
بينَ الحينِ والآخر، عندما أقرأُ الصُّحُفَ الصَّادِرَةَ هُنا وهُناك، أَنظرُ حَالاً إلى عَمود "آن لاندرز" (Ann Landers). لا أدري لماذا، ولكِنَّ هذا هو ما يَحدُث! وقد قَرأتُ مُؤخَّرًا ما يَلي في عَمودِها: "عزيزتي آن لاندرز، إنَّ كَلْبَنا مِن نوع ’كَاكَر سبانييل‘ [Cocker Spaniel] واسمُهُ ’رَاغْز‘ [Rags] ماتَ يوم أمس. وقد كانَ عُمرُهُ 15 سنة، وكان الجميعُ يُحِبُّونَهُ. وهُناكَ ما يُذَكِّرُنا بذلكَ الحَيَوانِ الأليفِ العَزيزِ في كُلِّ مَكان: وِعاءُ طَعامِه، ولُعبَتُهُ الصَّغيرة، والكُرَة الَّتي كان يُحِبُّ أن يُطارِدَها. وقد سَألَ ابنُنا الصَّغير ’تيري‘ وَهُوَ في التَّاسِعَة: ’هل راغز في السَّماء؟ وهل سأراهُ حينَ أموت؟ وقد سَألتُ الكَاهِنَ كيفَ أُجيبُ سُؤالَ ابني فقالَ لي أن أقولَ لَهُ: ’كَلاَّ! الحَيَواناتُ لا تَذهبُ إلى السَّماء‘. ولكنِّي أعتقدُ أنَّ هذا الجَوابَ لا يُراعِي مَشاعِرَ طِفلٍ في التَّاسعة. هل يُمكِنُكِ أن تُقَدِّمي لي جَوابًا أفضَل؟ التَّوقيع: سان وان" (San Juan).
"عَزيزتي سان وان، لقد سَألتُ العَديدَ مِنَ الجِهاتٍ المُختصَّة. وأفضلُ جَوابٍ حَصلتُ عليهِ هُوَ جَوابُ ’أندرو ماكينا" [Andrew McKenna]، وهو ليسَ لاهوتِيًّا، ولكنَّهُ نائبُ رَئيسِ مَجلسِ إدارةِ جامعة نوتردام. وقد قالَ: ’أخبروا الطِّفلَ أنَّ السَّماءَ هي أيُّ شَيءٍ يُريدُ أن تَكون. وأكِّدوا لَهُ أنَّهُ سَيرى جَميعَ مَنْ يَرغبُ في رُؤيتهم في السَّماءِ بِمَا في ذلكَ حَيَواناتِهِ الأليفَة‘" [نهايةُ الاقتباس]. السَّماءُ هي أيُّ شَيءٍ تُريدُ أن تَكون. ويُمكنكَ أن ترى جَميعَ مَن تَرغَبَ في رُؤيَتِهم هُناك، بِمَا في ذلكَ حَيَواناتِكَ الأليفة. وسوفَ أقولُ لكم حَقيقةً مُؤكَّدةً وهي أنَّ ذلكَ الرَّجُلَ ليسَ لاهُوتِيًّا. فالسَّماءُ ليست أيَّ شَيءٍ تُريدُ أن تَكون، بل إنَّ السَّماءَ هي تَمامًا كَما خَلَقَها اللهُ.
ونحنُ نَتَأمَّلُ في موضوعِ السَّماءِ، السَّماءِ الحَقيقيَّةِ، السَّماءِ الَّتي أعَدَّها اللهُ لِشَعبِه. وقد طَرَحنا عَددًا مِنَ الأسئلة. فقد طَرحنا السُّؤالَ: ما هي السَّماء؟ وقد حاولنا أن نُجيبَ عن ذلكَ السُّؤال مِنَ الكتابِ المقدَّس. وقد سَألنا: أينَ هِيَ السَّماء؟ وقد حاولنا أن نُجيبَ عن ذلك. ثُمَّ إنَّنا تَحَدَّثنا عن موضوعِ: كيفَ هي السَّماء؟ وقد تَشَوَّقنا جدًّا لرؤيةِ حَقيقةِ ذلكَ المَكان وما يَنْتَظِرُنا فيه.
والآن، أودُّ أن أُتابِعَ الحَديثَ في هذا المَساء وأُجيبَ عن سُؤالٍ آخر. وهُناكَ أسئلة عديدة أخرى سَنَطرَحُها في المُستقبَل، ولكِنْ في هذا المساء، أَوَدُّ أن أُجيبَ عنِ السُّؤال: مَا الهَيئةُ الَّتي سنكونُ عليها في السَّماء؟ مَا الهَيئةُ الَّتي سنكونُ عليها؟ ولِكَي أُقَدِّمَ لكم جوابًا عامًّا (قبلَ أن أَتَعَمَقَّ أكثرَ في التَّفاصيل)، فإنَّ الكتابَ المقدَّسَ يُعَلِّمُ أنَّنا سَنَختبرُ الكَمالَ الأبديَّ للجَسَدِ والنَّفس. فسوفَ نَختبرُ الكَمالَ الأبديَّ للجَسَدِ والنَّفس. بِعبارةٍ أخرى: كَمالَ الإنسانِ كُلِّه. فالسَّماءُ مَكانٌ كاملٌ للأشخاصِ الَّذين سيَصيرونَ كامِلين. وحيثُ إنَّنا، بِوَصفِنا بَشَرًا، نَتألَّفُ مِن إنسانٍ داخِلِيٍّ وإنسانٍ خَارجيٍّ، أيْ مِنْ نَفسٍ وجَسَد، أوْ إنْ شِئتُم: مِن رُوحٍ وجَسَد، سوفَ نَكونُ كَامِلينَ رُوْحًا وَجَسَدًا إلى أبدِ الآبِدين.
وأودُّ أن أتحدَّثَ عن ذلكَ قليلاً في هذا المساء كي تَفهَموا الصُّورة. فالفِكرةُ بأسرِها مِن فِداءِ اللهِ لنا هي أن يَجعَلَنا كِامِلين. والفِكرةُ بأسرِها هي أن يَجعَلَنا في حَالةٍ لائقةٍ يُمكِنُنا فيها أنْ نَسكُنَ إلى الأبدِ في حَضرةِ الله. فهذا هو كُلُّ القَصدِ مِنَ الخَلاص. والخَلاصُ...وأريدُكم أن تَفهموا ما أقول: الخَلاصُ عَمليَّة. فقد جِئْتَ إلى المَسيحِ مِن خلالِ إيمانِكَ وَوُلِدْتَ مِن جَديد. ولكِنَّ ذلكَ يَبتدئُ العَمليَّةَ وَحَسْب لأنَّكَ لم تُكَمَّلْ بعد. لِذا فإنَّ الرَّسولَ بولسَ يَقولُ في رِسالةِ رُومية والأصحاح 13: "فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا". فنحنُ في مَرحلةِ الخَلاص. ونحنُ مُتَّجِهونَ نحوَ أَسْمَى تَعبيرٍ عنِ الخَلاصِ عندما يَجْعَلُنا اللهُ كَامِلين. فعملُ الخَلاصِ ذاكَ قدِ ابتدأَ مِن خِلالِ خَلاصِ نُفوسِنا، وابتدأَ مِن خلالِ تَغييرِ إنسانِنا البَاطِنِ الَّذي نُسَمِّيهِ "الوِلادَة الجَديدة".
ولكِنَّ هذهِ ليستِ النِّهاية، بل هي فقط البِداية. فعندما تُؤمِنُ بيسوعَ المَسيحِ، تَكونُ قَدْ صِرْتَ خَليقةً جَديدة (كَما جاءَ في رِسالةِ كورِنثوس الثَّانية 5: 17). ونَقرأُ في رِسالةِ كُولوسي 2: 10 أنَّكَ صِرْتَ كَامِلاً في المَسيح. ويَقولُ بُطرسُ إنَّكَ قد وُهِبْتَ كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى (رِسالة بُطرس الثَّانية 1: 3 و 4). إذًا أنتَ خَليقةٌ جَديدة، وَأنتَ كَامِلٌ في المَسيحِ، وتَملِكُ كُلَّ مَا هُوَ للحَياةِ والتَّقوى. فَحياةُ اللهِ تَسكُنُ في رُوحِكَ. وأنتَ إنسانٌ جَديدٌ مِنَ الدَّاخِل. فهُناكَ جِدَّةٌ فيكَ.
ولكي تَفهموا ذلك، أقولُ باختصار...وأنا لا أريدُ أن أصرِفَ وقتًا طويلاً لأنَّهُ يُمكِنُكم أن تَستمِعوا إلى سِلسلةِ العِظاتِ عن رُومية 6 و 7، ولكنِّي أريدُ أن أتحدَّثَ عن ذلكَ قليلاً فقط. افتَحوا كِتابَكُم المُقدَّسَ على رُومية 6. وسوفَ نَرَى إنْ كانَ بمقدورِنا أنْ نَبتدئَ في فَهْمِ الهَيئةِ الَّتي ستَكونُ عليها السَّماءُ حَقًّا بالنِّسبةِ إلينا جَميعًا فيما يَختصُّ بكمالِ شَخصيَّاتِنا. والآن، لقد صِرْنا خَليقةً جَديدةً في المَسيح. وقد أُعطينا، بِعبارةٍ أخرى، حَياةً جَديدةً في المَسيح. وقد أُعطينا قَلبًا جَديدًا (كَما يَقولُ الكتابُ المقدَّسُ). وقد أُعطينا رُوحًا جَديدًا. وهذا جُزءٌ مِمَّا يَعنيهِ أن نُولَدَ ثانيةً، وأنْ نَهتَدي، وأنْ نَتَجَدَّدَ، وأنْ نُفْدَى، وأنْ نَصيرَ خَليقةً جَديدةً في المَسيح. وقد صِرنا (كما جاءَ في الأصحاحِ السَّادسِ والعَدد 18) لقد صِرنا عَبيدًا للبِرّ. وقد نِلْنَا حَياةً جديدة. فعِوَضًا عن أن نَكونَ عَبيدًا للخطيَّة، صِرْنا الآنَ عَبيدًا أو خُدَّامًا للبِرّ. وعِوَضًا عن أن نَختَبِرَ (كما جاءَ في العدد 23) أُجرةَ الخَطيَّةِ (وَهِيَ مَوت)، نِلْنا هِبَةَ اللهِ الَّتي هي حَياة أبديَّة. والحقيقةُ هي أنَّ العَددَ 22 يَقول إنَّنا أُعْتِقْنا مِنَ الخَطيَّةِ وَصِرنا عَبيدًا لله. والنَّتيجةُ هي: "القَداسَة". والنَّتيجةُ النِّهائيَّةُ هي: "الحَياةُ الأبديَّة".
وهذهِ كُلُّها طُرُقٌ عَديدةٌ للتَّعبيرِ عن حُدوثِ تَغييرٍ جَذرِيٍّ فينا. فنحنُ لم نَعُد عَبيدًا للخطيَّة، بل عَبيدٌ لله. ونحنُ لم نَعُد عَبيدًا للشَّرِّ، بل عَبيدٌ للبِرّ. ونحنُ لم نَعُد نَخْضَعُ لمبدأ يَقودُ إلى الموتِ، بل نخضَعُ لمبدأ يَقودُ إلى الحَياة. فنحنُ خَليقةٌ جَديدة. وَهُوَ يُبَيِّنُ ذلكَ بوضوحٍ تَامٍّ. والحقيقةُ هي أنَّ الخَليقةَ القَديمةَ قد ماتت. فالخَليقةُ القَديمةُ قد ماتت. فنحنُ نَقرأُ في العَدد 11: "احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتًا عَنِ الْخَطِيَّة". فهُناكَ شَيءٌ ماتَ وشَيءٌ جَديدٌ صَارَ حَيًّا. وهذه هي الحَياةُ الجَديدة. وهذا هو الجُزءُ الَّذي وُلِدَ مِنْ جَديد فيكَ والذي أعادَ اللهُ خَلْقَهُ.
