناك في مكانٍ ما". أينَ الآية الَّتي تقول إنَّه يجب عليَّ أن أقومَ بالزِّيارات طَوالَ فترةِ بعد الظُّهر؟ صحيحٌ أنَّه يَتحدَّث عن الزِّيارات. ولكن هل تَعلمونَ ماذا يقول؟ إنَّه يقولُ في رسالة يعقوب: "اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ... هِيَ... افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ". اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ... هِيَ... افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ؟ مَن إذًا يَنبغي أن يراعي الدِّيانة الطَّاهرة النَّقيَّة؟ الواعِظ فقط؟ كلُّ شخص. مَن إذًا يَنبغي أن يقومَ بالزِّيارات؟ كلُّ شخص. فالزِّياراتُ ليست عَملي، بل هي مَهَمَّة كلِّ شخص. فإن كان هناك شخصٌ يَنبغي أن تَزوروه، زُوروه. وإن كان هناك شخصٌ ينبغي أن أَزورَهُ أنا، سأزورُه. فينبغي أن تَزوروا الأشخاصَ الَّذي يَنبغي لكم أن تَزوروهم. ويَنبغي لي أن أزورَ الأشخاصَ الَّذينَ ينبغي أن أَزورَهُم. فإن فَعلنا ذلك لن نَتشوَّش. فلا مَعنى لقيامي بزيارة الأشخاص الَّذينَ ينبغي لكم أن تَزوروهم، ولقيامِكُم بزيارة الأشخاص الَّذي ينبغي لي أن أزورَهُم. وقد تسألونَني: "وهل تقومُ بأيَّة زيارات؟" بكلِّ تأكيد. فعندما يكونُ هناك شخصٌ أشعُر بحاجته إليَّ، وعندما يكونُ هناك سَبَبٌ يَدعوني إلى رؤية شخصٍ ما، مِن المؤكَّد أنِّي أزورُه. ولكنِّي لا أشعُر أنِّي مَدعوٌّ إلى أن أكونَ الزَّائرَ الرَّسميَّ وأن أقول: "هأنذا. أنا الزَّائر! الزَّائرُ الكَونيُّ!" فهذا لا يَعني شَيئًا للنَّاسِ كما لو أنَّ أشخاصًا يَعرفونهم قاموا بزيارتهم.
وكما ترَونَ فإنَّ الزِّيارة هي مسؤوليَّة الجميع، وليست مسؤوليَّتي أنا فقط. وكذلك هي حالُ التَّلمذة. فهي ليست مسؤوليَّتي أنا فقط، بل هي مسؤوليَّتُكم أنتم أيضًا. وهي ليست مسؤوليَّتُكم أنتم فقط، بل هي مسؤوليَّتي أنا أيضًا. ولا يُمكنني أن أَرضى بمُجرَّد الوقوف هناك كشخصٍ مُمِلٍّ وأن أُقدِّمَ كلَّ تلك العِظاتِ كلَّ أسبوع، بل ينبغي أن أَهتمَّ بالقيام بما أطلُب منكم القيام به. إذًا، هذه هي تَلمذة الأفراد. وأنا أفعلُ ذلك وأُحبُّ ذلك.
وقد تقولون: "جون! عندما تُتَلمذ شخصًا، كيف تَفعل ذلك؟ أنا أستخدِم ثلاثة أشياء بصورة رئيسيَّة. وهي ثلاثة أشياء بسيطة. أوَّلاً، تَعليمُ الحقِّ الكِتابيّ. فعندما تُعلِّمون شخصًا، يجب عليكم أن تَفعلوا شيئًا مُهمًّا وَهُوَ أن تُقدِّموا إليهم المَعلومات. والكلمة "تِلميذ" في اللُّغة اليونانيَّة هي "ماثيتيس" (mathetes) ومَعناها: "مُتَعَلِّم". والآن، إن كانَ هناكَ أشخاصٌ مُتعلِّمون، وكان يوجد شخص ينبغي أن يُعلِّمَهُم شيئًا، يجب عليكَ أن تُتلمذهم. وهذا يعني أنَّه يجب عليك أن تُعَلِّم مَن يريدون أن يَتعلَّموا. وأوَّل شيء ينبغي أن تُعلِّمهم إيَّاه هو الحقُّ الكِتابيّ. وكيف أفعل ذلك؟ عندما أريدُ أن أُتلمِذُ أشخاصًا، ما الَّذي أفعلُه؟ أنا أعطيهم كُتبًا ليقرأوها. هذا واحدٌ مِن الأشياء. فأنا أعرف أنَّ هناك أمورًا ينبغي لهم أن يَفهموها فأعطيهم كُتُبًا... ثُمَّ أعطيهم كُتُبًا، والمزيدَ مِن الكُتب والعِظات المُسجَّلة. فأنا أُعطيهم عِظات مُسَجَّلة لما أُعَلِّمُه على المِنبر هنا، وأجلس معهم وأُعلِّمهم الحقَّ الكِتابيَّ، وأُعلِّمهم كلمة الله. وأنا عاكِفٌ على تَلمذةِ شخصٍ مُعيَّن الآن. وأعتقد أنَّه قرأ خمسين كتابًا خلال الأشهر الستَّة الماضية على أقلّ تقدير، وهو يَعرف الكثير مِن المبادئ ذِهنيًّا.
