
افتَحوا كِتابَكُم المُقدَّسَ مَعي ولنَنظُر معًا، آخِرَ مَرَّةٍ، إلى إنجيل مَتَّى والأصحاحِ السَّابع. إنجيل مَتَّى والأصحاحِ السَّابع. فقدِ ابتدأنا بالتَّأمُّلِ في الجُزءِ الأخيرِ مِنَ العِظةِ على الجَبل، ونُريدُ أن نَختِمَ تأمُّلَنا ذاكَ في وَقتِنا هذا مَعًا في هذا المساء. وأودُّ أن أقولَ لكُم إنَّ هُناكَ أفكارًا كثيرةً جدًّا في ذِهني عن هذا المَقطعِ الكِتابيِّ حَتَّى إنَّ مَا سَأقولُهُ لَكُم هُوَ جُزءٌ صَغيرٌ جدًّا مِمَّا أشعُرُ بهِ في داخِلي.
ولكنِّي أَشعُرُ أنَّ أمورًا كَثيرةً قُلتُها لَكُم عنِ العِظَةِ على الجَبَل ستَجِدُ طَريقَها إلى قُلوبِكُم خِلالَ هذا الصَّيفِ في أثناءِ غِيابي أنا وعائلتي لأنَّني أشعرُ أنَّ أجزاءً كَثيرةً مِن هذهِ الرِّسالةِ تَحديدًا يَنبغي أن يُقَدَّمَ ويُعَلَّمَ ويُقالَ في بَلَدِنا. وأنا على يَقينٍ تَامٍّ بأنَّ أمورًا كثيرةً مِنَ الأشياءِ الَّتي سَأقولُها هي أمورٌ أُفكِّرُ فيها وَأَلْهَجُ بها في عَقلي ورُبَّما لم أَقُلها هُنا لأنَّ الرَّبَّ يَستمرُّ في تَعليمي في أثناءِ تأمُّلي المُستمرِّ في هذهِ العِظَة.
فليسَ مِنَ السَّهلِ أن أستمرَّ في التَّفكيرِ في العِظةِ على الجَبَل كما فَعلتُ. ولا أدري كَم مَضَى مِنَ الوقتِ على وَعظي مِنها؛ ولكنِّي أفعلُ ذلكَ مُنذُ أكثر مِن سَنَة. وعندما يَبقى ذِهنُكَ مَشغولاً دائمًا بهذا الموضوعِ فإنَّكَ تَختبرُ شَيئًا رُوحيًّا لا مَثيلَ لَهُ. وأنا أشعُرُ أنَّ العِظَةَ على الجَبَل شَكَّلَتْ حَياتي بِطَرائِق عَديدة وكثيرة جدًّا. وكَم أشكُرُ اللهَ على الامتيازِ الَّذي وَهَبَني إيَّاه إذْ إنَّهُ سَمَحَ لي بإطلاعِكُم على هذهِ الأشياءِ! فهو شُكْرٌ يَفوقُ شُكرَكُم على الاستماعِ إليَّ.
ولكنِّي أريدُ أن نَنظُرَ مَرَّةً أخرى إلى إنجيل مَتَّى 7: 21-29. وحيثُ إنَّنا تَحدَّثنا تَحديدًا عنِ الآياتِ مِن 21 إلى 23، أريدُ أن نُرَكِّزَ على الآياتِ مِن 24 إلى 27، ثُمَّ أن أُقَدِّمَ تَعليقًا أوِ اثنينِ على الآياتِ الخِتاميَّة. فابتداءً مِنَ العَدد 21، يَصِلُ الرَّبُّ إلى ذُروةِ العِظةِ إذْ يَقول: "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
"كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ! «فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ.
"وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا، يُشَبَّهُ بِرَجُل جَاهِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا!». فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ".
هُنا في جَنوبِ كَاليفورنيا، نَحنُ نُدركُ دائمًا الحَاجةَ إلى وُجودِ أساساتٍ قَويَّة للبيت. فيبدو أنَّنا نَتعرَّضُ في كُلِّ سَنةٍ إمَّا للزَّلازلِ وإمَّا للفيضانات. والزَّلازِلُ قادِرةٌ على زَعزعةِ الأساسات. والفيضاناتُ قادِرةٌ على جَرْفِها مَعَها. وفي الشِّتاءِ الماضي، عِشْنا جميعًا فَترةً حَدَثَت فيها عَواصِفَ بينَ الحينِ والآخر. وقد رأينا أمطارًا غَزيرةً جدًّا تَنهَمِرُ وتَملأُ الأنهارَ وتُؤدِّي إلى حُدوثِ فَيضاناتٍ تُسَبِّبُ كُلَّ أنواعِ الدَّمار.
فقد غَمَرتِ السُّيولُ سُفوحَ الجِبالِ وَجَرَفتِ المَنازلَ مَعَها إلى الأوديةِ في الأسفل. وقد يَكونُ العَيشُ في كاليفورنيا تَجربةً فَريدةً وَفقًا لِمَكانِ سُكناكَ في أوقاتٍ كهذه. وعندما نُريدُ أن نَبني شَيئًا، مِنَ المُهمِّ جدًّا أن نَبنيهِ آخِذينَ بعينِ الاعتبارِ احتمالَ حُدوثِ فَيضانٍ، أوِ احتمالَ حُدوثِ زِلزال. لِذا فإنَّهُم يُجرونَ فُحوصًا دَقيقةً للتُّربَة، ويُجرونَ فُحوصًا للأرض، ويَرُصُّونَ التُّرابَ كي يَتحقَّقوا مِن أنَّ الأساسَ سيَصمُد. لِذا فإنَّنا مُعتادونَ جدًّا على ذلك.
ولم يَكُنِ الأمرُ في الحقيقةِ مُختلفًا في فِلِسطين. فالحقيقةُ هي أنَّ مُناخَ فِلسطين مُماثلٌ تَمامًا تَقريبًا لمُناخِ جَنوب كاليفورنيا. فهو جَافٌّ وقَاحِلٌ في أغلبِ الأجزاء. وعندما تُمطرُ السَّماءُ فإنَّ الأرضَ تَمتصُّ كميَّةً مَحدودةً مِنَ المِياه. وعندما يَحدُثُ فَيضانٌ فإنَّهُ يَكونُ فَيضانًا قَويًّا جدًّا يَجْرُفُ المَنازلَ بنفسِ الطَّريقةِ الَّتي رأيناها هُنا.
لِذا، عندَما تَضَعُ خُطَّةَ بِناء أو مُخَطَّطَ بِناءٍ في أرضِ فِلسطين، يجبُ عليكَ أن تُخَطِّطَ بنفسِ الطَّريقةِ وأن تَتَّخِذَ نَفسَ الاحتياطاتِ كَما تَفعلُ هُنا. فقد تَجِدُ مَكانًا رائعًا لبناءِ بَيتٍ، وتَرى أنَّ الأرضَ صُلبةً في الصَّيف؛ ولكنَّها قد تَتَعَرَّضُ في الشِّتاءِ إلى السُّيولِ الجَارفةِ الَّتي تجرُفُ مَعَها أيَّ بَيتٍ شُيِّدَ عليها.
وهذا هو ما كانَ يُفَكِّرُ فيهِ يَسوعُ في الأعداد مِن 24 إلى 27. وهو يُصَوِّرُ رَجُلَيْنِ أرادا أن يَبْنِيَا بَيْتًا، رُبَّما في مَكانٍ جَافٍ تَحدُثُ فيهِ سُيولٌ في الوادي. وقد فَكَّرَ الأوَّلُ قَليلاً في ما قد يَحدُث وراحَ يَبني البيتَ بسُرعة دُونَ أن يُفَكِّرَ مَلِيًّا في الأساس. وهو يُوصَفُ بأنَّهُ جَاهِلٌ في العَدد 26. أمَّا الرَّجُلُ الثَّاني فقد بَني هو الآخر بَيتًا؛ ولكنَّهُ حَرَصً على بِناءِ البيتِ على الصَّخرِ القويّ. وهو يُوصَفُ بأنَّهُ عَاقِلٌ في العَدد 24. لِذا فإنَّنا أمامَ قِصَّةٍ بَسيطة تَقولُ إنَّ رَجُلانِ بَنَيا بَيتًا، وإنَّ واحدًا مِنهُما عَاقِلٌ، والآخرَ جَاهِلٌ.
ولكنَّ هذهِ القِصَّةَ الَّتي تَبدو في الظَّاهرِ بَسيطةً جدًّا هي مُلاحَظة صَاعِقَة وصَادِمَة وقَويَّة بشأنِ الأشخاصِ الَّذينَ يَملِكونَ مَعرفةً عَقليَّةً وقَلُوبًا جَوفاء. وسَتُلاحِظونَ أنَّهُ يَقولُ في العَدد 24: "كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ"، وفي العَدد 26: "كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ". فَهؤلاءِ أشخاصٌ يَسمَعون. فَهُم يَسمَعونَ الرِّسالة، ويُصغونَ إليها، ويَفهمونَها. والعُقلاءُ هُمُ الَّذينَ يَفعلونَ شَيئًا بشأنِها. أمَّا الجُهَّالُ فلا يَفعلونَ شَيئًا.
وقد قالَ "جيمس ديني" (James Denney): "إنَّ إدراكَنا لحقيقةِ أنَّ المُتحدِّثَ هُوَ دَيَّانُ الكُلِّ هُوَ الَّذي يَجعلُ مَثَلَ البَنَّائينَ على الصَّخرِ والرَّملِ مَثَلاً عَميقًا وقويًّا جدًّا" [نِهايةُ الاقتباس].
والآن، لَعَلَّكُم تَذكُرونَ ما قُلناهُ لكُم في هذا الصَّباح وخِلالَ دِراسَتِنا إذْ إنَّني قُلتُ لكم إنَّ يَسوعَ يَختِمُ عِظَتَهُ بدَعوة. والدَّعوة مَوجودة في العَددين 13 و14. والدَّعوة تَقولُ في الحقيقة: "اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ ومِنَ الطَّريقِ الضَّيِّقِ الَّذي يُؤدِّي إلى الحَياة". ولكن ليسَ مِنَ السَّهلِ أن نَفعلَ ذلكَ لِسَبَبَيْن: الأوَّلُ هو وُجودُ أنبياء كَذَبة؛ والثَّاني هُوَ وُجودُ اعترافٍ زائِف. فقد تُخدَعُ مِن قِبَلِ أشخاصٍ آخرين، وقد تَخْدَعُ نَفسَكَ بنفسِك. ونحنُ جَميعًا نَتوهَّمُ إلى حَدٍّ مَا. والحقيقةُ هي أنَّنا جَميعًا لَدينا أَوهام. فالأوهامُ جُزءٌ لا يَتجزَّأُ مِنَ الطَّبيعةِ البَشريَّةِ مِن أجلِ إخفاءِ أخطائِها وعُيوبِها.
لِذا فإنَّ الرَّبَّ يَقولُ: "يجب عليكم أن تَدخُلوا مِنَ البابِ الضَّيِّق". ولكنَّ ذلكَ لن يَكونَ سَهلاً لأنَّ الأعدادَ مِن 15 إلى 20 تَقول إنَّهُ سيكونُ هُناكَ أنبياء كَذَبة يُحاولونَ أن يُثْنوكَ عَنِ القِيامِ بذلك ويُحاولونَ أن يُقنِعوكَ بالسَّيرِ في الطَّريقِ الرَّحْب. كذلكَ، لن يَكونَ الأمرُ سَهلاً لأنَّكَ قد تَخدَعَ نَفسَكَ بنفسِك. لِذا فإنَّهُ يَقولُ قبلَ أيِّ شيءٍ آخر: "هُناكَ أُناسٌ يَقولونَ ولا يَفعلون" (في الأعداد 21-23).
فَهُم يَعترفونَ اعتِرافًا لَفظيًّا وَحَسْب... يَعترفونَ شَفَهِيًّا وَحَسْب. فَهُم يَقولونَ إنَّهُم يَنتمونَ إلى المَلكوت، ويَقولونَ إنَّهُم يَعرفونَ المَسيح؛ ولكنَّهُم لا يَفعلونَ ما يَقولُهُ المَسيح. وهذا الانْفِصامُ يَدُلُّ على أنَّ اعتِرافَهُم ليسَ حَقيقيًّا. فَهُم يَقولونَ ولا يَفعلون. وقد رأينا ذلكَ بالتَّفصيل في هذا الصَّباح.
