Grace to You Resources
Grace to You - Resource

يَا لَهُ مِنْ فَرَحٍ حَقيقيٍّ أن نَجتمِعَ مَعًا في هذا الصَّباح، ويَا لَهُ مِنَ امتيازْ خَاصٍّ وَرائِعٍ في هذا الصَّباح أن نَدرُسَ الأصحاحَ الثَّالثَ عَشَرَ مِنَ الرِّسالةِ الأولى إلى أهلِ كورِنثوس. وأنا أُحِبُّ هَذهِ الدِّراسَةَ وَحَسْب، وَأرجو أن يَكونَ اللهُ قَد بَارَكَكُم حَقًّا مِن خِلالِها. في هذا الصَّباح، سَنَنظُرُ إلى هَذا الأصحاحِ نَظرةً أكاديميَّةً أكثرَ مِمَّا فَعلنا في السَّابِق. لِذا، سَيَكونُ أُسلوبُ الوَعْظِ اليومَ شَبيهًا بِأسلوبِ التَّدريسِ في الصَّفّ.

هُناكَ أشخاصٌ كَثيرونَ مِنكُم يَدرُسونَ اللاَّهوت. وبينَ الحِينِ والآخر، نُوَجِّهُ الرِّسالَةَ إلى طَلَبَةِ اللاَّهوتِ مِنكُم. لِذا، في هذا الصَّباح، يُمكِنُ للبَقيَّةِ مِنكُم أن يَستَمتِعوا بِما يُقال (على مَا أرجو) إذْ إنَّ الرَّبَّ سَيُكَلِّمُكُم أيضًا. ولكِنَّنا سَنُرَكِّزُ على نِقاطٍ مُحَدَّدةٍ في النَّصِّ في مُحاوَلةٍ مِنَّا للوُصولِ إلى نَتيجةٍ بشأنِ مَوضوعٍ مُهِمٍّ جدًّا جدًّا يُناقَشُ في الكَنيسة فيما يَختصُّ بـ ِ"الكَامِلِ" المَذكور في العَددِ العاشِر.

فَكما تَعلَمونَ فإنَّ الأصحاحَ بِمُجمَلِهِ يَتحدَّثُ عَنِ المَحبَّة. وَذُروةُ الأصحاحِ مَوجودةٌ في الحَقيقةِ في العَددِ الثَّامِنِ في الكلماتِ التَّالية: "اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا". فَهذهِ هِيَ في الحَقيقةِ ذُروةُ المَحبَّة. وَما يَقولُهُ بولسُ هُوَ أنَّ المحبَّةَ هي الشَّيءُ الوَحيدُ الَّذي سَيَدومُ إلى الأبد. فالشَّيءُ الوَحيدُ الَّذي يَربِطُنا بالأبديَّةِ هُوَ المحبَّة. وَقَد كانَ أهلُ كورِنثوس يُرَكِّزونَ على كُلِّ الأشياءِ الجَيِّدةِ (كَالمَواهِبِ، والخَدَماتِ، وما إلى ذلك)، ولكِنَّهُم نَسَوْا أفضلَ شَيءٍ؛ وَهُوَ الشَّيءُ الَّذي يُسَمِّيهِ بولسُ في الأصحاحِ الثَّاني عشر والعَدد 31: "طَريقًا أفضَل"؛ أيْ: المَحَبَّة. لِذا فإنَّهُ يَتحدَّثُ بِصورةٍ رَئيسيَّةٍ عن جَوهرِ المَحبَّةِ، وَسِماتِها، وَخَصائِصِها.

وقد رأينا أوَّلاً أَهميَّةَ المَحبَّةِ في الأعدادِ الثَّلاثةِ الأولى، ثُمَّ رَأينا كَمالاتِ المَحبَّةِ في الجُزءِ الَّذي يَلي ذلك. ثُمَّ ابتداءً مِنَ العَددِ الثَّامِنِ، رَأينا دَيمومَةَ المَحبَّة. وَقَد سَمِعنا الرَّسولَ بولُسَ في الأسبوعِ المَاضي يُخبرُنا أنَّ المَحبَّةَ لا تَسقُط أبدًا... أنَّ المَحبَّةَ لا تَسقُط أبدًا. وَهِيَ جُملةٌ رائعة! وَما قَصَدَهُ هُنا في الحَقيقةِ هُوَ أنَّ المَحبَّةَ شَيءٌ أبديٌّ. وإنْ كانتِ المَحبَّةُ هي الصِّلَةُ الوَحيدةُ الَّتي تَصِلُنا بالأبديَّة، يَجدُرُ بِنا أن نُرَكِّزَ عليها لأنَّها أفضَلُ شَيءٍ على الإطلاق.

وللتَّركيزِ على الأولويَّةِ القُصوى للمحبَّة، يُبايِنُ بولسُ بينَها وبينَ الشَّيءِ الَّذي كانَ أهلُ كورِنثوس مُنْهَمِكينَ فيهِ جدًّا وَهُوَ: المَواهِب الرُّوحيَّة. فقد كانوا مَغرورينَ، وكانُوا في وَرطَةٍ بسببِ الأنا الرُّوحِيّة. وَقد كانُوا يَتَباهُونَ بِروحانِيَّتِهم مِن خِلالِ إساءةِ استخدامِ مَواهِبِهم الرُّوحيَّةِ، أوِ المُبالَغَةِ في استِخدامِها، أوِ استِخدامِها بطريقةٍ مَغلوطَةٍ، أو مِن خِلالِ تَزييفِ المَواهِبِ الرُّوحيَّة. لِذا فإنَّ بُولُسَ يُبايِنُ بينَ نَظرَتِهم إلى المَواهِبِ ونَظرَتِهِ إلى المَحبَّةِ هُنا كَي يُبَيِّنَ لَهُم أنَّ المَواهِبَ ليستِ الشَّيءَ الَّذي يَنبغي لَهُم أن يُرَكِّزوا عليه، بل يَنبغي لَهُم أن يُرَكِّزوا على المَحبَّةِ لأنَّ المَواهبَ ستَزولٌ؛ وأمَّا المَحبَّةُ فسَتدومُ إلى الأبد. هَذهِ هي نُقطَتُهُ الرَّئيسيَّة.

وَقَد نَظَرنا في المَرَّةِ السَّابقةِ إلى تِلكَ الفِكرةِ بأنَّ المَحبَّةَ لا تَسقُط أبدًا. وهُناكَ استخداماتٌ عَديدة للكلمة "يَسقُط" في اللُّغةِ اليُونانِيَّة. وقد قَرأتُ عَنِ استِخدامٍ مُدهشٍ لها في هذا الأسبوعِ حيثُ إنَّها استُخدِمَت لِوَصْفِ مُمَثِّلٍ سَيِّئٍ تَذَمَّرَ المُتَفَرِّجونَ على تَمثيلِهِ السَّيِّئِ إلى أنْ غَادَرَ المَسرَح. ويُمكِنُنا القولُ إنَّ المَحبَّةَ لن تُضْطَرَّ يَومًا إلى مُغادَرةِ المَسرَحِ؛ أيْ أنَّ المَحبَّةَ لن يُنظَر إليها يَومًا على أنَّها مُمَثِّلٌ رَديء. فالمحبَّةُ شَيءٌ نَبيلٌ. ولكِنَّ النَّظرةَ الفَاحِصَةَ للمَعنى الَّذي قَصَدَهُ بولسُ هُنا تُرينا أنَّ المَعنى الاصطِلاحِيَّ في اللُّغةِ اليونانيَّةِ الكَلاسيكيَّةِ يُشيرُ إلى زَهْرَةٍ تَذْبُلُ وَتَموتُ وَتَبدأُ أوراقُها بالتَّساقُط. لِذا فإنَّ مَا يَعنيهِ هُنا هُوَ أنَّ المَحبَّةَ ليست زَهرةً تَنْكَمِشُ، وأنَّ المَحبَّةَ لا تَسقُطُ، وأنَّها لا تَذوي، وأنَّها لا تَذْبُلُ أبدًا؛ بل إنَّها ذلكَ الشَّيءُ العَظيمُ والأبديُّ، وَهِيَ الطَّريقُ الأفضَل.

لِذا، عِوَضًا عَن أن تُرَكِّزَ رَعِيَّتُكُم على التَّعليمِ أوِ العَقيدةِ، وعِوَضًا عن أن تُرَكِّزَ رَعِيَّتُكُم على الخِدمةِ باستخدامِ المواهبِ وَغيرِها، مِنَ الأفضلِ أن تُرَكِّزوا على المَحبَّةِ لأنَّ الغَايَةَ القُصوى مِن كُلِّ شَيءٍ آخر هِيَ أن تُحِبُّوا بَعضُكُم بعضًا كَي يَعْلَمَ العَالَمُ أنَّكُم في الحَقيقةِ أولادُ الله. لِذا فإنَّ المَحبَّةَ هيَ الشَّيءُ الأفضَل.

والآن، لكي يُبايِنَ بولسُ بينَ المَحبَّةِ والمَواهبِ الأخرى فإنَّهُ يَذكُرُ ثَلاثَ نِقاطٍ. وَقَد دَوَّنْتُ لَكُم هذهِ النِّقاطِ الثَّلاثَ في مُخَطَّطِ العِظَة. فالمَواهِبُ مُؤقَّتةٌ، والمَواهِبُ جُزئيَّةٌ، والمَواهِبُ ثَانَويَّة. وَهُوَ يُبَيِّنُ مِن خِلالِ هذهِ النِّقاطِ الثَّلاثِ الفَرقَ بينَ المَواهِبِ والمَحَبَّة. وأريدُ مِنكُم أن تُفَكِّرُوا تَفكيرًا أكاديميًّا اليومَ، وأريدُ مِنكُم أن تُفَكِّرُوا في هَذا المَقطَعِ مَعي لأنَّنا سَنَنظُرُ إليهِ نَظرةً أكاديميَّةً في مُحاوَلَةٍ مِنَّا لِحَلِّ مُشكلةٍ قَديمةٍ تَختصُّ بِمَعنى بِعضٍ مِن تلكَ الأشياء. وفي أثناءِ قِيامِنا بذلك، سأكونُ مُتَحَمِّسًا لأنَّكُم سَتُدركونَ العَمليَّةَ الَّتي يَستخدِمُها طَلَبَةُ الكِتابِ المُقدَّسِ لاستِخلاصِ النَّتائِج.

فَغالبًا، عِندما أَعِظُ فإنِّي أُقَدِّمُ لَكُم النَّتيجة. ولكنِ اليومَ، ارتأيتُ أنْ أُساعِدَكُم على الوُصولِ إلى النَّتيجةِ بأنفسِكُم. فيُمكنكُم أن تَرَوْا كيفَ نَستَثني أمورًا مُعيَّنةً وآراءً مُعيَّنةً للوصولِ إلى وُجهةِ النَّظرِ الصَّحيحةِ، وَأنْ تَرَوْا الخُطُواتِ المُتَّبَعَةَ للوُصولِ إلى تلكَ النَّتيجة. وَلَعَلَّكُم تَذكُرونَ أنَّنا نَاقَشْنا في المَرَّةِ السَّابقةِ أوَّلَ نُقطةٍ فَرعيَّةٍ بِخُصوصِ دَيمُومَةِ المَحبَّة وَهِيَ أنَّ المَواهِبَ مُؤقَّتة. لاحِظوا العَددَ الثَّامن: "المَحبَّةُ لا تَسقُط أبدًا". فَهَذِهِ هي الجُملةُ العَظيمةُ الَّتي تُلَخِّصُ الأصحاحَ كُلَّهُ. وَهُوَ يَبتدئُ الآنَ في مُناقشةِ الطَّبيعةِ المُؤقَّتَةِ للمَواهِب:

"وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتُبْطَلُ" أوْ تُلْغَى، أوْ تُزَال. "وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي" مِن تِلقاءِ نَفسِها [بِحَسَبِ الصِّيغةِ اليُونانيَّة]. "وَالْعِلْمُ فَسَيُبْطَلُ". فَهُوَ سَيُلغَى أوْ يُزال. وَالآن، إنَّ مَا يَفعلُهُ بولسُ هُنا هُوَ أنَّهُ يَستخدِمُ هَذهِ المَواهِبَ الثَّلاثَ كَنَماذِجَ على كُلِّ المَواهِب. فأَهَمُّ مَوهبةٍ هِيَ النُّبوَّة، وأَقَلُّ المَواهِبِ أهميَّةً هِيَ التَّكلُّمُ بألسِنَةٍ أو لُغاتٍ. والمَوهبةُ المُتَوسِّطَةُ في الأهميَّةِ هِيَ العِلْم. وَهُوَ يَقولُ ببساطَة: "المَواهِبُ شَيءٌ سَيَزولُ. فَهِيَ لَن تَدومَ إلى الأبد. فَهِيَ سَتَبقى إلى حِيْن فقط، وَقَد أُعطِيَتْ لِوَقتٍ مُعَيَّن. ولكِنَّها ليست دَائمةً، وليست أبديَّةً". وَأنا لا أُنْكِرُ أنَّها مُهمَّةٌ جدًّا. صَدِّقوني!

فيُمكنُني القولُ إنَّ النُّبوَّةَ، والعِلمَ (أيْ كَلامَ العِلْمِ)، ومَوهبةَ اللُّغاتِ (أوِ القُدرةِ على التَّكلُّمِ بلُغةٍ أجنبيَّةٍ غير مَعروفَة لَدى المُتكلِّمِ في أيَّامِ الكنيسةِ الباكِرَةِ) كانت أمرًا مُهِمًّا جدًّا وَجَوهريًّا جدًّا. ولكِن على الرَّغمِ مِن أهميَّتِها في ذلكَ الوقتِ فإنَّها مُؤقَّتةٌ وليسَت أبديَّة. أمَّا الشَّيءُ الوَحيدُ الَّذي يَربِطُنا بالأبديَّةِ فَهُوَ المَحبَّة. لِذا، يَنبغي أن تَسودَ المَحبَّة.

