
لِنَفتَح كِتابَنا المُقدَّسَ مَعًا على الرِّسالةِ الأولى إلى تيموثاوس والأصحاحِ الثَّاني. الرِّسالة الأولى إلى تيموثاوس والأصحاح الثَّاني. قبلَ أُسبوعَيْن، كُنتُ أقرأُ سِيرةً ذاتيَّةً مُدهشةً جدًّا عن عائلة مَشهورة جدًّا. ولعَلَّ بَعضًا مِنَّا يَذكُرُ اسم العائلة "بيتشر" (Beecher) في التَّاريخِ الأمريكيّ. ولا شَكَّ في أنَّكُم تَعرِفونَ الاسم "هيرييت بيتشر ستو" (Harriet Beecher Stowe)، وهي رِوائيَّة أمريكيَّة عظيمة. وقد كانت "هيرييت بيتشر ستو" واحدةً مِن ثلاثَةَ عَشَرَ طِفلاً. وكانتِ الابنةُ الأكبر في العائلةِ هي "كاثرين بيتشر" (Catherine Beecher). فقد كانت أكبر الأطفالِ الثَّلاثةَ عَشَر. وكانت واحدةً مِنَ تِسعةِ أطفالٍ أَنجبَتهُم أُمُّها. وكانَ هناكَ أربعةُ أطفالٍ آخرينَ أَنجَبَتهُم زَوجَةُ أَبيهم الَّتي تَزَوَّجَها بعدَ وَفاةِ أُمِّهم. وقد نَشَأت "كاثرين بيتشر" بصورة أساسيَّة وهي تَشعُرُ بمحبَّة طبيعيَّة للأطفال. وكانت تَجِدُ مُتعةً عظيمةً في القيامِ بمَهامِ تَربيةِ الأطفال. وكانت تُحِبُّ أن تَعتني بالأطفالِ الرُّضَّع. وكانت تُحِبُّ أن تَعتني بالأطفالِ الصِّغار. وعندما بَلَغَتْ كاثرين سِنَّ السَّادسة عَشْرَة فقط، وكانَ جَميعُ إخوانِها وأَخَواتِها أصغر مِنها إذْ إنَّها كانت أكبرَ التِّسعَة، مَاتَت أُمُّها. لِذا فقد تُرِكَتْ في الحقيقةِ لِتَعتني بإخوَتِها وأَخَواتِها الثَّمانية الصِّغار. وكانت أُمُّها ماهرةً جدًّا في المَهاراتِ المنزليَّة. وقد صَرَفَتْ وقتًا كبيرًا جدًّا في تَعليمِ كاثرين كيفَ تَعتني بالبيت. لِذا فقد كانت جَيِّدة جدًّا في القيامِ بذلكَ في سِنِّ السَّادسة عَشْرَة. وقد جاءتِ الخالَةُ إلى البيتِ. وكانَ يَنبغي للخالةِ أنْ تَحِلَّ مَحَلَّ الأُمّ. وكانتِ الخالَةُ بارعةً جدًّا في النَّظافةِ والتَّرتيبِ، وفي قُدرتِها على التَّعامُلِ معَ الأشياءِ مِنَ النَّاحيةِ الاقتصاديَّة. ولاحقًا، جاءَتْ عِوَضًا عنها زَوجةُ أبٍ خَبيرة في جَميعِ شُؤونِ الإدارةِ في البيت. وعلى أيدي هَؤلاءِ جميعًا، اكتَسَبَتْ كاثرين خِبرةً كبيرةً مِن هؤلاءِ النِّساءِ. وفي سِنِّ الثَّالثة والعِشرين، كانت قد تَعلَّمت كُلَّ ما يَلزَم أن تَتعلَّمَهُ عنِ الحياةِ البيتيَّة وأدركَتْ أنَّ حَالةَ النِّساءِ في الولاياتِ المُتَّحِدة سَيِّئة جدًّا، وأنَّهُ ينبغي لها أن تَفعلَ شيئًا جَادًّا جدًّا لتدريبِ النِّساءِ على الاضْطِلاعِ بالمسئوليَّةِ البيتيَّة. لِذا فقد أَسَّسَتْ "كُليَّة هارتفورد للإناث" (Hartford Female Seminary). وكانَ الهَدَفُ مِنها هو تَدريبُ النِّساءِ على أنْ يَكُنَّ مُحِبَّاتٍ لأزواجِهِنَّ، ومُحِبَّاتٍ لأولادِهِنَّ، ومُدَبِّراتٍ لبيوتِهِنَّ. وقد قامت هي وأُختُها "هارييت بيتشر ستو" لا فقط بتأسيسِ كُليَّة هارتفورد للإناث، بل بعدَ بِضْعِ سنواتٍ، أَسَّسَتا كُليَّةً مُماثلةً في مَدينةِ "سينسيناتي" بولاية "أوهايو" بهدفِ تَدريبِ النِّساءِ على القيامِ بالمسؤوليَّاتِ البيتيَّة. وفي ذلكَ الوقتِ نَفسِهِ (في نحوِ سنة 1869)، أَلَّفَتا كِتابًا بعُنوان: "بيتُ المرأةِ الأمريكيَّة" (The American Woman’s Home). واسمَحوا لي أن أقرأَ لَكُم مَقطَعًا صَغيرًا مِنهُ:
"إنَّ دَعوةَ النِّساءِ تَتطلَّبُ مِنهُنَّ رِعايةَ الأطفالِ والاعتناءَ بِهم في الأوقاتِ الحَرِجَة؛ ولا سِيَّما في فترةِ الرِّضاعةِ وأوقاتِ المَرض، وتَدريب أذهانِ الأطفالِ في أهَمِّ سَنواتِ التَّعليمِ؛ أيْ في سنواتِ الطُّفولة. وهي تَتطَلَّبُ سَدَّ حَاجاتِ زوجِها كي تَغْتَني حَياتُهُ ويَصير بَيتُهُ مَلاذَهُ الآمِن. وهي تَتطلَّبُ مَسؤوليَّاتِ تَدبيرِ المنزلِ لصالِحِ العائلةِ وجميعِ مَن يَعيشونَ فيه. وهذه الواجباتُ مُقدَّسة وضروريَّة كما هي حَالُ أيِّ واجِبٍ يُعْهَدُ بهِ إلى الرَّجُل. وبالرَّغمِ مِن ذلك، أينَ هو استعدادُها، وما هي الهَيئةُ الَّتي تُقَرِّرُ أنَّها صَارت جاهزةً تمامًا لتَلبيةِ دَعوَتِها على أكمَلِ وَجْه؟"
ونَتيجة لتلكَ الرَّغبة في توفيرِ التَّدريبِ للنِّساءِ لكي يَصِرْنَ قادِراتٍ على الاضطِلاعِ بمسؤوليَّاتِهنَّ البيتيَّة، أَسَّسَتَا هَاتينِ الكُليَّتَيْنِ وَكَتَبْتا الكلماتِ التَّاليةِ الَّتي تُعَبِّرُ عن هَدَفِهِنَّ: "القَصْدُ هُوَ تَعليمُ النِّساءِ لا فقط أنْ يَبْذِلْنَ أَقصَى جُهدٍ مُمكِنٍ في أداءِ جَميعِ مُتطلَّباتِ الحياةِ البيتيَّة، بل أنْ يُقَدِّرْنَ تلكَ الواجِباتِ ويَفْرَحْنَ بِها". والسَّببُ الَّذي دَفَعَني إلى قِراءةِ ذلكَ على مَسامِعِكُم هو أنِّي أردتُ وَحَسْب أنْ أُعطيكُم فِكرةً صغيرةً عن مَدى ابتِعادِنا عن ذلكَ خلالَ سَنواتٍ قَليلة. فإعلانُ السَّجائِرِ الَّذي يَقول: "لَقَدْ قَطَعْتِ شَوْطًا طَويلاً يا عَزيزَتي" (You have come a long way, baby) صَحيحٌ تمامًا. فإنْ فَكَّرَ أيُّ شخصٍ في تأسيسِ كُليَّة للإناثِ لتدريبِ النِّساءِ اليومَ على القيامِ بمسؤوليَّاتِهِنَّ البيتيَّة، سيصيرُ ذلكَ الشَّخصُ مَثارَ سُخريةٍ في كُلِّ الولاياتِ المُتَّحِدَةِ، بل ورُبَّما في أغلبيَّةِ أنحاءِ العالَم.
فسوفَ يكونُ مِنَ الغَريبِ جدًّا أن يُحاولَ أيُّ شخصٍ كَسْبَ مُوافَقَةِ المُجتمعاتِ على القيامِ بمِثلِ هذا المَجهود. وهل يُمكنكم أن تَتخيَّلوا مِقدارَ السُّخريةِ الَّتي ستَنجُمُ عن ذلكَ إنْ حاوَلَ شخصٌ القيامَ بهذا الأمر؟ فإنْ حاولَ شَخصٌ أن يُدَرِّبَ النِّساءَ على أن يَصِرْنَ مُحِبَّاتٍ لأزواجِهِنَّ، ومُحِبَّاتٍ لأولادِهِنَّ، ومُدَبِّراتٍ لبيوتِهِنَّ، فإنَّهُ سَيُتَّهَمُ بأنَّهُ يُعارِضُ مُباشَرَةً كُلَّ شيءٍ يَحدُثُ في المُجتمعِ البَشريِّ. وبالمُناسبة، إنَّ كُليَّةً كهذه، أو تَدريبًا شَبيهًا بهذا هو واحدٌ مِن أهدافِ "ذا ماسترز كوليدج" (The Master’s College). وسوفَ تَسمعونَ قريبًا عن تَركيزِنا على ذلكَ الجانِب. فنحنُ نَعيشُ اليومَ في زَمَنٍ صارَ فيهِ عَكْسُ الأدوارِ أولويَّةً قُصوى لدى الشَّيطان. فلا يَكفي أنَّهُ عاكِفٌ على تَخريبِ العالَم، بل إنَّ الأمرَ المأساويَّ أكثر مِن ذلك هو أنَّهُ عَاكِفٌ على تَخريبِ الكنيسة.
ولا شَكَّ في أنَّ الكنيسةَ اليومَ قد فَقَدَتْ نَظرَتها السَّليمةَ وتَوازُنَها مِنْ جِهَةِ الدَّورِ الَّذي ينبغي للمرأةِ أن تقومَ بِهِ. وأنا أُدْهَشُ، شَهرًا تِلْوَ الآخر، حينَ أَرى المَزيدَ والمَزيدَ مِنَ الأشخاصِ الإنجيليِّينَ التَّقليديِّينَ الَّذينَ يُؤمِنونَ بالكِتابِ المُقدَّسِ يَبتدئونَ في تَغييرِ رأيِهم في دَورِ المرأةِ تحتَ ضَغطِ المُجتمَعِ مِن حَولِهم. والأمرُ المُحزِنُ هو أنَّهم يُعَلِّمونَ النِّساءَ أن يُنكِروا النَّموذَجَ الحَياتيَّ الَّذي وَضَعَهُ اللهُ وَأَوصَى بِهِ اللهُ بِحُجَّةِ أنَّ ذلكَ سيملأُ قُلوبَهُنَّ بأعظمِ فَرَح. وهذا أمرٌ مُحزِن. وقد كانت تلكَ مُشكلة في زَمَنِ كاثرين بيتشر. وهي مُشكلة اليوم. وأودُّ أن أُضيفَ أنَّها كانت مُشكلةً عندما كَتَبَ بولسُ رِسالَتَهُ الأولى إلى تيموثاوس. وعندما تَنظُرونَ إلى رسالةِ بولسَ الأولى إلى تيموثاوس 2: 9-15، ستُلاحظونَ أنَّ بولسَ يَتحدَّثُ عن تلكَ المُشكلة تَحديدًا. فهو يَقولُ إنَّها مُشكلة النِّساءِ اللَّاتي كُنَّ يُحاوِلْنَ أنْ يُثْبِتْنَ ذَواتِهِنَّ ويُحاوِلْنَ أنْ يَقُمْنَ بِدورِ الرِّجالِ في الكنيسة. وقد كُنَّ يَتصَرَّفْنَ بطريقةٍ غير مُحتَشِمَة في الكنيسة. وقد كُنَّ يَتصرَّفْنَ بطريقةٍ مُخْجِلَة. وقد كُنَّ يَتَعَدَّيْنَ على المَكانةِ الَّتي عَيَّنَها اللهُ لَهُنَّ، ويَتَعَدَّيْنَ على المِعيارِ الإلهيِّ. لِذا فإنَّ بولسَ يَكتُبُ إلى تيموثاوسَ ويُشَجِّعُهُ على تَطبيقِ هذه الإجراءاتِ التَّصحيحيَّة في الأعداد 9-15 مِن أجلِ تَقويمِ الأمورِ في الكنيسةِ في أفسُس؛ وهي الكنيسةُ الَّتي كانَ تيموثاوسُ يَخدِمُ فيها في ذلك الوقت.
لِذا فقد كانت لديهم مَشاكِلُهم الخاصَّة في ذلكَ الوقت، كما أنَّ لدينا مَشاكِلَنا الخاصَّة في هذا الوقت. والآن، في الأعداد مِن 9 إلى 15، نَجِدُ مَقطَعًا صغيرًا جدًّا يَحوي سَبعَ آياتٍ قصيرة جدًّا باستثناءِ الآية التَّاسعة إذْ إنَّهُ لا توجد في الحقيقة كلمات كثيرة هُنا. ولكِنْ بالرَّغمِ مِن هذه الكلماتِ المُقتَضَبَة، نَجِدُ مُعالجةً شاملةً جدًّا لِدَوْرِ النِّساء. لِذا، فقد صَرَفْنا الأُسبوعينِ المَاضِيَيْنِ، وسنَصرِفُ هذا الأسبوعَ، وسنَحتاجُ إلى أسبوعٍ آخر على الأقلّ لدراسةِ هذه الآيات لأنَّها تَفْتَحُ أمامَنا أُفُقًا واسعًا مِنَ الفَهمِ الَّذي ينبغي لنا أنْ نُلِمَّ بِهِ كي نَفهمَ كُلَّ ما يُعَلِّمُهُ الكتابُ المقدَّسُ بهذا الخُصوص.