ثُمَّ إنَّنا نَقرأُ في الأعداد 24-27 عنِ الأشخاص الَّذينَ يَسمعونَ؛ ولكنَّهُم لا يَعمَلون. فَهُم يَملِكونَ المَعرفةَ الذِّهنيَّة ولكن ليسَ المَعرفة القَلبيَّة. فالمَجموعةُ الأولى تَقولُ كَلماتٍ جَوفاء. والمَجموعةُ الثَّانيةُ تَملِكُ قُلوبًا جَوفاء. وقد يُخدَعُ النَّاسُ بواحدةٍ مِن هاتينِ الطَّريقتين. فالاعترافُ اللَّفظيُّ المَحْضُ يَعني أن تَستمرَّ في قَولِ شَيءٍ المَرَّة تِلوَ المَرَّة إلى أن تُقنِعَ نَفسَكَ في النِّهايةِ بأنَّهُ صَحيح بالرَّغمِ مِن عَدمِ وُجودِ أيِّ دَليلٍ على صِحَّتِه. أو قد تَمْلِكُ مَعرفةً ذِهنيَّةً تَظُنُّ أنَّها يُمكِنُ أن تَحِلَّ مَحَلَّ العَلاقةِ القَلبيَّةِ الحَقيقيَّة.
فهُناكَ أشخاصٌ يُخْدَعونَ لأنَّهُم يَظُنُّونَ أنَّهُم مَسيحيُّونَ بسببِ مَعرفةِ مَعلوماتٍ كثيرة عنِ المَسيحيَّة. وهُناكَ أشخاصٌ يَظُنُّونَ أنَّهُم مَسيحيُّونَ لأنَّهُم يَقولونَ الكثيرَ عنها. والآن، في الأعداد 24-27، يُذَكِّرُنا الرَّبُّ مَرَّةً أخرى بأنَّ مِعيارَ البِرِّ مَطلوبٌ لِدُخولِ مَلكوتِ الله. فإن لم تَكُن حَياتُكَ قَائمةً على ذلكَ الأساس، أيًّا كانتِ ادِّعاءاتُكَ، وأيًّا كانت مَعرفُتَكَ العَقليَّة، وأيًّا كانت حَماسَتُكَ في مُمارسةِ الأنشطةِ الروحيَّة، عندما تَفيضُ مِياهُ الأمطارِ ستَجرُفُكَ مَعَها إنْ كانَ كُلُّ ما لَديكَ هُوَ المَعرفةُ العَقليَّة.
وكانَ اليَهودُ قد وَضَعوا نِظامًا للأعمالِ، أو للبِرِّ؛ وهو نِظامٌ بَشريٌّ قائمٌ على الجُهودِ البَشريَّةِ الَّتي لا تَصْلُحُ لِشَيء. وقد جاءَ اللهُ وقَدَّمَ لَهُم بِرًّا حَقيقيًّا. ولكن قبلَ أن يَحصُلوا على البِرِّ الحَقيقيِّ، يجبُ عليهم أن يُقِرُّوا بإفلاسِ نِظامِهم. لِذا، كانَ يَنبغي لَهُم أن يَأتوا بعَقليَّةٍ مُتواضِعَة.
لِذا فإنَّ يَسوعَ يَعملُ في العِظةِ على الجَبل على هَدْمِ قَصْرِهِم الوَرَقِيِّ قِطعةً قِطعةً حَتَّى إنَّنا نَرى في الأصحاحِ السَّابعِ أنَّهُ هَدَمَ كُلَّ ضَمانٍ دِينيٍّ لَديهم. ثُمَّ إنَّهُ يُرغِمُهم على الاختيارِ في العَدَدَيْن 13 و14 ويَقولُ لهم إنَّ الاختيارَ لن يَكونَ سَهلاً لأنَّ الأنبياءَ الكَذبةَ سيَخدعونَهُم، ولأنَّهُم سيَخدَعونَ أنفسَهُم بأنفسِهم. لِذا فإنَّ التَّبايُنَ في الأعدادِ مِن 24 إلى 27 هُوَ بينَ فِئَتينِ مِنَ النَّاسِ الَّذينَ يَسمَعون. فهُناكَ أُناسٌ يَسمعونَ ويُطيعونَ، وهُناكَ أُناسٌ يَسمعونَ ويَعْصُون. والمِثالُ الإيضاحِيُّ المُستخدَمُ هُوَ شَخصانِ يَبنيانِ بَيتًا.
والكلماتُ مُوجَّهة إلى الأشخاصِ الَّذينَ يَدَّعونَ بأنَّهُم يَعرِفونَ اللهَ، ويَظُنُّونَ أنَّهُم في المَلكوت، ويَظُنُّونَ أنَّهُم مَسيحيُّون. والعَددُ 24 يَبتدئُ بالكلماتِ التَّالية: "فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ". والعَدد 26 يَبتدئُ بالكلماتِ التَّالية: "وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ". ففي كِلتا الحَالتين، هُناكَ أشخاصٌ يَسمعونَ رِسالةَ المَسيح. فَهُم يَستمعونَ إلى كَلمةِ اللهِ. وسوفَ تُلاحِظونَ أيضًا في نِهايةِ العَدد 24 أنَّهُ يَقولُ إنَّ هُناكَ شخصًا بَنى بَيتَهُ. وفي نِهايةِ العَدد 26، هُناكَ رَجُلٌ بَنى بَيتَهُ. فقد سَمِعَ كُلٌّ مِنهُما الرِّسالةَ وراحَ كُلٌّ مِنهُما يَعمَلُ أعمالاً رُوحيَّةً مُعيَّنة.
فَكِلاهُما يَنتميانِ إلى جَسَدِ المُؤمِنينَ المَنظور، ورُبَّما يَقرأُ كِلاهُما الكتابَ المقدَّسَ. ورُبَّما يَذهبُ كِلاهُما إلى اجتماعاتِ العِبادةِ في الكنيسة. وكِلاهُما مَشغولٌ في صِياغَةِ نِظامِ قِيَمٍ رُوحيَّةٍ مُعيَّن، وبِناءِ صَرْحٍ للأنشطةِ الرُّوحيَّة. ولكنَّنا نَجِدُ فَرقًا كَبيرًا بَينَ الاثنين. فواحدٌ عَاقِلٌ، والثَّاني جَاهلٌ لأنَّ واحدًا مِنهُما يَبني على الصَّخر، والآخرَ يَبني على الرَّمل. وبالمُناسبة، أودُّ أن أُضيفَ بأنَّ الأساسَ غيرُ مَنظور. فحالَما يَنتهي بِناءُ البيتِ، لا يُمكنكم أن تَرَوْا الأساسات. لِذا، مِنَ الصَّعبِ حَقًّا أن تَحكُموا. لِذا، قد نُخدَعُ كَما يَخدَعُ أُناسٌ أنفسَهُم.
والآن، يا أحبَّائي، اسمَحوا لي أن أُضيفَ حَقيقةً عَامَّةً: إنَّ ما يَقولُهُ رَبُّنا هُنا بَسيطٌ جدًّا. فهناكَ أشخاصٌ كثيرونَ يَسمعونَ تَعليمَ المسيح. ولكنَّ الأشخاصَ الَّذينَ يُطَبِّقونَها هُمُ الوَحيدونَ الَّذين يَدخلونَ المَلكوت. هل فَهمتُم ذلك؟ هذه هي الخُلاصَة. فهناكَ أشخاصٌ كثيرونَ يَسمعون. ولكِن إن فَحصتَ حَياتَكَ ووَجدتَ أنَّها مُؤلَّفَة مِنَ الكَثيرِ مِنَ الاسْتِماعِ دُونَ عَمَل، لا تَخدَع نَفسَكَ وتَظُنَّ أنَّكَ مَسيحيّ. والحقيقةُ هي أنَّ الرَّبَّ يَقولُ إنَّ العَاصفةَ ستَكشِفُ الحَقيقة. فحينئذٍ سنَعرِفُ مَنْ هُوَ العَاقِلُ وَمَنْ هُوَ الجاهِل.
والآن، هُناكَ العَديدُ مِن أوجُهِ الشَّبهِ هُنا. وأريدُ مِنكُم أن تُلاحِظوها. أولاً، أنَّ كُلاًّ مِنهُما يَبني بَيتًا. فَكِلاهُما مُنخَرِطٌ في القيامِ بنشاطٍ رُوحيٍّ. وكِلاهُما مُنخَرِطٌ في القيامِ بشيءٍ يَختصُّ بمَلكوتِ الله. ثانيًا، مِنَ الواضحِ أنَّ كُلاًّ مِنهُما يَبني بَيتَهُ في المَوقعِ نَفسِه لأنَّ العاصِفَةَ نَفسَها تَضرِبُ البَيتَيْن.
فقد بَنَى كُلٌّ مِنهُما بَيتًا. وقد بَناهُ في نَفسِ المَنطقةِ أو نَفسِ المَوقِعِ لأنَّ كِلا البَيتينِ تَعَرَّضَ لنفسِ العاصِفَة. فالمؤمنونَ الحَقيقيُّونَ والأشخاصُ الَّذينَ يَتظاهرونَ بالإيمانِ يَعيشونَ جَنبًا إلى جَنب. فَهُما يَعيشانِ في نَفسِ الحَيِّ، ويَذهبانِ إلى نَفسِ الكَنيسةِ، ويَذهبانِ إلى نَفسِ دُروسِ الكتابِ المقدَّسِ، وَيُشبهانِ الواحِدُ الآخرَ كَثيرًا في البِناءِ حَتَّى إنَّ أحدًا لا يَستطيعُ أن يُدركَ الفَرقَ بينَ الاثنين.
ويُمكنُني أن أُضيفَ أيضًا فِكرةً ثالثةً وهي أنَّهُما على ما يَبدو يَبنيان بنفسِ الطَّريقة لأنَّ الرَّبَّ يَقولُ إنَّ الفَرقَ الوَحيدَ بينَهُما هُوَ الأساس. فهو لا يُلَمِّحُ إلى أنَّ البيتَ نَفسَهُ مُختلِف. فِكلا الشَّخصينِ يَبني بَيتًا. وَهُما يَبنيانِ في نَفسِ المَكانِ، ويَبنيانِ بنفسِ الطَّريقة.
بعبارة أخرى، إنَّهُما يَحمِلانِ كِتابًا مُقَدَّسًا ودَفترًا، ويُصَلِّيان صَلواتٍ مُعيَّنة، ويَشتركان في أنشطة مُعيَّنة، ورُبَّما يُقدِّمان نَفسَ المَبلغِ إلى الرَّبِّ. والحقيقةُ هي أنَّهُما يَبدوان مُتشابهانِ جدًّا إلى أن نَأتي إلى المِحَكِّ الحَقيقيِّ؛ أيْ إلى الأساسِ الَّذي قُلتُ إنَّهُ يَكونُ غيرَ مَنظورٍ في أغلبِ الأحيان بعدَ اكتمالِ البِناء. لِذا، لا يُمكنُ لأيِّ شَيءٍ سِوى الفَحص الدَّقيق للذَّات أن يَكشِفَ الحَقيقة.
وكما تَرَوْنَ فإنَّ يَسوعَ يُحاولُ أن يَجعلَ الفَرِّيسيِّينَ يَتَخَلَّوْنَ عن كِبريائِهم وبُرجِهِم العَاجِيِّ، ويَنظرونَ إلى حَياتِهم، ويَرَوْنَ إفلاسَهُم على حَقيقتِه لأنَّ هذهِ هي الطَّريقة الوحيدة لمَعرفةِ الحالةِ الحقيقيَّةِ للقلب. ونحنُ نَرى شخصًا يَبني على الصَّخر في نِهايةِ العدد 24. والكلمة المُستخدمَة هُنا هي "بِيْترا" (petra) ومعَناها في اليونانيَّة: "طَبَقَة صَخريَّة". فهناكَ الكلمة "بيتروس" (petros) ومَعناها: حَجَر أو صَخرة. أمَّا هذهِ الكلمة فهي "بِيْترا" (petra)، ومَعناها: "طَبَقَة صَخريَّة". والشَّخصُ الثَّاني يَبني على الرَّمل في العَدد 26. والكلمة المُستخدمَة هُنا بسيطة جدًّا. فهي في اليونانيَّة: "أمُّون" (ammon) – أمُّون. وهل تَعلمونَ مَاذا تَعني؟ إنَّها تَعني ببساطَة: "رَمْل"؛ مِثْلَ رَمْلِ الشَّاطِئ.