وَقد رأينا في المَرَّةِ السَّابقةِ أنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ مُهِمٌّ في صِيغةِ الفِعلِ المُستخدَمِ عنْدَ الحَديثِ عَنِ النُّبوَّةِ والعِلمِ، وَصِيغَةِ الفِعلِ المُستخدَمِ عِنْدَ الحَديثِ عَنِ الألسِنَة. فَفيما يَختصُّ بالألسِنَةِ، رأينا أنَّ الفِعلَ المُستخدَمَ يَرِدُ بِصيغةٍ تُفيدُ أنَّ الألسِنَةَ سَتَنتَهي مِن تِلقاءِ ذَاتِها. ثُمَّ إنَّنا تَحَدَّثنا عَمَّا إذا كانتِ الألسِنَةُ قَد تَوَقَّفت وَوَجَدْنا أنَّها تَوقَّفَتْ حَقًّا. وقد رَأيْنا أنَّ الألسِنَةَ كَانَتْ تَخْدِمُ ثَلاثَة مَقاصِدَ كِتابِيَّة:

القَصدُ الأوَّلُ مِن وُجودِ الألسِنَةِ كَانَ بِهَدَفِ الإعلان. بعبارةٍ أخرى، كانَ اللهُ، في الحَقيقةِ، يُعلِنُ كَلِمَتَهُ مِن خِلالِ تلكَ المَوهبةِ أحيانًا. وَقد رأينا أنَّ الإعلانَ قَدِ اكْتَمَل: "المُسَلَّم مَرَّةً للقِدِّيسين". لِذا، فقد تَوَقَّفَ ذلكَ القَصدُ مِن وُجودِ الألسِنَة.

القَصدُ الثَّاني: لقد رأينا أنَّ الألسِنَةَ أُعطِيَتْ أيضًا كَتأكيدٍ، أو لِتَكونَ عَلامَةً خَارقةً للطَّبيعَةِ لتأكيدِ صِدْقِ الرُّسُلِ والأنبياءِ وَخَدَمَاتِهم الرَّسوليَّة. وحيثُ إنَّهُ لم يَعُد يُوجَدُ رُسُلٌ وأنبياء (كَما رأينا مِن خِلالِ الآية أفسُس 2: 20)، فإنَّ ذلكَ الجُزءَ مِن مَوهبةِ الألسِنَةِ لم يَعُد لازِمًا لأنَّهُ لا حَاجَةَ إلى تَأكيدِ صِدْقِ مِثلِ هَؤلاءِ الأشخاصِ اليوم.

القَصدُ الثَّالث: لقد رأينا مِن خِلالِ العهدِ الجديدِ أنَّ الألسِنَةَ كَانَتْ آيَةً قَضائيَّةً أو عِقابًا لِشَعبِ العَهدِ (أيْ: إسرائيل)؛ وَهُوَ عِقابٌ تَمَّ في سَنة 70 مِيلادِيَّة. لِذا، لم تَعُد تلكَ الآيَةُ لازِمَةً اليوم. والتَّاريخُ يَشْهَدُ، في الحَقيقةِ، أنَّ الألسِنَةَ تَوقَّفَتْ إلى نَحْوِ سَنَةِ 1900 مِيلادِيَّة؛ وَهُوَ الوقتُ الَّذي ابتدأت فيهِ هذهِ الحَرَكَة المُعاصِرَة.

لِذا فقد قُلنا إنَّ الألسِنَةَ تَوَقَّفَتْ. والشَّيءُ الَّذي نَراهُ حَالِيًّا يُمكِنُ تَفسيرُهُ بِطَرائقَ أخرى غيرَ تلكَ المُختصَّة بمَوهبةِ اللُّغاتِ أوِ الألسِنَةِ في العهدِ الجديد. ولكِنْ على النَّقيضِ مِن تَوقُّفِ الألسِنَةِ، رأينا أنَّ النُّبوَّاتِ والعِلْمَ سَتُبْطَلُ أوْ أنَّها لَنْ تَعودَ عَامِلَةً. والفِعْلُ المُستخدَمُ مَعَها يَرِدُ بِصيغَةِ المَبنى للمَجهولِ بِمَعنى أنَّ شَيئًا مَا سَيُوقِفُ النُّبوَّةَ والعِلمَ. فهُناكَ شَيءٌ سَيُوقِفُها، أو شَيءٌ سَيُنهيها. وَهذا الشَّيءُ هُوَ "الكَامِلُ" المَذكورُ في العَددِ العَاشِر. وَسوفَ نَتحدَّثُ اليومَ عَن ذلكَ "الكَامِل".

وهذهِ دِراسةٌ مُمتعةٌ جدًّا لأنَّ أُناسًا كَثيرينَ مُشَوَّشونَ بِسَببِها. وقد خَضَعَ هَذا المَوضوعُ لنِقاشٍ وجِدالٍ عَلى مَدى وَقتٍ طَويل. لِذا، أرجو أن نَتمكَّنَ مِن تَقديمِ جَوابٍ شَافٍ لَكُم يُمكِنُكم أن تَقبَلوهُ شَخصيًّا وَتَتَعَمَّقوا في دِراسَتِهِ وتَرَوْا أنَّهُ رُبَّما كانَ أفضلَ تَفسيرٍ مُمكِن.

إنَّ النُّبوءاتِ والعِلمَ لم تَتوقَّف مَعَ الألسِنَة، بل إنَّها مُستمرَّةٌ على الرَّغمِ مِن تَوقُّفِ الألسِنَة. وَهِيَ تَنتَظِرُ أن يَقومَ "الكَامِلُ" بإبطالِها. فنحنُ نَقرأُ في العَددِ التَّاسع: "لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ [وَهَذا هُوَ العِلْمُ] وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ. وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ". لِذا فإنَّ الأشياءَ الجُزئيَّةَ (أيِ العِلمَ والنُّبوَّةَ) سَتُبْطَلُ عِندما يَأتي "الكَامِل". فَهِيَ مُؤقَّتَةٌ وَحَسْب. صَحيحٌ أنَّها مُهِمَّة. فَفي الحَقيقةِ أنَّها مُهِمَّةٌ جدًّا؛ ولكِنَّها مُؤقَّتةٌ وليست أبديَّة. لِذا فإنَّ بُولُسَ يَقولُ إنَّها مُؤقَّتة.

النُّقطةُ الثَّانيةُ، وَهِيَ النُّقطةُ الَّتي سَنَتحدَّثُ فيها عَنِ "الكَامِل". فَهُوَ يَقولُ إنَّ المَواهِبَ ليست مُؤقَّتةً وَحَسْب، بل إنَّها أيضًا جُزئيَّة. انظُروا إلى العَددِ التَّاسِعِ مَرَّةً أخرى: فَهُوَ يَستَخدِمُ الكلمة "بعْض" مَرَّةً، ثُمَّ يَستخدِمُ الكلمة "بَعْض" مَرَّةً ثَانية. وَهُوَ يَقولُ في العَددِ العَاشِرِ: "مَا هُوَ بَعْضٌ". فَهُوَ يَقولُ ثَلاثَ مَرَّاتً: "بَعْض". ثُمَّ لاحِظوا العَددَ الثَّاني عَشَر: "الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ". فَهُوَ يُرَكِّزُ أربعَ مَرَّاتٍ على حَقيقةِ أنَّ المَعرفةَ الَّتي لَدينا هِيَ جُزئيَّة. والكَلمةُ اليونانيَّةُ "ميروس" (meros) تَعني ببساطَة: "جُزءٌ مِن كُلّ"؛ لا الكُلّ. فالمَواهِبُ جُزئيَّة.

وَسَتُلاحِظونَ أنَّهُ مِنَ المُدهِشِ أنَّ الألسِنَةَ لا تُذكَرُ في الأعداد 9 و 10 و 11 و 12 و 13. فَقَد تَوَقَّفَتْ. والشَّيآنِ الوَحيدانِ اللَّذانِ سَيُوْجَدانِ عِندما يَجيءُ الكَامِلُ هُما النُّبوَّةُ والعِلمُ (بِحَسَبِ المِثالِ الإيضَاحِيِّ الَّذي يُوْرِدُهُ بولسُ هُنا). ولا شَكَّ في أنَّهُ سَتَكونُ هُناكَ مَواهِبُ أخرى، ولكِنَّ المَوهِبَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُشيرُ إليهِما بولسُ هُنا هُما النُّبُوَّةُ والعِلم. وأمَّا الألسِنَةُ فسوفَ تَكونُ في الوَقتِ الَّذي سَيَأتي فيهِ الكامِلُ قد تَوقَّفَتْ مِن تِلقاءِ ذَاتِها. فَلا يُوجَد مَنْ يُوْقِفُها. وَالفِعلُ المُستخدَمُ هُنا هُوَ ليسَ فِعلاً بِصيغةِ المَبني للمَجهول.

فالعَدَدُ التَّاسِعُ يَقول: "لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ". وَهَذا صَحيح. فَفي أفضلِ الأحوالِ، قَد أَدرُسُ باجتِهادٍ وأبذُلُ مَا في وُسْعِي كي أُعَلِّمَكُم كَلِمَةَ اللهِ؛ ولكِن في أفضلِ الأحوالِ، لا يُمكِنُني إلاَّ أنْ أُقَدِّمَ لَكُم جُزءًا يَسيرًا مِنَ الحَقِّ الإلهيِّ. أليسَ كذلك؟ فأنا مَحدودٌ. أنا مَحدودٌ مِن جِهَةِ مَا أَعلَنَهُ اللهُ. وأنا مَحدودٌ مِن جِهَةِ فَهْمي لِما أَعْلَنَهُ اللهُ. وأنا مَحدودٌ لأنَّ العَقلَ البَشريَّ لا يَقدِرُ أن يَفهَمَ اللهَ الخَارِقَ للطَّبيعةِ بِمُجمَلِه.

لِذا، في أفضلِ الأحوالِ فإنَّ الوَعْظَ شَيءٌ جُزئيٌّ. والنُّبوَّةُ شَيءٌ جُزئيٌّ أيضًا. وفي أفضلِ الأحوالِ فإنَّ كَلامَ العِلْمِ جُزئيٌّ. وإنْ أرَدنا أنْ نَستخلِصَ مِن كلمةِ اللهِ مَبادئَ المَعرفةِ فإنَّ تِلكَ المَبادِئَ سَتكونُ جُزئيَّةً وَحَسْب. فَلا سَبيلَ إلى مَعرفةِ كُلِّ شَيءٍ نُريدُ أن نَعرِفَهُ. والحَقيقةُ هي أنِّي كُنتُ أعرِفُ كُلَّ شَيءٍ عِندما أَنْهَيْتُ دِراسَتي في كُلِيَّةِ اللاَّهوتِ؛ ولكِنِّي نَسَيْتُ الكَثيرَ بعدَ ذلك!

وَنَقرأُ في رِسالةِ كورِنثوسَ الأولى 8: 2، وأعتقدُ أنَّ هَذهِ الآيةَ هِيَ تَذكيرٌ جَيِّدٌ لَنا. لِذا، أَوَدُّ أن أتحدَّثَ عنها قَليلاً. فَكَما تَعلَمونَ، مِنَ السَّهلِ أنْ نَنْتَفِخَ رُوحِيًّا وَنَظُنَّ أنَّنا نَعرِفُ كُلَّ الإجاباتِ، وأنَّنا استَوعَبْنا اللاَّهوت، وأنَّنا دَرَسْنا كُلَّ المَقاطِعِ الكِتابيَّةِ الصَّعبةِ وَفَهِمناها. ولكِنَّنا نَقرأُ في رِسالةِ كورِنثوسَ الأولى 8: 2: "فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْرِفُ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا بَعْدُ كَمَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ!" فِبِصورَةٍ رَئيسيَّةٍ، المَعرفةُ مَحدودة. وَهِيَ تَصيرُ مَحدودةً بِصورةٍ خَاصَّةٍ عِندما تَظُنُّ أنَّكَ تَعرِفُ كُلَّ شَيء ثُمَّ تَكتَشِفُ أنَّكَ لا تَعرِفُ أيَّ شَيءٍ لأنَّ القاعِدَةَ الرَّئيسيَّةَ للمَعرِفَةِ هِيَ أنَّكَ لا تَستَطيعُ أن تَعرِفَ كُلَّ شَيء.

لِنَرجِع إلى العهدِ القديمِ إذْ أُريدُ أن أُريكُم أنَّهُ لا يُوجَدُ شَخصٌ مَسيحيٌّ واحِدٌ يَعرِفُ كُلَّ شَيء. وَكما تَعلَمونَ، أعتقدُ أنَّ هُناكَ أشخاصًا يَظُنُّونَ أنَّهُم يَعرِفونَ كُلَّ شَيء، وأعتقدُ أنَّ هُناكَ أشخاصًا يَظُنُّونَ أنَّني أعرِفُ كُلَّ شَيء. فَهُم يَقولونَ: "إنَّهُ رَاعي الكَنيسةِ ويُعَلِّمُ كَلِمَةَ اللهِ. لِذا فإنَّهُ يَعرِفُ كُلَّ شَيء". ولكِنِّي لا أعرِفُ كُلَّ شَيء، بل إنَّ مَعرِفَتي مَحدودةٌ جدًّا. وأوَدُّ أن أكونَ أوَّلَ شَخصٍ يُقِرُّ بأنَّهُ يَقترفُ الأخطاء. والمُشكلةُ الوَحيدةُ هي أنِّي لا أدري مَا هِيَ لأنِّي لا أَمْلِكُ المَعرفةَ الكَافِيَةَ لأعرفَ مَتى أكونُ على صَوابٍ ومَتى أكونُ على خَطأ. أَتَرَوْن؟ هذهِ هي المُشكلة.