والآن، أوَدُّ أن أُشيرُ إلى الوقتِ الَّذي تَحَدَّثنا فيهِ عن هذا الجُزءِ مِنَ الكتابِ المقدَّسِ وأن أُذَكِّرَكُم وَحَسْب أنَّ المُشكلةَ الَّتي تُواجِهونَها هي أنَّكُم حَصَلتُم على إنسانٍ دَاخِلِيٍّ خُلِقَ مِنْ جَديد وَلكِنَّهُ مَسْجونٌ في الجَسَد. حسنًا؟ مَسْجونٌ في الجَسد. ففي الأصحاحِ السَّابعِ، أرجو أن تُلاحِظوا كيفَ يُشيرُ بولسُ إلى هذه النُّقطة ابتداءً مِنَ العدد 15. فَهُوَ يَقول: "لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ". والسَّببُ في أنَّهُ لا يَعرِفُ ذلكَ هُوَ أنَّهُ في قَلبِهِ، أي في إنسانِهِ البَاطِنِ الجَديد، يُحِبُّ الأشياءَ القَويمةَ، ويَتوقُ إلى الأشياءِ القَويمة. ولكِنَّهُ يَقولُ: هُناكَ شَيءٌ لا أفهَمُهُ "إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ، فَإِنِّي أُصَادِقُ النَّامُوسَ أَنَّهُ حَسَنٌ". فحقيقةُ أنِّي لا أريدُ أن أفعلَ ذلكَ تَعني أنِّي أُقِرُّ بِنَاموسِ الله.
ثُمَّ إنَّهُ يَقولُ في العَدد 17: "فَالآنَ لَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُ ذلِكَ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ". والآن، إليكُم هذا المَبدأ المُهِمّ جدًّا. فبولسُ يَقول: "أنا خَليقة جَديدة. ومَبدأُ الحَياةِ الجَديدة مَوجودٌ فِيَّ. وأنا قدِ ابتدأتُ عَمليَّةَ التَّقديس. وأنا عَبْدٌ للهِ وَعَبْدٌ للبِرِّ، وَمَبدأُ الحَياةِ الجَديدةِ مَوجودٌ فِيَّ؛ ولكِنَّ تلكَ الخَليقةَ ليست حُرَّةً تَمامًا [لاحِظوا ما يَقول] في التَّعبيرِ عن ذاتِها بسببِ وُجودِ مَاذا؟ الخَطيَّة. الخَطيَّة. فأنا مكْبوحٌ. وأنا ضَعيفٌ. وأنا أمتَلِكُ قُدرةً مَحدودةً على العَيشِ بِحَسَبِ نَاموسِ اللهِ الَّذي أُسَرُّ بِهِ، وذلكَ بسببِ الخطيَّة. والآن، لِنُتابِع فِكرَتَهُ في العَدد 18: "فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ شَيءٌ صَالِحٌ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي [مِاذا؟] في جَسَدِي". وهذهِ كلمةٌ مُرادِفَةٌ للطَّبيعةِ البَشريَّة. "في طَبيعَتي البَشريَّة"، أو "في طَبيعَتي الجَسديَّةِ السَّاقِطَة". فَهُوَ لا يَعني فقط جَسَدَهُ، بل حَالَتَهُ السَّاقِطَةَ بأسرِها. فَهُوَ سَاقِطُ الذِّهنِ، وَساقِطُ العَواطِفِ، وسَاقِطُ الإرادَة. لِذا فإنَّهُ يُوْجَدُ هُنا هذا المَبدأُ الحَياتِيُّ الجَديدُ، الحَياةُ الأبديَّةُ، حَياةُ اللهِ في رُوحِ الإنسانِ. فَهِيَ مَوجودةٌ هُنا، ولكِنَّها مَسجونَةٌ في الطَّبيعةِ السَّاقِطَة. هل تَفهمونَ ذلك؟ فهي مَسجونَةٌ في الطَّبيعةِ السَّاقِطَة: في جَسَدٍ سَاقِط، وذِهنٍ سَاقِط، وعَواطِفَ سَاقِطَة، ومَشيئةٍ سَاقِطَة. فالكلمة "جَسَدي" تَعني ما هُو أكثر بكثير مِن مُجَرَّدِ الجِلدِ والعِظامِ والأنسجة. فهي تَعني: "طَبيعَتي البَشريَّة".
لِذا، هذهِ هي النُّقطةُ الَّتي أريدُ منكم أن تَفهموها. اسمعوني يا أحبَّائي: إنَّ نَفسَكَ مَفديَّة. وفي أعماقِ نَفسِكَ أو رُوحِكَ البَشريَّة، غَرَسَ اللهُ حَياةً جَديدةً. فَحَياةُ اللهِ مَوجودةٌ فيكَ في صُورةِ رُوحِهِ السَّاكِنِ فيكَ. ولكِنَّها لا تَستطيعُ أن تُعَبِّرَ تَمامًا [رَكِّزا مَعي] حَتَّى عَمَّا هُوَ مَوجودٌ في نَفسِكَ لأنَّها مُعَوَّقَة بسببِ الخَطيَّة.
وَهُوَ يَقولُ مَرَّةً أخرى في العَدد 19: "لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ، فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ". فأنا أُدرِكُ أنَّهُ ما زَالَ يُوجَدُ ذلكَ المَبدأُ المَوجودُ في طَبيعَتي البَشريَّة. لِذا فإنَّهُ يَقولُ في العَدد 21: "إِذًا أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي". وفي العَدد 22: "فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ اللهِ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. وَلكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي، وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي". فَهُوَ يَقولُ المَرَّةَ تِلوَ الأخرى: "إنَّ تلكَ الطَّبيعةَ البشريَّةَ مَوجودَةٌ في جَسَدي. ومَوجودَةٌ في أعضائي. وَهُوَ يُسَمِّيه في العَدد 24: "جَسَد هَذا المَوت". وَفي العَدد 25: "أَنَا أَخْدِمُ بِالْجَسَدِ نَامُوسَ الْخَطِيَّةِ". فالجَسَدُ...الجَسَدُ، والأعضاءُ البشريَّةُ؛ أيْ أعضاءُ الجِسمِ تُشيرُ إلى طَبيعَتِهِ البَشريَّةِ غيرِ المَفْدِيَّة. حسنًا؟ والآن، احْتَفِظوا وَحَسْب بهذهِ الفِكرةِ في أذهانِكُم.
فقد وَضَعَ اللهُ الخَليقةَ الجَديدةَ فيكَ. وَحُلولُ الرُّوحِ القُدُسِ كَامِلٌ. وَالتَّغييرُ قد حَدَث. وأشواقُ الرُّوحِ القُدُسِ هي أشواقُكَ الآن. وأنت تُحِبُّ البِرَّ، وتُحِبُّ الصَّلاحَ، وتُحِبُّ الحَقَّ، وتُحِبُّ العَدالَةَ، وتُحِبُّ اللهَ، وتُحِبُّ الكتابَ المقدَّس. ولكِنَّ كُلَّ ذلكَ مَكبوحٌ لأنَّ نَفسَكَ وجَسَدَكَ مَا زَالا يُصارِعانِ هذهِ الحَالةِ السَّاقطةِ الَّتي تَسكُنُ فيها الخَطيَّة. والآن، أنا أُقِرُّ بأنَّ سُلطانَ الخَطيَّةِ في حَياتِكَ قد كُسِر، وأنَّ هَيمنةَ الخَطيَّةِ قد كُسِرَت، ولكِنَّ حُضورَ الخطيَّةِ لم يُستأصَل. أليسَ كذلك؟ والحقيقةُ هي أنَّنا نَقرأُ في رسالةِ يُوحَنَّا الأولى إنَّهُ إن قالَ أحدٌ إنَّهُ لا يُخطئُ فإنَّهُ ماذا؟ فإنَّهُ كَاذِبٌ. لِذا، في الجُزءِ الأعمَقِ (وأنا لا أفهَمُ السِّرَّ في هذا الأمر)؛ ولكِنْ في الجُزءِ الأعمَقِ مِن نَفسِكَ الأبديَّة، غَرَسَ اللهُ بِذرةَ الحياةِ الأبديَّةِ الَّتي لا تَفسَد. وأنتَ تَمتَلِكُ قُدرةً جَديدةً على القيامِ بما هُوَ صَواب. وأنتَ تَمتَلِكُ قَلبًا جَديدًا وَروحًا جَديدًا. وكُلُّ ذلكَ [رَكِّزوا مَعي] هُوَ دُفْعَةٌ تَحتَ الحِساب، أو دُفعةٌ أولى مِنْ مِلْءِ ما سَتَحصلونَ عليهِ في المُستقبَل. ولكِنَّ تلكَ الخَليقةَ الجَديدةَ، وذلكَ القَلبَ الجَديدَ، وذلكَ المَبدأَ الجَديدَ، وذلكَ الرُّوحَ الجَديدَ، وتلكَ الحياةَ الجَديدةَ مَسجونَةٌ في الجَسد. فهي مُحاصَرَةٌ في الجَسد. وإذْ تَسْعى إلى إخضاعِ النَّفسِ والجسدِ إلى مَعاييرِ اللهِ البَارَّةِ فإنَّها تَخوضُ حَربًا حَقيقيَّةً مِنْ جِهَتِها لأنَّها تُحارِبُ ضِّدَّ طَبيعَتِنا السَّاقطة. فَبِذرةُ الكَمالِ الأبديِّ مَوجودة. وَبِذرةُ الحياةِ الأبديَّةِ الَّتي لا فَسادَ فيها مَوجودة. فهي مَغروسة [رَكِّزوا مَعي] ولكِنَّها لم تُزهِرْ تَمامًا بَعد. لِذا فإنَّنا نَتوقُ إلى اليومِ الَّذي يَتَحَقَّقُ فيهِ ذلكَ الكَمال. ونحنُ نَتوقُ إلى الحَالَةِ الَّتي سَنصيرُ إليها.
انظُروا إلى الأصحاحِ الثَّامِنِ والعَدد 23. فبولسُ يُتابِعُ الفِكرةَ نَفسَها في الأصحاحِ الثَّامِنِ فيقول: "بَلْ نَحْنُ..." [العِبارةُ الثَّانيةُ] "بل نحنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ"؛ أيْ بعدَ أنْ حَصَلْنا على الدُّفعةِ الأولى، وبعدَ أن حَصَلنا على القِسْطِ الأوَّلِ، وبعدَ أنْ حَصَلْنا على قَلبٍ جَديد، وحَياةٍ جَديدة، ومَبدإٍ جديد، ورُوحٍ جَديدٍ فينا...بعدَ أنْ ذُقْنا ذلكَ: "نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا". وما الَّذي نَئِنُّ لأجلِهِ؟ "مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا". بِعبارةٍ أخرى، لقد تَذَوَّقْنا طَعْمَ النَّفسِ المَفديَّةِ ونُريدُ أن نَحصُلَ على فِداءِ كُلِّ كِيانِنا. هل تَفهمونَ ذلك؟ لِذا، نحنُ نَعيشُ على الرَّجاء. نَعيشُ على الرَّجاءِ وَنَئِنُّ بانتظارِ الحَالَةِ الَّتي سَنَصيرُ إليها.
لقد شَلَّتِ الخَطيَّةُ نَفْسَنا. وقد لَطَّخَتْ رُوْحَنا. وقد شَوَّهَتْ قُوَى الفِكرِ والإرادَةِ والمَشاعِر. لِذا، نحنُ نَتوقُ إلى اليومِ الَّذي سَتُزهِرُ فيهِ تلكَ البِذرةُ الأبديَّةُ تَمامًا ونُفْدَى فيهِ مِن أعلى الرَّأسِ إلى أخمَصِ القَدَم، وَمِنَ الخَارِجِ إلى الدَّاخِل. وسوفَ يأتي ذلكَ الوقتُ (ويا لَها مِن فِكرةٍ رائعةٍ) الَّذي سَيَقومُ فيهِ اللهُ نَفسُهُ (بِعَينيهِ الفَاحِصَتَيْنِ اللَّتانِ تُمَيِّزانِ كُلَّ شَيءٍ في الوُجودِ) بِفَحصِكَ وَفَحْصي بتلكَ العَينينِ الثَّاقِبَتَيْنِ الفَاحِصَتَيْنِ، ويَصِلُ إلى أصغَرِ جُزءٍ مِن كِيانِنا دُوْنَ أنْ يَجِدَ فينا أيَّ أَثَرٍ للخطيَّة. ألَنْ يَكونَ ذلكَ أمرًا رائعًا؟ ولكِنَّ هذا هو ما سَيَحدُث. فاللهُ سيَنظُرُ إلينا مِن كُلِّ زَاويةٍ مُنفردةٍ في كِيانِنا ويَرانا قِدِّيسينَ وأبرارَ بِصورةِ مُطلَقَةٍ وتَامَّةٍ وأبديَّة، وبِلا عَيب.