لقد زُرْتُ مَدينتين في الأردن، الأولى اسمُها "عَمّان"، والثَّانية اسمُها: "البَتراء". فَهُما تَحمِلانِ هذينِ الاسمَيْن. والبَتراءُ مَدينة مَنحوتَة حَقًّا في الصَّخر. والحقيقةُ هي أنَّنا امْتَطَيْنا الخُيولَ ومَرَرْنا في نَفَقٍ للُوصولِ إلى البَتراء. ويُمكِنُ لشخصٍ واحدٍ فقط أن يَحرُسَ المَدينةَ بأسرِها. فهُناكَ مَمَرٌّ ضَيِّقٌ واحدٌ فقط للوصولِ إلى المدينة. والمدينةُ بأسرِها، والَّتي ما تَزالُ قائمةً حَتَّى يَومِنا هذا، مَنحوتَة في الصَّخر، واسمُها: البَتراء. ثُمَّ إنَّ هُناكَ مَدينة عَمَّان. ولا أدري إن كُنتُم قد زُرتُم مَدينةَ عَمَّان في الأردنّ. ولكن عندما تَذهبونَ إلى مَدينةِ عَمَّان فإنَّكُم تَرَونَ شَيئًا واحدًا وهو: التُّراب. فالمَكانُ كُلُّهُ تُراب.
والإنسانُ العاقِلُ هو الَّذي يَبني بَيتَهُ على طَبَقةٍ صَخريَّة. والإنسانُ الجاهلُ هو الَّذي يَبني بَيتَهُ على رِمالِ الشَّاطئِ أوِ الصَّحراء. وبالمُناسبَة، هُناكَ سَماسِرَة كَثيرونَ يَبيعونَ أراضٍ رَمليَّة في الأعداد 15-20. فالأنبياءُ الكَذَبةُ يَفتحونَ مَكتبًا عَقارِيًّا ويَبيعونَ أراضٍ رَمليَّة.
والإنسانُ الجَاهلُ هو ذاكَ الَّذي يَبني على الرَّمل لأنَّهُ عندما تأتي العاصفةُ فإنَّها ستُحَرِّكُ الرِّمالَ (كما جاءَ في العدد 27) فيَسقُطُ البيتُ. وهو لن يَسقُطَ وَحَسْب، بل إنَّهُ سيَسقُطُ سُقوطًا عَظيمًا. أمَّا عندما يَكونُ البيتُ مَبنيًّا على الصَّخر، ويكونُ الأساسُ صُلبًا، فإنَّ العاصفةَ قد تأتي ولكنَّها لا تَستطيعُ أن تُسقِطَهُ.
وما زِلتُ أَذكُرُ ما حَدَثَ عندما بَنَيْنا هذهِ الكنيسة إذْ إنِّي دُهِشتُ مِنَ الأساساتِ في هذهِ الكنيسة. ولا أدري إن كُنتُم قد لاحَظتُم ذلك، ولكنَّ الأعمدةَ الموجودةَ في الخَلف، والأعمدةَ المَوجودةَ في الخارج تَمتدُّ إلى عُمْقِ الأرضِ. وهذا أمرٌ مُدهش. فهُناكَ تَجاويف كبيرة وضَخمة تَحتَ هذا البِناء. وهُناكَ كَميَّة هائلة مِنَ الحَديدِ والخَرَسانَة تَملأُ هذهِ التَّجاويف. فهناكَ أساساتٌ قَويَّةٌ جدًّا هُنا.
والحَقيقةُ هي أنَّهم أخبرونا أنَّهُ إنْ حَدَثَ زِلزالٌ فإنَّ هذا المَبنى لن يَنهار. فأسوأُ شَيءٍ يُمكنُ أن يَحدُثُ هو أنَّهُ قد يَميلُ مِن جِهَة؛ ولكنَّهُ لن يَنهار. وإن حدثَ ذلك يُمكنكم أن تَقِفوا في هذا الرُّكْنِ هُنا. فالأساسُ مَتين.
ونحنُ نَرى هُنا مَرَّةً أخرى التَّوبيخَ الشَّديدَ لديانةِ الفَرِّيسيِّين. فَهُم لم يُراعُوا ولو قَليلاً رُوحَ الإنسان، ولم يُراعُوا ولو قَليلاً طَهارةَ القَلب، ولم يُراعوا نَزاهَةَ السُّلوك، ولم يُطيعوا الله. فقد كانوا يَبنونَ صَرْحَهُم الرُّوحيَّ الكَبيرَ على الرَّمل. فهل كانوا يُصَلُّونَ؟ بكُلِّ تأكيد. وهل كانوا يَصُومون؟ بكُلِّ تأكيد. وهل كانوا يَتَصَدَّقونَ مِن أموالِهم؟ بِكُلِّ تأكيد. ولكنَّهم كانوا يَفعلونَ ذلكَ فقط مِن أجلِ التَّظاهُرِ برُوحانيَّتِهم وتَحسينِ سُمعَتِهم. فقد كانت دِيانَتُهم خَارجيَّةً. وهذا كُلُّهُ مُجَرَّدُ رَمْل.
وقد قالَ "آرثر بِنك" (Arthur Pink): "إنَّهُم يأتونَ بأجسادِهم إلى بيتِ الصَّلاةِ؛ ولكنْ ليسَ بأرواحِهم. وَهُم يَعبُدونَ بأفواهِهم؛ ولكنْ ليسَ بالرُّوحِ والحَقّ. وَهُم يَتَمَسَّكونَ بطُقوسِ التَّطهيرِ أوِ الشَّرِكَة في الصَّباحِ البَاكِرِ؛ ولكنَّهُم لا يُبالونَ بحِفْظِ قُلوبِهم بِكُلِّ اجتِهادٍ. وَهُم يَتَباهَوْنَ باستقامَةِ عَقيدتِهم؛ ولكنَّهُم لا يُبالونَ بوصايا المَسيح.
"فهناكَ أشخاصٌ كثيرونَ يَتظاهرونَ بالإيمانِ ويَبتعدونَ عن كُلِّ أعمالٍ عَنيفةٍ في الظَّاهِر؛ ولكنَّهُم لا يَتَردَّدونَ البَتَّة في تَشويهِ سُمعةِ الآخرينَ مِن خِلالِ نَشْرِ الأخبارِ المُسيئةِ عنهم. وَهُم يَتبرَّعونَ بالمالِ الَّذي يُسْهِمُ في دَفْعِ مُرَتَّبِ الرَّاعي؛ ولكنَّهُم لا يَتَوانَوْنَ عنِ الغِشِّ في بِضاعَتِهم أو في غِشِّ زَبائِنِهم بِدَعوى أنَّ التِّجارَة شَطارَة. وَهُم يُراعونَ قَوانينَ البشرِ أكثرَ مِمَّا يُراعونَ شَريعةَ اللهِ لأنَّ مَخافَتَهُ ليست قُدَّامَ عُيونِهم". إنَّهُ مُجَرَّدُ رَمْلٍ أو هي مُجرَّدُ أساساتٍ زائفة. فَهُم لم يَسلُكوا في الطَّريقِ الضَّيِّق.
وهل تُريدونَ أن تَعلَموا شَيئًا؟ إنَّ الطَّريقَ الرَّحْبَ الَّذي يُؤدِّي إلى الهَلاكِ هُوَ كُلُّهُ رَمْلٌ... كُلُّهُ رَمْلٌ. ولكنَّ الآخرينَ يَبنونَ على الصَّخر في نهايةِ العدد 24. وما هو الصَّخر؟ عندما تَقولُ إنَّكَ تَبني حَياتَكَ على الصَّخر، ما الَّذي تَقصِدُه؟ يُمكِنُنا أن نَقولَ إنَّ الصَّخرَ هُوَ الله... إنَّ الصَّخْرَ هُوَ الله. فأنتَ تَبني حَياتَكَ حَرفيًّا على الله. وهذا، بِكُلِّ تأكيدٍ، صَحيح.
فنحنُ نَقرأُ في المَزمور 18: 2: "الرَّبُّ صَخْرَتِي". فيُمكنُنا أن نَقولَ إنَّ الصَّخرَ هُوَ الله؛ ولكنَّ الفَرِّيسيِّين كانوا يَقولونَ ذلكَ أيضًا. فقد كانوا يَقولونَ ذلك. أو يُمكنُنا أن نَقولَ إنَّ الصَّخرَ هُوَ المَسيح. فقد قالَ بُطرسُ إنَّ المَسيحَ هُوَ حَجَرُ الزَّاوية. وبولسُ يَقولُ إنَّ المَسيحَ هُوَ الصَّخرة. ولكنَّ أُناسًا كَثيرينَ يَقولونَ إنَّهُم يَبنونَ حَياتَهُم على المَسيح. لِذا، لا بُدَّ أنَّها تَعني ما هو أكثر مِن ذلك.
والحقيقةُ هي أنَّ أغلبيَّةَ الشُّرَّاحِ يَقولونَ إنَّ الصَّخرَ يَرمِزُ إلى اللهِ أوِ المَسيح. ولكنِّي أريدُ أن أَخْطُو خُطوةً أخرى. فعندما تَأمَّلتُ في هذا المَقطعِ، أعتقدُ أنَّني أدركتُ بِوُضوحٍ مَعنى الصَّخر. فهل يَقول: "كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْر"؟ لا! بل يَقول: "فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ [وماذا؟] وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْر".
إذًا، مَا هُوَ الصَّخر؟ إنَّهُ إطَاعَةُ كلمةِ الله. هذا هو الصَّخر. صَحيحٌ أنَّ اللهَ هُوَ الصَّخر، وصَحيحٌ أنَّ المَسيحَ هُوَ حَجَرُ الزَّاوية؛ ولكنِّي أعتقدُ أنَّ ما قَصَدَهُ رَبُّنا هُنا هُوَ ببساطَة التَّالي: "إنَّ أقوالي هذهِ هي الأساسُ الَّذي تُبنَى عليهِ الكنيسة"؛ أيِ الكنيسةُ الحَقيقيَّةُ، أوِ الكَنيسةُ المَفديَّة.
واسمَحوا لي أن أُوَضِّحَ ذلكَ لَكُم بأن أطلُبَ مِنكُم أن تَفتحوا على إنجيل مَتَّى والأصحاح 16. وهذا نَصٌّ مَعروفٌ جدًّا؛ ولكنِّي أعتقدُ أنَّهُ يُوَضِّحُ تَمامًا فِكرتَنا. فنحنُ نَقرأُ في إنجيل مَتَّى 16: 13: "وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ..." وهي تَقَعُ في الجُزءِ الشَّماليِّ مِن أرضِ إسرائيل. "...سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»" مَن يَقولُ النَّاسُ إنِّي أنا؟ فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟»"
والآن، اسمَعوا: "فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!». والآن، هذهِ ليست كَلماتٍ بَشريَّة. "فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «...إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ [في العَدد 17]، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ". فهذا إعلانٌ إلَهِيٌّ. "وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ"؛ ["بيتروس" – "petros"]، أيْ: أنتَ بُطرس الحَجَر أو الصَّخرة. "وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ" ["بِيْترا" – "petra"]؛ أيْ: على هذا الأساسِ الصَّخريِّ المَتينِ "أَبْني كَنِيسَتِي".
وما هي هذه الـ "بيِترا"، أو ما هُوَ هذا الأساسُ الصَّخريُّ المَتين؟ إنَّهُ كلمةُ اللهِ. "أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ". على هذا التَّأكيدِ لهذهِ الحَقيقةِ، أَبني كَنيسَتي. فالكلمة "بِيْترا" في مَتَّى 16 هي كلمةُ الله. وأنا مُقتنعٌ بأنَّ الكلمة "بِيْترا" في مَتَّى 7 هي أيضًا كلمةُ الله.
ونَقرأُ في سِفْرِ أعمالِ الرُّسُل والأصحاح 20 أنَّ بُولسَ يَقول: "وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي..." [استَمِعوا إلى ما يَقول] "...للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ". فكلمةُ اللهِ هي أساسُنا. وكلمةُ اللهِ هي الَّتي تُوَفِّرُ مَوادَّ البِناءِ أيضًا. إذًا، ما الَّذي يَقولُهُ رَبُّنا؟
استَمِعوا: إنَّهُ يَقولُ إنَّ الشَّخصَ الَّذي يَعيشُ حَياةً يَسمعُ فيها دُونَ أن يَعملَ إنَّما يَبني على الرَّمل. وما الَّذي يَرمِزُ إليهِ الرَّمل؟ إنَّهُ يَرمِزُ إلى الإرادةِ البشريَّةِ، والآراءِ البَشريَّةِ، والمَواقفِ البَشريَّةِ، والفَلسفةِ البَشريَّةِ المُتَزعزِعَة. فمعَ أنَّكَ تَسمعُ فإنَّكَ لا تَفعلُ ذلك؛ أي أنَّكَ لستَ واقفًا على الصَّخر. مِن جِهةٍ أخرى فإنَّ الإنسانَ العَاقِلَ الَّذي يَسمعُ كلمةَ اللهِ ويَبني حَياتَهُ على كَلمةِ اللهِ لَديهِ أساسٌ مِنَ الصَّخر. وهذا يَعني أنَّهُ يَعيشُ حَياةَ طَاعَة.