ولكِنَّ المُشكلةَ في الطَّبيعةِ البَشريَّةِ هي أنَّها غَيْرُ مَعصُومَة، بل هِيَ مُعَرَّضَةٌ لاقترافِ الأخطاء. وهُناكَ حَدٌّ للمَعرفةِ الَّتي نَستطيعُ أن نَستوعِبَها. وأعتقدُ أنَّهُ يَنبَغي لِعَدَدٍ مِن مُعَلِّمي الكتابِ المقدَّسِ أن يَتذكَّروا ذلك. وأنا بِحاجَةٍ إلى تَذَكُّرِ ذلكَ أيضًا؛ أيْ أنَّنا لا نَعرِفُ كُلَّ شَيء. فقد نَظُنُّ أنَّنا نَعرِفُ كُلَّ شَيء، ولكِنَّنا لا نَعرِفُ كُلَّ شَيء. وَيَجِبُ على طَلَبَةِ الكتابِ المقدَّسِ أن يَتذكَّروا ذلكَ أيضًا. انظروا إلى سِفْرِ أيُّوب مَعي قليلاً إذْ أُريدُ أن أُريكُم بِضعةَ مَقاطِع لمُساعَدَتِنا على التَّواضُعِ قَليلاً، وَلِفَهْمِ أنَّ هُناكَ أمورًا كثيرةً جدًّا لا نَعرِفُها. فَنَحْنُ لا نَعرِفُ سِوى القَليلِ جدًّا مِنْ مِلْءِ الطَّبيعةِ الإلهيَّة.

فَنحنُ نَقرأُ في سِفْرِ أيُّوب 11: 7: "أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟" بِعبارةٍ أخرى، هَل يُمكِنُكَ أنْ تَعرِفَ اللهَ مَعرِفَةً تَامَّة؟ "هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ الْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟" بِعبارةٍ أخرى، مِنَ المُستحيلِ أن تَفهَمَ كُلَّ شَيءٍ عَنِ الله. فَلا يُمكِنُكَ أن تَصِلَ إلى ذلكَ العُلْوِ، ولا أنْ تَصِلَ إلى ذلكَ العُمْقِ. فَهذا يَفوقُ طَاقَةَ الإنسانِ على الفَهمِ الكَامِل.

وكَما تَعلَمونَ، عندما يَسألُ النَّاسُ أحيانًا عَن سَبَبِ اختِلافِ مُعَلِّمي الكتابِ المقدَّسِ أو عَنْ سَبَبِ اختلافِ المُؤمِنينَ الفَاضِلينَ فإنَّ السَّببَ في ذلكَ لا يَرجِعُ إلى أنَّنا نَخْتَلِفُ في الأمورِ الجَوهريَّةِ الواضِحَةِ، بل يَرجِعُ إلى إنَّنا جَميعًا نُعاني مَحدودِيَّةً في فَهْمِنا، ونُحاوِلُ أنْ نُرَكِّبَ الأجزاءَ مَعًا وأنْ نَستخلِصَ النَّتائِجَ مِن دُونِ الحُصولِ على الإعلانِ الكَامِل. لِذا فإنَّهُ مِنَ الصَّعبِ جدًّا أنْ نَستوعِبَ كُلَّ شَيء.

ولكِنَّنا نَقرأُ في سِفْرِ أيُّوب 26: 14 شَيئًا مُدهِشًا جدًّا. فَبعدَ أنْ يَقولَ أمورًا كَثيرةً عنِ اللهِ، وعَظَمَةِ اللهِ، وقُدرةِ اللهِ، وكُلِّ تلكَ الأشياءِ الَّتي صَنَعَها في الخَليقةِ فإنَّهُ يَقول: "هَا هذِهِ..." أو: "مَا أعجَبَ ذلك!" فَهُوَ يُبْدي دَهْشَتَهُ! وَكأنَّهُ يَقولُ: "مَا أَعْجَبَ ذَلِك!" "هَا هذِهِ أَطْرَافُ طُرُقِهِ، وَمَا أَخْفَضَ الْكَلاَمَ الَّذِي نَسْمَعُهُ مِنْهُ وَأَمَّا رَعْدُ جَبَرُوتِهِ فَمَنْ يَفْهَمُ؟" فَلاَ يُمكِنُنا أنْ نَفهَمَ كُلَّ قُدرةِ اللهِ، وكُلَّ طُرُقِ اللهِ، وكُلَّ الحَقِّ الإلهيِّ والطَّبيعةِ الإلهيَّة.

وَنَقرأُ في المَزمور 40: 5: "كَثِيرًا مَا جَعَلْتَ أَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي عَجَائِبَكَ وَأَفْكَارَكَ مِنْ جِهَتِنَا". هَذا رَائِعٌ. فَقَدْ صَنَعْتَ، يا رَبُّ، أمورًا كَثيرةً رائعةً. وهُناكَ أفكارُكَ الرَّائعة أيضًا. "لاَ تُقَوَّمُ لَدَيْكَ". بِعبارةٍ أخرى، عِندَما أُحاوِلُ أنْ أُدَوِّنَها، وعِندما أُحاوِلُ أنْ أُسَجِّلَها وَأُصَنِّفَها وَأنْسِبَها إليكَ، أَجِدُ شَيئًا نَاقِصًا". وإنْ حَاولتُ أنْ أُعلِنَها وأن أتكلَّمَ عَنها، "زَادَتْ عَنْ أَنْ تُعَدَّ". فَإنْ أرَدنا أنْ نُصَنِّفَ اللهَ بطريقةٍ مُعيَّنةٍ فإنَّنا سَنَعجَزُ عن ذلكَ لأنَّنا لا نَملِكُ كُلَّ المَعلومات.

ونَقرأُ في المَزمور 139: 6: "عَجِيبَةٌ هذِهِ الْمَعْرِفَةُ، فَوْقِي ارْتَفَعَتْ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا". فَهِيَ تَفوقُ جِدًّا استيعابَنا. هَذا هُوَ مَا يَقولُهُ المَزمور 139: 6. ونَقرأُ في رِسالة رُومية والأصحاحِ الحادي عَشَر (كَي تَرَوْا مَا يَقولُهُ العَهدُ الجَديدُ أيضًا وَتَفهَمُوا أنَّ حَتَّى العهدَ الجديدَ لا يُعطينا مَعرفةً كَامِلَةً إذْ نَقرأُ في رِسالة رُومية 11: 33): "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!". والآن، استَمِعوا إلى العَدَدِ الَّذي يَلي ذلك: "لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟" فَطُرُقُهُ بَعيدةٌ عَنِ الاستِقصاء.

وَقَد تَقول: "ولكِنْ عِندَما يَعرِفُ المَرءُ المَسيحَ، أَلاَ يَعرِفُ كُلَّ شَيء؟" لا، لأنَّنا نَقرأُ في رِسالةِ كُولوسي 2: 3: "الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ". فَحَتَّى لَو عَرفتَ المَسيحَ، وَعَرَفْتَ الحِكمةَ والعِلْمَ المُذَخَّرَيْنِ فيهِ فإنَّكَ لن تَعرِفَ كُلَّ شَيء لأنَّهُ ليسَ مُعلَنًا. فَمَعرفتي للمَسيحِ لا تَعني أنِّي أعرِفُ كُلَّ شَيء. صَحيحٌ أنَّ جَميعَ كُنوزِ الحِكْمَةِ والعِلْمِ مُذَخَّرَةٌ فيهِ، ولكِنْ لِنُواجِهِ الحَقيقةَ وَهِيَ أنَّ هُناكَ أمورًا كَثيرةً مَحجوبَةً. لِذا، يجبُ علينا أن نَتذكَّرَ أنَّنا نَعرِفُ دَائِمًا جُزءًا مِنَ الحَقِّ، لا الحَقَّ كُلَّهُ.

والآن، أريدُ أن أقولَ أيضًا إنَّ هَذا لا يَعني أنَّنا في وُرطَةٍ أو أنَّنا في ضَلال. فقَوْلُنا إنَّ مَعرِفَتَنا جُزئيَّةٌ لا يَعني إنَّنا على خَطأ، بَل يَعني بِبساطَةٍ أنَّنا لا نَعرِفُ كُلَّ شَيء. فَمَثلاً، قد تُعَلِّمُ طِفلَكَ أنَّ اثنين زائِد اثنين يُساوي أربعة. وَهذا صَحيح. فقد عَلَّمتَهُ الحَقيقة. ولكِنَّ الطَّريقَ أمامَهُ مَا زَالَ طَويلاً لِتَعَلُّمِ الجَبْرِ، والهَندسةِ، وحِسابِ المُثَلَّثاتِ، وَحِسابِ التَّفاضُلِ والتَّكامُل. فَهُناكَ أشياءٌ كَثيرةٌ جدًّا يُمْكِنُ تَعَلُّمُها؛ ولكِنَّ طِفلَكَ لا يَستطيعُ بأيِّ حَالٍ مِنَ الأحوالِ أنْ يَستَوعِبَها عِندَما يَكونُ في سِنٍّ لا يَفهَمُ فيها سِوى أنَّ حَاصِلَ جَمْعِ اثنين واثنين هُوَ أربعة.

وَهذا لا يَعني أنَّ المَعرفةَ مَغلوطَة، ولا يَعني أنَّها شَيءٌ غيرُ مَوثوقٍ بِهِ، بَل يَعني وَحَسْب أنَّها ليست مَعرفة كَامِلة. وعلى الرَّغمِ مِن أنَّنا نَتَعَلَّمُ المَزيدَ كُلَّما نَمَوْنَا في إيمانِنا فإنَّنا لا نَعرِفُ كُلَّ شَيء. وأوَدُّ أن أُضيفَ بأنَّنا نَعرِفُ كُلَّ مَا نَحتاجُ إلى مَعرِفَتِه. فقد قالَ بُطرسُ: " كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى". فَأنتُم تَعرِفونَ كُلَّ مَا يَلزَمُكُم. ونَقرأُ في رِسالة يُوحَنَّا الأولى 5: 20 أنَّنا نَعرِفُ مَا يَكفي الآنَ كي نَعرِفَهُ ونَعرِفَ ابنَهُ. ونَقرأُ في رسالة كورِنثوسَ الأولى والأصحاحِ الثَّاني أنَّ لَدينا الرُّوحَ القُدُسَ الَّذي يُعَلِّمُنا أن نَعرِفَ الأمورَ العَميقةَ المُختصَّةَ بالله. لِذا، نَحنُ نَعلَمُ مَا نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى مَعرِفَتِه، ونَعرِفُ كُلَّ مَا يَلزَمُنا أن نَعرِفَهُ لكي نَعرِفَ ما يُريدُهُ اللهُ مِنَّا أن نَعرِفَهُ، ولِكَي نَفعلَ مَا يُريدُ مِنَّا اللهُ أن نَفعلَهُ. ولكِنَّنا لا نَعرِفُ كُلَّ شَيء، بل نَحْنُ مُجَرَّدُ تَلاميذ نُحاوِلُ أنْ نَفَهَمَ الأمورَ الأساسيَّة.

وَقد تَقول: "حَسنًا يا جون! لِماذا لم يُعْطِنا اللهُ مَعرفةً كَامِلَةً؟" أعتقدُ أنَّ العَقلَ البَشريَّ لن يَستوعِبَ كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ الأحوال. لِذا فقد أَبْقى اللهُ الأمرَ بَسيطًا. وَهُوَ بَسيطٌ جدًّا حتَّى إنَّهُ بِمَقدورِ الطِّفلِ أن يَعرِفَهُ. فَلَو أنَّ اللهَ أعطانا الحَقَّ كُلَّهُ فإنَّهُ، قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ، حَقٌّ لا نِهايَةَ لَهُ. فَحيثُ إنَّ اللهَ لا نِهايَةَ لَهُ فإنَّ الحَقَّ لا نِهايَةَ لَهُ. ولو كانَ لَدينا كِتابٌ لا نِهايَةَ لَهُ سَيَكونُ الأمرُ سَخيفًا لأنَّهُ سيَكونُ كِتابًا لا بِدايَة لَهُ وَلا نِهايَة.

ويَكفي أنْ نُفَكِّرَ في أنَّ اللهَ تَحَنَّنَ عَلينا وَوَضَعَ حَقَّهُ في هذا الكِتابِ الصَّغير. وَهذا كِتابٌ ضَخْمٌ، ولكِن تُوجَد مِنْهُ نُسَخٌ أصغَرُ حَجْمًا. ولكِنْ إنِ اعتَقَدْنا أنَّ هَذا الكِتابَ يَحوي كُلَّ الحَقِّ الإلهيِّ فإنَّنا مُخْطِئون. فَهُناكَ حَقائق أكثر بِكثير! أكثر بِكَثير! وَنَحْنُ لم نَعرِف شَيئًا بَعد. ولكِنَّ اللهَ أَبْقى الأمرَ بَسيطًا لِئَلاَّ نَتَشَوَّش.