ولكِنْ في هذه الآياتِ القصيرة، نَجِدُ سِتَّة عَناصِر تَختصُّ بِدَوْرِ المرأةِ في الكنيسة. والآن، نحنُ لا نَتحدَّثُ عنِ البيتِ هُنا. ونحنُ لا نَتحدَّثُ عنِ مُجتَمَعٍ عِلمانِيٍّ هُنا، بل نَتحدَّثُ فقط عنِ الكنيسة. والحقيقةُ هي أنَّنا نَتحدَّثُ عنِ الكنيسةِ عندما تَجتمعُ معًا للعِبادة. ونحنُ نَتحدَّثُ عن نِظامِ الكنيسةِ والسُّلوكِ في الكنيسة. وهذه العَناصِرُ السِّتَّةُ الَّتي يَتحدَّثُ بولسُ عنها هي: مَظهَرُهُنَّ، ومَوقِفُهُنَّ، وشَهادَتُهُنَّ، ودَورُهُنَّ، وقَصْدُ اللهِ لَهُنَّ، وإسهامُهُنَّ. وَهُوَ يُرَكِّزُ على كُلِّ هذهِ الأمورِ كما لو أنَّهُ يَتَقَدَّمُ نَحوَ الذُّروةِ في العدد 15؛ وهو العَددُ الَّذي سنتحدَّثُ عنهُ في الأسبوعِ القادِم. وأنا أقولُ لكم إنِّي أنتظِرُ ذلكَ بِفارغِ الصَّبرِ. فهي آية رائعة. ولكِنْ لِنُذَكِّر أنفُسَنا بحَديثِهِ في العددِ التَّاسِعِ عن مَظهَرِهِنَّ: "وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ".
فأوَّلُ شَيءٍ يَشغَل بالَ بولُس (كما رأينا قبلَ أُسبوعَيْن) هو أنْ تَرتدي النِّساءُ مَلابِسَ تَليقُ بالعِبادَة. فيجب عليهنَّ أنْ يَرتَدينَ مَلابسَ تَجذِبُ الأنظارَ إلى تَكريسِهِنَّ للهِ، لا إلى ذَواتِهِنَّ. ولا يَجوزُ لَهُنَّ أنْ يَتَباهَيْنَ بجاذبيَّتِهِنَّ الجِنسيَّة. ولا يَجوزُ لَهُنَّ أنْ يَتَباهَيْنَ بثَروَتِهِنَّ. ولا يَجوزُ لَهُنَّ أنْ يَتَباهَيْنَ بعَدَمِ طَاعَتِهِنَّ لأزواجِهِنَّ. ولا يَجوزُ لَهُنَّ أنْ يَجْعَلْنَ النِّساءَ الأُخرياتِ يَنْظُرْنَ إليهِنَّ نَظرةَ حَسَد. ولا يَجوزُ لَهُنَّ أنْ يُثِرْنَ الشَّهوةَ الجِنسيَّةَ لدى الرِّجال. فَكُلُّ هذه الأمورِ مَشمولَة في ما نَجِدُهُ في العددِ التَّاسِع. فمَظهَرُهُنَّ مُهِمٌّ جدًّا جدًّا. ومِنَ الواضحِ أنَّ بعضَ النِّساءِ كُنَّ يأتينَ إلى اجتماعِ القِدِّيسينَ المَفدِيِّينَ ويَجذِبْنَ الأنظارَ إلى ذَواتِهِنَّ لأجلِ إشباعِ نَزواتِهِنَّ الشخصيَّةِ ورَغباتِهِنَّ الأنانيَّةِ الشخصيَّة.
ثانيًا، لقد نَظرنا إلى مَوقِفِهِنَّ. فيجب أن يَتَّصِفَ مَوقِفُهُنَّ بالوَرَع. والكلمة "وَرَع" تَنْطَوي في الأصل على فِكرةِ الحَياء. فيجب عليهنَّ أنْ يَشْعُرْنَ بالحَياءِ. وهذا لا يَعني أنَّهُ ينبغي للمرأةِ أنْ تَخجَلَ مِن نَفسِها. وهذا لا يَعني أيضًا أنْ تَخجَلَ مِن جَمالِها وأنْ تُخفيه. بل إنَّ المقصودَ هُنا هو أنْ تَشعُرَ بالحَياءِ الَّذي يَدفَعُها إلى القَول: "لا أُريدُ أنْ أَفعَلَ أيِّ شيءٍ قد يَجْذِبُ أيَّ شَخصٍ إليَّ جِنسيًّا. ولا أريدُ أن أفعلَ أيَّ شيءٍ قد يُبعِدُ أيَّ شَخصٍ عنِ اللهِ بِسَبَبي". فموقِفُها هُوَ مَوقِفُ الحَياءِ الَّذي يَجعَلُها تُفَكِّرُ في أنَّها لا تَرغَبُ البَتَّة في أنْ تُوْقِعَ أيَّ شخصٍ في الخطيَّة.
ثُمَّ إنَّ هُناكَ مَوقِف "التَّعَقُّل". والكلمة "تَعَقُّل" تُشيرُ إلى ضَبْطِها لرغباتِها، وضَبطِها لشَهَواتِها، وعدمِ وَضْعِ نَفسِها في أيِّ موقفٍ قد يُثيرُ في الآخرينَ أيَّ رَغْباتٍ خاطئة. لِذا، يجب أن يَكونَ مَظهَرُها لائقًا بالعِبادة، وكذلكَ مَوقِفُها. ثالثًا، إنَّ شَهادَتَها في العددِ العاشِرِ هي جُزءٌ مِن حَديثِ الرَّسولِ بولس. فالمرأةُ الَّتي تَعْتَرِفُ عَلَنًا بتَقواها يَنبغي أن تُبَرهِنَ على ذلكَ الاعترافِ بالأعمالِ الصَّالحة. لِذا، هُناكَ لا فقط المَظهَر والموقِف، بل هُناكَ أيضًا أعمالُها أو أفعالُها؛ أيْ أنَّ أفعالَها وأقوالَها يَنبغي أنْ تَدُلَّ على صِدْقِ مَا تَدَّعيهِ بِخُصوصِ تَقواها.
والآن، إنَّ هذهِ النِّقاط الثَّلاث تَقودُنا إلى النُّقطةِ الرَّابعةِ. وسوفَ نَتحدَّثُ عنها مَرَّةً أخرى اليوم، وهي مُختصَّة بِدورِها. والآن، نأتي إلى النُّقطةِ الجوهريَّةِ في هذا النَّصِّ في العَدَدَيْن 11 و 12. فَدَوْرُ المرأةِ مُوَضَّحٌ في هذهِ الكلماتِ: "لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. وَلكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ". والآن، سوفَ تُلاحِظونَ أنَّ العددَ الحادي عَشَر يَبتدئُ بالسُّكوتِ، وَأنَّ العددَ الثَّاني عَشَرَ يَنتهي بالسُّكوت. لِذا فإنَّ هذا التَّعليمَ يُلِمُّ بكُلِّ الفِكرةِ هُنا، وَهُوَ الفِكرةُ المُهَيمِنَة. فالفِكرةُ المُهَيمِنَةُ هي أنَّهُ عندما تَجتمعُ الكنيسةُ معًا بهدفِ العِبادة، يجب على النِّساءِ أنْ يَسْكُتْنَ. وفي المُنتَصَفِ، فإنَّهُ يَتحدَّثُ عن تلكَ المسألةِ تَحديدًا. والآن، عندما نَظَرنا إلى دَورِ النِّساءِ المُعطَى لَهُنَّ مِنْ قِبَلِ اللهِ والذي خَلَقَهُ اللهُ بقُدرَتِهِ الإلهيَّةِ، رَكَّزْنا في المَقامِ الأوَّلِ في الأسبوعِ الماضي على الجُملةِ الافتتاحيَّةِ في العددِ الحادي عَشَر وهي: "لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ". وأرجو أن تكونوا قد فَهِمتُهم أنَّ النُّقطةَ الرئيسيَّةَ الَّتي وَضَّحتُها هي أنَّهُ على الصَّعيدِ الرُّوحِيِّ فإنَّ الرِّجالَ والنِّساءَ مُتَساوون. فَهُمْ مُتَساوون. وبسببِ ذلك، فإنَّهُم جَميعًا يَمْلِكونَ الحَقَّ في الاشتراكِ في عَمليَّةِ التَّعَلُّم. وقد قُلتُ لكم إنَّهُ لا شَكَّ في أنَّ النَّاسَ في الكنيسةِ في أفسُس الَّذينَ جاءوا مِن خَلفيَّةٍ يَهوديَّةٍ، أوِ النَّاسَ الَّذينَ جاءوا مِن خَلفيَّةً يونانيَّةٍ كانوا جَميعًا يُقَلِّلونَ مِن دورِ النِّساء. فقد كانوا جَميعًا يَظُنُّونَ أنَّ المرأةَ أَدنى شَأنًا مِنَ الرَّجُل. وقد كانوا جَميعًا يَظُنُّونَ أنَّهُ لا توجد أيُّ أهميَّة أو حَتَّى أيُّ ضَرورة لِتَعَلُّمِ المرأةِ أيَّ شَيءٍ. لِذا، لا شَكَّ في أنَّ هذا الفِكرَ قد زَحَفَ إلى الكنيسةِ. وبولُس يَقول: "لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ". دَعوهُنَّ "مانثانو" (manthano)؛ وهو الفِعلُ الَّذي اشتُقَّتْ الكلمةُ "تَلاميذ" مِنهُ. اسمَحوا لَهُنَّ أنْ يَتَتَلْمَذْنَ. اسمَحوا لَهُنَّ أنْ يَتَعَلَّمْنَ. اسمَحوا لَهُنَّ أنْ يَشتَرِكْنَ في عَمليَّةِ استيعابِ وفَهمِ وتَطبيقِ الحَقِّ الإلهيِّ. ولا تَسمَحوا لتأثيرِ الثَّقافةِ اليهوديَّةِ أوِ الثَّقافةِ اليونانيَّةِ (الَّتي تُقَلِّلُ مِنْ دَورِ المرأةِ وتَحُطُّ مِنْهُ) أنْ تُسيءَ إليهِنَّ وَتَحُوْلَ دُونَ أنْ يَتَعَلَّمْنَ الحَقَّ الإلهيَّ. وقد رَجَعْنا إلى العهدِ القديمِ، إنْ كُنتُم تَذكرونَ، وقُلتُ لكم إنَّ الشَّريعَةَ أُعطِيَت للرِّجالِ والنِّساءِ، وإنَّ التَّعليماتِ المُختصَّةِ بعيدِ الفِصْحِ أُعطِيَتْ للرِّجالِ والنِّساءِ، وإنَّ اللهَ ظَهَرَ شَخصيًّا لكُلٍّ مِنَ الرِّجالِ والنِّساء، وإنَّ خِدمةَ اللهِ ضَمَّتْ رِجالاً ونِساءً على حَدٍّ سَواء. وإذا نَظَرنا إلى العهدِ الجديد، نَرى أنَّ الرِّجالَ والنِّساءَ يَخدِمونَ الرَّبَّ، وأنَّ الرِّجالَ والنِّساءَ مَسؤولونَ عن تَنفيذِ كُلِّ الوَصايا، وأنَّهُم جَميعًا تَلَقَّوْا الوُعودَ، وأنَّهُم جَميعًا وُعِدوا بكُلِّ البَركاتِ، وأنَّهُم جميعًا حُذِّروا مِنْ كُلِّ اللَّعْناتِ.
بعِبارةٍ أخرى، فيما يَختصُّ بالحياةِ الروحيَّةِ والبَرَكَة فإنَّ الجَميعَ مُتَساوون. فلا شَكَّ في ذلك. ولكِنَّ هذا لا يَعني أنَّ أدوارَهُما هي نَفسُها. صَحيحٌ أنَّ هُناكَ مُساواة رُوحيَّة، ولكِنَّ الأدوارَ مُختلفة تمامًا. بعبارة أخرى، أنتِ وأنا مُتساويان رُوحيًّا. وأنتِ وأنا نَضْطَلِعُ بنفسِ المَسؤوليَّةِ الروحيَّةِ أمامَ اللهِ إذْ يَنبغي لكُلٍّ مِنَّا أن يَعيشَ لِمَجدِهِ. أليسَ الأمرُ كذلك؟ فنحنُ لدينا نَفسُ المسؤوليَّة في إطاعَةِ كلمةِ اللهِ، ونفسُ المسؤوليَّة في الصَّلاةِ وتَعليمِ كلمةِ اللهِ، وفي أن نَشهَدَ ونَتَمَثَّلَ بالمسيحِ في حياتِنا. ولَدينا نَفسُ الوعدِ بالبَرَكَةِ ونفسُ ثَمَرِ الرُّوح. ونحنُ لدينا نَفسُ رَجاءِ الحياةِ الأبديَّة. فعلى الصَّعيدِ الروحيِّ، نحنُ جميعًا مُتساوون. وبالرَّغمِ مِن ذلك، مِنَ الواضحِ أنَّهُ فيما يَختصُّ بالدَّورِ فإنَّكِ تَجلِسينَ هُناكَ وأنا أقفُ هُنا. ويجب علينا أن نَشعُرَ بالارتياحِ بخصوصِ المُساواةِ الروحيَّةِ واختلافِ الأدوار. ولا أَدري لماذا نُريدُ أن نَتَخاصَمَ على ذلك. وأودُّ أن أقولَ لجميعِ النِّساءِ اللَّاتي يُطالِبْنَ بأنْ تَكونَ هُناكَ مُساواة في الأدوارِ معَ الرِّجالِ إنَّ ذلكَ يُشبِهُ أن تُطالِبَ كُلُّ الرَّعيَّةِ أن تَكونُ مُتساويةً في الأدوارِ معَ الواعِظِ. ويُمكنكم أن تَفهموا تَبِعاتِ ذلك.