ونَجِدُ في إنجيلِ يوحنَّا والأصحاحِ الثَّامِنِ نَصًّا أُشيرُ إليهِ كثيرًا لأنَّهُ مُهمٌّ جدًّا إذْ نَقرأُ في العَددِ الثَّلاثين: "وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا..." [اسمَعوا الآنَ] "...آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ". وهذا شَيءٌ جَيِّد. فقد آمَنَ بِهِ كَثيرونَ. فقد سَمِعُوا، وأَصْغَوْا، وقَبِلوا الكَلامَ، وآمَنُوا بِهِ. ولكنَّ يَسوعَ قالَ لَهُم: "إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي".
فَلا يَكفي فقط أن تَسمعُوا وتُؤمِنوا، بل يَنبغي أن تَكونَ هُناكَ طَاعَة مُستمرَّة لكلمةِ الله. هذا هو الصَّخر. لِذا، اسمَعوني: لا تَخْدَعوا أنفسَكُم يا أحبَّائي. فأنا لا أُبالي بما تَدَّعيهِ لَفظيًّا. ويَسوعُ لا يُبالي بذلكَ أيضًا. فإن لم تُطَبِّق ذلك فإنَّكَ تَخدَعُ نَفسَكَ. وأنا لا أُبالي بما قد تَسمَعُهُ وتُصغي إليهِ وتَقولُ إنَّكَ تُؤمِنُ بِهِ. فَما لَم تُؤسِّس حَياتَكَ على الحَقِّ الكِتابيِّ فإنَّكَ تَخدَعُ نَفسَك.
ونَقرأُ في رِسالةِ يَعقوب 1: 22 ما يَلي: "وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ..." [والآن، استَمِعوا] "وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ". لماذا؟ "خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ". هذا هو ما يَقولُهُ رَبُّنا في العِظَةِ على الجَبل. فإن سَمِعتُم ذلكَ ولم تَفعلوه فإنَّكُم تَخدعونَ نُفوسَكُم. "لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ، فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ". بعبارة أخرى، إن لم تَفعل ذلك فإنَّهُ لن يَترُكَ أيَّ تأثيرٍ في حَياتِكَ أو في مَصيرِك.
ونَقرأُ في رسالة كولوسي 1: 21 ما يَلي: "وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ". وهذا شَيءٌ رائعٌ. فقد صَالَحَكُم. ثُمَّ نَقرأُ في العَدد 23: إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ". بعبارة أخرى: الأشخاصُ المُخَلَّصونَ حقًّا هُم أولئكَ الَّذينَ يَستمرُّونَ في حَياةِ الطَّاعة.
ونَقرأُ في رِسالةِ يُوحنَّا الأولى 2: 3: "وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا [مَاذا؟] وَصَايَاهُ". وهذا ليسَ كَلامي أنا، يا أحبَّائي، بل هو كَلامُ الرَّبِّ. وقد قالَ الرُّسُلُ ذلك. لِذا، لا تَخدَعوا أنفسَكُم. فنحنُ نَقرأُ في الرِّسالة إلى تِيطُس 1: 16: "يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ اللهَ، وَلكِنَّهُمْ بِالأَعْمَالِ يُنْكِرُونَهُ". ثُمَّ استَمِعوا إلى هذا. كيفَ يُنكرونَهُ؟ "إِذْ هُمْ رَجِسُونَ غَيْرُ طَائِعِينَ".
فإن قُلتَ إنَّكَ مَسيحيٌّ، أو قُلتَ: "أنا أَعترفُ بِهِ بلساني، ولديَّ المَعرفة العَقليَّة"، ولكن مِن دُونِ أن تَكونَ مُطيعًا، لن يَكونَ خَلاصُكَ حَقيقيًّا. لِذا فإنَّ البِناءَ على الصِّخرِ، يا أحبَّائي، هُوَ طَاعَة. انظر إلى حَياتِكَ وافحَصْها. هل هي حَياةٌ تَتوقُ أكثرَ مِن أيِّ شَيءٍ آخر إلى إطاعَةِ كلمةِ الله؟ أَم أنَّها حَياةُ عِصْيانٍ وتَبريرٍ مُستمرٍّ لذلكَ العِصيان؟
لِذا فإنَّ الطَّاعَةَ هي الكَلِمَة الرَّئيسيَّة هُنا. وأودُّ أن أُضيفَ الفِكرةَ التَّالية: أنَّ المِحَكَّ الوَحيدَ لِخلاصِكَ هُوَ حَياةُ الطَّاعَة. فهو الدَّليلُ الوَحيدُ على أنَّكَ قَبِلتَ حقًّا رُبوبيَّةَ يَسوعَ المَسيح. وسوفَ أُكَرِّرُ ذلكَ مَرَّةً أخرى لأنَّ هذا هُوَ جَوهرُ هذهِ الرِّسالة: الطَّاعةُ هي الدَّليلُ الوَحيدُ على خَلاصِك. فهي البُرهانُ الوَحيدُ المُمكِنُ على أنَّكَ تُدركُ رُبوبيَّةَ يَسوعَ المسيح. فإن لم تَكُن هُناكَ طَاعَة فإنَّ اعتِرافَكَ بأنَّ يَسوعَ رَبٌّ هو مُجرَّدُ اعتِرافٍ شَفَهِيٍّ.
لِذا فإنَّ يَسوعَ يَتحدَّثُ عنِ الحَياةِ المَبنيَّة على الصَّخر. وما هي تلكَ الحياة؟ إنَّها الحَياةُ المَوصوفَةُ في كُلِّ العِظَة. فهي الحَياةُ الَّتي تَنظُرُ نَظرةً كِتابيَّةً إلى الذَّاتِ؛ أيْ حَياةُ التَّطويبات. وهي الحَياةُ الَّتي تَنظُرُ نَظرةً كِتابيَّةً إلى العالَم. فهي تَنظُرُ إلى نَفسِها بأنَّها مُطالَبَة بِحِفْظِ العالَمِ، وبإنارةِ العالَمِ؛ لا أن تَكونَ جُزءًا مِنه.
إنَّهُ المَوقفُ الكِتابيُّ مِن كلمةِ اللهِ. لا أن نُغَيِّرَها، ولا أن نُبَدِّلَها؛ بل أن نَقبلَ كُلَّ حَرفٍ ونُقطةٍ فيها. ويسوعُ يَعرِضُ هذهِ الحَياةَ المَبنيَّة على الصَّخرِ؛ وهي حَياةٌ تَتَمَثَّلُ في المَوقفِ الكِتابِيِّ مِنَ الأخلاقِ؛ لا أن تُحاولَ أن تَتَمَلَّصَ مِن كُلِّ ما يُمكِنُ التَّمَلُّصُ مِنه. فهي حَياة ليست خَارجيَّة فقط، بل داخليَّة أيضًا.
إنَّهُ المَوقفُ الكِتابيُّ مِنَ الكَلامِ [أيْ: مِن أقوالِكَ]، ومِنَ الأفعالِ [أيْ: مِن أفعالِكَ]، ومِنَ الدَّوافعِ [أيْ: مِنَ الأسبابِ الَّتي تَدفعُكَ إلى القِيامِ بما تَقومُ به]. وَهُوَ المَوقفُ الكِتابيُّ مِنَ المالِ، والأشياءِ، والمَوقفُ الكِتابيُّ مِنَ النَّاسِ، ومِن كُلِّ شَيءٍ تَحَدَّثَ عنهُ يَسوعُ في العِظَةِ على الجَبَل. فَهُوَ يَقولُ: "إن كانت حَياتُكَ مُكَرَّسَةً لإطَاعةِ هذهِ الأشياءِ فإنَّكَ تَقفُ على الصَّخر. لِذا، عندما أَسمَعُ شَخصًا يَقول: "أجل! لقد وُلِدتُ ثانيةً؛ ولكنِّي أعيشُ كَما يَحلو لي أن أعيشَ"؛ فإنَّني أَشُكُّ في خَلاصِه.
لقد قَرأتُ مَقالةً في مَجلَّة في الآوِنَةِ الأخيرة بعُنوان: "ماذا سيَفعلُ رُعاةُ الكَنائسِ بخصوصِ المَوجةِ الجَديدةِ مِنَ الأشخاصِ المَسيحيِّينَ الَّذينَ يَعيشونَ مَعًا دُونَ أن يَتزوَّجوا". ولكنِّي أَشُكُّ في أنَّ مُؤمنينَ حَقيقيِّينَ يُمكِنُ أن يَفعلوا ذلك. وأعتقد أنَّنا بِحاجةٍ لا إلى إعادَةِ تَقييمِ مِعيارِ الزَّواجِ، بل إلى إعادَةِ تَقييمِ هُويَّةِ المُؤمِنِ الحَقيقيِّ. فإن لم تَكُن هَذهِ هي وُجْهَةُ حَياتِكَ، أيْ تلكَ الحَقائقُ والعِظَةُ على الجَبَل، فإنَّ هذا يَعني أنَّكَ تَخدَعُ نَفسَكَ. فالخَلاصُ، كما قُلتُ وأقولُ دائمًا، لا يَعني أن تَصنَعَ قَرارًا، أو تُوَقِّعً بِطاقةً، أو تَرْفَعَ يَدَكَ؛ بل إنَّ الخَلاصَ هُوَ اعتِرافٌ بالمِعيارِ الإلهيِّ، والاعترافُ بخطيَّتِكَ، والتَّضَرُّعُ إلى اللهِ كي يَرحَمَكَ ويُعطيكَ بِرَّهُ لأنَّكَ تَرغبُ في إطاعةِ كَلمتِه. فلا يَجوزُ أن تَقول: "أنا أريدُ أن آتي إلى المسيحِ، وأريدُ أن أَنالَ الخَلاصَ؛ ولكنِّي لا أريدُ أن يَكونَ لي أيُّ شَأنٍ بموضوعِ الطَّاعةِ هذا". إن قُلتَ هذا فإنَّكَ لستَ مَسيحيًّا. وهذا أمرٌ يُحزِنُ قَلبي.
فالنَّاسُ يَقولونَ لي: "أنتَ تَعرِفُ فُلانًا. أنا أعرفُ أنَّهُ مُخَلَّصٌ؛ ولكنَّهُ لا يأتي إلى الكنيسةِ، ولا يُبالي بذلكَ، بل إنَّهُ يَتضايَقُ مِنَ الكَنيسة". والحقيقةُ هي أنَّ أشخاصًا كهؤلاءِ لا يَعرِفونَ المَسيحَ على الأرجَح؛ بل إنَّهُم يَخدَعونَ أنفسَهُم.
واسمَحوا لي أن أتَعمَّقَ قليلاً في هذا الوَهْم المُشار إليهِ هُنا. فقد رأينا أَوجُهَ التَّشابُه. والآن، دَعونا نَرى أوجُهَ الاختِلاف. لاحِظوا ما يَلي: إنَّ واحِدًا مِنهُما يَبني بالطَّريقةِ السَّهلة، في حينِ أنَّ الآخَرَ يَبني بالطَّريقةِ الصَّعبَة. هل أنتُم مَعي في ذلك؟ فَمِنَ السَّهلِ أن تَبنوا على الرَّملِ لأنَّكُم لستُم بحاجة إلى الحَفرِ أوِ القيامِ بأيِّ شَيء. فهذا يُشبِهُ المَشيَ في الطَّريقِ الرَّحْب إذْ يُمكِنُكَ أن تَمضي بِكُلِّ مَا تَحمِلُهُ مِن أمتِعَة. فيُمكنُكَ أن تَصرِفَ وَقتًا رائعًا، وأن تَتمتَّعُ بالمَساحَةِ الوَفيرة، وأن تَفعلَ ما شِئتَ إذْ إنَّ هُناكَ تَهاوُنًا كَثيرًا. وهذهِ هي حَالُ الجَاهِل.
فالجاهِلُ يَبني بالطَّريقةِ السَّهلةِ لِسَبَبَيْن: الأوَّلُ هو أنَّ الجُهَّالَ في عَجَلَةٍ مِن أمرِهِم دائمًا. والكِتابُ المُقدَّسُ يَقولُ في سِفْرِ الأمثالِ إنَّ الجُهَّالَ يَستعجِلون. وقد تَعَلَّمتُ القَليلَ عن ذلك. فأنا لستُ بارِعًا في استِخدامِ يَدَيَّ في بِناءِ الأشياء، ولكنِّي تَعَلَّمتُ شَيئًا عَبْرَ السِّنين وهو أنَّكَ إن فَعلتَ شَيئًا بالطَّريقةِ الصَّحيحةِ أوَّلَ مَرَّة، لن تُضطَرَّ إلى إعادَتِهِ مَرَّةً أخرى. وقد تَعَلَّمتُ ذلكَ لأنِّي أعملُ الأشياءَ بالطَّريقةِ الخَطأ أوَّلَ مَرَّة. فأنا لا أنتَبِه جَيِّدًا. والجُهَّالُ يَستعجِلونَ دائمًا. وَمِنَ السَّهلِ أن تَبني بَيتًا على الرَّمل لأنَّكَ لن تُضطَرَّ إلى الحَفرِ، ولن تُضطَرَّ إلى التَّجهيز، بل تَبني وَحَسْب.