ثَانيًا، العَقلُ البَشريُّ المُلَوَّثُ بالخَطيَّة والفَاسِدُ لا يَستطيعُ... لا يَستطيعُ أن يَتعامَلَ مَعَ الحَقِّ المُطلَقِ بِمُجملِهِ إلاَّ إذا صَارَ عَقلاً كَامِلاً. وَحيثُ إنَّهُ ليسَ كَامِلاً، فإنَّ اللهَ لم يُعْطِنا كُلَّ الحَقّ. ولكن في يَومٍ مَا، عِندما نَحصُلُ على عُقولٍ كَامِلَةٍ، سَنَعرِفُ كُلَّ الحَقّ. ولكِنَّ هَذا سيَحدُثُ في المُستقبَل. لِذا فإنَّنا نَعرِفُ هذهِ المَعرفةَ الجُزئِيَّة. وَنحنُ نَحصُل عليها مِن خِلالِ مَوهبةِ الوَعظِ أوِ النُّبوَّةِ... أي نَحصُلُ على جُزءٍ مِنَ المَعرفة. فَرِجالُ اللهِ يُعلِنونَ لَنا كلمةَ اللهِ، وَيَستخلِصونَ مِنها المَعرفةَ أوِ المَبادئَ الكِتابيَّةَ، ثُمَّ إنَّهُم يُعَلِّمونا إيَّاها. لِذا فإنَّهُم يُسْهِمونَ جُزئيًّا في ما نَعرِفُهُ.

والآن، لِنَرجِع إلى رِسالة كورِنثوسَ الأولى والأصحاح 13 ونَنُظُر مَرَّةً أخرى إلى العَددِ العَاشِر. "لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ". فَنَحنُ لا نَعرِفُ كُلَّ شَيء. "وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ". "كاتَرغيئو" (Katargeo): يُبْطَل، يُنْقَض، لا يَعودُ عَامِلاً. وَهُوَ نَفسُ الفِعلِ المُستخدَم في العَددِ الثَّامِنِ لأنَّ هَذا هُوَ مَا يُحاوِلُ أن يَقولَهُ. فالنُّبوَّةُ والعِلْمُ مُرتبطانِ بالكَامِلِ لأنَّ بُولُسَ يَستخدِمُ نَفسَ الفِعلِ للإشارةِ إلى إبْطالِهِما. فالكَامِلُ سَيُبْطِلُهُما عَنِ العَمَل.

فعندما يَأتي الكَامِلُ فإنَّ بولسَ يَقولُ إنَّ هَذا سيكونُ رائعًا لأنَّكُم لن تَعودوا بِحاجَةٍ إلى الوَعظِ لأنَّكُم ستَعرِفونَ كُلَّ المَعلومات. ولَن تَعودوا بِحاجَةٍ إلى التَّعليمِ لأنَّكُم ستَعرِفونَ كُلَّ شَيء. فَسوفَ تَعرِفونَ كُلَّ الحَقِّ آنذاك. والحَقيقةُ هي أنَّهُ يُتابِعُ كَلامَهُ في العَددِ الثَّاني عَشَر قَائِلاً: "فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ".

تَخَيَّلُوا! فَسَوفَ يَأتي يَومٌ لا تُوجَدُ فيهِ كُتُبٌ، ولا عِظاتٌ، وَلا صُفوفٌ، وَلا دُروسُ كِتابٍ مُقَدَّس، ولا أيُّ شَيءٍ آخر. فَسوفَ تَحصُلونَ على كُلِّ شَيءٍ وتَعرِفونَ كُلَّ شَيء. ولن تَكونوا بِحاجَةٍ إلى أيَّة مَواهِب. ولكِنْ هَل تَعلمونَ مَاذا سَيَكونُ هُناكَ آنذاك. سَتَكونُ هُناكَ مَحَبَّة. هَذا هُوَ المَعنَى المَقصود. سَوفَ تَكونُ هُناكَ مَحَبَّة.

والآن، مَاذا عَنِ الكَامِل؟ مَا هُوَ وَمَتى سَيَأتي؟ هَذا هُوَ مَا سَنَدرُسُهُ. والآن، لِنُرَكِّز أفكارَنا وَنَبتَدِئ. لا تَفقِدُوا تَركيزَكُم هُنا، بل رَكِّزُوا مَعي. مَا هُوَ الكَامِل؟ هُناكَ نِقاشٌ كَثيرٌ حَولَ ذلك؛ مَعَ أنَّ الأمرَ لَم يَكُن كَذلكَ في السَّابِق، بِصَراحَة. فَقَد كانَ هُناكَ رَأيٌ وَاحِدٌ، ثّمَّ إنَّ الجَميعَ تَشَوَّشُوا بِسَبَبِ كُلِّ التَّفسيراتِ المُحتملةِ الَّتي تَمَّ اقتِراحُها في السَّنَواتِ المِئةِ الأخيرة.

فَلنتحدَّث عن ذلك. أوَّلاً، انظُروا إلى العَددِ الثَّاني عَشَر. وأريدُ فقط أن أُذَكِّرَكُم بأنَّهُ أيًّا كَانَ الكَامِلُ فإنَّهُ شَيءٌ كَامِلٌ حَقًّا لأنَّ الآيةَ تَقولُ إنَّنا "نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ". فَتِلْكَ نُبوَّة. نَحنُ نَنظُرُ الآنَ. وَيُمكِنُنا أن نَفهمَ مَا يَفعلُهُ اللهُ، وأن نَفهَمَ كَلمةَ اللهِ وبَرنامَجَ اللهِ جُزئيًّا. "لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ" أيْ: كُلِّيًّا. "الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ". وَتِلْكَ هِيَ مَوهبةُ المَعرفةِ في مِثالِهِ الإيضاحِيِّ هُنا. ولكِنْ سَيأتي يَومٌ نَعرِفُ فيهِ بِذاتِ الطَّريقةِ الَّتي عُرِفْنا فيها. وَهَذا مُدهشٌ!

والآن، انظُروا إلى ذلكَ المِثالِ الإيضاحِيِّ. فَنَحنُ نَنظُرُ مِن خِلالِ زُجاجٍ قَاتِمٍ، أوْ نَنظُرُ إلى مِرآةٍ قَاتِمَة. وَقَد كانَ مُؤمِنو كورِنثوسَ يَعرِفونَ تَمامًا مَا الَّذي يَتحدَّثُ عَنهُ بولسُ لأنَّهُ كانت هُناكَ تِجارَةٌ في مَدينةِ كُورِنثوسَ قَائِمةٌ على صِناعَةِ المَرايا. وفي تلكَ الأيَّام، كَانُوا يَصنَعونَ المَرايا مِنَ المَعادِن. فقد كَانُوا يَأخُذونَ المَعْدِنَ ويَطرُقونَهُ، ثُمَّ يُلَمِّعونَهُ إلى أنْ يَصيرَ لامِعًا جدًّا ويُمكِنُ استِخدامُهُ كَمِرآةٍ.

ولكِن مِنَ المُؤكَّدِ أنَّكَ إذا نَظرتَ يَومًا إلى مِرآةٍ مَعدِنيَّةٍ فإنَّها ستَكونُ مُتَمَوِّجَةً وَبِها عُيوبٌ. لِذا فإنَّ الصُّورةَ فيها تَكونُ مُشَوَّهَةً إلى حَدٍّ مَا. كذلكَ، عندما كانَ يَمْضي وَقتٌ على صُنْعِها، كانَتْ جَوْدَةُ الصُّورةِ فيها تَتراجَعُ إلى حَدٍّ مَا. لِذا، فقد كانت بِها عُيوبٌ هُنا وعُيوبٌ هُناكَ، وَكانَتْ تَتَّسِخُ. لِذا فإنَّهُ يَقولُ: "نَحنُ نَنظُرُ الآنَ في مِرآةٍ فَنَرى صُورةً بَاهِتَةً وغير وَاضِحَة".

فَعندَما تَنظُرُ في مِرآةٍ... أحيانًا عندما تَقودُ سَيَّارَتَكَ وتَنظُرُ في مِرآةِ سَيَّارَتِكَ، فإنَّ كُلَّ مَا تَراهُ فيها هُوَ مَا تُتيحُهُ لَكَ تلكَ المِرآةُ الصَّغيرة. وَأحيانًا، قَد تَبتدِئُ في تَغييرِ مَسارِكَ دُونَ الانتباهِ إلى النُّقطَةِ العِمْياء. وَفجأةً فإنَّكَ تَصْطَدِمُ بالسَّيَّارةِ الَّتي خَلْفَكَ لأنَّها مَوجودَةٌ في المِنطَقةِ العَمياء. وَهَذا هُوَ بِصورةٍ رَئيسيَّةٍ مَا يَقولُهُ بولُس.

فهُناكَ شَيءٌ غَيرُ واضِحٍ، وهُناكَ صُوْرَةٌ بَاهِتَةٌ نَراها، وهُناكَ حُدودٌ لِما نَراهُ (نَبَوِيًّا) مِن جِهَةِ وَعْظِنا وتَعليمِنا لكلمةِ اللهِ. كذلكَ فإنَّ مَعرفَتَنا مَحدودَة. ولكِنْ سَيأتي يَومٌ نَرى فيهِ مِن دُونِ مِرآةٍ، وَجهًا لِوَجهٍ، الصُّورةَ الحَقيقيَّةَ، وَنَعرِفُ مَعرفةً لا حُدودَ لَها، ونَعرِفُ مَعرفةً كَامِلَةً بِنَفسِ الكَيفيَّةِ الَّتي عُرِفْنا بِها.

وَهَذا وَعْدٌ رَائِع. تَخَيَّلُوا ذلكَ وَحَسْب! تَخَيَّلوا اليومَ الَّذي سَنَعرِفُ فيهِ كُلَّ شَيءٍ وَنَرى فيهِ كُلَّ شَيءٍ كَما هُوَ على حَقيقَته. وأنا مُتَحَمِّسٌ جِدًّا لذلك. ألستُم كذلكَ أنتُم أيضًا؟

وَقَد تَقولُ: "حَسَنًا! وَمَتى سَيَحدُثُ ذلك؟" هَذا هُوَ ما سَنتحدَّثُ عنه. سَوفَ أَصِلُ إلى تِلكَ النُّقطة... سَوفَ أَصِلُ إليها. إليكُم الاحتمالاتُ. هُناكَ مَن يَقولُ إنَّ الكَامِلَ... والآراءُ الَّتي سَأقولُها لَكُم هِيَ أكثرُ الآراءِ شُهرةً وأكثرُ الآراءِ انتشارًا في الأوساطِ الإنجيليَّةِ اليوم. وأوَّلُ تَفسيرٍ هُوَ التَّالي: هُناكَ مَن يَقولُ إنَّ الكَامِلَ جَاءَ أَصْلاً. فَهُوَ اكتِمالُ الكتابِ المقدَّس. وَهَذا رَأيٌ شَائِعٌ جدًّا جدًّا اليوم. فَهُناكَ مَن يَقولُ إنَّ الكَامِلَ هُوَ اكتِمالُ الكتابِ المقدَّس. فَهُوَ يُشيرُ إلى اكتِمالِ العهدِ الجديدِ بَعدَ اكتِمالِ العهدِ القديم. فَهُمْ يَقولونَ إنَّ هَذا هُوَ الكَامِل. فَهُوَ الكتابُ المقدَّسُ. فعندما حَصَلْنا عَليهِ صِرْنا نَرَى وَجْهًا لِوَجْهٍ وَنَعرِفُ كَما عُرِفْنا.

وأعتقدُ أنَّ هَذا الرَّأيَ ضَعيفٌ للأسبابِ التَّالية. هَل أنتُم مُستعدُّونَ لِسَماعِ الأسباب؟ أوَّلاً، لا أَظُنُّ أنَّ مُؤمِني كورِنثوس فَكَّروا في ذلك. ويَجِبُ عليكم أن تَتذكَّروا أنَّ بولسَ كَانَ يَكتُبُ بِصورةٍ رَئيسيَّةٍ لِمَجموعَةٍ مِنَ الأشخاصِ بِهَدَفِ تَوصيلِ رِسالةٍ إليهم يُمكِنُهم أن يَفهَموها. فَنَحْنُ نَسْتَرِقُّ النَّظَرَ في الحَقيقةِ إلى الرِّسالةِ إلى أهلِ كورِنثوس. ولا أَظُنُّ أنَّ أهلَ كورِنثوسَ فَهِموا "الكَامِلَ" بهذهِ الطَّريقة.

فَقَد قالَ يَسوعُ في إنجيل مَتَّى 5: 48: "كُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ". إذًا، أَيْنَ يُوْجَدُ الكَمالُ مِنْ وُجْهَةِ نَظَرِ مُؤمِني كورِنثوس؟ مِن وُجهَةِ نَظري، إنَّهُ مَوجودٌ في السَّماء. "كُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ". فَقَدْ كَانَ يَسوعُ يَضَعُ المِعيارَ المُطلَقَ للقَداسَةِ الكَامِلَة. هَذا هُوَ مَا أُريدُهُ لَكُم. والكَمالُ هُوَ دَائِمًا أعلى مُستوىً للإنجاز. والآن، لا أَظُنُّ أنَّهُم فَهِموا أنَّ الكَامِلَ هُوَ العَهدُ الجَديد. فبالنِّسبةِ إليهم، الكَامِلُ يَعني أن يَكونَ المَرءُ مِثلَ المَسيحِ، أو مِثلَ اللهِ؛ أيْ أنْ يَكونَ نَاضِجًا تَمامًا.