إذًا، السَّماءُ هي مَكانُ الكَمالِ...الكَمالِ الأبديِّ للنَّفسِ والجَسد. فسوفَ نَتَخَلَّصُ مِن كُلِّ سُقوطِنا. وسوفَ نَأتي إلى الكَمالِ الَّذي خَطَّطَ لَهُ اللهُ. وسوفَ نَدخُلُ السَّماءَ كَامِلين. والحقيقةُ، يا أصدقائي الأعِزَّاء، هي أنَّهُ لن يَدخُلَ أحدٌ السَّماءَ ما لم يَكُن كَامِلاً تَمامًا. فلن يَذهبَ أحدٌ إلى هُناكَ كي يُقيمَ وَيَسكُنَ مَا لم يَكُن كَامِلاً تَمامًا. ونحنُ نَقرأُ في سِفْر الرُّؤيا 6: 11: "فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا" (والحَديثُ هُنا هُوَ عَنِ الشُّهداءِ) "وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ". والثِّيابُ البَيضاءُ هِيَ رَمْزٌ لِكَمالِهم المُطلَقِ والتَّامِّ. والثِّيابُ البَيضاءُ هي رَمْزٌ لِقداسَتِهم وطَهارَتِهم. فَهُمْ يَلبسونَ ثِيابًا بِحَسَبِ ما تُعَبِّرُ عَنهُم طَبيعَتُهم الجديدةُ تَعبيرًا كَامِلاً.
وفي سِفْر الرُّؤيا 7: 14، نَقرأُ أنَّ أولئكَ الَّذينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ قَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوف. ومَرَّةً أخرى، فإنَّ التَّركيزَ يَنْصَبُّ هُناكَ على البَياضِ، وعلى التَّطهيرِ، وعلى كَمالِ القِدِّيسينَ الَّذينَ يَدخُلونَ إلى سَماءِ السَّماواتِ حيثُ يَسكُنُ اللهُ مَعَ الأشخاصِ الكَامِلين...مَعَ الأشخاصِ الكَامِلين.
والآن، اسمَعوني: نحنُ مَا زِلنا بِحاجَةٍ إلى نَفْسٍ مُكَمَّلَة. وتُوجَدُ في نُفوسِنا، في إنسانِنا البَاطِنِ، بِذرةُ الكَمال. ولكِنَّ النَّفسَ أوِ الإنسانَ الباطِنَ بأسرِه لم يَتَكَمَّلْ بعد. اسمَعوني: ليسَ جَسدي وَحدُهُ الَّذي يُخطي، بل أيضًا عَقلي، وأفكاري، وإرادَتي، وعَواطِفي. فَنَفسي لم تُكَمَّلْ بعد. ولكِنْ في اللَّحظةِ الَّتي يَموتُ فيها المُؤمِنُ، فإنَّ نَفسَ ذلكَ المُؤمِن تَدخُلُ حَالاً إلى حَضرةِ اللهِ. وَهِي تُكَمَّلُ حَالاً وتَصيرُ مُقَدَّسَةً. فالجسدُ يَذهبُ إلى القَبرِ، والنَّفسُ تَذهبُ حَالاً إلى السَّماء. فهكذا يَتِمُّ الأمر. نَتَغَرَّبُ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنُ عِنْدَ الرَّبِّ. فَمِنَ الأفضل جدًّا أن نَنطلقَ ونَكونَ مَعَ المَسيح (كَما تَقولُ رِسالة فيلبِّي 1: 23). فبولس يَقول: "أنا لستُ هُنا، بل أنا مَعَ المَسيح". لِذا، عندما يَموتُ المُؤمِنُ فإنَّ تلكَ الرُّوحَ (الَّتي لم تُكَمَّل بعد) تُكَمَّلُ حَالاً في حَضرةِ الله. والجسدُ يَذهبُ إلى القَبر. إذًا، أوَّلُ شَيءٍ يَنبغي أن تَعرِفوهُ هو أنَّنا نَذهبُ إلى السَّماءِ مِن دونِ جَسَد. حسنًا؟ فالمُؤمِنونَ يَذهبونَ إلى السَّماءِ مِن دونِ جَسد. والحقيقةُ هي أنَهُ فيما يَخُصُّ كَنيسةَ يَسوعَ المَسيحِ فإنَّ جَميعَ الأجسادِ ما تَزالُ على الأرض. فجَميعُ القِدِّيسينَ الَّذينَ مَاتوا، والذين يُوجَدونَ الآنَ في السَّماءِ هُمْ في السَّماءِ بأرواحِهم فقط أو بِنُفوسِهم فقط مِن دونِ أجسادِهم. وهذا واضِحٌ بالنِّسبةِ إلينا. وإنْ لم يَكُن هذا واضحًا في أماكِن أخرى، مِنَ المؤكَّدِ أنَّهُ مُوَضَّحٌ لنا في الرِّسالةِ إلى العِبرانِيِّين 12: 22 إذْ نَقرأُ: "بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ" [ثُمَّ استَمِعوا إلى هذا]: "وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ". فحينَ تَذهبونَ إلى السَّماءِ فإنَّكُم تَذهبونَ إلى المَكانِ الَّذي تُوجَدُ فيهِ الكَنيسة. "وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ". والآن، استَمِعوا إلى ما يَلي: "وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ". فَمَا هُوَ مَوجودٌ في السَّماءِ الآنَ هُوَ أرواحٌ مُكَمَّلَة. وقد تَقول؟ "وأينَ هي الأجسادُ؟" في القَبر... في دَرَجاتٍ مُتَفاوِتَةٍ مِنَ التَّحَلُّل.
أمَّا الآن فَلنطرَح السُّؤالَ التَّالي. حسنًا، نحنُ نَذهبُ إلى السَّماءِ كَأرواح أوَّلاً. فإنْ مُتُّ اليومَ فإنَّ نَفسي سَتذهبُ إلى السَّماء. أمَّا جَسَدي فسيَذهبُ إلى مَقبرَة "فوريست لون" (Forest Lawn) على الأرجَح. فَنَفسي أو رُوحي (وَهُما شَيءٌ واحِدٌ) سَتكونُ معَ الرَّبّ. والآن، كيفَ ستكونُ نَفسي المُكَمَّلَة؟ الشَّيءُ الوحيدُ الَّذي يُمكنُني أن أقولَهُ لَكُم هو أنَّ اللهَ يَستطيعُ أن يَفحَصَ نَفسي المُكَمَّلَةَ كُلَّها حَتَّى العُمْق دُوْنَ أنْ يَجِدَ فيها أيَّ عَيْبٍ أو خَطيَّةٍ على الإطلاق. فسوفَ أكونُ كَامِلاً تَمامًا. وأنا لا أعرفُ أيَّ طَريقةٍ أخرى لِشَرحِ ذلك. لِذا، كُلُّ ما يُمكِنُني قَولُهُ عن ذلكَ هو أنَّ الكَمالَ الَّذي نَنتظِرُهُ ونَتَرَقَّبُهُ ونَختَبِرُهُ عندما تَذهبُ نُفوسُنا لتكونَ مَعَ الرَّبِّ هُوَ ذلك. إنَّهُ التَّحَرُّرُ التَّامُّ مِن كُلِّ شَرٍّ إلى الأبد. تَخَيَّلوا ذلك. تَخَيَّلوا ذلك. فلا تُوجَدُ فِكرةٌ شِرِّيرة، ولا تُوجَد فِكرةٌ أنانيَّة، ولا تُوجَد كَلِمَةٌ شِرِّيرة، ولا تُوجَد كَلِمَةٌ عَديمةُ المَعنى، ولا يُوجَد عَمَلٌ فَظٌّ، بل كَمالٌ أبدِيٌّ مُطلَقٌ. وَالنَّفسُ لن تَتَدَنَّسِ البَتَّة، ولن تَتَنَجَّسَ البَتَّة، ولن يَكونَ فيها عَيْبٌ البَتَّة، ولن تَفعلَ أيَّ شَيءٍ سِوى الأشياءِ البَارَّةِ والمُقَدَّسَةِ والكَامِلَةِ قُدَّامَ الله. فهل تَتخيَّل نَفسَكَ تَتصرَّفُ بهذهِ الطَّريقةِ العَجيبة؟ فأنا أَجِدُ ذلكَ أمرًا يَصعُبُ تَصديقُهُ تقريبًا. فلا يُوجَدُ أيُّ عَيبٍ...البَتَّة!
وعندَما يَصِلُ سِفْرُ الرُّؤيا إلى نِهايَتِهِ فإنَّهُ يُوَضِّحُ تَمامًا في الأصحاحِ الحادي والعِشرين والعَدد 27 قَائلاً: "وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا". فَلا يُمكِنُ لأيِّ شَخصٍ فيهِ أيِّ دَنَسٍ أنْ يَدخُلَ إلى المَدينةِ السَّماويَّةِ، أو إلى مَسْكَنِ اللهِ، أو إلى سَماءِ السَّماوات. ونَقرأُ في الأصحاحِ الثَّاني والعِشرينَ أيضًا نَفسَ المَعلومَة إذْ نَقرأُ في العَدد 14: "طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا". فَلن يُوجَدَ فيها أيُّ شخصٍ ليسَ كَامِلاً. "وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ". فَكِّروا في ذلك. لن تُوجَدَ خَطِيَّة، وَلا مُعاناة، ولا حُزن، ولا ألم. وهل تُريدونَ أن تَعلَموا شَيئًا؟ لن تَشُكُّوا في اللهِ بأيِّ طَريقة. فلن يكونَ هُناكَ أيُّ شُكوكٍ هُناك. ولن يَكونَ هُناكَ أيُّ خَوفٍ مِن سُخْطِ اللهِ لأنَّ اللهَ لن يَسْخَطَ لأنَّكُم لن تَفعلوا أيَّ شَيءٍ يُثيرُ سُخْطَهُ.
ولن تَأتيكَ التَّجارِبُ بعدَ ذلك. فالشَّيطانُ لن يَكونَ مَوجودًا هُناكَ. والعالَمُ لن يَكونَ هُناكَ. والجَسَدُ لن يَكونَ هُناكَ. ولن يكونَ هُناكَ اضطهاد. ولن يُسيءَ أحَدٌ مُعامَلَتَك. ولن يَكونَ هُناكَ انقسام. ولن يكونَ هناكَ نِزاعٌ، أو خِلافٌ، أو فُرْقَة، أو كَراهِيَة. ولن تَكونَ هُناكَ مُخاصَماتٌ هُناكَ، ولا شِجاراتٌ، ولا مُجادَلاتٌ، ولا اختلافاتٌ في الرَّأي. فكُلُّ شخصٍ سيكونُ كامِلاً. وكُلُّ شخصٍ في السَّماءِ سَيَقبَلُ التَّعليمَ الَّذي عَلَّمْتَهُ طَوالَ كُلِّ هذهِ السِّنين. ولن تَكونَ هُناكَ خَيْباتُ أَمَل. ولن يكونَ هُناكَ غَضب. ولن يكونَ هُناكَ جُهْدٌ. ولن يكونَ هُناكَ صَوْمٌ لأنَّهُ لن يكونَ هناكَ شَيءٌ تَصومُ عنهُ أو تَصومُ مِن أجلِه. ولن تكونَ هُناكَ تَوبة لأنَّهُ لن يكونَ هُناكَ شَيءٌ تَتوبُ عنه. ولن يكونَ هُناكَ اعترافٌ بالخطيَّة لأنَّهُ لن تكونَ هُناكَ خَطيَّة تَعتَرِف بِها. ولن يكونَ هُناكَ بُكاءٌ لأنَّهُ لن يكونَ هُناكَ شَيءٌ يَجعَلُكَ حَزينًا. ولن يَكونَ هُناكَ حَذَرٌ لأنَّهُ لن يكونَ هُناكَ خَطرٌ أو تَجرِبَةٌ أو مِحنَةٌ مِن أيِّ نَوع. ولن يَكونَ هُناكَ مَزيدٌ مِنَ التَّعليمِ أو مَزيدٌ مِنَ الوَعظِ أو مَزيدٌ مِنَ التَّعَلُّم. ولن تَكونَ هُناكَ كِرازَة. ولن تَكونَ هُناكَ شَهادَة. بل سيكونُ هُناكَ شِبَعُ سُرُورٍ في حَضرَتِك. وسيكونُ هُناكَ فَرَحٌ. والمَزمورُ السَّادِس عَشَر يَتحدَّثُ عن ذلك. وسوفَ تكونُ هناكَ مَعرفة تَامَّة. فسوفَ نَعْرِفُ كَما عُرِفْنا. سوفَ نَعْرِفُ كَما عُرِفْنا. فنحنُ مَعروفونَ تَمامًا. وسوفَ نَعرِفُ تَمامًا. وسوفَ تكونُ هُناكَ رَاحَة تَامَّة. فسوفَ تَتمتَّعونَ بِقِمَّةِ الرَّاحَةِ في كُلِّ لَحظةٍ طَوالَ الأبديَّة. فلن تَشعروا بلحظةٍ واحدةٍ مِن عدمِ الرَّاحة. أليسَ الأمرُ مُدهشًا؟ وهُناكَ زَوجاتٌ يَقُلْنَ: "أنتَ لا تَعرِفُ زَوجي". ولكِنَّهُ لن يَشعُرَ بالانزعاج.
ونَقرأُ في إنجيل لوقا 16: 25: "يَا ابْنِي، اذْكُرْ أَنَّكَ...فِي حَيَاتِكَ [وإبراهيمُ هُوَ المُتَحَدِّثُ هُنا] "...اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ، وَكَذلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ". فَجَهَنَّمُ هي العَذابُ، والسَّماءُ هي الرَّاحةُ الأبديَّةُ، والمَحبَّةُ الكاملة: "أَمَّا الآنَ فَتَثْبُتُ المَحَبَّةُ...أَعْظَمَهُنَّ" (كما جاءَ في رِسالةِ كورِنثوسَ الأولى 13: 13). فسوفَ تُحِبُّونَ مَحبَّةً كاملة، وتُحَبُّونَ مَحبَّةً كاملة. فسوفَ تُحِبُّونَ الجميعَ مَحبَّةً كاملة. والجميعُ سيُحِبُّوكُم مَحبَّةً كامِلة. فسوفَ تُحِبُّونَ اللهَ مَحَبَّةً كَامِلَةً كَما يُحِبُّكُم هُوَ مَحَبَّة كَامِلَة. وسوفَ تُحِبُّونَ كما أحَبَّ يَسوع. فنحنُ نَقرأُ في إنجيل يُوحَنَّا 13: 1 أنَّهُ "أَحَبَّ خَاصَّتَهُ إِلَى الْمُنْتَهَى". وهكذا تَمامًا سَتُحِبُّون. فسوفَ تُحَبُّونَ مِنَ الله. وسوفَ يَقبَلُ اللهُ نُفوسَكُم. فالمحبَّةُ الَّتي احتَمَلَتِ التَّعَبَ والجُوعَ والتَّجربة والاستِهزاءَ والكَراهِيَةَ والجَلْدَ والبَصْقَ؛ وتلكَ المَحبَّةُ الَّتي احْتَمَلَتِ اللَّطْمَ والصَّلْبَ والطَّعْنَ؛ وتلكَ المَحبَّةُ الَّتي احتَمَلَتِ البُكاءَ والنَّزْفَ والعَرَقَ والمَوتَ؛ تلكَ المَحبَّةُ الَّتي أَظْهَرَها لَكَ سَتَقبَلُكَ إلى الأبد، وستَقبَلُها أنتَ إلى الأبد. وسوفَ نُغمَرُ جَميعًا بالمحبَّةِ الأبديَّة.
وَالنَّتيجةُ النِّهائيَّةُ لهذا كُلِّهِ هي: الفَرَحُ الكَامِل. ويُمكنُنا أن نَقولَ [ببساطَة] إنَّ السَّماءَ هي مَكانُ فَرَحٍ لا تَشوبُهُ شَائِبَةٌ ولا نِهايَةَ لَهُ. مَكانُ فَرَحٍ لا تَشوبُهُ شَائِبَةٌ ولا نِهايَةَ لَهُ. فأيًّا كانَ الفَرَحُ الموجودُ في هذهِ الحياةِ فإنَّهُ مُمْتَزِجٌ بالحُزن. أليسَ كذلك؟ فأنتَ تَفرَحُ قَليلاً ولكنَّكَ لا تَستطيعُ أن تَتمتَّعَ بهِ تَمامًا لأنَّ هُناكَ مَشاكل أخرى كثيرة جدًّا. فالفَرَحٌ تَشوبُهُ الشَّوائِبُ في هذهِ الحَياة. فَهُوَ، في أفضلِ الأحوال، يَختَلِطُ بالحُزنِ، والأسَى، والإحباطِ، وَخَيبةِ الأملِ، والقلقِ، والخَوفِ، والتَّرَقُّب. فحَتَّى لو لم تَكُن هُناكَ مَشاكِلُ الآن، لا يُمكنُني أن أكونَ فَرِحًا جدًّا لأنَّ كُلَّ يَومٍ يَحْمِلُ في ثَناياه مَزيدًا مِنَ المَشاكِل. ولا يُمكِنُكَ أن تَستمتِعَ باليومِ بسببِ ما قد يُخَبِّئُهُ يومُ غَدٍ. فَكُلُّ أفراحِنا مُلَوَّثة بالخطيَّة. وكُلُّ أفراحِنا مُلَوَّثَة أو مَشُوْبَة بالحُزن. وكُلُّ أفراحِنا مُلَوَّثةٌ وَمَشوبَةٌ بالأسَى. وهذهِ الحَياةُ هي نَوْحٌ، وَنَوْحٌ، وَنَوْحٌ، ومَزيدًا مِنَ النَّوْحِ والبُكاءِ حينَ نَنظُرُ إلى ما يَحدُثُ حَقًّا. ولكِنْ عندما تَذهبونَ إلى السَّماءِ سيكونُ هُناكَ فَرَحٌ، وفَرَحٌ، وفَرَحٌ. فَرَحٌ لا تَشُوبُهُ شَائِبَة. انظروا إلى إنجيل مَتَّى والأصحاح 25. وأنا أُخبِرُكُمْ وَحَسْب كيفَ ستكونُ رُوحُكُم في الأعلى. وَالأمرُ كُلُّهُ يَتلخَّصُ في هذا الفَرَحِ الَّذي لا تَشوبُهُ شَائِبَةٌ وَلا نِهايَةَ لَهُ. ففي إنجيل مَتَّى والأصحاح 25، هل تَذكرونَ المَثَلَ الَّذي قَالَهُ رَبُّنا؟
"وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ [في العَدد 14 مِن إنجيل مَتَّى والأصحاح 25] وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ". وهَذا يُشيرُ إلى الامتيازاتِ الرُّوحِيَّة. فهُناكَ أشخاصٌ يَستخدِمونَ امتيازاتِهم الروحيَّةَ ويَنالونَ بَرَكَةً. وهُناكَ أشخاصٌ يأخُذونَ اميتازاتِهم الروحيَّةَ ويُهدِرونَها. "وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ". وفي العَدد 20: "فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى [أيْن] إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ". فهكذا ستكونُ الحَالُ في السَّماءِ. فسوفَ أُقيمُكَ على الكَثير. ادخُل إلى فَرَحِ سَيِّدِك. فسوفَ تَفرَحُ فَرَحًا لا تَشُوْبُهُ شَائِبَة في السَّماء. وسوفَ تَدخُلُ إلى فَرَحِ الرَّبِّ. وسوفَ يُقيمُكَ أيضًا على أشياء كَثيرة. وسوفَ نَتحدَّثُ عن ذلكَ في دراسَتِنا القادِمَة. والشَّخصُ الَّذي أخذَ وَزْنَتَيْنِ لم تَكُن امتيازاتُهُ الرُّوحِيَّةُ كَثيرةً مِثلَ الامتيازاتِ الروحيَّةَ الَّتي حَصَلَ عليها الأوَّل، ولكِنَّهُ أَخَذَها واستخدَمَها استخدامًا نَافِعًا. والسَّيِّدُ يَقولُ لَهُ في العَدد 23: "نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ". ولَعَلَّكُم تَذكرونَ ما حَدَثَ لِذاكَ الَّذي لم يَفعل شَيئًا بامتيازِهِ الرُّوحِيِّ. فقد أخذَ السَّيِّدُ الوَزْنَةَ مِنْهُ. وعِوَضًا عن أن يَكونَ في مَكانِ الفَرَحِ، نَقرأُ في العدد 30 أنَّ سَيِّدَهُ قالَ: "وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ [لن يَكونَ هُناكَ فَرَحٌ، بل] يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ".
إذًا، السَّماءُ مَكانُ فَرَح...مَكانُ فَرَح. فالسِّمَةُ السَّائِدَةُ للسَّماءِ هي الفَرح. وَهُوَ فَرَحٌ نَابِعٌ مِن كُلِّ الأشياءِ الرَّائعةِ الَّتي ذَكَرْتُها لَكُم. فَرَح. وأيُّ فَرَحٍ تَشعرونَ بهِ الآنَ هُوَ مُجَرَّدُ نَموذَجٍ صَغيرٍ للفَرَحِ الَّذي يَنتظِرُكم. فالسَّماءُ تُعَرَّفُ حَقًّا بأنقى وأبسطِ أشكالِها بأنَّها مَكانُ فَرَحٍ لا تَشوبُهُ شَائِبَةٌ وَلا نِهايَةَ لَهُ.
والآن، لماذا نَقولُ إنَّهُ فَرَحٌ لا نِهايَةَ لَهُ؟ لا بُدَّ أنْ يَكونَ بِلا نِهايةَ لأنَّ الأحوالَ الَّتي تُتيحُ لنا أنْ نَتمتَّعَ بفرحٍ لا تَشوبُهُ شَائِبَةٌ لن تَتغيَّر. هل فَهِمتُم ذلك؟ فحيثُ إنَّ أحوالَ السَّماءِ لن تَتغيَّرَ يَومًا، أيًّا كانَ الشَّيءُ الَّذي يُنشِئُ فَرَحًا في الأصلِ سَيُنشِئُ فَرَحًا إلى أبدِ الآبِدينَ وَدَهْرِ الدَّاهِرينَ لأنَّ تلكَ الأحوالَ لن تَتغيَّر يَومًا. فالكَمالُ السَّماوِيُّ لن يَتغيَّرَ يومًا. لن يَتغيَّرَ يَومًا. أمَّا جَهَنَّمُ فعلى النَّقيضِ تَمامًا (بالمُناسَبة). فَجَهَنَّمُ مَكانٌ مِنَ الألمِ الَّذي لا تَشوبُهُ شَائِبَةٌ والعَذابِ الَّذي لا يَنتهي. ففي السَّماءِ، هُناكَ حَياةٌ أبديَّةٌ تَتَّسِمُ بإشباعِ كُلِّ أشواقِ النَّفسِ المَفديَّة. لِذا فإنَّها مَكانٌ تَتَكَمَّلُ فيهِ الرُّوحُ والنَّفسُ إلى الأبد.
ولكن اسمَحوا لي أن أَخْطُو خُطوةً أخرى. فنحنُ لم نُخْلَق لنكونَ أرواحًا بِلا أجسادٍ تَحُوْمُ هُنا وهُناكَ في هَيئةٍ رُوحيَّة. صَحيحٌ أنَّنا نَستطيعُ أن نَعمَلَ خَارِجَ الجَسَد. فيُمكِنُني أن أتَّصِلَ بشخصٍ ما على الهَاتِفِ وأن أتحدَّثَ إليه. فأنا لا أدري ما الَّذي يَفعلُهُ جَسَدُهُ، ولكنِّي ما زِلتُ أستطيعُ أن أُخاطِبَهُ. ويُمكِنُني أن أَتَسَلَّمَ رِسالةً مِن شخصٍ مَا وأنْ أتَواصَلَ مَعَ رُوحِهِ، أو إنسانِهِ الباطِنِ، مِن دونِ أيِّ تَلامُسٍ مَعَ جَسَدِه. فيُمكِنُنا أن نَتواصَل. واللهُ يَقدِرُ أن يُميتَ أجسادَنا كَما يَفعَل، وأنْ يَضَعَنا في السَّماءِ كأرواح. ويُمكِنُنا أن نَبقى كِيانًا رُوحِيًّا كما أنَّ اللهَ كِيانٌ رُوحِيٌّ. ولكِنَّهُ لم يَخْلِقْنا لنكونَ هَكذا. فعندما خَلَقَ اللهُ الإنسانَ جَعَلَهُ نَفْسًا وجَسدًا. فقد خَلَقَهَ إنسانًا دَاخِليًّا وإنسانًا خَارِجِيًّا. وعندما يُكَمِّلُهُ فإنَّهُ سَيُكَمِّلُهُ كإنسانٍ دَاخلِيٍّ وإنسانٍ خَارجِيٍّ أيضًا. فاللهُ خَلَقَنا لنكونَ جَسَدًا ونَفسًا. وخَلْقُ سَماءٍ جَديدةٍ وأرضٍ جَديدةٍ حَقيقيَّة يَقتَضِي أنْ نَملِكَ أجسادًا قادرة على المَشيِ على أرضٍ حَقيقيَّة. إذًا، الأرضُ الجَديدةُ تَتطلَّبُ مِنْ سُكَّانِها أن يَملِكوا أجسادًا حَقيقيَّة.
والمَوتُ [رَكِّزوا في ما سأقول]: المَوتُ يَعني الانفصال. فالأجسادُ تَذهبُ إلى القَبرِ، والرُّوحُ تَذهبُ لتكونَ معَ الرَّبِّ. وكم ستَدومُ هذهِ الحالَة؟ فقط إلى أنْ تَحدُثَ القِيامَة. فقد قالَ يَسوعُ في إنجيل يُوحَنَّا والأصحاحِ الخامِسِ إنَّ الجَميعَ سيَقومونَ مِنَ الأموات...الجَميع. فنحنُ نَقرأُ في إنجيل يُوحَنَّا والأصحاحِ الخَامِسِ: "لاَ تَتَعَجَّبُوا [في العَدد 28] مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَة". والآن، أَلا لاحَظتُم الآتي: في الوقتِ الحَاضِر، الأشخاصُ المُؤمِنونَ الَّذينَ مَاتوا هُمْ في السَّماءِ بالرُّوح. وفي الوقتِ الحاضِر، الأشخاصُ غيرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ مَاتوا هُمْ في جَهَنَّمَ بالرُّوح. ولكِنْ سَتَحدُثُ قِيامَةٌ عَظيمة. وفي وقتِ القِيامَةِ، سَتَنْضَمُّ أجسادُ المَفدِيِّينَ إلى أرواحِهم ويَحصُلونَ على الكَمالِ الأبديِّ للجَسَدِ والرُّوح. وفي وقتِ القِيامةِ العَظيمة، سَتَقومُ أجسادُ غيرِ المُؤمِنينَ مِنَ القُبورِ أيضًا. وَهُمْ سَيَنْضَمُّونَ إلى أرواحِهمِ الَّتي بِدونِ أجساد فَيُعَذَّبونَ، جَسَدًا وَرُوحًا، في جَهَنَّمَ إلى الأبد. فاللهُ خَلَقَ الرِّجالَ والنِّساءَ وَجَعَلَهُم جَسَدًا ونَفسًا، أو جَسَدًا ورُوحًا. فَهُوَ نَفسُ المَعنى.
لِذا، هذا هُوَ ما يَسْعى اللهُ إليه. فحَتَّى بعدَ أنْ تُكَمَّلَ نُفوسُنا، فإنَّها ليستِ النِّهاية. إنَّها ليستِ النِّهاية. فسوفَ تَكونُ هُناكَ قِيامَةٌ للجَسَدِ كي يَنْضَمَّ إلى تلكَ الرُّوح. فهذهِ هي خُطَّةُ الله. ويُمكِنُكم أن تَقرأوا عن قِيامَةِ غيرِ المُؤمِنينَ في سِفْرِ الرُّؤيا والأصحاح 20 ابتداءً مِنَ العَدد 11. فالبحرُ سَيُسَلِّمُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ، وَالمَوْتُ وَالهَاوِيَةُ سَيُسَلِّمانِ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا. وَسوفَ يُدانوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. وبِكُلِّ تأكيدٍ، سوفَ يُطْرَحُ المَوْتُ وَالهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. فسوفَ تَكونُ هُناكَ قِيامَةٌ للدَّينونة...أيْ قِيامَةٌ للحِساب.
ولكِنْ ماذا عن قِيامَتِنا نحن؟ وَماذا عن فِداءِ أجسادِنا؟ هل تَذكرونَ مَا جاءَ في رُومية 8 قبلَ قَليل إذْ قُلتُ إنَّنا نَنتَظِرُ فِداءَ أجسادِنا؟ فنحنُ نَنتَظِرُ ما تُسَمِّيهِ الآية (2كورِنثوس 5: 2): "مَسْكَنَنَا الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ"..."بَيْتًا غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيًّا، في السَّماواتِ". انظُروا إلى رِسالة تَسالونيكي الأولى والأصحاحِ الرَّابع. فَهُوَ نَصٌّ مَعروفٌ جدًّا. رسالة تَسالونيكي الأولى 4: 13: "ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ". وهذهِ إشارة إلى أجسادِ القِدِّيسين. فأرواحُهم ذَهَبَتْ لتكونَ مَعَ الرَّبِّ. أمَّا أجسادُهُم فهي في القَبْر. "لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا...لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ". فعندما يَأتي يَسوعُ ثانيةً، سوفَ يُحضِرُ مَعَهُ أرواحَ القِدِّيسينَ الرَّاقِدين. وعندما يَحدُثُ الاختِطافُ، ويَأتي يَسوعُ مِنَ السَّماءِ، سوفَ تأتي أرواحُ القِدِّيسينَ مَعَهُ. "فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا [في العَدد 15] بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ"...أيْ نَحنُ الَّذينَ ما زِلنا هُنا بالجَسدِ والرُّوح، ولم نُمَجَّد بعد "الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ".
بِعبارة أخرى، سوفَ يَحصُلونَ على أجسادِهم قبلَ أن نَصعَدَ إلى أعلى. لماذا؟ لأنَّهُم يَنتظرونَ مُنذُ وقتٍ طَويل. فهُناكَ أشخاصٌ مِنهُم يَنتظرونَ مُنذُ قُرون، ويَحُوْمُونَ بِصِفَتِهم أرواحًا بِلا أجسادٍ في هَيئةٍ بَشريَّةٍ لم تُكَمَّلْ تَمامًا بعد لأنَّهُم لم يَحصُلوا على أجسادِهم بعد. لِذا، عندما يَأتي يَسوعُ لاختِطافِنا، فإنَّ الكنيسةَ، أوِ المَجموعةَ الأولى الَّتي سَيَهتمُّ بها هُمْ أولئكَ الَّذينَ يَحْيَوْنَ بِلا أجسادٍ إذْ إنَّهُم سيَحصلونَ على أجسادِهم الجَديدة. ثُمَّ إنَّنا سَنَذهَبُ بَعدَهُم. ونحنُ نَقرأُ في العَدد 16: "لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ". وهذهِ سِمَةٌ أخرى للسَّماء: فسوفَ تَكونونَ كُلَّ حِيْن معَ الرَّبِّ إلى أبدِ الآبِدينَ وَدَهْرِ الدُّهور. ولكِنَّ الأمواتَ سَيَذهبونَ أوَّلاً لأنَّهُم يَنتظرونَ مُنذُ وقتٍ طَويلٍ أجسادَهُم. فسوفَ تَقومُ أجسادُهُم مِنَ القُبورِ، وتَنضَمُّ إلى أرواحِهمِ الَّتي هي بِلا أجسادٍ، ويُكَمَّلونَ حَالاً كي يَتمتَّعوا بِكُلِّ ما أُعِدَّ في السَّماءِ لَهُم. ثُمَّ إنَّنا سَنَلحَقُ بهم إلى أعلى ونَتَغَيَّرُ في الطَّريق. وسوفَ نُكَمَّلُ عندما نَترُكُ هذا العَالَمَ في الاختِطافِ إنْ كُنَّا ما زِلنا على قَيْدِ الحَياةِ هُنا عندما يَأتي يَسوعُ. والآن، هذا هُوَ وَعدُ اللهِ الَّذي نَتَطَلَّعُ إليه؛ أيْ أنْ نَحصُلَ على جَسَدٍ جَديدٍ مُمَجَّدٍ يَنْضَمُّ إلى الرُّوحِ المُمَجَّد. فبيتُ خَيمَتِنا الأرضيِّ هَذا (كما يَقولُ بولسُ في رِسالةِ كورِنثوسَ الثَّانية 5: 1) سَيُنقَضُ. وسوفَ نَحصُلُ على بِناءٍ مِنَ الله.
وَهذا يَطرَحُ السُّؤالَ الَّذي أريدُ أن أُرَكِّزَ عليهِ في خِتامِ كَلامي في هذا المَساء: كيفَ سَتكونُ تلكَ الأجساد؟ كيفَ ستكون؟ فالنَّفسُ في حَالَتِها المُكَمَّلَة [رَكِّزوا مَعي] ينبغي أن تَحصُلَ على جَسَدٍ في حَالةٍ مُكَمَّلَة كي تُعَبِّرَ عن ذاتِها تَمامًا. فالنَّفسُ البَشريَّةُ مَحدودة في تَعبيرِها مِن دونِ جَسَدٍ لأنَّنا كِيانٌ مُتكامِل. ولكِنْ كيفَ سيكونُ الجَسد؟ لنذهب إلى رسالة كورِنثوسَ الأولى والأصحاح 15. فهُناكَ كَلامٌ كَثيرٌ جدًّا يُمكِنُ أن يُقالَ عن هذا الموضوع. وسوفَ أُحاولُ أن أضْبُطَ نَفسي وأن أتحدَّثَ عن ذلكَ بسُرعة. العَدد 35: "لكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ". ويُمكِنُني أن أسمَعَ ذلك. فقد فَكَّرتُم في ذلك: "كَيْفَ يُقَامُ الأَمْوَاتُ؟ وَبِأَيِّ جِسْمٍ يَأتُونَ؟" أَتَرَوْن؟ فهُناكَ مَن يَسأل: "آه! هل تَمزَحُ مَعي بحديثِكَ عن قِيامةِ الأجساد؟ سوفَ يَبقى الأمواتُ في القُبورِ قُرونًا وَقُرون. ولن يَتَبَقَّى هُناكَ سِوى كَومةٍ مِنَ الرَّماد. وماذا عنِ الأشخاصِ الَّذينَ احتَرقوا؟ وماذا عنِ الأشخاصِ الَّذينَ تَفَجَّروا؟ فهل سَيَجمعُ اللهُ كُلَّ الأجزاء؟ وماذا عنِ الأشخاصِ الَّذينَ غَرِقوا في المُحيط، وَتَحَلَّلوا في المُحيطِ مُنذُ قُرونٍ وقُرونٍ وقُرون؟ كيفَ يُقامُ الأمواتُ؟"
هُناكَ كَاتِبٌ اسمُهُ "تشارلز بال" (Charles Ball) يَقول: "إنَّ مَحدوديَّةَ مَعرفَتِنا الحَاليَّة تَجعَلُ مِنَ المُستحيلِ تَقريبًا أن نَستوعِبَ قِيامَةَ الجَسد. فنحنُ نُثيرُ أسئلةً حولَ جَسَدٍ دُفِنَ في القَبرِ وتَحَلَّلَ إلى تُرابٍ، أوِ احتَرَقَ إلى رَمادٍ أو تَحَلَّلَ في البحر. فهل يُعقَلُ أنَّ تلكَ الأجزاءَ المُبَعثَرة سَتُجمَعُ مَرَّةً أخرى بنفسِ البُنيةِ الجُزَيئيَّةِ الَّتي كانَتْ عليها في ساعةِ الموت؟ وقد سَخِرَ أُناسٌ مِن ذلكَ بتصويرِ جَسَدٍ في القبرِ، مُتَحَلِّلٍ بِفِعْلِ المَطَرِ وحَرارةِ الشَّمسِ. وفي وقتٍ مِنَ الأوقاتِ يَصيرُ سَمادًا للعُشبِ الَّذي فَوقَهُ. وحينَ تَرعَى بَقرة فإنَّ البَقرةَ تُنتِجُ حَليبًا يَتِمُّ استِهلاكُهُ على مائدةِ الفُطورِ ويُغَذِّي جيلاً آخر. ثُمَّ إنَّ أبناءَ الجيلِ الآخَر يَموتُونَ، ويَذهبونَ إلى القَبر، ويَتحلَّلونَ، ويَجعلونَ العُشبَ يَنمو، وتأتي بَقرةٌ أخرى وتأكُلُ العُشبَ. ثُمَّ إنَّ البَقرةَ تُنتِجُ حَليبًا. وذلكَ الحَليبُ يُستَهلَكُ على مائدةِ الإفطارِ. وذلكَ الحَليبُ يُغَذِّي جِيلاً آخر؟ وَمَنْ في العَالَمِ سَيتمكَّنُ مِن تَمييزِ جُزيئاتِ كُلِّ شخصٍ على حِدَة؟" حسنًا! هذا هو نَوعُ التَّفكيرِ الَّذي تَتعامَلونَ مَعَهُ. واللهُ، كما يَقولُ هَؤلاء، يُواجِهُ مُشكلةً مُستعصِيَةً في تَمييزِ جُزَيئاتِ كُلِّ شخصٍ على حِدَة.
والحقيقةُ هي أنَّني لا أريدُ حَتَّى أن أخوضَ في هذا النَّوعِ مِن السَّخافات. فاللهُ الَّذي خَلَقَنا في الأصل يَستطيعُ أن يُعيدَ خَلْقَنا. ولا حاجةَ إلى التَّفكيرِ بهذه الطَّريقة. فالتَّغيير مُستمرٌّ في خلايا جِسمِنا في هذهِ الحياة. وحَتَّى إنَّنا لسنا على الحالِ الَّتي كُنَّا عليها حَتَّى قبلَ ثلاثِ سَنوات. فهُناكَ خَلايا في جِسمِنا تَموتُ كُلَّ يوم، وخَلايا أخرى تَحِلُّ مَحَلَّها. وأنا أَكرَهُ أن أقولَ ذلك، ولكِنَّهُ صَحيح. فأغلبيَّةُ الغُبارِ المَوجودِ في مَنزِلِكُم هُوَ جِلْدٌ بَشَرِيٌّ مَيِّت (نحوَ 75 بالمِئة مِنه) بِحَسَبِ مَا قَرأت. هل هَذا صَادِمٌ لكم؟ أجل، فخَلاياكُم تَتَجَدَّد. وهذا يَفوقُ استيعابَنا، يا أحبَّائي. ولكِنْ بطريقةٍ مَا، فإنَّنا سَنُعطَى جَسدًا جَديدًا قادرًا أن يَضُمَّ النَّفسَ الكاملةَ الأبديَّة. وَهُوَ بيتٌ ليسَ مَصنوعًا بأيدي، بل هُوَ بَيتٌ أبديٌّ. وقد كانَ اليونانيّونَ يَقولونَ إنَّ الجسدَ سِجْنٌ لِلنَّفس. لا، إنَّهُ ليسَ كذلك. بل إنَّ الجسدَ وَسيلةٌ للتَّعبيرِ عنِ النَّفس. فهذه هي الفِكرة. فهو وَسيلةٌ للتَّعبيرِ عنِ النَّفس.
والآن، كيف سيَحدُثُ ذلك؟ حسنًا! لِنَرجِع إلى العَدد 36 ونَعرِف الإجابَة. فكيفَ سيَحدُث ذلك؟ "يَاغَبِيُّ!"، كَما يَقولُ؛ وهذه عِبارة لَطيفة. فلم يَكُن يَجْدُرُ بِكَ أن تُجادِلَ بتلكَ الطَّريقة. "الَّذِي تَزْرَعُهُ لاَ يُحْيَا إِنْ لَمْ يَمُتْ". والعِبارةُ اليونانيَّةُ تَعني: "يا أحمَق". وبالمُناسَبة، هَذا تَوبيخٌ قَوِيٌّ. وهذا يُشيرُ إلى أنَّ المُعتَرِضَ كانَ يَتباهَى بذكائِه. "أنتَ لا تَدري حَتَّى ما تَقول. دَعني أُعطيكَ مَثلاً إيضاحِيًّا عنِ البِذرَة [كما يَقول]: "الَّذِي تَزْرَعُهُ لاَ يُحْيَا إِنْ لَمْ يَمُتْ. وَالَّذِي تَزْرَعُهُ، لَسْتَ تَزْرَعُ الْجِسْمَ الَّذِي سَوْفَ يَصِيرُ، بَلْ حَبَّةً مُجَرَّدَةً، رُبَّمَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ أَحَدِ الْبَوَاقِي. وَلكِنَّ اللهَ يُعْطِيهَا جِسْمًا كَمَا أَرَادَ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبُزُورِ جِسْمَهُ". فَهُوَ يَقولُ: "انظروا وَحَسْب إلى هذا المَثَلِ الإيضاحِيّ. فأنت تُمسِكُ حَبَّةً صَغيرةً في يَدِك، وتَضَعُها في الأرضِ. فهل تلكَ الحَبَّةُ تُشْبِهُ الشَّجرةَ الَّتي سَتَنمو؟ كَلَّا. وما أعنيه هو أنَّ هُناكَ فَرقًا شَاسِعًا. فَقِوامُ الحياةِ مَوجودٌ في البِذرة. ولكِنْ مِنَ المُستحيلِ أن تَعلمَ ذلكَ لولا أنَّكَ تَعلمُ ذلكَ مُسَبَّقًا بسببِ خِبرتِكَ السَّابقةِ الَّتي تَقولُ لكَ إنَّ تلكَ البِذرة سَتَصيرُ تلكَ الشَّجرةِ بِعَينِها. والبِذرةُ تَموتُ. فهذا هو أوَّلُ شَيءٍ يَحدُثُ للبِذرة. والآن، إنْ شَرَحْتَ هذا لي تمامًا، سَأستَخدِمُ أنا أيضًا شَرحَكَ نَفسَهُ لتوضيحِ القِيامَة.
وكيفَ يُعقَلُ أنَّ شَيئًا يَموتُ كي يَحيا؟ كيفَ يُعقَلُ ذلك؟ وكيفَ يُمكِنُ لِبِذرةٍ تَقَعُ في الأرضِ أن تَموتَ وتُعطي حَياةً؟ لا أدري. فأنا لا أفهمُ ذلك. وكيفَ يُعقَلُ أنَّ شَجرةً عِملاقَةً تَنْمو مِن تلكَ البِذرةِ الصَّغيرة؟ فهُناكَ فَرْقٌ كَبيرٌ بينَهُما. ولكِنَّ بولسَ يَقولُ إنَّ جَسَدَكَ سيموتُ، وسيذهبُ إلى القَبْرِ، وسيَخرُجُ مِن هُناكَ ويكونُ مِثلَ البِذرةِ الَّتي مَاتَتْ (في هذا المَثَلِ الإيضاحِيّ) وأنتَجَتْ شَجَرَةً بالرَّغمِ مِن أنَّكَ لا تَستطيعُ لاحقًا أن تَرى البِذرة. البَتَّة! وَحَتَّى إنَّ يَسوعَ قالَ ذلكَ عندما تَحَدَّثَ عن قِيامَتِهِ هُوَ شَخصيًّا. فنحنُ نَقرأُ في إنجيل يُوحَنَّا 12: 24: "إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ". وقد كانَ يَعني بذلكَ: "سوفَ أموتُ وأفعلُ الشَّيءَ نَفسَهُ. فسوفَ أُنتِجُ ثَمَرًا. وسوفَ أقومُ بجسدٍ مُمَجَّدٍ يُنتِجُ ثَمرًا". وَسِرُّ الجسدِ المُقامِ، يا أصدقائي الأعِزَّاء، لا يَختَلِفُ عن سِرِّ البِذرة. لا يَختَلِفُ عنه.
وإنْ كُنتَ تَقولُ: "ولكنِّي لا أُوْمِنُ بالقيامةِ لأنِّي لا أَفهَمُ تلكَ العَمليَّة"، إذًا، أنتَ لا تُؤمِنُ بالحَصادِ أيضًا لأنَّكَ لا تَفهَمُ تلكَ العَمليَّة. ولكِنَّها تَحدُث. وكذلكَ الحالُ فيما يَخُصُّ بالقيامَة. وهذهِ هي حُجَّةُ بولُس. فالأجسادُ المُمَجَّدَةُ ستكونُ وَثيقةَ الصِّلَةِ بالأجسادِ الَّتي دُفِنَتْ، ولكِنَّها ستكونُ مُختلفةً عنها. ولا أدري تَمامًا كيف. فسوفَ تَكونُ نَفسَ العُضْوِ الحَيِّ بطريقةٍ مَا. فأنا سأكونُ أنا، وأنتَ ستكونُ أنتَ، ولكِنَّنا سنكونُ كَامِلين. فنحنُ سَنَكونُ نحنُ، ولكِنَّنا سنكونُ مُختَلِفين. وهذا أمرٌ مُذهِل! فبالرَّغْمِ مِن تَحَلُّلِ الجَسدِ في القَبر، لن تكونَ هُناكَ مُشكلةٌ في القِيامَة. فكما أنَّ البِذرةَ الَّتي تَموتُ تُنْتِجُ حَياةً، فإنَّ القِيامةَ ستَنشَأُ مِن مَوتِ الجَسد.
انظُروا إلى العَدد 39 إذْ إنَّهُ يَذكُرُ مَثلاً إيضاحِيًّا آخر. فَبعدَ أن يَتحدَّثَ عنِ البِذرةِ فإنَّهُ يَنتقِلُ إلى التحدُّثِ عنِ الجسد: "لَيْسَ كُلُّ جَسَدٍ جَسَدًا وَاحِدًا، بَلْ لِلنَّاسِ جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَلِلْبَهَائِمِ جَسَدٌ آخَرُ، وَلِلسَّمَكِ آخَرُ، وَلِلطَّيْرِ آخَرُ". وكيفَ تُفَسِّرونَ ذلك؟ بِعبارة أخرى، هُناكَ على الأرضِ أصنافٌ مُختلفةٌ مِنَ الأجساد...أصنافٌ مُختلفة. والاختلافاتُ في أجسادِ الحَيَواناتِ تَتوقَّفُ على الأحماضِ الأمينيَّة. هل تَعرفونَ الأحماضَ الأمينيَّة؟ فقد قَرأتُ أنَّهُ تُوجَدُ 600 أكتوديسيليون (600 octodecillion)لأ
تَوليفَة مِنَ الأحماضِ الأمينيَّة. وهذا رَقْمٌ هائل. وهذا هو ما يُنتِجُ الجَسد. هذا هو ما يُنتِجُ جَسَدًا مُعَيَّنًا. فأنتَ تُنتِجُ جَسدًا. فأنتَ تُنتِجُ جَسَدًا خَاصًّا بِك، وأنا أُنتِجُ جَسَدًا خَاصًّا بي. فَبِغَضِّ النَّظرِ عنِ الطَّعامِ الَّذي آكُلُه فإنِّي أُنتِجُ جَسدي. فإنْ أَكَلْتُ دَجاجًا طَوالَ الوقتِ، لن أُنتِجَ رِيشًا. لماذا؟ لماذا؟ لأنَّ الأحماضَ الأمينيَّةَ في جسدي تُنتِجُ تَركيبَةً خَاصَّةً بجسدي. لِذا، بِغَضِّ النَّظرِ عنِ الطَّعامِ الَّذي آكُلُه...إنْ أكلتُ لَحْمَ بَقَر، لن أُصْدِرَ صَوْتًا كَصَوتِها، ولن يَصيرَ لي ذَيْل، ولن أتصَرَّفَ مِثلَها. لِماذا؟ لأنَّ بُنيةَ الحِمْضِ النَّوَوِيِّ الَّتي وَضَعها اللهُ في الجَسَدِ تُبْقي الجَسَدَ مُمَيَّزًا. فاللهُ لم يَخلِق جَسدًا مِن نَوعيَّةٍ واحِدَةٍ فقط في الخَليقة. إذًا، ما الَّذي سَيَجعَلُهُ يُقيمُ الأجسادَ بنوعيَّةٍ واحدة؟ وقد لا نَفهَمُ شَيئًا عَنِ الجَسَدِ البَشريِّ الجَديدِ؛ فَكَمْ بالحَرِيِّ عنِ أجسادِ الطُّيورِ أو جَسَدِ الحِصان!
ثُمَّ إنَّهُ يَقولُ في العَدد 40: "وَأَجْسَامٌ سَمَاوِيَّةٌ، وَأَجْسَامٌ أَرْضِيَّةٌ. لكِنَّ مَجْدَ السَّمَاوِيَّاتِ شَيْءٌ، وَمَجْدَ الأَرْضِيَّاتِ آخَرُ". وهذا يَعني أنَّ هُناكَ أجسادًا أرضيَّةً وأجسادًا سَماويَّة. فهُناكَ أجسامٌ أرضيَّة، وهُناكَ أجرامٌ في السَّماءِ كالشَّمسِ والقَمرِ والنُّجوم. وهذا مُذهِل! فاللهُ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ (مِنَ الحَشَرَةِ الصَّغيرةِ الزَّاحِفَةِ إلى الشَّمسِ الَّتي تَدورُ؛ وكُلَّ شَيءٍ بينَهُما). وَمِن وُجهةِ النَّظرِ البَشريَّةِ لِماذا نَنظُرُ إلى هذهِ الأشياءِ ونَقول: "أنا لا أفهمُ كيفَ يَستطيعُ اللهُ أن يَخلِقَ جَسَدَ القِيامَة؟" اسمَعوني: اللهُ قادِرٌ أن يَخلِقَ أيَّ جَسَدٍ يَشاء. "مَجْدُ الشَّمْسِ شَيْءٌ [في العَدد 41]، وَمَجْدُ الْقَمَرِ آخَرُ، وَمَجْدُ النُّجُومِ آخَرُ. لأَنَّ نَجْمًا يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ. هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَات". فالأمرُ هكذا. فهُناكَ كُلُّ أنواعِ الأجسادِ الَّتي خَلَقَها اللهُ: أجسامٌ حَيَوانِيَّةٌ، وأجسامٌ للنَّباتاتِ، وأجسامٌ سَماويَّة (كالشَّمسِ، والنُّجومِ، والأقمارِ، والمُذَنَّباتِ، وهَلُمَّ جَرَّا).
ولا أدري إن كُنتُم قد فَكَّرتُم يَومًا في هذا. فقد قَرأتُ في مَجَلَّةِ "ريدرز دايجست" (Reader’s Digest) قبلَ سَنواتٍ مَقالَةً كَتَبَها "دونالد پيدي" (Donald Peady) قالَ فيها ما يَلي: "كما هي حالُ الزُهورِ فإنَّ النُّجومَ لها ألوانُها الخَاصَّةُ بها. فَعندما تَنظُرُ إلى فوق تَرى أوَّلَ وَهْلَة ضِياءً أبيضَ كالبِلَّوْراتِ المُتَجَمِّدة. ولكِنْ إذا نَظرتَ إلى هَذا النَّجْمِ بِمُفرَدِهِ وإلى ذلكَ النَّجْمِ بِمُفرَدِهِ ستَرى ألوانًا رائعَةً في النُّجوم. وَدَرَجَاتُ أنوارِها تَتوقَّفُ على دَرَجاتِ حَرارَتِها. ففي شَهرِ كانون الأوَّل (ديسمبر)، سَتَرى نَجْمَ الدَّبَران (Aldebaran) باللَّونِ الوَرْدِيِّ البَاهِت، وَنَجْمَ رِجْلِ الجَبَّار" (Rigel) باللَّونِ الأبيضِ المَائِلِ إلى الزُّرْقَة، وَنَجْمَ مَنْكِب الجَّوزاء (Betelgeuse) كَلَوْنِ الياقوتِ الأصفَر" [نِهايةُ الاقتباس]. بِعبارَة أخرى، حَتَّى إنَّ النُّجومَ مُختلفَة. فدرجاتُ حَرارَتِها مُختلفَة، وألوانُها مُختلفة. فكُلُّ الأجرامِ السَّماويَّةِ مُتفاوِتَة. وكُلُّ البُذورِ أيضًا. وهل تَعلمونَ أنَّهُ لا تُوجَدُ شَجَرتانِ على سَطْحِ الأرضِ مُتماثِلتان؟ ولا تُوجَدُ بِذْرَتانِ مُتماثِلتان. ولا يُوجَدُ حَيَوانانِ مُتَماثِلان. ولا يُوجَدُ شَخصانِ مُتماثِلانِ تَمامًا. ولا يُوجَدُ جِسْمانِ سَماوِيَّانِ مُتماثِلان. وقد يَقولُ أحدُ الأشخاصِ: "كيفَ يُعْقَلُ أنْ يَخلِقَ اللهُ جَسَدَ قِيامَة؟ فَهُوَ أمرٌ صَعب". ولكِنَّهُ أَظْهَرَ لَنا قُدرَتَهُ الفَائِقَةَ على الخَلْقِ حَتَّى إنَّهُ لا يَجوزُ لنا أن نَشُكَّ في ذلك.
العَدد 42: "هكَذَا أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ". فالأمثلةُ الإيضاحِيَّةُ مِنَ الطَّبيعةِ، والأمثلةُ الإيضاحِيَّةُ مِنْ عِلْمِ الفَلَكِ تُبَيِّنُ لنا أنَّ اللهَ يَستطيعُ أن يَخلِقَ أيَّ جَسَدٍ يَشاء. وكما أنَّ كُلَّ جِسْمٍ يَختَلِفُ عنِ الآخر، فإنَّ جَسَدَ القِيامةِ قد يَختَلِفُ عنِ الجَسَدِ الَّذي نَعرِفُهُ الآن. ورُبَّما سَيَخلِقُ اللهُ جَسَدًا فَريدًا...جَسَدًا لا يُمكِنُنا أن نَفهَمَهُ. ولكِنَّهُ سَيَكونُ وَثيقَ الصِّلَةِ بنا بطريقةٍ ما. وسوفَ يَحْمِلُ صَفاتِنا البَشريَّة فيه. ولكِنَّهُ سَيُحْفَظُ إلى الأبد بِكُلِّ مَزاياه الفَريدة وبِكُلِّ تَفَرُّدِه بِحالةٍ مِنَ الكَمالِ التَّامِّ والأبديِّ. لِذا فإنَّ قُبورَ البَشَرِ سَتَصيرُ أجسادَ القِيامَة. ومَقابِرُ البَشَرِ الَّذينَ خَلَقَهُمُ اللهُ سَتَصيرُ مِنْ خِلالِ النَّدَى السَّماوِيِّ حُقولَ قِيامَةِ الأجسادِ الكَامِلَةِ الَّتي وَعَدَنا بِها. ثُمَّ نَقرأُ في العَدد 42: "يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ". وَهُنا يَظهَرُ الفَرقَ: "يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ". فهذا هُوَ الفَرْق.
ثُمَّ إنَّهُ يَقولُ: "يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ [بسببِ الخَطيَّة] وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضَعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ. يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا". والآن، ما الَّذي يَعنيهِ بقولِهِ "جِسْمًا رُوحَانِيًّا"؟ إنَّهُ لا يَعني أنَّهُ رُوْحٌ، بل هُوَ جَسَد. ولكِنَّهُ جَسَدٌ...إنَّهُ جَسَدٌ يَستطيعُ أن يَحْوي نَفسَهُ ويُعَبِّرَ عن نَفسِهِ بِطُرُقٍ رُوحيَّة. وببساطَة، إنَّهُ جَسَدٌ يُعَبِّرُ عنِ الرُّوحِ...عَنْ حَاجاتِ الرُّوحِ الكَامِل.
والآن، انظُروا إلى ذلك. كيفَ سيكونُ جَسَدُك؟ سوفَ يَكونُ جَسَدًا غيرَ قابلٍ للفَناء؛ أيْ أنَّهُ لن يَتَحَلَّلَ يَومًا. فَلَنْ تَفقِدَ يَومًا أيَّ جُزءٍ مِن ذلكَ الجسد. ولن تَطرَحَ جِلْدَكَ مَرَّةً كُلَّ سَبْعِ سِنين. ولن تَكونَ هُناكَ عَمليَّةُ إقْصاءٍ تَحْدُثُ في جِسْمِك. فَهُوَ جِسْمٌ غيرُ قَابِلٍ للفَناء. فسوفَ يَكونُ كامِلاً دائمًا وإلى الأبدِ مِن دونِ أن يَتغيَّرَ البَتَّة...البَتَّة. فلن تَنظُرَ يومًا إلى يَدِكَ وتَقول: "ما هذا؟ لم أَرَ هذهِ اليَدَ مِنْ قَبْل!" ولن تَجِسَّ جَسَدَكَ يَومًا وتَقول: "مِنْ أينَ جاءَ هَذا الوَرَم؟" ولن تَكونَ هُناكَ فُحوصاتُ أَشِعَّةٍ لِتَشخيصِ أمراضِ السَّرطانِ في السَّماء. فلن يُصابَ أيُّ شخصٍ بذلكَ هُناك. فَهُوَ جِسْمٌ كَامِلٌ ولا يَفْنَى.
وليسَ هذا وَحَسْب، بل إنَّهُ سيكونُ مَجيدًا...مَجيدًا. فسوفَ يَعكِسُ مَجْدَ اللهِ. وسوفَ يُقامُ في قُوَّة. فسوفَ يَكونُ أقوى مِن أيِّ شَيءٍ يُمكِنُكَ أن تَتخَيَّلَهُ إذْ إنَّهُ سيَكونُ قَادِرًا على الطَّيرانِ، وقَادِرًا على القيامِ بأيِّ شَيءٍ وكُلِّ شَيءٍ تَرغَبُ فيه. وَهُوَ سيكونُ جَسَدًا رُوحانِيًّا بِمَعنى أنَّهُ سَيُعَبِّرُ عنِ الرُّوحِ المُتَجَدِّدَةِ والرُّوحِ الكَامِلَة. وَمِنَ المُذهِلِ أن نُفَكِّرَ في ذلك. فَهُوَ مُلائِمٌ لِوُجودِ المَفدِيِّينَ في حَالةٍ في السَّماءِ لا نَعرِفُ عنها شَيئًا الآن. وهذا أمرٌ مُدهِشٌ جدًّا!
ثُمَّ إنَّهُ يَخْطُو في العَدد 45 خُطوةً أخرى قَائِلاً: "هكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضًا: «صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ [أيِ المَسيحُ] رُوحًا مُحْيِيًا»". فَهُوَ يُبايِنُ بينَ رَأسَيِّ نَسْلَيْن. وَهُوَ يَستَخدِمُ الكتابَ المقدَّسَ هُنا لِتَعزيزِ حُجَّتِه. فَهُوَ يَقولُ إنَّ آدَمَ الأخيرَ هُوَ رُوْحٌ وَاهِبٌ للحَياة. وَيسوعُ المَسيحُ هُوَ آدَمُ الأخير. وَهُوَ سَيَهَبُ حَياةً. فَهُوَ سَيَهَبُ حَياةً في حين أنَّ آدَمَ أعطَى مَوتًا.
فآدَمُ (أيِ الإنسانُ الطَّبيعِيُّ) أخطأَ وجَلَبَ الموتَ على الجِنسِ البشريِّ. أمَّا آدَمُ الأخيرُ فَيَهَبُ حَياةً. "لكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلاً بَلِ الْحَيَوَانِيُّ، وَبَعْدَ ذلِكَ الرُّوحَانِيُّ. الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ [أيْ آدَمُ] تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا".
تَوَقَّفوا عندَ هذهِ النُّقطةِ، يا أحبَّائي. فقد سَمِعْتُمْ للتَّوِّ فِكرةً عَظيمة. فكَما أنَّنا كُنَّا في أثناءِ وُجودِنا على هذهِ الأرضِ مِثلَ آدَمَ، سَنَكونُ في السَّماءِ مِثلَ مَن؟ مِثلَ المَسيح. والعَدَد 49 يَقولُ ذلك: "وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ [مَنْ؟] السَّمَاوِيِّ". وهذا مُدهِشٌ. فسوفَ نَكونُ مِثلَ يَسوعَ المَسيح. فسوفَ نَكونُ مُشابِهينَ تَمامًا ليسوعَ المَسيح. وَكَيفَ هُوَ؟ إنَّهُ عَديمُ الفَسادِ وأبديٌّ. وَهُوَ مُمَجَّدٌ. وكذلكَ سَنكونُ نَحنُ. وَهُوَ رُوحانِيٌّ؛ أيْ أنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ رُوحٍ كَامِلَةٍ مِن خِلالِ نَاسوتِهِ المُمَجَّدِ. وكذلكَ سنكونُ نَحنُ. وسوفَ نَكونُ، كما جاءَ في رِسالةِ فيلبِّي 3: 21، في تلكَ الجُملةِ العَظيمةِ: "عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ". ولا يُمكِنُني أن أتخيَّلَ ذلك! ولكِنْ كما تَرَوْنَ، لقد نِلْنا الخَلاصَ لكي نَصيرَ على صُورَةِ ابنِ اللهِ. وقد سَبَقَ فَعَيَّنَنا لِنَكونَ مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ (كما جَاءَ في رُومية 8). وسوفَ نَكونُ مِثلَهُ (بِحَسَب رسالة يوحنَّا الأولى 3: 2) لأنَّنا ماذا؟ سَنَراهُ كَما هُوَ؟ فسوفَ نَكونُ مِثلَهُ. وكيفَ كانَ هُوَ؟ مِنَ المُدهِشِ أن نُفَكِّرَ في ذلك. فقد طَارَ إلى السَّماء. فقد كانَ واقِفًا على الجَبَلِ في الأصحاحِ الأوَّلِ من سِفْرِ أعمالِ الرُّسُل، فأَخَذَتْهُ سَحابةٌ إلى السَّماء. فقد كانَ بمقدورِهِ أن يَطير. وكانَ يَتحرَّك. وقد ظَهَرَ بَغْتَةً بعدَ قِيامَتِهِ في ذلكَ الجَسدِ المُمَجَّد. وقدِ اختَرَقَ الجُدرانَ. ونَقرأُ أنَّهُ جَلَسَ مَعَ التَّلاميذِ (كما جاءَ في إنجيل لُوقا والأصحاح 24) وأَكَل. وفي إحدى المَرَّاتِ، كَسَّرَ الخُبْزَ. وفي مَرَّةٍ أخرى، أَكَلَ سَمَكًا. فقد طَلَبَ شَيئًا ليأكُل فأعطوهُ لَهُ فأكَل. ونَقرأُ في سِفْر الرُّؤيا والأصحاح 22 أنَّهُ ستكونُ هُناكَ أشجارٌ مُثْمِرَةٌ في السَّماءِ مِنْ أجلِ خَيْرِ جَميعِ الأُمَمِ وصِحَّتِهم. وكما أنَّ المسيحَ أَكَلَ بعدَ قِيامَتِه، سَنَأكُل. وَهُوَ لم يَكُن بحاجةٍ إلى الطَّعام، ولكنَّهُ أَكَلَ لأجْلِ بَهْجَةِ وَمُتْعَةِ الأكل. لِذا، سوفَ نَحيا في الأبديَّةِ ونأكُلُ مِنْ ثَمَرِ الأشجارِ السَّماويَّةِ لا لأنَّنا بحاجةٍ إليها، بل لأجلِ مُتْعَةِ الأكل.
ولا أدري كيفَ سيَحدثُ ذلك. ولا أدري كيفَ يُمكِنُكَ أن تَأكُلَ ثَمَرًا أبديًّا دُوْنَ أن يُغَيِّرَكَ ذلكَ بأيَّة طَريقة. فأنا لا أفهَمُ كُلَّ ذلك، ولكِنْ مِنَ المُؤكَّدِ أنَّهُ سيكونُ أمرًا مُدهشًا. فسوفَ نَكونُ مِثلَ المَسيح. فقد كانَ بمقدورِهِ أن يَذهبَ إلى أيِّ مَكانٍ يُريد. وقد كانَ قادرًا على الظُّهورِ والاختِفاء. وقد كانَ قادِرًا على إعطاءِ الآخرينَ قُوَّتَهُ. وقد كانَ قادرًا، حَتَّى عندَما قَامَ مِنَ الأمواتِ، بِكُلِّ تأكيد، على القيامِ بأمورٍ مُعجِزِيَّةٍ فَعَلَها مِن خِلالِ رُسُلِه. وقد مَشى وتَكَلَّمَ. وقد تَمَكَّنوا مِنْ لَمْسِه، وَمِنَ الإحساسِ بِه. وقد تَكَلَّمَ وأَكَل. وسوفَ نَفعلُ ذلكَ كُلَّهُ؛ ولكِنْ بأجسادِنا المُمَجَّدَةِ الَّتي لا نَستوعِبُها الآن.
وهُناكَ أمورٌ كثيرةٌ يُمكنُنا أن نَقولَها، ولكِنْ عندما تُفَكِّرونَ في يَسوعَ بعدَ القِيامَة، هذهِ هي أفضلُ صُورةٍ تُرينا الهَيئةَ الَّتي سَنكونُ عَليها. فَسوفَ نَحصُلُ على جَسَدٍ يَليقُ بِحياةِ اللهِ الكامِلَةِ الَّتي سَيَحياها فينا إلى الأبد، وجَسَدٍ يُعَبِّرُ عن نَفسِهِ إلى الأبد، وجَسَدٍ يَستطيعُ أن يَأكُلَ بالرَّغمِ مِن أنَّهُ ليسَ مُضطَرًّا إلى ذلك، وجَسَدٍ يَستطيعُ أن يَطيرَ في الفَضاءِ وأن يَختَرِقَ الجُدرانَ، وَجَسَدٍ لا تَحُدُّهُ حُدودٌ ولا يَحُدُّهُ عُمْرٌ، وَجَسَدٍ سَامٍ يُلائِمُ كُلَّ ما أعَدَّهُ اللهُ لَنا في خُطَّةِ الخَلْقِ، وَجَسَدٍ يَشْعُرُ بالشِّبَعِ تَمامًا، ولا يَشعُرُ بأيِّ ألَمٍ حيثُ لا تُوجَدَ دُموعٌ، ولا يُوجَدُ حُزنٌ، ولا مَرَضٌ، ولا مَوت. فَهُوَ جَسَدٌ عَجيبٌ، وَجَسَدُ مُضيءٌ كالقَمَرِ والنُّجوم، بِحَسَب ما جاءَ في دانيال 12، كَما وُعِدَ قِدِّيسو العهدِ القديمِ في قِيامَتِهم. وَهُوَ جَسَدٌ يُضيءُ كَالشَّمْسِ فِي قُوَّتِهَا. ويا لَهُ مِن أمرٍ مُدهِشٍ حينَ نُفَكِّرُ فيه. يا لَهُ مِن أمرٍ مُدهِش!
وأريدُ مِنكُم أن تَستَمِعوا إلى ما سأقولُ في الخِتام...وسوفَ أَخْتِمُ خِلالَ دَقيقتينِ تَقريبًا. فما مَعنى هذا كُلهُ بالنِّسبةِ إليك؟ اسمَحوا لي أن أُخبِرَكُم مَعنى ذلكَ بالنِّسبةِ إلَيَّ. إنَّهُ يَعني أنَّ أشواقَنا للسَّماءِ يَنبغي أن تَكونَ قَويَّة. ينبغي أن تَكونَ قَويَّة. واسمَحوا لي أن أَقولَ ذلكَ بطريقة عَمليَّة مُفيدة لَكُم. إنْ كُنتَ تَجِدُ فَرَحَكَ ومُتعَتَكَ في هذهِ الحَياةِ، وإنْ كُنتَ تَجِدُ مَسَرَّتَكَ في هذهِ الحَياةِ حَتَّى إنَّ السَّماءَ لا تَبدو مُبْهِجَةً بالنِّسبةِ إليكَ، هَذا يُنافِي العَقلَ. هَذا يُنافِي العَقل.
واسمَحوا لي أن أقولَ لكم لماذا. أوَّلاً، أنتَ تُؤَلِّهُ عَالَمًا زَائِلاً، ومُمتَلِئًا بالخطيَّةِ، وفَاسِدًا. ثانيًا، أنتَ تُناقِضُ قَصْدَ الله. فَقَصْدُ اللهِ هو أنْ يَجعَلَكَ مُشابِهًا للمَسيح. وهذا هو المَكانُ الَّذي ينبغي أن تَذهبَ إليهِ كي يَجْعَلَكَ كَذلك. لِذا، إذا كُنتَ تَتوقُ إلى التَّشَبُّثِ بهذا العَالَمِ، وَتَتوقُ إلى البَقاءِ هُنا، ولا تُريدُ الذَّهابَ إلى هُناك، وتَسعَى إلى العُثورِ على رَاحَتِكَ هُنا، وتَكْنِزُ لَكَ كَنْزًا هُنا، فإنَّكَ تُجانِبُ الصَّوابً وَخَاطِئ. وأنا سأكونُ كذلكَ أيضًا إنْ فَكَّرتُ بتلكَ الطَّريقة لأنَّنا نُؤَلِّهُ عَالَمًا فَاسِدًا، وَبِلا إلَهٍ، ورَافِضًا للمَسيحِ، وزائِلاً. ونحنُ نُنَاقِضُ قَصْدَ اللهِ. كذلكَ، نحنُ نَبْحَثُ عن شَيءٍ لن نَعثُرَ عليهِ يَومًا. لِذا فإنَّنا نُسيءُ إلى خِدمَتِنا لأنَّنا لن نَشعُرَ يَومًا بالرِّضَا.
وَما أفضَلَ أنْ نَتوقَ إلى السَّماء! فيجب علينا أن نَتوقَ إلى السَّماءِ كَما يَتوقُ المَسجونُ إلى الحُريَّة، وَكما يَتوقُ الإنسانُ المَريضُ إلى الصِّحَّةِ، وَكَما يَتوقُ الإنسانُ الجَائِعُ إلى الطَّعامِ، وكَما يَتوقُ العَطْشانُ إلى المَاء. ويجب علينا أن نَتوقَ إلى السَّماءِ كَما يَتوقُ المُزارِعُ إلى الحَصادِ، والعَامِلُ إلى يَومِ دَفْعِ الرَّواتِبِ، والعَدَّاءُ إلى الفَوز. وإنْ لم يَكُنْ لدينا هذا الشَّوق، هُناكَ عِلَّةٌ مَا. فإنْ لم نَكُن نَقولُ مَعَ يُوحَنَّا: "آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ"، هُناكَ عِلَّةٌ مَا؛ لا سِيَّما عندما نُفَكِّرُ في ما أَعَدَّهُ اللهُ لَنا. وإنْ لم تَكُن مُؤمِنًا، لا تُشْفِق على المُؤمِنين. لا تُشْفِق علينا. فأنا أَعلمُ أنَّ هُناكَ أُناسًا يَظُنُّونَ أنَّنا نَعيشُ حَياةً مُمِلَّةً، وأنَّ كُلَّ مَرَحِنا قد أُهْدِرَ لأنَّنا أَدَرْنا ظُهورَنا لِمُتَعِ العَالَم. ولكنِّي أريدُ مِنكُم أن تَعلموا أنَّهُ لا حَاجَةَ إلى الإشفاقِ علينا، بل ينبغي أن تُشْفِقوا على أنفُسِكُم. فنحنُ نَتَمَتَّعُ بأفضلِ ما في الحَياةِ في فَرَحِ الرَّبِّ، وسوفَ نَحيا الأبديَّةَ بأمجادِ وَعْدِهِ. أمَّا الأشخاصُ الَّذينَ يَقِفونَ بَعيدًا ويُشْفِقونَ على المُؤمِنينَ لأنَّهُم لا يَتمتَّعونَ بالحياةِ فَسَيَقضونَ الأبديَّةَ مِن دونِ اللهِ في عَذابِ جَهَنَّم.
فَكُلُّ ما هُوَ مَجيدٌ، وكُلُّ ما رائِعٌ، وكُل ما هو مُبارَكٌ، وكُلُّ ما هُوَ مُدهشٌ يَنتَظِرُنا في السَّماء. وَأرجو أن تَكونَ هُناكَ. وإنْ كُنتَ في طَريقِكَ إلى السَّماءِ، أرجو أن يَكونَ لَديكَ شَوْقٌ قَلبِيٌّ إلى ذلكَ الاتِّحادِ معَ المَسيح. دَعونا نُصَلِّي مَعًا:
يا أبانا، نَشكُرُكَ على وَقتِنا في هذا المَساء. يا لَهُ مِن وقتٍ رائعٍ صَرَفْناهُ في كَلِمَتِك! وكَمْ نَتوقُ إلى مَا أعدَدْتَهُ لَنا! مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعْدَدْتُهُ لنا. فنحنُ لا نَستطيعُ أن نَستوعِبَ ذلكَ، ولكِنَّ هذهِ اللَّمحَةَ الصَّغيرةَ تَكفي لِمَلْءِ قُلوبِنا بالفَرح. وصَلاتي لِكُلِّ النُّفوسِ هُنا هي أن تَكونَ مُستعدَّةً ليومِ المَوتِ المَحتومِ حَتَّى تَدخُلَ في ذلكَ اليومِ سَماءَ السَّماواتِ مِن دونِ أن تَختَبِرَ غَضَبَ اللهِ، بل أن تَعْرِفَ الفَرَحَ إلى أبدِ الآبِدينَ حيثُ لا يُوجَدُ بُكاءٌ، ولا عَويلٌ، ولا صَريرُ أسنان. ويا أبانا، فيما يَخُصُّ الأشخاصَ الذَّاهبينَ إلى السَّماء، املأنا بالتَّرَقُّب. وسَاعِدنا على عَدَمِ التَّمَسُّكِ بالعَالَمِ، وعلى أنْ نَتوقَ إلى الوُجودِ مَعَك. وَساعِدنا على أن نُبْغِضَ الخَطِيَّة، وأنْ نَرى بُطْلَ هَذا العَالَمَ، وأنْ نَستَثمِرَ كُلَّ ما هُوَ لَنا في التَّوْقِ إلى السَّماء. وَساعِدنا (كما قالَ بولُس لأهلِ كولوسي) على أن نَهْتَمَّ بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْض. وساعِدنا على أن نَتوقَ إلى ذلكَ اليومِ الَّذي سَتُغَيِّرُ فيهِ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا (كَما قالَ بولسُ لأهلِ فيلبِّي) لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِ يَسوعَ المَسيح، وإلى كَمالِ الجَسَدِ والرُّوحِ الَّذي يَنتَظِرُنا بِصِفَتِنا مُواطِنينَ سَماوِيِّين. سَاعِدنا على أن نَتوقَ إلى ذلكَ التَّغيير. ونحنُ نَشكُرُكَ على هذا الرَّجاءِ الرَّائعِ الَّذي غَرَسْتَهُ في قُلوبِنا لأنَّكَ قد قُلتَ لنا مَا يَكفي عنِ السَّماءِ كي تُعطينا هذا الشَّوْق. ونحنُ نَشكُرُكَ على نِعمَتِكَ، وعلى ما تُعطينا إيَّاه في هذهِ الحَياةِ، وعلى ما أَعْدَدْتَهُ لنا في الحَياةِ الأخرى. آمين!

This article is also available and sold as a booklet.