فالجاهِلُ يَبحثُ دائمًا وأبدًا عنِ الطُّرُقِ المُختصَرةِ، والنَّتائجِ السَّريعة، والكِرازةِ السَّريعة. استمرّ في الرَّكض، واقفِز إلى العَربة لأنَّنا لن نُبطِئ. فلا يُوجَد وَقتٌ لتَبكيتِ الذَّاتِ، ولا يُوجِد وَقتٌ لتَعميقِ الشُّعورِ باللهِ، ولا يُوجَد وَقتٌ لِتَعليمِ عَقيدةِ الخَطيَّة، ولا يُوجَد وَقتٌ لتَرسيخِ الشُّعورِ بالتَّبكيت، ولا يُوجَد وَقتٌ لِفَحصِ نَفسِكَ قُدَّامَ اللهِ.
فهؤلاءِ يَقولون: "يجب علينا أن نَذهب. يجب علينا أن نَنطلِق. إن أردتَ أن تَذهبَ مَعَنا، عليكَ أن تُسرِع لأنَّنا لن نَنتظِرَ أحدًا". فَهُم يُحبُّونَ الطُّرُقَ المُختصرةَ، والنَّتائجَ السَّريعةَ، والكِرازةَ السَّريعة. وهذا هُوَ ما نَراهُ اليوم. فقد اتَّبَعْنا أسلوبَ الأشياءِ المُعَلَّبَةِ في كُلِّ شيء. وهذا يُؤدِّي إلى كَثرةِ الجُهَّالِ وقِلَّةِ العُقلاء. فَلا أحدَ يَبني بُرْجًا ما لم يَحسِب النَّفَقة أوَّلاً. لا يُوجَد شخصٌ عاقِلٌ يَفعلُ ذلك.
أمَّا السَّببُ الثَّاني بخصوصِ الجَاهِلِ الَّذي يَبني بالطَّريقةِ السَّهلة فهو أنَّهُ يَفعلُ ذلكَ لا لأنَّهُ مُستعجِلٌ وَحَسْب، بل أيضًا لأنَّهُ سَطحِيٌّ. فكم عَددُ الأشخاصِ الَّذينَ يَدَّعُونَ أنَّهُم يُؤمنونَ بالمسيحِ ويَقولونَ إنَّهُم سَمِعوا الإنجيلَ وقَبِلوه دُونَ أن يَكونَ هُناكَ شَيءٌ في حَياتِهم يُبَرهِنُ على صِحَّةِ ذلك؟ فَهُم سَطحِيُّون. وأعتقدُ أنَّنا نَعيشُ في عَصرِ السَّطحِيَّة. فنحنُ نَعيشُ في عَصْرِ السُّرعَةِ المَحمومَة.
وما أعنيه هو أنَّكَ إن لم تَحصُل على شَطيرَتِكَ في ثَلاثِ دَقائق مِن مَطعم مَكدونالدز فإنَّكَ تُصابُ بِسَكْتَةٍ دِماغِيَّة. فنحنُ سَطحِيُّونَ جدًّا. وهناكَ مَلايينُ الأشخاصِ الَّذي يُسَمُّونَ اسمَ يَسوع، ولكنَّهُ إيمانٌ مَبنيٌّ على الرَّمل. وعندما لا يَحصُلونَ على مَا يَطلبونَهُ مِن يَسوع، وعندما لا يَنَالونَ ما يَسْعَوْنَ إليهِ فإنَّ بَيتَهُم يَبتدئُ في الانهيار. وَهُم يَبتدِئونَ في البَحثِ عن مَكانٍ رَمْلِيٍّ آخر يَبنونَ عليهِ بَيتًا آخرَ؛ ولكنَّهُ لَن يَصمُدَ أيضًا.
لقد صَارتِ المَسيحيَّةُ سَطحيَّةً جدًّا. وما يُغيظُني حَقًّا هو أنَّني أَسمعُ ما يُقال عنِ المَسيح؛ وهو كَلامٌ يَنبغي أن يَكونَ صَحيحًا. ولكنَّها عِظاتٌ لا صِلَةَ لها البَتَّة بالإنجيل. ثُمَّ إنَّهُم يُقَدِّمونَ الدَّعوةَ في النِّهاية فيأتي النَّاسُ ويَقبَلونَ يَسوعًا لا صِلَةَ لَهُ بيسوعَ الكتابِ المقدَّس.
فَلا تُوجَدُ حِراثَة عَميقة، ولا يُوجَد حَفْرٌ، ولا تُوجَد أساساتٌ، ولا يُوجَدُ انكسارٌ قَلبِيٌّ. ويقولُ "آرثر بِنك" (Arthur Pink): "لو لم أَبْكِ يَومًا على ضَلالي لَما كَانَ لَديَّ أساسٌ مَتينٌ للفَرَح". وأعتقدُ أنَّ "سبيرجن" (Spurgeon) أَحْسَنَ التَّعبيرَ حينَ قال: "مَا أَحْوَجَنا إلى العُمقِ، وَمَا أَحْوَجَنا إلى الصِّدْقِ، وَمَا أَحْوَجَنا إلى الحَماسَةِ للدِّين. فهذهِ هي الحَاجَةُ المُلِحَّةُ في زَمانِنا هذا. وَمَا أَحْوَجَنا إلى عَيْنٍ تَرى اللهَ في الدِّين. فنحنُ نَفتقِرُ إلى التَّعامُلِ الصَّادِقِ مَعَ النَّفس، ونُهْمِلُ استِخدامَ المِبْضَعِ مَعَ قُلوبِنا، ونُهْمِلُ استِخدامَ مُذَكَّرَةِ التَّفتيشِ الَّتي يُعطينا اللهُ إيَّاها للبحثِ عنِ الخَطيَّة، ونُهمِلُ العَيشَ لأجلِ المَسيح. صَحيحٌ أنَّنا نَقرأُ الكثيرَ عنهُ، ونَتحدَّثُ كَثيرًا عنهُ؛ ولكنَّنا لا نأكُلُ كثيرًا جَسَدَهُ ولا نَشرَبُ دَمَهُ. وهذه هي أسبابُ الادِّعاءِ الأجوفِ والرَّجاءِ الَّذي لا أساسَ لَهُ". [نِهايةُ الاقتباس].
مِن جِهةٍ أخرى، في حينِ أنَّ الجاهِلَ يَستعجِلُ كَثيرًا، فإنَّ العَاقِلَ لا يَستعجِل. والحقيقةُ هي أنَّنا نَقرأُ في النَّصِّ المُوازي في إنجيل لوقا 6: 47 و48 أنَّ العَاقِلَ [وأنا أُحِبُّ ذلك]: "حَفَرَ وَعَمَّقَ". وهذا شَيءٌ جَيِّدٌ. فقد حَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ. فقد استَنَدَ إلى صَخرِ كلمةِ الله. فهو يُزيلُ التُّرابَ [أيْ تُرابَ الآراءِ البَشريَّةِ والإرادةِ البَشريَّةِ] ويَحفِرُ إلى أن يَصِلَ إلى صَخْرِ إطاعَةِ كلمةِ الله.
والآن، ما مَعنى الحَفر عَميقًا؟ أوَّلاً، إنَّهُ يَعني أنَّكَ لستَ مُستعجِلاً. فلا يوجد اهتِداءُ مُتَسَرِّع، ولا يُوجَد اعتِرافٌ سَطحِيٌّ. وقد قالَ كَاتِبٌ: "هُناكَ أشخاصٌ يَقولونَ إنَّهُم نَالوا الخَلاصَ قبلَ حَتَّى أن يُدركوا أنَّهُم خُطاة". وقد قُلتُ في وقتٍ سابقٍ إنَّ هُناكَ أشخاصًا يُقَدِّمونَ الإنجيلَ بطريقةٍ سَطحيَّةٍ جدًّا حَتَّى إنَّ غيرَ المُختارينَ لا يَرفُضونَهُ.
فالأشخاصُ الَّذينَ يَقولونَ إنَّ المَسيحَ رَبٌّ ومُخَلِّصٌ لِحياتِهم يُبدونَ الاستعدادَ للحَفرِ عَميقًا. فقد فَكَّروا طَويلاً في المَسؤوليَّة. وَهُم لا يَستعجِلونَ في الاعتِرافِ، ولا يَتركونَ الإيمانَ؛ وإلاَّ فإنَّهُم سيُطرَحونَ للدَّينونةِ الأخيرة. فَهُم يَحسِبونَ النَّفَقة، ويُفَكِّرونَ في ما يَفعلونَهُ. فَهُناكَ حَفْرٌ عَميقٌ. وليسَ هُناكَ استِعجال.
عندما زَرَعَ الرَّبُّ البُذورَ في ذلكَ المَثَلِ في إنجيل مَتَّى والأصحاح 13 فإنَّهُ يَقول: "وَالْمَزْرُوعُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَحَالاً يَقْبَلُهَا بِفَرَحٍ، وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ. فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ" ويَهرُب. فَكِّروا في ذلكَ وَحَسْب. فقد رأيتُ ذلكَ يَحدُثُ مَرَّاتٍ كثيرة جدًّا. "أنا أعترفُ بالمسيح. أنا مَسيحيّ". وما إنْ تُعَلِّمُهم كلمةَ اللهِ وتُخبرُهم عَن مُتَطَلَّباتِها فإنَّهُم يَذهبونَ ولا يَعودون. فَهُم لا يُريدونَها.
ولكنَّ الحَالَ ليست كذلكَ معَ الشَّخصِ الَّذي يَحفِرُ عَميقًا. فهو يَحفِرُ عَميقًا إلى أن يَصِلَ إلى الطَّبَقةِ الصَّخريَّةِ لكلمةِ اللهِ كي يُطيعَها. فنحنُ نَقرأُ في إنجيل لوقا 9: 58: "فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأسَهُ». وَقَالَ لآخَرَ: «اتْبَعْنِي». فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي»".
والأمرُ المُدهِشُ هُنا هو أنَّ أباهُ لم يَكُن قد مَاتَ بَعد. "اسمَح لي أن أذهبَ إلى البيت، وأن أنتَظِرَ إلى أن أحصُلَ على مِيراثي. وحالَ حُصولي على المالِ سَآتي". ولكنَّ يَسوعَ قالَ لَهُ: "دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ فَاذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ اللهِ". دَعِ العَالَمَ يَهتمُّ بشؤونِهِ. وَدَعِ المَوتَى رُوحيًّا يَدفِنونَ مَوتاهُم بالجَسَد. أمَّا أنتَ فاذهب ونَادِ بالمَلَكوت.
"وَقَالَ آخَرُ أَيْضًا: «أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ، وَلكِنِ ائْذَنْ لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ الَّذِينَ فِي بَيْتِي». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ»". فالنَّاسُ الَّذينَ يَأتونَ مُسرِعين؛ ولكِنْ عندما تَبتدئُ في تَوضيحِ الأساسِ المُختصِّ باتِّباعِ المسيحِ، فإنَّهُم يَرغبونَ فَجأةً في الرُّجوعِ مَرَّةً أخرى، لا يَصلُحونَ للمَلكوت. لماذا؟ لأنَّهُم لم يَأتوا مِنَ الطَّريقِ الضَّيِّق. لِذا، أوَّلاً، الأشخاصُ الَّذينَ يَحفِرونَ عَميقًا لا يَستعجِلون. لِذا فإنَّ إيمانَهُم ليسَ سَطحيًّا.