ثَانيًا، إذا قُلتُم إنَّ الكَامِلَ هُوَ الكِتابُ المُقَدَّسُ فإنَّ النُّبوَّةَ والعِلْمَ قَدْ تَوَقَّفا باكتِمالِ الكتابِ المقدَّس. وَهَذا يَعني أنَّهُ لا تُوجَدُ كِرازَةٌ بالكِتابِ المُقدَّسِ، ولا يُوجَدُ استِخلاصٌ للعِلْمِ مِنَ الكتابِ المقدَّس. هَلْ تَرَوْنَ مَاذا فَعلتُم؟ في الحَقيقةِ، مَا فَعَلتُموهُ هُوَ أنَّكُم أَلغَيتُم واحِدًا مِنَ استِخداماتِ تلكَ المَواهِب. فمَثلاً، حَتَّى عندما كانَ الكِتابُ المُقدَّسُ قَيْدَ الكِتابَة، كانَ كُتَّابُ الكِتابِ المُقَدَّسِ يَعِظونَ بآياتٍ أخرى. لِذا فإنَّ النُّبوَّةَ هِيَ إعلانٌ للوَحْي.

فَأحيانًا، كانتِ المَوهبةُ النَّبويَّةُ هِيَ الإعلانُ الأوَّلُ لِشَيءٍ مَا؛ أيْ أنَّها كانت تُعلِنُ شَيئًا جَديدًا. ولكِنَّها في أوقاتٍ أخرى كانت تَكرارًا لِشَيءٍ أُعلِنَ سَابِقًا. لِذا، إنْ قُلتُم إنَّ الكَامِلَ هُوَ الكتابُ المقدَّسُ فإنَّ هَذا يَعني أنَّ النُّبوَّةَ والعِلمَ تَوَقَّفا باكتمالِ تَدوينِ الكتابِ المقدَّس. وهَذا يَعني أنَّهُ لَمْ تَعُد هُناكَ مُناداةٌ بِهِ، ولم يَعُد بالإمكانِ استِخلاصُ الحَقِّ مِنهُ مِن جِهَةِ المَواهِبِ الرُّوحيَّة. وأنا لا أَرى أنَّ هَذا التَّفسيرَ صَحيحٌ لأنَ هَذا هُوَ ما فَعلوهُ في القَديم. فَبطرُسُ اقتَبَسَ كَلامَ بولُس. وبولسُ اقتَبَسَ كَلامَ يَسوع. لِذا، لقد كانَتْ هُناكَ مُناداةٌ بالكِتابِ المُقدَّسِ الَّذي كانَ مَكتوبًا آنذاكَ، وكانَت تلكَ المُناداةُ جُزءًا مِن كِلتا هَاتينِ المَوهِبَتَيْن.

وَهُناكَ مَبدأٌ ثَالِث أعتقدُ أنَّهُ يَصُبُّ في صُلْبِ المَوضوع. فإن قُلتُم إنَّ النُّبوَّةَ والعِلمَ تَوقَّفا باكتِمالِ الكتابِ المقدَّس، فإنَّكُم تَقولونَ إنَّهُ لا تُوجَدُ مُناداةٌ بالحَقِّ وَلا تُوجَدُ نُبُوَّة، ولا يُوجَدُ استِخدامُ لِكَلامِ العِلمِ واستِخلاصِ المَبادئِ مِن كلمةِ اللهِ طَوالَ عَصرِ الكَنيسةِ، وفي فَترةِ الضِّيقةِ العَظيمةِ، وفي كُلِّ المَلكوتِ، أو في أيِّ وَقتٍ مِنَ الأوقات. وأنا أَجِدُ هَذا التَّفسيرَ شَيئًا يَصعُبُ تَصديقُه. واسمَحُوا لي أن أُبَيِّنَ لَكُم السَّبب.

في سِفْرِ يُوئيل والأصحاح الثَّاني (ولا حَاجَةَ إلى أن تَفتَحوا عليه؛ فَقَد رَأينا هَذا في الأسبوعِ المَاضي). في سِفْرِ يُوئيل والأصحاح الثَّاني، نَقرأُ أنَّهُ في المَلكوتِ، سَيَفعلُ بَنوكُم مَاذا؟ سَيَتَنَبَّأون. وَسَوفَ تَفعَلُ بَناتُكُم مَاذا؟ سَيَتَنَبَّأنَ. والآن، اسمَعوني. بعدَ عَصْرِ الكَنيسة، ما الَّذي سَيَأتي بَعدَ عَصرِ الكَنيسة؟ الضِّيقةُ العَظيمة. وَماذا سَيَأتي بعدَ الضِّيقة العَظيمة؟ المَلكوت. وفي المَلكوتِ، هُناكَ تَنَبُّؤ (كَما هُوَ مَكتوبٌ في الأصحاحِ الثَّاني مِن سِفْرِ يُوئيل، وفي الأصحاحِ الثَّاني مِن سِفْر أعمال الرُّسُل). وَقَد تَقولُ: "وَماذا عَن فَترةِ الضِّيقةِ العَظيمة؟" مَا الَّذي يَحدُثُ في سِفْرِ الرُّؤيا والأصحاحِ الحَادي عَشَر؟

بَعدَ الاختِطافِ مُباشَرةً، سَيُقيمُ اللهُ نَبِيَّيْنِ. هَل تَذكرونَهُما؟ فَسَوفَ يُقيمُ نَبِيَّيْنِ (كَما جَاءَ في الأصحاحِ الحَادي عَشَر مِن سِفْر الرُّؤيا). اقرأوه. فَسوفَ تَكونُ هُناكَ نُبوَّةٌ في فَترةِ الضِّيقةِ العَظيمة، وسوفَ تَكونُ هُناكَ نُبوَّةٌ في المُلْكِ الألفِيِّ. لِذا، أريدُ أن أسألَكُم: هَل تَوقَّفتِ النُّبوَّةُ؟ لا. فَسوفَ تَكونُ هُناكَ نُبوَّةٌ في المُستقبَل. وَقَد ذَكَّرتُكُم في المَرَّةِ السَّابقةِ أنَّ الفِعْلَ يَعني: "يُبْطَل". فَهُوَ لا يَعني أنَّ النُّبوَّةَ سَتتوقَّفُ إلى حِين وَتَبتدِئ مِن جَديد، بل إنَّ النُّبوَّةَ سَتُبطَل.

والآن، إنْ كُنتُم تَقولونَ إنَّها تَوقَّفَتْ باكتمالِ العهدِ الجديدِ، كيفَ تُفَسِّرونَ وُجودَ نُبوَّةٍ في فَترةِ الضِّيقةِ العَظيمةِ، أو وُجودَ نُبوَّةٍ في المَلكوتِ؛ هَذا عَدا عَنِ المُناداةِ بكلمةِ اللهِ طَوالَ عَصْرِ الكنيسة! وكَلامُ العِلْمِ يَعني أنَّ رِجالَ اللهِ يَستخلِصونَ المَبادِئَ مِن كلمةِ اللهِ، أو التَّعليم. مِنَ الصَّعبِ جِدًّا أن نُصَدِّقَ ذلك. ولكِنَّهُم يقولونَ إنَّ ذلكَ تَوقَّفَ وَعادَ مِن جَديد.

ولكِنْ لا يُمكِنُكم أن تَفعلوا ذلكَ. أوَّلاً، لأنَّ الفِعلَ يَعني: "يَنْتَهي". والسَّببُ الثَّاني هُوَ أنَّكُم إنْ فَعلتُم ذلكَ فإنَّكُم تَهْدِمونَ النُّقطةَ الجَوهريَّةَ الَّتي وَضَّحَها بُولُس. فَبولُسُ يَقولُ ببساطَة: "هُناكَ أمورٌ سَتَتوقَّفُ وَتَنتهي. أمَّا المَحبَّةُ فَسَتدومُ إلى الأبد". فَهُوَ لا يَقولُ: "هُناكَ أمورٌ مُعيَّنَةٌ سَتأتي وتَزولُ، ولكِنَّ المَحبَّةَ سَتَدومُ إلى الأبد". فهَذهِ مُفارَقَةٌ ضَعيفَة. بَلْ هُوَ يَقولُ: "هُناكَ أمورٌ سَتتوقَّف؛ ولكِنَّ المَحبَّةَ سَتَدومُ إلى الأبد". وَهَذِهِ مُفارَقَةٌ قَويَّة. وَهَذا هُوَ قَصْدُهُ.

إليكُم فِكرة أخرى. لا أَظُنُّ أنَّ الكَامِلَ هُوَ الكتابُ المقدَّسُ لأنَّني لا أستطيعُ أن أُفَسِّرَ العِبارةَ "وَجْهًا لِوَجْه". والآن أريدُ أن أسألَكُم مَا يَلي: أنتُم لَديكُم كِتابٌ مُقَدَّسٌ، وأنا لَديَّ كِتابٌ مُقَدَّس. هَل رَأيتُم اللهَ يَومًا وَجْهًا لِوَجه؟ لا. والحَقيقةُ هي أنِّي لم أَرَ يَوْمًا ذَاكَ الَّذي أَعلَنَ اللهَ؛ أيِ الرَّبَّ يَسوعَ المَسيح. وَنَقرأُ في رِسالةِ بُطرسَ الأولى 1: 8: "الَّذِي [مَاذا؟] وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ". فَامتلاكي لِنُسخَةٍ مِنَ الكتابِ المقدَّسِ لا يَعني أنَّني رَأيتُ اللهَ وَجهًا لِوَجه. ولكِنَّ ذلكَ سَيَحدُث. سَوفَ يَحدُثُ ذاتَ يَومٍ عندما نَذهبُ إلى السَّماءِ، وعِندَما يَملأُ مَجْدُ اللهِ السَّماءَ الجَديدةَ والأرضَ الجَديدةَ، وَيُشِعُّ في وَسَطِ المَدينةِ المُقدَّسة. حِينئذٍ سَنَرى مَجْدَهُ. ولكِنَّ ذلكَ لم يَحدُث بَعد.

كَذلكَ، لا أَظُنُّ أنَّكُم إنْ قُلتُم إنَّ الكَامِلَ هُوَ الكتابُ المقدَّسُ سَتَتَمَكَّنونَ مِن تَفسيرِ الآيةِ الَّتي تَقول: "سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ". فإنْ كُنتُ أَمْلِكُ نُسخةً مِنَ الكتابِ المقدَّسِ، هَل أعرِفُ اللهَ كَما يَعرِفُني اللهُ؟ هَل أعرِفُهُ بهذهِ الطَّريقة؟ لا. فاللهُ يَعرِفُني مَعرفةً كَاملةً، ولكِنِّي أعرِفُهُ مَعرفةً جُزئيَّة. فَعلى الرَّغمِ مِنَ امتلاكي نُسخةً مِنَ الكتابِ المقدَّسِ فإنِّي لا أعرِفُ كُلَّ مَا يُمكِنُ مَعرِفَتُهُ عَنِ الله. وَلكِنَّ بولسَ يَقول: "سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ". وفي إنجيل يُوحَنَّا 10: 15، يَقولُ يَسوع: "كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ". فَلا يُمكِنُني أن أقولَ: "أجل! الآبُ يَعرِفُني، وأنا أعرِفُ الآبَ أيضًا" بِنَفسِ المَعنى. هَل يُمكِنُني ذلك؟ لا. فَمَعرفتي بِهِ مَحدودة.

لِذا، مِن خِلالِ هذهِ الأفكارِ البَسيطة، أيْ مِن خِلالِ مَا رأيناهُ بأنَّ هذا التَّفسيرَ لم يَكُن مَنطقيًّا لأهلِ كورِنثوس، وبأنَّهُ يُنهي النُّبوَّةَ والعِلمَ قبلَ وَقتٍ طَويلٍ مِن مَجيءِ المَلكوتِ والضِّيقةِ العَظيمة مَعَ أنَّها تَظهَرُ فيهِما، وحَقيقةُ أنَّهُ لا يَستطيعُ أن يُفَسِّرَ العِبارةَ "وَجْهًا لِوَجْهٍ"، ولا أن يُفَسِّرَ العِبارَةَ: "سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ"؛ هَذا كُلُّهُ يَجعلُني أرى أنَّهُ لا يُمكِنُكم أن تَقولوا إنَّ الكَامِلَ هُوَ الكتابُ المقدَّس.

واسمَحوا لي أن أُقَدِّمَ لَكُم تَفسيرًا آخر. فَهُناكَ مَن يَقولونَ: "الكَامِلُ هُوَ اختِطافُ الكَنيسة". وَهَذا هُوَ التَّفسيرُ الأكثرُ شُيوعًا. ورُبَّما كَانَ هَذا هُوَ التَّفسيرُ الَّذي سَمِعُتُموه: "الكَامِلُ هُوَ اختِطافُ الكَنيسة". وَهُوَ تَفسيرٌ جَيِّد. وأعتقدُ أنِّي قَبِلْتُ هَذا التَّفسيرَ وقتًا طَويلاً؛ أيْ أنَّ الكَامِلَ هُوَ اختِطافُ الكَنيسة. ولكنِّي أَعتقدُ أنَّهُ تَفسيرٌ ضَعيفٌ أيضًا. والسَّببُ في أنَّهُ ضَعيفٌ، وسوفَ أُكمِلُ مَا بَدأتُ الحَديثَ عَنهُ في النُّقطةِ الأخيرة... السَّببُ في أنَّهُ تَفسيرٌ ضَعيفٌ هُوَ أنَّهُ أيضًا لا يَستطيعُ أن يُفَسِّرَ سَبَبَ وُجودِ نُبوَّةٍ وَعِلْمٍ في فَترةِ الضِّيقةِ العَظيمةِ والمَلكوتِ إنْ كانت هَاتينِ المَوهبتينِ قد تَوَقَّفتا عندَ الاختطاف. والحَقيقةُ هيَ أنَّ الأمرَ أكثرَ تَعقيدًا.

