Grace to You Resources
Grace to You - Resource

في هذا المساء، وكما وَعدُّتكم في هذا الصَّباح، سوف نعود إلى إنجيل مَتَّى والأصحاح 24. وأنا مُتحمِّس جدًّا ومُتَلَهِّف بخصوص رسالتنا في هذا المساء، ومُتشوِّق لأنَّكم جميعًا هنا وجاهزون للعودة إلى هذا الأصحاح العظيم. وأعتقد أنَّني إن وَعظتُ طَوال الوقت بهذه الطَّريقة (أي صباح يوم الأحد ومساء يوم الأحد) عن نفس الموضوع، ستَقصُر مُدَّة مُراجعة العِظة السَّابقة قليلاً لأنَّنا لن نُضطرَّ إلى تَذكيركم بما قُلناه سابقًا. وعلى أيِّ حالٍ فإنَّنا نتأمَّل في إنجيل مَتَّى والأصحاح 24؛ أي في العِظة العظيمة على جبل الزَّيتون. وهي العظة الَّتي قدَّمها رَبُّنا وعَلَّم فيها عن مجيئه الثَّاني. وهذا أصحاح رائع.

فقد سأله التَّلاميذ أسئلةً في العدد الثَّالث حَفَزَت على تقديم هذه العظة الرَّائعة. وأسئلتهم هي: أخبرنا مَتى ستحدث هذه الأمور؟ أيَّة أمور؟ دمار أورُشليم، ودمار الهيكل، ومجيء المسيَّا في ملكوته. مَتى ستحدث هذه الأمور؟ وما هي علامة مَجيئك؟ وعلامة انقضاء الدَّهر؟

فقد أرادوا أن يَعرفوا مَتى سيؤسِّسُ المَسيَّا ملكوتَه، ويَدينُ أعداءَه، ويُطَهِّر أورُشليم، ويَجمع اليهود المُشَتَّتين، ويؤسِّس ملكوته. وقد كانوا يشعرون أنَّ ذلك سيحدث في وقتٍ قريبٍ جدًّا، وأنَّ ذلك قد يحدث في أيِّ لحظة (كما تَعلَّمنا في دراساتنا السَّابقة لهذا الأصحاح). فقد كانوا يَشعرون أنَّ ذلك وشيك جدًّا؛ بل رُبَّما في غضون أيَّام أو على الأكثر في غضون أسابيع فقط؛ وليس بعد ذلك بكلِّ تأكيد. ولأنَّ يسوع قال إنَّه سيكون هناك خَراب لأورُشليم وإسرائيل، ووقتُ تَطهير، وأنَّه سيكون هناك هَدْم للهيكل، لا بُدَّ أنَّهم ظَنُّوا أنَّ ذلك يعني أنَّ إعادة بناء الهيكل الألفيّ العظيم ستَبتدئ، وأنَّه سيأتي باسم الرَّبّ، وأنَّه مِن المؤكَّد أنَّ ذلك وشيك الحدوث جدًّا، وأنَّه مِن المؤكَّد أنَّه المَسيَّا. وقد سَبَقَهُ يوحنَّا المعمدان للمُناداة بمجيئه. ولا بُدَّ أنَّه سيَدين الأمم، أي الأُمم الشرِّيرة الَّتي رفضته ورفضت شعبه. فقد بَدا أنَّ كلَّ شيءٍ يَتحقَّق بحسب الجدول تمامًا في تلك اللَّحظة.

ولكن رَدًّا على سؤالهم (في الأعداد مِن 4 إلى نهاية الأصحاح 25)، يُقدِّم يسوع أطول إجابة عن أيِّ سؤال طُرِح في العهد الجديد. وهو يُخبرهم بأنَّ مجيئه سيكون في المستقبل؛ ولكنَّه لا يُخبرهم متى تحديدًا في المستقبل. ولا أحد مِنَّا يَعلم ذلك. ونحن نَعلم أكثر مِمَّا كانوا يَعلمون لأنَّنا عِشنا ألفي سنة منذ ذلك الحين، ولكنَّنا لا نَعلم متى سيحدث ذلك في المستقبل. ولكن ابتداءً مِن العدد 4، يقول يسوع: "هناك أمور ستحدث قبل مجيئي. وعندما تحدث هذه الأمور، استعدُّوا". والحقيقة هي أنَّه يُسَمِّي ذلك في العدد 8: "مُبْتَدَأ الأَوْجَاع". والولادة هي مجيء المسيَّا ليؤسِّس ملكوته. وسوف تكون هناك أوجاعٌ في النِّهاية، مُباشرةً قبل مجيء المَسيَّا ليؤسِّس ملكوته. لِذا فإنَّه يُخبرهم أنَّ الوقت لم يحن بعد. فهناك أوجاع ستحدث في المستقبل. وهو لا يُخبرهم مَتى في المستقبل، ولكنَّه يَصِف لهم سِمات هذه الأوجاع المستقبليَّة الَّتي سَتنتهي بتأسيس ملكوته المَجيد.

والآن، تَذكَّروا ما قلته لكم في هذا الصَّباح: أنَّ كلَّ ما يقوله هو مُستقبليّ. وإن كانت هذه هي الأوجاع الَّتي تَسبق المُنتَهى، أو كانت هذه هي الأوجاع الَّتي تَسبق تأسيس الملكوت، لا بُدَّ أنَّها ستأتي في النِّهاية؛ تمامًا كما أنَّ مخاض المرأة يحدث في نهاية حَملِها وقبل وقتٍ قصيرٍ جدًّا مِن ولادة تلك الحياة الجديدة. لِذا فإنَّ الربَّ يَصِف ما سيحدث في النِّهاية. وهو ينقلنا إلى وقتٍ يُسَمَّى في العدد 21 "ضِيقًا عَظيمًا". وهو وقتٌ مُستقبليٌّ لم نشهده بعد. وكلُّ التَّفاصيل الَّتي سننظر إليها اللَّيلة تُشير إلى ذلك الوقت.

والآن، هناك ملاحظة واحدة أخرى فقط قبل أن ننطلق بسرعة: تَذَكَّروا أنَّه عندما نظر التَّلاميذ إلى نبوءات العهد القديم (مثل إشعياء، وحزقيال، ودانيال)، وعندما نظروا إلى سِفْر زكريَّا وحتَّى إلى غيره مِن الأنبياء الصِّغار، رأوا أنَّ المسيَّا سيأتي. ولكنَّ الأنبياء لم يفصلوا يومًا بين المجيء الأوَّل والثَّاني. فقد تحَّدثوا وحسب عن مجيء المسيَّا وقيامه بكلِّ ما سيقوم به. لِذا فقد بَدا لهم أنَّ المَرَّة الأولى الَّتي جاء فيها المَسيَّا ستكون هي المرَّة الوحيدة الَّتي سيأتي فيها، وأنَّه سيفعل كلَّ ذلك آنذاك. ولكنَّ الشَّيء الَّذي لم يَروه هو أنَّه سيكون هناك مجيء أوَّل، ثُمَّ فترة طويلة مِن الوقت، ثُمَّ مجيء ثانٍ. ونحن نَعلم صِحَّة ذلك. ولا أحد يُنكر ذلك لأنَّنا ما زلنا في تلك الفترة الطَّويلة الآن. وقد كانت تلك الفترة مَحجوبة عن أنبياء العهد القديم. وبولس يُسمِّيها "السِّرّ الْمَكْتُوم مُنْذُ الدُّهُور...، لكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ [لنا]". لِذا فإنَّنا نعيش في تلك الفترة الزمنيَّة بانتظار المجيء المستقبليّ للربِّ يسوع المسيح. وقبل أن يأتي [كما يقول] ستحدث تلك الأوجاع الَّتي ستؤول إلى تأسيس ملكوته. وهناك سِتَّة أوجاع ابتداءً مِن العدد الرَّابع.

أوَّلاً، الضَّلال. وقد تحدَّثنا عن ذلك في هذا الصَّباح... الضَّلال: "فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: انْظُرُوا! [أو حَرفيًّا: أبقوا أعينكم مفتوحة... احذروا!]. لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ [أو يَخدعون] كَثِيرِين". وقد أشرنا إلى أنَّه سيكون هناك دائمًا مُسحاء كذبة، وأنَّه سيكون هناك دائمًا أشخاص يَزعمون أنَّهم يسوع المسيح. فَهُم موجودون اليوم في عالمنا ويقولون إنَّهم المسيح، وإنَّهم مَمسوحون، وإنَّهم مُخَلِّصو العالَم. وسوف يأتون دائمًا. ولكنَّه لا يُشير إلى أولئك الموجودين الآن أو أولئك الَّذينَ كانوا موجودين آنذاك في زمن العهد الجديد، بل إنَّه يُشير إلى أولئك الَّذينَ سيأتون في المستقبل حين يَكثُر المُسحاء الكذبة الَّذي يأتون في محاولة لتخليص العالَم الَّذي يعيش فَوضى عارمة.

فإن قرأنا الآيات الكتابيَّة الأخرى قراءةً صحيحة سنَرى أنَّها تُخبرنا أنَّ وقت الضِّيقة، أو وقت المَخاض، سيكون وقتًا تبتدئ فيه كُلُّ أنظمة البشر بالتَّفَكُّك، وسيكون وقتًا يَرفع فيه الربُّ القوَّة الحاجِزة للرُّوح القُدس والتي تَحجز الخطيَّة مِن بُلوغ ذُروتها القُصوى. فكلُّ هذا سيزول فتَستفحِل الخطيَّة. لِذا، في ذلك الوقت الَّذي يبتدئ فيه النِّظام بالانهيار بسبب شُروره، سيَظهر عدد كبير مِن المُخَلِّصين الكَذبة والمُسحاء الكذبة الَّذينَ يحاولون أن يجعلوا النَّاس يتبعونهم. وسوف تَصِل تلك المجموعة إلى الذُّروة بمجيء ذاك الَّذي يُسَمَّى ماذا؟ ضِدّ المسيح. فهو سيكون أكبر مَسيحٍ كَذَّاب وأكبر مُخلِّصٍ كَذَّاب شَهِدَهُ العالَم. وقد يكون هناك أيضًا أشخاص آخرون يُنافسونه على السُّلطة إلى أن يُحكِم في النِّهاية سَيطرته على العالَم كُلِّه.

لِذا فإنَّ الربَّ يسوع يقول: "قبل أن آتي في ملكوتي، هناك مُضِلُّون سيأتون قائلين: ’أنا هو المَسيح!‘ ويُضِلُّون كثيرين". وقد قرأنا في درسنا السَّابق مِن سِفْر دانيال والأصحاح 8، ومِن سِفْر دانيال والأصحاح 11، ومِن سِفْر الرُّؤيا والأصحاح 13، وسفر الرُّؤيا والأصحاح 19، ومِن رسالة تسالونيكي الثَّانية والأصحاح الثَّاني، أنَّ كلَّ تلك الآيات تُخبرنا عن ضِدِّ المسيح الأخيرِ المُضِلِّ هذا. وقد ذَكرنا أيضًا هُنا أنَّ فترة الأوجاع الَّتي تُسَمَّى هُنا "الضِّيق العَظيم"، أنَّ تلك الفترة ستبتدئ بمجيء هؤلاء المُضِلِّين. وهذا يَتَّفق مع ما تَعلَّمناه في سِفْر الرُّؤيا. لِذا فإنَّ أوَّل علامة، أو أوَّل الأوجاع الَّتي ستبتدئ في الظُّهور في فترة الضِّيقة هو مجيء وقتِ ضَلالٍ فظيع، ولا سِيَّما حين يبلغ الأمر ذُروته بضلال ضِدِّ المسيح الَّذي سيقود العالَم كُلَّه إلى اتَّباعه وعبادته كما لو أنَّه الله والمُخلِّص الأعظم للبشر.