ثانيًا، الأشخاصُ الَّذينَ يَحفِرونَ عَميقًا يُظهِرونَ رَغبةً في بَذلِ أقصى جُهدٍ مُمكِن. فالنَّاسَ يَنجذبونَ دائمًا إلى الطَّريقِ السَّهل، وإلى الدَّربِ الهَيِّن. وأعتقدُ أنَّنا نَجعلُ الإنجيلَ أحيانًا سَهلاً جدًّا حَتَّى إنَّهُ لا يَعودُ إنجيلاً البَتَّة، وحَتَّى إنَّ الاهتداءَ ليسَ اهتِداءً البَتَّة. فهُناكَ كَنائس تَقول: "مِنَ الصَّعبِ جِدًّا أن نُتابعَ المُؤمِنينَ الجُدُد. مِنَ الصَّعبِ جِدًّا أن نُتابِعَهُم". فكما تَعلمونَ، هُناكَ كَنائس كبيرة جدًّا في أمريكا. وهُناكَ كَنيسة كَبيرة جدًّا... كَنيسة كَبيرة جدًّا قَالت إنَّ هُناكَ ثمانيةً وعشرينَ ألفَ حَالة اهتِداء في السَّنة على الوَرَق، وإنَّهُم عَمَّدوا 9600 شخصًا، وإنَّ 123 شخصًا انْضَمُّوا إلى عُضويَّةِ الكنيسة.
وقد قالَ الشَّخصُ الَّذي كانَ يَعملُ في تلكَ الكنيسة: "لقد عَرَفتُ حالاً أنَّ هُناكَ خَطْبًا مَا. لِذا فقد تَركتُ تلكَ الكنيسة وقُلتُ: ’يا رَبُّ، أَرِني كيفَ أَكرِزُ بالطَّريقةِ الصَّحيحة‘". فلا يُعقَلُ أن يَنالَ ثمانيةٌ وعشرونَ ألفَ شَخصٍ الخَلاصَ إن كان عَددُ الأشخاصِ الَّذينَ انضَمُّوا إلى الكنيسةِ 123 فقط. فالمُشكلةُ لا تَكمُنُ في صُعوبةِ المُتابعة، بل إنَّ المُشكلةَ تَكمُنُ في صُعوبةِ الاهتِداء. هذه هي المُشكلة.
ونحنُ نُحاولُ أن نُتابعَ الأشخاصَ الَّذينَ لم يَنالوا الفِداءَ أصلاً. فالنَّاسُ يَقولون: "إن لم نُتابِعهُم، سنُضطَرُّ إلى تَركِهم للرُّوحِ القُدُس. وهذا لا يُحَقِّق أيَّة نَتيجة عادةً". ولكن يجب أن تَعلموا أنَّهُم إن كانوا قدِ آمَنوا حَقًّا فإنَّ اللهَ سيَعملُ عَمَلَهُ. ولكنَّ عَمليَّةَ مُتابعةِ غيرِ المُهْتَدينَ هي الصَّعبة.
اسمَعوني: إنَّ الشَّخصَ الَّذي يَحفِرُ عَميقًا يَرغبُ في بَذْلِ الجُهدِ للدُّخول. فهو يَفعلُ الأمورَ الصَّعبةَ، ولا يُبالي بالتَّعَب، ويَتخلَّى عنِ الأمورِ الثَّانويَّةِ في سَبيلِ البِناءِ على الصَّخر. ولا شَكَّ في أنَّهُ مِنَ الأسهل جدًّا أن نَتبعَ طَريقَ الجَسد. ومِنَ المُؤكَّدِ أنَّهُ مِنَ الصَّعبِ أن تَكْبَحَ جِماحَ نَفسِكَ وأن تَسيرَ في طَريقِ الله.
ولكنَّ وَصاياهُ، يا أحبَّائي، ليست ثَقيلة. أليسَ كذلك؟ فهي وَصايا مُبارَكَة. ونحن نُطَبِّقُها لا بِدافعِ الخَوفِ، بل بِدافعِ المَحبَّة. وهُناكَ شَيءٌ آخرُ يَختصُّ بالشَّخصِ الَّذي يَحفِرُ عَميقًا وهو أنَّهُ يُريدُ أن يَفعلَ ذلكَ بالطَّريقةِ الصَّحيحةِ، وأنَّهُ قَابِلٌ للتَّعليم. فالفَرِّيسيُّونَ لم يَكونوا قَابِلينَ للتَّعليم. فلم يَكُن بمقدورِكَ أن تُخبِرَهُم أيَّ شَيء. فَهُم لم يَكونوا يَرغَبونَ في سَماعِ ذلك.
وهناكَ أشخاصٌ كَثيرونَ على غِرارِهم. فَهُم يَعترِفونَ بالمسيح؛ ولكنَّهُم لا يُريدونَ أن يَسمَعوا ما يَقتَضيهِ ذلك، ولا يُريدونَ أن يَسمعوا ما يَتَطَلَّبُهُ ذلك، ولا يُريدونَ أن يَحسِبوا النَّفَقة، ولا يُريدونَ أن يَتعلَّموا الطَّريقَ الصَّحيحَ لبِناءِ حَياتِهم. فَهُم يُريدونَ أن يُنَفِّذوا أفكارَهُم الشَّخصيَّة وأهدافَهُم الشَّخصيَّة، وإرادَتهم الشَّخصيَّة، وأن يَفعلوا ما يَشاؤون، وأن يُحَقِّقوا مَقاصِدَهُم، وأن يَسيروا في الدَّربِ الَّذي شَقُّوهُ لأنفسِهم. وعندما تَذهبُ إليهم وتُحاولُ أن تُعَلِّمَهُم الصَّوابَ فإنَّهُم لا يَرغبونَ في الاستماعِ إلى ذلك. وهذا لا يَرجِعُ إلى أنَّهُم مَسيحيُّونَ غيرُ قابلينَ للتَّعَلُّم، بل لأنَّهُم مَسيحيُّونَ زَائِفون. فهذا هو ما يَقولُهُ رَبُّنا.
فالحُفرُ العَميقُ، أوِ الشَّخصُ الَّذي يَحفِرُ عَميقًا يُخْلي نَفسَهُ مِنَ البِرِّ الذَّاتيِّ، ويُخْلي نَفسَهُ مِنَ الاكتِفاءِ الذَّاتِيِّ، ويَعرِفُ أنَّهُ لا يَملِكُ أيَّ شَيءٍ، ويَعلمُ أنَّهُ ليسَ جَديرًا بأيِّ شَيء. لِذا فإنَّهُ يُدرِكُ خَطيَّتَهُ. وهو يَبذُلُ أقصى جُهدٍ مُمكنٍ للدُّخول. وهو يَبذُلُ أقصى جُهدٍ مُمكنٍ لِوَضعِ كلمةِ اللهِ في قَلبِهِ حَتَّى لا يُخطِئ.
وهو يُبالي بعَلاقةِ المَحبَّةِ الحَقيقيَّةِ بيسوعَ المسيح، لا بالأنشطةِ الرُّوحيَّةِ الرُّوتينيَّة. وهو لا يَبني إيمانَهُ على الرُّؤى، ولا يَبني إيمانَهُ على الاختباراتِ الشَّخصيَّة، ولا يَبني إيمانَهُ على مُعجِزاتٍ مَزعومَة؛ بل يَبني إيمانَهُ على كلمةِ اللهِ، ويَبني إيمانَهُ لأجلِ مَجدِ اللهِ، لا مَجدَهُ هُوَ.
اسمَعوني: هُناكَ أشخاصٌ كَثيرونَ يَرغبونَ في الحُصولِ على قُدراتٍ رُوحيَّة. انظروا إلى سِيمون في الأصحاحِ الثَّامِنِ مِن سِفْرِ أعمالِ الرُّسُل. فقد أرادَ أن يَشتري قُوَّةَ رُوحِ اللهِ بالمال. ولكنَّ بُطرسَ قالَ لَهُ: "لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ" أيُّها الشَّخصُ الزَّائِف. فهناكَ أشخاصٌ كَثيرونَ يُريدونَ القُوَّة؛ ولكنَّهُم لا يُبالونَ بالعَيشِ وَفقًا لمَعاييرِ اللهِ. فَهُم زَائِفونَ ويَبنونَ على الرَّمل. وَهُم يُريدونَ أن يَعرِفوا ما يَستطيعُ المَسيحُ أن يَفعلَهُ لأجلِهم، ويُريدونَ الخَيرات، ويَتبَعونَ الآياتِ والعَجائبَ؛ ولكنَّهُم ليسوا مُكَرَّسينَ للمَسيحِ البَتَّة.
وَمَا الَّذي يَحدُثُ في نِهايةِ المَطاف؟ بِحَسبِ الآية 25 والآية 27، سوفَ يأتي يَومُ الحِساب. وهذا تَلخيصٌ وَحَسْب لكُلِّ الدَّينونة. فلا أعتقدُ أنَّهُ يُمكنكَ أن تَقولَ إنَّ المَطرَ يَرمِزُ إلى كَذا، وإنَّ الأنهارَ تَرمِزُ إلى كَذا، وإنَّ الرِّياحَ تَرِمِزُ إلى كَذا، وإنَّ سُقوطَ البَيتِ يَرمِزُ إلى كَذا". فقد تُجانِبُ الصَّوابَ إن اتَّبعتَ هذهِ الطَّريقة في التَّفسير.
فما يَقولُهُ هُنا، ببساطة، هو أنَّ عَاصفةً ستأتي ذاتَ يَومٍ. وَمِنَ الواضحِ ما هو البيتُ المَبني على الصَّخر، وما هُوَ البيتُ المَبني على الرَّمل. وفي يَومٍ مَا، سَيكونُ هُناكَ حِسابٌ إلهيٌّ. هذا هو ما يَقولُهُ النَّصُّ. فسوفَ يَعصِفُ اللهُ برياحِ الدَّينونةِ، ويُمطِرُ مَطَرَ الدَّينونةِ، ويُرسِلُ طُوفانَ الدَّينونة. وعندما يَفعلُ ذلكَ، سيَصمُدُ بَعضٌ ويَسقُطُ بَعض.
فسوفَ يَتِمُّ اختبارُ صِحَّةِ دِيانَتِكَ، وما إذا كُنتَ حِنطةً أَمْ زَوانًا. فذاتَ يَومٍ، سيَأتي الدَّيَّانُ ويَفصِلُ الزَّوانَ عَنِ الحِنطة. فسوفَ يَنفُخُ رِياحَ الدَّينونة. والأشخاصُ الَّذينَ بَنوا حَياتَهُم على الصَّخرِ سيَصمُدون. ويا لَهُ مِن وَعدٍ رائعٍ!
وأنا أُفَكِّرُ دائمًا في ما جاءَ في الرِّسالةِ الأولى إلى أهلِ تسالونيكي والأصحاحِ الأوَّلِ إذْ نَقرأُ أنَّ يَسوعَ أَنقذَنا مِنَ الغَضبِ الآتي. لماذا؟ لأنَّ إيمانَنا حَقيقيٌّ. هذا هو ما قالَهُ لأهلِ تسالونيكي. إنَّ إيمانَكُم حَقيقيٌّ. لِذا، ستَخلُصونَ مِنَ الغَضبِ الآتي. فسوفَ يأتي وَقتُ دَينونة.
ونحنُ نَقرأُ في سِفْر الرُّؤيا والأصحاحِ العِشرين تَحديدًا كيفَ سيَحدُثُ ذلك: "ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ، الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ! وَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَانْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ. وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ، وَسَلَّمَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا. وَدِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي. وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ".
هذهِ هي دَينونةُ العَرشِ العَظيمِ الأبيضِ الأخيرة. وأعتقدُ أنَّ ذلكَ اليَومَ هُوَ اليومُ الَّذي سَتُسمَعُ فيهِ في أَرْوِقَةِ قَاعةِ الدَّينونةِ تلكَ الأصواتُ الَّتي تَقول: "يا رَبّ، يا رَبّ"، ويُسمَعُ فيهِ أيضًا رَدُّهُ عَليهِم: "اذْهَبُوا عَنِّي... إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ!" فالنَّاسُ مَخدوعون. اسمَعوني: إنَّ الشَّيطانَ كَاذِبٌ. أليسَ كذلك؟ والشَّيطانُ مَاكِرٌ. وأكبرُ خِدعةٍ يُمارِسُها هي أنَّهُ يَجعلُ النَّاسَ يَعتقدونَ أنَّهُم مَسيحيُّونَ في حين أنَّهُم ليسوا كذلك. فإن لم تَكُن تَعلَمُ أنَّكَ في وَرطة، لن تَبحثَ عن حَلٍّ لها. ولكنَّ يومَ الدَّينونةِ آتٍ. لِذا، يجبُ عليكَ أن تَفحصَ حَياتَك.
فليسَ كُلُّ مَن يَظُنُّ [وَفقًا للعَدد 21] ليسَ كُلُّ مَن يَظُنُّ أنَّهُ في المَلكوتِ هُوَ حَقًّا في المَلكوت. انظروا إلى الأساس. صَحيحٌ أنَّ هَؤلاءِ قد يُوَقِّرونَ المَسيحَ، وأنَّهُم يَتْبَعونَ عَقيدةً قَويمةً. فقد تكونُ مُتَحَمِّسًا، ونَشيطًا في العِبادةِ الشَّخصيَّة، ونَشيطًا في العِبادةِ الجُمهوريَّة، وأنَّكَ مُنهَمِكٌ في الأنشطةِ الرُّوحيَّة، وأنَّكَ تَبني حَياةً دِينيَّةً في نَفسِ مُجتمعِ المؤمنينَ الحَقيقيِّين.
وصَحيحٌ أنَّ بَيتَكَ الصَّغيرَ قد يَبدو نُسخَةً طِبقَ الأصلِ عن بُيوتِهم؛ ولكن عندما تَأتي الدَّينونة ستَكونُ مُدَمِّرَةً لأنَّ بَيتَكَ مَبْنِيٌّ على رَمْلِ إرادَتِكَ الشَّخصيَّة، ورَغباتِكَ الشَّخصيَّة، وأُمنياتِكَ الشَّخصيَّة، وطَريقِكَ الشَّخصيِّ؛ لا على صَخرةِ إطاعَةِ كلمتِه. لِذا، أريدُ أن أقولَ لَكَ مِن قَلبٍ مُفعَمٍ بالمَحبَّة إنَّهُ يجبُ عليكَ أن تَعودَ وتَفحصَ الأساسَ.
وقد عَبَّرَ كَاتِبُ التَّرنيمةِ عن ذلكَ بالقَول: "النَّفسُ الَّتي تَتَّكِلُ على يَسوعَ للحُصولِ على الطُّمأنينَة، لن أتَخَلَّى عنها ولن أُسَلِّمَها لأعدائِهِ. فمعَ أنَّ جَهَنَّمَ ستَسعَى إلى زَعزعةِ تلكَ النَّفسِ، فإنِّي لن وَلَن وَلَن أترُكَها يَومًا". وما هي تلكَ النَّفس؟ إنَّها النَّفسُ الَّتي تَتَّكِلُ على يَسوعَ للحُصولِ على الطُّمأنينة. وهُناكَ تَرنيمةٌ أخرى تَقول: "بيتي مَبنيٌّ على دَمِ يَسوعَ وماذا؟ وبِرِّهِ. لِذا فإنِّي لا أتَّكِلُ على أَقوى الدَّعائِمِ، بل أَتَّكِل بالكامِلِ على اسِمِ يَسوع. فأنا أقفُ على يَسوعَ الصَّخرة لأنَّ كُلَّ أرضٍ أخرى هي مُجرَّدُ رِمالٍ مُتَحَرِّكَة".
لِذا فإنَّ عِظَةَ يَسوعَ الرَّائعة والَّتي ليسَ لها مَثيل تَنتهي بتَحذيرٍ قَويٍّ، وتَنتهي بِدينونَة. فالكلماتُ الأخيرةُ في العِظةِ تَقولُ في نِهايةِ العَدد 27: "وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا". اسمَعوني: إن أردتَ أن تَعرفَ كيفَ تُقَدِّم الإنجيل، يجب أن تَخْتِمَ تَقديمَ الإنجيلِ في كُلِّ مَرَّةً بتَحذيرٍ مِنَ الدَّينونةِ الَّتي ستَقَعُ على مَن يَرفُضُهُ. يجب أن يُخْتَمَ تَقديمُ الإنجيلِ بتلكَ الطَّريقة.
فَلا يَجوزُ أن نَختِمَ تَقديمَ الإنجيلِ بالقَول: "إن لم تَأتِ إلى المسيحِ فإنَّكَ ستَخسَرُ بكُلِّ تأكيدٍ الكثيرَ مِنَ الأمورِ الرَّائعة". فالدَّعوةُ إلى الإنجيلِ تَتطلَّبُ قَرارًا. وأنا أسألُكَ في هذا المَساء: ما هُوَ قَرارُك؟ ما هُوَ؟ قد تَقول: "أنا أختارُ المَسيحَ، وأختارُ الطَّريقَ الصَّحيحَ". هل أنتَ مُتيَقِّنٌ مِن ذلك؟ هل أنتَ مُتيقِّنٌ مِن أنَّكَ اخترتَ الطَّريقَ الصَّحيح؟
فنحنُ نَقرأُ في سِفْر الأمثال 30: 12: "جِيلٌ طَاهِرٌ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ، وَهُوَ لَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ قَذَرِهِ". فَهُم يَظُنُّونَ أنَّهُم طَاهِرون. وقد تَقول: "وكيفَ أَعلَمُ ذلك؟" انظر إلى الأساسِ الَّذي بُنِيَتْ عليهِ حَياتُك، وانظر إن كُنتَ تَنتَمي إلى أيٍّ مِن هذهِ اللَّوائِح. "فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ، الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ، لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ". والآن، استَمِعوا إلى ما يَلي: "لاَ يَغُرَّكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ بَاطِل، لأَنَّهُ بِسَبَبِ هذِهِ الأُمُورِ يَأتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ".
فيُمكنُكَ أن تَقولَ ما شِئتَ، ويُمكنُكَ أن تَدَّعِي أنَّكَ سَمِعتَ رِسالةَ الإنجيلِ؛ ولكنَّ ذلكَ قد يكونُ مُجَرَّد كَلِماتٍ جَوفاء نَابعة مِن قُلوبٍ جَوفاء لأنَّكَ إن كُنتَ شَخصًا زَانيًا، أو شَخصًا نَجِسًا، أو شَخصًا طَمَّاعًا، فإنَّكَ لن تَرِثَ المَلكوت. ولا تَسمَح لأيِّ شخصٍ أن يُقنِعَكَ بعَكسِ ذلك.
والآن، هُناكَ أوقاتٌ قد نَتَعَثَّرُ فيها جَميعًا ونَقعُ في الخَطيَّة. ولكن إن كانَ هَذا هو النَّمَطُ السَّائِدُ في حَياتِكَ فإنَّكَ لستَ في مَلكوتِه. لا تَخدَع نَفسَك. انظر إن كُنتَ في هذهِ اللَّائحة المَذكورة في الرِّسالة الأولى إلى أهلِ كورنثوس 6: 9: "أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا". فهو يَقولُ ذلكَ مَرَّةً أخرى.
فهذا دَائِمًا ضَلال. والنَّاسُ يَقولون: "لقد آمنتُ، وأَعلنتُ إيماني، واعترفُت بالمسيح". لا تَخدَع نَفسكَ. فإن كُنتَ زانِيًا [أيْ إن كُنتَ تَقتَرِفُ الخَطايا الجِنسيَّة]، أو كُنتَ عَابِدَ أوثانٍ، أو فَاسِقًا، أو مَأبونًا، أو مِثليًّا جِنسيًّا، أو سَارِقًا، أو طَمَّاعًا، أو سِكِّيرًا، أو شَتَّامًا، أو خَاطِفًا، لن تَرِثَ مَلَكُوتَ اللهِ. انظُر إلى حَياتِك. فكما تَرَوْنَ، لقد خَفَّضْنا المَعاييرَ كَثيرًا. أليسَ كذلك؟
وقد لا تَنْتَمي إلى هذهِ الفِئةِ أو تِلكَ. لِذا، انظر إلى اللاَّئحةِ التَّالية المَذكورة في رسالة غَلاطيَّة 5: 19: "وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ". وما هِيَ؟ "زِنىً، عَهَارَةٌ، نَجَاسَةٌ، دَعَارَةٌ [أيْ مُمارسةُ الخَطايا الجِنسيَّة دُونَ رَادِعٍ]، عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، سِحْرٌ، عَدَاوَةٌ، خِصَامٌ، غَيْرَةٌ، سَخَطٌ، تَحَزُّبٌ، شِقَاقٌ، بِدْعَةٌ، حَسَدٌ، قَتْلٌ، سُكْرٌ، بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ". لا تَضِلُّوا... لا تَضِلُّوا.
ونَقرأُ في سِفْر الرُّؤيا 21: 8: "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي". هل تَرى نَفسكَ في أيٍّ مِن هذهِ اللَّوائِح؟
والآن، اسمَعوني: نحنُ جَميعُنا نُخطِئ. ولكنَّنا لا نَتحدَّثُ عن ذلك. أمَّا إذا كانت هذهِ الأمورُ نَمَطًا دائمًا في حَياتِكَ، وإذا كانت هذهِ الأمورُ سِمَةً دائمةً في حَياتِكَ، فإنَّكَ لستَ في المَلكوت. وأنا لا أُبالي بما تَقول لأنَّ هذا هو ما تَقولُهُ كلمةُ اللهِ. فقد تقول: "إذًا، مَن يَستطيعُ أن يَخلُص؟ مَن يُمكِنُهُ أن يَخلُص؟" وهذا يُعيدُنا إلى نِهايةِ العَدد 14. فَمَا الَّذي يَقولُهُ؟ "وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ".
كانَ "تشارلز هادون سبيرجن" (Charles Haddon Spurgeon) يَدعو النَّاسَ إلى المَجيءِ إلى المَسيح. وقد قال: "أنا أدعو النَّاسَ إلى المَسيحِ، لا إلى مَذبحٍ". استَمِعوا إلى ما قالَهُ في خِتامِ عِظَةٍ أَلقاها. فقد قال: "قَبلَ أن تُغادِرَ هذا المَكان، صَلِّ إلى اللهِ بِحرارةٍ وَقُل لَهُ: ’اللَّهُمَّ ارْحَمْني أنا الخَاطِئ. يا رَبّ، أريدُ أن أَخلُص. خَلِّصني. أنا أدعو باسمِكَ. يا رَبّ، أنا مُذنِبٌ، وأستَحِقُّ غَضَبَكَ. يا رَبّ، لا أستطيعُ أن أُخَلِّصَ نَفسي. يا رَبّ، أنا بحاجةٍ إلى قَلبٍ جَديدٍ ورُوحٍ جَديد؛ ولكن ماذا عَسايَ أن أفعَل؟"
"يا رَبّ، لا أستطيعُ أن أفعلَ شَيئًا. تَعالَ واعمَل فِيَّ كي أريدَ وأفعلَ مِن أجلِ مِسَرَّتِكَ أنتَ. أنا أَعلمُ أنَّكَ أنتَ الوَحيدُ الَّذي تَستطيعُ أن تُخَلِّصَ خَاطئًا بائسًا مِثلي. إلى مَن أذهبُ إن هَربتُ مِنكَ؟ ولكنِّي أَدعُو باسمِكَ الآنَ مِن أعماقِ نَفسي. أنا خِائفٌ، ولكنِّي أُوْمِنُ وأُلقي نَفسي عليكَ يا رَبّ، وأَثِقُ في دَمِ ابنِكَ الحَبيبِ وبِرِّهِ. يا رَبُّ خَلِّصني اللَّيلة. باسمِ يَسوع".
وأنتُم تَعلَمونَ صِحَّةَ تلكَ الصَّلاة عندما يَكونُ شَوقُ قَلبِكَ هُوَ أن تَعيشَ حَياةً بَارَّةً. فإن لم يَكُن لديكَ هذا الشَّغفُ فإنَّكَ مَخدوعٌ. والآن، يا أحبَّائي، عندما تُقَدِّمُ حَياتَكَ للرَّبِّ في تلكَ اللَّحظة، أنا أُوْمِنُ أنَّهُ سيَعمَلُ حِينئذٍ. فحينئذٍ، سيَأخُذُ كُلُّ شَيءٍ مَكانَهُ الصَّحيح. ومِن تلكَ اللَّحظةِ فَصاعِدًا، سيَبتدئُ اللهُ بالعملِ، ويُعطيكَ القُوَّةَ، ويُغَيِّرُكَ.
وقد قَدَّمَ "سي.إس. لويس" (C.S. Lewis) مَثَلاً إيضاحِيًّا رائعًا على ذلك إذْ كَتَبَ مَا يَلي: "عندما كُنتُ صَبيًّا، كنتُ أَشكو غالبًا مِن ألمٍ في أسناني. وكنتُ أَعلمُ أنِّي إذا أخبرتُ أُمِّي فإنَّها ستُعطيني شيئًا يُسَكِّنُ الألمَ في تلكَ اللَّيلة ويُساعدُني على النَّوم. ولكنِّي لم أكُن أُخبرُ أُمِّي إلاَّ إذا كانَ الألمُ شَديدًا جدًّا. والسَّببُ في عَدمِ إخبارِها هو التَّالي: لم أَكُن أَشُكُّ في أنَّها ستُعطيني حَبَّةَ أسبرين، ولكنِّي كنتُ أعلمُ أيضًا أنَّها ستفعلُ شيئًا آخر. فقد كنتُ أَعلمُ أنَّها ستأخُذني إلى طَبيبِ الأسنانِ في اليومِ التَّالي.