فَهُناكَ مَن يَقولُ: "لا، إنَّ كُلَّ ذلكَ سَيَتوقَّفُ عندَ الاختطاف". لِذا، إلى أنْ يَحدُثَ الاختِطافُ، سَتَكونُ هُناكَ نُبوَّةٌ ويَكونُ هُناكَ عِلْمٌ. ثُمَّ إنَّ الاختطافَ يَأتي ويَنتَهي ذلك. وَهَل تَعلمونَ مَا الَّذي سَيَحدُثُ؟ حَالاً، في المَلكوتِ، سَتَكونُ هُناكَ نُبوَّةٌ ويَكونُ هُناكَ عِلْمٌ مَرَّةً أخرى! ولكِنَّ هَذا التَّفسيرَ غَيرُ مَعقولٍ البَتَّة. فإنْ تَمَّ إبطالُهُما فإنَّهُما سَتَنتَهيان.

لِذا، إنْ قُلتُم إنَّ الكَامِلَ هُوَ الاختطافُ، كيفَ تُفَسِّرونَ مَا جَاءَ في الأصحاحِ الحَادي عَشَر مِن سِفْر الرُّؤيا حيثُ تَقرأونَ عَن وُجودِ نُبوَّة؟ وكيفَ تُفَسِّرونَ كُلَّ ما يَجري في المُلْكِ الألفِيِّ حَيثُ ستَكونُ هُناكَ نُبوَّةٌ ويَكونُ هُناكَ تَعليمٌ في كُلِّ الأرضِ وفي كُلِّ زَاويةٍ مِنَ العَالَم؟ فَفي كُلِّ العَالَمِ، طَوالَ ألفِ سَنَةٍ، سيَكونُ الجَميعُ يُعَلِّمون. وسوفَ أُريكُم ذلكَ بعدَ قَليل. لِذا فإنَّ هذا التَّفسيرَ بأنَّ الكَامِلَ هُوَ الاختطافُ ليسَ مَنطِقِيًّا.

التَّفسيرُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَحدَثُ تَفسيرٍ. وَهُناكَ الكَثيرُ مِنْ مُعَلِّمي الكتابِ المقدَّسِ الَّذينَ يُعَلِّمونَ ذلكَ إذْ يَقولونَ إنَّ الكَامِلَ هُوَ نُضْجُ الكَنيسة. فعندما تَصِلُ الكَنيسةُ إلى النُّضْجِ، أيْ عِندَما يَصيرُ كُلُّ شَخصٍ فيها كَامِلاً، ويَكتَمِلُ الجَسَدُ، فإنَّ هَذا هُوَ الكَامِل. وَهَذهِ (بِبساطَة) طَريقةٌ أخرى لِلقولِ بأنَّ الكَامِلَ هُوَ الاختطافُ لأنَّهُ عِندَما يَصيرُ كُلُّ شَخصٍ في الجَسَدِ كَامِلاً، وعندما تَكْتَمِلُ الكَنيسةُ، مَا الَّذي سَيَحدُث؟ سَنُخْطَف؟ أليسَ كذلك؟ هَذا هُوَ مَا سَيَحدُث.

وَمَا أعنيهِ هُوَ: مَا الَّذي سَنَفعلُهُ بعدَ ذلك؟ فَلَن يَبقى أشخاصٌ نَربَحُهُم للمَسيحِ إنِ اكتَمَلَتِ الكنيسة. هَذا هُوَ ما يَقولُهُ ذلكَ الرَّأي. ولكِنَّ السَّببَ في أنَّهُم يَقولونَ إنَّ الكَامِلَ هُوَ نُضْجُ الكَنيسةِ (عَوِضًا عَنِ الاختطافِ) هُوَ أنَّهُم يَنظرونَ إلى أنَّ الكَلِمَةَ "كَامِل" تُشيرُ إلى النُّضْج. ولكِنَّ المُشكلةَ بِقِيَتْ عَلى حَالِها لأنَّهُ إنْ تَوَقَّفتِ النُّبوَّةُ وَتَوَقَّفَ العِلمُ عندما تَنْضُجُ الكنيسةُ وتُخْتَطَفُ مِنَ العَالَمِ، كيفَ نُفَسِّرُ وُجودَ نُبوَّةٍ وَعِلْمٍ في الضِّيقةِ العَظيمةِ وفي المَلكوت؟

وإليكُم رأيًا آخر. وَهُناكَ آراء كثيرة أخرى يُمكِنُني أن أَذكُرَها لَكُم مِن جِهَةِ النَّصِّ اليُونانِيِّ، ولكِنِّي لَنْ أَصرِفَ وَقتًا عليها، وَهِيَ تَتحدَّثُ عَن الصِّيغةِ المُحايِدَةِ أو صِيغَةِ المُؤنَّثِ أو مَا إلى ذلك. فَعِندمَا تُستخدَمُ الكلمة "تيليوس" (teleios) للإشارةِ إلى الاختطافِ أوِ المَجيءِ الثَّاني... أو كانَ يَنبغي لي أن أقولَ في البِداية إنَّ الكلمة "تيليوس" هُنا تَرِدُ بِالصِّيغَةِ المُحايِدَةِ؛ ولكِنَّ الصِيَغَ الَّتي تُستخدَمُ للإشارةِ إلى الاختلافِ والمَجيءِ الثَّاني (وأنا أُوَجِّهُ كَلامي هُنا إلى طَلَبَةِ اللُّغةِ اليونانيَّة) تَرِدُ دائمًا بِصيغةِ المُؤنَّث. لِذا، هُناكَ اختلافٌ طَفيفٌ هُنا يُمكِنُكم أن تَدرُسوهُ إنْ كَانَ لَديكُم وَقت.

ولكِنْ يُوجَدُ رَأيٌ رَابِع. فَهُناكَ مَن يَقولُ إنَّ الكَامِلَ هُوَ اكتمالُ العهدِ الجديد، وَهُناكَ مَن يَقولُ إنَّهُ الاختطافُ، وهُناكَ مَن يَقولُ إنَّهُ نُضْجُ الكَنيسة. وهُناكَ مَن يَقولُ: "لا، بل إنَّ الكَامِلَ هُوَ المَجيءُ الثَّاني... المَجيءُ الثَّاني عندما يَعودُ المَسيحُ. فَهَذا هُوَ الكَامِلُ. فالمَسيحُ هُوَ الكَامِل. إنَّهُ مَجيئُهُ. ولكِنَّ المُشكلةَ هِيَ أنَّ الكلمةَ هُنا تَرِدُ بِالصِّيغةِ المُحايِدَةِ، وأنَّ المَسيحَ ليسَ شَيئًا. فالمَسيحُ مُذَكَّر، ويَنبغي أن تأتي الكلمة بِصيغَةِ المُذَكَّر "تيليوس" (teleios). ومَرَّةً أخرى، إنْ كَانَ المَسيحُ سَيَأتي وَيُبْطِلُ النُّبوَّةَ، فَكيفَ نُفَسِّرُ أنَّهُ بَعدَ مَجيئِهِ مُباشَرَةً فإنَّهُ سَيُؤسِّسُ المَلكوتَ وتَبتَدِئُ النُّبوَّةُ في جَميعِ أنحاءِ العَالَم؟ فَيَبدو أنَّ هَذا التَّفسيرَ غَيرُ مَنطِقِيٍّ. فَالمَلَكوتُ سيَكونُ مُفْعَمًا بالتَّعليمِ والوَعظ.

لَقَد قَرأتُ شَيئًا مُدهِشًا في هذا الأسبوع. فَهُناكَ لاهُوتِيٌّ يَعتَقِدُ أنَّ الكَامِلَ هُوَ الكتابُ المقدَّس. فالكِتابُ المُقَدَّسُ سَيَكتَمِلُ فَتَتوقَّفُ النُّبوَّةُ، ويَتوقَّفُ كَلامُ العِلمِ، وَما إلى ذلك. ولكِنْ كَما تَرَوْنَ فإنَّ النُّبوَّةَ والعِلْمَ يَرمِزانِ وَحَسْب إلى المَواهِب. وإنْ كُنتَ تُؤمِنُ بهذا التَّفسيرَ، فإنَّ هَذا يَعني أنَّكَ تُؤمِنُ بالرَّأيِ القائِلِ إنَّهُ عِنَدما يَكتَمِلُ الكتابُ المقدَّسُ فإنَّ كُلَّ المَواهِبِ سَتتوقَّفُ في الحَقيقة لأنَّ النُّبوَّةَ والعِلْمِ هُمَا مُجَرَّدُ رَمْزَيْنِ لِجَميعِ المَواهِب. وَهُناكَ مَن قَبِلوا الآنَ هَذا الرَّأيَ، كَما قُلتُ لَكُم في الأسبوعِ المَاضي، لأنَّهُم يُدرِكونَ ذلك. وهذهِ هي المُشكلة. وعلى أيَّةِ حَالٍ، لقد قالَ هَذا اللاَّهُوتِيُّ: "حسنًا، عِندَما اكْتَمَلَ الكِتابُ المُقدَّسُ انتَهَتِ النُّبوَّةُ وانتَهى العِلمُ".

وَفي كِتابٍ آخر، وَقَد بَحَثْتُ كَثيرًا إلى أنْ عَثَرْتَ على هذهِ الجُملةِ لأنِّي أَظُنُّ أنَّها مُدهشةٌ جدًّا. فَقد قَالَ مَا يَلي: "لا شَكَّ في أنَّهُ ستَكونُ هُناكَ خِدمَةُ تَعليمٍ مُنقطعة النَّظير يَقومُ بها الرُّوحُ القُدُسُ في المُلْكِ الألفِيِّ". وَقَد دُهِشْتُ كيفَ أنَّهُ جَعَلَ كُلَّ تلكَ الأشياء تَتوقَّف في وَقتِ اكتمالِ العهدِ الجديدِ في سَنة 96 مِيلادِيَّة، ولِكِنَّهُ يَقولُ إنَّهُ ستَكونُ هُناكَ خِدمةُ تَعليمٍ في المُلْكِ الألفِيِّ. فَهُوَ يَقولُ مَرَّةً إنَّها تَوقَّفَت، ثُمَّ يَقولُ إنَّها مُستمرَّة في المَلكوت.

واسمَحوا لي أن أُلَخِّصَ الأمرَ. فَسَوفَ يَكونُ هُناكَ تَعليمٌ وَوَعْظٌ في المَلكوتِ... صَدِّقوني! سَوفَ يَكونُ هُناكَ الكَثيرُ مِنَ التَّعليمِ والوَعظ. ويُمكِنُنا أن نَتحدَّثَ إلى الأبد عن ذلك، ولكِنِ اسمَحوا لي أن أَصْحَبَكُم إلى سِفْرِ إشَعْياء وأن أَقرأَ لَكُم بِضْعَ آياتٍ كِتابيَّة كَيْ أُريكُم مَا أقصِدُه. أشَعْياء 11. والآن، لاحِظُوا مَا يَلي. فَسَوفَ تَجِدونَ أنَّ هَذا الأمرَ مُدهِشٌ. إشعياء 11: 9. فَنَحنُ في المَلكوتِ هُنا. وإنْ قَرأتُمِ الأصحاحَ كُلَّهُ سَيَتَّضِحُ لَكُم ذلك.

فَهُوَ يَتَحدَّثُ عَنِ الأمورِ الرَّائعةِ الَّتي سَتَحدُثُ في الجُزءِ الأوَّلِ مِنَ الأصحاحِ الحَادي عَشَر. ثُمَّ إنَّهُ يَقولُ في العَددِ التَّاسِع: "لاَ يَسُوؤُونَ وَلاَ يُفْسِدُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي". فَهَذا هُوَ مَا سَيَحدُثُ في المُلْكِ الألفيِّ للمَسيحِ على الأرضِ بَعدَ المَجيءِ الثَّاني. "لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ". اسمَعوني: بِصُورةٍ مَا، وبِطريقةٍ مَا، وبِشَكلٍ مَا، سَيُغْمَرُ الكَونُ كُلُّهُ بالمَعرِفَة، وبالعِلْمِ، وبالتَّعليمِ، وبالوَعظ. فَسوفَ تَكونُ تَنتَشِرُ تلكَ الأشياءُ في كُلِّ مَكان.

والآن، انظُروا إلى الأصحاحِ الثَّاني عَشَر. فَهُوَ يَتحدَّثُ عَن هَذا المَلكوتِ إذْ نَقرأُ في العَددِ الثَّالثِ مِنَ الأصحاحِ الثَّاني عَشَر: "فَتَسْتَقُونَ مِيَاهًا بِفَرَحٍ مِنْ يَنَابِيعِ الْخَلاَص". فَسَوفَ يَكونُ هُناكَ خَلاصٌ في المَلكوت. وإنْ كَانَ هُناكَ خَلاصٌ في المَلكوتِ، لا بُدَّ أنَّهُ ستَكونُ هُناكَ مُناداةٌ بالحَقِّ في المَلكوتِ لأنَّهُ لا بُدَّ أنْ تَسمَعَ الرِّسالةَ قبلَ أن تُؤمِنَ بها. فالإيمانُ يَتِمُّ بِسَماعِ كَلامٍ عَنِ المَسيح (كَما تَقولُ الآية رُومية 10: 17). "وَتَقُولُونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: احْمَدُوا الرَّبَّ. ادْعُوا بِاسْمِهِ. عَرِّفُوا بَيْنَ الشُّعُوبِ بِأَفْعَالِهِ. ذَكِّرُوا بِأَنَّ اسْمَهُ قَدْ تَعَالَى". بِعبارةٍ أخرى، سَوفَ يَدعو اللهُ إسرائيلَ للكِرازَةِ وإعلانِ اسمِهِ في المَلكوتِ، وَجَلْبِ النَّاسِ إلى الخَلاص.