والآن، لننتقل إلى العلامة الثَّانية. فقد أرادوا علامات. وهو يقول: "هذه هي العلاماتُ الَّتي هي مُبْتَدَأُ الأَوْجَاع". فهي ليست النِّهاية، بل البداية وحسب. وقد بَيَّنا لكم أنَّه كما أنَّ المرأة تُنجب ابنًا، وأنَّ انقباضات الولادة تحدث على فترات مُعيَّنة أو فواصل زمنيَّة مُعيَّنة حين تبتدئ، وأنَّها تتقارب أكثر فأكثر فأكثر فأكثر إلى أن تصير سريعة جدًّا قبل ولادة الطِّفل مباشرةً، كذلك هي الحال أيضًا في فترة الضِّيقة العظيمة. فمُبتدأ الأوجاع سيبتدئ بفاصل زمنيّ مُعيَّن بين الأحداث، ثُمَّ إنَّ ذلك الفاصل سيتضاءل ويتضاءل إلى أن تَتعاقب الأحداث بسرعة كبيرة وبصورة عنيفة جدًّا في النِّهاية عندما يأتي الملكوت.

ولكن عندما تبتدئ تلك الأوجاع، سيأتي أوَّلاً المُضِلُّون الَّذي سيَدَّعون أنَّهم سَيَحُلُّون كلَّ مشاكل العالَم. وسوف يكون عالَمُنا مستعدًّا لذلك...صَدِّقوني. فالنَّاس مُستعدُّون لذلك منذ الآن. ورُبَّما يكون الوقت قد اقترب جدًّا. فعالَمُنا مستعدٌّ لمجيء أُناسٍ يَزعمون بأنَّهم قادرون على حَلِّ جميع المشاكل. ولكنَّ العلامة الثَّانية هي ليست ضَلالاً، بل حروب... حُروب. فنحن نقرأ في العدد 6: "وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوب وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ". بعبارة أخرى، هذه هي فقط بداية الأوجاع. "لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَة". حسنًا! توقَّفوا هنا.

إذًا، نقرأ في العدد 6 أنَّ تلك الفترة الزَّمنيَّة ستَتَّسِم بحروب وأخبار حُروب. فإن لم تكن تخوض حربًا أصلاً، أو حتَّى لو كُنتَ كذلك، سوف تسمع أخبار حروب أخرى. وإن كانت هناك أماكن لا توجد فيها حروب، ستكون هناك إشاعات بوجود حروب: حرب حقيقيَّة، وحرب باردة، وكلُّ أنواع الحروب، حروب عالميَّة، أُمَّة على أُمَّة، مملكة على مملكة. ولا يوجد فَرق كبير بين هاتين المَجموعتين إلاَّ إذا قُلنا إنَّ الأُمَّة هي مجموعة مِن النَّاس لا يَحكُمُهم مَلِك، وإنَّ المملكة هي مجموعة مِن النَّاس يَحكُمُهم مَلِك. فهذا هو الفَرق الوحيد بين المجموعتين. والمعنى المقصود هو أنَّ أُممًا ومَمالك في جميع أنحاء العالم ستشترك في حروب وتسمع أخبار حروب.

والآن، قد تقول: "حسنًا! ولكنَّ الحال هكذا دائمًا!" وهذا صحيح. فالحال هي هكذا دائمًا. وهناك فترات زمنيَّة مِن السَّلام القصير في العالَم. وأغلبيَّة الأُمم تَدخل تارةً حربًا، وتَدخُل تارةً أخرى في سلامٍ. ونحن لا نُنكر ذلك لأنَّه يَصِحُّ على كُلِّ البشر اليوم. وسوف تأتي أوقات حُروب، وسوف تُحارب أُممٌ أُممًا أخرى، ومَمالكٌ مَمالكَ أخرى. ولكن بالرَّغم مِن ذلك، فإنَّ ما يقوله رَبُّنا هنا هو أنَّه في المُنتهى، أي في مُبتدأ الأوجاع الَّذي سيقود إلى مجيء الملكوت، ستكون هناك حرب عالميَّة على مستوى لم يَسبق له مَثيل. فهي ستحدث على نِطاقٍ شامل. وسوف تَتعاظَم الحرب في جميع أنحاء الأرض. وسوف تكون هناك حروب قوميَّة إذ إنَّ أُمَّةً تقوم على أُمَّة، وتكون هناك حروبٌ بين مَمالك إذ إنَّ مَملكةً ستقوم على مملكة. وسوف تَشترك فيها مجموعات كبيرة مِن النَّاس، ومُجتمعات ضِدَّ مُجتمعات.

والحقيقة هي أنَّ هناك ملاحظة أخرى رُبَّما ينبغي أن تَفهموها مِن النَّصِّ اليونانيّ. فنحن نقرأ في العدد 6: "وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ". وهي عبارة تُشير إلى المستقبل. وهي صيغة نُسَمِّيها "المستقبَل المُستمرّ" (a future durative)، وهي لا تَعني أيَّ شيءٍ لدى الأغلبيَّة مِنَّا. ولكنَّ الفكرة منها هي أنَّها تُشير إلى فكرة السَّمع المُستمرّ. فسوف تسمعون باستمرار بحروبٍ، وستسمعون باستمرار أخبار حروب، وستسمعون باستمرار قيام أُمَّم ومَمالِك بعضُها على بعض. بعبارة أخرى، إنَّها أخبار مُجَلْجِلَة مُستمرَّة، وَهُوَ واقعٌ مُجَلْجِلٌ مستمرّ في ذلك الوقت المُحدَّد مِن التَّاريخ.

والآن، يُمكننا أن نُؤكِّد ذلك بسهولة. فإن نظرنا إلى سِفْر دانيال مثلاً... لنُلقِ نظرة على سِفْر دانيال والأصحاح 11. ودانيال ينقلنا إلى فترة زمنيَّة مستقبليَّة. ودانيال يَصحبنا إلى ذلك الوقت الَّذي سيأتي فيه المَسيَّا لتأسيس مملكته. وقبل حدوث ذلك مباشرةً، يَصِف دانيال الحرب، على الأقل مِن زوايا مُعيَّنة. فنحن نقرأ في سِفْر دانيال 11: 40: "فَفِي وَقْتِ النِّهَايَةِ"؛ أي في وقت انقضاء الدَّهر. فدانيال يأخذنا مباشرةً إلى وقت النِّهاية؛ وَهُوَ الوقت الَّذي يَصحبُنا إليه رَبُّنا. "فَفِي وَقْتِ النِّهَايَةِ يُحَارِبُهُ مَلِكُ الْجَنُوبِ". والضَّمير في "يُحاربه" يعود على ضِدِّ المسيح. وإن درستم نبوءة دانيال، ستجدون أنَّه في النِّهاية سيَملك ضِدُّ المسيح على مملكة عظيمة تتألَّف بصورة رئيسيَّة مِن منطقة كانت في الأصل تَنتمي إلى الإمبراطوريَّة الرومانيَّة القديمة. بعبارة أخرى، مِن جهة، سوف تكون أوروبَّا المُوَحَّدة. فسوف يكون مَلِك اتِّحادٍ فدراليٍّ غَربيّ. وسوف يكون ملك إمبراطوريَّة رُوما الجديدة الَّتي تَضُمُّ أوروبَّا. ودانيال يُبيِّن ذلك بوضوح شديد في كُلِّ نُبوَّته.

إذًا فقد أقام ضِدُّ المسيح نفسه كشخصٍ مُتَسَلِّطٍ عظيم. وليس هذا فقط؛ أي ليس فقط أنَّه أقام نفسه كشخصٍ مُتَسَلِّطٍ عظيم في أوروبَّا، بل إنَّه يُهَدِّد العالَم كُلَّه. ومِن البَديهيِّ أنَّه ينظر إلى الشَّرق الأوسط. ولا شَكَّ في أنَّ إسرائيل المُهَدَّدة دائمًا مِن قبل جيرانها في الشَّرق الأوسط تحتاج إلى الحماية. لِذا فإنَّها ستدخل في تَحالُفٍ معه (كما جاء في الأصحاح التَّاسع مِن سِفْر دانيال والعدد 27). فسوف تدخل في عهدٍ مع ضِدِّ المسيح كي يحميها مِن هذه الإمبراطوريَّة الغربيَّة العظيمة الَّتي يَترأسها. وفي وقت انقضاء الدَّهر، حين يكون ضِدُّ المسيح يَحكم هذا الاتِّحاد الفدراليَّ العظيم، ويُهيمن على ذلك الجزء مِن العالَم... ولا شَكَّ في أنَّ الحضارة الغربيَّة ستكون مُتقدِّمة جدًّا تكنولوجيًّا، وهَلُمَّ جَرَّا، وأنَّها ستمتلك قوَّة عظيمة وهائلة تَفوق بقيَّة العالَم. وسوف يَشُنُّ مَلِك الجنوب هُجومًا عنيفًا على ضِدِّ المسيح. ويبدو أنَّ هذا الجيش هو جيش إفريقيّ، أو اتِّحاد أو تحالف كونفدراليّ إفريقيّ يَتَّجِه شمالاً لمحاربة جيش ضِدِّ المسيح.

ثُمَّ نقرأ أنَّ ملك الشَّمال سيَهجُم (ولا شَكَّ في أنَّه رُوسيا وجميع حُلفائها في الشَّرق الأوسط حيث إنَّهم سيُهاجمون أيضًا): "بِمَرْكَبَاتٍ وَبِفُرْسَانٍ وَبِسُفُنٍ كَثِيرَةٍ، وَيَدْخُلُ الأَرَاضِيَ وَيَجْرُفُ وَيَطْمُو". ومِن المُدهش أنَّ ما يحدث هنا هو أنَّ ضِدَّ المسيح يأتي، وأنَّ مَلِك الجنوب يأتي، وأنَّ مَلِك الشَّمال يأتي، وأنَّ المكان الَّذي يأتون جميعهم إليه هو الأرض المُقدَّسة. فسوف يأتون إلى أرض إسرائيل. وهي تُسَمَّى في العدد 41: "الأَرْض البَهِيَّة". "فَيُعْثَرُ كَثِيرُونَ، وَهؤُلاَءِ يُفْلِتُونَ مِنْ يَدِهِ..." [أي مِنْ يَدِ ضِدِّ المَسيح]: "أَدُومُ وَمُوآبُ وَرُؤَسَاءُ بَنِي عَمُّونَ. وَيَمُدُّ يَدَهُ عَلَى الأَرَاضِي، وَأَرْضُ مِصْرَ لاَ تَنْجُو. وَيَتَسَلَّطُ عَلَى كُنُوزِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعَلَى كُلِّ نَفَائِسِ مِصْرَ. وَاللُّوبِيُّونَ وَالْكُوشِيُّونَ عِنْدَ خُطُوَاتِهِ".

إذًا، ها هو. وَهُوَ يَغلب جميع تلك القوى العظيمة. وأنا أعتقد أنَّه سيَغلب حتَّى القوَّة الرُّوسيَّة آنذاك، ويَغلب أيضًا مَلِك الجنوب. فهو سيُحقِّق نصرًا عظيمًا ومَجيدًا. ثُمَّ نقرأ في العدد 44: "وَتُفْزِعُهُ أَخْبَارٌ مِنَ الشَّرْقِ وَمِنَ الشِّمَالِ". إذًا، سوف يَسمع الآن أنَّ جيوشًا شَرقيَّة خرجت لمُحاربته. "فَيَخْرُجُ بِغَضَبٍ عَظِيمٍ لِيُخْرِبَ وَلِيُحَرِّمَ كَثِيرِينَ". ونقرأ هنا أنَّ ضِدَّ المسيح يُحَقِّقُ هذا النَّصر السَّاحق، وأنَّه "يَنْصُبُ فُسْطَاطَهُ بَيْنَ الْبُحُورِ وَجَبَلِ بَهَاءِ الْقُدْسِ". وما يفعله هو أنَّه يَنْصُبُ قَصْرَهُ في وسط أورُشليم على جبل الزَّيتون. فهو يَنْصُبُ نَفسَهُ كما لو كان إلهًا. ولكنَّنا نقرأ أنَّه "يَبْلُغُ نِهَايَتَهُ وَلاَ مُعِينَ لَهُ".

ولكنَّ النُّقطة الَّتي أريد منكم أن تَروها هي أنَّ دانيال ينظر إلى النِّهاية، ويتحدَّث عن حرب عالميَّة. فهو يَرى حربًا عالميَّة مُذهلة حيث إنَّ كُلَّ جيوش القوَّة الغربيَّة في أوروبَّا، ورُبَّما حتَّى الولايات المُتَّحدة قد تشترك في ذلك أيضًا؛ مع أنَّه لا يوجد شيء في الكتاب المقدَّس يقول ذلك. وهناك القوَّة العظيمة للاتِّحاد الرُّوسيّ. وهناك ذلك الاتِّحاد الهائل لِكُلِّ تلك الجيوش في إفريقيا والَّتي نَسمع اليوم أنَّها ثائرة وفي حالة غَليان. ثُمَّ هناك الشَّرق أو الصِّين الشُّيوعيَّة وكلَّ تلك الجيوش. وهي جميعها تَجتمع في إسرائيل لِخوض حرب إبادة في نهاية الدَّهر. لذا فإنَّ دانيال يقول إنَّنا نَتوقَّع معركةً كهذه.

انظروا إلى سِفْر زكريَّا والأصحاح 14. فالنَّبيُّ زكريَّا يَرى الشَّيء نفسه. فزكريَّا ينظر إلى نهاية الدَّهر في العدد 1 ويقول: "هُوَذَا يَوْمٌ لِلرَّبِّ يَأْتِي فَيُقْسَمُ سَلَبُكِ فِي وَسَطِكِ..." استمعوا إلى ذلك: "وَأَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِلْمُحَارَبَةِ". فالعالَم كُلُّه سيتَّحد ضِدَّ أورُشليم في معركة أخيرة هائلة. "فَتُؤْخَذُ الْمَدِينَةُ، وَتُنْهَبُ الْبُيُوتُ، وَتُفْضَحُ النِّسَاءُ، وَيَخْرُجُ نِصْفُ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّبْيِ، وَبَقِيَّةُ الشَّعْبِ لاَ تُقْطَعُ مِنَ الْمَدِينَةِ. فَيَخْرُجُ الرَّبُّ وَيُحَارِبُ تِلْكَ الأُمَمَ كَمَا فِي يَوْمِ حَرْبِهِ، يَوْمَ الْقِتَالِ". وهكذا تمامًا يُنهي دانيال نُبوءته. فَضِدُّ المسيح سيبلغ نهايته ولا يجد مُعينًا له آنذاك. لذا، سوف تُشَنُّ حرب عالميَّة على أورُشليم. ويتحدَّث زكريَّا عنها بالطَّريقة نفسها تمامًا. لذا فإنَّ هذه صورة منسجمة جدًّا وردت على لِسان الأنبياء وعلى لِسان رَبِّنا نفسه.

ونقرأ في نهاية سِفْر النَّبيِّ حَجَّي والعدد 22 مِن الأصحاح الثَّاني: "وَأَقْلِبُ كُرْسِيَّ الْمَمَالِكِ، وَأُبِيدُ قُوَّةَ مَمَالِكِ الأُمَمِ، وَأَقْلِبُ الْمَرْكَبَاتِ وَالرَّاكِبِينَ فِيهَا، وَيَنْحَطُّ الْخَيْلُ وَرَاكِبُوهَا، كُلٌّ مِنْهَا بِسَيْفِ أَخِيهِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، آخُذُكَ يَا زَرُبَّابِلُ عَبْدِي ابْنُ شَأَلْتِيئِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَجْعَلُكَ كَخَاتِمٍ، لأَنِّي قَدِ اخْتَرْتُكَ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُود". وكأنَّ زَرُبَّابِل يُرى مِن خلال نَسله في ذلك الوقت الأخير عندما يُرسل اللهُ جيشَه لإهلاك جيوش العالَم وإقامة ذاك الَّذي سيأتي مِن صُلْبِ داود، ومِن صُلْبِ زَرُبَّابِل ليكون المَلِك؛ أي: المَسيَّا.

إذًا، سوف تنشب حرب رهيبة في النِّهاية. ويمكننا أن نَرى الآن أنَّ هذا قد ابتدأ في الحدوث حيث إنَّ العالَم يُشبه تمامًا بِرميلَ بارودٍ ينتظر مَن يُشعِل عود كِبريت. ونحن جميعًا نعيش في هذا التَّهديد الدَّائم مِن نشوب حربٍ نوويَّة، ومِن هذا النِّزاع الدَّائم، وهذا التوتُّر وهذه الحروب الَّتي تَدور رَحاها في جميع أنحاء الأرض استعدادًا لهذه المجزرة الأخيرة.

والآن، سوف أصحبكم إلى نهاية سِفْر الرُّؤيا لأنَّه يصف ذلك. انظروا في البداية إلى الأصحاح السَّادس مِن سِفْر الرُّؤيا. فسفر الرُّؤيا يُعطينا تفاصيل أكثر عندما ننظر إلى هذا المشهد: فهناك حُروب وأخبار حروب، ومملكة تقوم على مملكة وأُمَّة تقوم على أُمَّة، وكلُّ هذه الحرب الهائلة الَّتي ستنشب في النِّهاية. وعندما نقرأ عن الخُتوم، هناك سبعة خُتوم تُفتَح. وهذا أمر مُدهش. فالعدد رَمزيّ. فقد كانت الوصيَّة... كانت الوصيَّة الَّتي تُترك لشخصٍ ما تُختَم بسبعة خُتوم بحسب القانون الرُّومانيّ كي يَتَعَذَّر التَّلاعُب بها دون عِلْم أصحابها. وهذه وَصيَّة مَختومة. فهي الوَصَيَّة الَّتي تَرَكَها الله للمسيح. وإذْ يَفتح خَتمًا تلو الآخر فإنَّه يَستردُّ العالَم. وكُلُّ خَتم يَكشف عن الأحداث الَّتي ستحدث حين يَستردُّ العالَم لنفسه.

وقد فُتِحَ الخَتم الثَّاني في العدد 4: "فَخَرَجَ فَرَسٌ آخَرُ أَحْمَرُ، وَلِلْجَالِسِ عَلَيْهِ أُعْطِيَ أَنْ يَنْزِعَ السَّلاَمَ مِنَ الأَرْضِ". فالسَّلام الزَّائف الَّذي تَأسَّس مِن قِبَل ضِدَّ المسيح سيُنزَع مِن الأرض فيَقتل النَّاسُ بعضُهم بعضًا. "وَأُعْطِيَ سَيْفًا عَظِيمًا". إذًا، هناك حرب تجري هنا. وسوف يَقتُل النَّاس بعضُهم بعضًا في مذبحة جماعيَّة.

"وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّالِثَ [في العدد 5]، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّالِثَ [أو مَلاكًا] قَائِلاً: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَسْوَدُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ مِيزَانٌ فِي يَدِهِ". ويَصِفُ النَّصُّ حقيقة أنَّه يَزِنُ حُبوبًا وأشياء أخرى، وأنَّ هناك مَجاعَة. فلا يوجد طعام يكفي حاجاتِ النَّاس وذلك بسبب الحرب.

ثُمَّ تأتون إلى الختم الرَّابع في العدد 7. والعدد 8 يَصِفه: "فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمَوْتُ، وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ، وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ أَنْ يَقْتُلاَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْمَوْتِ وَبِوُحُوشِ الأَرْض". وهُنا ستقع مَجزرةً يروح ضَحيَّتُها رُبْع سُكَّان العالَم. وبحسب تَعداد السُّكَّان اليوم، سوف يموت مِليار شخص في المذبحة الَّتي ستحدث على نِطاق العالَم.

والآن، افتحوا على الأصحاح التَّاسع من سِفْر الرؤيا. وسوف تلاحظون ما سيحدث في هذه الحرب في النِّهاية إذْ نقرأ في العدد 13: "ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّادِسُ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا وَاحِدًا مِنْ أَرْبَعَةِ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ اللهِ، قَائِلاً لِلْمَلاَكِ السَّادِسِ الَّذِي مَعَهُ الْبُوقُ: «فُكَّ الأَرْبَعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الْمُقَيَّدِينَ عِنْدَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ». فَانْفَكَّ الأَرْبَعَةُ الْمَلاَئِكَةُ الْمُعَدُّونَ لِلسَّاعَةِ وَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ، لِكَيْ يَقْتُلُوا ثُلْثَ النَّاسِ". وهُنا، يأتي جيشٌ آخر مِن القُوى الشَّيطانيَّة ليذبح ثُلْثَ السُّكان الَّذينَ بَقوا على قيد الحياة بعد أن تَعرَّض أصلاً رُبْعُ السُكَّانِ للذَّبح.

"وَعَدَدُ جُيُوشِ الْفُرْسَانِ مِئَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَأَنَا سَمِعْتُ عَدَدَهُمْ". وَهُوَ يَصِفُهم. فقد جاءوا وأُعطوا سُلطانًا عظيمًا أن يَقتُلوا. وفي العدد 18: "مِنْ هذِهِ الثَّلاَثَةِ قُتِلَ ثُلْثُ النَّاسِ، مِنَ النَّارِ وَالدُّخَانِ وَالْكِبْرِيتِ الْخَارِجَةِ مِنْ أَفْوَاهِهَا، فَإِنَّ سُلْطَانَهَا هُوَ فِي أَفْوَاهِهَا وَفِي أَذْنَابِهَا، لأَنَّ أَذْنَابَهَا شِبْهُ الْحَيَّاتِ، وَلَهَا رُؤُوسٌ..." وَهَلُمَّ جَرَّا. "وَأَمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا بِهذِهِ الضَّرَبَاتِ، فَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى لاَ يَسْجُدُوا لِلشَّيَاطِينِ وَأَصْنَامِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُبْصِرَ وَلاَ تَسْمَعَ وَلاَ تَمْشِيَ، وَلاَ تَابُوا عَنْ قَتْلِهِمْ وَلاَ عَنْ سِحْرِهِمْ وَلاَ عَنْ زِنَاهُمْ وَلاَ عَنْ سَرِقَتِهِم". فحتَّى بعد أن يَتعَرَّض رُبْع سُكَّان العالم للذَّبح في مذبحةِ حربٍ، وبعد أن يُذبح ثُلْثُ السُّكان الباقين، سيبقى هناك أناس لا يَتوبون.

ويُخبرنا الأصحاح 13 شيئًا مدهشًا آخر عن هذه الحرب. فالقوَّة الرَّهيبة لهذه الحرب لا تَكمن فقط في القُوى الشيطانيَّة للجحيم والشَّيطان نفسه، بل أيضًا في ضِدِّ المسيح (الوحش) إذْ نقرأ في العدد 7: "وَأُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَأُمَّةٍ". وَهُوَ يأتي (في العدد 10) ويَقتُل بالسَّيف.

إذًا هذا هو ضِدُّ المسيح؛ تمامًا كما رأينا في العهد القديم في سِفْر دانيال. فهو الَّذي يَقتل ملك الجنوب، وجيش الشَّمال، ويَهزم جيش الشَّرق، ويُقيم سُلطانه على العالم أجمع. لقد فهمتم الصُّورة...أنا واثقٌ مِن ذلك. فهي مذبحة مُتعاقبة بسبب الحرب في نهاية الدَّهر. وكُلُّ آمال الإنسان ستتحطَّم وتَتلاشَى في النِّهاية.

وإليكم آية أخرى في الأصحاح 16 والعدد 14 مِن سِفْر الرُّؤيا. ففي العدد 13، يَرى يوحنَّا هذه الأرواح النَّجسة الثَّلاثة. وهي أرواح شيطانيَّة خارجة مِن جَهنَّم. ولا شَكَّ في أنَّها تَملِك قوَّة هائلة. فهي شياطين مِن رُتبة عالية. وهي تَخرج مِن فَمِ الوحشِ، ومِن فَمِ النَّبِيِّ الكَذَّاب. "فَإِنَّهُمْ أَرْوَاحُ شَيَاطِينَ صَانِعَةٌ آيَاتٍ، تَخْرُجُ عَلَى مُلُوكِ الْعَالَمِ وَكُلِّ الْمَسْكُونَةِ، لِتَجْمَعَهُمْ لِقِتَالِ ذلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، يَوْمِ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ". ونقرأ في العدد 16: "فَجَمَعَهُمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى... «هَرْمَجَدُّون»". وأنا أعتقد أنَّ قُوى العالَم الشيَّطانيَّة تَحشُد كلَّ جيوش العالم وتجتمع في أورُشليم لتدميرها ومَنع مَلِك الملوك مِن العودة. وَهُم يجتمعون جميعًا هناك ويستعدُّون للقتال. وستكون هناك حرب إبادة شاملة حين يُحاربون بعضُهم بعضًا. وفي منتصف المعركة، يأتي المسيح ويُهلكهم جميعًا. لِذا، يمكنكم أن تروا أنَّ سِفْر الرُّؤيا، وأيضًا الأسفار النَّبويَّة في العهد القديم، تُدَعِّم كلمات ربِّنا بأنَّ تلك الفترة ستكون فترة حروب وأخبار حروب، وأنَّ أمَّةً ستقوم على أُمَّة.

والآن، ارجعوا إلى إنجيل مَتَّى 24. وفي العدد 6، مَرَّةً أخرى، نقرأ: "وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا". لا تَذعروا. لا تخافوا. لا تشعروا حالاً بالذُّعر لأنَّ ذلك لا يعني البتَّة المجيء الفوريَّ للمَلِك. فهذا هو ما يقوله. "اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا". والكلمة "ثروميئوماي" throeomai)) تعني: يَصرُخ أو يَخاف. "لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا". فهذه الأمور لا بُدَّ أن تحدث كي تأخذ الخطيَّة مَجراها الكامل والتَّامّ. "وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ". فالمُنتهى لم يأتِ بعد. فسوف يبدو أنَّها النِّهاية، ولكنَّها ليست كذلك بعد. فهناك بضعة أمور ينبغي أن تحدث. وهي ستحدث بسرعة مُتزايدة.

لِذا فإنَّ رَبَّنا يقول: "لا، هذا ليس وقت الملكوت. وهذا ليس وقت الدَّينونة الأخيرة. وهذا ليس وقت هَلاك الأشرار. وهذا ليس وقت تجديد أورُشليم وتطهير الهيكل". فذلك سيحدث في المستقبل؛ في وقتٍ سيحدث فيه ضَلال لم يَشهد العالَم مَثيلاً له، وفي وقتٍ ستحدث فيه حروب على نِطاقٍ عالميٍّ لم يَشهد العالم مَثيلاً لها.

وهناك علامة ثالثة أو مؤشِّر ثالث على ابتداء المَخاض وهو: الدَّمار... الدَّمار. فهناك الضَّلال، والحروب، والدَّمار. فنحن نقرأ في منتصف العدد 7: "وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ...وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ". فأغلبيَّة أَدَقِّ المخطوطات لا تَذكر الكلمة "أوبئة" المذكورة هُنا في إنجيل مَتَّى. وسوف أُعَلِّق على ذلك بعد قليل.

إذًا، مَتَّى يقول إنَّ يسوع قال إنَّه ستكون هناك مَجاعات وزلازل في أماكن عديدة. فعَدا عن المُسحاء الكذبة، وعَدا عن المذابح العالميَّة والحروب، ستحدث كوارث رهيبة جدًّا في جميع أنحاء الأرض حيث إنَّ الأرض الملعونة نفسها ستبتدئ في التَّفَكُّك.

"مَجاعات وزلازل" ("ليموي و سايزموس" – ‘limoi and seismos”). فالكلمة اليونانيَّة هي "سايزموس" (seismos) الَّتي اشتُقَّت منها الكلمة "سايزموغراف"؛ أي: مِقياس الزَّلازل. ومَرقُس يقول إنَّ هذه هي فقط "مُبْتَدَأ الأَوْجَاع" في الأصحاح 13 والعدد 8. وفي إنجيل لوقا 21: 11 يُضيف لوقا الكلمة "أوبئة". ثُمَّ إنَّه يُضيف الجُملة: "وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ السَّمَاء". أمَّا مَتَّى فَلا يَذكر كلَّ هذه. ولكن إن جَمَعناها معًا نحصل على مجاعات، وزلازل، وأوبئة، ومخاوف، وعلامات عظيمة مِن السَّماء. فكلُّ هذه الأمور ستكون علامات على المُنتَهى.

وما هي الأوبئة؟ "لويموي" (loimoi) في اللُّغة اليونانيَّة؛ ومعناها: أمراض أو أوبئة. والكلمة "مَخاوف" مصدرها "فوبوس" (phobos) الَّتي اشتُقَّت منها الكلمة "فوبيا" (phobia)؛ ومعناها: خوف. وهي تعني أحداثًا مُرَوِّعة. فالكلمة "مَخاوف" تعني: أحداثًا مُرَوِّعة. والعبارة "علامات مِن السَّماء" تعني تغييرات في السَّماء. إذًا، في ذلك الوقت، عندما يبتدئ العالَم كُلُّه بالتَّفَكُّك، ستكون هناك أوبئة، وأمراض، وزلازل، ومجاعات، وأحداث مُرَوِّعة يَصعُب وصفُها لِهَولِها، وأيضًا تغييرات في السَّماء نفسِها. ونقول مَرَّةً أخرى إنَّ العالَم يَشهد مَجاعات، والعالَم يَشهد أوبئة، ويَشهد أحداثًا مُروِّعة، ومَذابح جماعيَّة. وقد جاءت أوقات حدثت فيها علامات غريبة في السَّماوات. ولكن لا يوجد شيء... لا يوجد شيء يُشبه ما سيحدث آنذاك.

ثُمَّ لاحظوا ما جاء في نهاية العدد 7: "فِي أَمَاكِنَ [عَديدة]". بعبارة أخرى، إنَّ هذه الأشياء لن تحدث هُنا وهناك مِن وقتٍ إلى آخر، بل إنَّها ستحدث بجُرعات كبيرة في أماكن كثيرة في الوقت نفسه. لِذا، مع أنَّنا نَشهد كَوارث، فإنَّها لم تكن يومًا بهذا القدر وبهذا النِّطاق الواسع طَوال تاريخ العالم. وكما تَرون، فإنَّ العالَم كُلَّه سيَبتدئ في تدمير نفسه بنفسه حين تَستفحِل الخطيَّة.

وكما تَرون، فإنَّ الرَّبَّ يَحجِز الخطيَّة. فهو يفعل ذلك اليوم. فَهُوَ يَحجِز الخطيَّة كي يَحفظ شعبه، وكي يَحفظ أرضه. ولكن عندما يَسحب تلك القوَّة الكابِحة، وعندما يَسحب تلك القوَّة المانعة... وأنا أعتقد أنَّ هذا سيتزامَن مع اختطاف الكنيسة. فسوف يتمّ اختطاف الكنيسة، ولن نكون هنا عند حدوث كلِّ هذه الأشياء. فسوف نُختطف بدايةً ... في بداية الضِّيقة. سوف نُختطَف. ثُمَّ ستأتي الضِّيقة. وعندما تُختطف الكنيسة ويَختفي جميع المَفديِّين عن وجه الأرض، سيَحدث ما جاء في رسالة تسالونيكي الثَّانية إذ نقرأ: "يَرْفَعُ اللهُ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ". ثُمَّ إنَّ كلَّ شيء سيبتدئ بالتَّفكُّك. ولن تتمكَّن الأرض المَخلوقة مِن احتمال شَرِّ النَّاس فيها عندما يصير ذلك الشَّرُّ غير مَحجوز. فسوف يبتدئ كلُّ شيءٍ في الكون في التَّفكُّك. وسوف يبتدئ كلُّ العالَم في الانهيار. وفي تلك النُّقطة، نقرأ في رؤيا 9 أنَّ الهاوية ستُفتَح، وأنَّ الشَّيطان سيُطلِق شَياطين مَضى على وجودهم هناك قرون طويلة. وَهُم سيزيدون مِن القُوى الشَّيطانيَّة. والله سيَسمح لهم بأن يصنعوا آيات وعجائب لِيُضِلُّوا العالَم ويَستولوا على أذهان العالَم إذْ إنَّ الخطيَّة تَستفحِل.

والآن، كي أصحبكم إلى المُنتهى وأريكم هذه الأشياء، يجب عليَّ أن أرجع مَرَّةً أخرى إلى سِفْر الرُّؤيا. وهُنا، حين يَرى يوحنَّا الرُّؤيا المُختصَّة بالمُنتهى، فإنَّه يَرى كلَّ الأشياء الَّتي تحدَّثنا عنها: زلازل – انظروا إلى رؤيا 6 والعدد 12: "وَنَظَرْتُ... [وهذا هو الخَتْم السَّادِس إذْ إنَّها بداية مُبتدأ الأوجاع]. "وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ السَّادِسَ، وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ". زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ.

ونقرأ في الأصحاح 16 والعدد 18: "ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ السَّابعُ جَامَهُ"... وأنتم الآن تقتربون مِن النِّهاية حقًّا. فأنتم في نهاية الضِّيقة: "فَخَرَجَ صَوْتٌ عَظِيمٌ مِن...السَّمَاء". وفي العدد 18: "...وَرُعُودٌ وَبُرُوقٌ. وَحَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ" أخرى حَطَّمَت المدينةَ حرفيًّا وجعلتها رُكامًا. وفي العدد 20: "وَكُلُّ جَزِيرَةٍ هَرَبَتْ، وَجِبَالٌ لَمْ تُوجَدْ. وَبَرَدٌ عَظِيمٌ... نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ... فَجَدَّفَ النَّاسُ عَلَى الله". والآن، هذه هي الزَّلزلة في النِّهاية. ولكن هناك زلزلة عظيمة أخرى رأيناها للتَّوّ في الأصحاح السَّادس مِن سِفْر الرُّؤيا أيضًا. لِذا فإنَّ ذلك الوقت سَيَتَّسِم بزلازل مُخيفة.

وفي سِفْر الرُّؤيا 11: 13، نقرأ... وأعتقد أنَّنا هنا نقترب أكثر مِن مُبتدأ الأوجاع. العدد 13: "وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَسَقَطَ عُشْرُ الْمَدِينَةِ، وَقُتِلَ بِالزَّلْزَلَةِ أَسْمَاءٌ مِنَ النَّاسِ: سَبْعَةُ آلاَفٍ. وَصَارَ الْبَاقُونَ فِي رَعْبَةٍ، وَأَعْطَوْا مَجْدًا لإِلهِ السَّمَاءِ". وذلك سيحدث في مدينة أورُشليم. إذًا لقد قال يسوع إنَّه سيكون وقت زلازل. والحقيقة هي أنَّه سيكون وقت زلازل.

والآن، لقد قال يسوع أيضًا إنَّه سيكون وقت مجاعات. ومَرَّةً أخرى، انظروا إلى سِفْر الرُّؤيا 6: 6 حيث نجد هنا الخَتْم الثَّالث الَّذي يُفتَح في زمن الضِّيقة: "ثُمْنِيَّةُ قَمْحٍ بِدِينَارٍ، وَثَلاَثُ ثَمَانِيِّ شَعِيرٍ بِدِينَارٍ. وَأَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ فَلاَ تَضُرَّهُمَا". لا تَمَسَّ زَيت الأغنياء ولا خَمْر الأغنياء. استَرزِقوا. والدِّينار هو أُجرة يوم واحد. وثُمْنِيَّة القَمح تُعادل أوقيَّتين ونِصف. فأنت تعمل اليوم كُلَّه ولا تحصل سوى على أوقيَّتين ونصف مِن القمح. إنَّها أحوال مَجاعة. وهي أحوال كارثيَّة. وهذا هو السَّبب في أنَّ العدد 8 يقول في مُنتصف الآية: "وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ أَنْ يَقْتُلاَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ". فسوف تُؤدِّي المجاعة إلى موت رُبع سُكَّان الأرض بسبب الجوع.