فهذهِ مُجَرَّدُ أَدوارٍ صَمَّمَها اللهُ لنا كي نَقومَ بها ونُتَمِّمَ مِنْ خِلالِها مَشيئَتَهُ. لِذا، فإنَّنا نَرى في العهدِ القديمِ والعهدِ الجديدِ أنَّ هُناكَ مُساواة في الحياةِ الروحيَّة، ولكِنَّنا لا نَرى مُساواةً في الأدوار. ولَعَلَّكُم تَذكرونَ أنَّنا نَظرنا إلى العهدِ القديمِ في المَرَّةِ السَّابقةِ ورأينا أنَّهُ لم تَكُن هُناكَ كاهِناتٌ. ولا واحدة. ولم تَكُن هناكَ نِساءٌ يَقُمْنَ بوظيفة نَبويَّة مُستمرَّة. صَحيحٌ أنَّهُ كانت هناكَ نِساءٌ دُعِيْنَ نَبِيَّات (وتَحديدًا: أربعُ نِساءٍ)، فقد دُعِيَتْ زَوجةُ إشَعْياء نَبيَّة لمُجَرَّدِ أنَّها كانت ستَلِدُ ابنًا يَحْمِلُ اسمًا نَبويًّا، لا لأنَّها قالت أيَّ شيء. أمَّا مَريَم ودَبُورَة وخَلْدَة فَدُعينَ نَبِيَّاتٍ. وكُلُّ ما نَعرِفُهُ عَنهُنَّ هو أنَّ كُلًّا مِنهُمَّ (كما يَذكُرُ الكتابُ المقدَّسُ) قَدَّمَتْ في مُناسبةٍ واحدةٍ رسالةً مِنَ الله. فلا عِلْمَ لنا بأنَّهُنَّ قُمْنَ بأيِّ خِدمة نَبويَّة مُستمرَّة. فمِنَ المؤكَّدِ أنَّهُنَّ لم يَقُمْنَ بخدمةٍ كتلكَ الَّتي قامَ بها الأنبياءُ الكِبارُ، أوِ الأنبياءُ الصِّغارُ، أو إيليَّا، أو أليشَع، أو مُوسَى. ولا توجد لدينا قائِداتٌ كهؤلاءِ في الكنيسة. صَحيحٌ أنَّ دَبُورَة تَظْهَرُ في لائحةِ القُضاةِ في سِفْرِ القُضاة 4: 4، وأنَّها كانت تُقَدِّمُ بعضَ المَشورةِ الحَكيمةِ في حياة بَني إسرائيل، ولكِنَّها حالةٌ استثنائيَّةٌ وَحَسْب. ونحنُ لا نَعلمُ حَقًّا مَتى وكيفَ وعددَ المَرَّاتِ الَّتي استخدَمَها اللهُ فيها لتقديمِ المشورةِ الحَكيمَة.
ولم تَكُن هناكَ مَلِكاتٌ في كُلِّ تاريخِ إسرائيل. ولا شَكَّ في أنَّ أحدَكُم سيسألُني: وماذا عَمَّا جاءَ في سِفْرِ أخبارِ الأيَّامِ الثَّاني 22: 12 إذْ نَقرأُ أنَّ عَثَلْيا مَلَكَتْ. ولكِنَّ الكتابَ المقدَّسَ لا يُسَمِّيها مَلِكًا أو مَلِكَة. ولَعَلَّكُم تَذكرونَ أنَّ عَثَلْيا كانت أُمَّ أَخَزْيَا. وعندما ماتَ، أرادَتْ أنْ تَحكُم. لِذا فقد قَتَلَتِ النَّسلَ المَلكيَّ كُلَّهُ. والشَّخصُ الوحيدُ الَّذي لم تَتمَكَّنْ مِن قَتلِهِ هو يُوآش. هل تَذكرون؟ فقد وَجَدَ مَنْ يَحميه وَصَارَ لاحقًا المَلِك. ولكِنَّها اغتَصَبَتْ ذلكَ العَرشَ. وهي لم تَكُن آنذاكَ ولا في أيِّ وَقتٍ (حَتَّى هذا اليوم) تُذكَرُ في لائحةِ مُلوكِ تلكَ الأرض. فلم تَكُن توجد مَلِكات، ولا كاهِنات، ولا نِساء يَقُمْنَ بخدمة نَبويَّة مُستمرَّة، ولا امرأةً كَتَبَتْ سِفْرًا مِن أسفارِ العهدِ القديم.
صَحيحٌ أنَّ سِفْرَيْ راعوث وأستير يَحملان اسمَيْ امرأتين، ولكِنَّهُا لم يُكْتَبا مِنْ قِبَلِ نِساء. لِذا، فإنَّ النِّساءَ لم يَضْطَلِعْنَ بأيِّ دَورٍ قِياديٍّ مُستمرٍّ في الحياةِ الاعتياديَّةِ في تَدبيرِ اللهِ في العهدِ القديمِ بالرَّغمِ مِن أنَّ اللهَ استخدَمَ بعضًا مِنْهُنَّ هُنا وهُناكَ للتحدُّثِ بكلمةِ اللهِ. وقد تَنَبَّأتِ العَديدُ مِنَ النِّساءِ. وَبحسب ما جاءَ في المَزمور 68، كانت هُناكَ مَجموعة كبيرة جدًّا مِنَ النِّساءِ نَشَرْنَ الخَبَرَ السَّارَّ. وهذا لا يَعني أنَّهُ لم يَكُن بمقدورِ النِّساءِ أنْ يَتَكَلَّمْنَ عنِ الرَّبِّ. فلا شَكَّ في أنَّ الأمرَ ليسَ كذلك. فينبغي أن تَتَحَدَّثَ النِّساءُ عنِ الرَّبِّ. ولكِنَّهُنَّ لم يُعْطَيْنَ أدورًا قياديَّةً في أُمَّةِ إسرائيل؛ لا في الحياةِ السياسيَّةِ ولا الدِّينيَّةِ اللَّتانِ كانتا مُتَماثِلَتَيْنِ في الحُكومةِ الدينيَّةِ الَّتي يَحكُمُها اللهُ.
وحينَ نأتي إلى العهدِ الجديد، لَعَلَّكُم تَذكرونَ أنَّ الآيةَ تَقولُ لا فَرقَ بينَ ذَكَرٍ وأُنثى في المسيح (في رسالة غَلاطيَّة 3: 28). ونحنُ نَعلمُ أنَّنا جميعًا مُتساوونَ روحيًّا. وبالرَّغمِ مِن ذلك، مِنَ الواضحِ في العهدِ الجديدِ أنَّهُ لم تَكُن هُناكَ رَسولات، معَ أنَّهُ كانت هُناكَ نِساءٌ رافَقْنَ المسيحَ والتَّلاميذَ الاثني عَشَر. ولكنَّهُنَّ لم يُحْسَبْنَ معَ الاثني عَشَر. ولم تَكُن هُناكَ نَبيَّات. صَحيحٌ أنَّ هُناكَ امرأة تُدعى "حَنَّة" في الأصحاحِ الثَّاني مِن إنجيل لوقا قيلَ عَنها أنَّها كانت نَبِيَّةً لأنَّ زوجَها ماتَ بعدَ سَبعِ سَنواتٍ مِن زواجِهما. وكانَت قد تَجاوَزَتِ الثَّمانينَ مِن عُمرِها. وكانتْ تَمْكُثُ في الهيكلِ بانتظارِ المَسِيَّا. وعندما كانَ يأتي أيُّ شخصٍ إلى الهيكلِ، كانت تُخبِرُهُ عنْ مَجيءِ المَسيَّا. وما أعظمَ الفَرَحَ الَّذي مَلأَ قَلبَها حينَ التَقَتِ المَسِيَّا؛ معَ أنَّهُ كانَ ما يَزالُ طِفلاً رَضيعًا آنذاك. ولكنَّها كانَتْ تَنْتَمي في الحقيقةِ إلى العهدِ القديمِ، وكانت نَبِيَّةً بمعنى أنَّها تَكَلَّمَتْ عنِ المَسيَّا أمامَ كُلِّ شخصٍ يأتي إلى الهَيكَل.
ثُمَّ إذا نَظرتُم إلى العهدِ الجديدِ مَرَّةً أخرى سَتَرَوْنَ أنَّ بَناتِ فيلُبُّس الأربعةَ تَنَبَّأنَ. فقد نَطَقْنَ بِكلامِ اللهِ، ولكِنَّ العَديدَ مِنَ النِّساءِ نَطَقْنَ بكَلامِ اللهِ مِن دونِ أن نَعرِفَ عَنْهُنَّ أيَّ شيء. وَهُنَّ لا يُدْعَيْنَ نَبِيَّات. فقد حَدَثَ ذلكَ بعدَ تأسيسِ الكنيسةِ. ولكِنَّهُنَّ لا يُدْعَيْنَ نَبيَّات، بل نَقرأُ فقط أنَّهُنَّ تَنَبَّأنَ. فقد نَطَقْنَ وَحَسْب بكلامِ اللهِ. فهذا هو المَعنى الضِّمنِيُّ هُنا. وهُناكَ نِساءٌ أُخرياتٌ مَذكوراتٌ في رسالة كورنثوس الأولى والأصحاح 11. وسوفَ نَقرأُ عن ذلكَ بعدَ قليل. وقد تَنَبَّأنَ أيضًا، ونَطَقْنَ بكلامِ الله. ولكِنْ كما قُلتُ، لم تَكُن هُناكَ رَسولات، ولم تَكُن هُناكَ نِساءٌ دُعِيْنَ نَبيَّات أو مُبَشِّرات، أو راعِيات، أو مُعَلِّمات، أو شَيخات. ولم تَكْتُبْ أيُّ امرأةٍ سِفْرًا مِنْ أسفارِ العهدِ الجديد. لِذا فإنَّ العَهْدَيْن القديمِ والجديدِ واضِحانِ في أنَّهُ بالرَّغمِ مِنَ المُساواةِ بينَ الجِنسينِ على الصَّعيدِ الروحِيِّ، هُناكَ أدوارٌ مُختلِفة لِكُلٍّ منهُما. وهذا الكَلامُ كُلُّهُ هو مُراجَعة لما قُلتُهُ في الأسبوعِ الماضي. لِذا، إنْ أردتُم أنْ تَسمعوا كُلَّ ما قُلتُهُ عن ذلك، اسمَعوا عِظَةَ الأسبوعِ الماضي فتَسمعونَ كُلَّ شيء.
ولكِنَّ تلكَ المُساواة في التَّعَلُّم (كما هُوَ مَذكورٌ هُنا في العددِ الحادي عَشر) تُوَضَّح في نِهايةِ الآية. فلنَرجِع إليها. وأريدُ أن أَتحدَّثَ في الوقتِ المُتَبَقِّي لدينا في هذا الصَّباحِ عنِ النِّصفِ الأخيرِ مِنَ العدد 11: "لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ...". ثُمَّ نَجِدُ التَّوضيحَ التَّالي: "بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ". "بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ". والآن، يجب أن تَفهموا ما يَجري في الثَّقافةِ كي تَفهموا ما يَجري في هذا الموقف. والآن، يجب أن تتذكَّروا أنَّهُ كانَت توجدُ في كنيسةِ أفسُس ثقافة أُمَمِيَّة؛ وهي الثَّقافةُ الأساسيَّةُ الَّتي كانتِ الكنيسةُ تُوجَدُ فيها. وكانت أَسِيَّا الصُّغرى (الَّتي هي تُركيَّا اليوم) مَكانًا أُمَمِيًّا. وكانتِ النَّظرةُ إلى النِّساءِ في الدِّياناتِ الأُمميَّةِ مُنْحَطَّة جدًّا. مُنْحَطَّة جدًّا. والحقيقةُ هي أنَّكُم إذا زُرْتُم مَعبدَ دَيانا الأفَسُسِيِّينَ في أفسُس، ستجدونَ مِئات المِئاتِ مِنَ الكَاهِناتِ هُناكَ يُعْرَفْنَ باسم "ميليسا" (Melissa). وكانَتْ وَظيفَتُهُنَّ الرئيسيَّةُ هي مُمارسةُ الزِّنى معَ المُتَعَبِّدينَ الذُّكور. فقد كُنَّ جَارِياتٍ. وقد كُنَّ يُسْتَخْدَمْنَ وَيُطْرَحْنَ. كذلكَ، كانتْ أيُّ امرأةٍ يونانيَّةٍ مُحتَرَمة، أيْ ليست مُومِسًا أو بائعةَ هَوى، كانت تَعيشُ حَياةً مُنعَزِلَةً. فقد كانت تَعيشُ في بَيتِها الخاصِّ ولا يَدخُلُ عليها أحدٌ سِوى زَوجها. ولم تَكُنْ تَحْظى حَتَّى بامتيازِ الجُلوسِ إلى مائدةِ الطَّعامِ إلَّا إذا دُعِيَتْ إليها. وهي لم تَكُن تَمشي في الشَّارعِ بمُفرَدِها. وهي لم تَكُن تَذهبُ إلى أيِّ مَكانٍ عَامٍّ، ولم تَكُن تَتحدَّثُ في أيِّ مَكانٍ عَامٍّ، ولا تُشارِكُ في أيِّ نَشاطٍ عَامٍّ.
لِذا، يُمكِنُكم أن تَستوعِبوا أنَّهُ عندما آمَنَتْ مَجموعةٌ مِنْ هؤلاءِ النِّسوةِ بالمسيحِ فإنَّهُنَّ أَطْلَقْنَ العِنانَ لأنفُسِهِنَّ (إنْ جَازَ التَّعبير). وقد كُنَّ يَقرأنَ تلكَ الفِكرةِ الَّتي نَفهَمُها؛ أيْ أنَّنا مُتساوونَ في المسيحِ. وَكُنَّ يَقُلْنَ: "ما أروعَ ذلك! سوفَ نأخُذُ مَكانَنا الآن". وكانت هُناكَ نِساءٌ يَأتينَ مِن خلفيَّةٍ يَهوديَّة. ونحنُ نَعلمُ ذلكَ لأنَّهُ توجدُ مؤشِّراتٌ في رسالة تيموثاوس الأولى إلى أنَّهُ كانَ يوجدُ تأثيرٌ يَهوديٌّ في الكنيسةِ في أفسُس. لِذا، فقد جاءت نِساءٌ مِن خلفيَّةٍ يَهوديَّةٍ؛ وهي نفسُ الخَلفيَّةِ الَّتي تَتَّسِمُ بِقَمْعِ النِّساءِ والاستمرارِ في حِرمَانِهِنَّ مِنَ التَّعلُّم. والآن، بعدَ أن آمَنَتْ هؤلاءِ النِّسوة بيسوعَ المسيحِ، رُبَّما كُنَّ في بعضِ الحالاتِ يُحَقِّقْنَ نُمُوًّا أسرع مِن أزواجِهِنَّ. لِذا، فقد ابتدأنَ هُنَّ أيضًا يَشْعُرْنَ بالرَّغبةِ في الهَيمنةِ مِن أجلِ التَّخَلُّصِ مِن هذا التَّقليدِ المُتَعَصِّبِ السَّيِّئِ الَّذي اخْتَبَرْنَهُ. لِذا، صَارَ هُناكَ ضَغْطٌ في الكنيسةِ عندما ابتدأتْ هؤلاءِ النِّسوةِ في إثْباتِ أنفُسِهِنَّ. ويُمكِنُكم أن تُضيفوا إلى ذلكَ أنَّ هذه الكنيسةَ كانت كنيسةً خاطئةً، وأنَّها لم تَكُن تَخْضَعُ فقط لتلكَ الضُّغوطِ النَّاجمةِ عن مُبالَغَةِ هؤلاءِ النِّسوةِ في المُطالَبَةِ بحُرِّيَّتِهِنَّ في المسيحِ، بل يُمكِنُكم أن تُضيفوا إلى ذلكَ استفحالَ الخطيَّةِ في المُجتمعِ المُحيطِ بهم والذي مِنَ الواضحِ أنَّهُ كانَ مُعادِيًا للفِكْرِ الإلهيِّ. وقد كانت توجدُ نِساءٌ مُتَحَرِّراتٌ ومُنْحَلَّاتٌ في الكنيسةِ. وقد كُنَّ يأتينَ إلى الكنيسةِ ويَتَباهَيْنَ بجاذبيتهِنَّ، ويَتباهَيْنَ بثروتِهِنَّ، ويُحاوِلْنَ أنْ يُغوينَ وَيُثِرْنَ الرِّجالَ. وهُناكَ نِساءٌ أُخرياتٌ كُنَّ يُحاوِلْنَ أنْ يَتَوَلَّيْنَ المَناصِبَ التَّعليميَّة والمَناصِبَ القياديَّة، ونِساءٌ لم يَرْغَبْنَ في الخُضوعِ لأزواجِهِنَّ بعدَ الآن، بل يرْغَبْنَ في تَوَلِّي السُّلطةِ في الكنيسةِ، وتَوَلِّي السُّلطةِ في البيتِ. وقد كانتِ الكنيسةُ في خَطَرٍ شَديدٍ جدًّا، وفي خَطَرٍ داهِمٍ جدًّا.
لِذا، كَما يَقولُ الأصحاحُ الثَّالثُ والعَدد 15، فإنَّ الغايةَ مِن هذا المَقطعِ بأسرِه هو تَقويمُ الأمورِ في الكنيسة. والشَّيءُ الثَّاني الَّذي يُريدُ أن يُقَوِّمَهُ بعدَ أنْ يَنتهي مِنْ مَقطعِ الصَّلاةِ في الأعداد مِن 1 إلى 8 هو مَسألةُ دَورِ النِّساءِ لأنَّ كُلَّ شَيءٍ خَرَجَ عَنْ حُدودِه. وهو يَدعوهُنَّ، بصورة رئيسيَّة، إلى التَّعَلُّمِ بِسُكوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. ونَجِدُ هُنا نُقْطَتَيْن: فيجبُ عليهنَّ أن يَسْكُتْنَ وَأنْ يَخْضَعْنَ. والكلمة "سُكوت" هي تَرجمة للكلمة "هيسوكيا" (hesuchia). فهي تَعني "صَمْت". ويجب علينا أنْ نُحَدِّدَ مَعنى هذه الكلمة مِن خلالِ دراسةِ السِّياق. والكلمة "خُضوع" هي تَرجمة للكلمة "هوبوتاسو" (hupotasso) وتَعني: "يَخْضَع لِـ". بعبارة أخرى: أنْ يَلْتَزِمْنَ بِحُدودِهِنَّ المُناسِبَةِ مِنْ دُونِ تَمَرُّد. فلا يَجوزُ أنْ يَكُنَّ عَنيداتٍ، بل يجب عليهنَّ أن يَلْتَزِمْنَ بمكانَتِهِنَّ اللَّائقة بِهِنَّ. لِذا، يجب على النِّساءِ أنْ يَتَعَلَّمْنَ بِصَمْتٍ وأنْ يَلْتَزِمْنَ بمكانَتِهِنَّ الَّتي تَليقُ بِهِنَّ. ومِنَ الواضحِ أنَّ الكتابَ المقدَّسَ يَقولُ ذلكَ. ولا يَجوزُ لأيِّ شخصٍ أن يُراوِغَ في ذلك. فهو يَقول: "لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ". وقد تَقول: "وما الَّذي سَيفعلُهُ الأشخاصُ الَّذينَ يُؤمِنونَ بوجودِ واعِظاتٍ بهذه الآية؟" الحقيقةُ هي أنَّهُم سيأخذونَ الكلمة "بِسُكوت" ويَقولونَ إنَّها لا تَعني ذلك، بل تَعني: "بِروحٍ وَديعٍ هَادِئ". وسيقولونَ إنَّها تَعني: "عندما تُعَلِّمينَ وَتَعِظينَ، يجب عليكِ أن تَفعلي ذلكَ بطريقة رُوحيَّة هَادئة".
إذًا، هُناكَ مَنْ يُحاولونَ أن يُرَوِّجوا لِذلك. وهُناكَ، بالمُقابِلِ، أشخاصٌ آخرونَ مُتَشَدِّدونَ جِدًّا يَقولونَ: "عندما تَقولُ الآيةُ ’ لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ‘، فإنَّها تَعني تَمامًا ما تَقول. فلا يَجوزُ لأيِّ امرأةٍ أن تتكلَّمَ في الكنيسةِ في أيِّ حَالٍ مِنَ الأحوال. ولا يَجوزُ لَهُنَّ حَتَّى أنْ يُكَلِّمْنَ الشَّخصَ الَّذي يَجلِسُ بِجِوارِهِنَّ، لا في دُخولِهِنَّ، ولا في خُروجِهِنَّ. وَكما تَعلمونَ، فإنَّ هَؤلاءِ يُبالغونَ كثيرًا في تَشَدُّدِهم. صَمْتُ مُطْبِق. فلا يَجوزُ البَتَّة للنِّساءِ أنْ يَشْهَدْنَ. ولا يَجوزُ البَتَّة للنِّساءِ أنْ يُصَلِّينَ. ولا يَجوزُ البَتَّة للنِّساءِ أنْ يَتَكَلَّمْنَ. لا شَيء. والآن، أيّ رأيٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّأيَيْنِ نَتَبَنَّى؟ الجَوابُ بَسيطٌ جِدًّا. يجب أن تُفَسِّروا المَعنى دائمًا مِن خلالِ السِّياق. وكُلُّ ما يَنبغي أن تَفعلوهُ هو أن تَنظروا إلى السِّياقِ كي تَعرفوا تَمامًا ما يَعنيهِ بالسُّكوت. العددُ الحادي عَشَر: "لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ". ما الَّذي تَعنيهِ يا بُولُس؟ أعني أنِّي "لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ..." أَنْ تَفعلَ ماذا؟ "أنْ تُعَلِّم". فهذا هو مَعنى السُّكوت. "وَلا تَتَسَلَّط". وهذا هو المَقصودُ بالخُضوع. فهو يُفَسِّر تمامًا ما يَعنيه. فما يَعنيهِ بسُكوتِ المرأةِ هو أنَّهُ لا يَسمَحُ لها أن تقومَ بدورِ المُعَلِّم. وما يَعنيهِ بخضوعِها هو أنَّهُ لا يَسمَحُ لها أن تَقومَ وتَتَسَلَّطَ على الرِّجالِ في حياةِ الكنيسة. فهو لا يَعني أنَّهُ لا يَجوزُ للمرأةِ أن تُرَنِّمَ تَرنيمةً. وهو لا يَعني أنَّهُ في المكانِ المُناسِبِ لا يُمكن للمرأةِ أن تَرفَعَ صَلاةً. وهو لا يَعني أنَّها لا تَستطيعُ أن تُسَبِّحَ اللهَ في الوقتِ المُناسِب. وهذا لا يَعني أنَّها لا تَستطيعُ أن تُشارِكَ في العِبادة. وهذا لا يَعني أنَّها لا تَستطيعُ حَتَّى أن تَطرَحَ سُؤالاً عندما يَكونُ لديها سُؤالٌ يُمْكِنُها أنْ تَطرَحَهُ بروحٍ لائقٍ وطريقةٍ لائقة. فما يَعنيهِ ذلك هو أنَّهُ لا يَجوزُ لها أن تَكونَ مُعَلِّمَةً، ولا يَجوزُ لها أن تَتمرَّدَ على دَورِ الخُضوعِ الَّذي وَضَعَهُ اللهُ لَها في حَياةِ الكنيسة.
لِذا فإنَّ السُّكوتَ يَختصُّ بالتَّعليمِ. وهو يَعني أنَّهُ لا يجوزُ لها أن تَكونَ مُعَلِّمَةً. وسوفَ نَتحدَّثُ عن ذلكَ بتفصيلٍ أكبر في الأسبوعِ القادِمِ حينَ نَتأمَّلُ في ما تَعنيهِ العِبارةُ المذكورةُ في العدد 12. والخُضوعُ يُفهَمُ بسهولة بأنَّهُ يَعني أنَّهُ لا يَجوزُ لها أن تَتمرَّد. فلا يَجوزُ لها أن تَرغَبَ في قَلْبِ النَّموذَجِ الإلهيِّ. والآن، يجب علينا أن نَفهمَ مَعنى ذلك. حسنًا، هُناكَ الكنيسة. فنحنُ ننظُر إلى الكنيسة. ونحنُ نَقولُ: حسنًا، لا يَجوزُ للمرأةِ أن تكونَ مُعَلِّمَةً. وهذا واضحٌ وسَهلٌ. فلا يجوزُ أنْ تَقِفَ واعِظاتٌ أو مُعَلِّماتٌ في الكنيسةِ أمامَ رَعيَّةٍ مُختَلَطَةٍ تَضُمُّ رِجالاً ونساءً فتكونُ المرأةُ هي المُعلِّمَةُ الرَّسميَّةُ للكنيسةِ، أوِ الواعِظَةُ الرَّسميَّةُ الَّتي تُقَدِّمُ الرِّسالةَ أوِ العِظَةَ أوِ الدَّرس. وهذا صَحيح. وهو واضحٌ تمامًا. ولكِنْ هناكَ مقاطِع أخرى تُوَسِّعُ إدراكَنا لهذه النُّقطة. ويجب علينا أن نَنظُرَ إليها. لِذا، لِنَرجِع إلى رسالة كورنثوس الأولى والأصحاح 14. وأعتقد أنَّكُم ستجدونَ أنَّ هذا الأمرَ مُدهشٌ جدًّا جدًّا. ففي رسالة كورنثوس الأولى 14: 34، لدينا نِصٌّ مُشابِهٌ جدًّا قِيلَ في مَوقفٍ مُشابِهٍ جدًّا. فنحنُ نَقرأُ في العدد 34: "لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِس". وليسَ مِنَ الصَّعبِ جدًّا علينا أن نَفهمَ مَعنى ذلك. فلا حاجةَ إلى أن تكونَ مُتَخَصِّصًا في اللُّغةِ اليونانيَّة. فالمَعنى واضحٌ. وإنْ لم تَسمَعوا الآيةَ سأُعيدُها: "لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِس..." (وأنا أُحِبُّ هذا النَّوعَ مِنَ المَنطِق): "...لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ". وقد تَقول: "مَهلاً مِن فَضلِك. إنَّ الآيةَ تُكَرِّرُ الكلامَ نَفسَهُ مَرَّتَيْنِ بِلا أيِّ مُبَرِّر!" لا، بل إنَّ هذا هو السَّبَب. فَالسَّببُ الَّذي يُحَتِّمُ على النِّساءِ أن يَصْمُتْنَ في الكنائسِ هو أنَّهُ ليسَ مَأذونًا لَهُنَّ أنْ يَتَكَلَّمْنَ. وقد تَقول: ولكِنَّ هذه الآيةَ لا تُقَدِّمُ سَبَبًا. بَلى، إنَّها تُقَدِّمُ سَبَبًا: "بل يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ...[مَن؟] النَّامُوس". أيُّ نَاموسٍ؟ نَاموسُ اللهِ. وهل تَعلمونَ لماذا لا يَجوزُ للنِّساءِ أنْ يَعِظْنَ في الكنيسة؟ وقد تَقولونَ: "لا بُدَّ أنَّ ذلكَ يَختصُّ بالنَّاحيةِ النَّفسيَّةِ لديهنَّ". لا، لا.
"إذًا، لا بُدَّ أنَّ الأمرَ يَختصُّ بحقيقةِ أنَّكم إنْ أوكَلْتُمْ مِثلَ هذا الدَّورِ إلى المرأةِ فإنَّها لا تَمتَلِكُ العَقليَّةَ اللَّازمةَ للتَّعامُلِ معَ كُلِّ ما قد يَحدُث". لا! بل إنَّ السَّببَ في عَدَمِ جَوازِ قِيامِها بذلكَ هو أنَّ نَاموسَ اللهِ يَقولُ إنَّهُ لا يَجوزُ لها أن تَفعلَ ذلك. فهذا هو كُلُّ ما في الأمر. فهذه هي القضيَّة. فهي ليست اجتماعيَّةً، وليست نَفسيَّةً، وليست مَرَضِيَّةً، وليست أيَّ شَيءٍ مِن هذا القَبيل، بل إنَّهُ نَاموسُ اللهِ وَحَسْب. لِذا، يجب على النِّساءِ أنْ يَصْمُتْنَ في الكنيسة. وقد تَقول: "مَهلاً، مَهلاً، مَهلاً! ما مَعنى ذلك؟" لِذا فإنَّنا نَرى الآنَ جِدالاً كبيرًا بخصوصِ مَعنى الصَّمْتِ مَرَّةً أخرى. حسنًا، لنَبحث عن مَعنى ذلك. ولن يكونَ البحثُ صَعبًا. فكُلُّ ما ينبغي أن نَفعلَهُ هو أن نَنظُرَ إلى السِّياق. لِذا، لِنرجِع في الأصحاحِ قليلاً ونَسأل أنفُسَنا: ما مَوضوعُ هذا الأصحاح؟ حسنًا! إنَّ العددَ الأوَّلَ مِنَ الأصحاح 14 يَتحدَّثُ عنِ التَّنَبُّؤ والعدد الثَّاني يَتحدَّثُ عنِ الألسِنَة. ثُمَّ نَجِدُ مُفارَقَةً بينَ الألسِنَةِ والتَّنَبُّؤِ في كُلِّ الأصحاح. وهو يَقولُ بِكُلِّ تأكيدٍ إنَّ أفضلَ شَيءٍ هو التَّنُّبؤ. وفي العدد 39، لا حَاجةَ إلى أن تتوقَّفوا عنِ التَّكَلُّمِ بلُغاتٍ بطريقةٍ مَشروعةٍ. وهذا الكَلامُ يَخُصُّ العَصْرَ الرَّسوليَّ. فقد كانت مَوهِبَةً مَشروعَةً مِنَ اللهِ. ولكِن مِنَ الأفضلِ أنْ تَرغَبوا حينَ تَجتَمِعُ الرَّعيَّةُ معًا أنْ يَكونَ هُناكَ تَنَبُّؤ؛ أيْ أن يكونَ هُناكَ إعلانٌ لكلمةِ اللهِ. ولِكِنَّنا نَقرأُ في العدد 40: "وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ".