"فلم يَكُن بمقدوري أن آخُذَ مِنها ما أُريد مِن دُونِ الحُصولِ على ذلكَ الشَّيءِ الَّذي لا أُريدُه. فقد كنتُ أريدُ مُسَكِّنًا للألمِ حَالاً؛ ولكنِّي لم أستَطِع الحُصولَ عليهِ مِن دُونِ مُعالجةِ أسناني بالطَّريقةِ الصَّحيحة. وقد كُنتُ أعرفُ أطبَّاءَ الأسنانِ هؤلاء. فقد كنتُ أَعلمُ أنَّهُم يَعبَثونَ بكُلِّ تلكَ الأسنانِ السَّليمةِ الَّتي لا تُؤلِم. فَهُم لا يَترُكونَ الأسنانَ المَنخورَةَ وَشأنَها".
والآن، أودُّ أن أُعَبِّرَ عن ذلكَ بالطَّريقةِ التَّالية: إنَّ رَبَّنا يُشبِهُ طَبيبَ الأسنان. فإن سَمَحْتَ لَهُ أن يَعمَلَ قَليلاً فإنَّهُ يَعمَلُ كَثيرًا. لِذا فإنَّهُ يُحَذِّرُ النَّاسَ ويقولُ لهم أن يَحسِبوا النَّفقةَ قبلَ أن يَصيروا مَسيحيِّين. فيَسوعُ يَقول: "لا تتوقَّعوا شَيئًا أقلَّ مِن ذلك. سوفَ أجعلُكَ كَامِلاً. ففي اللَّحظةِ الَّتي تَضَعُ فيها نَفسَكَ بينَ يَديَّ، هذا هو ما سيَحدُثُ لكَ؛ ولا شَيءَ غَيرَ ذلك. اعلَم أنِّي سأحرِصُ على إتمامِ هذا العَمل. فأنا لن أستريحَ ولن أَدَعَكَ تَستريح إلى أن تَصيرَ كَامِلاً تَمامًا، وإلى أن يَقولَ أبي مِن دُونِ أيِّ تَحَفُّظٍ إنَّهُ مَسرورٌ بِكَ، وإلى أن يَقولَ إنَّهُ مَسرورٌ بي".
وقد عَبَّرَ بولسُ عن ذلكَ بالكلماتِ التَّالية: "وَاثِقًا بِهذَا عَيْنِهِ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا [يَفعلُ ماذا؟] يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيح". لِذا فإنَّ رَبَّنا يَتَصَدَّى للكَلماتِ الجوفاءِ والقُلوبِ الجَوفاءِ لهؤلاءِ الأشخاصِ الَّذينَ يَدَّعونَ أنَّهُم في المَلكوتِ ولكنَّهُم ليسوا كذلك. وما هي نَتيجةُ العِظَة؟ قَدِّم عِظَةً كتلكَ في هذا الصَّباحِ فتَمتلئُ غُرفةُ الصَّلاةِ حَتَّى إنَّنا سنَعجَزُ عنِ استقبالِ النَّاسِ في كِلتا الخِدمَتَيْن.
مَا هو التَّجاوُبُ في هذا اليوم؟ نَهضةٌ حَقيقيَّةٌ أو اهتداءٌ عَظيمٌ؟ لا. فنحنُ نَقرأُ في العَدد 28: "فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ" هل اهتَدى النَّاسُ؟ لا. إنَّهُم لم يَهْتَدُوا، بل نَقرأُ: "بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَة". فكُلُّ ما فَعلوهُ هُوَ أنَّهُم حَلَّلوا كَلامَهُ.
وقد بُهِتوا. ويُمكنُنا أن نَستخدِمَ كلماتٍ كثيرة للتَّعبيرِ عن ذلك. فهذا يَعني أنَّهُم دُهِشُوا، وأنَّهُم تَعَجَّبوا، وأنَّهُم ذُهِلوا، وأنَّهُم تَحَيَّروا. ولكنِّي بَحثتُ عن مَعنى هذهِ الكلمة في النَّصِّ اليونانيِّ فوجدتُ أنَّها تَعني حَرفيًّا أنَّهُم صُعِقوا، أو أنَّهُم صُدِمُوا. فقد كانَ ما قَالَهُ صَادِمًا لأذهانِهم.
فقد صُدِموا ولم يَدروا كيفَ يُمكنُ لأيِّ شخصٍ أن يَقفَ هُناكَ ويَقولَ كُلَّ تلكَ الأشياء بتلكَ القُوَّة ("إكسوسيا" – "exousia")، أو بذلكَ السُّلطان، أو بذلكَ التَّأثير، أو بتلكَ الفَاعليَّة؛ وليسَ كالكَتبَة. وكيفَ كانَ الكَتَبَة يَفعلونَ ذلك؟ لقد كانوا يَقتبسونَ أقوالَ الآخرينَ وَحَسْب. فقد كانوا مُعَرَّضينَ للخطأ، وكانوا يَجمَعونَ أقوالَ أشخاصٍ آخرينَ مُعَرَّضينَ للخطأ ويَستخدمونَها مَصْدَرًا لَهُم. ولكنَّ يَسوعَ وَقفَ وقالَ ذلكَ وَحَسْب. وقد صَعَقَهُم ذلك.
فَهُم لم يَسمَعوا يَومًا مِثلَ هذهِ الحِكمَة، ولم يَرَوْا يَومًا مِثلَ هذا العُمق، ولم يُدرِكوا يَومًا مِثلَ هذا البُعد. فكُلُّ بُعْدٍ في الحياةِ البَشريَّةِ لُمِسَ بكلماتٍ قليلةٍ تَخطِفُ الأنفاس. وَهُم لم يَسمَعوا مِن قَبل مِثلَ هذهِ الأفكارِ العَميقةِ عَن نَاموسِ اللهِ أو خَطيَّةِ الإنسان. وَهُم لم يَسمَعوا يَومًا تَحذيراتٍ كهذهِ عن جَهنَّمَ والنَّارِ والدَّينونة.
وَهُم لم يَسمَعوا يَومًا شخصًا يُواجِهُ القادةَ الدِّينيِّينَ في ذلكَ الزَّمان. لِذا فقد دُهِشوا جدًّا لأنَّهُ لم يَقتبِس أقوالَ شخصٍ آخر، بل وَقَفَ هُناكَ وتَكَلَّمَ بسُلطانِهِ هُوَ شَخصيًّا. وهذه هي النُّقطةُ الَّتي تَنتهي عِندَها تلكَ العِظَة. وقد بُهِتوا.
وسوفَ أنظرُ إلى مَا حَدَثَ بعدَ ثلاثةِ أشهُر مِن تلكَ اللَّحظة. ولكن لا تَسمَحوا أن تَكونَ هذهِ هي النِّهاية بالنِّسبةِ إليكُم. فيجب أن تَفعلوا ما هُوَ أكثر مِن مُجرَّدِ الدَّهشة والتَّعَجُّب. فيجب عليكم أن تَهتَدوا. فهذا هو ما يُريدُهُ يَسوع. فَهُم لم يَسمَعوا يَومًا شَخصًا يَقولُ الحَقَّ كما فَعَل. وَهُم لم يَسمَعوا يَومًا شَخصًا يَتحدَّثُ عنِ الأمورِ الإلهيَّةِ بمِثلِ هذا الوُضوح. وَهُم لم يَسمَعوا يَومًا شَخصًا يَتحدَّثُ بمِثلِ هذهِ المَحبَّة. وَهُم لم يَسمَعوا يَومًا شَخصًا يَتحدَّثُ بمِثلِ هذهِ القوَّةِ وهذا السُّلطان.
ولكنَّهُم لم يَتجاوَبوا كما يَنبغي. وما أعنيه هو أنَّهم لم يُؤمِنوا أنَّهُ باستِطاعةِ أيِّ إنسانٍ أن يَقولَ إنَّهُ جاءَ كي يُتَمِّمَ النَّاموس، وأنَّهُ باستِطاعَةِ أيِّ إنسانٍ أن يَقولَ إنَّهُ هُوَ مَن يُحَدِّدُ مِعيارَ البِرِّ، وأنَّهُ باستِطاعَةِ أيِّ إنسانٍ أن يَقولَ إنَّهُ سيُقَوِّمُ الكَتَبَةَ والفَرِّيسيِّين. وَهُم لم يُؤمِنوا أنَّهُ باستِطاعةِ أيِّ إنسانٍ أن يَقولَ عن نَفسِهِ إنَّهُ طَريقُ الحَياةِ، وأنَّهُ باستِطاعةِ أيِّ شخصٍ أن يَدَّعي أنَّهُ الإلَهُ يَهوَه، وأنَّهُ باستطاعةِ أيِّ إنسانٍ أن يَدينَ جَميعَ البَشَر، وأنَّهُ باستِطاعةِ أيِّ شخصٍ أن يأتي ويَدينَ الجَميعَ. وَهُم لم يُؤمِنوا أنَّهُ باستِطاعةِ شَخصٍ كهذا أن يَقولَ إنَّهُ المَلِك. فكُلُّ ما فَعلوهُ هُوَ أنَّهُم بُهِتوا.
ولكِن ما هُوَ تَجاوُبُكَ أنتَ؟ فمَصيرُكَ الأبديُّ يَتوقَّفُ على ذلك. ويَقولُ كاتِبُ التَّرنيمة: "في كُلِّ عَاصِفةٍ عَاليةٍ وشَديدةٍ، تَبقى مرساتي ثابتةً فيه. وعندما تَتزعزعُ كُلُّ الأساساتِ مِن حَولي فإنَّهُ يَبقى كُلَّ رَجائي وثَباتي. على المَسيحِ الصَّخرةِ القَويَّةِ أَقِفُ، وكُلُّ أرضٍ أخرى مِن حَولي هي مُجَرَّدُ رِمالٍ مُتَحَرِّكَة". فحياتِكُ إمَّا أن تَكونَ مَبنيَّة على الصَّخرِ وإمَّا على الرَّمل؛ أيْ إمَّا أن تَكونَ مَبنيَّة على العصيانِ وإمَّا على الطَّاعَة. وهُنا يَكْمُنُ المِحَكُّ الحَقيقيُّ لصِحَّةِ إيمانِك. وصَلاتي إلى اللهِ هي أن يَكونَ إيمانُكَ راسِخًا في المَسيح. دَعونا نَحني رُؤوسَنا حَتَّى نُصَلِّي:
فيما تَحنونَ رُؤوسَكُم، وفيما نَختِمُ هذا المَساء، لا يُمكِنُني أن أُضيفَ أيَّة كلمة إلى كَلماتِ رَبِّنا، بل إنَّ أيَّ كَلامٍ يَصدُرُ عَنِّي قد يُضعِفُ كَلامَهُ. فَلا يُمكنُني أن أكونَ أنقَى قَناةٍ لتوصيلِ كلمةِ اللهِ كما كانَ المسيحُ في تَوصيلِ كلمةِ اللهِ؛ ولكنِّي أَثِقُ بأنَّهُ بالرَّغمِ مِن كُلِّ جَوانِبِ الضَّعفِ هذهِ فإنَّكُم قد سَمِعتُم الرِّسالة، وأنَّكُم قد فَحصتُم قُلوبَكُم ونُفوسَكُم. وأرجو أن يَتجاوبَ رُوحُ اللهِ، وأن تَتجاوَبوا أنتُم بِدَورِكُم مَعَ تَبكيتِه. وأرجو أن تَفحَصُوا حَياتَكُم فيما تَجلِسونَ في أماكِنِكُم قُدَّامَ اللهِ.
لقد أخَذنا وَقتًا أطولَ مِنَ المُعتادِ في هذا المساء لأنَّنا نُريدُ أن نُنهي هذهِ السِّلسلة. وأنا أشكُرُكم جَزيلَ الشُّكرِ على صَبرِكُم. ولكنَّ هذا كُلَّهُ لا يَعني شَيئًا إن لم تَتجاوَبوا تَجاوُبًا صَحيحًا. وأكثرُ شَيءٍ مُحزِنٍ بالنِّسبةِ إلَيَّ هو أن يكونَ هُناكَ أشخاصٌ أعرِفُهم وأُحِبُّهم وأخدِمُهم ولكنَّهُم يُفَوِّتونَ المَلَكوتَ بسببِ خِداعِ الشَّيطانِ لَهُم. لا تَسمَحوا لَهُ أن يَفعلَ ذلك، بَلِ افحَصُوا قُلوبَكُم.
صَلاتي، يا أبَتاه، لأجلِ جَميعِ الأشخاصِ الحَاضِرينَ هُنا هي أن يَرَوْا الحَقَّ كما تَراهُ أنتَ، وأن يَتَجاوَبوا مَعَهُ تَجاوُبًا سَليمًا. باسمِ المَسيح. آمين!

This article is also available and sold as a booklet.