لِذا فإنَّني أُعلِّمُ المُحتوى الكِتابيَّ. وهذا واحدٌ مِن الجوانب. ولكنَّ الجانبَ الآخر هو التَّالي: تَطبيق الكتاب المقدَّس في الحياة. فالشَّيءُ الثَّاني الَّذي ينبغي أن تَفعلوه هو أن تَجعلوا الكتابَ المقدَّسَ يَخرُج مِن صَفَحاتِه إلى حياةِ ذلك الشَّخص. بعبارة أخرى، يجب عليكم أن تَجعلوا الكتابَ المقدَّسَ عَمليًّا. فيجب أن تُبَيِّنوا كيفيَّة تطبيقه لأنَّكم ستُدهشون مِن عدد الأشخاص الَّذينَ يستطيعون أن يَتعلَّموا المبادئ دونَ أن يُطبِّقوها في حياتهم. لِذا عندما أُعلِّم فإنَّني أقول: "والآن، كيف نُطَبِّق هذا في حياتِنا؟ وما الَّذي يَعنيهَ هذا لَك؟ كيف تَنظر إلى فُقدانك لعملك؟ كيف تُفَسِّر هذا الفَرَح العظيم الَّذي تَشعُر به؟" والخُلاصة هي أن تُبَيِّنَ لذلك الشَّخص نَظرةَ الله. بعبارة أخرى، يجب أن يَرَوْا كلَّ شيء مِن خلالِ فِكْرِ الكتابِ المقدَّس، وأن يَرَوْا كلَّ شيء مِن خلالِ فِكْرِ الله. ويجب أن يُفسِّروا كلَّ شيء رُوحيًّا. ويجب أن يُفسِّروا كلَّ شيء مِن وجهة النَّظر الإلهيَّة. فهناك شخصٌ كنتُ أُتلمذُه كانَ يُصاب دائمًا بالذُّعر كلَّما فَكَّرَ في الأشياءِ الَّتي تَجري في العالَم. ولكنَّ تلك المشكلة اختفت. أتَعلمونَ لماذا؟ لأنَّه يَرى العالَمَ بعينيِّ الله، لا بِعينيِّ إنسانٍ يائس. لِذا صار يقول فجأةً: "أليسَت الأحداثُ الَّتي تَجري في العالم رائعة؟ انظر إلى ما يَفعلُهُ اللهُ!" أَتَرَون؟ لذا فإنَّكم لا تُعلِّمونَ فقط الحقَّ الكِتابيَّ، بل تُتَرجمونَهُ إلى مواقف حَياتيَّة. فهذا ضَروريٌّ في التَّلمذة.
والشَّيءُ الثَّالث [وربَّما كان هذا الشَّيء هو المِفتاح] هو: حَلُّ المشاكِل كِتابيًّا. هل تَعلمونَ مَتى يَتعلَّمُ النَّاس بأفضل طريقة مُمكنة؟ عندما يُضطرُّون إلى مَعرفة الأشياء. أليس كذلك؟ فعندما تُسافر جَوًّا أوَّلَ مَرَّةً، وتَصعدُ إلى الطَّائرة، ويقولونَ لك: "اربط حِزام الأمان وَعَدِّل مِقعدَك بالوضعيَّة المستقيمة تمامًا"، وهَلُمَّ جَرَّا. "والآن، نحنُ نَستعدُّ للإقلاع"، ثُمَّ تَقِفُ المُضيفَةُ ويَقولُ الصَّوت: "أَلا نَظرتُم مِن فَضلكم إلى البطاقات الموجودة في ظَهر المِقعد الَّذي أمامكم وإلى تَعليمات الطَّوارئ؟ في حالِ حدوث حالة طارئة، وإن حَدَثَ كذا، وهو أمرٌ بَعيد الاحتمال، يجب أن تفعلوا كذا وكذا وكذا وكذا. وسوفَ يَنزِل قِناعُ الأوكسجين مِن هذا المكان". وقد سَمعتُ تلك التَّعليمات مَرَّات كثيرة جدًّا. وتَستمرُّ المُضيفَةُ في عَرْضِ التَّعليمات وتَضَعُ القِناعَ على وَجهها وتقول: "أرجو أن تُطفئوا سَجائركُم قَبْلَ وَضْعِ القِناع وإلاَّ فإنَّكم قد تَبلعونَها!" وَهُم يَقومونَ باستعراضِ تلكَ التَّعليمات أمامَكُم. وهل تَعلمونَ شيئًا؟ أنا أنظر حَولي وأقول: "لا أحدَ يُعيرُ المُضيفَةَ اهتمامًا". لِذا، يُمكنك دائمًا أن تُمَيِّزَ الأشخاصَ الَّذينَ يُسافرونَ أوَّل مَرَّة لأنَّهم يَنظرونَ إلى تلك التَّعليمات. أَتَرَون؟ أمَّا الأشخاصُ الَّذين يُسافرونَ دائمًا فلا يُعيرونَ ذلك أيَّ اهتمام، بل يقولون في أنفسهم: "أنا لستُ بحاجة إلى هذه التَّعليمات". والآن اسمعوني: إن نَظرتَ إلى الجانبِ الأيمن مِن الطَّائرة، ورأيتَ دُخانًا يَتصاعد مِن الجَناح وقالت المُضيفة: "أرجو أن تَنظروا إلى بِطاقة التَّعليمات"، فإنَّك ستُسارِع إلى التقاطِ تلك البطاقة بأقصى سُرعة مُمكنة. وإن لم تكن هناك بطاقات كافية، سيَدوسُ النَّاسُ بَعضُهم بعضًا للحصول عليها.
لماذا؟ لأنَّك تَتعلَّم بسرعة أكبر عندما تُضطرُّ إلى مَعرفة شيءٍ ما. أليس كذلك؟ عندما تُضطرُّ إلى معرفة شيءٍ ما. والتَّلمذة تَتلخَّص في جَوهرها في تَقديمِ الحُلولِ الكِتابيَّة لمشاكلِ شخصٍ مَا، وتَعليمِ النَّاس كيف يُطبِّقونَها في الأزمات. ومِنَ الصَّعبِ أن أُخبركم عدد المرَّات الَّتي يأتي فيها واحدٌ مِن العاملين هنا مِثل "جيري" (Jerry) ... فهو عادةً "جيري" ويقول: "جون، لدينا مُشكلة. ما الَّذي يقولُه الكتابُ المقدَّسُ عن هذه المشكلة؟ فنَرى ما يَقولُهُ عنها. وهل تَعلمونَ ما الَّذي يَحدث عندما تَحصلون على ذلك الحَلّ؟ هذه هي حَقًّا عمليَّة التَّعلُّم. وحينئذٍ، يجب عليكَ أن تُطَبِّقَ ذلك الحلّ. إنَّهُ الحَلُّ الكِتابيُّ للمشاكل. لِذا، أنا أحاولُ أن أُعَلِّمَ الحقَّ الكِتابيَّ، وأحاولُ أن أُخبرَ النَّاسَ عن النَّظرة الكتابيَّة للحياة، وأحاول أن أستخدمَ الكتاب المقدَّس لحلِّ مشاكلهم.