في الأصحاح الثَّامن مِن سِفْر الرُّؤيا... تقرأون هنا عن الأبواق. وأنتم تقتربون الآن أكثر مِن المُنتهى: "فَحَدَثَ بَرَدٌ وَنَارٌ مَخْلُوطَانِ بِدَمٍ، وَأُلْقِيَا إِلَى الأَرْضِ، فَاحْتَرَقَ ثُلْثُ الأَشْجَارِ، وَاحْتَرَقَ كُلُّ عُشْبٍ أَخْضَرَ". وهذا سيؤدِّي إلى مجاعة. أليس كذلك؟ فالنَّباتاتُ... ثُلْثُها سيحترق. ونقرأ في العدد 9 أنَّه بعد أن يصير البحر دَمًا: "مَاتَ ثُلْثُ الْخَلاَئِقِ الَّتِي فِي الْبَحْرِ الَّتِي لَهَا حَيَاةٌ، وَأُهْلِكَ ثُلْثُ السُّفُن". وهذا يعني أنَّ نَقل الطَّعام مِن مكانٍ إلى آخر لن يعود مُمكنًا. لذا فإنَّ الشُّعوب الَّتي تعتمد على البحر في طعامها لن تحصل عليه. ونقرأ في العدد 10 أنَّ ثُلْثَ الأنهار وينابيع المياه (أي المياه العذبة) ستختفي. ولن يعود هناك ماء عذب للرَّيّ. وَهَكذا دَوالَيك. وسوف يموت النَّاس بسبب المياه. ثُمَّ نقرأ في العدد 12 أنَّ ثُلْثَ الشَّمس سيُظلِم، وكذلك ثُلْث القمر، وثُلْث النُّجوم. بعبارة أخرى، فإنَّ كلَّ دورة اليوم والنَّهار ستتغيَّر، وأنَّ الفصول ستتغيَّر، وأنَّ المحاصيل لن تنمو، وأنَّه ستحدث فَوضى على نِطاق العالَم عندما يبتدئ الله في تغيير كلِّ الأشياء.

إذًا، ستكون هناك مجاعات وزلازل. وماذا عن الأمراض والأوبئة؟ انظروا إلى الأصحاح 16. وعندما تتقدَّمون نحو النِّهاية... نحو نهاية مُبتدأ الأوجاع، تَرون انسكاب الجامات الَّتي أعتقد أنَّه ستُسكَب في تَعاقُبٍ سريع إذْ نقرأ في العدد الثَّاني: "فَمَضَى الأَوَّلُ وَسَكَبَ جَامَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَحَدَثَتْ دَمَامِلُ خَبِيثَةٌ وَرَدِيَّةٌ عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ بِهِمْ سِمَةُ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِصُورَتِهِ". فهناك وبأ رهيب سيأتي ويُحدِث دمامِل خبيثة على النَّاس. فهو يُشبه السَّرطان. "ثُمَّ سَكَبَ الْمَلاَكُ الثَّانِي جَامَهُ عَلَى الْبَحْرِ، فَصَارَ دَمًا كَدَمِ مَيِّتٍ". ولعلَّكم تَذكرون أنَّه عندما فُتِحَت الخُتوم، حدث ما حَدث لثُلْث البحر. أمَّا الآن فإنَّه يحدث لكلِّ البحر. فأنتم تقرأون الآن عن المُنتهى. وهذا يحدث سريعًا حقًّا. كلّ البحر. ثُمَّ نقرأ في العدد الرَّابع أنَّ الأنهارَ ويَنابيعَ المياهِ صارت دَمًا. ثُمَّ نقرأ في العدد الثَّامن أنَّ الشَّمس صارت تَسفَعُ النَّاس وتحرقهم بحرارتها الشَّديدة. ثُمَّ في العدد 10: أنَّ الأرض صارت مُظلمةً لأنَّ الشَّمس انطفأت، وأنَّ النَّاس يَعَضُّونَ على ألسِنَتِهِم مِنَ الوجع. فسوف تحدث كلُّ هذه الأوبئة المريعة الَّتي لا يَتخيَّلُها عقل.

والآن، إن لم يكن هذا كافيًا، كما قلتُ لكم، فإنَّ لوقا يقول إنَّ أحداثًا مُريعةً وأحداثًا مُخيفةً ستجري. ويمكنكم أن تقرأوا الأصحاح السَّادس الَّذي تحدَّثنا عنه قبل قليل (ولا حاجة إلى أن تفعلوا ذلك الآن لأنَّنا تأمَّلنا فيه قبل قليل). ولكنَّكم سترون الأمور الرَّهيبة. فسوف تحدث حروب وموت ومجاعات ومذابح. فعندما تبتدئ السَّماء بالتَّفسُّخ، وعندما تبتدئ الأرض بالاهتزاز، ستحدث أحداث رهيبة مُرعبة. وعندما تَصِلون إلى الأصحاح التَّاسع، كما قلتُ لكم قبل قليل، تقرأون أنَّ الهاوية ستُفتح، وأنَّ شياطين ستَخرج مِن الهاوية السَّحيقة؛ وهي كائنات شيطانية، وأنَّ النَّاس سيُعذَّبون. ونقرأ في العدد 5 أنَّ عذابهم سيكون شبيهًا بعذاب العقارب، وأنَّ النَّاس سيَطلبون الموت (في العدد 6) ولا يجدونه، ويَتمنَّون الموت فيهرب الموت منهم. وقائد هذه الشَّياطين (بحسب العدد 11) اسْمُهُ بالعِبرانِيَّة "أَبَدُّون"، وَلَهُ باليُونَانِيَّة اسْمُ "أَبُولِّيُّون" ومَعناه: المُهلِك، الشَّيطان. فَمِن المرعب أن تُطلق الهاوية كلَّ الأرواح الشيطانيَّة الباقية.

وعندما تَصِلون إلى العدد 13 مِن الأصحاح التَّاسع نفسه، تقرأون عن ذلك الجيش المُرعِب الَّذي سيأتي ويَذبح النَّاس. افتحوا على الأصحاح 12 قليلاً. فالعدد 12 يقول: "وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ". فلن يَقتصر الأمر على أنَّ الهاوية ستُخرِج كلَّ شياطينها، بل إنَّ الشَّيطان سيُطرَح مِن السَّماء. وسوف يَنزل على الأرض ويَجلب كلَّ الشَّرِّ الَّذي يَستطيع أن يَجلبه. وهناك حدث مُريع آخر مَذكور في الأصحاح 14 والعدد 20؛ وَهُوَ حَدَث مُريع لا يَتخيَّله عقل إذْ إنَّ سَفْك الدِّماء سيكون هائلاً جدًّا حتَّى إنَّ الدَّمَ سيخرج مِن المَعصرة "حَتَّى إِلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ". فحتَّى مسافة ثلاثمئة كيلومتر، ستكون لُجُم الخَيل مُغطَّاةً بالدِّماء. فعلى طُول ثلاثمئة كيلومتر (وهي المسافة مِن أقصى نُقطة في شَمال إسرائيل إلى أقصى نُقطة في جنوبها) ستكون الأرض حَمَّام دَم. وهذا حَدث مُريع لا يَتخيَّله عقل.

ثُمَّ تَصِلون إلى الأصحاح 16 والعدد 3. وكما رأينا، فإنَّ البحر سيصير دمًا، والمياه العذبة تصير دمًا. والشَّمس تحرق النَّاس، ويُخَيِّمُ الظَّلام. والنَّاس سيَعضُّون على ألسنتهم مِن الألم. ولا يمكنك حتَّى أن تتخيَّل مقدار الألم الَّذي قد تشعر به عندما تكون في ظلامٍ دامسٍ وتؤذي نفسك، وتَرتطم بالأشياء، وتَشعر بالخوف. ثُمَّ نقرأ في العدد 13 مِن الأصحاح 16 أنَّ ثلاثة أرواح نجسة أخرى تَخرج مِن الهاوية وتصنع أعمالاً مُعجزيَّة وتَجمع العالم في هَرمجدُّون. إنَّه أمر لا يَتخيَّله عقل. فهو مُذهل!

ثُمَّ نقرأ في العدد 18 عن رعودٍ وبروقٍ وزلازل وكوارث أخرى. فالأرض بأسرها ستَتداعى. افتحوا على الأصحاح 18 ابتداءً مِن العدد 8 فترون أنَّ نظام الإنسان موصوف هنا. وهو يَسقط في ذلك الوقت وذلك المكان. فالعدد 8 يقول: "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَتَأْتِي ضَرَبَاتُهَا: مَوْتٌ وَحُزْنٌ وَجُوعٌ، وَتَحْتَرِقُ بِالنَّارِ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ الَّذِي يَدِينُهَا قَوِيٌّ". والضَّميرُ هُنا يَعود على النِّظام الاقتصاديِّ العالميِّ الَّذي يُدعى "بابِل". والجُزء المُتبقِّي مِن ذلك الأصحاح يَصِف دَمارَها.

والشَّيء الآخر الَّذي يقوله لوقا هو أنَّه في النِّهاية ستحدث زلازل، ومجاعات، وأوبئة، وأحداث مُريعة، وأخيرًا: علامات مِن السَّماء. وقد ذَكرنا للتَّوّ بعضًا منها. فالسَّماء كُلُّها ستبتدئ في الانحلال. وعودة إلى الأصحاح 6 والعدد 12: "وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، وَالشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ". وقد تَمَّ التَّنَبُّؤ عن ذلك بالطَّبع في سِفْر يوئيل والأصحاح الثَّاني، وتَكَرَّر ذلك على لسان بُطرس في عِظته في سِفْر أعمال الرُّسُل والأصحاح الثَّاني. "فبعد الزَّلزلة تصير الشَّمس سوداء. "وَالْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ، وَنُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ". هل يمكنكم أن تَتخيَّلوا ذلك؟ "كَمَا تَطْرَحُ شَجَرَةُ التِّينِ سُقَاطَهَا إِذَا هَزَّتْهَا رِيحٌ عَظِيمَةٌ". فإن كانت لديكم بضع حبَّات تين على شجرة تين، وهَبَّت ريح شرقيَّة قويَّة فإنَّها تَهُزُّ تلك الشَّجرة وتُسقِط كلَّ التِّين الَّذي عليها فيُطرَح على الأرض. كذلك، عندما يَهُزُّ الله السَّماء فإنَّ كلَّ نجومها ستسقط. "وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ كَدَرْجٍ مُلْتَفّ". فإن أخذت لِفَافَةً مِن وَرق وجَذبتها ثُمَّ تركتها فإنَّها ستَلتفُّ. والسَّماء كُلُّها سَتُطوى كما تُطوى لِفافة مِن ورق. "وَكُلُّ جَبَل وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا". وهذا مُذهل.

وفي الأصحاح الثَّامن... ونحن نعود إلى العدد 12 مَرَّةً أخرى: "فَضُرِبَ ثُلْثُ الشَّمْسِ وَثُلْثُ الْقَمَرِ وَثُلْثُ النُّجُومِ، حَتَّى يُظْلِمَ ثُلْثُهُنَّ، وَالنَّهَارُ لاَ يُضِيءُ ثُلْثُهُ، وَاللَّيْلُ كَذلِكَ". فالتَّقويم كُلُّه أُلغِيَ، وكُلُّ الأسابيع أُلغيت، وكُلُّ الفُصول أُلغيت، وكُلُّ المَدِّ والجَزرِ أُلغي... كلُّ شيء... كُلُّ شيء بحلول هذه الدَّينونة. علامات مِن السَّماء. ثُمَّ، بِكُلِّ تأكيد، عندما تُسكَب الجامات الأخيرة، كما رأينا: تَهرب كُلُّ جَزِيرَة، وَالجِبالُ لا تعود موجودة، وَيَنزلُ بَرَدٌ عظيمٌ مِنَ السَّماء. ويكونُ وزنُ كُلِّ حَبَّة بَرد نحو خمسين كيلوغرامًا. فهي مُصيبة يَصعُب تَخيُّلها.

والرَّبُّ يقول: "وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاع". فهي البداية وحسب. وقد قَدَّمتُ لكم لمحة عن الأشياء الَّتي ستحدث في البداية، وأخذتكم أيضًا إلى الجامات الَّتي هي التَّصعيد الأخير للأحداث. ولكن هناك بداية لهذه الأشياء: زلازل، وأوبئة، وعلامات مِن السَّماء، وأحداث مُريعة، ومجاعات. وهي تتصاعَد تصاعُدًا لا يُصَدِّقه عقل كُلَّما اقتربت النِّهاية. والآن، هذه هي الأوجاع. ولاحظوا ما جاء هُناك في العدد 8: "وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا هي الأَوْجَاع"؛ أو بالأحرى: "مُبْتَدَأُ الأَوْجَاع". "وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاع". والآن، لا بُدَّ أنَّ هذا الكلام كان مفهومًا. فقد تقول: "ألم يكن اليهود يَفهمون ذلك؟" بَلى، لقد كانوا يفهمونه.

واسمحوا لي أن أتوقَّف عن التَّجوال في الكتاب المقدَّس كي أتحدَّث عن هذه النُّقطة قليلاً فقط. كان اليهود قد تَعَلَّموا أنَّه قبل مجيء المَسيَّا، سيكون هناك مَخاض. فهي فكرة يهوديَّة شائعة جدًّا. فقد قال "إدرشايم" (Edersheim)، وهو عالمٌ يهوديٌّ كبير جدًّا [وأنا أقتبس كلامَه]: "الكتابات اليهوديَّة تتحدَّث كثيرًا جدًّا عن آلام ولادة المسيَّا". لِذا عندما قال: "هذِهِ هي الأَوْجَاع"، مِن المؤكَّد أنَّهم عَلِموا ما كان يتحدَّث عنه. فهي مفردات مألوفة. وكلُّ هذه الأشياء تُخبرنا أنَّ مجيء المسيَّا قريب. وهي ستتحقَّق كُلُّها في انقضاء الدَّهر بطريقة يَصعب علينا أن نتخيَّلها.

لِذا فإنَّ رَبَّنا يقول إنَّ وقت المُنتهى سيَتَّسِم بالضَّلال، والحروب، والدَّمار. واسمحوا لي أن أَذكُر لكم علامة رابعة: التَّدنيس... التَّدنيس. ونحن ننتقل هُنا مِن التحدُّث عن العالم إلى التحدُّث عن المؤمنين. ننتقل مِن التحدُّث عن العالم إلى التحدُّث عن المؤمنين. والآن، لاحظوا ما يلي في العدد 9: "حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي". فسوف يَحدث تَدنيس. ما الَّذي أعنيه بذلك؟ التَّدنيس يعني أن تُعامل شيئًا مُقدَّسًا بطريقة غير مُقدَّسة. وهذا هو تمامًا ما يقوله النَّصُّ هنا. فشعب الله المُقدَّس سيُعامَل بطريقة غير مُقدَّسة. فسوف يحدث اضطهاد هائل وواسع النِّطاق للمفديِّين يَفوق أيَّ اضطهادٍ آخر. فلا يوجد اضطهاد آخر يمكن حتَّى أن يُقارن بهذا الاضطهاد.

لِذا فإنَّه يقول: أنتُم يا جماعة المؤمنين في ذلك اليوم، سوف تُسَلَّمون". وهذه لفظة اصطلاحيَّة تُستخدم غالبًا للإشارة إلى الاعتقال... تُستخدم غالبًا للإشارة إلى الاعتقال. والحقيقة هي أنَّ مَتَّى [على ما أعتقد] يَستخدمها بتلك الطريقة في مناسبات عديدة. والحقيقة هي أنَّه في إنجيل مَتَّى 4: 12، عندما سَمِعَ يسوع أنَّ يوحنَّا قد سُجِن، فإنَّ الكلمة المستخدمة هناك هي "پيراديدومي". وهي كلمة تعني: يُعتَقَل. لِذا فإنَّه يقول إنَّه في ذلك الوقت، سوف يُواجه المؤمنون الحقيقيُّون الاعتقال... الاعتقال. وسوف يتألَّمون ويُقتلون. وسوف يكونون مُبغَضين مِن جميع الأُمم "لأَجْلِ اسْمِي". بعبارة أخرى، بسبب اتِّحادهم بالربِّ يسوع المسيح، سوف يَدفعون الثَّمن مِن خلال كراهية العالَم وعداوته لهم.

وفي إنجيل مَرقس 13: 9، نقرأ في النَّصِّ المُوازي ما يلي: "فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ. لأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ". فسوف يفعل اليهود ذلك. فاليهود، في البداية، أي في بداية النِّهاية، سيقومون باضطهاد المؤمنين.

وقد تقول: "ومِن أين سيأتي المؤمنون إن كانت الكنيسة قد اختُطفت؟" بعد اختطاف الكنيسة، سيُرسل اللهُ إلى العالم شَاهِدَيْن مَذكورَيْن في رُؤيا 11. وَهُم سيذهبون إلى كُلِّ مكان ويُنادون بالحقّ. وسوف يَقتُلهما العالَم، ولكنَّهما سيقومان مِن الموت. وسوف تكون هذه مُعجزة مُقنِعة جدًّا لأنَّنا نقرأ أنَّ كلَّ عين في العالم ستَراهما. فَمِن المُرجَّح أنَّ ذلك سيحدث على شاشات التِّلفزيون المحليَّة والعالميَّة، ومحطَّات الأقمار الصِّناعيَّة. فسوف يقومان مِن الموت. وسوف يكون لهما تأثير في ربح أشخاصٍ للمسيح. وسوف يكون هناك أشخاص يأتون إلى المُخلِّص في تلك الفترة. وسوف يتعرَّض هؤلاء للاضطهاد؛ لا فقط مِن قِبَل العالَم، بل مِن قِبَل اليهود أيضًا لأنَّهم سَيُسلِّمونكم لا فقط لتُقتَلوا، بل أيضًا إلى المَجامِعِ لتُجلدوا. وبالمناسبة، إنَّ أرض إسرائيل اليوم مُمتلئة حرفيًّا بالمَجامِع. فهي موجودة في كلِّ مكان. لِذا فإنَّ هذه ليست احتماليَّة ضئيلة البتَّة... البتَّة.

أمَّا المُتمرِّدون في ذلك الوقت، الَّذينَ يرفضون الإيمان بالمسيَّا... فسوف يوجد أشخاص مُتمرِّدون [بالمُناسبة] بين الإسرائيليِّين بحسب ما جاء في سِفْر حزقيال 20: 38. سوف يكون هناك مُتمرِّدون ينبغي التخلُّص منهم. وسوف يكون هناك أُمم يأتون إلى المسيح. وسيكون هناك يهود يأتون إلى المسيح. وسيكون هناك مُتمرِّدون مِن اليهود، ومُتمرِّدون مِن الأمم بِكُلِّ تأكيد مِمَّن يَضطهدون المؤمنين الحقيقيِّين. وسوف يكون ذلك الوقتُ وقتَ اضطهادٍ شديدٍ واستشهاد.

وإذْ أُفَكِّر في ذلك، أتذكَّر أنِّي كنتُ أقف على شُرفة غُرفتي في الفندق في طَبريَّا وأنظر إلى أسفل إلى مَجمعٍ يَعقدون فيه اجتماعهم يوم السَّبت. وفي يومٍ ما، في ذلك المَجمع الَّذي يَجتمع فيه هؤلاء اليهود اليوم، إن كانوا أحياء في هذا الوقت المُحدَّد مِن التَّاريخ، سوف يكون هناك شيء يُثير الرُّعب في ذلك المَجمع. فسوف يكون بعضٌ منهم قد آمنوا بالمسيَّا، أو سيؤمنون بالمسيَّا. وستكون هناك فئة لا تُؤمن. والأشخاص الَّذينَ لن يؤمنوا سيَجلدون الآخرين في نفس ذلك المكان، بل رُبَّما يَقتلونهم. لِذا، سوف يأتي وقت مِن الاضطهاد الشَّديد والاستشهاد للمؤمنين الحقيقيِّين.

التَّدنيس... أي: مُعاملة الأشياء المُقدَّسة بازدراء. فسوف يقتلونكم. لاحظوا العدد 9: فسوف يقتلونكم. فهذه هي الكلمة المستخدمة إشارة إلى البَطش بهم. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ لا فقط مِن قِبَل اليهود، بل تكونون مُبغَضين أيضًا مِنْ قِبَل كُلِّ العالَم وجَمِيعِ الأُمَمِ. لِذا، لن يكون هناك مَلاذٌ آمِن، ولا مكان للاختباء، ولا مكان للهرب. ولماذا يُبغضونكم؟ "لأَجْلِ اسْمِي". فهذه هي القضيَّة. فَهُم يُبغضون المسيح. فالعالَم يُبغِض المسيح. فالنَّاس يُبغضونه دائمًا. وسوف يُبغضونه آنذاك؛ ولا سِيَّما حين يصيرون تحت هَيمنة مَن؟ ضِدّ المسيح الَّذي يقف ضِدَّ المسيح. والمؤمنون يُقابلون دائمًا بالكَراهية، ويَتعرَّضون دائمًا للقتل. ولكن في ذلك الوقت، سوف يحدث ذلك أكثر مِن أيِّ شيءٍ مُشابِهٍ في السَّابق. فسوف يكون هناك تَدنيس في كلِّ العالَم للقدِّيسين. وسوف يستشهدون ويُقتلون مِن أقصى الأرض إلى أقصاها في تلك الفترة الزَّمنيَّة.

والحقيقة هي أنَّ الكتاب المقدَّس يُقدِّم لنا تفاصيل كثيرة عن ذلك. انظروا إلى سِفْر الرُّؤيا والأصحاح 6. ونحن ننظر هنا مَرَّةً أخرى إلى المستقبل حيث مُبتدأ الأوجاع إذ نقرأ في العدد 9: "وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَح..." – أي في مكان الكَفَّارة. فتلك هي نُفوس مَفديَّة يَراها في رؤياه تحت المَذبح الَّذي يَرمِز إلى الكَفَّارة. فَهُم مُخَلَّصون. وَهُم تحت الدَّمّ. فهو يَرى هناك "نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ". فسوف يُقتَل هؤلاء في فترة الضِّيقة العظيمة. ويوحنَّا في رُؤياه يَراهم هناك. "وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟» فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ". بعبارة أخرى، فإنَّ يوحنَّا يَرى عددًا مِن الشُّهداء يَصرخون: "حَتَّى مَتى؟" والرَّبُّ يُجيبهم قائلاً: "ليس قبل أن يُقتَل جميع الأشخاص الَّذينَ سيتعرَّضون للقتل".

وفي الأصحاح السَّابع والعدد 9، يَرى يوحنَّا رؤيا ويشاهد جَمعًا كثيرًا "لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ. وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «الْخَلاَصُ لإِلهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ»". وهو يَرى هؤلاء الأشخاص. وَمَن يكونون؟ نقرأ في العدد 14: "فَقَالَ لِي: «هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوف»". وكيف خَرجوا مِن تلك الضِّيقة؟ لا شَكَّ في أنَّهم استُشهِدوا. فقد قُتلوا لأجل المُخلِّص... لأجل تكريسهم له.

وتقرأون في الأصحاح 11 أنَّهم قَتلوا الشَّاهِدَيْن. وتقرأون في الأصحاح 12 أنَّ التِّنِّين (أي: الشَّيطان) يَصنع حربًا مع باقي النَّسل؛ أي مع الأشخاص المؤمنين. ورُبَّما كانت الإشارة هنا هي إلى المؤمنين اليهود. ثُمَّ تقرأون في الأصحاح 13 مَرَّةً أخرى... في العدد 7 أنَّه أُعْطِيَ سُلطانًا أن يَقتل، وأَنْ "يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ". والإشارة هنا هي إلى ضِدِّ المسيح. وكذلك يَفعل النبيُّ الكَذَّاب.

ونقرأ في الأصحاح 17 أنَّ الزَّانية العَظيمة... أنَّ الزَّانية العظيمة الَّتي تَرمز إلى النِّظام الدينيِّ الزَّائف في فترة الضِّيقة العظيمة: "سَكْرَى مِنْ دَمِ الْقِدِّيسِينَ وَمِنْ دَمِ شُهَدَاءِ يَسُوع". وفي الأصحاح 16 والعدد 6، نقرأ أنَّهم "سَفَكُوا دَمَ قِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَاءَ"... أنَّهم "سَفَكُوا دَمَ قِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَاءَ".

والآن، ارجعوا إلى مَتَّى 24 واستمعوا بعناية. سوف يكون هناك تَدنيس للمَفديِّين. ولكن اسمعوا ما يلي: بسبب ذلك... وأريد منكم وحسب أن تسمعوا بتركيز خمس دقائق أخرى أو أكثر قليلاً. وسوف تَرون شيئًا أعتقد أنَّه مأساويٌّ جدًّا جدًّا. فالعلامة الخامسة هي: الارتداد... الارتداد. فهناك الضَّلال، والحروب، والدَّمار. وهذا سيحدث على نِطاق العالَم وسيحدث لكلِّ العالَم غير المؤمن. ثُمَّ إنَّه ينتقل إلى التحدُّث عن المؤمنين أو عن الشَّعب الَّذي يَنتمي إلى الله والمسيح ويقول: أوَّلاً، سيكون هناك تَدنيس. فسوف يُعامَل هؤلاء النَّاس باضطهادٍ شديد. ونتيجة لذلك، ستَظهر علامة خامسة وهي: الارتداد. انظروا إلى العدد 10: "وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا". وهذا مأساويٌّ جدًّا وحسب.