ثُمَّ نَنتَقِلُ إلى الأصحاحِ التَّاسِعِ والعِشرين مِن سِفْرِ إشَعْياء. ويُمكِنُنا أنْ نَدرُسَ سِفْرَ إرِمْيا، وأن نَدرُسَ سِفْرَ مِيخا، وأنْ نَدرُسَ سِفْرَ حَبَقُّوق؛ ولكِنِّي سأُرَكِّزُ قَليلاً على سِفْرِ إشَعْياء. فَفي سِفْرِ إشَعْياء 29: 17، يَتحدَّثُ إشَعْياءُ عَمَّا سَيَحدُثُ في المَلكوتِ إذْ إنَّهُ سَتَكونُ هُناكَ بَرَكَةٌ تِلْوَ البَرَكة. ولكِنَّنا نَقرأُ في العَدد 18: "وَيَسْمَعُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ الصُّمُّ أَقْوَالَ السِّفْرِ، وَتَنْظُرُ مِنَ الْقَتَامِ وَالظُّلْمَةِ عُيُونُ الْعُمْيِ". بِعبارةٍ أخرى، سَوفَ يَكونُ هُناكَ تَعليم. وَلَن يَكونَ هُناكَ أشخاصٌ لن يَسمَعوا ذلك، ولن يَكونَ هُناكَ عُمْيانٌ لَن يَرَوْا ذلك. فالتَّعليمُ سَيَستَمِرُّ، وسوفَ يَكونُ فَعَّالاً.

ثُمَّ نَقرأُ في الأصحاحِ الثَّلاثين مِن سِفْرِ إشَعْياء والعَدد 20: "وَيُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ خُبْزًا فِي الضِّيقِ وَمَاءً فِي الشِّدَّةِ. لاَ يَخْتَبِئُ مُعَلِّمُوكَ بَعْدُ، بَلْ تَكُونُ عَيْنَاكَ تَرَيَانِ مُعَلِّمِيكَ، وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: «هذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا». حِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَمِينِ وَحِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَسَارِ". اسمَعوني. في المَلكوتِ، سَيَكونُ هُناكَ مُعَلِّمونَ في كُلِّ أنحاءِ الأرض، وَسَوفَ يَقولونَ للنَّاسِ: "لا تَفعَلوا ذلك، لا تَميلوا إلى هَذِهِ الطَّريقِ، بلِ اسلُكوا في هَذِهِ الطَّريق".

فَسوفَ يُرسِلُ اللهُ مُرْسَلينَ إلى كُلِّ أنحاءِ العَالَمِ كَي يُرشِدُوا النَّاسَ في الطَّريقِ الَّذي يَنبغي أن يَسلُكوا فيها، والطَّريقِ الَّتي يَنبغي أن يَسيروا فيها في فَترةِ المُلْكِ الألفِيِّ. فَسوفَ يَكونُ هُناكَ كَمٌّ هَائِلٌ مِنَ الخِدمةِ والتَّعليمِ هُنا. ثُمَّ نَقرأُ في سِفْرِ إشَعْياء 32: 3: "وَلاَ تَحْسِرُ عُيُونُ النَّاظِرِينَ، وَآذَانُ السَّامِعِينَ تَصْغَى، وَقُلُوبُ الْمُتَسَرِّعِينَ تَفْهَمُ عِلْمًا، وَأَلْسِنَةُ الْعَيِيِّينَ تُبَادِرُ إِلَى التَّكَلُّمِ فَصِيحًا". فَسوفَ تَكونُ هُناكَ مَعرِفَة، وسَيَكونُ هُناكَ فَهْمٌ، وسَيَكونُ هُناكَ استيعابٌ للمَعلوماتِ والحَقِّ لإرشادِ النَّاسِ إلى السُّلوكِ البَارِّ، وأيضًا إلى الخَلاص.

ثُمَّ نَنتَقِلُ إلى سِفْرِ إشَعْياء 41: 15-20. وَلَن نَقرأُ كُلَّ هذهِ الآياتِ، بل رُبَّما سَنَقرأُ فقط الآيةَ العِشرين. إشعياء 41: 20: "لِكَيْ يَنْظُرُوا". وَأُذَكِّرُكُم مَرَّةً أخرى بأنَّهُ يَتَحَدَّثُ عَنِ المَلكوت. "وَيَعْرِفُوا وَيَتَنَبَّهُوا وَيَتَأَمَّلُوا". وَهَذا عُنصُرٌ آخر. فَفي المَلكوتِ، ستَكونُ هذهِ الأشياءُ مَوجودةٌ لمُساعَدَةِ النَّاسِ على أنْ يَرَوْا، ويَعرِفوا، ويَتَنَبَّهُوا، ويَتأمَّلوا. فَسَوفَ تَكونُ هُناكَ مَعلوماتٌ تُنْشَرُ لكي يَعرِفَ النَّاسُ الحَقَّ المُختصَّ بالله.

ونَقرأُ في سِفْرِ إشَعْياء 2: 2 و 3: "وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ، وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ، وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ. وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ، وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، إِلَى بَيْتِ إِلهِ يَعْقُوبَ...". ثُمَّ اسمَعوا: "...فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ، وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ". فَكَلِمَةُ اللهِ سَتَخرُجُ حَرفيًّا مِن أورُشَليم إلى العَالَم.

لِذا، سَوَفَ يَكونُ هُناكَ مُعَلِّمونَ في كُلِّ مَكانٍ يُنادونَ ويَكرِزونَ ويَتكَلَّمون. وَكَما قَالَ يُوئيل: "فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ". فَكلامُ المَعرفةِ، وكَلامُ الحِكمَةِ، ومَوهبةُ التَّعليمِ، أعتقدُ أنَّ كُلَّ هذهِ الأشياءِ سَتَكونُ (بِطريقةٍ أو بأخرى) عَامِلَةً بالقُوَّةِ الإلهيَّةِ في زَمَنِ المَلكوت. وَهُناكَ جُملةٌ في الأنبياءِ تَقول: "وَيَتَعَلَّمُ الْمُتَمَرِّدُونَ تَعْلِيمًا". وَيَتَعَلَّمُ الْمُتَمَرِّدُونَ تَعْلِيمًا. فَالمَلكوتُ سيَكونُ مُفْعَمًا بِمُعَلِّمي وَكارِزي المَلكوت.

وهُناكَ مَقطعٌ آخر، ثُمَّ سَنُتابِع. ولكنِّي أريدُ مِنكُم أن تَسمَعوا هذهِ الآية. فَنَحنُ نَقرأُ في سِفْرِ إرْميا 23: 4 عَن شَيءٍ سَيَحدُثُ في المَلكوت: "وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رُعَاةً يَرْعَوْنَهَا". هَذهِ الجُملة فقط. وَما الَّذي يَفعَلُهُ الرَّاعي الرُّوحيُّ لِرِعايَةِ قَطيعِهِ؟ إنَّهُ يُقَدِّمُ لَهُم الكلمة. لِذا، مِنَ الواضِحِ بالنِّسبةِ إليَّ (مَعَ أنَّني لم أَتَعمَّق بَعد في هذا المَوضوع) أنَّهُ سيكونُ هُناكَ تَعليمٌ وَوَعْظٌ في المَلكوت.

والآن، اسمَعوني: إنْ كانَ هُناكَ تَعليمٌ ووَعْظٌ في المَلكوت، وكانتِ المَواهِبُ سَتَعمَلُ في المَلكوتِ بِطريقةٍ مَا، فإنَّ هَذا يَعني أنَّ المَواهِبَ لم تَتوقَّف. وإنْ لم تَتوقَّف بَعد، فإنَّ الكَامِلَ لم يَأتِ بَعد. والآن، هَذا يَتْرُكُنا أمامَ احتمالٍ واحدٍ آخر. وَقَد جَاءَ إليَّ شَخصٌ بعدَ العِظَةِ الأولى في هذا الصَّباحِ وقال: "أينَ يُمكِنُني أن أَجِدَ مَا يُؤيِّدُ هَذا الرَّأي؟" فَقُلتُ: "لا يُوجَد مَكانٌ تَبحَثُ فيهِ في الحَقيقة لأنَّ هَذا الرَّأيَ الَّذي أُومِنُ بِهِ لا يُوجَدُ مَا يُؤيِّدُهُ في أيَّة كُتُب؛ ولكِنِّي أُوْمِنُ بِه". وَقَد سَألتُ عَددًا مِنَ الأشخاصِ الَّذينَ أَثِقُ بِهِم، والمُتَخَصِّصينَ في اللاَّهوتِ أكثرَ مِنِّي، فَوَجدتُهُم يَتَّفِقونَ مَعي. وَهذا أمرٌ مُدهش.

ولكنِّي أُوْمِنُ بأنَّ هُناكَ احتمالاً واحِدًا لِمَعنى "الكَامِل" وَهُوَ أنَّ الكَامِلَ هُوَ الحَالةُ الأبديَّة. فَهِيَ السَّماءُ الجَديدةُ والأرضُ الجَديدةُ الأبديَّة الَّتي سَتَبتَدِئُ في نِهايةِ المُلْكِ الألفِيِّ. وَهَذا يَنْسِجِمُ مَعَ كُلِّ شَيءٍ لأنَّها السَّماء. وَما يَقولُهُ بولسُ هُنا في الحَقيقةِ هُوَ: "سَوفَ تَحتاجونَ إلى كُلِّ هَذِهِ المَواهِبِ إلى حِيْن؛ ولكِنَّكُم سَتَحتاجونَ إلى المَحبَّةِ إلى الأبد". وَهَذا هُو التَّبايُن. فَهُوَ تَبايُنٌ بينَ الزَّمَنِ المَحدودِ والأبديَّة.

والآن، سَوفَ أَذكُرُ لَكُم بِضعَةَ أسبابٍ لإيماني بهذا الرَّأي. فَهُوَ يَسْمَحُ باستخدامِ الصِّيغةِ المُحايِدَةِ مَعَ الكلمة "تيليوس" (teleios) – وأنا أقولُ هَذا لِطلبةِ اللُّغةِ اليُونانيَّة. فَهُوَ يَسْمَحُ باستخدامِ الصِّيغةِ المُحايِدَةِ. فَهُوَ الكَامِلُ؛ ولكِنَّهُ ليسَ شَخصًا، بل هُوَ شَيء. والشَّيءُ هُوَ السَّماء. وَهُوَ يَسمَحُ بوجودِ نُبوَّةٍ وعِلْمٍ في الضِّيقةِ العَظيمةِ، ويَسمَحُ بوجودِ نُبوَّةٍ وعِلْمٍ في المَلكوت. ولكِنْ ذاتَ يَومٍ، عندما نَذهبُ إلى السَّماءِ، لن نَكونَ بِحاجَةٍ إلى الوُعَّاظِ والمُعَلِّمينَ ودُروسِ الكِتابِ المُقدَّسِ والصُّفوف لأنَّنا سنَكونُ كَامِلينَ كَما أنَّ أبانا [أين] في السَّماواتِ كَامِل.

وأَوَدُّ أن أقولَ [ثالثًا] إنِّي أُوْمِنُ بأنَّ هَذا الرَّأيَ هُوَ أفضَلُ رَأيٍ لأنَّهُ يَنسَجِمُ مَعَ سِياقِ الأصحاحِ الثَّالث عَشَر مِن رِسالةِ كورنثوسَ الأولى بِصورةٍ أفضَلَ مِن غَيرِه. فَبولُسُ يَقولُ إنَّ هَذِهِ الأشياءَ مُهِمَّة؛ ولكِنَّها مُؤقَّتة وحَسْب. أمَّا المَحبَّةُ فَستَبقى إلى الأبد. لِذا فإنَّهُ يَقولُ في الحَقيقة: "هُناكَ أشياءٌ سَتُوْجَدُ إلى حِيْن، ولكِنَّ المَحبَّةَ وَحْدَها هِيَ الَّتي سَتَبقى إلى الأبد". وَهذهِ المُفارَقَةُ تَفْقِدُ قُوَّتَها إنْ كانَتْ هَذهِ الأشياء سَتَبقى فقط إلى حينِ اكتِمالِ الكِتابِ المُقدَّسِ، أوِ الاختطافِ، أوِ المَجيءِ الثَّاني لأنَّ الوقتَ لم يَنْتَهِ بَعد.

وَهُوَ يُحاوِلُ أنْ يُبايِنَ بينَ مَا هُوَ مُؤقَّتٌ ومَا هُوَ أبديٌّ. والغَايَةُ مِن ذلكَ هي أن يُبَيِّنَ أنَّ المَحبَّةَ هي الشَّيءُ الوَحيدُ الأبديّ. فَهُوَ لا يَعني أنَّ المَحبَّةَ هِيَ الشَّيءُ الوَحيدُ المَوجودُ في عَصْرِ الكَنيسةِ، ولا أنَّ المَحبَّةَ هِيَ الشَّيءُ الوَحيدُ الَّذي سيَكونُ مَوجودًا في فَترةِ الضِّيقةِ العَظيمةِ، وَلا أنَّ المَحبَّةَ هِيَ الشَّيءُ الوَحيدُ الَّذي سيَكونُ مَوجودًا في المَلكوتِ؛ بل يَعني أنَّ المَحبَّةَ هي الشَّيءُ الوَحيدُ الَّذي سَيَبقى مَوجودًا إلى الأبد. وَهَذا التَّبايُنُ يَضعُفُ إنْ جَعلناهُ شَيئًا غيرَ الأبديَّة.