وهذا يَعني أنَّك لا تستطيع أن تَجلس وحسب هناك وأن تُلقي عليهم مُحاضرةً، بل يجب أن تَعرف ما يكفي مِن الكتاب المقدَّس لتقديم الحُلولِ لهم عندما يَحتاجون إليها. فهذه هي التَّلمذة الحقيقيَّة لشخصٍ ما. وهذا هو ما نقومُ به. وهذا هو ما أسعى إلى القيام به وأُعَلِّم العاملينَ هنا أن يقوموا به. وهذا هو ما يُعَلِّمونَ الآخرينَ أن يَفعلوه. وهذا هو ما نريدُ منكم أن تَفعلوه. وقد تقول: "ولكنِّي لا أعرفُ الكثير". هناك شخصٌ في العالَم لا يَعرف ما تَعرفه. لا بُدَّ مِن وُجودِ شخصٍ مَا! لذا، أينما كان هذا الشَّخص، اعثُر عليه، واجعلهُ يَجلس، وتَلْمِذْهُ. وما أروعَ أن تَرى تلاميذَكَ يَنضجونَ ويَنمون. فهذا رائع. فوجودُ مُؤمِنٍ لا يُتَلمِذُ أحدًا هو أمرٌ مُناقضٌ للإيمان. فالمسيحيَّة بِرُمَّتِها تَتَمَحْوَرُ حولَ بَذْلِ الحياة لأجل الآخرين. ابذُلها لأجلِ شخصٍ ما.
رابعًا، الكنيسة الفعَّالة والنَّاجحة هي كنيسة تُرَكِّز بقوَّة على التَّغلغُل في المُجتمع... تُرَكِّز بقوَّة على التَّغلغُل في المُجتمع. ونحنُ نَعلمُ أنَّه يجب علينا أن نَكرِزَ إلى العالَم بالمسيح. ومِنَ الواضح أنَّنا نَعي ذلك. فقد كانت الكنيسة الباكرة تَفعل ذلك. وأودُّ أن أقول لكم إنَّ الكنيسة الباكرة في سِفْر أعمال الرُّسُل تَغلغَلت بقوَّة في مُجتمعها. ففي البداية، خَلُصَ ثلاثة آلاف في يوم الخمسين. وقد ابتدأوا بالتَّحرُّك حَقًّا وانتشروا في أورُشليم بحماسة شديدة. وقد نَمَتْ كنيستُهم وصارت تَضُمُّ نحو عشرين ألف شخص في وقتٍ قصيرٍ جدًّا. وقد قال القادةُ الدِّينيُّون: "لقد مَلأتُم أورُشليم بتعليمِكم". ألا تَعتقدون أنَّ ذلك الأمر رائع؟ لقد انتشرت رسالتكم في كلِّ أنحاء المدينة. ولكن أليسَ هذا هو ما ينبغي أن يَحدث؟ أليست هذه هي الفِكرة مِن الكِرازة: أن تَتغلغَلَ في المُجتمع؟ ولكنَّ مؤمنينَ كثيرينَ جدًّا مِنَّا يأتونَ إلى الكنيسة بسيَّارتهم. وأقصى شَيءٍ نَفعلُه مِن أجل التَّغلغُل في المُجتمع هو أنَّنا نأتي إلى الكنيسة، ثُمَّ نَخرج مِن هنا ونعود إلى السَّيارة الَّتي نَضَعُ على زُجاجِها الخَلفيِّ شِعارَ السَّمَكة (الَّذي يَدُلُّ على أنَّنا مسيحيُّون). هذا هو اختراقُ المُجتمع في نَظرنا! هذا هو كلُّ ما نَفعلُه! أو أنَّنا نأتي إلى هنا ونقول: "لقد أَدَّيتُ واجبي تُجاه الله". ونحنُ نحاول أن نَعيشَ شَهادَتَنا عِوَضًا عن التحدُّث عنها. ولكن يا صديقي، لا أحد يَذهب إلى السَّماء لأنَّ شخصًا عاشَ شَهادَتَهُ أمامَهُ. فعاجلاً أَم آجلاً، يجب عليك أن تُقَدِّمَ لهم الكلمة. أليسَ كذلك؟ التَّغلغُل في المجتمع... الوصول إلى النَّاس.
ويجب أن تَعلموا أنَّ سِفْر أعمال الرُّسُل يُظهِر أنَّ كلَّ النُّموِّ الَّذي شَهِدَتهُ الكنيسة الباكرة كانَ بسبب التَّغلغُل في المجتمعات. فَهُم لم يَعزِلوا أنفسَهم، ولم يَجلسوا في صَوْمَعَةٍ ويَتحدَّثوا عن العقيدة، بل ذهبوا وتَغلغلوا بقوَّة في المجتمع. فنحنُ نقرأ في سِفْر أعمال الرُّسُل 13: 44: "وَفِي السَّبْتِ التَّالِي [في أنطاكِيَة] اجْتَمَعَتْ كُلُّ الْمَدِينَةِ تَقْرِيبًا لِتَسْمَعَ كَلِمَةَ الله". وما أعنيه هو أنَّ هؤلاءِ المؤمنين كانوا مُنهمكينَ جدًّا حتَّى إنَّه عندما حانَ وقتُ الوعظ، اجتمعت المدينة كُلُّها. أليس هذا الأمرُ رائعًا؟ إنَّه عظيم! هذا هو ما كانَ يجري دائمًا في الكنيسة الباكرة. فنحنُ نَقرأ في الأصحاح 14 والعدد الأوَّل: "وَحَدَثَ فِي إِيقُونِيَةَ أَنَّهُمَا دَخَلاَ مَعًا إِلَى مَجْمَعِ الْيَهُودِ وَتَكَلَّمَا، حَتَّى آمَنَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّين". فقد تَغلغلوا في المُجتمع. فقد دَخلوا وواجَهوا المُجتمع. ونقرأ في الأصحاح السَّادس عشر الأمرَ نَفسَهُ إذ إنَّ العددَ الخامسَ يقول: "فَكَانَتِ الكَنَائِسُ تَتَشَدَّدُ فِي الإِيمَانِ وَتَزْدَادُ فِي العَدَدِ كُلَّ يَوْمٍ". فقد تَغلغلوا في المُجتمع. ونقرأ في الأصحاح السَّابع عشر الأمرَ ذاتَهُ مَرَّةً أخرى. فقد فَتَحَ بولسُ الكتابَ المقدَّسَ وَكَانَ يُحَاجُّهُمْ مُوَضِّحًا وَمُبَيِّنًا أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ المَسيحَ يَتَأَلَّم. وقد خَلُصَ جُمهورٌ كَثيرٌ مِنَ اليُونَانِيِّينَ المُتَعَبِّدِين. فقد تَواصَلوا معَ مُجتمعهم. وقد تَجاوبَ المُجتمعُ معهم. التَّغلغُل في المجتمع.
فهذه سِمَة مِن سِمات كلِّ كنيسة ناجحة في تاريخ الكنائس. ويمكنك القيام بذلك بطرائق عديدة. فيمكنكم أن تُعِدُّوا كلَّ أنواع البرامج للقيام بذلك، ولكنِّي لستُ مُقتنعًا أنَّ البرامج ضروريَّة حقًّا إلاَّ إن كان هناك أشخاصٌ غير مُكَرَّسين ولن يَفعلوا ذلك إلاَّ بوجودِ هذه البَرامج. ولكنِّي أعتقد أنَّ أفضلَ طريقة للكِرازة هي أن تقومَ بها في الحَيِّ الَّذي تَعيشُ فيه.
فلا يُمكنني أن أنسى أنَّ هناكَ أشخاصًا مَفتونينَ حتَّى الجُنون بالبرامج الكِرازيَّة. فقد لَبَّيْتُ دَعوةً للتكلُّمِ أمام خُدَّام كنيسةٍ مِن الكنائس. وقد راحوا يَستعرضونَ برنامَجهم الكبير لتلك السَّنة. وكانَ ذلكَ أشبَهُ بلُعبةِ كُرة القدم. فقد وَضعوا مَرْمَى يُشبه المَرْمَى المُستخدم في لُعبة كُرة القدم في قاعة الكنيسة، ووَضعوا لَوحَةً رَقميَّة. وكلَّما كانَ شخصٌ يَخلُص، كانوا يَركُلونَ الكُرة إلى ذلك المَرمَى. لِذا، إنْ نَالَ خَمسةٌ وعشرونَ شخصًا الخلاصَ يوم الأحد، ينبغي أن يَركُلوا الكُراتِ الواحدة تِلو الأخرى تِلو الأخرى. فقد كانوا يُقيمونَ شَأنًا كبيرًا لذلك. وكانت لديهم نَشرة مِن خمسِ أو عشرِ صَفَحات. وكان القادة المَساكين يَجلسون هناك بينما كانَ ذلك الشَّخص يُقَلِّب تلك الصَّفَحات ويُجري مُكالماتٍ هاتفيَّة. وقد قاموا بإخفاء خمسِ كُرات قَدَم في مَنازل خمسِ عائلات غير مُخَلَّصَة لكي يُشَجِّعوا النَّاسَ على الذَّهابِ للكِرازة ومحاولة العثور على المنزل الَّذي أُخفيت فيه كُرةُ القدم لأنَّ مَن يَعثُر عليها يحصل على جائزة.
لِذا، كانَ ينبغي للرَّعيَّة أن تَفعلَ ذلك. وقد خَصَّصوا مكانًا لإعداد النَّقانق السَّاخنة في الخارج تُقَدَّم فيه النَّقانق السَّاخنة للأشخاص الَّذينَ أحضروا أشخاصًا آخرين. وكانوا يُقدِّمونَ جَوائزَ للأطفال الَّذينَ يُحضرونَ أشخاصًا كثيرين. فقد كانت لديهم كلُّ أنواع البَرامج السَّخيفة. وكانَ الأمرُ غيرَ مَعقولٍ البتَّة! فأنا لم أُصَدِّق ما رأيتُهُ. وكان ينبغي للرَّعيَّة أن تُجري مُكالماتٍ هاتفيَّة كثيرة جدًّا وأكثر مِن المألوف. وعلى أيِّ حال، فقد جَلستُ هناكَ بحالة مُزرية طَوالَ ساعة كاملة. ثُمَّ عندما جاءَ دَوري للتكلُّم، تَكلَّمتُ. وقد اضطُرَّ الرَّاعي إلى المُغادرة في أثناءِ عِظَتي. فقد اضطُرَّ إلى الذَّهاب إلى مكانٍ ما. لذا فقد غَادَرَ. وقد وَعظتُ أنا وَغادرتُ.
وقد فَكَّرتُ وقُلتُ في نفسي: هذه أسوأ طريقة للكرازة: أن تُقدِّم للرَّعيَّة دوافع تافهة، وأن تَربَحَ نَفسًا للرَّبِّ لكي تَحصل على جائزة. إنَّها مَهزلة. وأن تَذهب للبحث عن كُرة قدم في منزلِ شخصٍ غير مُخَلَّص. كيف يَشعر هؤلاء الأشخاص غير المُخَلَّصين؟ فقد تَمَّ تَبشيرُهم مِن أجل الحصول على جائزة! وعلى أيِّ حال، لقد طُلِبَ مِنِّي أن أتكلَّم إلى مجموعة مُؤلَّفة مِن مئة وخمسين راعي كنيسة. وقد طَلبوا مِنِّي أن أتكلَّم عن الوصايا المُختصَّة بالكنيسة. وقد قلتُ: "كما تَعلمون، لديَّ مَثَل جَيِّد على ما لا يجوزُ القيام به في الكِرازة". لذا فقد وَعظتُ عن ذلك دونَ أن أَذكُرَ اسمَ تلك الكنيسة أو أقولَ شيئًا عنها. ولكنِّي تَحدَّثت عن ذلك الموضوع وتَكلَّمتُ عنهُ بالتَّفصيل. وقد لاحظتُ أنَّه لا يوجد أيُّ رَدِّ فِعْل على عِظتي. وبعد بضعة أيَّام، تَسَلَّمتُ رسالةً تقول: "عزيزي القَسّ ماك آرثر، أعتقد أنَّكَ لو كنتَ تَعلم أنَّني أجلسُ في ذلك الصَّفّ، لما قُلتَ ما قُلتَهُ عن ذلك البَرنامج". التَّوقيع: راعي الكنيسة الَّتي وَعظتُ فيها في تلك الوليمة. فقد كانَ ذلك البَرنامَجُ بَرنامَجَهُ، وكانَ جالسًا هناك. ولكنِّي لم أَكُن أَعلم ذلك. ثانيًا: "لا أعتقد أنَّكَ كنتَ ستقولُ ما تقول لو أنَّكَ عَلمتُ أنَّني قبل ساعة مِن عِظَتِك، كنتُ قد قَدَّمتُ ذلك البَرنامجَ لنفسِ المجموعة مِن رُعاة الكنائس".
ابتدأَ قَلبي يَنبُض بشدَّة وقلتُ لنفسي: "يا رَبّ، لا بُدَّ أنَّ لكَ قَصدًا حَقًّا مِن تَرتيبِ الأمور بهذا الشَّكل!" وهناك شيء واحد ينبغي لك أن تقوم به في حالةٍ كهذه وهو أنَّه عندما تَجرحُ مَشاعرَ أحد الإخوة، يجب عليك أن تَذهب إليه شخصيًّا. ولكنِّي لم أتمكَّن مِن الذَّهاب إليه لأنَّه ليس في هذه المِنطقة. لِذا فقد اتَّصلتُ به هاتفيًّا شخصيًّا وقلت: "مرحبًا! هذا أنا". وقد صُعِقَ لأنِّي اتَّصلتُ به. ثُمَّ قُلتُ: "أريدُ أن أُؤكِّدَ لك مَحَبَّتي، وأريد أن أقولَ لك إنَّني آسفٌ جدًّا إن كنتُ قد أَسأتُ إليكَ شخصيًّا، أو إن لم أكن لطيفًا، أو إن كنتُ بأيِّ شكلٍ مِن الأشكال غير مُنصِفٍ في ما قُلتُهُ. أنا آسفٌ جدًّا. ولكنِّي أريدُ أن أُؤكِّدَ لك أيضًا أنَّني مُقتنعٌ بما قُلتُهُ مِئة بالمئة، وأنَّني لن أُغيِّرَ رأيي البَتَّة". وقد قَبِلَ اعتذاري بِتَرَدُّد. ولا أعتقد أنَّه كان بمقدوري أن أُغَيِّرَ ما حَدَث.
ولكنَّ الكنيسة لا تَحتاجُ إلى هذا النَّوع مِن البَرامج. فكما تَرَون، إن حاولتم أن تَحْفِزوا الرَّعيَّة على القيام بأمور مُعيَّنة لأجل دوافع أنانيَّة، فإنَّ كلَّ ما يَفعلونَه لا يُمَجِّد الله. فهذه فَرِّيسيَّة وحسب. وأنا لا أُعارِضُ أن نَذهبَ لزيارة النَّاس في المساء، أو أن نَخرُجَ ونَربحَ النُّفوس للمسيح. وأنا لستُ ضِدَّ طَرْقِ أبوابِ المَنازلِ بابًا بابًا وتقديم البِشارة للنَّاس. فهذا رائع. ولدينا مجموعات تقوم بذلك في كنيستنا. وهناك وسائل أخرى. فهناك الكرازة في الأحياء. وهناك دروس الكِتاب المقدَّس الكِرازيَّة. وهناك كلُّ أنواع البرامج الكِزازيَّة التَّبشيريَّة. فهناك الكِرازة مِن خلال رِحلات التَّخييم. ونحنُ نَفعل ذلك. وهناك خِدمة كرازيَّة في المَناطق المُحيطة بالجامعات. وهناك شَتَّى الوسائل الأخرى. ولا يوجد ما يُحَتِّم استخدام نفس الوسائل، ولكنِّي أتَّفق مع ما قالَهُ د. "هندريكس" (Hendricks): "كلُّ كنيسة ناجحة تَتغلغل في المجتمع بطريقةٍ أو بأخرى". وأريدُ أن أقولَ لكم يا أحبَّائي إنَّ أفضل طريقة للقيام بذلك هي أن يكونَ لديكم مجموعة كبيرة مِن المؤمنين المُثمِرين. فحينئذٍ لن تكونوا بحاجة إلى برامج. فما الَّذي تُفَضَّلونَه: أسبوع مِن الاجتماعات الانتعاشيَّة مَرَّة في السَّنة، أَم 365 يومًا تَقومُ فيها الرَّعيَّة بالكرازة؟ الجوابُ واضحٌ. أليس كذلك؟
وواحدٌ مِن الأسباب الَّتي تَمنعُنا مِن عَقْدِ اجتماعاتٍ انتعاشيَّة [الَّتي يقولونَ إنَّها واحدة مِن الاجتماعات التَّقليديَّة القديمة الَّتي يَعِظونَ مِن خلالها عن جَهَنَّم والنَّار والدَّينونة] هو أنَّني لا أُحِبُّ أن تكونَ الكنيسة مَكانًا يُرَكِّز على الكِرازة مَرَّة في السَّنة فقط. فيجب أن تكونَ الكِرازة شيئًا مستمرًّا يَحدثُ طَوال الوقت. فمِن الضَّروريّ أن نَكرِز، ولكن يجب أن يكون هذا الأمرُ شيئًا شخصيًّا نابعًا مِن قلوبنا.