فالضَّغط سيكون هائلاً حين يَبتدئ العالَم بقتل المؤمنين حتَّى إنَّ هناك أشخاصًا اعترفوا سَطحيًّا بانتمائهم ليسوعَ المسيح كما هي حال البذور الَّتي سقطت في أرض فيها شوك ولم يكن لها أصل حقًّا. وقد أنبتت قليلاً وبدا أنَّه لا بأس بها. فسوف يكون هناك أشخاص يَعترفون مبدئيًّا بانتمائهم إلى يسوع المسيح. ولكن عندما يَرون الثَّمن الَّذي ينبغي أن يَدفعوه سَيَهلَعون ويَرتدُّون. فَهُم لن يُبدوا الاستعداد لدفع ذلك الثَّمن. لِذا سوف يَبتدئون في الارتداد. وَهُم لا يَكتفون فقط بإنكار المسيح، بل إنَّهم يُسَلِّمون المؤمنين الحقيقيِّين إلى مُضطهديهم. أترون ذلك؟ فَهُم يبتدئون بخيانة المؤمنين الحقيقيِّين، ويُسَلِّمونهم، ويُفْشُونَ أسماءهم وعناوينهم، ويُخبرون أعداءهم أين يمكنهم أن يعثروا عليهم كي يَقتلوهم.

والنَّاس يقولون: "هل هُم مؤمنون حقيقيُّون؟" مِن المؤكَّد أنَّهم ليسوا كذلك. فلو كانوا مؤمنين حقيقيِّين لاستمرُّوا في اتِّباع الحقّ. أليس كذلك؟ ولو كانوا مؤمنين حقيقيِّين لبذلوا حياتهم إن لَزِمَ الأمر. ولو كانوا مؤمنين حقيقيِّين لاستمرُّوا في الطَّاعة. ويوحنَّا يقول ذلك في رسالته الأولى والأصحاح الثَّاني: "مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا" (رسالة يوحنَّا الأولى 2: 19). وقد قال يسوع ذلك في إنجيل يوحنَّا 8: 31: "إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي". وقد ذَكَر رَبُّنا نفسُه مبدأ التَّلمذة في إنجيل مَتَّى والأصحاح 10. استمعوا إلى ما قاله. وأنتم تعرفون هذا المبدأ. فهو واضح جدًّا: "لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ" (في العدد 24). "يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ!".

بعبارة أخرى، إن كانوا قد قالوا إنَّ يسوع هو مِن الشَّيطان، لا بُدَّ أن يقولوا ذلك عنكم. ولكن يَكفيكم أن تكونوا مِثله. فالتِّلميذ الحقيقيّ يُبدي الاستعداد للتألُّم كَما تألَّم سَيِّدُه. لِذا، "لا تَرتاعوا منهم".

ثُمَّ إنَّ الربَّ يقول: "فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِـي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُنـِــي قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَات". كذلك فإنَّه يقول ما يلي: "وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنـِــي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِـي". فالشَّخص الَّذي يقول: "أنا لا أريد الصَّليب، ولا أريد أن أموت، بل أريد أن أخرج مِن هنا"... إنَّ هذا الشَّخص لا يَستحقُّ حَتَّى أن يكون تِلميذًا. فذلك الشَّخص لا يَنتمي حقًّا إلى المسيح. فالشَّخص الَّذي يَنتمي إلى المسيح يُثابر. والشَّخص الَّذي ينتمي إلى المسيح يُبدي الاستعداد لدفع الثَّمن – لا لأنَّه يَمتلك صِفاتٍ شخصيَّة خاصَّة به، بل لأنَّه إن كان مؤمنًا حقيقيًّا فإنَّ الرُّوح القُدُس سيُعطيه نِعمة للمُثابرة. فهذا هو المِفتاح.

وكما تَرون، في الرِّسالة إلى العِبرانِيِّين 3: 12، نَقرأ: "اُنْظُرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الارْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ". فعندما يَرتدُّ شخصٌ عن الله الحيّ فإنَّه يُظهر قلبًا شرِّيرًا بعدم إيمانه. وبولس يقول لتيموثاوس: "إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا".

إذًا، فقد قَرَنَ هؤلاء الأشخاص أنفسهم خارجيًّا بالمسيحيَّة. ولكن عندما تزيد قسوة الاضطهاد فإنَّهم يَرتدُّون. فقد عَثروا. فَهُم كالأرض الصَّخريَّة. وقد ارتدُّوا لأنَّهم لا يريدون أن يَدفعوا الثَّمن. وَهُم بذلك يُشبهون التَّلاميذ الَّذينَ قالوا: "سوف نَتبعُكَ إن سَمحتَ لنا أن نذهب ونَفعل كذا". ولكنَّ يسوع قال: "لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ الله".

فقد بحثوا عن سَلامتهم، ولكنَّهم لم يتوقَّفوا هناك؛ بل إنَّهم خانوا بعضُهم بعضًا. ويا له مِن أمر مأساويّ. وهذا سيحدث في ذلك الوقت. فالأشخاص الرَّائعون المفديُّون والأبرار سيتعرَّضون للخيانة مِن قِبَل الأشخاص الَّذينَ ارتدُّوا ولم يُبدوا الاستعداد لدفع الثَّمن. فسوف يَصيرون مُخْبِرينَ ويُسَلِّموهم كي يُقتَلوا ويُذبَحوا.

ويَكتُب مَرقس عن ذلك في الأصحاح 13 والعدد 12: "وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ". وما أعنيه هو أنَّ ذلك سيحدث في العائلة... في العائلة الواحدة إذ إنَّ الأشخاص الَّذينَ يتعرَّضون لِضَغطِ بَذلِ حياتهم لأجل المسيح سيَرتدُّون ويَقومون على والِدِيهم وأقربائهم. ونقرأ في إنجيل لوقا 21: 16: "وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ". هذا هو الارتداد.

وسوف يَرتدُّ أُناسٌ منهم لأنَّ الثَّمن باهظٌ جدًّا. ولكنَّ آخرين سيرتدُّون... انظروا إلى العدد 11: "وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِين". وهؤلاء ليسوا مُسحاء كذبة هنا، بل مُعلِّمون كذبة. فسوف يَرتدُّ أناسٌ من هؤلاء لأنَّهم ليسوا مُستعدِّين لدفع الثَّمن. ولكنَّ آخرين سيرتَدُّون لأنَّهم ماذا؟ خُدِعوا. لِذا فإنَّ الارتداد سيكون ارتدادًا لسببين في هذه النُّقطة. فسوف يأتي أنبياء كذبة كثيرون. ونقرأ الشَّيء نفسه... أليس كذلك... في العدد 24. فهؤلاء الأنبياء الكذبة سيُعلِّمون ضلالات شيطانيَّة مصدرها إبليس والجَحيم.

والآن، استمعوا بعناية شديدة إلى ما أقول. إن كان الشَّيطان يَعمل في جميع أنحاء العالَم، وإن كان الشّيطان يَتنكَّر كملاك نور، فإنَّ ذلك الدَّهر لن يكون مُتْرَعًا فقط بجميع أصناف الشَّرِّ العَلنيّ، بل سيكون مُتْرَعًا أيضًا بشَتَّى أنواع الدِّيانات الزَّائفة. وكلُّ ما ينبغي لكم أن تفعلوه هو أن تقرأوا الأصحاح 17 مِن سِفْر الرُّؤيا لتروا ذلك لأنَّكم تقرأون في رؤيا 17 عن هذا النِّظام الدِّينيِّ العالميِّ الشرِّير جدًّا، والفاسد جدًّا، والمُنحطّ جدًّا الَّذي يُسَمَّى "الزَّانية"...الزَّانية العظيمة... الزَّانية. فهو زِنا دِينيّ. فإن كانت الكنيسة عروس، فإنَّ هذا زِنا. لِذا، سوف تَظهر كلُّ أنواع الضَّلالات الدينيَّة وتزدهر إذ إنَّ الشَّيطان سيفعل كلَّ ما في وُسْعِه لجعل النَّاس يَرتدُّون. لِذا فإنَّ هؤلاء الأشخاص الَّذينَ يَتبعون المسيح ظاهريًّا، ورُبَّما يُظهرون اهتمامًا، سيتشوَّشون ويَسقطون في الضَّلالات والبِدَع والهرطقات. وسوف تترك كلُّ تلك الفئات مِن الجماعات الكاذبة تأثيرًا هائلاً في العالم... تأثيرًا هائلاً.

وبالمناسبة، في رُؤيا 9: 21، نقرأ الكلمة "سِحْر". وهي الكلمة "فارماكيا" (pharmakeia) ومعناها: "عقاقير". وربَّما ستكون المُخدِّرات جزءًا مِن ذلك "الضَّلال الدِّينيّ". وسوف يَقبَل النَّاس سِمَة الوحش ويسجدون لصُّورة الوحش القبيح الشرِّير. وهذا كُلُّه جزء مِن الضَّلال.

والآن، أريد منكم أن تروا شيئًا آخر. وهذا مُذهل حقًّا! انظروا إلى العدد 12: "وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِين". وهذا هو السَّبب الثَّالث في الارتداد. فهناك مَن يَرتدُّون لأنَّهم غير مُستعدِّين لدفع الثَّمن أو الموت. وهناك مَن يَرتدُّون لأنَّهم خُدِعوا. وهناك مَن يَرتدُّون لأنَّهم اختاروا الإثم. والإثم هو التَّعَدِّي. وهي كلمة تَعني أنَّهم تَعَدُّوا على شريعة الله. فهي خَطيَّة جامِحَة وحسب. وسوف تَكثُر الخطيَّة جدًّا حتَّى إنَّها ستدفع النَّاس الَّذينَ يَسيرون باتِّجاهِ الحقِّ إلى الارتداد عنه. ونحن نَرى ذلك يحدث اليوم. فنحن نَرى ذلك يَحدث اليوم.

وقد سَمعتُ اليوم عن فتاة جاءت إلى كنيستنا وعملت في قسم الشَّابَّات. وقد تَسَلَّل الشَّرُّ إلى حياتها فَمَزَّقَها. وسوف يكون الشَّرُّ آنذاك مُستَفحِلاً أكثر جدًّا مِمَّا هو عليه اليوم حتَّى إنَّ ما سيحدث هو تَفاقُم الرَّذيلة والانحطاط والشَّرّ في جميع أنحاء العالَم. وسوف يَكونُ ذلك شَبيهًا بأخذ ما تُصَوِّرُهُ أفظعُ مَجلَّةٍ إباحيَّةٍ يمكنكم أن تَتخيَّلوها وَفِعلُ تلك الأمور القبيحة في جميع أرجاء الأرض على المَلأ. حسنًا؟ وهذا الشَّرُّ المُستَفحِل سَيَجعل النَّاس يَرتدُّون. وتقول الآية إنَّ ذلك سيَجعل مَحبَّة الكثيرين تَبرُد لأنَّ الإثم يَكثُر. فهو شَرٌّ مُستَفحِل.

وقد كَتَبَ بولس إلى تيموثاوس ووَصَف ذلك اليوم الأخير. فقد وَصَف ذلك الشرّ: "لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ..." [في الرِّسالة الثَّانية إلى تيموثاوس والأصحاح الثَّالث]، "...بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ لله". وسوف تَبرُد مَحبَّة الكثيرين لأنَّهم يُحِبُّون المُتعة". إنَّه شَرٌّ على مُستوى العالَم، وإثمٌ على مُستوى العالَم، ورَذيلة مُستفحِلَة إذ إنَّ النَّاس سَيُستعبَدون لها ويَجْمَحون. وسوف يأتي ذلك سريعًا. أليس كذلك يا رِفاق؟ وما أعنيه هو أنَّ هذه الأشياء لا تبدو بعيدةً عَنَّا كما كانت عليه في مُجتمعنا قبل عشرين سنة مَضَت. وحيث إنَّ مَحبَّتهم ضَحلة أصلاً، فإنَّ مَحبَّتهم للمسيح ستَبرُد. فهي ستبرُد. فسوف تبرد مَحبَّتُهم بسبب مَحبَّتهم للشَّرّ... بسبب محبَّتهم البائسة للخطيَّة.

ثُمَّ نقرأ في العدد 13: "وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ". إذًا كيف تَعرفون المُخَلَّصين؟ لأنَّ المُخلَّصين لا يَفعلون ماذا؟ لا يَرتدُّون. أليس كذلك؟ فَهُم لا يَرتدُّون. فَهُم لن يَرتدُّوا لأنَّ الثَّمن باهظ. وَهُم لن يَرتدُّوا لأنَّهم خُدِعوا. وَهُم لن يَرتدُّوا لأنَّهم يُحبُّون الإثم. لِذا، يجب أن تستمرُّوا في السَّهَر. والَّذي يَصبِر إلى المُنتَهى فإنَّه ماذا؟ يَخلُص. وسوف يَتِمُّ إنقاذُهم مِن ذلك. صحيحٌ أنَّ أُناسًا منهم سيموتون وأنَّ أُناسًا آخرين منهم سيَعيشون، ولكنَّهم سيَخلُصون جميعًا سواء في الحياة أو الموت. فسوف يَخلصون مِن الغضب الآتي. فالصَّبر هو دائمًا العلامة الدَّالَّة على المُخلَّصين. الصَّبر هو دائمًا العلامة الدَّالَّة على المُخلَّصين. فَهُم يَصبرون. وَهُم يَحتملون إلى النِّهاية.

وفي إنجيل مَتَّى 10: 22، قال يسوع ذلك: "وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ". فالشَّخصُ الَّذي يَصبِر [بحسب هذه الآية كما قال يسوع] إلى نهاية حياته، ويَصبر بالرَّغم مِن كُلِّ ما يحدث، يُبرهن على أنَّه شخص سيَخلُص في النِّهاية. فسوف يَخلُص مِن هذه الحياة إلى أمجاد السَّماء. لِذا فإنَّ الشَّخص الَّذي يَحتمل في المستقبل كُلَّ ذلك هو شَخص يَصِحُّ عليه ما جاء في رؤيا 2: 10 ويكون غالِبًا... يكون غالِبًا. وَهُوَ الَّذي يَخلُص بِغَضِّ النَّظر عن الاضطهادات، وبغضِّ النَّظر عن الثَّمن. ويا له مِن وعدٍ رائع!

وتُعبِّر الآية 21: 19 عن ذلك بالطَّريقة التَّالية... وهي آية رائعة: "بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ". يا لها مِن آية رائعة! فالشَّخص الَّذي يَصبر بقوَّة الله وبنعمة الله هو الَّذي يَغلِب في النِّهاية. فالإيمان الَّذي يَصبِر هو إيمان المُخَلَّصين وإيمان المَفديِّين.

إذًا في النِّهاية، سوف يكون هناك ارتداد مُريع... ارتدادٌ مُريع إذ إنَّ النَّاس الَّذينَ يَنتمون إلى الكنيسة يَرتدُّون فجأةً. ويجب أن تَعلموا أنَّه إن حَدَث ذلك لنا الآن، سنَعرف المُرتَدِّين. أليس كذلك؟ فسوف نَعرف الأشخاص الَّذي لم يكونوا راغبين في دفع الثَّمن بحياتهم. وسوف نَعرف الأشخاص الَّذينَ سينقادون وراء ضلال الأنبياء الكذبة. وسوف نَرى الأشخاص الَّذينَ أحَبُّوا إثمهم أكثر مِمَّا أَحَبُّوا الله. وما أعنيه هو أنَّ ذلك كُلَّه سيصير واضحًا. وكذلك هي الحال آنذاك... كذلك هي الحال آنذاك. ولن يَخلص سِوى مَن يَصبر. ونحن نَراهم في رؤيا 7 يَخرجون مِن الضِّيقة العظيمة بثياب بيض. ونحن نَراهم في رؤيا 19 (عندما يَعودُ المسيحُ) إذْ يَتبعونه "عَلَى خَيْل بِيضٍ لاَبِسِينَ بَزًّا أَبْيَضَ". فقد صَبروا. وقد أُعطوا ثوبًا أبيض.

النُّقطة الأخيرة: الإعلان. فالعلامة الأخيرة على المجيء، أو على البداية الأخيرة للأوجاع هي الإعلان. فقبل أن يأتي الرَّبُّ، سيحدث ما يلي: "وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِــي الْمُنْتَهَى". فقبل أن يأتي المُنتَهى، وقبل تأسيس الملكوت، لا بُدَّ أن يحدث هذا: إعلان الإنجيل في جميع أنحاء العالَم.

فبالرَّغم مِن الاضِّطهاد، وبالرَّغم مِن المُضِلِّين، وبالرَّغم مِن الأنبياء الكذبة، وبالرَّغم مِن المُسحاء الكَذبة، وبالرَّغم مِن أنَّ الجَحيم سيُطلِق كُلَّ أرواحه الشرِّيرة على كلِّ الأرض، وبالرَّغم مِن كلِّ هذه الفوضى المُريعة والفظيعة الَّتي لا يُمكن أن يتخيَّلها عقل، وبالرَّغم مِن الأشخاص الَّذينَ ستَبرُد مَحبَّتُهم، وبالرَّغم مِن حُكم ضِدِّ المسيح وسيادته، وبالرَّغم مِن مُحاولة الشَّيطان لمحاربة المسيح، وبالرَّغم مِن الحروب والمجاعات والزَّلازل وكلِّ الأشياء الأخرى والعلامات في السَّماء، بالرَّغم مِن هذا كُلِّه، فإنَّ إنجيل الملكوت سيُكرَز به في كلِّ العالم شَهادة لجميع الأمم. ثُمَّ إنَّ المملكة ستأتي... المَلكوت.

وقد تقول: "عجبًا! وكيف سيحدث ذلك؟" كيف سيُكرَز بالإنجيل؟ انظروا إلى سِفْر الرُّؤيا والأصحاح 14. وهذا هو آخر نَصٍّ سنتأمَّل فيه. سِفْر الرُّؤيا 14: 6. وها نحن قبل سَكْب الجامات مُباشرةً، وقبل تسارع الأوجاع المُتعاقبة الَّتي ستنتهي بتأسيس الملكوت، أي عند اقتراب النِّهاية، وقبل أن تبتدئ المذبحة الأخيرة: "ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ..." [بحسب ما يقول يُوحنَّا] "...مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ". لماذا؟ "لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ..." وماذا؟ "...وَشَعْبٍ". وهذا هو تحقيق ما جاء في إنجيل مَتَّى 24: 14.

فتلك الكرازة بالإنجيل إلى العالم كُلِّه لا تُشير إلى ما يحدث الآن، يا أحبَّائي، بل تُشير إلى ما سيفعله هذا الملاك في كِرازة واحدة عظيمة، وخارقة للطَّبيعة، ومُعجِزيَّة، وأخيرة للعالَم. وهي ستحدث قبل الدَّينونة مُباشرةً. لِذا فإنَّ الملاك يقول: "خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا". وهذه هي الرِّسالة الَّتي يُنادي بها. "لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ، وَاسْجُدُوا لِصَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ. ثُمَّ تَبِعَهُ مَلاَكٌ آخَرُ قَائِلاً: سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ". بعبارة أخرى، لقد انتهى يوم الإنسان. ويجب عليكم أن تتصالحوا مع الله. فهذا هو العمل الكِرازيّ الَّذي سيقوم به الملائكة المُقدَّسون في السَّماء والَّذين يطيرون في جميع أنحاء الكُرة الأرضيَّة قبل حُلول الدَّينونة الأخيرة مُباشرةً. والبشارة الأبديَّة هي نفس الإنجيل الَّذي قَدَّمه الله دائمًا: أنَّه يَدين الخطيَّة ويُكافئ البِرّ. وهؤلاء الملائكة سيَدعون العالَم إلى المُخلِّص، ثُمَّ يأتي المُنتهى – ولكن ليس قبل ذلك [كما يقول رَبُّنا].

إذًا، هذه هي الأوجاع. هذه هي الأوجاع. ولكنَّ هذه هي فقط مُبتدأ الأوجاع. فكلَّما تَقدَّمنا في الأصحاح سنَرى تفاصيل أكثر فأكثر.

والآن، قد يقول قائل: "كيف نَعلم أنَّ الأوجاع ابتدأت؟ كيف نَعلم أنَّها ابتدأت حقًّا؟" وهذه ستكون دراستنا للأعداد 15-28 بعد بضعة أسابيع. لِذا، لا تَحبِسوا أنفاسَكم. ولكن يمكنكم أن تقرأوا ذلك النَّصّ مُسَبَّقًا. دَعونا نَحني رؤوسَنا حَتَّى نُصلِّي:

يا أبانا، لقد صَرفنا وقتًا رائعًا اللَّيلة. نشكرك على هذا الوقت الرَّائع. ونشكرك على محبَّة هذه الرَّعيَّة لك ولكلمتك، وعلى أنَّهم سَمحوا لنا بأن نَغوص وقتًا أطول قليلاً اللَّيلة كي نُلِمَّ بهذا الحقَّ العظيم. نشكرك يا أبانا على شركتنا حول كلمتك.

وإذْ نَرى هذا يَتحقَّق، فإنَّنا نَسمع بطرس يقول: "فَبِمَا أَنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ، أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟" يا رَبّ، كم ينبغي أن تكون حياتُنا طاهرةً عندما نَرى أيَّ إلهٍ أنت. وكَم ينبغي لنا أن نَدعو النَّاس إلى المُخلِّص قبل مجيء هذا اليوم، أو قبل أن نُغادر هذه الأرض ولا تعود أمامنا فرصة. نشكرك يا رَبّ لأنَّنا نستطيع أن ننظر إلى المستقبل ونرى اليوم الَّذي سيأتي فيه يسوع لتأسيس ملكوته. وَهُوَ يوم مَجيد. ولكنَّه يتركنا أمام أمور كثيرة ينبغي أن نقوم بها: أن نخرج إلى الطُّرق والشَّوارع ونَدعو النَّاس إلى المجيء إلى الملك، وإلى الاستعداد لمَلكوته.

نشكرك على هذا اليوم الرَّائع الَّذي أعطيتنا إيَّاه. ويا ليتَنا نَعيش في ضَوء مجيئك القريب لأنَّه إن كانت كلُّ هذه الأشياء ستحدث قريبًا، وأنَّنا سنُختطف قبل أن تحدث، لا بُدَّ أن تكون وشيكة. ونحن نقول مع يوحنَّا: "آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع". تعال أيُّها الرَّبُّ يسوع. ساعِدنا على أن نعيش في ضوء الأبديَّة لا الوقت، وأن نعيش في ضوء السَّماء لا الأرض، وأن نعيش في ضوء الأبديَّة لا الأمور الزَّائلة، وأن نضع كُنوزَنا "حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُون"، وأن نَهتمَّ "بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْض". ونحن نَترقَّبُ بالشُّكر (وبحُزن على أولئك الَّذينَ هُم بدون المسيح) نَترقَّبُ ذلك اليوم الَّذي سيعود فيه المسيح. نُصَلِّي باسمه. آمين!

This sermon series includes the following messages:

Please contact the publisher to obtain copies of this resource.

Publisher Information
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969

Welcome!

Enter your email address and we will send you instructions on how to reset your password.

Back to Log In

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize
View Wishlist

Cart

Cart is empty.

Subject to Import Tax

Please be aware that these items are sent out from our office in the UK. Since the UK is now no longer a member of the EU, you may be charged an import tax on this item by the customs authorities in your country of residence, which is beyond our control.

Because we don’t want you to incur expenditure for which you are not prepared, could you please confirm whether you are willing to pay this charge, if necessary?

ECFA Accredited
Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Back to Cart

Checkout as:

Not ? Log out

Log in to speed up the checkout process.

Unleashing God’s Truth, One Verse at a Time
Since 1969
Minimize