ولكِنْ هل تُريدونَ أن تَفهموا ما كانَ يَحدُثُ آنذاك؟ اسمَحوا لي أن أُعطيكُم خَلفيَّةً. فعلى مَقرُبَةٍ مِن كورِنثوس، كانت هناكَ مَدينة أخرى. واسمُ تلكَ المدينةِ هو "دِلْفِي" (Delphi). وفي مَدينةِ دِلْفي، كانَ هُناكَ صَرْحٌ دِينيٌّ. وفي قُبَّةِ ذلكَ الصَّرْحِ الدِّينيِّ، كانت هناكَ امرأة تُدعَى "بايثيا" (Pythia). وكانت تُعرَفُ باسمِ "عَرَّافَة دِلْفي". هل سَمِعتُم يومًا هذا التَّعبير؟ فقد كانت تُلَقَّبُ بِعَرَّافة دِلْفِي في هذا الوقتِ تَحديدًا. ففي مَعْبَدِ دِلْفِي، كانت هُناكَ ثلاثُ عَرَّافات. وكانتْ أشْهَرُهُنَّ بحسبِ المَراجِعِ التَّاريخِيَّةِ هي "بايثيا". وأنا أقتَبِسُ هذا الكَلامَ مِن كِتابِ "ستيوارت روسيتر" (Stuart Rossiter) عنِ اليونان والذي يَتحدَّثُ فيهِ عن هذا الأمرِ بِأسرِه. وكانت هذه المرأة في نحوِ الخَمسينَ مِنَ العُمْرِ، وهي الوسيطةُ الَّتي تَتَواصَلُ معَ الأرواحِ الشِّرِّيرة. وكانَ الجميعُ يَرغبونَ في مَعرفةِ المُستقبَل. وكانَ الجميعُ يَرغبونَ في مَعرفةِ ما يُخَبِّئُهُ لَهُم. وكانَ الجميعُ يَرغبونَ في مَعرفةِ الأسرارِ. وكانَ الجميعُ يَرغبونَ في مَعرفةِ ما سَيحدُثُ لاحقًا، ويريدونَ أن يَعرفوا كيفَ يَتخلَّصونَ مِن مَشاكِلِهِم، وَهَلُمَّ جَرَّا. لِذا فقد كانَ الجميعُ يَرغبونَ في الذَّهابِ لرؤيةِ عَرَّافَة دِلْفي كي تَقولَ لَهُم الحقيقة.
إذًا، فقد كانت دِيانةً سائدةً يُهيمِنُ عليها، بدونِ شَكٍّ، الشَّيطان، وتُدارُ مِنْ قِبَلِ الشَّياطينِ الَّذينَ يَتكلَّمونَ إلى هذه الوَسيطَةِ فَتَتكلَّمُ بِما يَقولونَهُ لها. ويَصِفُ "روسيتير" فيقولُ لنا أمورًا مُدهشةً جدًّا. فعندما يَذهبُ النَّاسُ إلى هناك فإنَّ أوَّلَ شَيءٍ يَفعلونَهُ هو أنَّهُم يُقَدِّمونَ ذَبيحَةً حَيَوانِيَّةً. ويُمكِنُ أن تكونَ هذه الذَّبيحةُ خَروفًا أو نَعْجَةً أو دُبًّا أو أيَّ حَيَوانٍ آخر. فقد كانوا يُقَدِّمونَ ذبيحةً حَيَوانيَّةً. وكانت بعضُ العَرَّافاتِ يَقِفْنَ هُناكَ وَيُقَيِّمْنَ الطَّوالِعَ في الذَّبيحة. ولا أدري كيفَ كُنَّ يَفْعَلْنَ ذلك. فرُبَّما كانَ ذلكَ يتوقَّفُ على الطَّريقةِ الَّتي تَحتَرِقُ فيها أعضاءُ الذَّبيحةِ، أوِ الهَيئةِ الَّتي تَبدو عليها الذَّبيحَةُ مِنَ الدَّاخِلِ. فقد كُنَّ يَبْحَثْنَ عن بعضِ الطَّوالِع. فإنْ كانَتِ الطَّوالِعُ مُبَشِّرَةً بالخير، وَفْقًا لتقييمِ الذَّبيحة، كانَ يُسْمَحُ لذلكَ الشَّخصِ أن يَدخُلَ إلى المَعبَدِ الدَّاخليِّ. ولم يَكُنْ يُسْمَحُ لأيِّ امرأةٍ بالدُّخولِ إلى المَعبَد. فقد كانَ ذلكَ الأمرُ مَقصورًا على الرَّجالِ فقط. لِذا، كانَ الرَّجُلُ يَدخُلُ. ولنَقُل إنَّ الطَّوالِعَ كانت جَيِّدةً وإنَّ العَرَّافاتِ قَبِلْنَ الذَّبيحةَ وَسَمَحْنَ للرَّجُلِ أنْ يَدخُل. وحينئذٍ فإنَّهُ يأخُذُ لَوْحًا ويَكتُبُ على اللَّوحِ طِلبَتَهُ. وبالمُناسَبة، لقد نَقَّبَ عُلماءُ الآثارِ في تلكَ المِنطقةِ وعَثروا على بعضِ تلكَ الألواحِ بحالةٍ جَيِّدةٍ جدًّا. لِذا فإنَّنا نَعرِفُ شَيئًا عَمَّا كانَ النَّاسُ يَطلُبونَهُ.
وبعدَ الكِتابةِ على ذلكَ اللَّوح، كانَ يَنتظِرُ في الدَّورِ إلى أنْ يُقَدَّمَ اللَّوحُ إلى العَرَّافةِ. وأخيرًا، إنْ سَارَ كُلُّ شيءٍ على ما يُرام، كانَ يَدخُلُ إلى العَرَّافة. وكانت تَجلِسُ على مِقْعَدٍ ثُلاثيِّ الأرجُل. وكانتِ أَرْجُلُ المِقعَدِ مُرتفعةً جدًّا فوقَ هُوَّةٍ سَحيقةٍ يَصْعَدُ مِنها بَخورٌ ودُخانٌ كثيفٌ جدًّا. وكانتِ العَرَّافةُ تَجلِسُ فوقَ هذه الهُوَّةِ كي تُجيبَ الطِّلْبات. وقبلَ أنْ تَجلِسَ على عَرشِها، كانَ ينبغي لها أن تأكُلَ أوراقَ الغَارِ وأنْ تَقومَ ببعضِ الطُّقوس. ثُمَّ إنَّها تَجْلِسُ هُناكَ حيثُ تُؤخَذُ الطِّلبَةُ وتُقَدَّمُ إليها. ورَدًّا على الطِّلبَة، كانت تُثَرْثِرُ بكلامٍ غيرِ مَفهومٍ على الإطلاق. وكانت تتكلَّمُ بكلامٍ شَيطانيٍّ. وكانَ يَقِفُ بجانِبها شَاعِرٌ يُتَرجِمُ كُلَّ شيءٍ تَقولُهُ بِشِعْرٍ مُتْقَنٍ سُداسِيِّ التَّفاعيل؛ وهو شَكلٌ مِن أشكالِ الشِّعْر. وكانتِ تلكَ هي التَّرجمةُ لأنَّهُ لم يَكُن بمقدورِ أيِّ شَخصٍ أن يَفهمَ ما تَقولُهُ العَرَّافة. وكانَ الشَّخصُ يَسمَعُ كَلامًا مَوزونًا غامضًا جدًّا ومُحَيِّرًا جدًّا في صُورةِ شِعْرٍ وثَرثرةٍ على لِسانِ هذا المُترجِمِ فَيُغادِرُ على الأرجَحِ وَهُوَ مُشَوَّشٌ أكثر مِنْ ذي قَبْل. ولكنَّ النَّاسَ كانوا يُحِبُّونَ أن يَخوضوا هذه التَّجربة الصُّوفيَّة وأن يَتلامَسوا معَ الأمورِ الخارقةِ للطَّبيعة.
والآن، فَكِّروا في ذلك. لقد كانَ ذلكَ يَجري بالقُربِ مِن كورِنثوس. وفي الكنيسةِ في كورِنثوس، كانَ الشَّيطانُ يَعملُ دائمًا على تَزييفِ شَيءٍ يَفعلُهُ اللهُ. فإنْ كانَ اللهُ يُعطي مَوهبةَ لُغاتٍ حقيقيَّة، ومَوهِبَةَ تَرجمةٍ حَقيقيَّة، ومَوهبةً حقيقيَّةً للتنبُّؤِ والتَّكَلُّمِ بكلمةِ اللهِ، فإنَّ الشَّيطانَ يُقْحِمُ نَفسَهُ قَدرَ الإمكانِ ويُزَيِّفُ الأمرَ كُلَّهُ. لِذا، كانَ هُناكَ أُناسٌ يأتونَ إلى الكنيسةِ في كورِنثوس. وما كانوا يَفعلونَهُ هو أنَّهُم راحوا يُمارِسونَ أعمالَ الوَساطَةِ الرُّوحِيَّةِ، وأعمالَ الظُّلمَةِ، والأعمالَ الشَّيطانيَّةَ، وراحوا يُثَرثرونَ بنفسِ الطَّريقةِ الَّتي كانت تُثَرثِرُ بها عَرَّافَةُ دِلْفي، وبنفسِ الكَلامِ الغامِضِ والنُّبوءاتِ المُبْهَمَةِ الَّتي كانت تَحدُثُ في ذلكَ المَعبَد. وقد كانوا يَفعلونَ ذلكَ باسمِ المسيح. والكنيسةُ...كانَ هناكَ أشخاصٌ في الكنيسةِ يُمارسونَ المواهِبَ الحقيقيَّة. ولم يَكُنِ النَّاسُ في الكنيسةِ يُقَيِّمونَ ما يَجري تَقييمًا صَحيحًا. وما حَدَثَ في كورِنثوس هو فَوضَى حَقيقيَّة. فقد كانَ هُناكَ أُناسٌ يَقفونَ في الكنيسةِ ويَزْعُمونَ أنَّهُم يَمتلكونَ مَوهبةَ الألسِنَة. وقد كانوا يَلعَنونَ يسوعَ المسيحِ ويَجِدونَ مَنْ يُرَبِّتُ على ظُهورِهم بسببِ ذلك لأنَّ ما قالوهُ لا بُدَّ أنْ يكونَ مِنَ اللهِ لأنَّهُ خارِقٌ للطَّبيعة.
وهذه هي خَلفيَّةُ الرِّسالةِ الأولى إلى أهلِ كورِنثوس. وسيكونُ أيُّ شَخصٍ سَاذَجًا تمامًا إنْ فَتَحَ على الأصحاحِ الرَّابع عَشَر وراحَ يَقرأُ عنِ الألسنةِ والتَّنَبُّؤِ مِن دونِ أنْ يَعرِفَ تلكَ الخَلفيَّة. وبولسُ يُصَحِّحُ هذا كُلَّهُ. لِذا فإنَّ المُشكلةَ هُنا في كنيسةِ كورنثوس لم تَكُن تَقتَصِرُ على وُجودِ بعضِ النِّساءَ اللَّاتي كُنَّ يَتَباهَيْنَ بجاذبيتِهِنَّ الجِنسيَّة. فنحنُ نَعلمُ أنَّهُ كانت هُناكَ مَشاكِل جنسيَّة مُريعَة في كنيسةِ كورنثوس. أليسَ كذلك؟ فقد كانَ هُناكَ شَرٌّ جِنسيٌّ مُريع. ولكِنَّنا نَرى هُنا نِساءً يَنظُرْنَ إلى دِيانَةٍ تُديرُها نِساءٌ بالكامِل، كما تَفعَلُ عَرَّافاتُ دِلْفي، ويَقُلْنَ: "يجب علينا أن نَكونَ مُهيمِناتٍ في هذهِ الدِّيانةِ أيضًا". لِذا فقد كُنَّ يُقْحِمْنَ ذَواتِهِنَّ إلى مَكانِ الصَّدارَةِ مِن خلالِ الوُقوفِ والتَّكَلُّمِ بثَرثرةٍ غيرِ مَفهومة، ومِن خلالِ الوقوفِ والتَّنَبُّؤ. لِذا، عندما نَصِلُ إلى هذا الأصحاحِ ونَنظُر إلى العدد 26، فإنَّ بولسَ يَقول: "فَمَا هُوَ إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟ مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ، لَهُ [عَقيدة أو] تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ [وبِتَرتيب]". تَخَلَّصوا مِنْ هذهِ الفَوضَى. ثُمَّ إنَّهُ يَقول: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ، فَاثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، أَوْ عَلَى الأَكْثَرِ ثَلاَثَةً ثَلاَثَةً"، وليسَ بِدونِ مُتَرجِم. "أَمَّا الأَنْبِيَاءُ فَلْيَتَكَلَّمِ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ، وَلْيَحْكُمِ الآخَرُونَ" كي يَرَوْا إنْ كانوا يَعرِفونَ حَقًّا الرَّبَّ، وإنْ كانوا يَنطِقونَ حَقًّا بالحَقِّ. نَظِّموا هذا الأمر. وفي العدد 33: "لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ [ماذا؟] تَشْوِيشٍ". ثُمَّ إنَّهُ يَقولُ في العدد 34: "لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ". يَصْمُتْنَ بِخُصوصِ ماذا؟ هذا وَاضِحٌ. فَهُوَ يُشيرُ إلى التَّكَلُّمِ عَلَنًا في اجتماعِ الكنيسةِ إمَّا بكلامٍ صُوفِيٍّ أو نُبوءَةٍ. لِذا، إذا نَظرنا إلى الرِّسالةِ الأولى إلى تيموثاوس، نَرى أنَّهُ لا يَجوزُ للنِّساءِ أن يَعِظْنَ أو يُعَلِّمْنَ. وإذا نَظرنا إلى الرِّسالةِ الأولى إلى أهلِ كورِنثوس 14: 34 و35، يُمكِنُنا أن نَستنتِجَ بسهولة أنَّهُ لا يَجوزُ للنِّساءِ أنْ يَتَكَلَّمْنَ بألسِنَةٍ، وأنَّهُ لا يجوزُ للنِّساءِ أنْ يُقَدِّمْنَ نُبوءاتٍ في الكنيسة. فلا يَجوزُ لَهُنَّ أنْ يَتَكَلَّمْنَ في الكنيسة. لماذا؟ لأنَّ هذا غير مَسموح. لماذا؟ لأنَّهُ ينبغي لَهُنَّ أنْ يَخْضَعْنَ. لماذا؟ لأنَّ ناموسَ اللهِ يَقولُ ذلك. ثُمَّ نَقرأُ: "لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ". وهذا لا يَعني أنَّهُ قَبيحٌ بالنِّساءِ أنْ يَتَكَلَّمْنَ. فيُمكِنُكِ أنْ تَتَكَلَّمي قَدْرَ ما تَشَائين؛ إلَّا إذا كُنْتِ تُحاولينَ أن تَتَسَلَّطي، وإلَّا إذا كُنتِ تُحاولينَ أن تتوَلَّي القيادةَ في الكنيسة. فالأمرُ واضحٌ جدًّا. إذًا، ما الَّذي نَقولُهُ؟ عندما يَختصُّ الأمرُ باجتماعِ الكنيسةِ معًا، لا يجوزُ للنِّساءِ أنْ يَعِظْنَ أو يُعَلِّمْنَ. ولا يَجوزُ لَهُنَّ أنْ يَتَكَلَّمْنَ بكلمةِ اللهِ. ولا يَجوزُ لَهُنَّ أنْ يَقُلْنَ كلامًا صُوفيًّا. ومِنَ الواضحِ أنَّ خُلاصَةَ ذلكَ هي أنَّهُ عندما تَجتمعُ الكنيسةُ معًا، يجب أن يكونَ الوُعَّاظُ رِجالاً. فهذا هوَ وَحَسْب تَرتيبُ اللهِ.
ولكِنَّ الفِكرةَ الضِّمنيَّةَ الَّتي أريدُ مِنكُم أن تَفهموها هي الآتية: إنَّ هذا لا يَعني أنَّهُ لا يَجوزُ للمرأةَ في أيِّ ظَرفٍ مِنَ الظُّروفِ أن تتكلَّمَ في وَسْطِ مَجموعةِ المؤمنين. فالنُّقطةُ الَّتي يَتحدَّثُ عنها هي استغلالُ النِّساءِ لهذا الأمرِ، وَسَعْيُ النِّساءَ إلى مَكانِ الصَّدارَةِ. فيجب عليكم أن تَتَذَكَّروا أنَّ اللهَ استخدَمَ مَريمَ لتكونَ ناطِقَةً باسمِهِ. وقدِ استخدمَ اللهُ دَبُورَة وخَلْدَة لتوصيلِ كَلامِهِ إلى رِجالٍ مُهِمِّينَ جدًّا. واللهُ استخدَمَ حَنَّة عَشراتِ السِّنين في الهَيكلِ إذْ كانَتْ تُنادي بقُرْبِ مَجيءِ المَسِيَّا لكُلِّ شخصٍ يأتي إلى ذلكَ المَكان. لِذا، لا يوجد سَبَبٌ يَدعونا إلى الاعتقادِ بأنَّهُ إنْ تَوافَرَ الوقتُ المُناسِبُ والمكانُ المُناسِبُ، لا يُمكِنُ للنِّساءِ أنْ يَتَكَلَّمْنَ. وعندما سافَرَ بولسُ في رِحْلاتِهِ في سِفْرِ أعمالِ الرُّسُل، نَقرأُ أنَّهُ ذَهَبَ إلى مِنطَقَةٍ، وإلى كَنيسةٍ، وأنَّهُ حَاجَجَهُم مِنَ الأسفارِ المُقدَّسة. وأنا أُوْمِنُ بأنَّهُ كانَ يوجدُ هناكَ رِجالٌ ونِساء. وأنا أُوْمِنُ بأنَّهُ كانَ بمقدورِ النِّساءِ أنْ يَطْرَحْنَ أسئلةً صَادِقَةً بالأسلوبِ الصَّحيحِ وأنْ يَسْتَمِعْنَ إلى الرَّدِّ عليها مِنَ الرَّسولِ بولُس. وأعتقدُ أنَّ هناكَ زَمانًا ومَكانًا صَحيحَيْنِ يُمكِنُ فيهما للنِّساءِ أنْ يَشْهَدْنَ أوْ يُسَبِّحْنَ الرَّبَّ. فلا أظُنُّ أنَّهُ يَعني أنَّهُ لا يُمْكِنُ للنِّساءِ أنْ يَفْعَلْنَ ذلكَ البَتَّة. فما يَعنيه هو أنَّهُ لا يُمْكِنُ للنِّساءِ أنْ يَضْطَلِعْنَ بدورٍ قياديٍّ في الكنيسةِ بصورةٍ تَجْعَلُهُنَّ المُهيمِناتِ في الكنيسةِ مِنْ جِهَةِ سُلطَتِهِنَّ وتَعليمِهِنَّ ومواهِبِهِنَّ. فهناكَ مَكانٌ بِكُلِّ تأكيد، حينَ تتوافَرُ البيئةُ المُناسبةُ لِطَرْح الأسئلةِ، تَمْلِكُ فيهِ المَرأةُ كُلَّ الحَقِّ في طَرْحِ الأسئلةِ بالرُّوحِ الصَّحيحِ كما يَفعلُ الرَّجُل. وهُناكَ وَقتٌ نُقَدِّمُ فيهِ التَّسبيحَ للهِ. وحينئذٍ، فإنَّ المرأةَ تَملِكُ كُلَّ الحَقِّ في تَسبيحِ اللهِ كأيِّ شخصٍ آخر. وهذا الوقتُ يأتي حينَ يُسَلِّمُ الواعِظُ أوِ المُعَلِّمُ مَسؤوليَّةَ التَّكَلُّمِ إلى رَعيَّتِهِ قائلاً: "أريدُ أن أَسمَعَ مِنكُم".
ولكِنَّ هذه ليست القَضيَّة هُنا. فالقضيَّةُ هُنا هي المُقاطَعَة. والقضيَّةُ هُنا هي اغتِصابُ السُّلطَة. وهذه قضيَّة أخرى. لِذا فإنَّنا نَفهَمُ ما يَقول. والآن، لِنَرجِع إلى الرِّسالةِ الأولى إلى أهلِ كورِنثوس والأصحاحِ الحادي عَشَر لأنَّنا لا نَستطيعُ أن نَفهمَ هذه الصُّورةَ الكامِلَةَ مِن دونِ أن نَفهمَ هذا المَقطَع. وبالمُناسَبة، في الأصحاحِ الرَّابع عَشَر، يَقولُ بولسُ إنَّ عَدَمَ الانصياعِ لذلكَ هُوَ أمرٌ غيرُ مَقبولٍ قَطعيًّا لأنَّهُ يَقولُ في العدد 36: "أَمْ مِنْكُمْ خَرَجَتْ كَلِمَةُ اللهِ؟ أَمْ إِلَيْكُمْ وَحْدَكُمُ انْتَهَتْ؟" بعبارة أخرى، فإنَّهُ يَقولُ: "إنْ كُنتُم تُعانِدونَ هذا، هل تَقولونَ لنا إنَّكُم مَنْ جِئْتُم بكلمةِ اللهِ؟ وهل أنتُم مَن تُقَرِّرونَ كيفَ ستُطَبِّقونَها؟ وهل كُتِبَتْ كي تُحَرِّفوها كما تَشاءون؟ فقد كانَ ذلكَ الأمرُ سَخيفًا في نَظَرِه. ماذا! هل أنتُم مَنْ كَتَبْتُم الكتابَ المقدَّس؟ وهل تُريدونَ أن تُمارِسوا السُّلطَةَ في الكنيسة؟ وهل تُريدونَ أن تتكلَّموا وتكونوا وُعَّاظًا ومُعَلِّمينَ وأنبياءَ، وأنْ تَتَكَلَّموا بألسنةٍ، وما إلى ذلك؟ فَمِنَ السُّخْفِ أن تَتَخيَّلوا أنَّهُ بمقدورِكم أن تُحَرِّفوا الكتابَ المقدَّسَ، وأنَّهُ يُمكِنُكم أن تُفَسِّروهُ بأيِّ طَريقةٍ تَشاؤون. وإنْ رَجَعنا إلى رسالةِ كورِنثوس الأولى 11: 2 فإنَّهُ يَقول: "فَأَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ". فنحنُ نَظُنُّ غالبًا أنَّ جَميعَ الأشخاصِ في كورِنثوس كانوا فَاسِدين. ولكِنَّ هذه الآيةَ تُخبرُنا أنَّ الأمرَ لم يَكُن كذلك. فهناكَ أشخاصٌ كثيرونَ لم يَكونوا كذلك. وَهُوَ يَقول: "أنا أَعلمُ أنَّكُم تَذكرونَني في كُلِّ شيءٍ، وأنَّكُم تَحفظونَ الوَصَايا أوِ التَّعاليمَ كما سَلَّمتُها إليكُم. وَلكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا [شَيئًا]". ويجب أن تتذكَّروا أنَّ هذه كورِنثوس. وفي وَسْطِ كورِنثوس، كانَ يوجد مَعبَد أفرودايت (Aphrodite) الَّذي كانَ يَضُمُّ ألفًا مِنَ الكاهِناتِ المُومِساتِ اللَّاتي لا يُغَطِّينَ رُؤوسَهُنَّ، بل كُنَّ مَكشوفاتِ الرُّؤوسِ، ويَشْتَهِرْنَ بشُعورِهِنَّ القَصيرةِ والتَّباهي بجاذبيَّتِهِنَّ الجِنسيَّةِ. وكُنَّ يُغْوينَ الرِّجالَ بمُمارسةِ أفعالٍ جِنسيَّةٍ في المَعبَد. وفي نِهايةِ أفسُس، في قِمَّةِ الجَبَلِ في كورِنثوس، كانَ يوجدُ مَعبَدٌ كبير. وكانت هؤلاءِ النِّسوةِ يَتَباهَيْنَ أيضًا بحُرِّيَّتِهِنَّ، ويتباهَيْنَ بِتَحَرُّرِهِنَّ، ويَتباهَيْنِ بجاذبيَّتِهِنَّ الجِنسيَّة. وكانَ هذا هو الموقِفُ السَّائدُ هُناكَ على غِرارِ أفسُس. لِذا فإنَّهُ يَقولُ: "أنا أَعلمُ أنَّكُم تُطيعونَني، وأَعلمُ أنَّكُم تَذكرونَ ما قُلتُهُ، ولكنِّي أريدُ أن أقولَ لَكُم ما يَلي: يجب عليكم أن تُدركوا أنَّ "رَأسَ كُلِّ رَجُل هُوَ الْمَسِيحُ، وَأَمَّا رَأسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ، وَرَأسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ". فيجب أن تَفهموا هذه النُّقطةَ جَيِّدًا: أنَّ المرأةَ جُعِلَتْ في مَوضِعِ الخُضوعِ للرَّجُل. فهكذا هي الحالُ وَحَسْب. فهكذا هي الحالُ وَحَسْب. ومَرَّةً أخرى، أُذَكِّرُكم أنَّ هذا لا يَعني أنَّهُ لا يَجوزُ للمرأةِ أن تَتكلَّم، وأنَّ هذا لا يَعني أنَّهُ لا يَجوزُ للمرأةِ أن تُصَلِّي، بل يجب علينا أن نَفهمَ ذلكَ بأنَّهُ هَدَفٌ سُلوكِيٌّ قائِمٌ على أنَّ الرَّجُلَ هو رأسُ المرأة. والآن، انظُروا إلى العَدَدِ الثَّالثِ مَرَّةً أخرى. فلا أحدَ يُجادِلُ في أنَّ رَأسَ كُلِّ رَجُل هُوَ المَسِيح. فهل تَعرِفونَ أيَّ شَخصٍ لا يُؤمِنُ بذلك؟
وهل تَعرِفونَ أيَّ شخصٍ يُنادي بالحُريَّةِ المسيحيَّةِ ويُطالِبُ بالمُساواةِ معَ المسيح؟ وهل هُناكَ شَخصٌ يَجولُ قائلاً: "أريدُ أن أكونَ مُساويًا للمسيح، وإلَّا لن أُكمِلَ الدَّربَ؟" لا! وَكُلُّ شخصٍ يَفهمُ أنَّ اللهَ هو رأسُ المسيح. فالمَسيحُ خَضَعَ لأبيهِ وَصارَ خادِمًا، وأخذَ صُورةَ عَبْدٍ، ووَضَعَ نَفسَهُ (في رسالةِ فيلبِّي والأصحاحِ الثَّاني)، وأَخلى نَفسَهُ. إذًا، لماذا نُجادِلُ بشأنِ حقيقةِ أنَّ الرَّجُلَ هو رأسُ المرأة؟ فهذه حَقيقة رئيسيَّة وَحَسْب. لِذا، اسمَحوا لي أن أُقَدِّمَ لكُم خَلفيَّةً ثَقافيَّة. في كورِنثوس، كانتِ النِّساءُ يَقُمْنَ [بِحُكْمِ العَادَةِ] بتَغطِيَةِ رُؤوسِهِنَّ. وقد كانت تلكَ هي طَريقَةُ المرأةِ في التَّعبيرِ عنِ اتِّضاعِها. وكانت تلكَ هي طَريقَتُها في القول: "أنا لَسْتُ مُتاحَة. فأنا أَنتَمي لرَجُلٍ واحدٍ". وكانت تُعَبِّرُ بتلكَ الطَّريقةِ عن حِشْمَتِها وعن أُنوثَتِها.
وكانت تلكَ هي طَريقتُها في التَّصَرُّفِ وفي ارتداءِ مَلابِسِها لإظهارِ جِنْسِها اللَّطيفِ وأنوثَتِها. وفي مُجتمعِ كورِنثوس، لم يَكُنِ الرِّجالُ يُغَطُّونَ رُؤوسَهُم. فقد كانت رُؤوسُهم مَكشوفَةً، ووُجوهُهم مَكشوفَةً. وكانت تلكَ هي عَلامَةُ الرُّجولة. وبطريقةٍ ما، في كنيسةِ كورِنثوس، انقَلَبَتْ هذهِ الأمور فصَارتِ النِّساءُ يُصَلِّينَ ويَتَكَلَّمْنَ بكلمةِ اللهِ برؤوسٍ مَكشوفة. والحقيقةُ هي أنَّ ذلكَ كانَ تَقليدًا للمُومِساتِ ولحركةِ تَحرير المرأة. أمَّا الرِّجالُ فرُبَّما قَلَّدوا اليهودَ أو أشخاصًا آخرينَ فصاروا يُغَطُّونَ رُؤوسَهُم ويُصَلُّونَ. فصارَ النَّاسُ يَنظرونَ إليهم ويقولونَ إنَّهُم يَتَشَبَّهونَ بالنِّساء. لِذا فإنَّهُ يَقولُ في العددِ الرَّابع: "انظروا! كُلُّ رَجُل يُصَلِّي أَوْ يَتَنَبَّأُ وَلَهُ عَلَى رَأسِهِ شَيْءٌ، يَشِينُ رَأسَهُ". فما الَّذي تَفعلونَهُ؟ لا تَفعلوا ذلك؟ لماذا؟ وقد تقولون: "هل تَعني أنَّها خَطِيَّة أن تُغَطِّي رأسَكَ عندما تُصَلِّي؟" لا، إلَّا إذا كانت ثَقافَتُكَ تَنظُرُ إلى ذلكَ على أنَّهُ تَشَبُّهٌ بالنِّساء. والنُّقطةُ هُنا هي أنَّ الرَّجُلَ الَّذي يُغَطِّي رأسَهُ يَتصرَّفُ كالنِّساءِ. فالرِّجالُ لم يكونوا يَفعلونَ ذلك. وفي العددِ الخامِس: "وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأسُهَا غَيْرُ مُغُطَّى، فَتَشِينُ رَأسَهَا، لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ". وهي قد تُهينُ أيضًا كُلَّ أنوثَتِها لأنَّها سَتَظهَرُ كالمُومِس، أو كامرأةٍ مُتَحَرِّرة. ونَقرأُ في العددِ السَّابع: "فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأسَهُ". ففي مُجتمعِهم، كانَ هذا يَعني شَيئًا مُعيَّنًا. لِذا فإنَّ ما يَقولُهُ بولُسُ هوَ التَّالي...والآن اسمَعوني جَيِّدًا: "انظُروا إلى مُجتَمَعِكُم والتَفِتوا إلى الرُّموز. فما هي رُموزُ الأُنوثَةِ في مُجتَمَعِنا؟ وما هي رُموزُ الرُّجولَةِ؟ تَمَثَّلوا بها إنْ لم تَكُن تُخالِفُ الكتابَ المقدَّسَ. فإنْ لم تَكُن تُخالِفُ مَعاييرَ اللهِ الأخلاقيَّةِ، تَمَسَّكوا بتلكَ الرُّموزِ لأنَّها تَقولُ شيئًا لمُجتَمَعِكُم". اسمَعوني: حَتَّى في مُجتَمَعِنا هذا اليوم، ما يَزالُ النَّاسُ يَعرفونَ مَتى تَبدو المرأةُ امرأةً. فهناكَ رُموزٌ في مُجتمعِنا للأنوثَة. وأنا وأنتُم نَعلَمُ جَيِّدًا أنَّكُم إنْ نَظرتُم إلى امرأةٍ مِنَ الواضِحِ أنَّها تَتَبَنَّى رُموزَ الأنوثَةِ وتَظهرُ في مَظهرِ امرأةٍ، وإنْ نَظرتُم إلى امرأةٍ أخرى تَبدو مُتَمَرِّدَةً على كُلِّ شيءٍ يَمتُّ بأيِّ صِلَةٍ للأنوثَةِ، أَلا يُمكِنُكم أن تُمَيِّزوا بينَ الاثنَتَيْن؟ مِنَ المؤكَّدِ أنَّهُ يُمكِنُكُم ذلك لأنَّ مُجتَمَعَنا أيضًا لَديهِ رُموز. وكُلُّ مُجتمعٍ لديهِ رُموز. ومُجتمَعُنا لديهِ رُموز تُشيرُ إلى الرُّجولة. فيُمكِنُكم أن تَنظروا إلى أيِّ رَجُلِ وأنْ تَعرِفوا مِن خلالِ مَظهَرِهِ ومِشيَتِهِ ومَلابِسِهِ، يُمكِنُكم أن تَقولوا: "هَذا الشَّخصُ رَجُل". وقد تَنظرونَ إلى شخصٍ آخر وتَشعرونَ أنَّ هذا الشَّخصَ يُشبِهُ جِدًّا النِّساءَ لأنَّهُ يَتَنَكَّرُ لرُموزِ الرُّجولةِ ويُرسِلُ رِسالَةً مَعكوسَةً ومُشَوَّهَةً. لِذا، هذا هو كُلُّ ما يَقولُهُ بولُسُ لأهلِ كورِنثوس: "انظروا! عندما تَتَصرَّفونَ بِصِفَتِكُم مُؤمِنينَ، افعَلوا ذلكَ بطريقةٍ تَنْسَجِمُ معَ المفاهيمَ في ثَقافَتِكُم كي يَفهَمَ النَّاسُ ذلك". وَهُوَ يَقولُ في العدد 14 إنَّ الطَّبيعَةَ نَفسَها تُقَدِّمُ مَثَلاً تَوضيحيًّا على رَمْزِ غِطاءِ الرَّأسِ مِن خلالِ جِعْلِ الشَّعرِ يَنمو بصورة أسرَع عندَ النِّساءِ كغِطاءٍ خاصٍّ مِنَ اللهِ. لِذا، يجب على النِّساءِ أنْ يَلْتَزِمْنَ بدورِ الخُضوعِ لِكونِها تَحتَ رِئاسَةِ الرَّجُل.
والنَّاسُ يَقولونَ عنِ العددِ الخامِس: "مَهلاً مِن فَضلِك! نحنُ نَقرأُ هُنا عن نِساءٍ يُصَلِّينَ ويَتَنَبَّأنَ. أَلَم يَكُن ذلكَ يَحدُثُ في الكنيسة؟" إنَّ الآيةَ لا تَقولُ ذلك. واسمَحوا لي أن أُريكُم شيئًا: أعتقد أنَّهُ يَتَكَلَّمُ عن أمورٍ عامَّة. فلا أعتقدُ أنَّهُ يَتحدَّثُ عنِ العبادةِ الرَّسميَّةِ للكنيسة، أوِ عنِ اجتماعِ الكنيسة. وقد تَسألُني: لماذا تَعتَقِدُ ذلك؟ انظروا إلى العدد 18. وهذه هي، في الحقيقة، أوَّلُ مَرَّة يتحدَّثُ فيها عنْ قَضايا تَخُصُّ الكنيسة. انظروا إلى ما يَقول: "لأَنِّي أَوَّلاً...". وما مَعنى ذلكَ مَرَّةً أخرى؟ حَرفيًّا، في اللُّغةِ اليونانيَّة: أوَّلاً. وهذا يَعني: إنْ كانتْ هذهِ هي النُّقطةُ الأولى، لم تَكُن هناكَ نُقطة أخرى قبلَها. فإنْ كانَتْ هذهِ هي النُّقطةُ الأولى، لم يَكُن هناكَ أيُّ شيءٍ يَخُصُّ ما سيتحدَّثُ عنهُ. لِذا، "لأَنِّي أَوَّلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ". واسمَحوا لي أن أقولَ لكم إنَّهُ لم يَكُن هناكَ أشخاصٌ اجتَمعوا معًا في الكنيسةِ حَتَّى تلكَ الآية. "لأَنِّي أَوَّلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ، أريدُ مِنكُم أن تُعالِجوا هذه الانشِقاقات". إذًا، قبلَ ذلك، لم يَكُن يَتحدَّثُ عنِ العبادةِ في الكنيسة. وهذا يعني أنَّ النِّساءَ اللَّاتي كانَ يُسمَحُ لَهُنَّ أن يُصَلِّينَ أو يَتنبَّأنَ برؤوسٍ مُغَطَّاة لم يَكُنَّ يَفعلنَ ذلكَ في الكنيسة. فَقد كُنَّ يَفعلنَ ذلكَ في مكانٍ آخر غيرَ ذلكَ المكان المُخَصَّص للعِبادة في الكنيسة. فهو لا يَتحدَّثُ عنِ الكنيسةِ إلَّا في العدد 18. لِذا فإنَّهُ يَتحدَّثُ هُنا بصورةٍ عامَّة. فرُبَّما كانَ ذلكَ يَحدُثُ في شَرِكَة بَيتيَّة، أو رُبَّما في دَرسٍ كِتابيٍّ، أو رُبَّما في اجتماعِ صَلاةٍ، أو رُبَّما حينَ تَجتمعونَ اجتماعًا عائليًّا حولَ المائدة، أو رُبَّما عندما تَجتمعُ بِضْعُ عائلاتٍ معًا. فعندما تَجتمعونُ، أيُّها المُؤمِنونَ، معًا في أيِّ مكان، يجب عليكنَّ أيُّتها النِّساءُ أن تُحافِظْنَ على خُضوعِكِنَّ. ويجب عليكم أيُّها الرِّجالُ أن تُحافِظوا على دورِكُم القياديّ.
ثُمَّ لاحقًا، يَتحدَّثُ بولسُ عنِ الكنيسةِ عندَ اجتماعِ المُؤمِنينَ رَسميًّا. لِذا فإنَّ السَّماحَ للمرأةِ أن تُصَلِّي وأن تَتنبَّأ في العددِ الخامسِ لا يَنْقُضُ ما يَقولُهُ بولسُ في رسالَتِهِ الأولى إلى تيموثاوس. فمنَ المؤكَّدِ أنَّهُ يجب على المرأةِ أن تُصَلِّي. ومِنَ المؤكَّدِ أنَّهُ يجب عليها أن تَتكلَّمَ بكلمةِ اللهِ في كُلِّ فُرصَةٍ سَانِحَةٍ؛ ولكِنْ ليسَ عندما تُلَقَّب بالمُعَلِّمة الرَّسميَّة أو عندما تُصَلِّي باسمِ الكنيسةِ عندما تَجتمعُ معًا للعبادةِ. وبكُلِّ تأكيد، ليسَ عندما تَفعلُ ذلكَ بطريقةٍ مُتَطَفِّلَةٍ على العبادةِ في الكنيسة. وهذه نُقطة مُهمَّة جدًّا. لِذا فإنَّهُ يَقولُ في العددِ الثَّالث عَشَر: "احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ". احكُموا بأنفُسِكُم وَحَسْب. انظروا إلى الرَّمزِ وقَرِّروا. "هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟" وأنتُم تَعلمونَ أنَّكُم في مُجتمعِكُم ستقولونَ: "لا". لِذا، رَاعُوا التَّقاليد. وخُلاصَةُ ما يَقولُهُ هي ما يَلي: "إذا غَطَّتِ المرأةُ شَعرَها حينَ تُصَلِّي أو تَتكلَّمُ بكلمةِ اللهِ، فإنَّها تَشْهَدُ عن أنوثَتِها، وتؤكِّدُ دَورَها، وتَعكِسُ حِمايةَ زوجَها لها. وهي تَحمي علاقَتَها بزوجِها. وهي لا تَتمرَّد. وهي تَعلمُ أنَّ السَّماءَ ستكونُ مَسرورة (كما جاءَ في العددِ العاشِر) حينَ تُشاهِدُ الملائكةُ ذلك. وهي تُقِرُّ بما جاءَ في الأعداد 7 وما يَليه. وهذا مُهِمٌّ جدًّا. فالرَّجُلُ هو صُورةُ مَجْدِ اللهِ. والمرأةُ هي مَجدُ الرَّجُل. وهذه آية تُثيرُ جُنونَ أنصارِ حَركةِ تُحريرِ المرأة. لِذا فإنَّ الرَّجُلَ هُوَ الشَّمسُ (إنْ جازَ التَّعبيرُ)، والمرأةُ هي القَمَرُ الَّذي يَعكِسُ نُورَ الشَّمس.
والرَّجُلُ يُمَثِّلُ هَيمنةَ اللهِ وسيادَتَه. والمرأةُ تُمَثِّلُ الشَّخصَ الَّذي تَتبَعُه. فالمرأةُ هي مَجْدُ الرَّجُل. فقد كانَ بمقدورِ اللهِ أن يَخلِقَهُما معًا. وكانَ بمقدورهِ أن يَقولَ: "رَجُلٌ وامرأة" فَيُخلَقانِ في الحال. وقد كانَ بمقدورِهِ أن يقولَ: "أنتُما مُتساويان. اذهَبا وانظُرا مَن سيَفوز". ولكنَّهُ لم يَفعل ذلك. ولماذا نُريدُ نحنُ أن نُقاوِمَ ذلك؟ فقد أُخِذتِ المرأةُ مِنَ الرَّجُل إذْ نَقرأُ في العدد 8: "لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ". فأنتُم تَتجادلونَ مَنِ الَّذي جاءَ أوَّلاً: الدَّجاجَة أَمِ البيضَة. لقد جاءَ الرَّجُلُ أوَّلاً في هذه الحالة. الرَّجُل. وَالرَّجُلُ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُل. والآن، لماذا لا نُريدُ أن نَقبَلَ هذا؟ اسمَحوا لي أن أقولَ لكم ما هي الفَلسفَةُ مِن وراءِ ذلك. فهي بسيطة جدًّا: لقد خَلَقَ اللهُ كُلَّ الحياةِ البشريَّةِ على أساسِ الكلمةِ الرئيسيَّةِ التَّالية: العَلاقات. حسنًا؟ فكُلُّ شَيءٍ مَبْنِيٌّ على العلاقاتِ والعائلةِ: أيِ الآباءِ والأُمَّهاتِ والأبناءِ، والأزواجِ والزَّوجات. فكُلُّ شخصٍ يَتمتَّعُ بعلاقات. وفي إطارِ عَلاقاتِهم، هناكَ أدوارٌ مُختلِفَة. أليسَ الأمرُ كذلك؟
حسنًا! أمَّا في ثَقافَتِنا ومُجتمعِنا، فإنَّ الكلمة هي ليست "العَلاقات"، بل إنَّ الكلمة هي: "الفَردِيَّة": أُريدُ حُقوقي. وأريدُ أن أفعلَ ما أُريد. إنْ وافَقْتَ حَياتي بعضَ الوقتِ، يُمكِنُكَ أن تَنْضَمَّ إليَّ. ولكِنْ إنْ لم أُحِبَّ ما تَفعل، سأترُكُك. زَواج...طَلاق. زَواج...طَلاق. فكُلُّ شخصٍ يَعيشُ معَ شخصٍ آخر، وَهَلُمَّ جَرَّا. وكُلُّ شخصٍ يَعيشُ لأجلِ نَفسِه. فالعائلةُ مُفَكَّكَة. وأفرادُها هُمْ مُجَرَّدُ أشياءٍ تَعيشُ بعضُها معَ بعض. وفي مُجتمعٍ لا يُقَدِّرُ العلاقاتِ كمفهومِ حَياةٍ، بل يَستعيضُ عنها بالفَردِيَّة، ما الَّذي يَمنَعُ كُلَّ شخصٍ مِنَ التَّمَتُّعِ بحقوقٍ مُتساوية والقيامِ بأدوارٍ مُتساوية. أتَرَوْن؟ إذًا، ما الَّذي يَفعلُهُ الشَّيطانُ لِتَقويضِ دَورِ المرأة؟ إنَّهُ يُهاجِمُ فِكرةَ العائلةِ بأسرِها، ويَهْدِمُها، ويُدَمِّرُها. وإنْ هُدِمَتِ العائلةُ ودُمِّرَتْ، كُلُّ ما يَتَبَقَّى لدينا هو حَفْنَة مِنَ الأفرادِ الَّذينَ يَنظرونَ إلى العالَمِ بأسرِهِ مِن خلالِ أعيُنِهم ولا يَرَوْنَ إلَّا فَردانِيَّتَهُم، ويَصرُخونَ مُطالِبينَ بحقوقِهم. فهذا هو كُلُّ ما يَجري باختصار. ولكِنَّ الكنيسةَ هي كائِنٌ حَيٌّ. والعائلة هي كائِنٌ حَيٌّ. والعلاقاتُ العائليَّةُ تَعْكِسُ في الكنيسةِ نَفسَ هَذا الموقِفِ. والحركةُ النسائيَّةُ هي مُجَرَّدُ فِكرةٍ تَقولُ إنَّ الجِنسَ البشريَّ هو مُجَرَّدُ زُمْرَةٍ مِنَ الأفرادِ المُفَكَّكينَ الَّذي يُطالبونَ جميعًا بحقوقِهمِ الفَرديَّةِ وَحَسْب. وهذه هي كِذبةُ الشَّيطانِ الكُبرى. والآن، أريدُ أن أقولَ لكم أن تكونوا صَادِقينَ. فقد لا تُوافِقونَ بولسَ الرَّأيَ في ما يَقول. وقد لا تُحِبُّونَ ما قالَهُ. ولكنَّهُ قالَ ذلك.
وما قالَهُ واضِحٌ. وقد تقولين: "حسنًا! إذًا، مَتى يُمكنُ للمرأةِ أن تَتنبَّأ؟ في أيِّ وَقتٍ تُريدينَ فيهِ أن تَقولي كلمةَ اللهِ، قوليها. في أيِّ وقتٍ وأيِّ مَكانٍ. ولكِن لا تُحاولي أنْ تُهَيمِني على الكنيسة. ولا تُحاولي أن تَتَعَدَّيْ حُدودًا لَيْسَتْ مَسموحَةً لَكِ. فبمقدورِ المرأةِ أن تَقولَ الحَقَّ. فقد قالَتْ حَنَّة الحَقَّ. وعندما قالت مَريَمُ تَسْبِحَتَها عندَ إعلانِ وِلادةِ المسيحِ فإنَّها نَطَقَتْ بكلمةِ اللهِ. ولا يوجد شخصٌ في التَّاريخ كانَ نَموذَجًا للأنوثَةِ أكثرَ مِنها.
اسمَعوني، أيَّتُها النِّساء: صَلاتي إلى اللهِ هي أن تَنطِقْنَ بالحَقِّ المَرَّةَ تِلوَ المَرَّة طَوالَ حَياتِكُنَّ. وقد تقولينَ: "وماذا عن درسِ الكِتابِ المُقدَّس؟ هل يُمكِنُنا أن نُشارِكَ ما نَتَعَلَّمُه؟" بِكُلِّ تأكيد! بِكُلِّ تأكيد! في البيئةِ المُناسبةِ عندما يُسْمَحُ لكِ بذلك، وعندما يَقولُ لكِ القادَةُ: "أجل، نُريدُ أن نَسمَعَ مِنكِ. شارِكي ما يَفعلَهُ رُوحُ اللهِ، وَسَبِّحي اللهَ". أجل. وقد تَقولين: "وماذا عنِ الصَّلاةِ؟ هل يُمكِنُ للنِّساءِ أن يُصَلِّينَ؟ وماذا إنْ كانَ هُناكَ رِجالٌ؟ هل تستطيعُ المرأةُ أن تُصَلِّي؟" انظروا إلى سِفْرِ أعمالِ الرُّسُل والأصحاحِ الأوَّل. ففي سِفْرِ أعمالِ الرُّسُل والأصحاحِ الأوَّل، نَقرأُ عنِ اجتماعِ صَلاةٍ إذْ نَقرأُ في العدد 13. "وَلَمَّا دَخَلُوا...". فقد كانوا قد رَجَعُوا إلى أُورُشَلِيمَ مِنْ جَبَلِ الزَّيْتُون. "ولَمَّا دَخَلوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ وَتُومَا وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا أَخُو يَعْقُوبَ". فهذه هي المَجموعةُ الَّتي بَقِيَتْ بعدَ مَوتِ يَهوذا؛ أيْ يَهوذا الإسخريوطيّ. فهؤلاءِ هُمَ التَّلاميذُ الباقون. والآن، انظروا إلى العدد 14: "هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى..." ماذا؟ فما الَّذي كانوا يَفعلونَهُ هُناكَ؟ "...الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَة". ثُمَّ لاحِظوا ما جاءَ بعدَ ذلك: "...مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ". إذًا، هل يُمكِن للنِّساءِ أنْ يَجتمعنَ معَ الرِّجالِ وأنْ يَعْقِدوا معًا اجتماعَ صَلاةٍ؟ بكُلِّ تأكيد. وها نَحْنُ نَرى اجتماعَ صَلاةٍ هُنا. وهو يَضُمُّ التَّلاميذَ الأحَدَ عَشَر، والعديدَ مِنَ النِّساءِ بِمَنْ فيهِم مَريم وبعضُ الأشخاصِ الآخرين. والحقيقةُ هي: كم كانَ عددُ الأشخاصِ الموجودينَ في العِليَّة؟ أَلَمْ يَكُن هُناكَ مِئةٌ وعِشرونَ شخصًا؟ وقد كانوا يَعقِدونَ اجتماعَ صَلاة. فهناكَ وقتٌ ومكانٌ مُناسبانِ يُمكِنُ فيهما للنِّساءُ أن يَتَكَلَّمْنَ بكلمةِ اللهِ. وهُناكَ وقتٌ ومكانٌ مُناسبانِ يُمكِنُ فيهما للنِّساءُ أن يُصَلِّينَ. وهُناكَ وقتٌ ومكانٌ مُناسبانِ يُمكِنُ فيهما للنِّساءُ أن يَطْرَحْنَ الأسئلةَ عندما يُسْمَحُ لَهُنَّ بذلك. والنُّقطةُ الجوهريَّةُ في كُلِّ هذهِ الأمورِ هي ما يَلي: ارجِعوا إلى رسالة تيموثاوس الأولى مَرَّة أخرى إذْ إنَّهُ مِنَ الواضح جدًّا ما يَعنيه بقولِهِ: "لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ". فهو يتحدَّثُ عنِ الاجتماعِ الرَّسميِّ للكنيسة. وهو يَعني أنْ يَصْمُتْنَ بِمَعنى: "لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ". وسوفَ أُريكُم في الأسبوعِ القادِم أنَّ العِبارةَ "للمرأةِ أن تُعَلِّم" يَنبغي أن تُتَرْجَمَ حَرفيًّا بِحَسَبِ النَّصِّ اليونانيِّ: "لستُ آذَنُ بوجودِ امرأةٍ مُعَلِّمَة" كوظيفةٍ رَسميَّةٍ مُستمرَّة. فهُناكَ انسجامٌ تامٌّ. ففي العهدِ القديمِ، لم تَكُن توجدُ مَلِكاتٌ، ولا نَبيَّاتٌ، ولا كاهِناتٌ، ولا كاتِباتٌ لأسفارِ الكِتابِ المُقدَّسِ. وفي العهدِ الجديدِ، لا توجدُ نَبِيَّاتٌ بالمَعنى الصَّحيحِ للكلمة "نَبِيّ". ولم تَكُن توجد نِساءٌ مُبَشِّراتٌ، ولا راعِياتٌ مُعَلِّماتٌ، ولا شَيْخاتٌ في الكنيسة، ولا كاتباتٌ لأسفارِ العهدِ الجديد.
لِذا، لماذا نَعتَرِضُ على ذلكَ في حينِ أنَّ الكنيسةَ تَنْتَهِجُ النَّهجَ نَفسَهُ حينَ تَجتمعُ للعبادةِ في الكنيسةِ حيثُ إنَّ تلكَ المسؤوليَّةَ تُوْكَلُ إلى الواعِظِ، والمُعَلِّمِ، والشَّخصِ الَّذي يَتكلَّمُ بكلمةِ اللهِ، ويَقودُ الصَّلاةَ؟ فكما رأينا في العددِ الثَّامِنِ، فإنَّهُ يَقولُ: "فَأُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ". فَهُمُ الأشخاصُ الَّذينَ يَقودونَ الرَّعيَّةَ أمامَ عَرشِ اللهِ. فهذا دَوْرٌ عُهِدَ بِهِ إلى الرِّجال.
وقد تقولين: "لماذا يُعطي اللهُ كُلَّ الأمورِ الجَيِّدة للرِّجالِ ويَترِكُنا نحنُ النِّساءَ جَالسِاتٍ هُنا نَسْتَمِعُ بِصَمت؟" هل تَعرفونَ شيئًا؟ نحنُ نَقومُ بالدَّورِ السَّهل. وقد تقولين: "وأينَ التَّوازُن؟" تَعالوا في الأسبوعِ القادِم. فهو الموضوعُ الَّذي سأتحدَّثُ عنهُ. وقد كُنتُ أريدُ أن أتحدَّثَ عنهُ اليوم، ولكنِّي لم أتمكَّن مِن ذلك. فلم يَكُن بمقدوري أنْ أُسرِعَ أكثر. دَعونا نَحني رُؤوسَنا حَتَّى نُصَلِّي:
يا أبانا، كَم نَشكُرُكَ! كَم نَشكُرُكَ على كَلِمَتِكَ. وَكَم نَشكُرُكَ على وُضوحِها. فنحنُ نَفهمُ ما تَطلُبُهُ مِنَّا بِصِفَتِنا رِجالاً ونِساءً. ساعِدنا يا رَبُّ على ألَّا نَنظُرَ إلى القَذى الَّذي في عينِ الآخرين إلى أنْ نُزيلَ الخَشَبَةَ الَّتي في أعيُنِنا. وساعِدني، بِصِفَتي رَجُلاً، وبقيَّةَ الرِّجالِ في هذه الرَّعيَّة على أَلَّا نَنتَقِدَ النِّساءَ إلَّا بعدَ أن نكونَ الرَّأسَ كما يَنبغي. وساعِدنا على أَلَّا نَنتَقِدَ الآخرينَ إلَّا بعدَ أنْ نَفحَصَ قُلوبَنا. وإنْ كُنَّا رأسَ المرأةِ كما أنَّ المسيحَ هو رأسُنا، وكما أنَّ اللهَ هو رأسُ المسيحِ، ساعِدنا على أن نَتصرَّفَ تَصَرُّفًا يَليقُ بذلك.
ويا أبانا، لَيتَ الرِّجالَ في هذه الكنيسةِ يكونونَ رجالاً كما يَنبغي أن يكونوا، أيْ أنْ يَقوموا بدورِهم في القيادةِ والإرشادِ الرُّوحِيَّيْنِ، وأنْ يَقوموا بمسؤوليَّتهم في إظهارِ الدَّعمِ والاهتمامِ والحُبِّ لزوجاتِهم، وفي حِمايَتِهِنَّ وإنقاذِهِنَّ وتَخليصِهِنَّ مِنَ الأذى والضَّرر، وفي تَوفيرِ التَّشجيعِ والدَّعمِ والقُوَّةِ لَهُنَّ في حَياتِهِنَّ الروحيَّة. ويا رَبُّ، ليتَ النِّساءَ يَكُنَّ نِساءً. وليتَهُنَّ يُظْهِرْنَ كُلَّ نِعمةٍ ومحبَّةٍ وجَمالٍ أُنثويٍّ. ولَيتَهُنَّ يَتمتَّعْنَ بِكُلِّ الامتيازاتِ الروحيَّةِ، والوُعودِ الروحيَّةِ، والبَركاتِ الروحيَّةِ، والتَّعليمِ الروحيِّ. ولَيتَهُنَّ يَكُنَّ في الخُطوطِ الأماميَّة في الصَّلاةِ، وفي الخُطوطِ الأماميَّةِ في التَّكَلُّمِ جَهارًا بكلمةِ الحَقِّ، وفي إدراكِ أنَّهُنَّ حينَ يَقُمْنَ بالدَّورِ اللَّائِقِ بَهُنَّ فإنَّهُنَّ سَيُحَقِّقْنَ ذواتِهِنَّ حَقًّا.
ونَشكُرُكَ لأنَّكَ أعطيتَ الكنيسَةَ مُعَلِّمينَ، أو رِجالاً، رِجالاً أتقياءَ يَستطيعونَ أن يَقِفوا مَكانَ المسيحِ وأنْ يُمَثِّلوهُ حَامِلينَ مَجْدِهِ أمامَ الرَّعيَّة. ونحنُ نُصَلِّي أن نكونَ دائمًا أُمناءَ لذلكَ القَصْدِ كي نَرى أنَّ مَكانَ الرِّجالِ هو في القِيادةِ العَلنيَّةِ للكنيسةِ، وفي التَّعليمِ، وفي الوَعظِ، وفي الصَّلاةِ، وفي صُنْعِ القَراراتِ، وفي مُمارسةِ السُّلطَةِ في الكنيسةِ، وأنَّ دَورَ المرأةِ هو أن تَتعلَّمَ قدرَ استطاعَتِها، وأنْ تُمارِسَ الخُضوعَ التَّامَّ كي يَكُنَّ مُستعدَّاتٍ لتلكَ المَهمَّة الكبيرة والعظيمة الَّتي عُهِدَ بِها إليهِنَّ في البيتِ كما سَنَرى في المَرَّةِ القادمةِ معًا. ويا رَبّ، ليتَ خَليطَ الرِّجالِ الَّذينَ يَقودونَ في الكنيسةِ، والنِّساءِ اللَّاتي يَترُكْنَ تأثيرًا حَياتيًّا قويًّا وعميقًا في البيتِ، ليتَ هذا الخَليطَ يَغْرِسُ بِذرةً تَقِيَّةً لأجلِ تَسبيحِ المُخَلِّصِ وتَمجيدِه، ولأجلِ الأجيالِ القادِمَة.

This article is also available and sold as a booklet.