أريدُ أن أَعلمَ شيئًا بدافعِ الفضولِ فقط. هناك أشخاص كثيرون جاءوا إلى كنيسة النعمة في السَّنوات الأخيرة الماضية. وأودُّ أن أَعلمَ ما يَلي: مِنْ بينِ كلِّ الحاضرين في هذا الصَّباح، كم عدد الأشخاص الَّذينَ جاءوا إلى كنيسة النعمة مِن كنائس أخرى؟ ارفعوا أيديكم. مِن كنيسة أخرى. هذا مُدهش. وكم شخص منكم لم يأتِ مِن كنيسة أخرى؟ أي أنَّ هذه هي أوَّل كنيسة تَذهبون إليها؟ أَتَرَوْنَ ذلك؟ فالأغلبيَّة العُظمى مِن الأشخاص الحاضرين في هذا الصَّباح جاءوا مِن كنيسة أخرى. ومِن دَواعي سُرورنا أن تأتوا إلى هنا. وأعتقد مِن كلِّ قلبي أنَّ لدى الله قصدًا مِن وجودكم هنا. فأنا أُدهش حَقًّا عندما أُفَكِّر في نَوعيَّةِ القادة الَّذينَ جَمَعَهُم الربُّ في هذا المكان. ولا أدري كيف هي حال الكنائس الأخرى مِن دونكم بصراحة لأنَّه يوجد لدينا قادة كثيرون وإمكانات هائلة حتَّى إنَّه لا يَسَعُني إلاَّ أن أُفَكِّرَ في أنَّ اللهَ يُخَطِّط لشيءٍ عظيم لهذا المكان. وأنا أشكُرُ اللهَ على كلِّ شخصٍ منكم.
فَكِّروا في هذا: نحنُ نَستقبِل نحو ثلاثة آلاف شخص في صباح أيَّام الأحد. ومِن خلال نوعيَّة الأشخاص الموجودة لدينا، أي نوعيَّة الأشخاص الَّتي أنتُم عليها، هل تعتقدون أنَّه مِن غير المَنطقيِّ أن نَفترض أنَّه بعد سنة مِن اليوم يمكننا أن نَزيدَ العدد إلى تسعة آلاف شخص هنا؟ هذا يعني أنَّه يجب على كلِّ شخصٍ مِنَّا خلال سنة واحدة أن يَربَحَ ثلاثة نفوس للمسيح. هل تعتقدونَ أنَّ هذا الأمرَ مَعقول؟ إذًا، ألن يكونَ الأمرُ مأساويًّا إن جئنا في هذا الوقت مِن السَّنة القادمة ووجدنا فقط 3500 شخص؟ وأنَّ أربعمئة منهم جاءوا مِن كنائس أخرى؟ اسمعوني: قد تقول: "أنتَ تحاول أن تَبني كنيسةً كبيرة؟" لا، شُكرًا أيُّها السَّادة، ولكن اسمحوا لي أن أقول لكم شيئًا: إن قام ثلاثة آلاف مؤمن بما ينبغي لهم أن يقوموا به مِن جهة الكِرازة، فإنَّ ذلكَ كَفيلٌ بأن يَجعلَ هذا المكان ضَخمًا جدًّا خلالَ سنة. هذه هي الحقيقة. أليس كذلك؟ فهكذا ينبغي أن يكونَ الأمر. وأعتقد مِن أعماقِ قلبي يا أحبَّائي أنَ اللهَ جَمَعَ نُخبةَ شَعبِهِ في حالات كثيرة في هذا المكان لسببٍ ما. وأنا لا أعرفُ سببًا آخر سوى أنَّه يريدُ أن يَفعل شيئًا عظيمًا هنا... شيئًا فريدًا ورائعًا نابعًا مِن سِيادَتِه.
ولكن لا تَكتفوا يومًا بأن تَظَلُّوا في كنيسة النعمة. فالأمرُ لا يَنتهي هنا. وأنتم لستم هنا لكي تَجلسوا هنا وحسب، بل أنتم هنا لكي تَحصلوا على ما تَحصلون عليه لكي تَذهبوا وتُثمروا وتُعِدُّوا لا تلاميذَ جُدُدًا فقط، بل تلاميذَ ناضجين. فالعالم لن يَبْقى على حالِه إن أَثمرت هذه الرَّعيَّة وَحدها ضِعْفَ عَدَدِها كلَّ بضعة أشهر. فسوفَ نُؤثِّر في العالَم في نِهاية المَطاف مِن النَّاحية العَدديَّة. احسبوا أن يَكونَ لدينا بعدَ سنةً واحدةً مِن اليوم تسعة آلاف شخص مُثمرين. إنَّ هذا مُدهش جدًّا!
خامسًا، وهذه هي النُّقطة الأخيرة الَّتي سنتحدَّث عنها في هذا الصَّباح. وسوفَ نَذكُر النِّقاطَ الأخرى في المرَّة القادمة. العنصرُ الخامس في الكنيسة النَّاجحة هو الرَّعيَّة الَّتي تَخدم بِهِمَّة ونشاط. وقد تَطرَّقنا إلى ذلك. واسمحوا لي أن أَقولَ ذلك مَرَّةً أخرى: الرَّعيَّة الَّتي تَخدم بِهِمَّة ونشاط. فالكنيسة الَّتي يقومُ فيها العاملونَ بكلِّ شيء هي كنيسة لا تفعل الصَّواب. فيجب علينا أن نُؤهِّل القِدِّيسين للقيام بعمل الخدمة إذْ إنَّنا نَقرأ في رسالة أفسُس 4: 12: "لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَة". فالخدمة هي خِدمتُكم. وقد تقولون: "ما الَّذي تَعنيه بذلك؟" في رومية 12، وسوفَ أُشيرُ إلى بِضعِ آيات. في رسالة رومية 12: 3، نَقرأُ أنَّنا حَصلنا على النِّعمة والإيمان بمقدارٍ مُعيَّن. ثُمَّ نقرأ في العدد 6: أنَّنا حَصلنا على "مَواهب مُختلفة". فهناكَ مَن حَصَلَ مِنَّا على موهبة النُّبوَّة، وهناكَ مَن حَصَلَ على موهبة الخِدمة، أو موهبة التَّعليم، أو موهبة الوَعظ أو النُّصح، أو موهبة العَطاء، أو موهبة التَّدبير، أو موهبة إظهار الرَّحمة. ونقرأ أنَّه في كلِّ حالة، إذا كنتَ تَملِك الموهبة، يجب عليكَ أن تَستخدمها. فيجب على مَن يَملِك موهبة النُّبوَّة أن يَتنبَّأ. ويجب على مَن يَملِك مَوهبة الخِدمة أن يَخدم. ويجب على مَن يَملِك موهبة التَّعليم أن يُعَلِّم، ويجب على مَن يَملِك موهبة الوعظ أن يَعِظ، ويجب على مَن يَملِك موهبة العطاء أن يُعطي. ويجب على مَن يَملِك موهبة التَّدبير أن يُدَبِّر باجتهاد. ويجب على مَن يَملِك موهبة الرَّحمة أن يَرحمَ بسرور.
يا أحبَّائي، ما لم تُدرك الكنيسة حقًّا أنَّها جسد وينبغي لجميع أعضاء هذا الجسد أن تَعمل كُلٌّ حَسَبَ مواهبه، لن تكونَ ما يُريدُ منها اللهُ أن تكون. ولديَّ مَثَلٌ تَوضيحيٌّ. عندما كَسَرتُ ساقي وخَضَعتُ لعمليَّة جراحيَّة، لم أتمكَّن مِن المَشي على ساقي اليُمنى. لِذا فقد ابتدأتُ أَمشي على ساقي اليُسرى وأَرتكِز على ساقي اليُسرى. ولكنَّ حَوْضِي ابتدأ يُؤلمني لأنَّ ساقي اليُسرى كانت تَحمِلُ الوَزْنَ الَّذي يَنبغي للسَّاقِ اليُمنى في الحالة الطَّبيعية أن تَحمِلَهُ. لِذا فقد قالَ لي "سام بريتن" (Sam Britain): "أنتَ تَعرُج. يجب عليكَ أن تُحضِرَ عُكَّازًا". لِذا فقد أحضرتُ عُكَّازًا. وكانَ الهدفُ مِن استخدامِ العُكَّاز هو أَلاَّ أُؤذي ساقي اليُمنى، وأَلاَّ أُؤذي ساقي اليُسرى، ولكنِّي آذيتُ يَدي. ثُمَّ حاولتُ أن أتجنَّبَ إيذاء يَدي فابتدأتُ أُؤذي كَتِفي، ثُمَّ أدركتُ أنَّني لا أستطيعُ أن أُعَوِّضَ عن وظيفة خاملة في جسمي مِن دون أن أُؤذي كلَّ شيءٍ آخر. ولَعلَّكم تَذكرونَ "ديزي دين" (Dizzy Dean) عندما كانَ لاعبًا مُحترفًا لكُرة القاعدة، ولكنَّ حَياتَهُ المِهنيَّة انتهت كلاعبٍ مُحترف لأنَّ إصبع قدمه الكبير تَأذَّى عندما حاولَ أن يَرمي الكُرة فتَعطَّلت ذِراعُه. وقد تقول: "مَهلاً! لقد تَأذَّى إصبَعُ رِجْلِهِ الكَبير فتَعطَّلت ذِراعُه؟" هذا صحيح. أتَعلمونَ لماذا؟ لأنَّه عندما حاولَ أن يَرمي الكُرة اضطُرَّ إلى لَيِّ قَدَمِه بالاتِّجاه الخاطئ ولم يتمكَّن مِن دَفْعِ جِسْمِهِ كثيرًا لِرَمْيِ الكُرة بقوَّة، فما كانَ مِنهُ إلاَّ أن مَدَّ ذِراعَهُ أكثرَ مِن اللاَّزم فأَعْطَبَ ذِراعَهُ. وكانت تلك هي نِهايةُ مِهنتِه الاحترافيَّة.
وهذا يَصِحُّ بالمَعنى الرُّوحيّ في الكنيسة. فعندما يكون هناك أعضاء غير فاعلين في مكانٍ ما، يَتأذَّى الجسد. ومحاولةُ التَّعويضِ عن ذلك لا تُجْدِ نَفعًا دائمًا. فلا بُدَّ مِن أن تكونَ هناك خِدمة مُتكاملة يقومُ فيها القِدِّيسون بالأشياء الَّتي حَباهُم اللهُ بالمواهبِ لكي يَقوموا بها. وقد قالَ لي أحدُ الأشخاصِ في اللَّيلة الماضية: "جون! أريد أن أعرفَ مواهبي لكي أتمكَّنَ مِن الخدمة في المكان الَّذي يُريدُني اللهُ فيه". وهذا سؤالٌ جيِّد. أليس كذلك؟ فقد قال: "كيف يمكنني أن أعرفَ مواهبي؟" نحنُ لا نريدُ أن نُوَظِّفَ أشخاصًا لإدارة البرامج، بل نريدُ أن نُؤهِّلَ القِدِّيسين للقيام بخدماتهم. فيمكنني أن أجلسَ في مكتبي وأقول: "حسنًا، لديَّ بَرنامجٌ عظيمٌ هنا لتحقيق هَدفٍ مُعيَّن. وأنا بحاجة إلى تسعةٍ وأربعين شخصًا. وأنا لديَّ أفكارٌ كثيرة لتأسيسِ لَجنةٍ هُنا ولَجنة هُناك، والبَدءِ في هذا البَرنامج. وماذا بعد؟ يجب عليَّ أن أَجِدَ الأشخاص. فأنا أريدُ رئيسَ مَجلس إدارة، ومساعدًا لرئيس مجلس إدارة، ونائبَ رئيس مجلس إدارة، وهَلُمَّ جَرَّا. ثُمَّ سآتي إليكم وأقول: "مرحبًا، لقد وَضعَ اللهُ أمرًا على قلبي". وسوفَ تقولونَ حالاً: "يا لهُ مِن بَرنامجٍ رائع! إنَّها ليست فِكرته، بل هي مِن الله". وحينئذٍ أكونُ قد وَرَّطْتُ نَفسي.
"هل تَعلمونَ كم أشعر بضرورة القيام بذلك؟ هل ستساعدوني في تحقيق ذلك؟" هل تَعلمونَ ماذا ستقولونَ لي في أغلبِ الأوقات؟ أجل. أتَعلمونَ لماذا؟ لأنَّكم تريدون أن تكونوا رُوحيِّين. وربَّما ترغبون في إظهار اهتمامِكم بي، ولا تريدون أن تكونوا غير مُبالين بما يريدُهُ الله. ولكن هل تَعلمونَ ما الَّذي ستقولونه بينكم وبين أنفسكم؟ "إنَّه مَجنون! مَجنون! ما الَّذي جَعَلني ألتقي به في فِناء الكنيسة!" أو "كيفَ تَورَّطتُ في هذا الأمر! إنَّه أكثر مِن طاقتي!" ثُمَّ إنَّك ستذهب إلى البيت وتقولُ لزوجتِك: "أنا في ورطة يا مَرثا. يجب عليَّ أن أذهبَ إلى تلك اللَّجنة غدًا مساءً. سوف أذهب يا جون". أتَرَون ما حَدث؟ أنتَ مُتردِّد. وهل تَعلمونَ ماذا سيحدث؟ بعد بِضعة أسابيع مِن ذلك، لن تَشعر بأيَّة رغبة في الحضور ثانيةً. ويجب عليَّ أن آتي لتشجيعك مَرَّةً أخرى، أو أن أبحث عن شخصٍ آخر يَحِلُّ مَحَلَّك. وقد تَحدَّثتُ إلى رُعاةٍ كثيرين يَشعرونَ بالإحباط لأنَّ بَرامجهم تَفشل دائمًا. وهل تَعلمونَ ما القرارُ الَّذي اتَّخذتُه منذُ وقتٍ طويل؟ لن تكونَ هناك بَرامج، بل فقط تأهيل القِدِّيسين. وَهُم سيقومونَ بعمل الخدمة. وسوفَ يكونُ لديهم الدَّافع الدَّاخليّ لتنفيذ ذلك. هذا صحيح. فالنَّاسُ يقولون لي: "أتدري أنَّنا نَحتاجُ إلى القيامِ بكذا في الكنيسة"، فأقول لهم: "حسنًا! إذا كنتُم مُقتنعين بذلك، اعملوه".
وكما تَعلمونَ، لقد استمرَّ ذلك بالحدوث سنواتٍ عديدة. وأخيرًا، لم يَعُد أحدٌ يُخبرني بذلك إلاَّ إن كانَ جَادًّا جدًّا. نحنُ نَسعى إلى تأهيلِ القِدِّيسين. ونحنُ لا نريدُ أن نُرغم أحدًا على القيام بشيءٍ بدافعِ الالتزامِ الأخلاقيِّ أو أن نُرغم أحدًا على القيام بشيءٍ لا يَجِدُ دافعًا أو لا يَملك مَوهبةً للقيام به، بل نريدُ أن نُؤهِّلَكُم في المجالات الَّتي أعطاكُم الرُّوح مَواهب فيها لكي تقوموا وَحَسْب بخدماتكم. فالخادمُ الَّذي يَخدِمُ النَّاسَ بكُلِّ هِمَّةٍ ونشاط يُسهِم في بناء كنيسة ناجحة. وسوفَ نَتحدَّث عن النِّقاط الأخرى في المرَّة القادمة. دَعونا نُصَلِّي:
يا أبانا، نَشكُرك على هذا الوقت في هذا الصَّباح، وعلى أنَّك سَمحتَ لنا أن نَتأمَّل في هذه العناصر الأكثر أهميَّة لوجود كنيسة ناجحة. ونَشكُرك على فَرح الخدمة في هذا المكان حيثُ تُباركنا بَركاتٍ جزيلة جدًّا ومجَّانيَّة جدًّا. ونَشكُرك على هذه الرَّعيَّة العزيزة الَّتي جَلبتها إلى هذا المكان. يا رَبّ، نحن نَعلم أنَّك جَمعتَ هؤلاء الأشخاص في هذا المكان لسببٍ مَا. هذا العَدد الكبير، وهذا الحَشد مِن الأشخاص الَّذي يستطيع أن يُغيِّر هذا الجزء مِن العالم. يا رَبّ، صلاتُنا هي أن تُطلِق كلَّ الإمكانات المُتاحة هنا حَتَّى نَصِلَ إلى النَّاس، ونُعلِّمهم، ونُحَقِّق كلَّ ما تُريد. باسم المسيح نُصَلِّي. آمين!

This article is also available and sold as a booklet.