وإليكُم سَبَبًا آخرَ: فأنا أُوْمِنُ بأنَّها الطَّريقةُ الوَحيدةُ لِتَفسيرِ العِبارةِ "وَجْهًا لِوَجْهٍ" لأنَّ المَرَّةَ الوَحيدةَ الَّتي سَنَرى فيها مَجْدَ اللهِ هِيَ عندما نَكونُ في السَّماء. فَهِيَ المَرَّةُ الوَحيدة. فَفي الحَالةِ الأبديَّةِ (أيْ في السَّماءِ الجَديدةِ والأرضِ الجَديدةِ الَّتي يَصِفُها الأصْحاحان 21 و 22 مِن سِفْرِ الرُّؤيا). ولكِنَّنا نَقرأُ أنَّ أورُشَليمَ الجَديدةَ سَتَنزِلُ، وأنَّ اللهَ سَيَصنَعُ سَماءً جَديدةً وأرضًا جَديدةً يُعْلَنُ فيهِما مَجْدُ الله. هَذِهِ هِيَ سَماءُ الأبديَّة، وَهَذا هُوَ المَوضِعُ الَّذي سَنَرى فيهِ الله. وَهَذا هُوَ المَوضِعُ الَّذي سَنَرى فيهِ مَجدَهُ. وَهذا الرَّأيُ هُوَ الرَّأيُ الوَحيدُ الَّذي يُفَسِّرُ لي ذَلِك.

وَقَد تَقول: "حسنًا! ولكِن ماذا عَنِ المَلكوت؟ أَلَنْ يَرى المُؤمِنونَ في كُلِّ أنحاءِ العَالَمِ مَجْدَهُ في المَلكوت؟" لا. هَل تُدركونَ أنَّهُ في المَلكوتِ سيَكونُ هُناكَ مُؤمِنونَ يَعيشونَ جَسَدِيًّا على الأرضِ، في حينِ أنَّ أورُشَليمَ الجَديدةَ الَّتي يَسْكُنُ فيها قِدِّيسو الكَنيسةِ المُمَجَّدونَ سَتَكونُ مُعَلَّقَةً فَوقَ الأرض؟

وَرُبَّما سيَكونُ بِمَقدورِنا أنْ نَتَنَقَّلَ بينَ المَكانَيْنِ، ولكِنَّ اللهَ سَيَسكُنُ في أورُشَليمَ الجَديدة تِلك. أمَّا النَّاسُ الَّذينَ يَعيشونَ على الأرضِ فَلَنْ يَرَوْا مَجدَهُ. فَهُم سَيَرَوْنَ ابْنَهُ مُعْلَنًا على الأرض. لِذا فإنَّ فِكرةَ رُؤيَتِهِ "وَجْهًا لِوَجْهٍ" لن تَتحقَّقَ إلاَّ عندما يَنتهي المُلْكُ الألفِيُّ ونَصيرُ في السَّماواتِ الأبديَّةِ، ويَظهَرُ مَجدُ اللهِ لكُلِّ القِدِّيسينَ الَّذينَ سيَكونونَ آنذاكَ قَد مُجِّدُوا.

كَذلك، إنَّهُ الرَّأيُ الوَحيدُ الَّذي يُفَسِّرُ العِبارةَ "سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ". فالمَرَّةُ الوَحيدةُ الَّتي سَأعرِفُ فيها اللهَ كَما هُوَ يَعْرِفُني هي عندما أصيرُ في السَّماء. أليسَ كذلك؟ فَسوفَ أَحصُلُ على مِعرِفةٍ كَامِلةٍ وأصيرُ مِثلَ المَسيح. لِذا، لاحِظُوا الآنَ مَا يَلي: مِن نَاحِيَةٍ تَاريخيَّةٍ، الكَامِلُ هُوَ الحَالةُ الأبديَّة. هَذا مِن نَاحِيَةٍ تَاريخيَّة. والآن، اسمَعوني. فَهذا مُدهشٌ جدًّا. أمَّا مِنْ نَاحِيَةٍ شَخصيَّةٍ فإنَّكَ تَدخُلُ الحَالةَ الأبديَّةَ في أيِّ وَقتٍ تَذهبُ فيهِ وتَكونُ مَعَ يَسوعَ المسيح. فإنْ مُتُّ الآنَ فإنِّي: "أَتَغَرَّبُ عَنِ الْجَسَدِ" [وَمَاذا؟] "وَأَسْتَوْطِنُ عِنْدَ الرَّبِّ". "وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ". فَهذهِ هي الحَالةُ الأبديَّةُ بالنِّسبَةِ إليَّ.

فَإنْ عِشْتُ حَتَّى الاختطاف، فإنَّ الحَالةَ الأبديَّةَ سَتَبتَدِئُ آنذاك. وتَاريخيًّا، إنَّها السَّماءُ الجَديدةُ والأرضُ الجَديدةُ عندما يُمَجَّدُ جَميعُ القِدِّيسينَ مِنْ كُلِّ العُصورِ ويَصيرونَ كَامِلين. هَذا هُوَ الجُزءُ التَّاريخيُّ. أمَّا الجُزءُ الشَّخصيُّ فإنَّهُ نَفسُ الكَمالِ الَّذي يَتحقَّقُ حَالَما أذهبُ وأكونُ مَعَ المَسيح. لِذا، مُنذُ اللَّحظةِ الَّتي أدخُلُ فيها إلى حَضْرَتِهِ، لن أكونَ بِحاجةٍ إلى التَّعليمِ، ولن أكونَ بِحاجَةٍ إلى الوَعظِ، ولن أكونَ بِحاجَةٍ إلى دُروسِ الكتابِ المقدَّسِ، ولن أكونَ بِحاجَةِ إلى أيَّة صُفوف. لِماذا؟ لأنَّني سأحصُلُ على مَعرفةٍ كَاملةٍ وأرى كُلَّ شَيءٍ على حَقيقتِه. هَذا هُوَ مَا يَقولُهُ بولُس. وَهَذا يَنسَجِمُ مَعَ السِّياق.

والآن، يُضيفُ بولسُ مُلاحَظَةً أخرى هُنا. فَهُوَ يَقولُ إنَّ المَواهِبَ ثَانويَّة في العَددِ الحادي عَشَر. وسوفَ أتحدَّثُ باختصارٍ عن ذلك: "لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ". أيْ عِندَما صِرْتُ نَاضِجًا أو كَامِلاً. والآن، أعتقدُ أنَّ مَا يَقولُهُ بولسُ ببساطَةٍ هُوَ: عِندَما أَصِلُ إلى مَرحلةِ النُّضْجِ في المَسيحِ هُوَ عِندما أَرَى المَسيحَ..." أليسَ كذلك؟ "...وأصيرُ مِثلَهُ".

وَكَما تَرَوْنَ، بالنِّسبةِ إلى الصَّبِيِّ اليَهودِيِّ، لم يَكُنِ النُّضْجُ مُرحَلَةً، بل كَانَ يَحدُثُ في نُقْطَةٍ مُعيَّنة. فقد كانَ ذلكَ يَحدُثُ في اليومِ المُسَمَّى "بار ميتزفاه" (Bar Mitzvah). فأنتَ لم تَكُن نَاضِجًا يَومَ أمسٍ، ولكِنَّهُم يُقيمونَ لَكَ اليومَ احتفالَ "بار ميتزفاه" فَتَصيرُ نَاضِجًا، وتَصَيرُ ابنَ النَّاموس. وبولُسُ يَقولُ: "سَوفَ أُمارِسُ هَذهِ المَواهِبَ الثَّانويَّةَ إلى أنْ أَحْتَفِلَ بِعيدِ "بار ميتزفاه" رُوحِيًّا. وعِندَما أَحتَفِلُ بِعيدِ "بار ميتزفاه" رُوحِيًّا، وأصيرُ مِثلَ المَسيحِ، سَأتَخلَّى عن كُلِّ تلكَ الأشياء". فبولسُ يَقولُ في الحَقيقة: "عندما أذهبُ إلى السَّماءِ، لن تَكونُ هُناكَ حَاجَةٌ إلى الوَعظِ، ولن تَكونُ هُناكَ حَاجَةٌ إلى التَّعليمِ؛ بل إنِّي سأبتَهِجُ وَحَسْب. فَلَن يَكونَ هُناكَ تَعَبٌ مِن أجلِ القيامِ بذلك. فالمَواهِبُ ثَانَويَّةٌ وَحَسْب".

وإنْ كانتِ المَواهِبُ مُؤقَّتَةً في حينِ أنَّ المَحبَّةَ أبديَّة، مَا الشَّيءُ الَّذي يَنبغي لَنا أن نُرَكِّزَ عَليه؟ على المَحبَّة. وَهُوَ يُلَخِّصُ ذلكَ في العَدد 13 بِجُملةٍ عَن سُمُوِّ المَحبَّةِ؛ وَهِيَ جُملةٌ رائعةٌ: "أَمَّا الآنَ...". مَا الَّذي تَعنيهِ بِقولِكَ "أمَّا الآنَ" يَا بولُس؟ الآنَ، أيْ زَمَنِيًّا، أو مِن نَاحِيَةِ الوَقتِ، أو في هذا الوَقتِ، أو على الأرض، أو في هَذا الإطارِ الزَّمَنِيِّ: "فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ [ماذا؟] الْمَحَبَّةُ". وَهَل تَعلمونَ لِماذا هِيَ عَظيمة؟ وَهَل تَعلمونَ لِماذا هِيَ الأعظَم؟ لأنَّ الإيمانَ سَيَنتَهي ذاتَ يَوم.

فَنَحنُ نَسلُكُ الآنَ بالإيمانِ لا بالعِيان؛ ولكِن سَيَأتي يَومٌ نَسلُكُ فيهِ بالعِيانِ لا بالإيمان. والآن، نَحْنُ نَتَمَسَّكُ بالرَّجاء. ولكِنَّ بُولسَ يَقولُ في الأصحاحِ الثَّامنِ مِن رِسالتِهِ إلى أهلِ رُومية: "لأَنَّ مَا يَنْظُرُهُ أَحَدٌ كَيْفَ يَرْجُوهُ أَيْضًا؟" فَذاتَ يَومٍ، سَنَرى. لِذا، لَن تَكونَ هُناكَ حَاجَةٌ إلى الرَّجاء. لِذلكَ فإنَّ الإيمانَ سَيَختَفي، والرَّجاءَ سَيَختَفي. وَما الَّذي سَيَبقى؟ المَحبَّة. لِذا فإنَّهُ يَقولُ: "وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ [مَاذا؟] الْمَحَبَّةُ".

فَمَواهِبُكَ، وقُدُراتُكَ، وخَدَمَاتُكَ، وإمكانَاتُكَ، وإيمانُكَ، ورَجاؤُكَ، وكُلُّ تلكَ الأمورِ، على الرَّغمِ مِن أهميَّتِها فإنَّها سَتَبقى إلى حِين فقط. أمَّا المَحبَّةُ فَسَتَبقى إلى الأبد. والمَعنى المَقصودُ هُوَ: مِنَ الأفضلِ أن تَتعلَّمُوا أن تُحِبُّوا هُنا لأنَّ المَحبَّةَ هي الشَّيءُ الوَحيدُ الَّذي سَيَبقى إلى الأبد. فَهذهِ هي أهميَّةُ المَحبَّةِ في اجتماعِ المُؤمِنين. والجَوابُ على ذلكَ كُلِّهِ مَوجودٌ في الأصحاحِ الرَّابع عشر والعَددِ الأوَّلِ وَهُوَ كَما يَلي. فَما الَّذي يَقولُهُ؟ "اِتْبَعُوا الْمَحَبَّةَ". فَهَذهِ هي الطَّريقُ الأفضَلُ. دَعونا نُصَلِّي:

يَا أبانا، نَشكُرُكَ على شَرِكَتِنا في هذا الصَّباحِ وعلى تلكَ المَحبَّةِ الَّتي وَهَبْتَها لَنا في المَسيحِ لأنَّنا نَستطيعُ مِن خِلالِها أن نُحِبَّكَ بالمُقابِل. يا أبانا، سَاعِدنا اليومَ مِن خِلالِ مَحبَّةِ شَعبِكَ، ومَحَبَّةِ رُوحِ اللهِ على أنْ نُحِبَّ الآخرينَ حَقًّا كَما أَحْبَبْتَنا أنتَ حَتَّى يَراكَ العَالَمُ مِن خِلالِنا وَيُمَجِّدوك. باسمِ يَسوع. آمين!

This sermon series includes the following messages:

Please contact the publisher to obtain copies of this resource.

Publisher Information
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969

Welcome!

Enter your email address and we will send you instructions on how to reset your password.

Back to Log In

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize
View Wishlist

Cart

Cart is empty.

Subject to Import Tax

Please be aware that these items are sent out from our office in the UK. Since the UK is now no longer a member of the EU, you may be charged an import tax on this item by the customs authorities in your country of residence, which is beyond our control.

Because we don’t want you to incur expenditure for which you are not prepared, could you please confirm whether you are willing to pay this charge, if necessary?

ECFA Accredited
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Back to Cart

Checkout as:

Not ? Log out

Log in to speed up the checkout process.

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize